الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الرابع [في حكم الصلاة عليه صلى الله تعالى عليه وسلم والتسليم]
أي من القسم الثاني (في حكم الصّلاة عليه والتّسليم) أي عليه أو لديه واختير التسليم على السلام مع أن كليهما مصدر سلم لإفادة زيادة التوكيد ولتحقق مطابقة لفظ التنزيل صلوا عليه وسلموا تسليما (وفرض ذلك) أي فرضيته (وفضيلته) وفي نسخة وفضله أي فضل ذلك والمعنى في بيان الحكم في كميتها وكيفيتها واختلاف العلماء في حقيقتها (قَالَ اللَّهُ تَعَالَى إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِ
) [الأحزاب: 56] أي يعظمونه بالثناء عليه (الآية) تمامها يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً أي ادعوا له وقولوا اللهم صل وسلم عليه والواو تفيد الجمعية لا المعية كما عليه الأصولية وأرباب العربية فلا دلالة في الآية على كراهية افراد الصلاة عن السلام وعكسه كما ذهب إليه النووي واتباعه من الشافعية وقد أوضحت المسألة في رسالة مستقلة (قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ مَعْنَاهُ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يباركون على النّبيّ) أي أن الله يبارك له في أمره ويزيد في قدره وتدعو الملائكة ربه أن يرفع ذكره ويظهر أمره ففيه إشارة إلى أن في قوله يصلون مجازا مرسلا لا جمعا بين الحقيقة والمجاز ولا استعمال المشترك في معنييه كما هو مبين في الأصول لأهل الوصول (وقيل إنّ الله يترحّم على النبيّ) أي يبالغ في إنزال الرحمة عليه فكأنه يطلب من نفسه الرأفة إليه (وملائكة يدعون له) أي ويتواضعون لديه (قال المبرّد وأصل الصّلاة التّرحّم وهي) وفي نسخة فهي (من الله رحمة) أي انزالها وإيصالها (ومن الملائكة رقّة) أي موجبة للرحمة (واستدعاء للرّحمة من الله تعالى) أي على نبي الأمة وكاشف الغمة (وقد ورد) ويروى وقد روي (فِي الْحَدِيثِ صِفَةُ صَلَاةِ الْمَلَائِكَةِ عَلَى مَنْ جلس) أي في مسجد ونحوه (ينتظر الصّلاة) أي الآتية أو أذانها وإقامتها (اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ فَهَذَا دُعَاءٌ) لكنه يليق بالأمة ولا يبعد أن يكون دعاؤهم للنبي بأن يقولوا اللهم عظم شأنه وتمم برهانه وأكثر أمته وأظهر ملته وأرفع درجته (وقال بكر) وفي نسخة أَبُو بَكْرٍ (الْقُشَيْرِيُّ: الصَّلَاةُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى لمن دون النبيّ) أي لغيره (رحمة) أي عامة (وللنبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم تشريف) وهو رحمة خاصة (وَزِيَادَةُ تَكْرِمَةٍ. وَقَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ: صَلَاةُ اللَّهِ وثناؤه عليه عند الملائكة) أي المقربين (وصلاة الملائكة الدّعاء) أي بزيادة الإكرام والإنعام للنبي عليه الصلاة والسلام (قال القاضي أبو الفضل رحمه الله تعالى) يعني المصنف (وقد فرّق) بتشديد الراء وتخفيفها وهو أولى أي فصل (النبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم في حديث تعليم الصّلاة عليه بين لفظ الصّلاة ولفظ البركة) أي في الحديث الذي
رواه الشيخان وغيرهما من أصحاب السنن اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد (فدلّ أنّهما) أي الصلاة والبركة (بمعنيين) أي متغايرين لأن المراد بالصلاة الثناء وبالبركة كثرة الخير والنماء (وَأَمَّا التَّسْلِيمُ الَّذِي أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ عباده) أي بقوله وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً وهو يحتمل أن يكون بمعنى الانقياد كما قال تَعَالَى فَلا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً ويحتمل أن يراد به التسليم الذي بمعنى التحية فإن السلام تحية أهل الإسلام أو خصوص الدعاء بالسلامة من الآفة للنبي عليه الصلاة والسلام (فقال القاضي أبو بكر بن بكير) بضم موحدة فكاف مفتوحة فتحتية ساكنة (نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَرَ اللَّهُ أَصْحَابَهُ أَنْ يُسَلِّمُوا عليه) وكذا امرهم النبي أن يسلموا عليه في الصلاة بأن يقولوا السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ (وكذلك من بعدهم) أي من التابعين وغيرهم (أمروا) أي تبعا لهم (أن يسلّموا على النبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم عند حضورهم قبره) أي خصوصا (وعند ذكره) أي عموما (وفي معنى السّلام عليه ثلاثة وجوه: أحدها السّلامة لك) أي حاصلة لك أو السلامة الكاملة من الآفات الشاملة خاصة لك (ومعك) أي ومصحوبة معك لا تنفك عنك في جميع أحوالك (ويكون السّلام مصدرا) أي كالسلامة (كاللّذاذ واللّذاذة) فإنهما مصدران من لذيذ إلا أنهما من الثلاثي المجرد والأولان من المزيد (الثّاني) أي من الوجوه (أي السّلام) أي اسمه (على حفظك) أي محافظتك من موجبات قصورك (ورعايتك) أي مراعاة جميع أمورك (متولّ له) أي متصرف لما ذكر من حفظك ورعايتك أو متول عونه ونصره له (وكفيل به) أي ضمين بقيامه ومتكفل بنظام مرامه (ويكون هنا) أي في الوجه الثاني (السّلام اسم الله) أي مصدر وصف به مبالغة ومعناه ذو السلامة من كل نقص وآفة (الثّالث أنّ السّلام بمعنى المسالمة له) أي المصالحة والموافقة (والانقياد) أي بالإدغان وترك المخالفة (كما قال تعالى فَلا) أي فليس الأمر كما زعموا (وَرَبِّكَ) وقيل التقدير فوربك بشهادة فوربك لنسألنهم زيدت فيه لا لتأكيد القسم لا لتظاهر لا في (لا يُؤْمِنُونَ) جواب القسم لأن استواء النفي والإثبات في زيادتها للتاكيد كما في فَلا أُقْسِمُ بِما تُبْصِرُونَ وما لا تبصرون يأبى ذلك (حَتَّى يُحَكِّمُوكَ) أي يجعلوك حاكما (فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ) أي فيما وقع لهم من التنازع والاختلاف (ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً) أي ضيقا شرعا لا طبعا أو شكا (مِمَّا قَضَيْتَ أي حكمت به (وَيُسَلِّمُوا أي وينقادوا لما حكمت به (تَسْلِيماً)[النساء: 65] . مصدر مؤكد لفعله بمنزلة تكريره أي وينقادوا انقيادا ظاهرا وباطنا لا ريبة فيه.