الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مهلكة (أو مضرّة) أي مما فيه هلاك نفس أو ضرر مال أو تلف حال أو نقصان جاه (مدّة) أي من الزمان قليلة أو كثيرة (التّأذّي بها) أي بالمضرة وكذا بالهلكة (قليل) أي أيامه (منقطع) أي زائل دوامه (فمن منحه) أي أعطى الإنسان (ما لا يبيد) أي ما لا ينفد ولا ينقص (من النّعيم) أي المقيم بجنة طيبة وحالة حسنة ويروى من النعم (ووقاه) أي حفظه وحماه من عَذابَ الْجَحِيمِ وكذا من الماء الحميم (أولى بالحب) أي بالمحبة من غيره وفي نسخة وهي أصل الدلجي فهو أي فهذا المانح الكامل والباعث الكافل أولى ما يحب بصيغة المجهول والظاهر أنه تصحيف (وإذا كان يحبّ) بصيغة المجهول (بالطّبع) أي من غير اختيار الطبيعة بل بحكم أصل الجبلة (ملك) أي من الملوك ولو لم يره ولم يحصل له بره وهو نائب فاعل يحب (لحسن سيرته) أي معاملته في رعيته (أو حاكم) أي أمير أو وزير يحب (لما يؤثر) أي يروى ويخبر (عنه من قوام طريقته) بكسر القاف أي من اعتدال سيرته ونظام عدله في حكومته (أو قاصّ) بمعجمة قال الدلجي أو مهملة أي مشددة أي واعظ ويروى يحب مبنيا للفاعل فتنصب الثلاثة بعده (بعيد الدّار) أي عن من يحبه بالطبع (لما يشاد) بصيغة المجهول من أشاد البناء إذا رفعه أي يشاع ويذاع ويروى لما فشا أي ظهر وانتشر (من علمه) أي المقرون بعلمه (أو كرم شيمته) أي حسن خلقه مع رعيته (فمن جمع هذه الخصال) أي وبل زاد من هذه الأحوال (على غاية مراتب الكمال) جملة في محل نصب على الحال أي مجموعة وليست في بعض النسخ موجودة والمعنى فهو صلى الله تعالى عليه وسلم (أحقّ بالحبّ وأولى بالميل) أي إليه (وَقَدْ قَالَ عَلِيٌّ رضي الله عنه فِي صفته صلى الله تعالى عليه وسلم من رآه بديهة) أي في أول وهلة (هابه) أي توقيرا وتعظيما (ومن خالطه معرفة) تمييز أي علما بكريم خصاله وعميم فعاله (أحبّه) أي حبا عظيما بجماله وكماله صلى الله تعالى عليه وسلم وعلى آله.
فصل [في وجوب مناصحته صلى الله تعالى عليه وسلم]
(في وجوب مناصحته صلى الله تعالى عليه وسلم) أي قبول نصحه وخلوص النصح له (قَالَ اللَّهُ تَعَالَى (وَلا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ ما يُنْفِقُونَ حَرَجٌ) أي ليس على الفقراء اثم في ترك الغزاء كمزينة وجهينة وبني عذرة (إِذا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ) أي أخلصوا الإيمان بهما والطاعة لهما سرا وعلانية في أمرهما (ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ) أي طريق معاقبة ولا معاتبة لإحسانهم في إيمانهم كما يشير إليه وضع الظاهر موضع المضمر والأظهر أن وجه العدول عن الضمير إفادة المعنى الأعم والإيماء إلى أن هذا الحكم لمن دام على هذا الوصف واستحكم والله تعالى أعلم (وَاللَّهُ غَفُورٌ) لهم ولغيرهم (رَحِيمٌ)[التوبة: 91] بهم وبأمثالهم (قَالَ أَهْلُ التَّفْسِيرِ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ) أي معناه (إذا كانوا مخلصين) أي في أفعالهم وأقوالهم (مسلمين في السّرّ والعلانيّة) أي منقادين في جميع أحوالهم (حدّثنا القاضي) وفي
نسخة صحيحة الفقيه (أبو الوليد بقراءتي عليه ثنا) أي حدثنا (حسين بن محمّد) الظاهر أنه أبو علي الغساني على ما ذكره الحلبي (ثنا) أي حدثنا (يوسف بن عبد الله) وهو حافظ الغرب أبو عمر بن عبد البر (حدّثنا عبد المؤمن) وفي نسخة ابْنُ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ (حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ التَّمَّارُ) بتشديد الميم (حدّثنا أبو داود) أي صاحب السنن (حدّثنا أحمد بن يونس) وهو أبو عبد الله اليربوعي الحافظ الكوفي يروي عن الثوري وجماعة وعنه الشيخان وطائفة قال أحمد بن حنبل لرجل اخرج إلى أحمد بن يونس فإنه شيخ الإسلام أخرج له أصحاب الكتب الستة قال أبو حاتم كان ثقة متقنا كذا حققه الحلبي وفي نسخة أحمد بن يوسف والظاهر أنه تصحيف (حدّثنا زهير) بالتصغير وهو ابن محمد التميمي المروزي أخرج له الأئمة الستة (حَدَّثَنَا سُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ عَنْ عَطَاءِ بن يزيد) أي الليثي أخرج له أصحاب الكتب الستة (عن تميم الدّاريّ) نسبة إلى جده الدار ويقال له الديري أيضا نسبة إلى دير كان يتعبد فيه قبل الإسلام أسلم سنة تسع من الهجرة وكان نصرانيا قبل ذلك وتوفي سنة أربعين ومن مناقبه الفخام أنه عليه الصلاة والسلام روى عنه حديث الجساسة على المنبر كما في آخر صحيح مسلم وفيها رواية الفاضل عن المفضول والتابع عن المتبوع وقبول خبر الواحد وذكر الدارقطني أنه روى عن الشيخين وروي أيضا عن محرز كما في الصحيح وعن امرأة لا استحضر الآن اسمها كما في المسند (قال) أي الداري (قال رسول الله صلى الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الدِّينَ النَّصِيحَةُ؛ إِنَّ الدِّينَ النّصيحة؛ إنّ الدّين النّصيحة) أي ثلاث مرات للمبالغة وقد ساق المصنف هذا الحديث بسند أبي داود وقد أخرجه أبو داود في الأدب ولفظه الدين النصيحة من غير تكرار وأخرجه مسلم في الإيمان بنحوه وليس فيه تكرار إن الدين النصيحة ثلاثا بل مرة واحدة ولفظه الدين النصيحة بغير إن وأخرجه النسائي في البيعة ولفظه في الطريق الأولى أن الدين النصيحة مرة وفي نسخة إنما الدين النصيحة مرة (قالوا) أي بعض الصحابة رضي الله تعالى عنهم (لمن) أي النصيحة لِمَنْ (يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ) كما في الأصول (ولرسوله وأئمّة المسلمين) ويروى ولأئمة المسلمين (وعامّتهم) أي جميع أفراد جماعتهم (قال أئمّتنا) أي من المالكية ذكره الدلجي والظاهر أي علماؤنا ومشايخنا إذ لا خلاف في هذه المسألة وهي قوله (النَّصِيحَةُ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ وَأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ وَاجِبَةٌ) أي فرض عين على كل أحد وفي شرح مسلم للنووي عن بعضهم أنها فرض كفاية يسقط بقيام بعض عن الباقين انتهى ولعله محمول على تفاصيل ما يتعلق بالنصيحة لله ولكتابه ولرسوله بأن يقوموا بجميع الأمور الشرعية والأحكام الفرعية ومن جملتها علم التفسير والحديث والفقه والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والجهاد في سبيله وهذا لا ينافي قول الجمهور حيث أرادوا وجوب النصيحة الإجمالية والموجبة للطاعة التفصيلية هذا وليس قوله ولكتابه من عبارة المصنف ولعله سبق قلم (قال الإمام أبو سليمان البستي) بضم موحدة وسكون سين ففوقية بلد بسجستان والمراد به الخطابي (النّصيحة كلمة يعبّر بها عن جملة) بالتنوين بدون إضافة ذكره الدلجي ويجوز الإضافة كما في كثير من النسخ
وعلى الأول تقديره هي (إِرَادَةِ الْخَيْرِ لِلْمَنْصُوحِ لَهُ وَلَيْسَ يُمْكِنُ أَنْ يعبّر عنها) أي عن تلك الجملة (بكلمة واحدة) أي غيرها بصيغة (تحصرها) أي تجمع معناها وتحصرها (ومعناها) أي النصيحة (في اللّغة) أي لسان العرب (الإخلاص) فمعنى النصيحة الحالة الخالصة مأخوذة (من قولهم) أي استعمال العرب في محاوراتهم (نصحت العسل إذا خلّصته) بالخطاب وهو بتشديد اللام أي ميزته بنار لطيفة (من شمعه) بفتح الميم ويسكن أي مومه ففي القاموس الشمع محركة وتسكين الميم مولد وهو الذي يستصبح به أو موم العسل الواحدة بهاء (وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ الْخَفَّافُ) بتشديد الفاء الأولى (النّصح) بضم النون (فعل الشيء الّذي فيه الصّلاح والملاءمة) أي المناسبة والمرابطة وقد تخفف الهمز ياء فيقال الملائمة وهي الموافقة بين الأشياء (مأخوذ من النّصاح) بكسر النون (وهو الخيط الّذي يخاط به الثّوب) أي يلائم بين أجزائه ويصلح للمرء أن يلبسه على أعضائه (وقال أبو إسحاق الزّجّاج نحوه) أي قريبا من معناه وفي الجملة من هذه المادة قوله تعالى تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً أي خالصة صالحة بأن تكون كاملة شاملة (فنصيحة الله تعالى) أي نصيحة العبد له سبحانه وتعالى (الاعتقاد له بالوحدانيّة) أي في الألوهية والربوبية (ووصفه بما هو أهله) أي من صفات الثبوتيه من الحياة والعلم والقدرة والإرادة والكلام ونحوها (وتنزيهه) أي تبعيده (عمّا لا يجوز) أي اطلاقه (عليه) من النعوت السلبية فإنه ليس بجوهر ولا عرض ولا في مكان وغيرها (والرّغبة في محابّه) بتشديد الموحدة أي الميل في كل ما يحبه الله ويرضاه (والبعد من) وفي نسخة عن (مساخطه) أي والتبعد عن جميع ما يكرهه وينهاه (والإخلاص في عبادته) أي فيما يأمره الله من أمور دنياه وعقباه وما ذكر فهو في الحقيقة راجع إلى العبد في نصحه لنفسه لأنه تعالى غني عنه وعن عمله (والنّصيحة لكتابه: الإيمان به) أي أولا (والعمل بما فيه) ثانيا سواء كان عالما به أو جاهلا (وتحسين تلاوته) أي وتزيين قراءته (والتّخشّع عنده) أي اظهار الخشوع وإكثار الخضوع في حضرته (والتّعظيم له) أي لكتابه بأدب يقتضي إجلاله وبوصف يوجب اكماله (والتّفقّه فيه) أي طلب الفهم لمبانيه والعلم بمعانيه (والذّبّ عنه) أي الدفع عما لا يليق به وينافيه (من تأويل الغالين) بالغين المعجمة من الغلو أي المجاوزين عن الحد كالمعتزلة واضرابهم (وطعن الملحدين) أي من الزنادقة وأصحابهم (والنّصيحة لرسوله التّصديق بنبوّته) أي أولا (وبذل الطّاعة له) أي الانقياد لحكمه (فيما أمر به ونهى عنه قاله) أي جميع ما يتعلق بالنصيحة أو ما خص بها لرسوله وهو أقرب وإلى ما بعده أنسب (أبو سليمان) وهو الخطابي (وقال أبو بكر) أي الخفاف وقيل المراد به أبو بكر الآجري (وموازرته) أي النصيحة لرسوله هي معاونته ومعاضدته في دينه وملته (ونصرته) أي اعانته على أعدائه وأهل محاربته (وحمايته) أي المدافعة عنه وممانعة من أراد نوعا من اساءته (حيّا وميّتا) أي في حال حياته ومماته (وإحياء سنّته بالطّلب) أي بالعمل بها (والذّبّ عنها) أي وبالدفع لمن يلحد فيها أو يزيغ عنها (ونشرها) أي إظهارها للتمسك بها (والتّخلّق بأخلاقه الكريمة) أي الاتصاف بمحاسن شمائله وميامن
فضائله الجزيلة (وَآدَابِهِ الْجَمِيلَةِ، وَقَالَ أَبُو إِبْرَاهِيمَ إِسْحَاقُ التُّجِيبِيُّ) بضم الفوقية وتفتح وكسر الجيم فتحتية فموحدة فياء نسبة كما مر (نصيحة رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم التّصديق بما جاء به) أي مجملا أو مفصلا (والاعتصام بسنّته) أي بأحاديثه علما وعملا (ونشرها) أي للخلق كملا (والحضّ) أي الحث والتحريض (عليها) أي لمن يعمل بها جملا (والدّعوة) أي دعوة الخلق (إلى الله) أي دينه مجملا (وإلى كتابه) أولا (وإلى رسوله) ثانيا (وإليها) أي وإلى السنة (وإلى العمل بها) آخرا (وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ مِنْ مَفْرُوضَاتِ الْقُلُوبِ) أي من الواجبات المؤكدة عليها (اعتقاد النّصيحة) وهي ارادة الخير (لرسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم) أي لطريقته وأهل ملته (وقال أبو بكر الآجرّيّ) بمد همزة وضم جيم وتشديد راء وهو صاحب كتاب الشريعة (وغيره) أي من علماء الأمة (النّصح له يقتضي نصحين) أي باختلاف حالاته (نُصْحًا فِي حَيَاتِهِ وَنُصْحًا بَعْدَ مَمَاتِهِ فَفِي حياته نصح أصحابه له بالنّصر) أي بالمعاونة (والمحاماة) أي بالمدافعة (عنه) أي عن ذاته (ومعاداة من عاداه والسّمع والطّاعة له) أي وبالقبول والانقياد لأمره ونهيه (وبذل النّفوس والأموال دونه) أي عنده حماية لجماله ورعاية لأحواله (كما قال تعالى) في حقهم (رِجالٌ صَدَقُوا مَا عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ)[الْأَحْزَابِ: 23] أي من الثبات معه حال بلائه ورخائه ووقت قتاله مع أعدائه (الآية) أي فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ أي نذره وعهده وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ أي وعده وَما بَدَّلُوا تَبْدِيلًا أي ما غيروا تحويلا وهم الأنصار (قال) أي في حقهم أيضا (وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ) أي دينه (وَرَسُولَهُ الآية)[الحشر: 8] أي أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ وهم المهاجرون (وَأَمَّا نَصِيحَةُ الْمُسْلِمِينَ لَهُ بَعْدَ وَفَاتِهِ فَالْتِزَامُ التّوقير والإجلال) أي ملازمة التعظيم والتكريم (وشدّة المحبّة له) أي بكثرة الرغبة إليه وانقياد الطاعة لديه (والمثابرة) أي المواظبة والمداومة (على تعلّم سنّته) وفي نسخة على تعليم سنته (والتّفقّه) بالرفع أو الجر أي التفهم (في شريعته ومحبّة آل بيته) أي أقاربه وعترته (وأصحابه) أي وجميع صحابته وأهل عشرته (ومجانبة من رغب عن سنّته) أي مباعدة من مال عن طريقته وأعرض عن متابعة شريعته وحقيقته (وانحرف عنها) أي انصرف عن ملته بكليته وجملته (وبغضه) بالرفع أي عداوته (والتّحذير منه) أي من صحبته (والشّفقة) أي المرحمة (على أمّته والبحث عن تعرّف أخلاقه) أي تعلم شمائله وتفهم فضائله (وسيره وآدابه والصّبر على ذلك) أي ما ذكر من أقواله وأفعاله وأحواله (فعلى ما ذكره) أي الآجري (تَكُونُ النَّصِيحَةُ إِحْدَى ثَمَرَاتِ الْمَحَبَّةِ وَعَلَامَةٌ مِنْ علاماتها كما قدّمناه) أي في تحقيق المحبة بأنها نتيجة الطاعة والمتابعة (وحكى الإمام أبو القاسم القشيريّ) وهو الأستاذ صاحب الرسالة الصوفية (أنّ عمرو) بفتح أوله (ابن اللّيث أحد ملوك خراسان ومشاهير الثّوّار) هو بالثاء المثلثة المضمومة وتشديد الواو في آخره راء وهم الأبطال الشجعان (المعروف بالصّفّار) بتشديد الفاء (رؤي) بضم الراء وكسر الهمزة على أنه مجهول رأى ويروى بكسر الراء فتحتية ساكنة فهمزة مفتوحة على أنه مجهول راء لغة في رأى على ما في القاموس (في النّوم) أي بعد موته (فقيل له ما فعل
لَهُ مَا فَعَلَ اللَّهُ بِكَ؟ فَقَالَ غَفَرَ لي) أي ذنوبي (فقيل له بماذا) أي بأي سبب غفر لك (فقال صعدت) بكسر عينه أي طلعت (ذروة الجبل) بكسر المعجمة وضمها ويحكى فتحها أي أعلاه (يوما) أي من الأيام (فأشرفت على جنودي) أي اطلعت عليهم (فَأَعْجَبَتْنِي كَثْرَتُهُمْ فَتَمَنَّيْتُ أَنِّي حَضَرْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله تعالى عليه وسلم) أي في بعض غزواته أو سراياه (فأعنته ونصرته) أي على عداه (فشكر الله لي ذلك) أي جازاني بمثوبته وأثنى علي وذكرني عند ملائكته (وغفر لي) أي وسامحني فيما وقع مني وصدر عني لخلوص نيتي وصدق طويتي انتهى كلام القشيري (أمّا النّصح لأئمة المسلمين) أي من العلماء العاملين والأمراء الكاملين (فطاعتهم في الحقّ) أي ثابتة على الخلق واجبة إلّا أنه عليه الصلاة والسلام قال لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق رواه أحمد والحاكم عن عمران رضي الله تعالى عنه وروى الشيخان وغيرهما عن علي كرم الله وجهه ولفظه لا طاعة لأحد في معصية الله إنما الطاعة في المعروف وقد خطب عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى إذ ولي الخلافة فقال اطيعوني ما أطعت الله فإذا عصيته فلا طاعة لي عليكم وهذا المعنى مستفاد من قوله تعالى أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ (ومعونتهم) أي ومعاونتهم قولا وفعلا في مؤنتهم (فيه) أي في أمر الحق وفعل العدل (وأمرهم) أي إياهم (به) أي بالحق إذا عدلوا عن العدل لكن بطريق اللطف والرفق كما هو شأن أهل الفضل وقد قال تعالى فَقُولا لَهُ قَوْلًا لَيِّناً وقال عز وجل ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ (وتذكيرهم إيّاه) أي إذا نسوه (على أحسن وجه) أي الطف طريق (وتنبيههم على ما غفلوا عنه) بأن خفى عليهم شيء من الأحكام (وكتم عنهم) بصيغة المفعول أي ستر عنهم أمر (من أمور المسلمين وترك الخروج عليهم) أي بالبغي ولو جاروا (وتضريب النّاس) بالضاد المعجمة أي وترك إغراء العامة وتخريشهم (وإفساد قلوبهم عليهم) أي على الأئمة (والنّصح) كان الأولى أن يقال وأما النصح (لعامّة المسلمين) أي لعوامهم فهو (إرشادهم) أي دلالتهم وهدايتهم (إلى مصالحهم) أي الأخروية (ومعونتهم) أي مساعدتهم ومعاضدتهم (في أمر دينهم ودنياهم بالقول والفعل) أي مما ينفعهم معاشا ومعادا (وتنبيه غافلهم) أي بتذكير ما غفل عنه (وتبصير جاهلهم) أي بتعريف ما جهله (ورفد محتاجهم) أي معاونة فقرائهم في حال بلائهم وعنائهم (وستر عوراتهم) أي باللباس أو ستر عيوبهم عن الناس (ودفع المضارّ عنهم وجلب المنافع) أي إيصالها (إليهم) وهو بفتح الجيم وسكون اللام مصدر وأما الجلب محركة فما جلب من خيل وغيرها على ما في القاموس فقول الحلبي هنا هو بسكون اللام وفتحها ليس في محله ثم هذا كله مستفاد من قوله عز وجل وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى ومن حديثه عليه الصلاة والسلام إن الله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه المسلم وإن الخلق كلهم عيال الله وأحبهم إليه أنفعهم لعياله.