الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النساء ساعة إلا فعلت، منذ أكلت منها".
قلت: وهذه أحاديث موضوعة؛ لأنها مع كونها كلها مرسلة، فهي من رواية محمد بن عمر - وهو الواقدي -؛ وهو كذاب.
وشيخه في الإسناد الأول موسى بن محمد بن إبراهيم - وهو التيمي -؛ منكر الحديث.
وشيخه في الإسناد الثاني ابن أبي سبرة - وهو أبو بكر بن عبد الله بن محمد ابن أبي سبرة -؛ متهم بالوضع.
وشيخه الآخر فيه عبد الله بن جعفر - وهو أبو جعفر والد علي بن المديني -؛ ضعيف.
وشيخه في الإسناد الرابع محمد بن عبد الله؛ هو أبو بكر بن أبي سبرة المتقدم.
4127
- (أربع من النساء لا ملاعنة بينهن: النصرانية تحت المسلم، واليهودية تحت المسلم، والحرة تحت المملوك، والمملوكة تحت الحر) .
ضعيف
روي من طرق واهية من حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده مرفوعاً، وروي عنه موقوفاً، ولا يصح أيضاً، وهاك البيان:
1-
ابن عطاء، عن أبيه، عن عمرو بن شعيب به.
أخرجه ابن ماجه (2071) ، والدارقطني (3/ 163/ 240)، وعنه البيهقي (7/ 396) وقال تبعاً للدارقطني:
"وهذا عثمان بن عطاء الخراساني، وهو ضعيف الحديث جداً، وتابعه يزيد ابن بزيع عن عطاء، وهو ضعيف أيضاً".
قلت: ثم وصله البيهقي من طريق أبي الوليد: أخبرنا يزيد بن بزيع الرملي به، وقال:
"وعطاء الخراساني أيضاً غير قوي".
قلت: قال الحافظ في "التقريب":
"صدوق يهم كثيراً، ويرسل ويدلس".
قلت: فمن الممكن أن يكون تلقاه من بعض الضعفاء الآتي ذكرهم ثم أسقطه.
2-
عثمان بن عبد الرحمن الزهري، عن عمرو بن شعيب به.
أخرجه الدارقطني والبيهقي وقالا:
"عثمان بن عبد الرحمن - هو الوقاصي -؛ متروك الحديث". وقال الحافظ في "التقريب":
"متروك، وكذبه ابن معين".
3-
زيد بن رفيع، عن عمرو بن شعيب به.
أخرجه الدارقطني والبيهقي من طريق عمار بن مطر: أخبرنا حماد بن عمرو، عن زيد بن رفيع.. ثم قالا:
"حماد بن عمرو، وعمار بن مطر، وزيد بن رفيع؛ ضعفاء".
قلت: زيد هذا؛ لم يضعفه غير الدارقطني ومن قبله النسائي، وخالفهما من هو أشهر وأعلى طبقة منه، فقال أحمد:
"ما به بأس". وقال أبو داود:
"جزري ثقة".
وذكره ابن شاهين وابن حبان في "الثقات".
فلو أنه صح السند إليه لصار الحديث حسناً، ولكن هيهات! فحماد بن عمرو - وهو النصيبي - من المعروفين بالكذب ووضع الحديث، وله ترجمة سيئة جداً في "الميزان" و "اللسان".
وعمار بن مطر؛ قريب منه؛ قال أبو حاتم:
"كان يكذب". وقال ابن عدي:
"أحاديثه بواطيل". وقال ابن حبان:
"كان يسرق الحديث".
قلت: فمن المحتمل أن يكون سرق هذا الحديث من حماد بن عمرو! فانتقل من كذاب إلى مثله! كما يمكن أن يكون سرقه من غيره ممن تقدم ويأتي.
4-
صدقة (أبو توبة) ، عن عمرو بن شعيب به.
ذكره ابن التركماني في "الجوهر النقي"؛ متعقباً به على البيهقي تضعيفه للحديث من الطرق المتقدمة، فقال:
"وقد رواه عبد الباقي بن قانع وعيسى بن أبان من حديث حماد بن خالد الخياط عن معاوية بن صالح عن صدقة
…
". ثم قال:
"وحماد ومعاوية من رجال مسلم. وصدقة ذكره ابن حبان في ثقات التابعين، وقال: روى عنه معاوية بن صالح. وذكره ابن أبي حاتم في كتابه وقال: روى عنه أبو الوليد وعبيد الله بن موسى. وهذا يخرجه عن جهالة العين والحال".
كذا قال، وفيه مؤاخذتان:
الأولى: أن ما نقله من كتاب ابن أبي حاتم وهم محض؛ لأن ذلك إنما قاله ابن أبي حاتم في ترجمة صدقة بن عيسى (2/ 1/ 428) ، وهي عنده عقب ترجمة صدقة أبي توبة مباشرة، فلعل هذا هو سبب الوهم؛ انتقل بصره حين النقل من ترجمته إلى ترجمة الذي يليه، وأستبعد أن يكون تعمد ذلك تقوية للحديث بتقويته للراوي المجهول تعصباً منه لمذهبه! فصدقة بن عيسى هو غير صدقة أبي توبة عند ابن أبي حاتم، وكذلك غاير بينهما البخاري في "التاريخ"(2/ 2/ 293-294) ، ولم يذكرا فيهما جرحاً ولا تعديلاً.
والأخرى: أن توثيق ابن حبان لأبي توبة - مع تساهله المعروف في التوثيق - معارض بقول الذهبي في "كنى الميزان" - وتبعه العسقلاني -:
"اسمه صدقة الرهاوي، لا يعرف، تفرد عنه معاوية بن صالح".
وصدقة بن عيسى المتقدم، قد أعاد ابن أبي حاتم ذكره في حرف العين فقال:"عيسى بن صدقة، ويقال: صدقة بن عيسى أبو محرز، والصحيح الأول. قال أبو الوليد: ضعيف. وقال أبو زرعة: شيخ. وكذا قال أبو حاتم وزاد: يكتب حديثه".
وقال الدارقطني: "متروك". وقال ابن حبان: "منكر الحديث".
قلت: فمن المحتمل أن يكون عيسى هذا هو صدقة بن عيسى، الذي انقلب اسمه على بعض الرواة، ويكون هو نفسه صدقة أبو توبة، فإن ثبت هذا فهو ضعيف متروك، وإلا فهو مجهول.
وبالجملة؛ فكل هذه الطرق إلى عمرو بن شعيب واهية، وبعضها أوهى من بعض. ولذلك قال البيهقي في "المعرفة":
"وعطاء الخراساني معروف بكثرة الغلط
…
ونحن إنما نحتج بروايات عمرو ابن شعيب عن أبيه عن جده إذا كان الراوي عنه ثقة، وانضم إليه ما يؤكده، ولم نجد لهذا الحديث طريقاً صحيحاً إلى عمرو".
ذكره الزيلعي (3/ 248-249) وأقره، وقال الحافظ ابن حجر في "الدارية" (2/ 76) :
"ودون عمرو من لا يعتمد عليه".
وأما قول ابن التركماني:
"وعطاء؛ وثقه ابن معين وأبو حاتم وغيرهما، واحتج به مسلم في "صحيحه". وابنه عثمان؛ ذكره ابن أبي حاتم في كتابه وقال: سألت أبي عنه فقال: يكتب حديثه. ثم ذكر عن أبيه قال: سألت دحيماً عنه فقال: لا بأس به. فقلت: إن أصحابنا يضعفونه؟ قال: وأي شيء حدث عثمان من الحديث؟! واستحسن حديثه. (قال ابن التركماني:)
فعلى هذا؛ أقل الأحوال أن تكون روايته هذه متابعة لرواية صدقة، فتبين أن سند هذا الحديث جيد، فلا نسلم قول البيهقي: لم تصح أسانيده إلى عمرو".
فأقول له: سلمت أو لم تسلم، فلا قيمة لكلامك؛ لأنك لا تتجرد للحق، وإنما لتقوية المذهب، ولو بما هو أو هى من بيت العنكبوت؛ فإنك عمدت في تقوية الرجلين - عثمان بن عطاء وأبيه - إلى أحسن ما قيل من التعديل، وأعرضت عن كل ما قيل فيهما من التجريح، وليس هذا سبيل الباحثين الذين يقيم العلماء لكلامهم وزناً، وذلك لأنه بهذا الأسلوب المنحرف يستطيع أهل الأهواء أن يصححوا أو يضعفوا ما شاؤوا من الأحاديث بالإعراض عن قواعد هذا العلم الشريف ومنها قاعدة: الجرح مقدم على التعديل؛ بشرطها المعروف عند العلماء.
فقد أعرض الرجل عن كل ما قيل في عثمان من الجرح؛ كقول الحاكم - مع تساهله -: "يروي عن أبيه أحاديث موضوعة". وقول الساجي: "ضعيف جداً". وغير ذلك مما تراه في "التهذيب" وغيره.
وكذلك فعل في أبيه عطاء؛ فلم يعرج على ماقيل فيه من الجرح المفسر؛ كقول شعبة فيه: "حدثنا عطاء الخراساني وكان نسياً". وقول ابن حبان: "كان رديء الحفظ يخطىء ولا يعلم"، ولذلك قال الحافظ فيه كما تقدم:
"صدوق يهم كثيراً، ويرسل ويدلس".
فإن سلم منه فلن يسلم من ابنه؛ لشدة ضعفه. والله سبحانه وتعالى أعلم.
5-
أما الموقوف؛ فله عنه طريقان:
الأولى: يرويها عمر بن هارون، عن ابن جريج والأوزاعي، عن عمرو بن شعيب به موقوفاً.
أخرجه الدارقطني، وعنه البيهقي.
والأخرى: عن يحيى بن أبي أنيسة، عنه به.
أخرجه البيهقي وقال:
"وفي ثبوت هذا موقوفاً أيضاً نظر، فراوي الأول عمر بن هارون؛ وليس بالقوي، وراوي الثاني يحيى بن أبي أنيسة؛ وهو متروك".
قلت: ومثله عمر بن هارون؛ ففي "التقريب":
"متروك، وكان حافظاً".
وبالجملة؛ فالحديث لا يثبت من جميع هذه الطرق عن عمرو بن شعيب، لا مرفوعاً ولا موقوفاً.