الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الأول: سَوْق الأحاديث الدالة على وجود الجنة والنار:
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إنَّ أحدكم إذا مات عُرضَ عليه مقعدُهُ بالغداة والعشيّ؛ إنْ كان من أهل الجنة ، فمِنْ أهل الجنّة ، وإنْ كان من أهل النَّار فمِنْ أهل النَّار. يقال: هذا مقعدك حتى يبعثك الله يوم القيامة) متفق عليه
(1)
.
وعن عائشة رضي الله عنها ، قالت: خسفت الشمس في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم فَذَكَرت الحديث ، وفيه: وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لقد رأيتُ في مقامي هذا كل شيء وُعِدتهُ؛ حتى لقد رأَيتُ أُريدُ أن آخُذ قِطفًا من الجنة حين رأيتموني جعلتُ أتقدمُ، ولقد رأيت جَهنّمَ يحطِمُ بعضُها بعضًا حين رأيتموني تأخّرت) متفق عليه
(2)
.
وعن عبد الله بن عباس}، قال: انخسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكَر الحديثَ، وفيه: فقالوا: يا رسول الله، رأيناك تناولتَ شيئًا في مقامك ، ثمَّ رأيناكَ تكَعْكَعْتَ؟ فقال: (إنِّي رأيتُ الجَنَّةَ، فتناولتُ عَنْقودًا، ولو أصبْتُهُ لأكلتُمْ منهُ ما بقيتْ الدُّنيا. ورأيت النَّارَ ، فلمْ أرَ مَنْظَرًا كاليوم قط أفظعُ ، ورأيتُ أكثرَ أهلها النساء
…
) متفق عليه
(3)
.
(1)
أخرجه البخاري في: كتاب"بدء الخلق"باب"ماجاء في صِفَةِ الجنَّة وأَنَّها مخلوقة"(4/ 117 - رقم [3240])،وأخرجه مسلم، كتاب"الجنّة وصفة نعيمِها وأهلها"،باب"عرض مقعد الميت من الجنة أو النار عليه .. "(4/ 2199 - رقم [2866]).
(2)
أخرجه البخاري في كتاب"العمل في الصَّلاة"،باب"إذا انفلتت الدَّابة في الصلاة"(2/ 65 - رقم [1212]) ومسلم في كتاب"الكسوف"،باب"صلاة الكسوف"(2/ 619 - رقم [901]).
(3)
البخاري في كتاب"الإيمان"باب"كفران العشير وكفر دون كفر"(1/ 15 - رقم [29]) ومسلم كتاب"الكسوف"،باب"ما عُرض على النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الكسوف من أمر الجنَّة والنَّار"(2/ 626 - رقم [907]).
وعن أنس رضي الله عنه في قصة الإسراء ، وفي آخره -:(ثم انطلق بي جبريل حتى سدرة المنتهى ، فغشيها ألوان لا أدري ما هي ، قال: ثم دخلت الجنة ، فإذا فيها جنابذ اللؤلؤ ، وإذا ترابها المسك)
(1)
.
* * *
تمهيد:
الدلائل المتقدمة في مجموعها تدل دلالة قاطعة على أن الجنة والنار مخلوقتان، موجودتان الآن. وقد انعقد الإجماع على ذلك.
قال الإمام ابن عبد البر رحمه الله: (والذي عليه جماعة أهل السنة والأثر: أن الجنة والنار مخلوقتان لا تبيدان. وبالله التوفيق)
(2)
.
قال الإِمام أَبو زكريا السَّلماسي رحمه الله: (وأَجمعوا أَنَّ الجنَّة والنَّار حقٌّ وهما مخلوقتان؛ وقد رآهما النبي صلى الله عليه وسلم ليلة المعراج .. )
(3)
.
قال الإمام ابن القطان الفاسي رحمه الله: (وأجمع المسلمون من أهل السنة على أن الجنة والنار مخلوقتان بعدُ، وعلى أن الله قد أعدهما لأهلهما ، وعلى أن علمه قد أحاط بمن يسكنها)
(4)
.
ومستند هذا الإجماع: الدَّلائلُ المتكاثرةُ المَبْثوثة في الكتاب والسُّنَّة ، وقد تقدم ذكر بعض ما دلت عليه السُّنَّة في ذلك. وأما الكتابُ؛ فمن ذلك:
قال تعالى: {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى (13) عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى (14) عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى (15)} النجم.
(1)
تقدم تخريجه.
(2)
"التمهيد"(1/ 265) .
(3)
"منازل الأَئمة الأَربعة"(124) .
(4)
"الإقناع"(1/ 65 - 67)،وممن أيضًا نقل الإجماع=ابن قيم الجوزية في"مفتاح دار السعادة"(1/ 140) وابن أبي العز في"شرح العقيدة الطحاوية"(2/ 614) .
وقال عز وجل: {وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ (131) وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (132) وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133)} آل عمران. وقال سبحانه: {إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَادًا (21) لِلطَّاغِينَ مَآبًا (22)} النبأ
إلى غير تلك الآيات التي تدل على أن الجنة والنار مخلوقتان موجودتان الآن
(1)
.
والأمر كما قال الإمام أحمد رحمه الله: (الجنة والنار مخلوقتان قد خلقتا؛ كما جاء الخبر
…
فمن زَعَمَ أنهما لم تُخلقا ، فهو مُكذّب برسول الله صلى الله عليه وسلم، وبالقرآن، كافرٌ بالجنة والنار ، يستتاب ، فإن تاب وإلا قُتِل)
(2)
.
(1)
انظر:"البعث والنشور"للبيهقي (112) .
(2)
"حادي الأرواح"(1/ 99 - 100) .