الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لينجيه من السجن وما فيه من تعب المقام ونصب الملام، (وأيضا فإنّ مثل هذا) أي الإنساء (من فعل الشّيطان ليس فيه تسلّط) أي بالإغواء (على يوسف عليه الصلاة والسلام أي ولو كان حينئذ من الأنبياء (ويوشع) أي وعليه وهو ولد ولده (بوساوس) ويروى بوسواس (ونزغ) أي خطر من هواجس (وإنّما هو) أي فعل الشيطان (بشغل خواطرهما) أي بسببه وفي نسخة بصيغة المضارع وفي أخرى شغل بصيغة المصدر وفي أخرى اشتغال خَوَاطِرِهِمَا (بِأُمُورٍ أُخَرَ وَتَذْكِيرِهِمَا مِنْ أُمُورِهِمَا مَا ينسيهما ما نسيا؛ وأمّا قوله عليه الصلاة والسلام إِنَّ هَذَا وَادٍ بِهِ شَيْطَانٌ فَلَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ تَسَلُّطِهِ عَلَيْهِ وَلَا وَسْوَسَتِهِ لَهُ بَلْ إن كان بمقتضى ظاهره) أي سببا لغفلته (فقد بيّن أمر ذلك الشّيطان بقوله) في رواية مالك والبيهقي عن زيد بن اسلم (إنّ الشّيطان أتى بلالا) أي حين قال له صلى الله تعالى عليه وسلم اكلأ لنا الفجر أي احفظ وقته لنا (فلم يزل يهدّئه) بضم الياء وكسر الدال بالهمز من الاهداء أو التهدية أي يسكنه عن الحركة (كما يهدّأ الصّبي) بصيغة المجهول بأن يضرب عليه بالكف على وجه اللطف لينام من غير العنف (حتّى نام) أي بلال فلم يستيقظ حتى ضربهم حر الشمس فقال ما هذا يا بلال فقال أخذ بنفسي الذي أخذ بنفسك يا رسول الله (فَاعْلَمْ أَنَّ تَسَلُّطَ الشَّيْطَانِ فِي ذَلِكَ الْوَادِي الذي عرس به) بتشديد الراء أي نزل به في الليل أو آخره هو وأصحابه حين قفلوا من غزوهم أي رجعوا (إنّما كان) أي في الجملة (على بلال الموكّل بكلاءة الفجر) بكسر الكاف وفتح اللام ممدودة وفي نسخة بكلاءته الفجر أي حراسته ليخبرهم بطلوع الفجر ووقت صلاته، (هذا) أي التأويل (إِنْ جَعَلْنَا قَوْلَهُ إِنَّ هَذَا وَادٍ بِهِ شَيْطَانٌ تَنْبِيهًا عَلَى سَبَبِ النَّوْمِ عَنِ الصَّلَاةِ؛ وأمّا إن جعلناه) أي قوله ذلك (تَنْبِيهًا عَلَى سَبَبِ الرَّحِيلِ عَنِ الْوَادِي وَعِلَّةً لِتَرْكِ الصَّلَاةِ بِهِ وَهُوَ دَلِيلُ مَسَاقِ حَدِيثِ زيد بن أسلم) كما رواه مالك والبيهقي (فَلَا اعْتِرَاضَ بِهِ فِي هَذَا الْبَابِ لِبَيَانِهِ) أي بيان حديثهما (وارتفاع إشكاله) على منهج الصواب.
فصل [وأما قوله صلى الله تعالى عليه وسلم فقامت الدلائل إلى آخره]
(وأمّا أقواله صلى الله تعالى عليه وسلم فقامت) ويروى فقد قامت (الدّلالة) أي جنس الدلالات (اللائحة) وفي نسخة صحيحة الدلائل الواضحة (بصحّة المعجزة على صدقه) من الآيات الساطعة والبينات القاطعة كانشقاق القمر وغيره من خوارق العادة (وأجمعت الأمّة فيما كان طريقه البلاغ) أي تبليغ الشرائع والأحكام من الله الملك العلام لسائر الأنام (أنّه معصوم فيه من الإخبار) بكسر الهمزة أي الاعلام (عَنْ شَيْءٍ مِنْهَا بِخِلَافِ مَا هُوَ بِهِ) أي من المقصود والمرام والمعنى بخلاف الواقع (لا قصدا) أي بسبب (ولا عمدا) أي لا عن سبب (ولا سهوا) أي خطأ (ولا غلطا) أي نسيانا وفي نسخة لا قصدا أو عمدا ولا سهوا أو غلطا (أمّا تعمّد الخلف) بضم أوله وهو اخلاف الوعد وهو في الآتي كالكذب في الماضي وروي وأما تعمده بالخلف (في ذلك) أي فيما تقدم من أمر البلاغ (فمنتف) أي ممتنع عقلا ونقلا (بدليل
المعجزة القائمة مقام قول الله صدق) أي عبدي كما في نسخة (فيما قال اتّفاقا) بين علماء الأمة، (وبإطباق أهل الملّة إجماعا) أي في الجملة (وأمّا وقوعه) أي الخلف (عَلَى جِهَةِ الْغَلَطِ فِي ذَلِكَ فَبِهَذِهِ السَّبِيلِ) أي فمنتف أيضا بدليل المعجزة المذكورة أو بهذه الطريقة المسطورة بعينها (عند الأستاذ) بالدال المهملة وقيل بالمعجمة (أبي حامد «1» الإسفرايينّي) بكسر الهمزة وفتح الفاء بلدة بخراسان بنواحي نيسابور وهو إمام المتبحرين في علوم الدين كلاما وأصولا وفروعا وأبوابا وفصولا توفي بنيسابور يوم عاشوراء سنة ثماني عشرة وأربعمائة (ومن قال بقوله) أي ممن تابعه وشايعه في أنه منتف لصدوره (من جهة الإجماع فقط) لأنه حجة قاطعة (وورود الشّرع) أي ومنتف أيضا من جهة ورود الكتاب والسنة وفي نسخة وورد الشرع (بانتفاء ذلك الغلط) لقوله تعالى وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (وعصمة النّبيّ) أي ومنتف أيضا من جهة عصمته قطعا (لَا مِنْ مُقْتَضَى الْمُعْجِزَةِ نَفْسِهَا عِنْدَ الْقَاضِي أبي بكر الباقلانيّ) بكسر القاف وتشديد اللام وقد تقدم عليه الكلام وهو الإمام المالكي (ومن وافقه لاختلاف بينهم) أي بين الاستاذ والقاضي ومقلديهما (فِي مُقْتَضَى دَلِيلِ الْمُعْجِزَةِ لَا نُطَوِّلُ بِذِكْرِهِ) في هذا الباب (فنخرج عن غرض الكتاب) ونورث السآمة والملالة من الاطناب (فَلْنَعْتَمِدْ عَلَى مَا وَقَعَ عَلَيْهِ إِجْمَاعُ الْمُسْلِمِينَ أنّه لا يجوز عليه) أي على النبي صلى الله تعالى عليه وسلم (خلف في القول إِبْلَاغِ الشَّرِيعَةِ وَالْإِعْلَامِ بِمَا أَخْبَرَ بِهِ عَنْ ربّه ومّا أوحاه إليه) ويروى وبما أَوْحَاهُ إِلَيْهِ (مِنْ وَحْيِهِ لَا عَلَى وَجْهِ العمد ولا على غير عمد) أعاد حرف النفي سابقا ولا حقا تأكيدا لعدم جواز خلفه فيما ذكره حقا وصدقا (ولا في حال الرّضاء) بكسر الراء وتضم أي المحبة وفي نسخة حال الرضى وفي أخرى حين الرضى (والسّخط) بفتحين وبضم وكسر أي الغضب والكراهة (وَالصِّحَّةِ وَالْمَرَضِ، وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عمرو) أي ابن العاص بن وائل السهمي كما رواه أحمد وأبو داود والحاكم وصححه (قلت يا رسول الله اكتب) باستفهام مقدر أو مقرر بإبدال والمعنى أأكتب (كلّ ما أسمع منك قال نعم) اكتب عني كل ما سمعت مني (قُلْتُ فِي الرِّضَى وَالْغَضَبِ قَالَ نَعَمْ فَإِنِّي لا أقول في ذلك كلّه) أي في الذي أقوله (إلّا حقا) لما عصمه ربه من الزلل والخطل في القول والعمل (ولنرد) بفتح النون وكسر الراء من الورود أي ولنذكر (ما أشرنا) أي فيما حررنا (إليه من دليل المعجزة) ويروى في دليل المعجزة (عليه) أي على ما قررنا (بيانا) أي برهانا (فنقول إذا قامت المعجزة على صدقه) أي النبي (وَأَنَّهُ لَا يَقُولُ إِلَّا حَقًّا وَلَا يُبَلِّغُ) بالتشديد والتخفيف أي ولا يخبر (عن الله إلّا صدقا) بحيازته رعاية الأمانة وحماية الصيانة والديانة (وَأَنَّ الْمُعْجِزَةَ قَائِمَةٌ مَقَامَ قَوْلِ اللَّهِ لَهُ صدقت فيما تذكره عني) وروي مقام قول الله تعالى (صدق عبدي فيما يذكره) (وهو يقول
(1) هكذا وقع في نسخة هذا الشرح والصواب أبي إسحاق قاله المصحح ط.