المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل [في سيرة السلف في تعظيم رواية حديث رسول الله وسنته عليه الصلاة والسلام] - شرح الشفا - جـ ٢

[الملا على القاري]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الثّاني

- ‌[المقدمة]

- ‌(الْقِسْمُ الثَّانِي فِيمَا يَجِبُ عَلَى الْأَنَامِ مِنْ حقوقه صلى الله تعالى عليه وسلم)

- ‌الْبَابُ الْأَوَّلُ [فِي فَرْضِ الْإِيمَانِ بِهِ وَوُجُوبِ طاعته واتّباع سنّته]

- ‌فصل [وَأَمَّا وُجُوبُ طَاعَتِهِ فَإِذَا وَجَبَ الْإِيمَانُ بِهِ وتصديقه فيما جاء به]

- ‌فصل [وَأَمَّا وُجُوبُ اتِّبَاعِهِ وَامْتِثَالُ سُنَّتِهِ وَالِاقْتِدَاءُ بِهَدْيِهِ]

- ‌فصل [وأما وَرَدَ عَنِ السَّلَفِ وَالْأَئِمَّةِ مِنِ اتِّبَاعِ سُنَّتِهِ]

- ‌فصل [وَمُخَالَفَةُ أَمْرِهِ وَتَبْدِيلُ سُنَّتِهِ ضَلَالٌ وَبِدْعَةٌ مُتَوَعَّدٌ من الله تعالى عليه بالخذلان والعذاب]

- ‌الباب الثاني [في لزوم محبته عليه الصلاة والسلام]

- ‌فصل [في ثواب محبته صلى الله تعالى عليه وسلم]

- ‌فصل [فِيمَا رُوِيَ عَنِ السَّلَفِ وَالْأَئِمَّةِ مِنْ مَحَبَّتِهِمْ للنبي صلى الله تعالى عليه وسلم]

- ‌فصل [في علامات محبته صلى الله تعالى عليه وسلم]

- ‌فصل [في معنى المحبة للنبي صلى الله تعالى عليه وسلم وحقيقتها]

- ‌فصل [في وجوب مناصحته صلى الله تعالى عليه وسلم]

- ‌الْبَابُ الثَّالِثُ [فِي تَعْظِيمِ أَمْرِهِ وَوُجُوبِ تَوْقِيرِهِ وبره]

- ‌فصل [في عادة الصحابة في تعظيمه عليه الصلاة والسلام وتوقيره وإجلاله]

- ‌فصل [واعلم أن حرمة النبي بعد موته وتوقيره وتعظيمه لازم]

- ‌فصل [فِي سِيرَةِ السَّلَفِ فِي تَعْظِيمِ رِوَايَةِ حَدِيثِ رسول الله وسنته عليه الصلاة والسلام]

- ‌فصل [ومن توقيره صلى الله تعالى عليه وسلم وبره بر آله]

- ‌فصل [ومن توقيره وبره توقير أصحابه عليه الصلاة والسلام]

- ‌فصل [ومن إعظامه وإكباره إعظام جميع أسبابه]

- ‌الباب الرابع [في حكم الصلاة عليه صلى الله تعالى عليه وسلم والتسليم]

- ‌فصل [اعلم أن الصلاة على النبي فرض في الجملة]

- ‌فصل [في المواطن التي تستحب فيها الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ويرغب فيها]

- ‌فصل [في كيفية الصلاة عليه والتسليم]

- ‌فصل (في فضيلة الصلاة على النبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم والتسليم عليه والدّعاء له)

- ‌فصل (فِي ذَمِّ مَنْ لَمْ يُصَلِّ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله تعالى عليه وسلم وإثمه)

- ‌فصل [في تخصيصه عليه الصلاة والسلام بتبليغ صلاة من صلى عليه صلاة أو سلم من الأنام]

- ‌فصل (فِي الِاخْتِلَافِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى غَيْرِ النَّبِيِّ صلى الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

- ‌فصل (فِي حُكْمِ زِيَارَةِ قَبْرِهِ صلى الله عليه وسلم وَفَضِيلَةِ مَنْ زَارَهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ

- ‌فصل (فِيمَا يَلْزَمُ مَنْ دَخَلَ مَسْجِدَ النَّبِيِّ صَلَّى الله تعالى عليه وسلم من الأدب)

- ‌الْقِسْمُ الثَّالِثُ [فِيمَا يَجِبُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ تعالى عليه وسلم وما يستحيل في حقه وما يمتنع]

- ‌الْبَابُ الْأَوَّلُ (فِيمَا يَخْتَصُّ بِالْأُمُورِ الدِّينِيَّةِ وَالْكَلَامُ فِي عِصْمَةِ نَبِيِّنَا عليه الصلاة والسلام وَسَائِرِ الأنبياء صلوات الله عليهم

- ‌فصل (فِي حُكْمِ عَقْدِ قَلْبِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ تعالى عليه وسلم)

- ‌فصل (وأمّا عصمتهم من هذا الفنّ)

- ‌فصل [قال القاضي أبو الفضل قد بان مما قدمناه عقود الأنبياء في التوحيد والإيمان]

- ‌فصل [وَاعْلَمْ أَنَّ الْأُمَّةَ مُجْمِعَةٌ عَلَى عِصْمَةِ النَّبِيِّ من الشيطان إلى آخره]

- ‌فصل [وأما قوله صلى الله تعالى عليه وسلم فقامت الدلائل إلى آخره]

- ‌فصل [وقد توجهت ههنا لبعض الطاعنين سؤالات]

- ‌فصل [فصل هذا القول فيما طريقه البلاغ]

- ‌فصل (فإن قلت فما معنى قوله عليه الصلاة والسلام في حديث السّهو)

- ‌فصل (وأمّا ما يتعلّق بالجوارح)

- ‌فصل [وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي عِصْمَتِهِمْ مِنَ الْمَعَاصِي قَبْلَ النبوة]

- ‌فصل [هَذَا حُكْمُ مَا تَكُونُ الْمُخَالَفَةُ فِيهِ مِنَ الْأَعْمَالِ عَنْ قَصْدٍ وَهُوَ مَا يُسَمَّى مَعْصِيَةً ويدخل تحت التكليف]

- ‌فصل (فِي الْكَلَامِ عَلَى الْأَحَادِيثِ الْمَذْكُورِ فِيهَا السَّهْوُ

- ‌فصل (فِي الرَّدِّ عَلَى مَنْ أَجَازَ عَلَيْهِمُ الصَّغَائِرَ

- ‌فصل (فَإِنْ قُلْتَ فَإِذَا نَفَيْتَ عَنْهُمْ صَلَوَاتُ اللَّهِ عليهم الذّنوب)

- ‌فصل [قد استبان لك أيها الناظر بما قررناه ما هو الحق من عصمته عليه السلام]

- ‌فصل (في القول في عصمة الملائكة)

- ‌الْبَابُ الثَّانِي [فِيمَا يَخُصُّهُمْ فِي الْأُمُورِ الدُّنْيَوِيَّةِ]

- ‌فصل [فَإِنْ قُلْتَ فَقَدْ جَاءَتِ الْأَخْبَارُ الصَّحِيحَةُ أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام سحر]

- ‌فصل [هذا حاله عليه الصلاة والسلام في جسمه]

- ‌فصل [وَأَمَّا مَا يَعْتَقِدُهُ فِي أُمُورِ أَحْكَامِ الْبَشَرِ إلى آخره]

- ‌فصل [وَأَمَّا أَقْوَالُهُ الدُّنْيَوِيَّةُ مِنْ أَخْبَارِهِ عَنْ أَحْوَالِهِ]

- ‌فصل (فَإِنْ قُلْتَ قَدْ تَقَرَّرَتْ عِصْمَتُهُ صَلَّى اللَّهُ تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَقْوَالِهِ فِي جَمِيعِ أَحْوَالِهِ)

- ‌فصل (فَإِنْ قِيلَ فَمَا وَجْهُ حَدِيثِهِ أَيْضًا الَّذِي حدّثناه الفقيه أبو محمد الخشنيّ)

- ‌فصل (وأمّا أفعاله عليه الصلاة والسلام الدّنيويّة)

- ‌فصل [فَإِنْ قِيلَ فَمَا الْحِكْمَةُ فِي إِجْرَاءِ الْأَمْرَاضِ وشدتها عليه عليه الصلاة والسلام]

- ‌الْقِسْمُ الرَّابِعُ (فِي تَصَرُّفِ وُجُوهِ الْأَحْكَامِ فِيمَنْ تنقّصه أو سبّه عليه الصلاة والسلام

- ‌الْبَابُ الْأَوَّلُ (فِي بَيَانِ مَا هُوَ فِي حقّه صلى الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبٌّ أَوْ نَقْصٌ مِنْ تَعْرِيضٍ أو نصّ)

- ‌فصل (فِي الْحُجَّةِ فِي إِيجَابِ قَتْلِ مَنْ سَبَّهُ أو عابه صلى الله تعالى عليه وسلم)

- ‌فصل (فَإِنْ قُلْتَ فَلِمَ لَمْ يَقْتُلِ النَّبِيُّ صَلَّى الله تعالى عليه وسلم اليهوديّ الّذي قال له)

- ‌فصل (قَالَ الْقَاضِي تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي قَتْلِ الْقَاصِدِ لسبّه)

- ‌فصل [أن يقصد إلى تكذيبه فيما قاله إلى آخره]

- ‌فصل (الْوَجْهُ الرَّابِعُ أَنْ يَأْتِيَ مِنَ الْكَلَامِ بِمُجْمَلٍ)

- ‌فصل [أَنْ لَا يَقْصِدَ نَقْصًا وَلَا يَذْكُرَ عَيْبًا ولا سبا لكنه ينزع إلى آخره]

- ‌فصل [أَنْ يَقُولَ الْقَائِلُ ذَلِكَ حَاكِيًا عَنْ غَيْرِهِ وآثرا عن سواه]

- ‌فصل [أن يذكر ما يجوز على النبي أو يختلف في جوازه عليه]

- ‌فصل (وَمِمَّا يَجِبُ عَلَى الْمُتَكَلِّمِ فِيمَا يَجُوزُ عَلَى النّبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم وما لا يجوز)

- ‌الْبَابُ الثَّانِي [فِي حُكْمِ سَابِّهِ وَشَانِئِهِ وَمُتَنَقِّصِهِ ومؤذيه]

- ‌فصل (إذا قلنا بالاستتابة حيث تصحّ)

- ‌فصل (هذا حكم من ثبت عليه ذلك)

- ‌فصل [هذا حكم المسلم]

- ‌فصل (فِي مِيرَاثِ مَنْ قُتِلَ فِي سَبِّ النَّبِيِّ صلى الله تعالى عليه وسلم وغسله والصلاة عليه)

- ‌الْبَابُ الثَّالِثُ (فِي حُكْمِ مَنْ سَبَّ اللَّهَ تعالى وملائكته وأنبياءه وكتبه وآل النبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم وأزواجه وصحبه

- ‌فصل (وَأَمَّا مَنْ أَضَافَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى مَا لَا يَلِيقُ بِهِ لَيْسَ عَلَى طَرِيقِ السَّبِّ)

- ‌فصل [فِي تَحْقِيقِ الْقَوْلِ فِي إِكْفَارِ الْمُتَأَوِّلِينَ قَدْ ذكرنا مذاهب السلف وإكفار أصحاب البدع والأهواء]

- ‌فصل (فِي بَيَانِ مَا هُوَ مِنَ الْمَقَالَاتِ كُفْرٌ وَمَا يُتَوَقَّفُ أَوْ يُخْتَلَفُ فِيهِ وَمَا لَيْسَ بكفر)

- ‌فصل [هَذَا حُكْمُ الْمُسْلِمِ السَّابِّ لِلَّهِ تَعَالَى وَأَمَّا الذمي الخ]

- ‌فصل [هَذَا حُكْمُ مَنْ صَرَّحَ بِسَبِّهِ وَإِضَافَةِ مَا لَا يَلِيقُ بِجَلَالِهِ وَإِلَهِيَّتِهِ فَأَمَّا مُفْتَرِي الْكَذِبِ الخ]

- ‌فصل (وأمّا من تكلّم من سقط القول)

- ‌فصل (وَحُكْمُ مَنْ سَبَّ سَائِرَ أَنْبِيَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وملائكته)

- ‌فصل (واعلم أن من استخفّ بالقرآن)

- ‌فصل [من سب آل بيته وأزواجه وأصحابه عليه الصلاة والسلام وتنقصهم حرام ملعون فاعله]

- ‌ نظم

- ‌فهرس محتويات الجزء الثاني من شرح الشفا

الفصل: ‌فصل [في سيرة السلف في تعظيم رواية حديث رسول الله وسنته عليه الصلاة والسلام]

عينيه دموع ولقد رأيت الزّهريّ) وهو محمد بن شهاب (وكان من أهنا النّاس) بفتح همزة وسكون هاء فنون فهمزة أي ألطفهم في العشرة (وأقربهم) أي في المودة (فإذا ذكر عنده النبيّ صلى الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَأَنَّهُ مَا عَرَفَكَ وَلَا عَرَفْتَهُ) أي لتغير حاله واختلاف مقاله في مقام جلاله (لقد كنت آتي صفوان بن سليم) بالتصغير وهو الإمام القدوة المدني ممن يستشفي بذكره يروي عن ابن عمر وعبد الله بن جعفر وابن المسيب وعنه مالك وغيره (وكان من المتعبّدين المجتهدين) يقال إنه لم يضع جنبه على الأرض أربعين سنة (فإذا ذكر النبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم بكى) فإن البكاء هو الشفاء من العناء والشقاء والمعنى استمر على البكاء (حتّى يقوم النّاس عنه ويتركوه) أي حذرا من رؤيته على تلك الحالة المحزنة (وَرُوِيَ عَنْ قَتَادَةَ أَنَّهُ كَانَ إِذَا سَمِعَ الحديث) أي حديثه عليه الصلاة والسلام (أخذه العويل) بفتح المهملة وكسر الواو أي صوت الصدر بالبكاء (والزّويل) بفتح الزاء وكسر الواو أي القلق به والعناء وأصل الزويل عدم الاستقرار يقال زال عن مكانه يزول زوالا وزويلا (ولمّا كثر على مالك النّاس) أي اجتمعوا عليه بكثرة بعد ما كانوا بوصف قلة (قيل له لو جعلت مستمليا) أي مبلغا للناس (يسمعهم) من الاسماع أي ليسمع القوم كلهم لكثرتهم وبعد بعضهم وجواب لو مقدر أي لكان حسنا أو معناه التمني أي تمنينا جعلك أحدا مستمليا (فقال قال الله تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ)[الحجرات: 2] أي توقيرا له وتكريما وتعزيزا له وتعظيما (وحرمته حيّا وميّتا سواء) لأن فناءه في الحقيقة بقاء فإنه حي يرزق بدار اللقاء (وكان ابن سيرين) من أجلاء التابعين (ربّما يضحك) أي يتبسم (فَإِذَا ذُكِرَ عِنْدَهُ حَدِيثُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ تعالى عليه وسلم خشع) أي خاف وخضع وتواضع كذا في نسخة هنا والظاهر أنه مكرر لما سيأتي في الفصل الذي يليه (وكان عبد الرّحمن بن مهديّ) وهو أحد الأعلام في الحديث روى عنه أحمد قال ابن المديني أعلم الناس بالحديث هو عبد الرحمن بن مهدي وقال الزهري ما رأيت في يده كتابا يعني كان حافظا (إذا قرأ حديث النبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم أمرهم) أي الناس أو أصحابه (بالسكوت) أي رعاية لحرمته وعناية لفهم مقولته (وقال) أي عبد الرحمن مقتبسا من القرآن (لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ) يعني وكذا فوق صوت راوي حديثه (ويتأول أنه يجب له) أي لأجله (من الإنصات عند قراءة حديثه) أي روايته بعد مماته (ما يجب له عند سماع قوله) أي كلام نفسه في حال حياته.

‌فصل [فِي سِيرَةِ السَّلَفِ فِي تَعْظِيمِ رِوَايَةِ حَدِيثِ رسول الله وسنته عليه الصلاة والسلام]

(في سيرة السلف) أي طريقتهم (فِي تَعْظِيمِ رِوَايَةِ حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى الله تعالى عليه وسلم وسنته) ولعله أراد بالحديث قوله وبالسنة فعله (حدّثنا الحسين بن محمّد الحافظ) أي ابن سكرة (حدّثنا أبو الفضل بن خيرون) بفتح أوله المعجم فسكون تحتية فضم راء يمنع

ص: 75

وقد يصرف (حدّثنا أبو بكر البرقانيّ) بفتح الموحدة هو الحافظ الإمام أحد الأعلام أحمد بن محمد بن غالب الخوارزمي الشافعي شيخ بغداد صنف التصانيف وخرج على الصحيحين روى عنه البيهقي والخطيب وأبو إسحاق الشيرازي قال الخطيب كتبنا عنه توفي ببغداد سنة خمس وعشرين وأربعمائة (وغيره) أي من المشايخ (حدّثنا أبو الحسن الدّارقطنيّ) بفتح الراء ويسكن وهو الحافظ الإمام شيخ الإسلام المنسوب إلى دار قطن محلة ببغداد (حدّثنا عليّ بن مبشرّ) بفتح ميم وسكون موحدة وكسر معجمة (حدّثنا أحمد بن سنان) بكسر أوله وتنوين آخره (القطّان) بفتح القاف وتشديد الطاء هو الحافظ أبو جعفر الواسطي روى عنه الشيخان وغيرهما قال ابن أبي حاتم هو إمام أهل زمانه (حدّثنا يزيد بن هارون) وهو أبو خالد الواسطي السلمي أحد الأعلام قال أحمد حافظ متقن وقال ابن المديني ما رأيت احفظ منه وقال العجلي ثبت متعبد حسن الصلاة جدا يصلي الضحى ست عشرة ركعة وقد عمي (حدّثنا المسعودي) أي عبد الرحمن بن عتبة الكوفي أحد الأعلام روى عنه ابن المبارك ووكيع ثقة كثير الحديث توفي سنة ستين ومائة (عن مسلم البطين) بفتح الموحدة وكسر المهملة أبو عبد الله مسلم بن عمران الكوفي يروي عن أبي وائل وعلي بن الحسين وأبي عبد الرحمن السلمي والأعمش وابن عون وثقه أحمد وغيره (عن عمرو بن ميمون) هو الأزدي يروي عن عمر ومعاذ وطائفة وكان كثير الحج والعبادة (قال) أي عمرو بن ميمون كما في رواية الدارمي (اختلفت إلى ابن مسعود رضي الله تعالى عنه) أي ترددت إلى خدمته (سَنَةً فَمَا سَمِعْتُهُ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله تعالى عليه وسلم) أي بصريح اسمه وكأنه كان يكتفي بضمير اسمه (إلّا أنّه حدّث يوما) أي وقتا من زمانه (ثم جرى عَلَى لِسَانِهِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تعالى عليه وسلم ثمّ علاه كرب) بفتح وسكون أي غلبه غم يأخذ بالنفس (حتّى رأيت العرق يتحدّر) بتشديد الدال وفي نسخة ينحدر بالنون أي يسيل نازلا (عن جبهته) أي من جهة كثرته (ثمّ قال) أي ابن مسعود رضي الله تعالى عنه حديثه الذي رويته لكم عنه عليه الصلاة والسلام (هكذا) أي بهذا اللفظ (إن شاء الله تعالى) أي لكمال احتياطه (أو فوق ذا) أي بقليل (أو ما دون ذا) أي ببعض شيء (أو ما هو قريب من ذا) أي مما أقوله في نقل هذا وهذا كله تفاديا من الدخول في قوله عليه الصلاة والسلام من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار وكان أبو الدرداء أيضا إذا حدث قال مثله وكان أنس رضي الله تعالى عنه إذا حدث قال أو كما قال (وفي رواية فتربّد وجهه) بتشديد الموحدة أي فتغير لون وجه ابن مسعود وزيد في نسخة إلى غبرة وهي سواد مشوب ببياض فإن الربدة لون إلى الغبرة قال الهروي يقال تربد لونه أي تلون وصار كلون الرماد (وفي رواية وقد) وفي نسخة فقد (تغرغرت عيناه) أي امتلأت عينا ابن مسعود دمعا يتردد فيهما من الغرغرة وهي في الأصل أن يجعل المشروب في الفم ويردد إلى الحلق من غير أن يبلع ومنه حديث أن الله تعالى يقبل توبة العبد ما لم يغرغر أي ما لم تبلغ روحه حلقومه تشبيها لها بالشيء الذي يتغرغر به المريض (وانتفخت أوداجه) جمع ودج هو

ص: 76

ما أحاط بالعنق من عروق الحلق التي يقطعها الذابح (وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُرَيْمٍ) مصغر قرم بالقاف أي مقدام في المعركة وعن علي انا أبو الحسن القرم المقدام في الرأيّ وهو في الأصل فحل الإبل والمعنى أنا فيهم بمنزلته (الأنصاريّ قاضي المدينة) أخرج له الترمذي فقط (مرّ مالك بن أنس) وهو إمام دار الهجرة (على أبي حازم) بكسر الزاء وحاؤه مهملة وهو سلمة بن دينار الأعرج أحد الأعلام يروي عن سهل بن سعد وابن المسيب وعنه مالك وأبو ضمرة قال ابن خزيمة ثقة لم يكن في زمانه مثله (وهو يحدّث) أي والحال أن أبا حازم يحدث عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم (فجازه) أي جاز الموضع أو الشيخ وهو بمعنى جاز به وجاوزه والمعنى لم يجلس إليه ليأخذ الحديث عنه (وقال) اعتذارا لمن أورد عليه السؤال بلسان القال أو ببيان الحال (إنّي لم أجد موضعا أجلس فيه) أي متأدبا (فكرهت أن آخذ) أي أسمع وأتحمل (حديث رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وأنا قائم) قال الدلجي والعجب منه رحمه الله تعالى أنه كان مع مبالغته في تعظيم حديث رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يقدم عليه عمل أهل المدينة وإن خالفه ويقول هذا لم يصحبه عمل فجعل العمل بحديثه صلى الله تعالى عليه وسلم مشروطا بعلم غيره مع قوله تعالى وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ولم يوافقه أحد من علماء الأمصار على ذلك قال الشافعي كنت أظن أنه لم يخالف رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم إلّا في ستة عشر حديثا فوجدته يعمل بالفرع ويترك الأصل فمكثت سنة استخير الله تعالى في مخالفته ولما خالفه سعى به المالكية إلى السلطان فأمره بأن يخرج من مصر فقال له اجلني ثلاثة أيام فأجله فليلة الثالث مات السلطان فمكث الشافعي وألف كتبه الجديدة بها إلى أن توفي بها تاسع عشرين من جمادى الآخرة سنة أربع ومائتين رحمه الله تعالى انتهى ولا يخفى أن المجتهد أسير الدليل وأصول الفقهاء مختلفة في التعليل فمذهب مالك إن عمل أهل المدينة بناء على أنهم أخذوا عن آبائهم من المهاجرين والأنصار التابعين لسيد الأبرار مقدم على حديث بظاهره يخالفهم فكأنه جعل عملهم بمنزلة اجماعهم وهذا يشبه اختلاف أصول علمائنا الحنفية وهو أن الراوي إذا عمل بخلاف روايته دل على أن حديثه منسوخ أو توهم في نقله ورجع عنه بفعله ونظير هذا عمل أهل مكة في الطواف بإرسال اليد حيث يكون بمنزلة الإجماع المانع من أن يكون وضع اليد فيه مستحبا بل يحكم فيه بأنه مكروه لكونه بدعة وأما قول الشافعي في حقه مع قلة أدبه فمحمول على ظنه به أنه كان يخالف ظاهر الأحاديث النبوية وهكذا شأن كل مجتهد بالنسبة إلى غيره من الأئمة مع أن الفضل للمتقدم بلا شبهة وقوله فوجدته يعمل بالفرع دون الأصل هو الفعل الذي لا يليق أن يصدر مثله من أرباب الفضل (وَقَالَ مَالِكٌ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابْنِ الْمُسَيَّبِ) بتشديد الياء المفتوحة وقد تكسر (فسأله) أي الرجل (عن حديث وهو) أي والحال أن ابن المسيب (مضطجع) أي واضع جنبه على الأرض (فجلس وحدّثه) ولعله كان مريضا فتكلف في جلوسه (فقال له الرّجل وددت) بكسر الدال الأولى أي أحببت

ص: 77

وتمنيت (أنّك لم تتعنّ) بالعين المهملة وتشديد النون أي لم تتعب ولم تتكلف العناء لنفسك بجلوسك (فَقَالَ إِنِّي كَرِهْتُ أَنْ أُحَدِّثَ عَنْ رَسُولِ الله صلى الله تعالى عليه وسلم وأنا مضطجع) جملة حالية (وروي) بصيغة المجهول أي نقل (عن محمّد بن سيرين) بمنع صرفه للعلمية وزيادة الياء والنون على مذهب الفارسي وهو أحد الأعلام يروي عن أبي هريرة وعمران بن الحصين ولم يسمع منه قاله الدارقطني وروايته عنه في الصحيح وقد تعقب الدارقطني النووي في شرح مسلم فقال بل هو معدود فيمن سمع منه انتهى وكان ثقة حجة كثير العلم ورعا بعيد الصيت قليل كان يصوم يوما ويفطر يوما وله سبعة أوراد في الليل وترجمته طويلة (أنّه قد يكون يضحك) أي مع أصحابه (فَإِذَا ذُكِرَ عِنْدَهُ حَدِيثُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ تعالى عليه وسلم خشع) أي ظاهرا وباطنا (وقال أبو مصعب) هو أحمد بن أبي بكر بن القاسم ابن الحارث بن زرارة بن مصعب بن عبد الرحمن بن عوف أبو مصعب الزهري العوفي قاضي المدينة وعالمها سمع مالكا وطائفة وعنه جماعة وهو ثقة حجة ولا عبرة بقول أبي خثيمة لابنه أحمد لا تكتب عن أبي مصعب واكتب عمن شئت (كان مالك بن أنس رضي الله تعالى عنه لَا يُحَدِّثُ بِحَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تعالى عليه وسلم إلّا وهو على وضوء) أي طهارة (إجلالا له) أي لحديثه عليه الصلاة والسلام (وحكى مالك ذلك) أي مثل ذلك (عن جعفر بن محمّد) وهو الصادق وقد تقدم (وقال مصعب بن عبد الله) أي ابن مصعب بن ثابت الزبيري (كَانَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ إِذَا حَدَّثَ عَنْ رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم) أي إذا أراد تحديثه عنه (توضّأ وتهيّأ) أي بالمشط ونحوه (ولبس ثيابه) أي غير ثياب البذلة (ثمّ يحدث قال مصعب فسئل) أي مالك (عن ذلك) أي عن سبب ما ذكر هنالك (فَقَالَ إِنَّهُ حَدِيثُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تعالى عليه وسلم) أي المقام مقام تحديثه عليه الصلاة والسلام فيجب التوقير على الأنام (قال مطرّف) بتشديد الراء المكسورة وهو ابن عبد الله بن مطرف بن سليمان بن يسار أبو مصعب اليساري المدني مولى ميمونة الهلالية وهو ابن أخت الإمام مالك ابن أنس يروي عن خاله ونافع القاري وعنه البخاري وأبو زرعة (كان إذا أتى النّاس مالكا) أي وقفوا على بابه (خرجت إليهم الجارية) أي الخادمة أولا بإذنه ليعلم من هو فيعامله بما يليق بشأنه من دخول أو خروج ونحوه (فتقول) أي الجارية (لهم يقول لكم الشّيخ تريدون) أي أتريدون (الحديث) أي نقل الأحاديث النبوية (أو المسائل) أي رواية الفروع الفقهية والاستفهام للاستعلام لا للتقدير كما وهم الدلجي على ما لا يخفي عند ذوي الأفهام (فإن قالوا المسائل) أي نريدها (خرج إليهم) أي على هيئته من غير تغير في حالته (وإن قالوا الحديث) أي نطلبه (دخل مغتسله) أي موضع اغتساله (واغتسل) أي غسلا كاملا أو توضا وضوءا كاملا أو معناه فتطهر (وتطيّب) الواو للمعية فلا ينافي كونه قبل قوله (ولبس ثيابا جددا) بضمتين جمع جديد حقيقة أو حكما فيشمل النظيف المغسول (ولبس ساجه) بالإضافة إلى ضميره أي طيلسانه وقيل الأخضر ههنا خاصة وفي القاموس هو الطيلسان الأخضر أو

ص: 78

الأسود (وتعمم) أي لبس عمامته (ووضع على رأسه رداءه وتلقى) بصيغة المجهول أي توضع (له منصّة) بكسر ميم ويفتح وبفتح نون وتشديد صاد مهملة سرير العروس وقيل مثل المخدة العالية وقيل المراد بها الكرسي (فيخرج فيجلس عليها وعليه الخشوع) أي آثاره من الخضوع (ولا يزال) قيل أي الشأن والظاهر أن الضمير لمالك (يبخّر) بتشديد الخاء المعجمة المفتوحة ويروى يتبخر (بالعود) ويعاد بِالْعُودِ (حَتَّى يَفْرَغَ مِنْ حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله تعالى عليه وسلم قال غيره) أي غير مطرف (ولم يكن) أي مالك رحمه الله (يَجْلِسُ عَلَى تِلْكَ الْمِنَصَّةِ إِلَّا إِذَا حَدَّثَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وسلم) أي بخلاف سائر العلوم من التفسير والفقه ونحوهما (قال ابن أبي أويس) وهو إسماعيل بن عبد الله بن أويس الأصبحي ابن أخت مالك بن أنس يروي عن خاله مالك وأبيه وجماعة وعنه الشيخان وعلي البغوي وطائفة قال أبو حاتم محله الصدق وضعفه النسائي (فقيل لمالك في ذلك) أي فسئل عن سبب ما فعله هنالك (فَقَالَ أُحِبُّ أَنْ أُعَظِّمَ حَدِيثَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله تعالى عليه وسلم ولا أحدث) بالنصب ويرفع (به) أي بحديثه عليه الصلاة والسلام (إلا على طهارة) أي كاملة (متمكنا) أي على حالة فاضلة لا متكئا ومعتمدا على شقة مائلة (قال) أي ابن أبي أويس (وكان) أي خاله مالك (يكره أن يحدّث) بكسر الدال المشددة أي يتكلم بالحديث النبوي (في الطّريق) أي سائرا (أو وهو قائم أو مستعجل) خوفا من الخطأ أو الخطل ومن ثمة قيل:

قد يدرك المتأني بعض حاجته

وقد يكون مع المستعجل الزلل

(وقال) أي مالك في تعليل ذلك (أحبّ أن أفهّم) بالتشديد أي الطالب (حديث رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم) بالوجه الأتم (قال ضرار بن مرّة) بضم ميم وتشديد راء أي أبو سنان الشيباني الكوفي يروي عن سعيد بن جبير وعنه شعبة ونحوه وكان من العباد والثقات (كانوا) أي السلف (يكرهون أن يحدّثوا) أي الحديث كما في نسخة (على غير وضوء) أي طهارة (ونحوه عن قتادة رضي الله تعالى عنه) أي وكان قتادة لا يحدث إلا على طهارة ولا يقرؤه إلّا على وضوء (وكان الأعمش) أي سليمان بن مهران (إذا حدّث) أي أَرَادَ أَنْ يُحَدِّثَ (وَهُوَ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ تَيَمَّمَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ كُنْتُ عند مالك) أي يوما (وَهُوَ يُحَدِّثُنَا فَلَدَغَتْهُ عَقْرَبٌ سِتَّ عَشْرَةَ مَرَّةً) كذا في النسخ المصححة ووقع في أصل الدلجي ستة عشر مرة فقال صوابه ست عشرة مرة إذ التاء إنما تلحق في مثل هذا التركيب ثاني جزأيه (وهو) أي مالك (يتغيّر لونه) أي من شدة الألم (ويصفرّ) أي وينحل إلى صفرة من أثر السم (وَلَا يَقْطَعُ حَدِيثَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تعالى عليه وسلم) أي محافظة على اكماله ومراعاة لإجلاله (فلمّا فرغ من المجلس) أي مجلس التحديث (وتفرّغ عنه النّاس) أي العامة (قُلْتُ لَهُ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ لَقَدْ رأيت منك اليوم عَجَبًا قَالَ نَعَمْ لَدَغَتْنِي عَقْرَبٌ سِتَّ عَشْرَةَ مَرَّةً وَأَنَا صَابِرٌ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ وَإِنَّمَا صبرت) أي هنالك (إجلالا لحديث رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم

ص: 79

قَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ مَشَيْتُ يَوْمًا مَعَ مَالِكٍ إلى العقيق) قال الجوهري كل مسيل شقه ماء السيل فهو عقيق وقال الحلبي العقيق واد عليه مال من أموال أهل المدينة وهو على ثلاثة أميال وقيل ميلين وقيل سبعة قال ابن وضاح وهما عقيقان أحدهما عقيق المدينة عق عن حرتها أي قطع وهو العقيق الأصغر وفيه بئر رومة والعقيق الآخر أكبر من هذا وفيه بئر على مقبرة منه وهو من بلاد مزينة وهو الذي أقطعه رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم بلال بن الحارث ثم اقطعه عمر الناس فعلى هذا تحمل المسافتان لا على الخلاف والعقيق الذي جاء فيه إنك بواد مبارك هو الذي ببطن وادي ذي الحليفة وهو الأقرب منها والعقيق ميقات أهل العراق موضع قريب من ذات عرق قبلها بمرحلة أو مرحلتين والظاهر أنه ليس المراد وإنما المراد واحد من التي بالمدينة ولعله الأول وفي بلاد العرب مواضع كثير تسمى العقيق والله ولي التوفيق (فسألته عن حديث فانتهرني) أي زجرني (وقال لي كنت في عيني أجلّ) أي أعظم (مِنْ أَنْ تَسْأَلَ عَنْ حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله تعالى عليه وسلم ونحن نمشي) جملة حالية (سأله) أي مالكا (جرير بن عبد الحميد القاضي) أي الضبي يروي عنه أحمد وإسحاق وابن معين وله مصنفات (عن حديث وهو قائم) حال من مالك أو من جرير (فأمر) أي مالك (بحسبه، فقيل له إنّه قاض فقال) أي مالك (قال: القاضي أحقّ من أدّب) بصيغة المجهول أي هو أولى ليتأدب به غيره أو ليتعلم الأدب قال الدلجي ودب كذا بالواو والأصل الهمزة يعني فأبدلت الهمزة واوا كما في وكد وأكد انتهى لكن لا أصل له هنا فإن الودب سوء الحال لا غير على ما في القاموس زيادة على الصحاح (وذكر) بصيغة المفعول أي وحكي (أنّ هشام بن الغازي) وفي نسخة الغاز بلا ياء قال الحلبي هذا هشام بن الغاز بن ربيعة الجوشني يروي عن مكحول وعطاء وقد توفي سنة ست وخمسين ومائة فهو معاصر لمالك وقد توفي قبل مالك والله تعالى أعلم بذلك وقال بعض الفضلاء لا نعلم لهشام بن الغازي رواية عن مالك رحمه الله تعالى وإنما الحكاية عن هشام بن عمار الدمشقي ونقل ذلك عن الحافظ الرشيد العطار انتهى فأخطأ الدلجي في جزمه بقوله وصوابه هشام بن عمار خطيب جامع دمشق ثم قوله وأما ابن الغاز فتابعي لم يرو عن مالك لموته قبل مالك غير صحيح لما ثبت قبل ذلك أنه كان معاصرا لمالك وهو لا ينافي موته قبل مالك ثم لا يبعد أنه سمع مالكا ولم يرو عنه ولعل هذه القضية سبب ذلك والحاصل أنه أو غيره (سأل مالكا عن حديث وهو واقف) أي قائم كما سبق (فضربه عشرين سوطا ثمّ أشفق عليه) أي حن عليه لما وقع له من الإهانة لديه (فحدّثه عشرين حديثا) أي استمالة لخاطره إليه وأما قول الدلجي أي خاف عليه لضربه إياه بلا ذنب يوجب ذلك فغير مستقيم لأنه يلزم من ذلك اسناد الذنب إلى مالك مع أن للأستاذ تأديب الطالب بما يرى هنالك (قال) وفي نسخة فقال (هشام وددت) بكسر الدال أي تمنيت وأحببت (لو زادني سياطا) أي كثيرة (ويزيدني حديثا) أي يدل كل سوط (قال عبد الله بن صالح) الظاهر أنه أبو صالح الجهني كاتب الليث روى عنه ابن معين والبخاري قال الفضل بن الشعراني ما رأيته إلّا يحدث أو يسبح (كَانَ مَالِكٌ وَاللَّيْثُ لَا يَكْتُبَانِ

ص: 80