الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثاني: سوق المعارض العقلي على حديث: سجود الشَّمس تحت العرش
حاصل ما أورده الطاعنون أن الحديث مُنَاقِضٌ للضرورة الحسية من جهاتٍ:
الجهة الأولى: أن الشَّمس لها مسار تسير فيه فلا تغرب عن مكان إلا وتشرق على آخر فلا تغيب عن الأرض كما جاء في الحديث.
الجهة الثانية: أن الشَّمس لا عقل لها ولا إدْراك وعلى هذا فكيف تسجد سجود العاقل الواعي.
الجهة الثالثة: أَنَّ من البدهيات العلمية أَن الشَّمس مستقرة في مكانها في مركز المجموعة الشَّمسية لا تذهب لعرشٍ، ولا لمكان آخر، وشروقها ومغيبها حاصل بسبب دوران الأرض حول نفسها.
وفي تقرير الجهتين الأوليين، يقول محمد رشيد رضا -في سياق الحديث عن الروايات المخالفة للواقع -: (ومنه ما كان يتعذّر عليهم العلم بموافقته أو مخالفته للواقع؛ كظاهر حديث أبي ذرٍّ عند الشيخين وغيرهما
…
فقد كان المتبادَر منه للمتقدمين أن الشَّمس تغيب عن الأرض كلّها، وينقطع نورها عنها مدة الليل؛ إذ تكون تحت العرش تنتظر الإذن لها بالطلوع ثانية = وقد صار من المعلوم القطعي لمئات الملايين من البشر أن الشَّمس لا تغيب عن الأرض في أثناء الليل، وإنما تغيب عن بعض الأقطار، وتطلع على غيرها؛ فنهارنا ليلٌ عند غيرنا، وليلنا نهار عندهم .. فنحن - بعد العلم القطعي الثابت في مثل هذه المسألة- لا مندوحة لنا عن أحد أمرين:
إما الطعن في سند الحديث، وإن صَحَّحوه؛ لأنّ رواية ما يخالف القطعي من علامات الوضع عند المحدثين أنفسهم
…
وإما بتأويل الحديث بأنه مرويّ بالمعنى، وأن بعض رواته لم يفهم المراد منه فعبَّر عما فهمه؛ كعَدَم فهْم راوي هذا الحديث - الذي ذكرنا على سبيل المثال - المرادَ من قوله:(إن الشَّمس تكون ساجدة تحت العرش .. إلخ) = فعبّر عنه بما يدلّ على أنها تغيب عن الأرض كلّها. وقد يكون المراد من معنى سجودها: أنه من قبيل قوله تعالى: {وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ (6)} الرحمن. كما أن توقف طلوعها على إذن الله تعالى: {وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ} الأعراف: 58 وهو إذن التكوين لا التكليف .... »
(1)
.
ويقول سامر إسلامبولي: «من الواضح من قراءة النَّصِّ أنه تركيبة غير مُوفَّقة صدرت من جهة جاهلة؛ وذلك من عدة أوجه:
أولًا: من المعلوم أن الشَّمس لها نظام ومسار تدور وتسير بموجبه، فهي ما إن تغرب عن مكان إلا وتكون بالوقت نفسه تشرق على آخر. ولا تغيب عن الأرض أبدًا، ولا تخرج عن مسارها
…
ثانيًا: إن الشَّمس من المخلوقات التي لا تملك عقلًا، ولا إرادة؛ وبالتالي فهي لا تسجد سجود العاقل الواعي، وهي غير مكلفة ومسؤولة حتى يُقبل منها السجود أو يُرفض)
(2)
.
وفي بيان الجهة الثَّالثة للشُّبهة الأَصل التي ارتكزوا عليها، يقول إسماعيل الكردي: ( .. فإنه من المعلوم لكل طالب دَرَسَ الجغرافيا أن الشَّمس مستقرة في مكانها في مركز المجموعة الشَّمسية؛ لا تذهب لعرشٍ، ولا لمكان آخر، ولا تأتي منه، وأن شروقها ومغيبها ليس بسبب حركتها هي؛ بل سببه دوران الأرض حول نَفْسِها، وأن هذا الشروق
(1)
مجلة المنار (28 / ج 8/ 615 - 616) .
(2)
" تحرير العقل من النقل "(254) .
والمغيب مستمران على مدار الـ (24) ساعة. وفي كل لحظة تكون في حالة شروق بالنسبة لمكان في الأرض، وفي الوقت نفسه في حالة غروب بالنسبة للمكان المقابل من الأرض. وهذا أصبح في علوم اليوم من البدهيات؛ بل من المشاهدات بالمحسوس!)
(1)
.
(1)
" نحو تفعيل قواعد نقد متون الحديث "(180) .