المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الباب الرابع [في حكم الصلاة عليه صلى الله تعالى عليه وسلم والتسليم] - شرح الشفا - جـ ٢

[الملا على القاري]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الثّاني

- ‌[المقدمة]

- ‌(الْقِسْمُ الثَّانِي فِيمَا يَجِبُ عَلَى الْأَنَامِ مِنْ حقوقه صلى الله تعالى عليه وسلم)

- ‌الْبَابُ الْأَوَّلُ [فِي فَرْضِ الْإِيمَانِ بِهِ وَوُجُوبِ طاعته واتّباع سنّته]

- ‌فصل [وَأَمَّا وُجُوبُ طَاعَتِهِ فَإِذَا وَجَبَ الْإِيمَانُ بِهِ وتصديقه فيما جاء به]

- ‌فصل [وَأَمَّا وُجُوبُ اتِّبَاعِهِ وَامْتِثَالُ سُنَّتِهِ وَالِاقْتِدَاءُ بِهَدْيِهِ]

- ‌فصل [وأما وَرَدَ عَنِ السَّلَفِ وَالْأَئِمَّةِ مِنِ اتِّبَاعِ سُنَّتِهِ]

- ‌فصل [وَمُخَالَفَةُ أَمْرِهِ وَتَبْدِيلُ سُنَّتِهِ ضَلَالٌ وَبِدْعَةٌ مُتَوَعَّدٌ من الله تعالى عليه بالخذلان والعذاب]

- ‌الباب الثاني [في لزوم محبته عليه الصلاة والسلام]

- ‌فصل [في ثواب محبته صلى الله تعالى عليه وسلم]

- ‌فصل [فِيمَا رُوِيَ عَنِ السَّلَفِ وَالْأَئِمَّةِ مِنْ مَحَبَّتِهِمْ للنبي صلى الله تعالى عليه وسلم]

- ‌فصل [في علامات محبته صلى الله تعالى عليه وسلم]

- ‌فصل [في معنى المحبة للنبي صلى الله تعالى عليه وسلم وحقيقتها]

- ‌فصل [في وجوب مناصحته صلى الله تعالى عليه وسلم]

- ‌الْبَابُ الثَّالِثُ [فِي تَعْظِيمِ أَمْرِهِ وَوُجُوبِ تَوْقِيرِهِ وبره]

- ‌فصل [في عادة الصحابة في تعظيمه عليه الصلاة والسلام وتوقيره وإجلاله]

- ‌فصل [واعلم أن حرمة النبي بعد موته وتوقيره وتعظيمه لازم]

- ‌فصل [فِي سِيرَةِ السَّلَفِ فِي تَعْظِيمِ رِوَايَةِ حَدِيثِ رسول الله وسنته عليه الصلاة والسلام]

- ‌فصل [ومن توقيره صلى الله تعالى عليه وسلم وبره بر آله]

- ‌فصل [ومن توقيره وبره توقير أصحابه عليه الصلاة والسلام]

- ‌فصل [ومن إعظامه وإكباره إعظام جميع أسبابه]

- ‌الباب الرابع [في حكم الصلاة عليه صلى الله تعالى عليه وسلم والتسليم]

- ‌فصل [اعلم أن الصلاة على النبي فرض في الجملة]

- ‌فصل [في المواطن التي تستحب فيها الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ويرغب فيها]

- ‌فصل [في كيفية الصلاة عليه والتسليم]

- ‌فصل (في فضيلة الصلاة على النبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم والتسليم عليه والدّعاء له)

- ‌فصل (فِي ذَمِّ مَنْ لَمْ يُصَلِّ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله تعالى عليه وسلم وإثمه)

- ‌فصل [في تخصيصه عليه الصلاة والسلام بتبليغ صلاة من صلى عليه صلاة أو سلم من الأنام]

- ‌فصل (فِي الِاخْتِلَافِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى غَيْرِ النَّبِيِّ صلى الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

- ‌فصل (فِي حُكْمِ زِيَارَةِ قَبْرِهِ صلى الله عليه وسلم وَفَضِيلَةِ مَنْ زَارَهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ

- ‌فصل (فِيمَا يَلْزَمُ مَنْ دَخَلَ مَسْجِدَ النَّبِيِّ صَلَّى الله تعالى عليه وسلم من الأدب)

- ‌الْقِسْمُ الثَّالِثُ [فِيمَا يَجِبُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ تعالى عليه وسلم وما يستحيل في حقه وما يمتنع]

- ‌الْبَابُ الْأَوَّلُ (فِيمَا يَخْتَصُّ بِالْأُمُورِ الدِّينِيَّةِ وَالْكَلَامُ فِي عِصْمَةِ نَبِيِّنَا عليه الصلاة والسلام وَسَائِرِ الأنبياء صلوات الله عليهم

- ‌فصل (فِي حُكْمِ عَقْدِ قَلْبِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ تعالى عليه وسلم)

- ‌فصل (وأمّا عصمتهم من هذا الفنّ)

- ‌فصل [قال القاضي أبو الفضل قد بان مما قدمناه عقود الأنبياء في التوحيد والإيمان]

- ‌فصل [وَاعْلَمْ أَنَّ الْأُمَّةَ مُجْمِعَةٌ عَلَى عِصْمَةِ النَّبِيِّ من الشيطان إلى آخره]

- ‌فصل [وأما قوله صلى الله تعالى عليه وسلم فقامت الدلائل إلى آخره]

- ‌فصل [وقد توجهت ههنا لبعض الطاعنين سؤالات]

- ‌فصل [فصل هذا القول فيما طريقه البلاغ]

- ‌فصل (فإن قلت فما معنى قوله عليه الصلاة والسلام في حديث السّهو)

- ‌فصل (وأمّا ما يتعلّق بالجوارح)

- ‌فصل [وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي عِصْمَتِهِمْ مِنَ الْمَعَاصِي قَبْلَ النبوة]

- ‌فصل [هَذَا حُكْمُ مَا تَكُونُ الْمُخَالَفَةُ فِيهِ مِنَ الْأَعْمَالِ عَنْ قَصْدٍ وَهُوَ مَا يُسَمَّى مَعْصِيَةً ويدخل تحت التكليف]

- ‌فصل (فِي الْكَلَامِ عَلَى الْأَحَادِيثِ الْمَذْكُورِ فِيهَا السَّهْوُ

- ‌فصل (فِي الرَّدِّ عَلَى مَنْ أَجَازَ عَلَيْهِمُ الصَّغَائِرَ

- ‌فصل (فَإِنْ قُلْتَ فَإِذَا نَفَيْتَ عَنْهُمْ صَلَوَاتُ اللَّهِ عليهم الذّنوب)

- ‌فصل [قد استبان لك أيها الناظر بما قررناه ما هو الحق من عصمته عليه السلام]

- ‌فصل (في القول في عصمة الملائكة)

- ‌الْبَابُ الثَّانِي [فِيمَا يَخُصُّهُمْ فِي الْأُمُورِ الدُّنْيَوِيَّةِ]

- ‌فصل [فَإِنْ قُلْتَ فَقَدْ جَاءَتِ الْأَخْبَارُ الصَّحِيحَةُ أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام سحر]

- ‌فصل [هذا حاله عليه الصلاة والسلام في جسمه]

- ‌فصل [وَأَمَّا مَا يَعْتَقِدُهُ فِي أُمُورِ أَحْكَامِ الْبَشَرِ إلى آخره]

- ‌فصل [وَأَمَّا أَقْوَالُهُ الدُّنْيَوِيَّةُ مِنْ أَخْبَارِهِ عَنْ أَحْوَالِهِ]

- ‌فصل (فَإِنْ قُلْتَ قَدْ تَقَرَّرَتْ عِصْمَتُهُ صَلَّى اللَّهُ تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَقْوَالِهِ فِي جَمِيعِ أَحْوَالِهِ)

- ‌فصل (فَإِنْ قِيلَ فَمَا وَجْهُ حَدِيثِهِ أَيْضًا الَّذِي حدّثناه الفقيه أبو محمد الخشنيّ)

- ‌فصل (وأمّا أفعاله عليه الصلاة والسلام الدّنيويّة)

- ‌فصل [فَإِنْ قِيلَ فَمَا الْحِكْمَةُ فِي إِجْرَاءِ الْأَمْرَاضِ وشدتها عليه عليه الصلاة والسلام]

- ‌الْقِسْمُ الرَّابِعُ (فِي تَصَرُّفِ وُجُوهِ الْأَحْكَامِ فِيمَنْ تنقّصه أو سبّه عليه الصلاة والسلام

- ‌الْبَابُ الْأَوَّلُ (فِي بَيَانِ مَا هُوَ فِي حقّه صلى الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبٌّ أَوْ نَقْصٌ مِنْ تَعْرِيضٍ أو نصّ)

- ‌فصل (فِي الْحُجَّةِ فِي إِيجَابِ قَتْلِ مَنْ سَبَّهُ أو عابه صلى الله تعالى عليه وسلم)

- ‌فصل (فَإِنْ قُلْتَ فَلِمَ لَمْ يَقْتُلِ النَّبِيُّ صَلَّى الله تعالى عليه وسلم اليهوديّ الّذي قال له)

- ‌فصل (قَالَ الْقَاضِي تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي قَتْلِ الْقَاصِدِ لسبّه)

- ‌فصل [أن يقصد إلى تكذيبه فيما قاله إلى آخره]

- ‌فصل (الْوَجْهُ الرَّابِعُ أَنْ يَأْتِيَ مِنَ الْكَلَامِ بِمُجْمَلٍ)

- ‌فصل [أَنْ لَا يَقْصِدَ نَقْصًا وَلَا يَذْكُرَ عَيْبًا ولا سبا لكنه ينزع إلى آخره]

- ‌فصل [أَنْ يَقُولَ الْقَائِلُ ذَلِكَ حَاكِيًا عَنْ غَيْرِهِ وآثرا عن سواه]

- ‌فصل [أن يذكر ما يجوز على النبي أو يختلف في جوازه عليه]

- ‌فصل (وَمِمَّا يَجِبُ عَلَى الْمُتَكَلِّمِ فِيمَا يَجُوزُ عَلَى النّبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم وما لا يجوز)

- ‌الْبَابُ الثَّانِي [فِي حُكْمِ سَابِّهِ وَشَانِئِهِ وَمُتَنَقِّصِهِ ومؤذيه]

- ‌فصل (إذا قلنا بالاستتابة حيث تصحّ)

- ‌فصل (هذا حكم من ثبت عليه ذلك)

- ‌فصل [هذا حكم المسلم]

- ‌فصل (فِي مِيرَاثِ مَنْ قُتِلَ فِي سَبِّ النَّبِيِّ صلى الله تعالى عليه وسلم وغسله والصلاة عليه)

- ‌الْبَابُ الثَّالِثُ (فِي حُكْمِ مَنْ سَبَّ اللَّهَ تعالى وملائكته وأنبياءه وكتبه وآل النبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم وأزواجه وصحبه

- ‌فصل (وَأَمَّا مَنْ أَضَافَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى مَا لَا يَلِيقُ بِهِ لَيْسَ عَلَى طَرِيقِ السَّبِّ)

- ‌فصل [فِي تَحْقِيقِ الْقَوْلِ فِي إِكْفَارِ الْمُتَأَوِّلِينَ قَدْ ذكرنا مذاهب السلف وإكفار أصحاب البدع والأهواء]

- ‌فصل (فِي بَيَانِ مَا هُوَ مِنَ الْمَقَالَاتِ كُفْرٌ وَمَا يُتَوَقَّفُ أَوْ يُخْتَلَفُ فِيهِ وَمَا لَيْسَ بكفر)

- ‌فصل [هَذَا حُكْمُ الْمُسْلِمِ السَّابِّ لِلَّهِ تَعَالَى وَأَمَّا الذمي الخ]

- ‌فصل [هَذَا حُكْمُ مَنْ صَرَّحَ بِسَبِّهِ وَإِضَافَةِ مَا لَا يَلِيقُ بِجَلَالِهِ وَإِلَهِيَّتِهِ فَأَمَّا مُفْتَرِي الْكَذِبِ الخ]

- ‌فصل (وأمّا من تكلّم من سقط القول)

- ‌فصل (وَحُكْمُ مَنْ سَبَّ سَائِرَ أَنْبِيَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وملائكته)

- ‌فصل (واعلم أن من استخفّ بالقرآن)

- ‌فصل [من سب آل بيته وأزواجه وأصحابه عليه الصلاة والسلام وتنقصهم حرام ملعون فاعله]

- ‌ نظم

- ‌فهرس محتويات الجزء الثاني من شرح الشفا

الفصل: ‌الباب الرابع [في حكم الصلاة عليه صلى الله تعالى عليه وسلم والتسليم]

‌الباب الرابع [في حكم الصلاة عليه صلى الله تعالى عليه وسلم والتسليم]

أي من القسم الثاني (في حكم الصّلاة عليه والتّسليم) أي عليه أو لديه واختير التسليم على السلام مع أن كليهما مصدر سلم لإفادة زيادة التوكيد ولتحقق مطابقة لفظ التنزيل صلوا عليه وسلموا تسليما (وفرض ذلك) أي فرضيته (وفضيلته) وفي نسخة وفضله أي فضل ذلك والمعنى في بيان الحكم في كميتها وكيفيتها واختلاف العلماء في حقيقتها (قَالَ اللَّهُ تَعَالَى إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِ

) [الأحزاب: 56] أي يعظمونه بالثناء عليه (الآية) تمامها يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً أي ادعوا له وقولوا اللهم صل وسلم عليه والواو تفيد الجمعية لا المعية كما عليه الأصولية وأرباب العربية فلا دلالة في الآية على كراهية افراد الصلاة عن السلام وعكسه كما ذهب إليه النووي واتباعه من الشافعية وقد أوضحت المسألة في رسالة مستقلة (قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ مَعْنَاهُ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يباركون على النّبيّ) أي أن الله يبارك له في أمره ويزيد في قدره وتدعو الملائكة ربه أن يرفع ذكره ويظهر أمره ففيه إشارة إلى أن في قوله يصلون مجازا مرسلا لا جمعا بين الحقيقة والمجاز ولا استعمال المشترك في معنييه كما هو مبين في الأصول لأهل الوصول (وقيل إنّ الله يترحّم على النبيّ) أي يبالغ في إنزال الرحمة عليه فكأنه يطلب من نفسه الرأفة إليه (وملائكة يدعون له) أي ويتواضعون لديه (قال المبرّد وأصل الصّلاة التّرحّم وهي) وفي نسخة فهي (من الله رحمة) أي انزالها وإيصالها (ومن الملائكة رقّة) أي موجبة للرحمة (واستدعاء للرّحمة من الله تعالى) أي على نبي الأمة وكاشف الغمة (وقد ورد) ويروى وقد روي (فِي الْحَدِيثِ صِفَةُ صَلَاةِ الْمَلَائِكَةِ عَلَى مَنْ جلس) أي في مسجد ونحوه (ينتظر الصّلاة) أي الآتية أو أذانها وإقامتها (اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ فَهَذَا دُعَاءٌ) لكنه يليق بالأمة ولا يبعد أن يكون دعاؤهم للنبي بأن يقولوا اللهم عظم شأنه وتمم برهانه وأكثر أمته وأظهر ملته وأرفع درجته (وقال بكر) وفي نسخة أَبُو بَكْرٍ (الْقُشَيْرِيُّ: الصَّلَاةُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى لمن دون النبيّ) أي لغيره (رحمة) أي عامة (وللنبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم تشريف) وهو رحمة خاصة (وَزِيَادَةُ تَكْرِمَةٍ. وَقَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ: صَلَاةُ اللَّهِ وثناؤه عليه عند الملائكة) أي المقربين (وصلاة الملائكة الدّعاء) أي بزيادة الإكرام والإنعام للنبي عليه الصلاة والسلام (قال القاضي أبو الفضل رحمه الله تعالى) يعني المصنف (وقد فرّق) بتشديد الراء وتخفيفها وهو أولى أي فصل (النبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم في حديث تعليم الصّلاة عليه بين لفظ الصّلاة ولفظ البركة) أي في الحديث الذي

ص: 105

رواه الشيخان وغيرهما من أصحاب السنن اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد (فدلّ أنّهما) أي الصلاة والبركة (بمعنيين) أي متغايرين لأن المراد بالصلاة الثناء وبالبركة كثرة الخير والنماء (وَأَمَّا التَّسْلِيمُ الَّذِي أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ عباده) أي بقوله وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً وهو يحتمل أن يكون بمعنى الانقياد كما قال تَعَالَى فَلا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً ويحتمل أن يراد به التسليم الذي بمعنى التحية فإن السلام تحية أهل الإسلام أو خصوص الدعاء بالسلامة من الآفة للنبي عليه الصلاة والسلام (فقال القاضي أبو بكر بن بكير) بضم موحدة فكاف مفتوحة فتحتية ساكنة (نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَرَ اللَّهُ أَصْحَابَهُ أَنْ يُسَلِّمُوا عليه) وكذا امرهم النبي أن يسلموا عليه في الصلاة بأن يقولوا السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ (وكذلك من بعدهم) أي من التابعين وغيرهم (أمروا) أي تبعا لهم (أن يسلّموا على النبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم عند حضورهم قبره) أي خصوصا (وعند ذكره) أي عموما (وفي معنى السّلام عليه ثلاثة وجوه: أحدها السّلامة لك) أي حاصلة لك أو السلامة الكاملة من الآفات الشاملة خاصة لك (ومعك) أي ومصحوبة معك لا تنفك عنك في جميع أحوالك (ويكون السّلام مصدرا) أي كالسلامة (كاللّذاذ واللّذاذة) فإنهما مصدران من لذيذ إلا أنهما من الثلاثي المجرد والأولان من المزيد (الثّاني) أي من الوجوه (أي السّلام) أي اسمه (على حفظك) أي محافظتك من موجبات قصورك (ورعايتك) أي مراعاة جميع أمورك (متولّ له) أي متصرف لما ذكر من حفظك ورعايتك أو متول عونه ونصره له (وكفيل به) أي ضمين بقيامه ومتكفل بنظام مرامه (ويكون هنا) أي في الوجه الثاني (السّلام اسم الله) أي مصدر وصف به مبالغة ومعناه ذو السلامة من كل نقص وآفة (الثّالث أنّ السّلام بمعنى المسالمة له) أي المصالحة والموافقة (والانقياد) أي بالإدغان وترك المخالفة (كما قال تعالى فَلا) أي فليس الأمر كما زعموا (وَرَبِّكَ) وقيل التقدير فوربك بشهادة فوربك لنسألنهم زيدت فيه لا لتأكيد القسم لا لتظاهر لا في (لا يُؤْمِنُونَ) جواب القسم لأن استواء النفي والإثبات في زيادتها للتاكيد كما في فَلا أُقْسِمُ بِما تُبْصِرُونَ وما لا تبصرون يأبى ذلك (حَتَّى يُحَكِّمُوكَ) أي يجعلوك حاكما (فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ) أي فيما وقع لهم من التنازع والاختلاف (ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً) أي ضيقا شرعا لا طبعا أو شكا (مِمَّا قَضَيْتَ أي حكمت به (وَيُسَلِّمُوا أي وينقادوا لما حكمت به (تَسْلِيماً)[النساء: 65] . مصدر مؤكد لفعله بمنزلة تكريره أي وينقادوا انقيادا ظاهرا وباطنا لا ريبة فيه.

ص: 106