الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بحق مصدر فريد في معرفة بعض الرواة المجهولين أو المستورين! فهو إذن آفة هذا الحديث.
ثم إن متن الحديث لوائح الوضع عليه ظاهرة عندي؛ إذ من غير المعقول أن يقول الرسول صلى الله عليه وسلم لعائشة أو لغيرها من البشر الذين هداهم الله به، وله المنة بعد الله عليهم:"ما سررت مني كسروري منك"!
زد على ذلك قصة تولد النور من عرقه صلى الله عليه وسلم التي لا أصل لها في شيء من أحاديث خصائصه وشمائله صلى الله عليه وسلم؛ حتى ولا في كتاب السيوطي "الخصائص الكبرى" الذي جمع فيه من الروايات ما صح وما لم يصح حتى الموضوعات!
ثم رأيت الحديث في "الحلية"(2/ 45-46) من طريق البخاري أيضاً، لكنه نسب الشيخ فقال:"عمرو بن محمد الزئبقي"، فرجعت إلى "أنساب السمعاني"، فوجدت عنده في هذه النسبة:
"أبو الحسن أحمد بن عمرو بن أحمد البصري الزئبقي من أهل البصرة، حدث عن عبد ة بن عبد الله الصفار وأبي يعلى المنقري وابنه (!) . روى عنه محمد ابن علي الكاغدي وأحمد بن محمد الأسفاطي البصريان، وأبو القاسم الطبراني، وأما ابن المذكور هو محمد بن أحمد بن عمرو الزئبقي، حدث عن يحيى بن أبي طالب، روى عنه القاضي أبو عمر بن أثياقا البصري".
فهل هو أبو الحسن هذا تحرف اسمه (محمد) إلى (أحمد) ؟ ذلك مما أستبعده؛ لأنه دون محمد في الطبقة. والله أعلم.
4145
- (نعم؛ فإنه دين مقضي. يعني: يستدين ويضحي) .
منكر
أخرجه الدارقطني في "السنن"(4/ 283/ 46) ، ومن طريقه
البيهقي (9/ 262) عن يعقوب بن محمد الزهري: حدثنا رفاعة بن هرير: حدثني أبي، عن عائشة رضي الله عنها قالت:
قلت: يا رسول الله! أستدين وأضحي؟ قال: فذكره. وقال الدارقطني عقبه:
"هذا إسناد ضعيف، وهرير هو ابن عبد الرحمن بن رافع بن خديج، ولم يسمع من عائشة، ولم يدركها".
وأقره البيهقي، وأقرهما النووي في "المجموع" (8/ 386) ؛ إلا أنه قال:
"وضعفاه؛ قالا: وهو مرسل".
وهذا في اصطلاح المتأخرين يوهم خلاف الواقع؛ لأن المرسل هو - عندهم - قول التابعي: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. وليس الأمر كذلك هنا كما ترى، فالصواب - أو الأولى - أن يقال: وهو منقطع.
ثم إن فيه علتين أخريين:
إحداهما: رفاعة بن هرير؛ قال البخاري في "التاريخ"(2/ 1/ 324) :
"سمع منه ابن أبي فديك، فيه نظر".
ونقله عنه العقيلي (2/ 65) ، ثم ابن عدي (3/ 161) ، وارتضياه.
وأورده ابن حبان في "ضعفائه"، وقال (1/ 304) :
"كان ممن يخطىء، وينفرد عن جده - يشير إلى حديثه الآتي بعده - بأشياء ليست محفوظة".
والأخرى: يعقوب هذا؛ قال الحافظ:
"صدوق؛ كثير الوهم والرواية عن الضعفاء".
قلت: من الواضح جداً أن هذا الحديث واه من حيث الرواية، ولكن يبدو لي أن معناه صحيح من حيث الدراية؛ فقد ثبت عن عائشة نفسها أنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"من حمل من أمتي ديناً، ثم جهد في قضائه، فمات ولم يقضه؛ فأنا وليه".
وإسناده صحيح، كما هو مبين في "الصحيحة"(3017) .
فقوله: "فأنا وليه"؛ أي: أقضي عنه، فهو مثل قوله في حديث الترجمة "فإنه دين مقضي". يعني من المدين عند الاستطاعة، أو من ولي الأمر عند العجز، كما في هذا الحديث الصحيح، فإن لم يقع ذلك كما هو مشاهد اليوم، أدى الله عنه يوم القيامة كما في حديث البخاري عن أبي هريرة مرفوعاً:
"من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه
…
" الحديث. وهو مخرج في "غاية المرام" (207/ 352) .
وفي حديث آخر من رواية ميمونة رضي الله عنها:
"
…
إلا كان له من الله عون".
وهو مخرج في "الصحيحة" برقم (1029) من ثلاث طرق عنها، وسكت الحافظ عنه في "الفتح"(5/ 54) مشيراً إلى أنه قوي عنده.
والعون المذكور فيه يفسر بوجه من الوجوه الثلاثة التي فسرت بها حديث عائشة رضي الله عنها، وهكذا فالأحاديث يفسر بعضها بعضاً. ولذلك جاء عن بعض السلف أنه كان يستدين ابتغاء العون المذكور: ميمونة نفسها، ففي حديثها أنه كان يقال لها: ما لك وللدين ولك عنه مندوحة؟ فتذكر الحديث وتقول: