المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل (وأما من أضاف إلى الله تعالى ما لا يليق به ليس على طريق السب) - شرح الشفا - جـ ٢

[الملا على القاري]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الثّاني

- ‌[المقدمة]

- ‌(الْقِسْمُ الثَّانِي فِيمَا يَجِبُ عَلَى الْأَنَامِ مِنْ حقوقه صلى الله تعالى عليه وسلم)

- ‌الْبَابُ الْأَوَّلُ [فِي فَرْضِ الْإِيمَانِ بِهِ وَوُجُوبِ طاعته واتّباع سنّته]

- ‌فصل [وَأَمَّا وُجُوبُ طَاعَتِهِ فَإِذَا وَجَبَ الْإِيمَانُ بِهِ وتصديقه فيما جاء به]

- ‌فصل [وَأَمَّا وُجُوبُ اتِّبَاعِهِ وَامْتِثَالُ سُنَّتِهِ وَالِاقْتِدَاءُ بِهَدْيِهِ]

- ‌فصل [وأما وَرَدَ عَنِ السَّلَفِ وَالْأَئِمَّةِ مِنِ اتِّبَاعِ سُنَّتِهِ]

- ‌فصل [وَمُخَالَفَةُ أَمْرِهِ وَتَبْدِيلُ سُنَّتِهِ ضَلَالٌ وَبِدْعَةٌ مُتَوَعَّدٌ من الله تعالى عليه بالخذلان والعذاب]

- ‌الباب الثاني [في لزوم محبته عليه الصلاة والسلام]

- ‌فصل [في ثواب محبته صلى الله تعالى عليه وسلم]

- ‌فصل [فِيمَا رُوِيَ عَنِ السَّلَفِ وَالْأَئِمَّةِ مِنْ مَحَبَّتِهِمْ للنبي صلى الله تعالى عليه وسلم]

- ‌فصل [في علامات محبته صلى الله تعالى عليه وسلم]

- ‌فصل [في معنى المحبة للنبي صلى الله تعالى عليه وسلم وحقيقتها]

- ‌فصل [في وجوب مناصحته صلى الله تعالى عليه وسلم]

- ‌الْبَابُ الثَّالِثُ [فِي تَعْظِيمِ أَمْرِهِ وَوُجُوبِ تَوْقِيرِهِ وبره]

- ‌فصل [في عادة الصحابة في تعظيمه عليه الصلاة والسلام وتوقيره وإجلاله]

- ‌فصل [واعلم أن حرمة النبي بعد موته وتوقيره وتعظيمه لازم]

- ‌فصل [فِي سِيرَةِ السَّلَفِ فِي تَعْظِيمِ رِوَايَةِ حَدِيثِ رسول الله وسنته عليه الصلاة والسلام]

- ‌فصل [ومن توقيره صلى الله تعالى عليه وسلم وبره بر آله]

- ‌فصل [ومن توقيره وبره توقير أصحابه عليه الصلاة والسلام]

- ‌فصل [ومن إعظامه وإكباره إعظام جميع أسبابه]

- ‌الباب الرابع [في حكم الصلاة عليه صلى الله تعالى عليه وسلم والتسليم]

- ‌فصل [اعلم أن الصلاة على النبي فرض في الجملة]

- ‌فصل [في المواطن التي تستحب فيها الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ويرغب فيها]

- ‌فصل [في كيفية الصلاة عليه والتسليم]

- ‌فصل (في فضيلة الصلاة على النبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم والتسليم عليه والدّعاء له)

- ‌فصل (فِي ذَمِّ مَنْ لَمْ يُصَلِّ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله تعالى عليه وسلم وإثمه)

- ‌فصل [في تخصيصه عليه الصلاة والسلام بتبليغ صلاة من صلى عليه صلاة أو سلم من الأنام]

- ‌فصل (فِي الِاخْتِلَافِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى غَيْرِ النَّبِيِّ صلى الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

- ‌فصل (فِي حُكْمِ زِيَارَةِ قَبْرِهِ صلى الله عليه وسلم وَفَضِيلَةِ مَنْ زَارَهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ

- ‌فصل (فِيمَا يَلْزَمُ مَنْ دَخَلَ مَسْجِدَ النَّبِيِّ صَلَّى الله تعالى عليه وسلم من الأدب)

- ‌الْقِسْمُ الثَّالِثُ [فِيمَا يَجِبُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ تعالى عليه وسلم وما يستحيل في حقه وما يمتنع]

- ‌الْبَابُ الْأَوَّلُ (فِيمَا يَخْتَصُّ بِالْأُمُورِ الدِّينِيَّةِ وَالْكَلَامُ فِي عِصْمَةِ نَبِيِّنَا عليه الصلاة والسلام وَسَائِرِ الأنبياء صلوات الله عليهم

- ‌فصل (فِي حُكْمِ عَقْدِ قَلْبِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ تعالى عليه وسلم)

- ‌فصل (وأمّا عصمتهم من هذا الفنّ)

- ‌فصل [قال القاضي أبو الفضل قد بان مما قدمناه عقود الأنبياء في التوحيد والإيمان]

- ‌فصل [وَاعْلَمْ أَنَّ الْأُمَّةَ مُجْمِعَةٌ عَلَى عِصْمَةِ النَّبِيِّ من الشيطان إلى آخره]

- ‌فصل [وأما قوله صلى الله تعالى عليه وسلم فقامت الدلائل إلى آخره]

- ‌فصل [وقد توجهت ههنا لبعض الطاعنين سؤالات]

- ‌فصل [فصل هذا القول فيما طريقه البلاغ]

- ‌فصل (فإن قلت فما معنى قوله عليه الصلاة والسلام في حديث السّهو)

- ‌فصل (وأمّا ما يتعلّق بالجوارح)

- ‌فصل [وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي عِصْمَتِهِمْ مِنَ الْمَعَاصِي قَبْلَ النبوة]

- ‌فصل [هَذَا حُكْمُ مَا تَكُونُ الْمُخَالَفَةُ فِيهِ مِنَ الْأَعْمَالِ عَنْ قَصْدٍ وَهُوَ مَا يُسَمَّى مَعْصِيَةً ويدخل تحت التكليف]

- ‌فصل (فِي الْكَلَامِ عَلَى الْأَحَادِيثِ الْمَذْكُورِ فِيهَا السَّهْوُ

- ‌فصل (فِي الرَّدِّ عَلَى مَنْ أَجَازَ عَلَيْهِمُ الصَّغَائِرَ

- ‌فصل (فَإِنْ قُلْتَ فَإِذَا نَفَيْتَ عَنْهُمْ صَلَوَاتُ اللَّهِ عليهم الذّنوب)

- ‌فصل [قد استبان لك أيها الناظر بما قررناه ما هو الحق من عصمته عليه السلام]

- ‌فصل (في القول في عصمة الملائكة)

- ‌الْبَابُ الثَّانِي [فِيمَا يَخُصُّهُمْ فِي الْأُمُورِ الدُّنْيَوِيَّةِ]

- ‌فصل [فَإِنْ قُلْتَ فَقَدْ جَاءَتِ الْأَخْبَارُ الصَّحِيحَةُ أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام سحر]

- ‌فصل [هذا حاله عليه الصلاة والسلام في جسمه]

- ‌فصل [وَأَمَّا مَا يَعْتَقِدُهُ فِي أُمُورِ أَحْكَامِ الْبَشَرِ إلى آخره]

- ‌فصل [وَأَمَّا أَقْوَالُهُ الدُّنْيَوِيَّةُ مِنْ أَخْبَارِهِ عَنْ أَحْوَالِهِ]

- ‌فصل (فَإِنْ قُلْتَ قَدْ تَقَرَّرَتْ عِصْمَتُهُ صَلَّى اللَّهُ تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَقْوَالِهِ فِي جَمِيعِ أَحْوَالِهِ)

- ‌فصل (فَإِنْ قِيلَ فَمَا وَجْهُ حَدِيثِهِ أَيْضًا الَّذِي حدّثناه الفقيه أبو محمد الخشنيّ)

- ‌فصل (وأمّا أفعاله عليه الصلاة والسلام الدّنيويّة)

- ‌فصل [فَإِنْ قِيلَ فَمَا الْحِكْمَةُ فِي إِجْرَاءِ الْأَمْرَاضِ وشدتها عليه عليه الصلاة والسلام]

- ‌الْقِسْمُ الرَّابِعُ (فِي تَصَرُّفِ وُجُوهِ الْأَحْكَامِ فِيمَنْ تنقّصه أو سبّه عليه الصلاة والسلام

- ‌الْبَابُ الْأَوَّلُ (فِي بَيَانِ مَا هُوَ فِي حقّه صلى الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبٌّ أَوْ نَقْصٌ مِنْ تَعْرِيضٍ أو نصّ)

- ‌فصل (فِي الْحُجَّةِ فِي إِيجَابِ قَتْلِ مَنْ سَبَّهُ أو عابه صلى الله تعالى عليه وسلم)

- ‌فصل (فَإِنْ قُلْتَ فَلِمَ لَمْ يَقْتُلِ النَّبِيُّ صَلَّى الله تعالى عليه وسلم اليهوديّ الّذي قال له)

- ‌فصل (قَالَ الْقَاضِي تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي قَتْلِ الْقَاصِدِ لسبّه)

- ‌فصل [أن يقصد إلى تكذيبه فيما قاله إلى آخره]

- ‌فصل (الْوَجْهُ الرَّابِعُ أَنْ يَأْتِيَ مِنَ الْكَلَامِ بِمُجْمَلٍ)

- ‌فصل [أَنْ لَا يَقْصِدَ نَقْصًا وَلَا يَذْكُرَ عَيْبًا ولا سبا لكنه ينزع إلى آخره]

- ‌فصل [أَنْ يَقُولَ الْقَائِلُ ذَلِكَ حَاكِيًا عَنْ غَيْرِهِ وآثرا عن سواه]

- ‌فصل [أن يذكر ما يجوز على النبي أو يختلف في جوازه عليه]

- ‌فصل (وَمِمَّا يَجِبُ عَلَى الْمُتَكَلِّمِ فِيمَا يَجُوزُ عَلَى النّبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم وما لا يجوز)

- ‌الْبَابُ الثَّانِي [فِي حُكْمِ سَابِّهِ وَشَانِئِهِ وَمُتَنَقِّصِهِ ومؤذيه]

- ‌فصل (إذا قلنا بالاستتابة حيث تصحّ)

- ‌فصل (هذا حكم من ثبت عليه ذلك)

- ‌فصل [هذا حكم المسلم]

- ‌فصل (فِي مِيرَاثِ مَنْ قُتِلَ فِي سَبِّ النَّبِيِّ صلى الله تعالى عليه وسلم وغسله والصلاة عليه)

- ‌الْبَابُ الثَّالِثُ (فِي حُكْمِ مَنْ سَبَّ اللَّهَ تعالى وملائكته وأنبياءه وكتبه وآل النبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم وأزواجه وصحبه

- ‌فصل (وَأَمَّا مَنْ أَضَافَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى مَا لَا يَلِيقُ بِهِ لَيْسَ عَلَى طَرِيقِ السَّبِّ)

- ‌فصل [فِي تَحْقِيقِ الْقَوْلِ فِي إِكْفَارِ الْمُتَأَوِّلِينَ قَدْ ذكرنا مذاهب السلف وإكفار أصحاب البدع والأهواء]

- ‌فصل (فِي بَيَانِ مَا هُوَ مِنَ الْمَقَالَاتِ كُفْرٌ وَمَا يُتَوَقَّفُ أَوْ يُخْتَلَفُ فِيهِ وَمَا لَيْسَ بكفر)

- ‌فصل [هَذَا حُكْمُ الْمُسْلِمِ السَّابِّ لِلَّهِ تَعَالَى وَأَمَّا الذمي الخ]

- ‌فصل [هَذَا حُكْمُ مَنْ صَرَّحَ بِسَبِّهِ وَإِضَافَةِ مَا لَا يَلِيقُ بِجَلَالِهِ وَإِلَهِيَّتِهِ فَأَمَّا مُفْتَرِي الْكَذِبِ الخ]

- ‌فصل (وأمّا من تكلّم من سقط القول)

- ‌فصل (وَحُكْمُ مَنْ سَبَّ سَائِرَ أَنْبِيَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وملائكته)

- ‌فصل (واعلم أن من استخفّ بالقرآن)

- ‌فصل [من سب آل بيته وأزواجه وأصحابه عليه الصلاة والسلام وتنقصهم حرام ملعون فاعله]

- ‌ نظم

- ‌فهرس محتويات الجزء الثاني من شرح الشفا

الفصل: ‌فصل (وأما من أضاف إلى الله تعالى ما لا يليق به ليس على طريق السب)

مفتوحة أي قيده وتعلقه (من عنقه) فيستتاب فإن تاب وإلا قتل وفي الحديث من فارق الْجَمَاعَةَ قَيْدَ شِبْرٍ فَقَدْ خَلَعَ رِبْقَةَ الْإِسْلَامِ من عنقه (بخلاف الأوّل المتمسك) وفي نسخة المستمسك (به) أي بالإسلام فإنه بمجرد سبه تعالى لم يعلم أنه خلع ربقته من عنقه لتمسكه ظاهرا كذا ذكره الدلجي فساده ظاهر لا يخفى (وحكم هذا) المنتقل (حكم المرتد يستتاب على مشهور مذهب) وفي نسخة مذاهب (العلماء) ونسخة مذاهب أكثر أهل العلم كأبي حنيفة والشافعي وأحمد (وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ قبل) أي قبل ذلك في أوائل الباب (وذكرنا الخلاف في فضوله) بسبب الاختلاف في بعض أصوله وأغرب الدلجي في قوله أي في فصوله الآتية بعد.

‌فصل (وَأَمَّا مَنْ أَضَافَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى مَا لَا يَلِيقُ بِهِ لَيْسَ عَلَى طَرِيقِ السَّبِّ)

حال من الضمير قبله (ولا الرّدّة) وفي نسخ ولا على الردة (وقصد الكفر ولكن ذلك) المضاف (على طريق التّأويل) الفاسد (والاجتهاد) الكاسد (والخطأ المفضي) وفي نسخة واجتهاد الخطأ المفضي أي الموصل (إلى الهوى) أي هوى النفس (والبدعة) من بدع الضلالة الناشئة عن الجهالة بتحقيق الكتاب والسنة (من تشبيه) بيان لما لا يليق به سبحانه كتشبيه المجسمة له سبحانه وتعالى من أنه على صورة ثياب في جهة العلو مماسا للعرش أو محاذيا له (أو نعت بجارحة كالوجه والعين) واليد واليمين والقبضة والجنب والاستواء والنزول ونحوها من حملها على ظاهرها من غير تنزيه ولا تأويل (أو نفي صفة كمال) كنفي المعتزلة صفاته القديمة الذاتية حذرا من تعدد القدماء وأما ما ذهب إليه بعض الحكماء من أنه تعالى يعلم الكليات دون الجزئيات فليس في كفر قائله خلاف للعلماء (فهذا) الذي أضيف إليه تعالى عليه التأويل في التنزيل (مِمَّا اخْتَلَفَ السَّلَفُ وَالْخَلَفُ فِي تَكْفِيرِ قَائِلِهِ ومعتقده) والحق عند الأشعري وأكثر أصحابه وأكثر الفقهاء كأبي حنيفة لا يكفر وبعدم تكفيره يشعر قول الشافعي لا أرد شهادة أهل الأهواء إلا الخطابية لاستحلالهم الكذب في الشهادة بناء على غلبة الظن وقد أوضحت المبحث في شرح الفقه الأكبر (واختلف قول مالك وأصحابه في ذلك) أي هل يكفر معتقده أم لا وسيأتي قريبا (ولم يختلفوا) أي أصحاب مالك أو سائر العلماء لذلك (في قتالهم إذا تحيّزوا) أي انفردوا (فئة) أي جماعة مجتمعة بمكان معين منعزلين عن أهل الحق لإشعار ذلك بمخالفتهم ومناواتهم وإظهار معاداتهم كالخوارج في زمن علي كرم الله وجهه والروافض في زماننا خذلهم الله سبحانه وتعالى (وَأَنَّهُمْ يُسْتَتَابُونَ فَإِنْ تَابُوا وَإِلَّا قُتِلُوا وَإِنَّمَا اختلفوا) أي أصحاب مالك (في المنفرد منهم فأكثر قول مالك) أي المنقول عنه (وأصحابه ترك القول بتكفيرهم وترك قتلهم) بالرفع (والمبالغة) بالرفع (فِي عُقُوبَتِهِمْ وَإِطَالَةُ سِجْنِهِمْ حَتَّى يَظْهَرَ إِقْلَاعُهُمْ) أي إعراضهم عنه ورجوعهم منه (وتستبين توبتهم) إلا أن الرافضة القائلين بالتقية لا يتحقق منهم

ص: 491

التوبة الباطنية (كَمَا فَعَلَ عُمَرُ رضي الله عنه بِصَبِيغٍ) بفتح مهملة وكسر موحدة فتحتية ساكنة فغير معجمية تميمي بصري خارجي الرأي وكان يتبع مشكل القرآن ويسأل الناس عنه وكان كما أخبر الله به في كتابه فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ فقدم على عمر رضي الله تعالى عنه وكان أعدله جرائد ليضربه بهن فلما جلس بين يدي عمر قال له من أنت قال له أنا عبد الله صبيغ فقال له عمر وأنا عبد الله عمر فضربه عمر حتى شجه بتلك العراجين فجعل الدم يسيل على وجهه فقال حسبك يا أمير المؤمنين فقد والله ذهب ما كنت أجده في رأسي وفي رواية ضربه عمر حتى صار ظهره كالبردعة ثم سجنه حتى قارب البرء ثم ضربه كذلك ثم سجنه فقال لهأن أردت قلتى فاقتلني وإلا فقد شفيتني شفاك الله فأرسله عمر ونهى أن يجالس فكان بالبصرة لا يكلمه أحد ولا يجالسه ولا يرد على خلقة إلا قاموا وتركوه وكان مع ذلك وافر الشعر لا يحلق رأسه (وهذا) أي القول بالمبالغة في عقوبتهم (قول محمد بن الموّاز في الخوارج) وهم فرق شتى متفقون على أن من أذنب صغيرة أو كبيرة فقد كفر وهم يكفرون عثمان وعلياء وطلحة والزبير وعائشة ويعظمون أبا بكر وعمر ذكره فخر الدين الرازي (وعبد الملك بن الماجشون) بالجر أي وقوله (وقول سحنون) بالرفع أي وكذا قوله (في جميع أهل الأهواء) كالرافضة وغيرهم من المبتدعة كالقدرية والمرجئة ممن خالف الكتاب والسنة وإجماع الأمة وهم اثنتان وسبعون والناجية منها أهل السنة وبها ثلاث وسبعون وقد تكلم عليها بالتعيين في جميعها أبو إسحاق الشاطبي في الحوادث والبدع مما يؤدي ذكره إلى طوله والله الموفق للحق بفضله وقد قال تعالى إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّما أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِما كانُوا يَفْعَلُونَ وفي الحديث ستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة كلهم في النار إلا واحدة قالوا وما هي يا رسول الله قال ما أنا عليه وأصحابي، (وبه) أي بالقول بالمبالغة في عقوبتهم (فسّر قول مالك) بصيغة المجهول (في الموطّإ وما رواه عن عمر) عطف تفسير لما قبله وفي نسخة عن عمر وفي أصل الدلجي ما رواه على أنه بدل من قول مالك أي فسر بعض أصحابه ما قاله رواية عن عمر (بن عبد العزيز وجدّه) أي مروان بن الحكم (وعمّه) عبد الملك بن مروان (من قولهم في القدريّة) بفتح الدال ويسكن (يستتابون فإن تابوا وإلّا قتلوا) وهم طائفة ينكرون أن الله تعالى قدر الأشياء في القدم وعلم سبحانه وتعالى في الأزل انها ستقع في أوقات معلومة وعلى صفة مخصوصة بحسب ما قدره سبحانه وتعالى وعظم شأنه وسموا بذلك لإنكارهم القدر وإسنادهم افعال العباد إلى قدرتهم قال النووي وقد انقرضوا بأجمعهم ولم يبق أحد من أهل القبلة على ذلك ولله الحمد انتهى وصارت القدرية في هذا الزمان الذي يعتقدون الخير من الله والشر من غيره كالمعتزلة ومن تبعهم كما سيأتي؛ (وقال عيسى) قال الحلبي لعله ابن إبراهيم بن مثرود وقال الدلجي لعله أبو موسى الغافقي (عن ابن القاسم في أهل الأهواء) أي البدع المختلفة الآراء (من الإباضيّة) بكسر الهمزة فموحدة مخففة بعدها

ص: 492

ألف فضاد معجمة فياء نسبة طائفة من الخوارج اصحاب عبد الله بن أباض التميمي ظهر في زمان مروان بن محمد آخر ملوك بني أمية وقتل آخر الأمر كانوا يزعمون أن مخالفيهم من أهل القبلة كفار غير مشركين ومناكحتهم جائزة وغنيمة سلاحهم وكراعهم عند الحرب دون غيرهم ودارهم دار الإسلام إلا معكسر سلطانهم وتقبل شهادة مخالفيهم عليهم (والقدريّة) وهم اتباع واصل بن عطاء سموا قدرية لإنكارهم القدر وأن العبد يخلق فعله الشر دون الخير ومنهم المعتزلة والزيدية والرافضة وقد قال عليه الصلاة والسلام القدرية مجوس هذه الأمة لمشاركتهم المجوس في إثبات خالق للخير وخالق للشر (تنبيه) قالت القدرية لسنا بقدرية بل أنتم يعنون أهل الحق القدرية لاعتقادكم إثبات القدر وأجيب بأن هذا تمويه منهم فإن أهل الحق يفوضون أمورهم إلى الله سبحانه وتعالى ويضيفون خلق الأفعال السيئة إلى قدرته سبحانه وتعالى وهؤلاء يضيفونها إلى أنفسهم ومدعي الشيء لنفسه ومضيفه إليه أولى بأن ينسب إليه ممن يعتقده لغيره وينفيه عن نفسه هذا وقد ورد في الأحاديث أوصاف القدرية بحيث ترتفع هذه الشبهة بالكلية (وشبههم) بفتحتين وبكسر فسكون أي وأمثالهم (ممّن خالف الجماعة) الذين هم أهل السنة (من أهل البدع) أي المخترعين عقائد الضلالة التي لم يخرج بها عن الإسلام وأما قول الدلجي كالنصيرية فخطأ فاحش فإنهم طائفة يعبدون عليا فهم كفرة ومشركون إجماعا (والتّحريف لتأويل كتاب الله تعالى) بتأويل باطل ظاهرا على مقتضى آرائهم الفاسدة وأهوائهم الكاسدة (يستتابون) أي مطلقا سواء (أظهروا بذلك) أي معتقدهم (أو أسرّوه فإن تابوا قبلت) توبتهم (وإلّا قتلوا وميراثهم لورثتهم) إجماعا لأن قتلهم إنما هو لارتكابهم البدعة زجرا لهم عنها على طريق السياسة؛ (وقال مثله) أي مثل قول عيسى (أيضا ابن القاسم في كتاب محمد) أي ابن المواز (في أهل القدر وغيرهم) من المبتدعة مخالفي أهل السنة (قال) أي ابن القاسم أو محمد عنه (وَاسْتِتَابَتُهُمْ أَنْ يُقَالَ لَهُمْ اتْرُكُوا مَا أَنْتُمْ عليه) من الاعتقاد الفاسد والعمل الكاسد فإن تابوا فيها وإن تمادوا قتلوا حدا وميراثهم لورثتهم وفيه أن المبتدعة لا توبة لهم إلا إذا أظهروها من عند أنفسهم (ومثله) أي مثل ما قال ابن القاسم في كتاب محمد (فِي الْمَبْسُوطِ فِي الْإِبَاضِيَّةِ وَالْقَدَرِيَّةِ وَسَائِرِ أَهْلِ البدع) من أنهم يستتابون (قال) أي ابن القاسم (وهم مسلمون) أي داخلون في فرق أهل الإسلام والتوارث قائم بينهم (وإنّما قتلوا لرأيهم السّوء) أي حدا للسياسة زجرا عن البدعة (وبهذا) أي وبقول ابن القاسم (عَمِلَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ مَنْ قَالَ إِنَّ اللَّهَ لَمْ يُكَلِّمْ مُوسَى تَكْلِيمًا اسْتُتِيبَ فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ) لكفرهم إجماعا بإنكاره تكليمه مع وروده في القرآن وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسى تَكْلِيماً قال الانطاكي ونحو قول ابن القاسم هذا عن أحمد بن حنبل فإنه روي عنه أنه قال من زعم أن الله لم يكلم موسى فهو كافر أقول ولا يتصور أن يكون فيه خلاف وتحقيق بحث الكلام محله علم الكلام (وابن حبيب) مبتدأ (وغيره من أصحابنا) المالكية (يرى تكفيرهم) أي أهل البدع (وتكفير أمثالهم) أي من التابعين لأقوالهم (من الخوارج والقدريّة والمرجئة) بالهمزة والياء

ص: 493

اسم فاعل وهم فرقة يزعمون أنه لا يضر مع الإيمان معصية كما أنه لا ينفع مع الكفر طاعة وأن الله تعالى لا يعذب الفسقة من هذه الأمة سموا بذلك لاعتقادهم أنه أرجا تعذيبهم من المعاصي أي أخره عنهم يقال أرجأت الأمر وأرجيته أي أخرته ومنه قوله تعالى حكاية أَرْجِهْ وَأَخاهُ ففيه ست قراآت في السبعة هذا وفي المنتقى من كتب أصحابنا عن أبي حنيفة لا نكفر أحدا من أهل القبلة وعليه أكثر الفقهاء ومن أصحابنا من قال بكفر المخالفين وقالت قدماء المعتزلة بكفر القائل بالصفات القديمة وبخلق الأفعال وقال الأستاذ أبو إسحاق نكفر من يكفرنا ومن لا فلا ولعل من كفر لاحظ التغليظ والزجر والسياسة ومن امتنع راعى الاحتياط في حرمة أهل القبلة وهذا اسلم والله تعالى اعلم؛ (وقد روي أيضا عن سحنون مثله) أي مثل قول ابن حبيب وغيره بتكفير من ذكر (فيمن قال ليس لله كلام) أي لا نفي ولا غيره (أنه كافر) وهذا لا خلاف فيه لإنكاره ما نص الله به في كتابه (واختلفت الرّوايات عن مالك) أي في تكفير المبتدعة من أهل القبلة (فأطلق في رواية الشاميّين أبي مسهر) الغساني وفي نسخة أبو مسهر بتعزيرهم (ومروان بن محمد الطاطريّ) بفتح الطاء الثانية من المهملتين كان يبيع ثيابا بيضا يقال لها الطاطرية روى عن مالك وعنه الدارمي وغيره إمام قانت لله (الكفر عليهم) مفعول اطلق ولعله أراد التغليظ للزجر فيهم (وقد شوور) أي مالك وهو مجهول شاور (في زواج القدريّ فقال لا تزوّجه) يحتمل أن يكون على وجه الكراهة أو الحرمة وهذا مجمع عليه خوفا على المرأة لقلة عقلها أن تميل إلى مذهب زوجها ويحتمل أن يكون لنفي الصحة بناء على تكفيره وقوله في الاستشهاد (قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ [البقرة: 221] ) يحتمل احتمالين في الاعتضاد لاتساع باب الاجتهاد (وروي عنه) أي عن مالك (أيضا أهل الأهواء) أي البدع في الآراء (كلّهم كفّار) أي حقيقة أو كفرا دون كفر أي مجازا (وَقَالَ مَنْ وَصَفَ شَيْئًا مِنْ ذَاتِ اللَّهِ تعالى وأشار) في وصفه (إِلَى شَيْءٍ مِنْ جَسَدِهِ يَدٍ أَوْ سَمْعٍ أو بصر) أي ونحوها من أذن أو لسان أو رحل وغيرها (قطع ذلك) العضو (منه) أي سياسة جزاء وفاقا (لأنه شبّه الله بنفسه) وهو سبحانه لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ (وَقَالَ فِيمَنْ قَالَ الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ كَافِرٌ فَاقْتُلُوهُ) روى التفتازاني هنا حديثا وتقدم أنه موضوع والمحققون على أنه لم يكفر لقوله تعالى قُرْآناً عَرَبِيًّا ولكونه مقروءا بألسنتنا ومكتوبا بأيدينا وإنما الكلام في الكلام النفسي ولهذا قال بعضهم من قال كلام الله مخلوق فهو كافر وهو ظاهر (وقال) أي مالك (أَيْضًا فِي رِوَايَةِ ابْنِ نَافِعٍ يُجْلَدُ وَيُوجَعُ ضَرْبًا وَيُحْبَسُ حَتَّى يَتُوبَ وَفِي رِوَايَةِ بِشْرِ بن بكر التّنّيسيّ) بكسر الفوقية والنون المشددة فتحتية ساكنة وسين مهملة فياء نسبة إلى موضع قرب دمياط أكله البحر الماح وصار بحيرة ماء روى عن الأوزاعي وغيره وعنه الشافعي ونحوه (عنه) أي عن مالك (يقتل ولا تقبل توبته) وهذا غريب جدا (وقال القاضي أبو عبد الله البرنكانيّ) بموحدة مفتوحة فراء ساكنة فنون مفتوحة نسبة إلى ضرب من الاكسية (والقاضي أبو عبد الله التّستريّ) بضم أوله وبفتح ثانيه ويضم وقيل بفتح أوله وبضم ثانيه

ص: 494

(من أئمّة العراقيّين) أي من المالكية وفي نسخة بزيادة من أصحابنا (جوابه) أي جواب مالك فيمن قال القرآن مخلوق (مختلف يقتل) وفي نسخة فقال يقتل وهو مضارع مجهول وقال التلمساني مصدر دخل عليه حرف جر (المستبصر) أي الذي له خبرة بأمور شريعته وهو معجب بضلالته وجهالته (الدّاعية) أي الذي يدعو غيره إلى بدعته والتاء للمبالغة أو بتأويل الفرقة أو الطائفة بنا على أن المراد بالمستبصر جنسه (وعلى هذا الخلاف) الذي ذكره القاضيان (اختلف قوله في إعادة الصّلاة) أي التي صليت (خلفهم) فقال مرة تعاد ومرة لا تعاد ويمكن الجمع بينهما أيضا بأن يقال تعاد احتياطا ولا تعاد وجوبا والأظهر على مقتضى مذهبه أنه لا تجوز الصلاة خلف الفاسق أنه تجب الإعادة ولعل الخلاف محمول على أنه لم يعلم بحاله أولا اثم تبين بدعته ثانيا وقد نقل الشيخ أبو حامد الإسفراييني والماوردي عن نص الشافعي أن من صلى خلف من ظنه مسلما فبان مرتدا أو زنديقا وجوب الإعادة وعدمه ورجحه عامة أصحابه (وَحَكَى ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنِ الشَّافِعِيِّ لَا يُسْتَتَابُ القدريّ) وفي نسخة القدرية وهو مناف لما سبق عنه أنه لا نكفر أحدا من أهل القبلة (وأكثر أقوال السّلف) أي العلماء المتقدمين (تكفيرهم) لإثباتهم خالقين على ما مر (وممّن قال به) أي بتكفيرهم (اللّيث) بن سعد (وابن عيينة وابن لهيعة) بفتح اللام وكسر الهاء والعين المهملة وهو ضعيف (وروي عنهم) أي عن السلف ومن تبعهم من المذكورين (ذلك) أي تكفيرهم (فيمن قال بخلق القرآن وقاله) أي وقال بتكفير من قال بخلق القرآن (ابن المبارك) وهو عبد الله المروزي من أصحاب أبي حنيفة ممن جمع بين الحديث والفقه والزهد والورع والاجتهاد والجهاد (والأوديّ) بفتح الهمزة وسكون الواو منسوب إلى قبيلة أود وهو عثمان بن حكيم (ووكيع) أي ابن الجراح أبو سفيان الرواسي (وحفص بن غياث) بكسر معجمة فتحتية مخففة فألف فمثلثة وهو أبو عمرو النخعي قاضي الكوفة روى عن الأعمش وغيره وعنه أحمد وغيره (وأبو إسحاق الفزاريّ) بفتح الفاء والزاء وثقه غير واحد (وهشيم) بفتح الهاء وكسر السين المعجمة وضبطه التلمساني مصغرا وهو ابن بشر يكنى أبا معاوية السلمي الواسطي حافظ بغداد روى عن عمرو بن دينار وغيره وعنه أحمد وابن معين ثقة مدلس (وعليّ بن عاصم) أي الواسطي يروي عن يحيى البكاء وعطاء ابن السائب وعنه ابن حنبل وغيره ضعفوه وكان عنده مائة ألف حديث مات وله بضع وتسعون سنة (في آخرين) أي من المجتهدين والمعنى مندرجين فيهم أي متوافقين معهم (وهو) أي ما قاله هؤلاء الأئمة (من قول أكثر المحدّثين والفقهاء والمتكلّمين) أي من علماء أصول الدين (فيهم) أي فيمن ذكر من المبتدعة (وفي الخوارج والقدريّة وأهل الأهواء المضلّة) كالرافضة وهو اسم فاعل أو مفعول أي الجامعين بين الضلال والإضلال (وَأَصْحَابِ الْبِدَعِ الْمُتَأَوِّلِينَ وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ بْنِ حنبل وكذلك قالوا) أي هؤلاء الأئمة (في الواقفة) أي ليسوا متأولين ذكره الدلجي والأظهر ما قاله التلمساني من أنهم قوم توقفوا إذ ليس عندهم جواب إما لجهلهم أو لتعارض الأدلة

ص: 495

عندهم وتوفقهم بوجب لهم ما يوجب لأصحابهم من المبتدعة والخوارج وغيرهم انتهى وفيه أن التوقف لتعارض الأدلة لا يوجب التكفير كما لا يخفى لأن الإيمان الإجمالي معتبر إجماعا (والشّاكّة) أي المترددة (في هذه الأصول) إثباته هي أم ضعيفة أو أحقه هي أم باطلة قال التلمساني هم قوم وقع لهم الشك في القرآن هل هو مخلوق أم لا (وَمِمَّنْ رُوِيَ عَنْهُ مَعْنَى الْقَوْلِ الْآخَرِ بِتَرْكِ تكفيرهم) أي الفرق المذكورة وفي نسخة بتكفيرهم وهو خطأ إذ لم يقل بتكفيرهم (عليّ بن أبي طالب) كرم الله وجهه (وابن عمر) رضي الله تعالى عنهما (وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَهُوَ رَأْيُ جَمَاعَةٍ مِنَ الْفُقَهَاءِ النّظّار) بضم النون وتشديد الظاء جمع الناظر من النظر بمعنى التأمل والفكر ومنه الناظرة كأبي حنيفة والشافعي واتباعهما (والمتكلّمين) أي علماء الكلام وسموا به لأن جل مباحثهم معرفة الكلام (واحتجّوا) أي هؤلاء الأئمة (بتوريث الصّحابة والتّابعين ورثة أهل حروراء) بحاء مهملة مفتوحة وضم الراء الأولى يمد ويقصر موضع بالعراق على ميلين من الكوفة اجتمع بها الخوارج وتعاقدوا بها على رأيهم فنسبوا إليها وهم الذين ثاروا على علي كرم الله وجهه بعد وقعة الجمل وكان زعيمهم ابن الكواء تعاقدوا واجتمعوا على قتال علي ثم مضوا إلى النهروان فقاتلهم علي كرم الله وجهه وهم ثلاثون ألفا فتفلت منهم عشرة فذهب رجلان إلى عمان ورجلان إلى سجستان ورجلان إلى اليمن ورجلان إلى الجزيرة ورجلان إلى تل مروان وظهرت مذاهب الخوارج بهذه المواضع قال التلمساني ومذهبهم أن الإمام لا يختص بآل الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم بل كل من اجتمع فيه زهد وعلم وشجاعة فهو إمام إذا بويع وخرج وإن كان من العبيد والموالي وتفاصيل اعتقاداتهم في الصحابة ومرتكبي الكبيرة مذكورة في كتب الكلام انتهى ولا يخفى أن مذهب أهل السنة أيضا أن الإمام لا يختص بآله عليه الصلاة والسلام بل يختص بقريش لقوله عليه الصلاة والسلام الأئمة من قريش وبه ثبت خلافة الشيخين وإنما الشيعة يقولون باختصاص الإمامة لأهل بيت النبوة (ومن عرف بالقدر) بصيغة المجهول وهو معطوف على أهل حرواء (ممّن مات منهم) أي جميعهم (وَدَفْنِهِمْ فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ وَجَرْيِ أَحْكَامِ الْإِسْلَامِ) من اعتاقهم وتنفيذ وصاياهم وسائر الأحكام (عَلَيْهِمْ، قَالَ إِسْمَاعِيلُ الْقَاضِي وَإِنَّمَا قَالَ مَالِكٌ فِي الْقَدَرِيَّةِ وَسَائِرِ أَهْلِ الْبِدَعِ يُسْتَتَابُونَ فَإِنْ تابوا وإلّا قتلوا لأنّه) أي لأن ابتداعهم نوع (من الفساد في الأرض كما قال) أي مالك أو الله تعالى (في المحارب) أي قاطع الطريق حيث قال تعالى إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً أَنْ يُقَتَّلُوا أي أن قتلوا أَوْ يُصَلَّبُوا أن قتلوا ونهبوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أن نهبوا أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ بالإخراج أو الحبس إن خافوا فقط فأو في الآية للتنويع والحكم مرتب عليهم عند الجمهور وعند مالك أو للتخيير كما يشير إليه قوله (إن رأى الإمام قتله) أي حدا (وإن لم يقتل) أي أحدا وإن وصلية (قتله) أي الإمام لكونه مخيرا في قتله وهذا من باب قياس الأولى كما بينه بقوله (وفساد المحارب إنّما هو في الأموال) أي

ص: 496