المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل [اعلم أن الصلاة على النبي فرض في الجملة] - شرح الشفا - جـ ٢

[الملا على القاري]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الثّاني

- ‌[المقدمة]

- ‌(الْقِسْمُ الثَّانِي فِيمَا يَجِبُ عَلَى الْأَنَامِ مِنْ حقوقه صلى الله تعالى عليه وسلم)

- ‌الْبَابُ الْأَوَّلُ [فِي فَرْضِ الْإِيمَانِ بِهِ وَوُجُوبِ طاعته واتّباع سنّته]

- ‌فصل [وَأَمَّا وُجُوبُ طَاعَتِهِ فَإِذَا وَجَبَ الْإِيمَانُ بِهِ وتصديقه فيما جاء به]

- ‌فصل [وَأَمَّا وُجُوبُ اتِّبَاعِهِ وَامْتِثَالُ سُنَّتِهِ وَالِاقْتِدَاءُ بِهَدْيِهِ]

- ‌فصل [وأما وَرَدَ عَنِ السَّلَفِ وَالْأَئِمَّةِ مِنِ اتِّبَاعِ سُنَّتِهِ]

- ‌فصل [وَمُخَالَفَةُ أَمْرِهِ وَتَبْدِيلُ سُنَّتِهِ ضَلَالٌ وَبِدْعَةٌ مُتَوَعَّدٌ من الله تعالى عليه بالخذلان والعذاب]

- ‌الباب الثاني [في لزوم محبته عليه الصلاة والسلام]

- ‌فصل [في ثواب محبته صلى الله تعالى عليه وسلم]

- ‌فصل [فِيمَا رُوِيَ عَنِ السَّلَفِ وَالْأَئِمَّةِ مِنْ مَحَبَّتِهِمْ للنبي صلى الله تعالى عليه وسلم]

- ‌فصل [في علامات محبته صلى الله تعالى عليه وسلم]

- ‌فصل [في معنى المحبة للنبي صلى الله تعالى عليه وسلم وحقيقتها]

- ‌فصل [في وجوب مناصحته صلى الله تعالى عليه وسلم]

- ‌الْبَابُ الثَّالِثُ [فِي تَعْظِيمِ أَمْرِهِ وَوُجُوبِ تَوْقِيرِهِ وبره]

- ‌فصل [في عادة الصحابة في تعظيمه عليه الصلاة والسلام وتوقيره وإجلاله]

- ‌فصل [واعلم أن حرمة النبي بعد موته وتوقيره وتعظيمه لازم]

- ‌فصل [فِي سِيرَةِ السَّلَفِ فِي تَعْظِيمِ رِوَايَةِ حَدِيثِ رسول الله وسنته عليه الصلاة والسلام]

- ‌فصل [ومن توقيره صلى الله تعالى عليه وسلم وبره بر آله]

- ‌فصل [ومن توقيره وبره توقير أصحابه عليه الصلاة والسلام]

- ‌فصل [ومن إعظامه وإكباره إعظام جميع أسبابه]

- ‌الباب الرابع [في حكم الصلاة عليه صلى الله تعالى عليه وسلم والتسليم]

- ‌فصل [اعلم أن الصلاة على النبي فرض في الجملة]

- ‌فصل [في المواطن التي تستحب فيها الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ويرغب فيها]

- ‌فصل [في كيفية الصلاة عليه والتسليم]

- ‌فصل (في فضيلة الصلاة على النبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم والتسليم عليه والدّعاء له)

- ‌فصل (فِي ذَمِّ مَنْ لَمْ يُصَلِّ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله تعالى عليه وسلم وإثمه)

- ‌فصل [في تخصيصه عليه الصلاة والسلام بتبليغ صلاة من صلى عليه صلاة أو سلم من الأنام]

- ‌فصل (فِي الِاخْتِلَافِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى غَيْرِ النَّبِيِّ صلى الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

- ‌فصل (فِي حُكْمِ زِيَارَةِ قَبْرِهِ صلى الله عليه وسلم وَفَضِيلَةِ مَنْ زَارَهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ

- ‌فصل (فِيمَا يَلْزَمُ مَنْ دَخَلَ مَسْجِدَ النَّبِيِّ صَلَّى الله تعالى عليه وسلم من الأدب)

- ‌الْقِسْمُ الثَّالِثُ [فِيمَا يَجِبُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ تعالى عليه وسلم وما يستحيل في حقه وما يمتنع]

- ‌الْبَابُ الْأَوَّلُ (فِيمَا يَخْتَصُّ بِالْأُمُورِ الدِّينِيَّةِ وَالْكَلَامُ فِي عِصْمَةِ نَبِيِّنَا عليه الصلاة والسلام وَسَائِرِ الأنبياء صلوات الله عليهم

- ‌فصل (فِي حُكْمِ عَقْدِ قَلْبِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ تعالى عليه وسلم)

- ‌فصل (وأمّا عصمتهم من هذا الفنّ)

- ‌فصل [قال القاضي أبو الفضل قد بان مما قدمناه عقود الأنبياء في التوحيد والإيمان]

- ‌فصل [وَاعْلَمْ أَنَّ الْأُمَّةَ مُجْمِعَةٌ عَلَى عِصْمَةِ النَّبِيِّ من الشيطان إلى آخره]

- ‌فصل [وأما قوله صلى الله تعالى عليه وسلم فقامت الدلائل إلى آخره]

- ‌فصل [وقد توجهت ههنا لبعض الطاعنين سؤالات]

- ‌فصل [فصل هذا القول فيما طريقه البلاغ]

- ‌فصل (فإن قلت فما معنى قوله عليه الصلاة والسلام في حديث السّهو)

- ‌فصل (وأمّا ما يتعلّق بالجوارح)

- ‌فصل [وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي عِصْمَتِهِمْ مِنَ الْمَعَاصِي قَبْلَ النبوة]

- ‌فصل [هَذَا حُكْمُ مَا تَكُونُ الْمُخَالَفَةُ فِيهِ مِنَ الْأَعْمَالِ عَنْ قَصْدٍ وَهُوَ مَا يُسَمَّى مَعْصِيَةً ويدخل تحت التكليف]

- ‌فصل (فِي الْكَلَامِ عَلَى الْأَحَادِيثِ الْمَذْكُورِ فِيهَا السَّهْوُ

- ‌فصل (فِي الرَّدِّ عَلَى مَنْ أَجَازَ عَلَيْهِمُ الصَّغَائِرَ

- ‌فصل (فَإِنْ قُلْتَ فَإِذَا نَفَيْتَ عَنْهُمْ صَلَوَاتُ اللَّهِ عليهم الذّنوب)

- ‌فصل [قد استبان لك أيها الناظر بما قررناه ما هو الحق من عصمته عليه السلام]

- ‌فصل (في القول في عصمة الملائكة)

- ‌الْبَابُ الثَّانِي [فِيمَا يَخُصُّهُمْ فِي الْأُمُورِ الدُّنْيَوِيَّةِ]

- ‌فصل [فَإِنْ قُلْتَ فَقَدْ جَاءَتِ الْأَخْبَارُ الصَّحِيحَةُ أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام سحر]

- ‌فصل [هذا حاله عليه الصلاة والسلام في جسمه]

- ‌فصل [وَأَمَّا مَا يَعْتَقِدُهُ فِي أُمُورِ أَحْكَامِ الْبَشَرِ إلى آخره]

- ‌فصل [وَأَمَّا أَقْوَالُهُ الدُّنْيَوِيَّةُ مِنْ أَخْبَارِهِ عَنْ أَحْوَالِهِ]

- ‌فصل (فَإِنْ قُلْتَ قَدْ تَقَرَّرَتْ عِصْمَتُهُ صَلَّى اللَّهُ تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَقْوَالِهِ فِي جَمِيعِ أَحْوَالِهِ)

- ‌فصل (فَإِنْ قِيلَ فَمَا وَجْهُ حَدِيثِهِ أَيْضًا الَّذِي حدّثناه الفقيه أبو محمد الخشنيّ)

- ‌فصل (وأمّا أفعاله عليه الصلاة والسلام الدّنيويّة)

- ‌فصل [فَإِنْ قِيلَ فَمَا الْحِكْمَةُ فِي إِجْرَاءِ الْأَمْرَاضِ وشدتها عليه عليه الصلاة والسلام]

- ‌الْقِسْمُ الرَّابِعُ (فِي تَصَرُّفِ وُجُوهِ الْأَحْكَامِ فِيمَنْ تنقّصه أو سبّه عليه الصلاة والسلام

- ‌الْبَابُ الْأَوَّلُ (فِي بَيَانِ مَا هُوَ فِي حقّه صلى الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبٌّ أَوْ نَقْصٌ مِنْ تَعْرِيضٍ أو نصّ)

- ‌فصل (فِي الْحُجَّةِ فِي إِيجَابِ قَتْلِ مَنْ سَبَّهُ أو عابه صلى الله تعالى عليه وسلم)

- ‌فصل (فَإِنْ قُلْتَ فَلِمَ لَمْ يَقْتُلِ النَّبِيُّ صَلَّى الله تعالى عليه وسلم اليهوديّ الّذي قال له)

- ‌فصل (قَالَ الْقَاضِي تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي قَتْلِ الْقَاصِدِ لسبّه)

- ‌فصل [أن يقصد إلى تكذيبه فيما قاله إلى آخره]

- ‌فصل (الْوَجْهُ الرَّابِعُ أَنْ يَأْتِيَ مِنَ الْكَلَامِ بِمُجْمَلٍ)

- ‌فصل [أَنْ لَا يَقْصِدَ نَقْصًا وَلَا يَذْكُرَ عَيْبًا ولا سبا لكنه ينزع إلى آخره]

- ‌فصل [أَنْ يَقُولَ الْقَائِلُ ذَلِكَ حَاكِيًا عَنْ غَيْرِهِ وآثرا عن سواه]

- ‌فصل [أن يذكر ما يجوز على النبي أو يختلف في جوازه عليه]

- ‌فصل (وَمِمَّا يَجِبُ عَلَى الْمُتَكَلِّمِ فِيمَا يَجُوزُ عَلَى النّبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم وما لا يجوز)

- ‌الْبَابُ الثَّانِي [فِي حُكْمِ سَابِّهِ وَشَانِئِهِ وَمُتَنَقِّصِهِ ومؤذيه]

- ‌فصل (إذا قلنا بالاستتابة حيث تصحّ)

- ‌فصل (هذا حكم من ثبت عليه ذلك)

- ‌فصل [هذا حكم المسلم]

- ‌فصل (فِي مِيرَاثِ مَنْ قُتِلَ فِي سَبِّ النَّبِيِّ صلى الله تعالى عليه وسلم وغسله والصلاة عليه)

- ‌الْبَابُ الثَّالِثُ (فِي حُكْمِ مَنْ سَبَّ اللَّهَ تعالى وملائكته وأنبياءه وكتبه وآل النبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم وأزواجه وصحبه

- ‌فصل (وَأَمَّا مَنْ أَضَافَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى مَا لَا يَلِيقُ بِهِ لَيْسَ عَلَى طَرِيقِ السَّبِّ)

- ‌فصل [فِي تَحْقِيقِ الْقَوْلِ فِي إِكْفَارِ الْمُتَأَوِّلِينَ قَدْ ذكرنا مذاهب السلف وإكفار أصحاب البدع والأهواء]

- ‌فصل (فِي بَيَانِ مَا هُوَ مِنَ الْمَقَالَاتِ كُفْرٌ وَمَا يُتَوَقَّفُ أَوْ يُخْتَلَفُ فِيهِ وَمَا لَيْسَ بكفر)

- ‌فصل [هَذَا حُكْمُ الْمُسْلِمِ السَّابِّ لِلَّهِ تَعَالَى وَأَمَّا الذمي الخ]

- ‌فصل [هَذَا حُكْمُ مَنْ صَرَّحَ بِسَبِّهِ وَإِضَافَةِ مَا لَا يَلِيقُ بِجَلَالِهِ وَإِلَهِيَّتِهِ فَأَمَّا مُفْتَرِي الْكَذِبِ الخ]

- ‌فصل (وأمّا من تكلّم من سقط القول)

- ‌فصل (وَحُكْمُ مَنْ سَبَّ سَائِرَ أَنْبِيَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وملائكته)

- ‌فصل (واعلم أن من استخفّ بالقرآن)

- ‌فصل [من سب آل بيته وأزواجه وأصحابه عليه الصلاة والسلام وتنقصهم حرام ملعون فاعله]

- ‌ نظم

- ‌فهرس محتويات الجزء الثاني من شرح الشفا

الفصل: ‌فصل [اعلم أن الصلاة على النبي فرض في الجملة]

‌فصل [اعلم أن الصلاة على النبي فرض في الجملة]

(اعْلَمْ أَنَّ الصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ تعالى عليه وسلم فرض) أي واجب مقطوع به (في الجملة) وفي نسخة على الجملة أي إجمالا (غير محدّد) وفي نسخة غير محدود أي غير موقت ومقدر (بوقت) أي بزمان معين (لأمر الله تعالى بالصّلاة عليه) والأصل في الأمر الوجوب كما عليه الجمهور (وحمل الأئمة) يحتمل أن يكون مصدرا أو ماضيا كما في نسختين صحيحتين والمراد الأئمة المجتهدين (والعلماء) أي من المفسرين والمحدثين (له) أي لأمر الله (على الوجوب) بمعنى الفرض (وأجمعوا عليه) أي على الوجوب والمراد بإجماعهم اتفاق أكثرهم لقوله (وحكى أبو جعفر) أي محمد بن جرير الشافعي (الطّبريّ أنّ محمل الآية) بفتح الميم الأولى وكسر الثانية أي الآية محمولة باعتبار أمرها (عنده على النّدب وادّعى فيه الإجماع) أي على الندب (ولعله) أي الإجماع المذكور (فيما زاد على مرّة) أي لئلا يخالف الإجماع المذكور (والواجب منه) مبتدأ وهو اسم فاعل مشتق فلامه اسم موصول صلته (الّذي يسقط به الجرح) بفتح الجيم وسكون الراء أي الطعن والقدح (ومأثم ترك الفرض) أي ويسقط به الإثم المترتب على تركه (مرّة) خبر المبتدأ المقدم لأنها أقل ما توجد فيها الماهية المطلوبة فيحمل عليها (كالشّهادة له بالنّبوّة) أي المقرونة بالرسالة لوجوبها مرة اجماعا (وما عدا ذلك) أي وأما ما زاد على مرة فيها (فمندوب) أي مستحب ومطلوب (مرغّب فيه) أي مرغوب (من سنن الإسلام وشعار أهله) أي علامتهم في احكام الأحكام (قال القاضي أبو الحسن بن القصّار) من المالكية (المشهور عن أصحابنا) أي علمائنا (أنّ ذلك) أي ما ذكر من أن الصلاة (واجب في الجملة) أي فرض غير موقت بوقت معين (على الإنسان وفرض عليه) أي على كل فرد من أفراد الإنسان من المؤمنين (أن يأتي به) أي بهذا الفرض وفي نسخة بها أي بالصلاة (مرّة من دهره) إذ به يخرج من عهدة أمره (مع القدرة على ذلك) أي على الإتيان بها إذ هي شرط له ولهذا تسقط عن الأبكم (وقال القاضي أبو بكر بن بكير) بضم موحدة وفتح كاف أحد المالكية (افترض الله على خلقه) أي المؤمنين (أن يصلّوا على نبيّه) أي تعظيما وتكريما (ويسلّموا تسليما ولم يجعل ذلك) أي الافتراض (لوقت معلوم) أي في وقت معين وزمان مبين (فالواجب) أي مروءة أو احتياطا أو المراد به الواجوب الذي دون الفرض (أن يكثر المرء منها) أي من الصلاة (ولا يغفل) بضم الفاء أي لا يذهل (عنها) والمعنى أنه تعالى لم يوقت ذلك ليشمل سائر الأوقات هنالك كما قيل في الذكر أنه سبحانه وتعلى قال اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا فجعل لكل عبادة وقتا معينا إلا ذكره عز وجل فإنه لم يجعل له زمانا مبينا سواء يكون ذكرا لسانيا أو جنانيا وكذلك الصلاة عليه غير موقتة حيث قرن ذكره بذكره البتة (قَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ نَصْرٍ:

الصَّلَاةُ على النبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم واجبة في الجملة) هذا قول مجمل وفي بيان تفصيله (قال القاضي أبو عبد الله مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ: ذَهَبَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ وَغَيْرُهُمْ من أهل العلم)

ص: 107

أي من الأئمة المجتهدين (إلى) وفي نسخة بدونها (أنّ الصّلاة على النبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم فرض بالجملة بعقد الإيمان) أي بقيد الإيمان المذكور في القرآن فلا تجب على أهل الكفر والكفران (لا يتعيّن في الصّلاة) بمعنى أنها لا تجب فيها ولا أنها لا تصح إلا بها كما قال الشافعي (وأنّ) أي وذهبوا إلى أن (مَنْ صَلَّى عَلَيْهِ مَرَّةً وَاحِدَةً مِنْ عُمُرِهِ سقط الفرض عنه وقال أصحاب الشّافعيّ) أي تبعا له (الفرض منها) أي من الصلاة (الّذي أمر الله) أي في قديم كلامه (به) أي بإتيانه (ورسوله) أي وأمر به رسوله عليه السلام أي في حديثه (هو في الصّلاة) أي منحصر فيها وهو عقب تشهدها قبل سلام تحللها واستدلوا بحديث أبي مسعود البدري في صحيحي ابن حبان والحاكم أما السلام عليك يا رسول الله فقد عرفناه أي فيما علمناه من تشهد الصلاة وهو السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ فكيف نصلي عليك إذا نحن صلينا عليك في صلاتنا قال قولوا اللهم صل على محمد إلى آخره زاد ابن ماجه وغيره والسلام علي كما قد علمتم وفيه أنه لا دلالة على فرضيتها على وجه خصوصيتها وبحديث ابن مسعود فيما رواه ابن أبي شيبة وسعيد بن منصور والحاكم بسند صحيح يتشهد الرجل في الصلاة ثم يصلي على النبي صلى الله تعالى عليه وسلم ثم يدعو لنفسه بعد وفيه أن هذا اخبار عن أقوال تقال في الصلاة ولا دلالة على وجوب الصلاة بشهادة كون الدعاء مستحبا إجماعا وبحديث ابن عمر فيما رواه العميري بسند جيد لا تكون صلاة إلّا بقراءة وتشهد وصلاة عليّ في الصلاة في الصلاة اللهم صل على محمد وآل محمد الخ وفيه أنه يحتمل أن المراد لا تكون صلاة كاملة مع وجود الاحتمال يمتنع الاستدلال وقال الشافعي قد ورد أنه صلى الله تعالى عليه وسلم علمهم تشهد الصلاة وورد أنه علمهم كيف يصلون عليه فيها فلم يجز أن نقول بوجوب التشهد فيها دون وجوب الصلاة عليه انتهى ولا يخفى أنه يجوز أن يقع الأمران ويكون أحدهما للوجوب والآخر للندب على أن لفظ الحديث الصلاة المشتملة على آله والشافعي لم يقل بوجوب الجمع بينهما مع أنه عليه الصلاة والسلام أمرهم بالدعاء فيها أيضا وهو مندوب أيضا قال الدلجي وزعم القرافي في ذخيرته أنه يستدل على وجوب الصلاة عليه عليه السلام فيه بالإجماع ولم يصب في زعمه إذ لا اجماع على وجوبها فيه أقول ولعله أراد أن الإجماع على وجوب الصلاة في الجملة وتعين الوقت فيه بالسنة وهذا معنى قوله (وقالوا) أي أصحاب الشافعي رحمهم الله تعالى (وأمّا في غيرها) أي غير الصلاة (فلا خلاف أنّها غير واجبة) أي فيتعين كونها في الصلاة واجبة إذ لا بد من وجوبها مرة كما مر فقول الدلجي إلا مرة واحدة كما مر غير مستقيم فتدبر (وَأَمَّا فِي الصَّلَاةِ فَحَكَى الْإِمَامَانِ أَبُو جَعْفَرٍ) وفي نسخة أبوا جعفر بلفظ التثنية فإنه كنية لهما (الطّبريّ) وهو محمد بن جرير من أكابر الشافعية (والطّحاويّ) وهو محمد بن أحمد بن سلام من أكابر الحنفية (وغيرهما إجماع جميع المتقدّمين) أي من الصحابة والتابعين (والمتأخّرين من علماء الأمّة) أي المجتهدين (عَلَى أَنَّ الصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ تعالى عليه وسلم في التّشهّد غير واجبة) وعارضهما الدلجي بنقل النووي في شرح المهذب ومسلم وابن كثير وابن قيم

ص: 108

الجوزية وكثيرين نقلوا وجوبها عليه فيه عن أئمة من الصحابة كعمر وابنه عبد الله وابن مسعود وأبي مسعود البدري وجابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهم ومن التابعين محمد بن كعب القرظي والشعبي والباقر ومقاتل رحمهم الله تعالى ومن غيرهم أحمد بن حنبل كما قال أبو زرعة الدمشقي الآخر عملا حتى أن بعضهم أوجب أن يقال فيه صلى الله تعالى عليه وسلم قال وقد ألزم من قال من الحنفية بوجوبها فيه لتقدم ذكره فيه وفيه أن لهم أن يلتزموه لذكره لا لصحتها والظاهر أن الصحابة المذكورين وغيرهم لم ينصوا بوجوبها إذ هذا اصطلاح حادث وإنما كانوا يقولون بوقوعها من غير أن يتعرضوا لكونه واجبا أو مندوبا اللهم إلّا أن صرحوا بعدم صحة الصلاة بدونها أو بصحتها من غير وجودها فحينئذ يعرف الإجماع بثبوتها أو نفيها ولهذا قال ابن حجر العسقلاني لم أر من الصحابة أحدا صرح بعدم الوجوب إلا ما نقل عن النخعي وبهذا الاعتبار قال المصنف (وشذّ الشّافعيّ) أي انفرد هو ومن تبعه (في ذلك) أي القول بوجوبها وعدم صحة الصلاة بدونها (فقال) أي الشافعي (مَنْ لَمْ يُصَلِّ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ تعالى عليه وسلم من بعد التّشهّد الأخير) وفي نسخة الآخر وهو أشهد أن محمدا رسول الله (قبل السّلام) أي سلام التحليل (فصلاته فاسدة) أي لأنها ركن عنده تفسد بتركه (وإن صلّى عليه قبل ذلك) أي قبل أشهد أن محمدا رسول الله على ما قاله الدلجي أو قبل ذلك التشهد بأن يقول بعد التشهد الأول (لم تجزه) كان حقه أن يقول لم تجزئه كما في نسخة صحيحة لأنه مهموز من اجزأه يجزئه إذا كفاه (ولا سلف) أي لا سابقة قدم (له) أي للشافعي والمعنى أن أحدا من السلف ما وافقه (في هذا القول) أي من الصحابة والتابعين وسائر المجتهدين (ولا سنّة يتّبعها) بتشديد التاء وتخفيفها أي من الأحاديث الدالة على وجوبها فيه ومن أعجب العجائب قول الدلجي وإن تعجب فعجب قوله بعدم وجوبها عليه فيه منكرا على رأس المجتهدين الشافعي إلى آخر ما ذكره فإن الشافعي لم يكن رأس المجتهدين أصلا بل رأسهم وأساسهم أبو حنيفة ومالك وأمثالهما قطعا فيما يتعلق بالاجتهاد فصلا فصلا فلهما على غيرهما في الفقه والحديث فضل وأما قوله من إن موضوع هذا الكتاب يقتضي وجوب الصلاة عليه السلام فأمر خارج عن تحقيق المرام ثم قوله إن هذا من ورطة العصبية فالمصنف منزه عن حمية الجاهلية ثم أغرب في قوله لم أقل ذلك غمصا لمن شذ عما هدى إمام الأمة إليه من طيب القول بل امتثالا لقول عمر إذا رأيتم من يمزق أعراض الناس لا تقربوا عليه قالوا نخاف لسانه فقال ذلك أحرى أن لا تكونوا شهداء (وَقَدْ بَالَغَ فِي إِنْكَارِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَيْهِ) أي على الشافعي (لمخالفته فيها من تقدّمه) أي من السلف ممن لم يقل بوجوبها عليه (جماعة) أي من علماء الخلف (وشنّعوا) بتشديد النون أي طعنوا (عليه الخلاف فيها) أي في هذه المسألة (منهم الطّبريّ) وهو محمد بن جرير من الشافعية (والقشيري) أي صاحب الرسالة منهم أبو بكر بن العلاء المالكي (وغير واحد) أي وكثيرون من غيرهم (وقال أبو بكر بن المنذر) هو الإمام الأوحد محمد بن إبراهيم بن المنذر النيسابوري شيخ الحرم توفي بمكة سنة تسع أو عشر وثلاثمائة (يستحبّ أن لا يصلّي أحد

ص: 109

صلاة) أي فرضا أو نافلة (إِلَّا صَلَّى فِيهَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى الله تعالى عليه وسلم) أي عقب التشهد الذي بعده التحليل (فإن ترك ذلك) أي الاستحباب (تارك فصلاته مجزئة) أي كافية له (في مذهب مالك وأهل المدينة) أي من علمائها السبعة (وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَأَهْلِ الْكُوفَةِ مِنْ أَصْحَابِ الرَّأْيِ) أي أهل الرأي الثاقب الذي هو من أعلى المناقب وقد سماهم أئمة الحديث به لأخذهم فيما أشكل من الحديث أو فيما لم يرد به حديث بآرائهم (وغيرهم وهو قول جلّ أهل العلم) بضم الجيم وتشديد اللام وفي نسخة جمل بضم جيم وفتح ميم وتخفيف لام أي أكثرهم وجمهورهم (وحكي عن مالك وسفيان) أي الثوري (أَنَّهَا فِي التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ مُسْتَحَبَّةٌ وَأَنَّ تَارِكَهَا في التّشهّد) أي الأخير (مسيء) أي ملام بترك السنة (وشذّ الشّافعيّ فأوجب على تاركها) أي عمدا أو سهوا (في الصّلاة) فرضا أو نفلا (الإعادة) لأنها عنده ركن من أركانها الثلاثة عشر التي لا تتم الصلاة إلا بها ولا تجبر بسجود السهو (وأوجب إسحاق) أي ابن إبراهيم بن راهويه المروزي عالم خراسان روى عنه الجماعة خلا ابن ماجه ثقة حجة توفي سنة ثمان وثلاثين ومائتين (الإعادة مع تعمّد تركها دون النّسيان) ووافقه الحزقي من الحنابلة (وَحَكَى أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ أَبِي زَيْدٍ عَنْ محمد بن الموّاز) بفتح الميم وتشديد الواو (أنّ الصّلاة على النّبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم فريضة) أي في مذهب المالكية وهذا يحتمل أن يريد مرة أو كلما ذكر أو في تشهد الصلاة (قال أبو محمد) هو ابن أبي زيد (يريد) يعني ابن الموز (ليست) أي الصلاة عليه (من فرائض الصّلاة) أي من أركانها (وقاله) أي وكذا قاله (محمد بن عبد الحكم وغيره) ومحمد بن عبد الحكم هذا هو الفقيه أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن عبد الحكم المصري صاحب الشافعي يروي عن ابن وهب وطائفة وعنه النسائي وابن خزيمة والأصم وآخرون قال ان خزيمة ما رأيت في الفقهاء أعرف بأقاويل الصحابة والتابعين منه مات سنة ثمان وستين ومائتين (وحكى ابن القصّار) بفتح القاف وتشديد الصاد (وَعَبْدُ الْوَهَّابِ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ الْمَوَّازِ يَرَاهَا) أي يرى الصلاة (فريضة في الصّلاة كقول الشّافعي) وصححه ابن الحاجب في مختصره وابن العربي في سراج المريدين وقال ابن عبد السلام المالكي وهو ظاهر كلام ابن المواز (وحكى أبو يعلى العبديّ) بفتح مهملة وسكون موحدة (المالكيّ عن المذهب) أي مذهب مالك (فيها ثلاثة أقوال: الوجوب) أي كما قال الشافعي وأشياعه (والسّنّة) أي المؤكدة كما قال أبو حنيفة وأتباعه (والنّدب) أي كما ذهب إليه مالك وبعضهم ولا فرق عند أكثر الشافعية بين السنة والندب وأما عند غيرهم فتغايرهما بأن السنة ما واظب عليه صلى الله تعالى عليه وسلم والندب ما لم يواظب عليه وبه قال بعض الشافعية كالقاضي حسين (وَقَدْ خَالَفَ الْخَطَّابِيُّ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَغَيْرُهُ) بالرفع أي وغير الخطابي منهم الحافظ العراقي وأبو أمامة بن النقاش (الشّافعيّ في هذه المسألة) أي حيث لم يروا له حجة واضحة من الأدلة (قال الخطّابيّ وليست) أي الصلاة عليه (بواجبة في الصّلاة وهو) أي عدم وجوبها (قول جماعة الفقهاء) أي من السلف والخلف (إلّا الشّافعيّ) أي بالأصالة إنما وافقه من وافقه من الخلف على سبيل التبعية (ولا أعلم له فيها) أي في المسألة

ص: 110

(قدوة) بضم القاف وكسرها ويحكى فتحها أي مقتدى من السلف (وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ فُرُوضِ الصَّلَاةِ) وفي نسخة من فرائض الصلاة (عمل السّلف الصّالح) أي إفتاء (قبل الشّافعيّ) أي وجوده وظهوره (وإجماعهم عليه) أي على أن ترك الصلاة عليه غير مفسد للصلاة (وقد شنّع النّاس) أي من المتأخرين (عليه) أي على الشافعي (هذه المسألة) أي فيها (جدّا) أي بطريق المبالغة أو مبالغين له في التخطئة (وهذا تشهّد ابن مسعود) أي الذي هو أصح ألفاظ التشهد حيث رواه أصحاب الكتب الستة ولهذا اختاره بعض العلماء والمشايخ من الشافعية أيضا وقد ذكر ابن الملقن التشهدات الواردة عنه صلى الله تعالى عليه وسلم في تخريج أحاديث الرافعي فبلغت ثلاثة عشر تشهدا ثم أجمعوا على جواز جميع ألفاظ التشهد الوارد وإنما الخلاف في الاختيار فاختار أبي حنيفة تشهد ابن مسعود لكونه اصح سندا واختار الشافعي تشهد ابن عباس واختار مالك تشهد عمر الذي قرأه فوق منبر النبي صلى الله تعالى عليه وسلم وأما قوله (الّذي اختاره الشّافعيّ) فغير مشهور عنه بل الثابت عنه في كتب اصحابه أن الذي اختاره تشهد ابن عباس لزيادة المباركات فيه الموافقة لقوله تعالى تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبارَكَةً طَيِّبَةً (وهو) أي تشهد ابن مسعود (الّذي علّمه له النبيّ صلى الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ فِيهِ الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله تعالى عليه وسلم وكذلك) مثل تشهد ابن مسعود (كُلُّ مَنْ رَوَى التَّشَهُّدَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَأَبِي هُرَيْرَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَجَابِرٍ وَابْنِ عُمَرَ وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَأَبِي مُوسَى الأشعريّ وعبد الله بن الزّبير) أي وغيرهم لما سبق (لَمْ يَذْكُرُوا فِيهِ صَلَاةً عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى الله تعالى عليه وسلم) أي ولو كانت الصلاة فرضا كالتشهد لما تركوا ذكرها وفيه بحث لا يخفى إذ كل واحد منهما فرض على حدة ولا يلزم من ذكر أحدهما ذكر الآخر لا سيما وقد اختلف مقام التعليم مع أنه يمكن تأخير وجوب الصلاة بعد تقديم فرض التشهد (وقد قال ابن عباس) كما في مسلم (وجابر) كما رواه الحاكم والنسائي (كان النبي صلى الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَلِّمُنَا التَّشَهُّدَ كَمَا يُعَلِّمُنَا السُّورَةَ من القرآن) أي ولهذا خص بالوجوب بخلاف الصلاة عليه فإنه ما ورد فيها مثل هذا الاهتمام (ونحوه) أي ونحو ما ذكر عنهما روي (عن أبي سعيد) أي الخدري (وقال ابن عمر رضي الله تعالى عنهما) كما رواه ابن أبي شيبة في مصنفه (كَانَ أَبُو بَكْرٍ يُعَلِّمُنَا التَّشَهُّدَ عَلَى الْمِنْبَرِ) أي وهو فوقه (كما يعلّمون) أي الفقهاء وفي نسخة بصيغة الخطاب أي كما تعلمون أنتم (الصّبيان في الكتّاب) بضم فتشديد أي في المكتب وموضع تعليم الكتاب (وعلّمه) أي التشهد (أَيْضًا عَلَى الْمِنْبَرِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ الله تعالى عنه) أي ولم يرو عن أحد منهم ذكر الصلاة عليه في هذا الباب (وَفِي الْحَدِيثِ لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يُصَلِّ عليّ) رواه ابن ماجه والحاكم في مستدركه قال وليس على شرطهما إذ لم يخرجاه والطبراني والدارقطني قال وليس عندهم بقوي واليعمري والبيهقي بلفظ لا صلاة لمن لا وضوء له ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه ولا صلاة لمن لم يصل على نبيه ولا صلاة لمن لم يحب الأنصار (قَالَ ابْنُ الْقَصَّارِ مَعْنَاهُ كَامِلَةً أَوْ لِمَنْ لم يصلّ عليّ مرّة في عمره) وإنما أوله بحديث

ص: 111