المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل [ومن توقيره صلى الله تعالى عليه وسلم وبره بر آله] - شرح الشفا - جـ ٢

[الملا على القاري]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الثّاني

- ‌[المقدمة]

- ‌(الْقِسْمُ الثَّانِي فِيمَا يَجِبُ عَلَى الْأَنَامِ مِنْ حقوقه صلى الله تعالى عليه وسلم)

- ‌الْبَابُ الْأَوَّلُ [فِي فَرْضِ الْإِيمَانِ بِهِ وَوُجُوبِ طاعته واتّباع سنّته]

- ‌فصل [وَأَمَّا وُجُوبُ طَاعَتِهِ فَإِذَا وَجَبَ الْإِيمَانُ بِهِ وتصديقه فيما جاء به]

- ‌فصل [وَأَمَّا وُجُوبُ اتِّبَاعِهِ وَامْتِثَالُ سُنَّتِهِ وَالِاقْتِدَاءُ بِهَدْيِهِ]

- ‌فصل [وأما وَرَدَ عَنِ السَّلَفِ وَالْأَئِمَّةِ مِنِ اتِّبَاعِ سُنَّتِهِ]

- ‌فصل [وَمُخَالَفَةُ أَمْرِهِ وَتَبْدِيلُ سُنَّتِهِ ضَلَالٌ وَبِدْعَةٌ مُتَوَعَّدٌ من الله تعالى عليه بالخذلان والعذاب]

- ‌الباب الثاني [في لزوم محبته عليه الصلاة والسلام]

- ‌فصل [في ثواب محبته صلى الله تعالى عليه وسلم]

- ‌فصل [فِيمَا رُوِيَ عَنِ السَّلَفِ وَالْأَئِمَّةِ مِنْ مَحَبَّتِهِمْ للنبي صلى الله تعالى عليه وسلم]

- ‌فصل [في علامات محبته صلى الله تعالى عليه وسلم]

- ‌فصل [في معنى المحبة للنبي صلى الله تعالى عليه وسلم وحقيقتها]

- ‌فصل [في وجوب مناصحته صلى الله تعالى عليه وسلم]

- ‌الْبَابُ الثَّالِثُ [فِي تَعْظِيمِ أَمْرِهِ وَوُجُوبِ تَوْقِيرِهِ وبره]

- ‌فصل [في عادة الصحابة في تعظيمه عليه الصلاة والسلام وتوقيره وإجلاله]

- ‌فصل [واعلم أن حرمة النبي بعد موته وتوقيره وتعظيمه لازم]

- ‌فصل [فِي سِيرَةِ السَّلَفِ فِي تَعْظِيمِ رِوَايَةِ حَدِيثِ رسول الله وسنته عليه الصلاة والسلام]

- ‌فصل [ومن توقيره صلى الله تعالى عليه وسلم وبره بر آله]

- ‌فصل [ومن توقيره وبره توقير أصحابه عليه الصلاة والسلام]

- ‌فصل [ومن إعظامه وإكباره إعظام جميع أسبابه]

- ‌الباب الرابع [في حكم الصلاة عليه صلى الله تعالى عليه وسلم والتسليم]

- ‌فصل [اعلم أن الصلاة على النبي فرض في الجملة]

- ‌فصل [في المواطن التي تستحب فيها الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ويرغب فيها]

- ‌فصل [في كيفية الصلاة عليه والتسليم]

- ‌فصل (في فضيلة الصلاة على النبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم والتسليم عليه والدّعاء له)

- ‌فصل (فِي ذَمِّ مَنْ لَمْ يُصَلِّ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله تعالى عليه وسلم وإثمه)

- ‌فصل [في تخصيصه عليه الصلاة والسلام بتبليغ صلاة من صلى عليه صلاة أو سلم من الأنام]

- ‌فصل (فِي الِاخْتِلَافِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى غَيْرِ النَّبِيِّ صلى الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

- ‌فصل (فِي حُكْمِ زِيَارَةِ قَبْرِهِ صلى الله عليه وسلم وَفَضِيلَةِ مَنْ زَارَهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ

- ‌فصل (فِيمَا يَلْزَمُ مَنْ دَخَلَ مَسْجِدَ النَّبِيِّ صَلَّى الله تعالى عليه وسلم من الأدب)

- ‌الْقِسْمُ الثَّالِثُ [فِيمَا يَجِبُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ تعالى عليه وسلم وما يستحيل في حقه وما يمتنع]

- ‌الْبَابُ الْأَوَّلُ (فِيمَا يَخْتَصُّ بِالْأُمُورِ الدِّينِيَّةِ وَالْكَلَامُ فِي عِصْمَةِ نَبِيِّنَا عليه الصلاة والسلام وَسَائِرِ الأنبياء صلوات الله عليهم

- ‌فصل (فِي حُكْمِ عَقْدِ قَلْبِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ تعالى عليه وسلم)

- ‌فصل (وأمّا عصمتهم من هذا الفنّ)

- ‌فصل [قال القاضي أبو الفضل قد بان مما قدمناه عقود الأنبياء في التوحيد والإيمان]

- ‌فصل [وَاعْلَمْ أَنَّ الْأُمَّةَ مُجْمِعَةٌ عَلَى عِصْمَةِ النَّبِيِّ من الشيطان إلى آخره]

- ‌فصل [وأما قوله صلى الله تعالى عليه وسلم فقامت الدلائل إلى آخره]

- ‌فصل [وقد توجهت ههنا لبعض الطاعنين سؤالات]

- ‌فصل [فصل هذا القول فيما طريقه البلاغ]

- ‌فصل (فإن قلت فما معنى قوله عليه الصلاة والسلام في حديث السّهو)

- ‌فصل (وأمّا ما يتعلّق بالجوارح)

- ‌فصل [وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي عِصْمَتِهِمْ مِنَ الْمَعَاصِي قَبْلَ النبوة]

- ‌فصل [هَذَا حُكْمُ مَا تَكُونُ الْمُخَالَفَةُ فِيهِ مِنَ الْأَعْمَالِ عَنْ قَصْدٍ وَهُوَ مَا يُسَمَّى مَعْصِيَةً ويدخل تحت التكليف]

- ‌فصل (فِي الْكَلَامِ عَلَى الْأَحَادِيثِ الْمَذْكُورِ فِيهَا السَّهْوُ

- ‌فصل (فِي الرَّدِّ عَلَى مَنْ أَجَازَ عَلَيْهِمُ الصَّغَائِرَ

- ‌فصل (فَإِنْ قُلْتَ فَإِذَا نَفَيْتَ عَنْهُمْ صَلَوَاتُ اللَّهِ عليهم الذّنوب)

- ‌فصل [قد استبان لك أيها الناظر بما قررناه ما هو الحق من عصمته عليه السلام]

- ‌فصل (في القول في عصمة الملائكة)

- ‌الْبَابُ الثَّانِي [فِيمَا يَخُصُّهُمْ فِي الْأُمُورِ الدُّنْيَوِيَّةِ]

- ‌فصل [فَإِنْ قُلْتَ فَقَدْ جَاءَتِ الْأَخْبَارُ الصَّحِيحَةُ أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام سحر]

- ‌فصل [هذا حاله عليه الصلاة والسلام في جسمه]

- ‌فصل [وَأَمَّا مَا يَعْتَقِدُهُ فِي أُمُورِ أَحْكَامِ الْبَشَرِ إلى آخره]

- ‌فصل [وَأَمَّا أَقْوَالُهُ الدُّنْيَوِيَّةُ مِنْ أَخْبَارِهِ عَنْ أَحْوَالِهِ]

- ‌فصل (فَإِنْ قُلْتَ قَدْ تَقَرَّرَتْ عِصْمَتُهُ صَلَّى اللَّهُ تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَقْوَالِهِ فِي جَمِيعِ أَحْوَالِهِ)

- ‌فصل (فَإِنْ قِيلَ فَمَا وَجْهُ حَدِيثِهِ أَيْضًا الَّذِي حدّثناه الفقيه أبو محمد الخشنيّ)

- ‌فصل (وأمّا أفعاله عليه الصلاة والسلام الدّنيويّة)

- ‌فصل [فَإِنْ قِيلَ فَمَا الْحِكْمَةُ فِي إِجْرَاءِ الْأَمْرَاضِ وشدتها عليه عليه الصلاة والسلام]

- ‌الْقِسْمُ الرَّابِعُ (فِي تَصَرُّفِ وُجُوهِ الْأَحْكَامِ فِيمَنْ تنقّصه أو سبّه عليه الصلاة والسلام

- ‌الْبَابُ الْأَوَّلُ (فِي بَيَانِ مَا هُوَ فِي حقّه صلى الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبٌّ أَوْ نَقْصٌ مِنْ تَعْرِيضٍ أو نصّ)

- ‌فصل (فِي الْحُجَّةِ فِي إِيجَابِ قَتْلِ مَنْ سَبَّهُ أو عابه صلى الله تعالى عليه وسلم)

- ‌فصل (فَإِنْ قُلْتَ فَلِمَ لَمْ يَقْتُلِ النَّبِيُّ صَلَّى الله تعالى عليه وسلم اليهوديّ الّذي قال له)

- ‌فصل (قَالَ الْقَاضِي تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي قَتْلِ الْقَاصِدِ لسبّه)

- ‌فصل [أن يقصد إلى تكذيبه فيما قاله إلى آخره]

- ‌فصل (الْوَجْهُ الرَّابِعُ أَنْ يَأْتِيَ مِنَ الْكَلَامِ بِمُجْمَلٍ)

- ‌فصل [أَنْ لَا يَقْصِدَ نَقْصًا وَلَا يَذْكُرَ عَيْبًا ولا سبا لكنه ينزع إلى آخره]

- ‌فصل [أَنْ يَقُولَ الْقَائِلُ ذَلِكَ حَاكِيًا عَنْ غَيْرِهِ وآثرا عن سواه]

- ‌فصل [أن يذكر ما يجوز على النبي أو يختلف في جوازه عليه]

- ‌فصل (وَمِمَّا يَجِبُ عَلَى الْمُتَكَلِّمِ فِيمَا يَجُوزُ عَلَى النّبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم وما لا يجوز)

- ‌الْبَابُ الثَّانِي [فِي حُكْمِ سَابِّهِ وَشَانِئِهِ وَمُتَنَقِّصِهِ ومؤذيه]

- ‌فصل (إذا قلنا بالاستتابة حيث تصحّ)

- ‌فصل (هذا حكم من ثبت عليه ذلك)

- ‌فصل [هذا حكم المسلم]

- ‌فصل (فِي مِيرَاثِ مَنْ قُتِلَ فِي سَبِّ النَّبِيِّ صلى الله تعالى عليه وسلم وغسله والصلاة عليه)

- ‌الْبَابُ الثَّالِثُ (فِي حُكْمِ مَنْ سَبَّ اللَّهَ تعالى وملائكته وأنبياءه وكتبه وآل النبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم وأزواجه وصحبه

- ‌فصل (وَأَمَّا مَنْ أَضَافَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى مَا لَا يَلِيقُ بِهِ لَيْسَ عَلَى طَرِيقِ السَّبِّ)

- ‌فصل [فِي تَحْقِيقِ الْقَوْلِ فِي إِكْفَارِ الْمُتَأَوِّلِينَ قَدْ ذكرنا مذاهب السلف وإكفار أصحاب البدع والأهواء]

- ‌فصل (فِي بَيَانِ مَا هُوَ مِنَ الْمَقَالَاتِ كُفْرٌ وَمَا يُتَوَقَّفُ أَوْ يُخْتَلَفُ فِيهِ وَمَا لَيْسَ بكفر)

- ‌فصل [هَذَا حُكْمُ الْمُسْلِمِ السَّابِّ لِلَّهِ تَعَالَى وَأَمَّا الذمي الخ]

- ‌فصل [هَذَا حُكْمُ مَنْ صَرَّحَ بِسَبِّهِ وَإِضَافَةِ مَا لَا يَلِيقُ بِجَلَالِهِ وَإِلَهِيَّتِهِ فَأَمَّا مُفْتَرِي الْكَذِبِ الخ]

- ‌فصل (وأمّا من تكلّم من سقط القول)

- ‌فصل (وَحُكْمُ مَنْ سَبَّ سَائِرَ أَنْبِيَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وملائكته)

- ‌فصل (واعلم أن من استخفّ بالقرآن)

- ‌فصل [من سب آل بيته وأزواجه وأصحابه عليه الصلاة والسلام وتنقصهم حرام ملعون فاعله]

- ‌ نظم

- ‌فهرس محتويات الجزء الثاني من شرح الشفا

الفصل: ‌فصل [ومن توقيره صلى الله تعالى عليه وسلم وبره بر آله]

الحديث إلّا وهما طاهران) صفة لهما والأصل امتناع توسط الواو بين الصفة والموصوف كما في قوله تعالى وَما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا لَها مُنْذِرُونَ إلّا انها لما شابهت الحال توسطتهما لتأكيد لصوقها بالموصوف كما في قوله عز وجل وَما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا وَلَها كِتابٌ مَعْلُومٌ (وكان قتادة يستحبّ) بصيغة الفاعل أي يستحسن (أن لا يقرأ) أي هو أو أحد ولا يبعد أن يضبط بصيغة المفعول (أحاديث النّبيّ صلى الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا عَلَى وُضُوءٍ وَلَا يُحَدِّثُ إلّا على طهارة) تأكيد لما قبله وضبط في نسخة بصيغة المجهول فتحصل المغايرة بأن يحمل الأول على فعله والثاني على غيره وأما قول الدلجي أي يغسل بقرينة ما قبله فلا يدفع الاشكال بل يقوي الأعضال والله تعالى أعلم بالحال والأظهر أن يراد بالطهارة المعنى الأعم الشامل للتيمم ويؤيده قوله (وَكَانَ الْأَعْمَشُ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُحَدِّثَ وَهُوَ على غير وضوء) جملة حالية اعتراضية بين الشرط وجزاءه (تيمّم) أي اعتناء بتعظيم حديثه صلى الله تعالى عليه وسلم.

‌فصل [ومن توقيره صلى الله تعالى عليه وسلم وبره بر آله]

(ومن توقيره صلى الله تعالى عليه وسلم) أي تعظيمه وتكريمه (وبرّه) أي ومن طاعته في أمره وزجره (برّ آله) أي إحسان أهل بيته وعشيرته ولا وجه لتخصيص الدلجي هنا ببني هاشم وبني الطالب دون بني عبد شمس وبني نوفل وإن خص الأولان بالخمس (وذرّيّته) أي نسله وعترته الشاملة لبناته وللحسنين وأولادهما من الأئمة وغيرهم (وأمّهات المؤمنين أزواجه) أي زوجاته الطاهرات وهن عائشة الصديقة بنت الصديق وخديجة بنت خويلد وحفصة بنت الفاروق وأم حبيبة بنت أبي سفيان أخت معاوية وسودة بنت زمعة وأم سلمة بنت أبي أمية وميمونة بنت الحارث وزينب بنت جحش وجويرية بنت ضرار وصفية بنت حيي كذا ذكره الدلجي وكان الأولى أن يقدم خديجة الكبرى أم فاطمة الزهراء رضي الله تعالى عنهما (كما حضّ عليه) بتشديد الضاد المعجمة أي حث وحرض على برهم عليه السلام أي في أحاديث كثيرة (وسلكه) أي مسلكه أي مسلكه (السّلف الصّالح رضي الله عنهم أي بالقول والفعل كما وجب عليهم قال ابن الفقاعي السلف الصالح هم الصدر الأول من التابعين (قَالَ اللَّهُ تَعَالَى إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ) استئناف تعليل لأمرهن بالأمر الأهم ونهيهن عن أن يقترفن المأثم صونا لا عراضهن عن أن تتدنس بالرجس واستعير الرجس للمعصية تنفيرا لهن عنها وترغيبا فيما أمرهن بخلافهما ولعله سبحانه وتعالى خاطبهن بخطاب الذكور لأنهن في مقام الكمال كأنهن في حال الرجال قال تعالى في حق مريم وَكانَتْ مِنَ الْقانِتِينَ وورد كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلا آسية امرأة فرعون ومريم بنت عمران وفضل عائشة على النساء امرأة كفضل الثريد على سائر الطعام رواه أحمد والشيخان والترمذي وابن ماجه عن أبي موسى والأظهر أن فيه تغليبا ليشمل بقية آله وأهل بيته ولذا قال (أَهْلَ الْبَيْتِ)[الأحزاب: 33] الآية نصب على النداء أو المدح (ويطهركم) عن

ص: 81

الأخلاق الدنية والأحوال الرديئة (تطهيرا) أي بليغا كثيرا والرجس على ما قال الزهري اسم لكل مستقذر من عمل وأراد بأهل البيت نساء النبي صلى الله تعالى عليه وسلم لأنهن في بيته وروي ذلك وعن ابن عباس وعن أبي سعيد الخدري وجماعة من التابعين أنهم علي وفاطمة والحسن والحسين قول ولا منع من الجمع وأما تخصيص الشيعة أهل البيت بفاطمة وعلي وابنيهما لما ورد أنه عليه الصلاة والسلام خرج غداة يوم وعليه مرط مرجل من شعر أسود فجاء الحسن فأدخله فيه ثم الحسين فأدخله ثم فاطمة فأدخلها ثم علي فأدخله ثم قال إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً واحتجاجهم على عصمتهم وكون إجماعهم حجة فمردود بأن تخصيصهم بكونهم أهل البيت يكذبه ما قبل الآية وما بعدها والحديث إنما هو مؤذن بأنهم من أهله لا أن غيرهم ليس بأهله (وقال تعالى وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ [الأحزاب: 6] تشبيه لهن بالأمهات في جوب تعظيمهن واحترامهن وتحريم نكاحهن بدليل قوله تعالى وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً في غير ذلك كالاجنبيات ولذا قالت عائشة رضي الله تعالى عنها لسنا أمهات النساء أرادت انهن إنما كن أمهات الرجال لأنهن محرمات عليهم كتحريم أمهاتهم عليهم وهذا الحكم غير متحقق في حق النساء لأنهن لو كن أمهاتهن لما جوز زواج بناتهن (أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ أَحْمَدَ الْعَدْلُ) مبالغة العادل (من كتابه) متعلق بأخبرنا (وكتبت من أصله) أي المروي عن مشايخه (ثنا) أي حدثنا (أبو الحسن المقرىء) بالهمزة في آخره وقد يخفف أي معلم قراءة القرآن (الفرغانيّ) منسوب إلى فرغانة بفتح الفاء وسكون الراء فغين معجمة ناحية من المشرق (حَدَّثَتْنِي أُمُّ الْقَاسِمِ بِنْتُ الشَّيْخِ أَبِي بَكْرٍ الخفّاف) بفتح الخاء المعجمة وتشديد الفاء الأولى (قالت حدثني أبي ثنا) أي قال حدثنا (حاتم) بكسر الفوقية (هو ابن عقيل) بالتصغير (حَدَّثَنَا يَحْيَى هُوَ ابْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا يَحْيَى هو الحمّانيّ) بكسر المهملة وتشديد الميم ثم نون فياء نسبة (حدّثنا وكيع) أي ابن الجراح أحد الأعلام يروي عن الأعمش وغيره وعنه أحمد ونحوه قال أحمد ما رأيت أوعي للعلم منه كان أحفظ من ابن مهدي وقال حماد بن زيد لو شئت لقلت إنه أرجح من سفيان وقال أحمد لما ولي حفص بن غياث القضاء هجره وكيع (عن أبيه) أي الجراح بن مليح بن عدي الرواسي وثقه أبو داود ولينه بعضهم (عن سعيد بن مسروق) أي الثوري يروي عن أبي وائل والشعبي وعنه ابناه سفيان ومبارك وأبو عوانة ثقة أخرج له الأئمة الستة (عن يزيد بن حيّان) بفتح حاء مهملة فتحتية مشددة تيمي ثقة اخرج له مسلم وأبو داود والنسائي (عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: أنشدكم الله) بفتح الهمزة وبضم الشين (أهل بيتي) بالنصب على نزع الخافض وفي نسخة طبق رواية أخرى في أهل بيتي أي أسألكم الله في حق أهل بيتي بالاحسان إليهم والشفقة عليهم أو أقسم عليكم بالله أن تراعوني في أهل بيتي (ثلاثا) أي قالها ثلاث مرات مبالغة في الحث على احترامهم (قلنا لزيد) وهو ابن أرقم راوي الحديث لأن صاحب البيت

ص: 82

أدرى بما فيه (من أهل بيته) أي من المراد بهم في هذا الحديث (قَالَ آلُ عَلِيٍّ وَآلُ جَعْفَرٍ وَآلُ عَقِيلٍ) وهم أولاد أبي طالب (وآل عبّاس) وفي نسخة وآل العباس والمراد هم وآلهم ممن يرجع إليهم في النسب مآلهم وقد يقحم الآل كما في قوله تعالى آلُ مُوسى وَآلُ هارُونَ تفخيما لشأنهما ثم اعلم أن هذا الحديث في مسلم أخرجه في الفضائل وأخرجه النسائي في المناقب ولو أخرجه القاضي من مسلم لوقع له أعلى من الطريق الذي ساقه وكذا لو أخرجه من النسائي إلّا أنه أراد التنوع في الروايات لأن من شأن الحفاظ أن الحديث إذا كان في الكتب الستة أو أحدها يخرجونه من غيرها لكن في الغالب إنما يصنعون هذا طلبا للغو أو الزيادة فيه أو تصريح مدلس بالسماع أو الأخبار أو التحديث أو لكون الطريق أسلم أو لغير ذلك مما هو معروف عند أربابه والله أعلم (قال صلى الله تعالى عليه وسلم) أي فيما رواه الترمذي عن زيد بن أرقم وجابر وحسنه (إنّي تارك فيكم ما) أي شيئا عظيما فما موصوفة صفتها (إن أخذتم به) أو موصولة والشرطية صلتها أي إن تمسكتم به وعملتم به يروى ما إن تمسكتم به (لن تضلّوا) أي عن الحق بعده أبدا (كتاب الله وعترتي أهل بيتي) تفصيل بعد اجمال وقع بدلا أو بيانا (فانظروا) أي فتأملوا وتفكروا (كيف تخلفوني) بتخفيف النون وتشدد أي كيف تعقبونني (فيهما) أي في حقهما ووقع في أصل الدلجي كتاب الله وعترتي بين الشرط والجزاء وهو مخالف للأصول المعتمدة ثم المراد بعترته أخص قرابته وقيل المراد علماء أمته فالتمسك بالقرآن التعلق بأمره ونهيه واعتقاد جميع ما فيه وحقيته والتمسك بعترته محبتهم ومتابعة سيرتهم (وقال صلى الله تعالى عليه وسلم) لا يعرف راويه (معرفة آل محمّد صلى الله تعالى عليه وسلم براءة من النّار) أي من ألم حرها وسقم بردها (وحبّ آل محمّد جواز على الصّراط) بفتح الجيم صك المسافر برخصة المرور والعبور أي سبب سهولة مجاوزته الصراط (والولاية) بفتح الواو أي النصرة والإعانة والمحبة (لآل محمّد أمان من العذاب) وبكسرها لغة أيضا كما قرىء بهما في السبعة قوله تعالى ما لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ فقد قرأها حمزة بالكسر فقول الدلجي وأما بكسرها فمن الولاية بمعنى الملك ليس في محله مع أن الولاية قد تأتي بمعنى تولي الأمر وضد التبري وبمعنى المحبة ومنه ما ورد اللهم وال من والاهم (قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ مَعْرِفَتُهُمْ هِيَ مَعْرِفَةُ مَكَانِهِمْ) أي مكانتهم وقرب شأنهم (من النّبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم) أي نسبا وحسبا (فإذا) وفي نسخة وإذا (عرفهم بذلك) أي بما ذكر قربة ورتبة (عرف وجوب حقّهم) في التكريم (وحرمتهم) في التعظيم (بسببه) أي بسبب نسبة النبي الكريم عليه التحية والتسليم (وعن عمر بن أبي سلمة) كما رواه الترمذي وهو ربيبه عليه الصلاة والسلام وابن أخيه من الرضاعة أرضعتهما ثويبة مولاة عمه أبي لهب ولد بالحبشة (لمّا نزلت) أي هذه الآية (إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ)[الأحزاب: 33](الآية وذلك) أي نزولها كان (في بيت أمّ سلمة) أي زوجته عليه الصلاة والسلام الراوي وهي آخر أمهات المؤمنين موتا توفيت في إمارة يزيد

ص: 83

والجملة معترضة (دعا فاطمة وحسنا وحسينا فجلّلهم بكساء) جواب لما أي غطاهم به قدام وجهه (وَعَلِيٌّ خَلَفَ ظَهْرِهِ ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ هَؤُلَاءِ أَهْلُ بَيْتِي فَأَذْهِبْ عَنْهُمُ الرِّجْسَ وَطَهِّرْهُمْ تَطْهِيرًا وعن سعد بن أبي وقاص) كما رواه مسلم (لمّا نزلت آية المباهلة) أي الملاعنة مفاعلة من البهلة وهي اللعنة فإذا اختلف قوم في شيء اجتمعوا فقالوا لعنة الله على الظالم منا والمراد من آية المباهلة قوله تعالى فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ أي نتضرع إلى الله فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكاذِبِينَ (دعا) جواب لما أي طلب (النّبيّ صلى الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِيًّا وَحَسَنًا وَحُسَيْنًا وَفَاطِمَةَ وَقَالَ اللهم هؤلاء أهلي) أي الأقربون (فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا وقال النبي صلى الله تعالى عليه وسلم) أي كما مر (في علي) أي في حقه (من كنت مولاه) أي وليه وناصره (فعليّ مولاه) أي يدفع عنه ما يكره قال الشافعي رحمه الله تعالى يعني به ولاء الإسلام قال الله تعالى ذلك بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكافِرِينَ لا مَوْلى لَهُمْ وإلا ظهر الاستدلال بقوله تعالى إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ لما روي أنها نزلت في علي كرم الله وجهه وإنما أتى بصيغة الجمع لتعظيمه أو المراد به هو وأمثاله مع أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب هذا وذهب أكثرهم إلى أن الحديث بمعنى البر والصلة ومراعاة الذمة ومنهم من ضعفه وقال أبو العباس معناه من أحبني وتولاني فليتوله وقال الحافظ أبو موسى أي من كنت أتولاه فعلي يتولاه قيل وكان سببه أن أسامة بن زيد قال لعلي لست مولاي إنما مولاي رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فقال عليه الصلاة والسلام الحديث (وقال النبي صلى الله تعالى عليه وسلم) على ما روى أحمد عن أبي أيوب الأنصاري أنه عليه الصلاة والسلام قال فِي عَلِيٍّ مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ (اللهمّ وال من والاه) أي أحب من أحبه وراعاه (وعاد من عاداه) أي أبغض من أبغضه وما أرضاه قال في الكشاف الموالاة خلاف المعاداة مفاعلة من الولي وهو القرب كما أن المعاداة مفاعلة من العدو وهو البعد (وقال) كما رواه مسلم أنه صلى الله تعالى عليه وسلم (فيه لا يحبّك إلّا مؤمن) أي كامل الإيمان (ولا يبغضك إلّا منافق) أي ناقص الإيقان وقد روى عدي بن ثابت عن زر بن حبيش عن علي رضي الله تعالى عنه قال عهد إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم أنه لَا يُحِبُّكَ إِلَّا مُؤْمِنٌ وَلَا يَبْغَضُكَ إِلَّا منافق وورد في بعض الأحاديث النظر إلي وجه علي عبادة (وقال للعبّاس رضي الله تعالى عنه) كما روى ابن ماجه والترمذي وصححه (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يَدْخُلُ قَلْبَ رَجُلٍ الإيمان) أي على وجه الإحسان (حتّى يحبّكم لله ورسوله) والخطاب لأهل بيت النبوة (ومن آذى عمّي) أي العباس (فقد آذاني) أي فكأنه آذني (وإنّما عمّ الرّجل صنو أبيه) بكسر الصاد وقد تضم أي مثله في أن أصلهما واحد فقد كالعلة لكون حكمهما في الإيذاء سواء وأصله النخلتان تخرجان من أصل واحد ومنه قوله تعالى وَنَخِيلٌ صِنْوانٌ وَغَيْرُ

ص: 84

صِنْوانٍ فالأخ صنو الشقيق (وقال للعباس) كما روى البيهقي عن أبي أسيد الساعدي (اغد) بضم همزة وصل وضم الدال أمر من غدا يغدو أي ائتني غدوة وهي أول النهار (مع ولدك) بفتحتين وبضم فسكون أي أولادك من ذكور وإناث لشمول الولد لهما (فجمعهم) أي غدوة عليه (وجلّلهم) بالجيم وتشديد اللام الأولى أي غطاهم النبي صلى الله تعالى عليه وسلم (بملاءته) بضم أوله وتخفيف اللام والمد أي ريطته أو كسائه (وقال اللهم هذا عمّي وصنو أبي وهؤلاء) أي أولاده (أهل بيتي فاسترهم من النّار) أي في دار القرار (كستري إيّاهم) في هذه الدار (فأمّنت) بتشديد الميم أي قالت آمين (أسكفّة الباب) بضم الهمزة والكاف وتشديد الفاء أي عتبته (وحوائط البيت) أي جدرانه المحيطة به من جميع جهاته (آمين آمين) أي مكررا وهو مقول على وجه التأكيد أو من طريق التجريد وهو بالمد أشهر من قصره ولا يجوز تشديد ميمه على الصحيح وهو اسم مبني على الفتح معناه استجب وفي الحديث آمين خاتم رب العالمين أي طابعه على العباد فكأنه خاتم الكتاب يصونه من الفساد (وكان) أي النبي عليه الصلاة والسلام كما في البخاري عن أسامة وغيره (يأخذ بيد أسامة بن زيد) أي ابن حارثة مولاه (والحسن) أي بيد الحسن بن علي رضي الله تعالى عنهما (وَيَقُولُ اللَّهُمَّ إِنِّي أُحِبُّهُمَا فَأَحِبَّهُمَا وَقَالَ أَبُو بكر رضي الله عنه ارقبوا محمّدا) بضم القاف أي راعوه واحترموه (في أهل بيته وقال) أي الصديق (أيضا) كما في الصحيحين (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَرَابَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى الله تعالى عليه وسلم أحبّ إلي أن أصل) أي صلتهم (من قرابتي) أي من صلة أقاربي لقرب مكانتهم عنده مع مراعاة قوله تعالى قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى (وقال صلى الله تعالى عليه وسلم) كما روى الترمذي وحسنه وابن ماجه عن يعلى بن مرة (أحبّ الله من أحبّ حسنا) وفي رواية حسينا وفي نسخة وحسينا والجملة دعائية ولا يبعد أن تكون خبرية (وقال) كما تقدم مرارا (مَنْ أَحَبَّنِي وَأَحَبَّ هَذَيْنِ وَأَشَارَ إِلَى حَسَنٍ وحسين وأباهما) أي وأحب أباهما عليا المرتضى (وأمّهما) فاطمة الزهراء (كان معي) أي مشاركا لي (في درجتي) أي جواري (يوم القيامة) لأن من أحب قوما حشر معهم (وقال صلى الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَهَانَ قُرَيْشًا أَهَانَهُ اللَّهُ) رواه الترمذي وحسنه عن سهل ابن أبي وقاص بلفظ من يرد هوان قريش أهانه الله لأنهم أفضل بني آدم إجمالا وهم ولد النضر بن كنانة من بني إسماعيل بن إبراهيم خليل الرحمن (وقال) كما روى البزار عن علي وابن أبي شيبة عن سهل بن أبي حثمة (قدّموا قريشا) أي في الخلافة ونحوها (ولا تقدّموها) بحذف إحدى التاءين (وقال صلى الله تعالى عليه وسلم) كما في البخاري (لأمّ سلمة لا تؤذيني في عائشة) أي لفضلها نسبا وحسبا روي أن الناس كانوا يتحرون بهداياهم يوم عائشة يبتغون بذلك مرضاة رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وأن نساء النبي عليه الصلاة والسلام كن حزبين فحزب فيه عائشة وحفصة وصفية وسودة والحزب الآخر أم سلمة وسائر نسائه عليه الصلاة والسلام فكلم حزب أم سلمة أم سلمة أن كلمي رسول الله صلى الله

ص: 85

تعالى عليه وسلم يقول للناس من أراد أن يهدي إلى النبي عليه الصلاة والسلام فليهده حيث كان فكلمته فقال لا تؤذيني في عائشة فإن الوحي لم يأتني وأنا في ثوب امرأة إلّا عائشة وتمام الحديث في المصابيح (وعن عقبة بن الحارث) كما في البخاري (رأيت أبا بكر) أي الصديق (رضي الله تعالى عنه وجعل الحسن على عنقه) جملة حالية (وهو) أي أبو بكر (يقول: بأبي) أي أفديه بأبي (شبيه بالنّبيّ) أي هو شبيه به في كثير من الوجوه (ليس شبيها بعلي) أي في بعض الوجوه (وعليّ يضحك) أي فرحا بفعل الصديق وقوله الدال على أنه الصديق في مقام التحقيق وممن كان شبيها به عليه الصلاة والسلام من آله جعفر بن أبي طالب وقثم بن العباس والسائب بن زيد بن عبد يزيد بن هاشم بن عبد المطلب جد الشافعي وأبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب ومن غير آله كثيرون منهم شخص من أهل البصرة يقال له كابس بن ربيعة بن مالك السامي بالسين المهملة قبله معاوية بين عينيه وأقطعه قطيعة وكان أنس إذا رآه بكى وسيأتي قريبا ذكر كابس في أصل الكتاب وقال الذهبي في التهذيب في ترجمة عبد الله بن جعفر أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أتاهم بعد ما أخبرهم بقتل جعفر فقال لا تبكوا بعد اليوم وذلك بعد ثالثه ثم قال ائتوني ببني أخي فجيء بنا كأننا أفراخ فقال ادعوا إلى الحلاق فأمره فحلق رؤوسنا ثم قال أما محمد فشبه عمنا أبي طالب وأما عبد الله فشبه خلقي وخلقي ثم أخذ بيدي فاشالها ثم قال اللهم اخلف جعفرا في أهله وبارك لعبد الله في صفقته فجاءت أمنا فذكرت يتمنا فقال العلية تخافين عليهم وأنا وليهم في الدنيا والآخرة هذا والحسن بن علي كان يشبهه بنصفه الأعلى والحسين بنصفه الأسفل ولعل هذا هو السر في أن أكثر الذرية من الحسين رضي الله تعالى عنه (وروي عن عبد الله بن الحسن) أي ابن حسن كما في نسخة وهو ابن علي بن أبي طالب يروي عن أبيه وأمه فاطمة بنت الحسن وعنه مالك وابن علية أخرج له أصحاب السنن الأربعة مات سنة خمس وأربعين ومائة (قال أتيت عمر بن عبد العزيز) أي ابن مروان بن الحكم (في حاجة فقال لي إذا كان لك حاجة فأرسل إليّ) أي أحدا (أو اكتب) أي لي كتابا واذكر حاجتك ويروى أو اكتب إلي (فإنّي أستحيي من الله أن يراك) وفي نسخة أن أراك (على بابي وعن الشّعبيّ) فيما رواه الحاكم وصححه البيهقي وغيره (قال صلّى زيد بن ثابت) أي الأنصاري (عَلَى جِنَازَةِ أُمِّهِ ثُمَّ قُرِّبَتْ لَهُ بَغْلَتُهُ) بصيغة المجهول (لِيَرْكَبَهَا فَجَاءَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَأَخَذَ بِرِكَابِهِ فَقَالَ زيد) تكريما له وتعظيما (خلّ عنه) أي دع الركاب وتباعد منه (يا ابن عمّ رسول الله فقال) أي ابن عباس رضي الله تعالى عنهما (هكذا نفعل) وفي نسخة هكذا أمرنا أن نفعل (بالعلماء) أي إكراما واحتراما (فَقَبَّلَ زَيْدٌ يَدَ ابْنِ عَبَّاسٍ وَقَالَ هَكَذَا أمرنا) بصيغة المفعول أي أمرنا الله ورسوله (أن نفعل بأهل بيت نبيّنا صلى الله تعالى عليه وسلم ورأى ابن عمر محمّد بن أسامة) أي ابن زيد ابن حارثة مولى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم (فقال ليت هذا عبدي) بفتح أوله وسكون الموحدة من العبودية بمعنى المملوكية وهي كما في المطالع رواية البيهقي ورواية

ص: 86

الكافة بكسر أوله وسكون النون والأول أوجه انتهى وقال المزي بالنون هو المشهور قال الحجازي وهو الصحيح في الشفاء قيل وكذا في البخاري الذي سمع علي العراقي بالقلم (فقيل له) أي لابن عمر رضي الله تعالى عنهما (هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ أُسَامَةَ، فَطَأْطَأَ ابْنُ عُمَرَ رأسه) أي أطرقه (ونقر بيده الأرض) أي حياء مما صدر عنه (وقال) أي ابن عمر في حقه (لو رآه رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم لأحبّه) أي كحبه أباه أسامة (وقال الأوزاعي) كما حكى ابن عساكر في تاريخ دمشق (دَخَلَتْ بِنْتُ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ صَاحِبِ رَسُولِ الله صلى الله تعالى عليه وسلم) أي ومولاه واسمها فاطمة (على عمر بن عبد العزيز) أي حين كان أمير المدينة نيابة عن ابن عمه الوليد بن عبد الملك بن مروان أو في أيام خلافته (ومعها مولى لها يمسك بيدها) أي يقودها لكبرها أو لضعف بصرها (فقام لها عمر) أي ابن عبد العزيز (ومشى إليها) أي خطوات (حتّى جعل يديها) وفي نسخة يدها (بين يديه ويداه في ثيابه) أي تأدبا معها (ومشى بها حتّى أجلسها على مجلسه) بفتح اللام وهو موضع التكرمة وهو الذي نهى الشارع عن الجلوس فيه بغير إذن صاحبه وبكسرها المحل الذي يجلس فيها كما يقال مسجد بالكسر للبيت الطاهر الذي يسجد فيه وبالفتح لموضع الجبهة في السجود (وجلس بين يديها) أي متوجها إليها (وما ترك لها حاجة إلّا قضاها) لكونها بنت حبه ومولاته صلى الله تعالى عليه وسلم (ولمّا فرض عمر بن الخطّاب رضي الله تعالى عنه) أي في ديوان الأرزاق على ما رواه الترمذي وحسنه (لابنه عبد الله في ثلاثة آلاف) أي من الدراهم (وَلِأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ فِي ثَلَاثَةِ آلَافٍ وَخَمْسِمِائَةٍ) أي زيادة على ما فرض لابنه مع أن كليهما صحابي ابن صحابي وجلالة عمر وفضيلة ابنه غير مخفية على أحد وكان التقسيم حينئذ بحسب المراتب في المناقب لا على عدد الرؤوس كما في زمن الصديق رضي الله تعالى عنه (قال عبد الله لأبيه لم فضّلته) أي أسامة علي بما فضلته (فو الله ما سبقني) أي أسامة (إلى مشهد) أي من المشاهد (فقال) أي عمر (له) أي لابنه إنما فضلته (لِأَنَّ زَيْدًا كَانَ أَحَبَّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله تعالى عليه وسلم من أبيك) قاله تواضعا وإلا فهو كان أحب إليه من زيد لما في الصحيحين عن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنه قلت يا رسول الله أي الناس أحب إليك قال عائشة قلت من الرجال قال أبوها قلت ثم من قال عمر ولعل زيدا كان أحب الموالي إليه وفاطمة أحب بناته وعليا أحب أقاربه فلا تعارض (وأسامة أحبّ إليه منك) أي من حيثية كونه ابن مولاه (فآثرت) أي اخترت بالتقديم والتخصيص (حبّ رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم على حبّي) بكسر الحاء فيها بمعنى المحبوب ويجوز أن تكون مضمومة مصدر حب قال الحلبي الحديث في البخاري في الهجرة عن نافع مولى ابن عمر أن عمر كان فرض للمهاجرين الأولين أربعة آلاف وفرض لابن عمر ثلاثة آلاف وخمسمائة فقيل له هو من المهاجرين فلم نقصته من أربعة آلاف قال إنما هاجر به أبواه يقول ليس هو كمن هاجر بنفسه ولعل ما نقله القاضي كان أولا وما في الصحيح كان آخرا انتهى ولا يخفى أنه

ص: 87

لا منع من الجمع في وقت واحد أيضا ثم قال وقوله هاجر به أبواه فيه نظر لأن أمه زينب بنت مظعون ماتت بمكة ولم تهاجر وأجيب بأن المراد بالأبوين هنا الأب وزوجة الأب (وبلغ معاوية) أي ابن أبي سفيان كما روى ابن عساكر (أنّ كابس بن ربيعة) قد سبق ذكره (يشبه برسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم) أي في الصورة فوجه معاوية إليه (فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ مِنْ بَابِ الدَّارِ قَامَ عن سريره وتلقّاه) أي بالإقبال بين يديه والمثول لديه (وقبّل بين عينيه) أي ما بينهما (وأقطعه المرغب) بميم مكسورة وقد تفتح فراء ساكنة فمعجمة فموحدة موضع أي جعله له إقطاعا ينفرد به انتفاعا (لشبهه) بفتحتين أي لمشابهته (صورة رسول الله) بالإضافة (صلى الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرُوِيَ أَنَّ مَالِكًا رَحِمَهُ اللَّهُ تعالى) وهو ابن أنس صاحب المذهب (لمّا ضربه جعفر بن سليمان) أي ابن علي بن عبد الله بن عباس فهو ابن عم أبي جعفر المنصور بقول بعضهم له أنه لا يرى الإيمان لبيعتكم شيئا لأن يمين المكره لا تلزم فغضب جعفر ودعاه وجرده (ونال منه ما نال) أي من ضرب وغيره فإنه مدت يده حتى انخلعت كتفه أو أزيلت منه (وحمل) أي إلى بيته (مغشيّا) أي عليه كما في نسخة (دخل عليه النّاس) جواب لما (فأفاق) أي من غشيته (فقال) وفي نسخة وقال أي لمن في حضرته (أشهدكم أنّي جعلت ضاربي) أي الآمر بضربي ويروى صاحبي (في حلّ) أي في براءة من ضربه إياي (فسئل) أي مالك (بعد ذلك) أي بعد جعله في حل عن سببه هنالك ويروى فقيل له في ذَلِكَ (فَقَالَ خِفْتُ أَنْ أَمُوتَ فَأَلْقَى النَّبِيَّ صلى الله تعالى عليه وسلم فأستحيي منه أن يدخل بعض آله) أي من أن يدخل بعض أقاربه من بني عمه (النَّارَ بِسَبَبِي وَقِيلَ إِنَّ الْمَنْصُورَ أَقَادَهُ مِنْ جعفر) أي طلب أن يقتص له منه ويقيده ففيه تجوز والمعنى أراد أن يؤدبه لقلة أدبه مع مالك (فقال له) أي مالك (أعوذ بالله) أي من ذلك (والله ما ارتفع منها) أي من أسواطه (سَوْطٌ عَنْ جِسْمِي إِلَّا وَقَدْ جَعَلْتُهُ فِي حِلٍّ لِقَرَابَتِهِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تعالى عليه وسلم) فلم يزل مالك في علو ورفعة بعد ذلك (وقال أبو بكر بن عيّاش) بتحتية مشددة وشين معجمة هو ابن سالم الأسدي الحناط بالحاء المهملة والنون المشددة المقرىء أحد الأعلام اختلف في اسمه على أحد عشر قولا وصحح أبو زرعة أن اسمه شعبة ووافقه الشاطبي وصحح ابن الصلاح والمزي أن اسمه كنيته يروي عن حبيب بن أبي ثابت وعاصم وأبي إسحاق وعنه أحمد وعلي وإسحاق وابن معين والعطاردي قال أحمد صدوق ثقة ربما غلط وقال أبو حاتم هو وشريك في الحفظ سواء وفي الميزان اثنان غيره يقال لكل منهما أبو بكر ابن عياش قال الأنطاكي مات في جمادى الأولى سنة ثلاث وتسعين ومائتين وله ست وتسعون سنة أخرج له البخاري والأربعة (لَوْ أَتَانِي أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعَلِيٌّ لَبَدَأْتُ بحاجة عليّ قبلهما) أي قبل الشيخين (لقرابته) أي القريبة ويروى لقرباه (من رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم) وهذا له وجه وجيه في الأقدمية من هذه الحيثية وأما قوله (ولأن أخرّ) بفتح همزة وكسر خاء معجمة وتشديد راء أي لأن أسقط (من السّماء إلى الأرض) أي من المقام

ص: 88