المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل [في المواطن التي تستحب فيها الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ويرغب فيها] - شرح الشفا - جـ ٢

[الملا على القاري]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الثّاني

- ‌[المقدمة]

- ‌(الْقِسْمُ الثَّانِي فِيمَا يَجِبُ عَلَى الْأَنَامِ مِنْ حقوقه صلى الله تعالى عليه وسلم)

- ‌الْبَابُ الْأَوَّلُ [فِي فَرْضِ الْإِيمَانِ بِهِ وَوُجُوبِ طاعته واتّباع سنّته]

- ‌فصل [وَأَمَّا وُجُوبُ طَاعَتِهِ فَإِذَا وَجَبَ الْإِيمَانُ بِهِ وتصديقه فيما جاء به]

- ‌فصل [وَأَمَّا وُجُوبُ اتِّبَاعِهِ وَامْتِثَالُ سُنَّتِهِ وَالِاقْتِدَاءُ بِهَدْيِهِ]

- ‌فصل [وأما وَرَدَ عَنِ السَّلَفِ وَالْأَئِمَّةِ مِنِ اتِّبَاعِ سُنَّتِهِ]

- ‌فصل [وَمُخَالَفَةُ أَمْرِهِ وَتَبْدِيلُ سُنَّتِهِ ضَلَالٌ وَبِدْعَةٌ مُتَوَعَّدٌ من الله تعالى عليه بالخذلان والعذاب]

- ‌الباب الثاني [في لزوم محبته عليه الصلاة والسلام]

- ‌فصل [في ثواب محبته صلى الله تعالى عليه وسلم]

- ‌فصل [فِيمَا رُوِيَ عَنِ السَّلَفِ وَالْأَئِمَّةِ مِنْ مَحَبَّتِهِمْ للنبي صلى الله تعالى عليه وسلم]

- ‌فصل [في علامات محبته صلى الله تعالى عليه وسلم]

- ‌فصل [في معنى المحبة للنبي صلى الله تعالى عليه وسلم وحقيقتها]

- ‌فصل [في وجوب مناصحته صلى الله تعالى عليه وسلم]

- ‌الْبَابُ الثَّالِثُ [فِي تَعْظِيمِ أَمْرِهِ وَوُجُوبِ تَوْقِيرِهِ وبره]

- ‌فصل [في عادة الصحابة في تعظيمه عليه الصلاة والسلام وتوقيره وإجلاله]

- ‌فصل [واعلم أن حرمة النبي بعد موته وتوقيره وتعظيمه لازم]

- ‌فصل [فِي سِيرَةِ السَّلَفِ فِي تَعْظِيمِ رِوَايَةِ حَدِيثِ رسول الله وسنته عليه الصلاة والسلام]

- ‌فصل [ومن توقيره صلى الله تعالى عليه وسلم وبره بر آله]

- ‌فصل [ومن توقيره وبره توقير أصحابه عليه الصلاة والسلام]

- ‌فصل [ومن إعظامه وإكباره إعظام جميع أسبابه]

- ‌الباب الرابع [في حكم الصلاة عليه صلى الله تعالى عليه وسلم والتسليم]

- ‌فصل [اعلم أن الصلاة على النبي فرض في الجملة]

- ‌فصل [في المواطن التي تستحب فيها الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ويرغب فيها]

- ‌فصل [في كيفية الصلاة عليه والتسليم]

- ‌فصل (في فضيلة الصلاة على النبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم والتسليم عليه والدّعاء له)

- ‌فصل (فِي ذَمِّ مَنْ لَمْ يُصَلِّ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله تعالى عليه وسلم وإثمه)

- ‌فصل [في تخصيصه عليه الصلاة والسلام بتبليغ صلاة من صلى عليه صلاة أو سلم من الأنام]

- ‌فصل (فِي الِاخْتِلَافِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى غَيْرِ النَّبِيِّ صلى الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

- ‌فصل (فِي حُكْمِ زِيَارَةِ قَبْرِهِ صلى الله عليه وسلم وَفَضِيلَةِ مَنْ زَارَهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ

- ‌فصل (فِيمَا يَلْزَمُ مَنْ دَخَلَ مَسْجِدَ النَّبِيِّ صَلَّى الله تعالى عليه وسلم من الأدب)

- ‌الْقِسْمُ الثَّالِثُ [فِيمَا يَجِبُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ تعالى عليه وسلم وما يستحيل في حقه وما يمتنع]

- ‌الْبَابُ الْأَوَّلُ (فِيمَا يَخْتَصُّ بِالْأُمُورِ الدِّينِيَّةِ وَالْكَلَامُ فِي عِصْمَةِ نَبِيِّنَا عليه الصلاة والسلام وَسَائِرِ الأنبياء صلوات الله عليهم

- ‌فصل (فِي حُكْمِ عَقْدِ قَلْبِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ تعالى عليه وسلم)

- ‌فصل (وأمّا عصمتهم من هذا الفنّ)

- ‌فصل [قال القاضي أبو الفضل قد بان مما قدمناه عقود الأنبياء في التوحيد والإيمان]

- ‌فصل [وَاعْلَمْ أَنَّ الْأُمَّةَ مُجْمِعَةٌ عَلَى عِصْمَةِ النَّبِيِّ من الشيطان إلى آخره]

- ‌فصل [وأما قوله صلى الله تعالى عليه وسلم فقامت الدلائل إلى آخره]

- ‌فصل [وقد توجهت ههنا لبعض الطاعنين سؤالات]

- ‌فصل [فصل هذا القول فيما طريقه البلاغ]

- ‌فصل (فإن قلت فما معنى قوله عليه الصلاة والسلام في حديث السّهو)

- ‌فصل (وأمّا ما يتعلّق بالجوارح)

- ‌فصل [وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي عِصْمَتِهِمْ مِنَ الْمَعَاصِي قَبْلَ النبوة]

- ‌فصل [هَذَا حُكْمُ مَا تَكُونُ الْمُخَالَفَةُ فِيهِ مِنَ الْأَعْمَالِ عَنْ قَصْدٍ وَهُوَ مَا يُسَمَّى مَعْصِيَةً ويدخل تحت التكليف]

- ‌فصل (فِي الْكَلَامِ عَلَى الْأَحَادِيثِ الْمَذْكُورِ فِيهَا السَّهْوُ

- ‌فصل (فِي الرَّدِّ عَلَى مَنْ أَجَازَ عَلَيْهِمُ الصَّغَائِرَ

- ‌فصل (فَإِنْ قُلْتَ فَإِذَا نَفَيْتَ عَنْهُمْ صَلَوَاتُ اللَّهِ عليهم الذّنوب)

- ‌فصل [قد استبان لك أيها الناظر بما قررناه ما هو الحق من عصمته عليه السلام]

- ‌فصل (في القول في عصمة الملائكة)

- ‌الْبَابُ الثَّانِي [فِيمَا يَخُصُّهُمْ فِي الْأُمُورِ الدُّنْيَوِيَّةِ]

- ‌فصل [فَإِنْ قُلْتَ فَقَدْ جَاءَتِ الْأَخْبَارُ الصَّحِيحَةُ أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام سحر]

- ‌فصل [هذا حاله عليه الصلاة والسلام في جسمه]

- ‌فصل [وَأَمَّا مَا يَعْتَقِدُهُ فِي أُمُورِ أَحْكَامِ الْبَشَرِ إلى آخره]

- ‌فصل [وَأَمَّا أَقْوَالُهُ الدُّنْيَوِيَّةُ مِنْ أَخْبَارِهِ عَنْ أَحْوَالِهِ]

- ‌فصل (فَإِنْ قُلْتَ قَدْ تَقَرَّرَتْ عِصْمَتُهُ صَلَّى اللَّهُ تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَقْوَالِهِ فِي جَمِيعِ أَحْوَالِهِ)

- ‌فصل (فَإِنْ قِيلَ فَمَا وَجْهُ حَدِيثِهِ أَيْضًا الَّذِي حدّثناه الفقيه أبو محمد الخشنيّ)

- ‌فصل (وأمّا أفعاله عليه الصلاة والسلام الدّنيويّة)

- ‌فصل [فَإِنْ قِيلَ فَمَا الْحِكْمَةُ فِي إِجْرَاءِ الْأَمْرَاضِ وشدتها عليه عليه الصلاة والسلام]

- ‌الْقِسْمُ الرَّابِعُ (فِي تَصَرُّفِ وُجُوهِ الْأَحْكَامِ فِيمَنْ تنقّصه أو سبّه عليه الصلاة والسلام

- ‌الْبَابُ الْأَوَّلُ (فِي بَيَانِ مَا هُوَ فِي حقّه صلى الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبٌّ أَوْ نَقْصٌ مِنْ تَعْرِيضٍ أو نصّ)

- ‌فصل (فِي الْحُجَّةِ فِي إِيجَابِ قَتْلِ مَنْ سَبَّهُ أو عابه صلى الله تعالى عليه وسلم)

- ‌فصل (فَإِنْ قُلْتَ فَلِمَ لَمْ يَقْتُلِ النَّبِيُّ صَلَّى الله تعالى عليه وسلم اليهوديّ الّذي قال له)

- ‌فصل (قَالَ الْقَاضِي تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي قَتْلِ الْقَاصِدِ لسبّه)

- ‌فصل [أن يقصد إلى تكذيبه فيما قاله إلى آخره]

- ‌فصل (الْوَجْهُ الرَّابِعُ أَنْ يَأْتِيَ مِنَ الْكَلَامِ بِمُجْمَلٍ)

- ‌فصل [أَنْ لَا يَقْصِدَ نَقْصًا وَلَا يَذْكُرَ عَيْبًا ولا سبا لكنه ينزع إلى آخره]

- ‌فصل [أَنْ يَقُولَ الْقَائِلُ ذَلِكَ حَاكِيًا عَنْ غَيْرِهِ وآثرا عن سواه]

- ‌فصل [أن يذكر ما يجوز على النبي أو يختلف في جوازه عليه]

- ‌فصل (وَمِمَّا يَجِبُ عَلَى الْمُتَكَلِّمِ فِيمَا يَجُوزُ عَلَى النّبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم وما لا يجوز)

- ‌الْبَابُ الثَّانِي [فِي حُكْمِ سَابِّهِ وَشَانِئِهِ وَمُتَنَقِّصِهِ ومؤذيه]

- ‌فصل (إذا قلنا بالاستتابة حيث تصحّ)

- ‌فصل (هذا حكم من ثبت عليه ذلك)

- ‌فصل [هذا حكم المسلم]

- ‌فصل (فِي مِيرَاثِ مَنْ قُتِلَ فِي سَبِّ النَّبِيِّ صلى الله تعالى عليه وسلم وغسله والصلاة عليه)

- ‌الْبَابُ الثَّالِثُ (فِي حُكْمِ مَنْ سَبَّ اللَّهَ تعالى وملائكته وأنبياءه وكتبه وآل النبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم وأزواجه وصحبه

- ‌فصل (وَأَمَّا مَنْ أَضَافَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى مَا لَا يَلِيقُ بِهِ لَيْسَ عَلَى طَرِيقِ السَّبِّ)

- ‌فصل [فِي تَحْقِيقِ الْقَوْلِ فِي إِكْفَارِ الْمُتَأَوِّلِينَ قَدْ ذكرنا مذاهب السلف وإكفار أصحاب البدع والأهواء]

- ‌فصل (فِي بَيَانِ مَا هُوَ مِنَ الْمَقَالَاتِ كُفْرٌ وَمَا يُتَوَقَّفُ أَوْ يُخْتَلَفُ فِيهِ وَمَا لَيْسَ بكفر)

- ‌فصل [هَذَا حُكْمُ الْمُسْلِمِ السَّابِّ لِلَّهِ تَعَالَى وَأَمَّا الذمي الخ]

- ‌فصل [هَذَا حُكْمُ مَنْ صَرَّحَ بِسَبِّهِ وَإِضَافَةِ مَا لَا يَلِيقُ بِجَلَالِهِ وَإِلَهِيَّتِهِ فَأَمَّا مُفْتَرِي الْكَذِبِ الخ]

- ‌فصل (وأمّا من تكلّم من سقط القول)

- ‌فصل (وَحُكْمُ مَنْ سَبَّ سَائِرَ أَنْبِيَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وملائكته)

- ‌فصل (واعلم أن من استخفّ بالقرآن)

- ‌فصل [من سب آل بيته وأزواجه وأصحابه عليه الصلاة والسلام وتنقصهم حرام ملعون فاعله]

- ‌ نظم

- ‌فهرس محتويات الجزء الثاني من شرح الشفا

الفصل: ‌فصل [في المواطن التي تستحب فيها الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ويرغب فيها]

البيهقي الدال على أن المراد به نفي الكمال إذ الإجماع منعقد على صحة صلاة من لا يحب الأنصار والاتفاق على صحة من لم يذكر اسم الله على وضوئه خلافا لأحمد فاندفع قول الدلجي بأنه تحكم وترجيح بلا مرجح وصرف للنفي عن المتبادر منه وضعا أعني الحقيقة المجزئة إلى ناقص لا غناء له ثم هذا كله لو ثبتت صحته (وَضَعَّفَ أَهْلُ الْحَدِيثِ كُلُّهُمْ رِوَايَةَ هَذَا الْحَدِيثِ) أي بجميع طرقه ويعمل بالحديث الضعيف ولا يستدل به قال السخاوي في القول البديع وعن سهل بن سعد رضي الله تعالى عنهما عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أنه قال لا وضوء لمن لم يصل على النبي صلى الله تعالى عليه وسلم رواه ابن ماجه وابن أبي عاصم وسنده ضعيف وفي بعض طرقه من الزيادة لا صلاة لمن لا وضوء له ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه ومعناه لا وضوء كامل الفضيلة والتسمية عندنا من الفضائل ولا أعلم من قال بوجوبها إلا ما جاء عن أحمد في إحدى الروايتين عنه وبه قال إسحاق بن راهويه وأهل الظاهر فيتعين حمل الحديث على ما تقدم وهو مثل قوله لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد وما أشبه ذلك (وفي حديث أبي جعفر) الصادق محمد الباقر ابن زين العابدين علي بن الحسين رضي الله تعالى عنهم (عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ تعالى عليه وسلم من صلّى صلاة) أي فرضا أو نافلة (لَمْ يُصَلِّ فِيهَا عَلَيَّ وَعَلَى أَهْلِ بَيْتِي لم تقبل منه) أي قبولا كاملا وفي نسخة وقد روي موقوفا من قبل ابن مسعود رضي الله تعالى عنه (قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ الصَّوَابُ أَنَّهُ مِنْ قَوْلِ أَبِي جعفر محمد بن علي بن الحسين رضي الله تعالى عنه) أي ابن علي بن أبي طالب قال الحلبي وعلي كونه مرفوعا أيضا يكون منقطعا لأن أبا جعفر لم يدرك ابن مسعود وابن أبي جعفر من ابن مسعود فإنه على ما قيل ولد سنة عشر ومائة وابن مسعود توفي سنة اثنتين وثلاثين (لَوْ صَلَّيْتُ صَلَاةً لَمْ أُصَلِّ فِيهَا عَلَى النبيّ صلى الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ لَرَأَيْتُ) من الرأي أو معناه لظننت (أنّها لا تتمّ) أي لا تكمل وليس معناه أنها لا تصح فبطل قول الدلجي قد حكم القاضي ولم يشعر على نفسه بأن للشافعي فيما قاله سلفا هو أبو جعفر وقد انقلب عليه قوله الشاهد لديه:

قد تنكر العين ضوء الشمس من رمد

وينكر الفم طعم الماء من سقم

على أن الصلاة على أهل البيت ليست من فروض الصلاة إجماعا وعليه الشافعي وغيره فلو سلم أن مراد جعفر الصادق عدم صحة الصلاة بدونها فيكون ممن انفرد بها على أنه لم يسنده إلى نفسه بل يرويه غايته أن حديثه مسند متصل أو منقطع وقد حكم بأنه حديث ضعيف لا يصح الاستدلال به وزيد في بعض النسخ (وراويه) أي ناقل هذا الحديث عن أبي جعفر (جابر الجعفي) بفتح الجيم وسكون العين (وهو ضعيف) .

‌فصل [في المواطن التي تستحب فيها الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ويرغب فيها]

(فِي الْمَوَاطِنِ الَّتِي يُسْتَحَبُّ فِيهَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ) وفي نسخة التسليم (على النبي صلى

ص: 112

الله تعالى عليه وسلم ويرغّب) بصيغة المجهول من الترغيب وهو ضد الترهيب وفي نسخة ويترغب (من ذلك) أي مما ذكر من المواضع وكان الأظهر أن يقول منها (في تشهّد الصّلاة كما قدّمناه) أي من الأدلة وأقوال الأئمة (وذلك) أي محلها (بعد التّشهّد) أي الأخير على ما عندنا (وقبل الدّعاء) أي قبل الدعاء لحديث ثم ليتخير من الدعاء ما شاء (حدّثنا القاضي أبو عليّ) أي ابن سكرة رحمه الله بقراءتي عليه قال ثنا) أي حَدَّثَنَا (الْإِمَامُ أَبُو الْقَاسِمِ الْبَلْخِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الفارسيّ) بكسر الراء (عن أبي القاسم الخزاعيّ) بضم أوله (عن أبي الهيثم) بفتح الهاء وسكون التحتية وفتح المثلثة وهو ابن كليب وفي نسخة صحيحة عن أبي سعيد الهيثم بن كليب وعلي بن سعيد ضبة وكنية الهيثم أبو سعيد فلعله أراد بالضبة أن الكنية ليست في الأصل والله أعلم (عن أبي عيسى الحافظ) أي الترمذي صاحب الجامع (حدّثنا محمود بن غيلان) مروزي حافظ يروي عن ابن عيينة وغيره وعنه أصحاب الكتب الستة سوى أبي داود (حدّثنا عبد الله بن يزيد) وفي نسخة زيد والصواب الأول وهو ابن عبد الرحمن (المقرىء) اسم فاعل من الإقراء وهو تعليم القراءة بتجويد الأداء وهو القصير مولى آل عمر بن الخطاب أصله من ناحية البصرة نزل مكة وروى عن أبي حنيفة وموسى بن علي بن رباح بالموحدة وحرملة وحيوة بن شريح وغيرهم وعنه البخاري وأحمد وابن راهويه وابن المديني وخلق كثير وثقه النسائي وغيره توفي سنة ثلاث عشرة ومائتين (حدّثنا حيوة) وفي نسخة عن حيوة (ابن شريح) وحيوة بفتح حاء وسكون ياء وشريح بالتصغير (حدّثني) وفي نسخة حدثنا (أبو هانىء) بكسر نون فهمز (الخولانيّ) بفتح الخاء (أنّ عمرو بن مالك) وفي نسخة عمر والصواب بالواو (الجنبي) بفتح الجيم وسكون النون فموحدة فياء نسبة إلى جنب بطن من مذحج البصري وثقه ابن معين توفي سنة اثنتين وثلاثمائة أخرج له أصحاب السنن الأربعة (أخبره أنه سمع فضالة) بفتح الفاء (ابن عبيد) وفي نسخة ابن عبيد الله والصواب الأول وهو أنصاري أوسي شهد أحدا والحديبية وولي قضاء دمشق لمعاوية (يقول سمع النبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم رجلا يدعو في صلاته) أي في آخرها (فلم يصلّ على النبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم) أي قبل الدعاء بها (فقال النبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم عجل هذا) بكسر الجيم مخففة أي استعجل في دعائه لنفسه قبل ثنائه على ربه الذي هو وسيلة لقبوله وفي نسخة عجل بتشديد الجيم المفتوحة أي عجل أمر الدعاء على الصلاة (ثمّ دعاه) أي طلبه (فقال له ولغيره) أي فخاطبه خطابا عاما غير مختص به (إذا صلّى أحدكم) أي وقعد في التشهد الأخير (فليبدأ بتحميد الله والثّناء عليه) أي بقوله التحيات لله الخ (ثمّ ليصلّ على النّبيّ) صلى الله تعالى عليه وسلم أي كما مر (ثمّ ليدع بعد) أي بعد الصلاة عليه (بما شاء) أي بما احتاج إليه أي بما لا يسئل من الناس والحديث أخرجه الترمذي في الدعوات وقال صحيح وأخرجه أبو داود ونحوه في الصلاة وكذا النسائي (وَيُرْوَى مِنْ غَيْرِ هَذَا السَّنَدِ بِتَمْجِيدِ اللَّهِ) أي بتعظيمه وهو بتقديم الميم على الجيم بدل بتحميده بتقديم الحاء على الميم ومعناهما

ص: 113

متقاربان (وهو) أي اللفظ الثاني أو سنده (أصحّ) أي مما قبله عند المصنف وفيه بحث إذ روى الأول أبو داود والنسائي وابن حبان والحاكم ثم لا دلالة في الحديث على وجوب الصلاة كما توهمه الدلجي لأن هذا أمر شفقة ونصيحة في مراعاة السنة بدليل امره بالدعاء المجمع على أنه للاستحباب بل فيه دليل على عدم الوجوب حيث أنه لم يأمره بإعادة الصلاة (وَعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قال الدّعاء والصّلاة) أي المكتوبة والنافلة (معلّق) أي كل منهما (بين السّماء والأرض لا يصعد) بفتح أوله وضمه أي لا يطلع ولا يرفع (إلى الله) أي محل قبوله أو مكان عرشه (منه) أي مما ذكر من الدعاء والصلاة (شيء) أي منهما (حتّى يصلّي) أي الداعي وفي نسخة بصيغة المجهول في صلاته (على النّبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم) أي قبل دعائه رواه الترمذي إلا أنه في الحصن الحصين بلفظ حتى يصلي على نبيك وفيه تنبيه نبيه على أن منشأ الحكم المذكور هو وصف النبوة ونعت الوسيلة (وعن عليّ كرم الله وجهه عن النّبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم بمعناه) رواه أبو الشيخ في الثواب عنه (وقال) أي علي في رواية زيادة (وعلى آل محمد) ولفظ البيهقي في شعب الإيمان الدعاء محجوب حتى يصلى على محمد وأهل بيته وفي رواية وآل محمد وهذا معنى قوله (وروي أنّ الدّعاء محجوب) أي ممنوع عن كمال حصوله وجمال وصوله (حَتَّى يُصَلِّيَ الدَّاعِي عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ تعالى عليه وسلم) وفي الاقتصار عليه مرة وضم آله أخرى إشعار بأن ذكر أهل بيته إنما هو لبيان الأحرى ثم اعلم أن حديث علي رواه الطبراني في الأوسط موقوفا وروى الحسن بن عرفة عن علي مرفوعا وسنده ضعيف والصحيح وقفه لكن قال المحققون من علماء الحديث إن مثل هذا لا يقال من قبل الرأي فهو مرفوع حكما (وعن ابن مسعود) كما روى عبد الرزاق والطبراني بسند صحيح عنه (إِذَا أَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يَسْأَلَ اللَّهَ شَيْئًا) أي في الصلاة وغيرها (فليبدأ بمدحه) وفي نسخة بحمده (والثّناء عليه بما هو أهله ثمّ يصليّ) أي هو (على النّبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم) ويمكن أن يكون يصلي مجزوما وبقاء الياء على لغة نحو قوله تعالى إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ على رواية قنبل عن ابن كثير وهو الملائم لما قبله وما بعده من قوله (ثمّ ليسأل) أي مطلوبه (فإنّه اجدر) أي أحق وأليق حينئذ (أن ينجح) بضم الياء وكسر الجيم أو بفتحهما من نجح ينجح وأنجح إذا أصاب طلبته وتيسرت حاجته ونجحت وأنجحت وانجحه الله وفي الحديث دليل على استحباب الصلاة حيث علل بقوله فإنه أجدر أن ينجح فتأمل وتدبر (وعن جابر رضي الله عنه في رواية البزار وأبي يعلى والبيهقي في شعب الإيمان (قال قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم لا تجعلوني) أي مؤخرا مع كوني مقدما (كقدح الرّاكب) أي حيث يعلقه من ورائه ويلتفت إليه عند حاجته قال الهروي معناه لا تؤخروني في الذكر كتأخير الراكب تعليق قدحه في آخرة رحله بعد فراغه من التعبية ويجعله خلفه قال حسان كما نيط خلف الراكب القدح الفرد انتهى ونحوه لابن الأثير وقد أخذه منه أو التقدير لا تجعلوني مثل ماء قدح الراكب في الالتفات إليه عند الحاجة وتركه عند حال السعة قيل

ص: 114

وما قدحه يا رسول الله قال (فإنّ الرّاكب يملأ قدحه ثمّ يضعه) أي في رحله (ويرفع متاعه) أي على مركوبه أو يضع القدح حيث وقع ويرفع متاعه حيث ارتفع (فإن احتاج إلى شراب) أي شربه (شربه أو الوضوء) أي أو احتاج إليه (توضّأ وإلّا) أي وإن لم يحتج إلى شربه ولا إلى وضوئه (هراقه) أي صبه وفي نسخة اهراقه بسكون الهاء وقيل بفتحها والهاء في هراق بدل من همزة أراق يقال أراق الماء يريقه وهراقه يهريقه هراقة ويقال فيه أهرقت الماء أهريقه اهراقا فتجمع بين البدل والمبدل قال الحجازي ولا تفتح الهاء مع الهمزة (وَلَكِنِ اجْعَلُونِي فِي أَوَّلِ الدُّعَاءِ وَأَوْسَطِهِ وَآخِرِهِ) أي اذكروني بالصلاة علي في هذه المواطن خصوصا فإنكم لن تستغنوا عني عموما (وقال ابن عطاء: للدّعاء أركان) أي يقوم بها كالإخلاص (وأجنحة) أي يطير بها ويصعد بسببها ولا بد من وجودها كأكل الحلال (وأسباب) أي أحوال للإجابة كحالة السجود والقراءة (وأوقات) أي أزمنة خاصة لها كالسحر وساعة الجمعة وقد بينا كلها في شرح الحصن الحصين (فإن وافق) أي الدعاء (أركانه) بأن قارنها (قوي) أي باستناده إليها (وإن وافق أجنحته طار في السّماء) أي صعد إليها (وإن وافق مواقيته) أي أزمنته وأمكنته (فاز) أي نجح أجابته وقضيت حاجته واستجيب قوله (وإن وافق أسبابه أنجح) أي ظفر بطلبته (فأركانه حضور القلب) أي لمشاهدة الرب (والرّقّة) أي اللينة من أثر الرحمة (والاستكانة) أي الخضوع والتضرع والمذلة (والخشوع) أي الانكسار والافتقار والخشية (وتعلّق القلب بالله) أي بنفي ما سواه (وقطعه) أي الداعي (من الأسباب) وفي نسخة عن الأسباب اعتمادا على رب الأرباب (وأجنحته الصّدق) بأن لا يجري على لسانه الكذب نحوه ويكون صادقا في قوله وفعله وبارا في عهده ووعده (ومواقيته الأسحار) أي ونحوها من مواقيت الاذكار وخصت بالأسحار لأنها وقت الخلو عن الأغيار والخلوص عن الإكدار (وأسبابه الصّلاة) أي أنواعها بجعلها في أول الدعاء وأوسطه وآخره (على محمد صلى الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي الْحَدِيثِ الدُّعَاءُ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ لا يردّ) أي بلا إجابة بل يستجاب البتة وقد قال الشيخ أبو سليمان الداراني إذا سألت الله حاجة فابدأه بالصلاة على النبي صلى الله تعالى عليه وسلم ثم ادع بما شئت ثم اختم بالصلاة عليه صلى الله تعالى عليه وسلم فإنه سبحانه بكرمه يقبل الصلاتين وهو أكرم من أن يدع ما بينهما (وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ كُلُّ دُعَاءٍ مَحْجُوبٌ دُونَ السَّمَاءِ فَإِذَا جَاءَتِ الصَّلَاةُ عَلَيَّ صَعِدَ الدُّعَاءُ) وهو مضمون حديث الترمذي عن عمر (وَفِي دُعَاءِ ابْنِ عَبَّاسٍ الَّذِي رَوَاهُ عَنْهُ حنش) بفتح مهملة ونون فشين معجمة وهو ابن عبد الله شيباني صنعاني دمشقي نزل إفريقية يروي عن علي وغيره وثقه أبو زرعة وغيره توفي سنة مائة (فَقَالَ فِي آخِرِهِ وَاسْتَجِبْ دُعَائِي ثُمَّ تَبْدَأُ بالصّلاة على النّبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم أن تصلي) أي بأن تصلي وفي نسخة تقول اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ (عَلَى مُحَمَّدٍ عَبْدِكِ وَنَبِيِّكِ وَرَسُولِكِ أَفْضَلَ مَا صَلَّيْتَ عَلَى أحد من خلقك أجمعين) تأكيد لما قبله (آمين) بالمد ويقصر قال الحلبي هذا الحديث الذي أشار إليه القاضي ليس هو في الكتب الستة والذي لحنش عن ابن عباس حديث يا غلام

ص: 115

إني أعلمك كلمات احفظ الله يحفظك الحديث أخرجه الترمذي في الزهد وحديث آخر عند ابن ماجه أنه عليه السلام قال لابن مسعود معك ماء قال لا نبيذ في سطيحة الحديث أخرجه ابن ماجه في الطهارة وليس له عن ابن عباس شيء في بقية الكتب ولا فيها إلا هذين لحنش هذا ترجمته في الميزان وصحح عليه انتهى والحاصل أن الحديث ليس له أصل صحيح لكن الضعيف يذكر في الفضائل والمصنف إمام جليل في حسن الشمائل ومن حفظ حجة على من لم يحفظ والمثبت مقدم والله أعلم (وَمِنْ مُوَاطِنِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ عِنْدَ ذِكْرِهِ وَسَمَاعِ اسمه أو كتابه) وفي نسخة أو كتابه (أو عند الأذان) أي الاعلام الشامل للإقامة (وقد قال عليه السلام كما في رواية مسلم عن أبي هريرة (رغم) بكسر الغين ويفتح أي لصق بالتراب وذل (أَنْفُ رَجُلٍ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ) وفي حديث بعثت مرغمة للمشركين وفي هذا دعاء عليه أي لحقه هوان ومذلة مجازاة بترك تعظيمي بالصلاة علي حين سمع اسمي (وكره ابن حبيب) وهو عبد الملك القرطبي أحد الأئمة ومصنف الواضحة (ذكر النبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم عند الذّبح) ولعل وجه الكراهة توهم اشتراك اسمه بسم الله سبحانه بأن يقول بسم الله وصلى الله تعالى عليه وسلم وأما إن قال بسم الله والنبي نحوه فلا شك أنه حرام ولا يحل أكل تلك الذبيحة وربما يكفر قائله والحاصل أن أصحاب أبي حنيفة كرهوا الصلاة في هذا الموطن كما ذكره صاحب المحيط وعلله بأن قال لأن فيها إيهام الإهلال لغير الله تعالى (وكره سحنون) بفتح فسكون فضم وهو منصرف وهو أبو سعيد عبد السلام (الصّلاة عليه عند التّعجّب وقال) أي في تعليله (لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ إِلَّا عَلَى طَرِيقِ الِاحْتِسَابِ وطلب الثّواب) عطف تفسير لما قبله ويؤيده ما قال بعض ائمتنا من ذكر الله عند فتح سلعته أو نشر سلعته وارادة ترويجها واجتماع الناس عليها يكفر وفي تحفة الملوك ومنحة السلوك للعيني ويحرم التسبيح والتكبير والصلاة على النبي صلى الله تعالى عليه وسلم عند عمل محرم أو عرض سلعة أو فتح متاع انتهى فما ذكره الأنطاكي من قوله كذلك كره أصحابنا الحنيفة للسوقي أن يصلي عليه عليه السلام عند فتح بضاعته وعرضها على المشتري لأنه يقصد بذلك تحسين بضاعته وترغيب المشتري في تجارته لا الاحتساب وطلب الثواب ينبغي أن يحمل على الكراهة التحريمية وإذا قصد المثوبة وغيرها فتكون الكراهة تنزيهية والله أعلم (قال) وفي نسخة وقال (أصبغ) بفتح فسكون فموحدة مفتوحة فغين معجمة وهو غير مصروف وهو ابن فرج بن سعيد بن نافع أبو عبد الله الأموي مولى عمر بن عبد العزيز المصري الفقيه يروي عن ابن وهب والداوردي وطائفة وعنه البخاري وجماعة قال ابن معين كان أعلم خلق الله برأي مالك صدوق عالم ورع (عن ابن القاسم) وهو أبو عبد الله المصري الفقيه صاحب مالك وثقه غير واحد ورع زاهد أخرج له البخاري والنسائي ورد عنه قال خرجت إلى مالك اثنتي عشر مرة اتفقت كل مرة ألف دينار (موطنان لا يذكر فيهما) بصيغة المفعول (إلا الله الذّبيحة والعطاس) بضم أوله وهو العطسة (فلا تقل) بصيغة الخطاب وفي نسخة بصيغة الغيبة مجهولا (فيهما) أي في الذبيحة والعطاس

ص: 116

(بعد ذكر الله محمد رسول الله) أي لاختصاص ذكر الله تعالى بهما ويؤيده ما رواه أبو محمد الخلال بسنده عن معاذ بن جبل رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أنه قال موطنان لا حظ لي فيهما عند العطاس والذبح وأخرج الديلمي في مسند الفردوس له من طريق الحاكم عن أنس وهو عند البيهقي في السنن الكبرى عن الحاكم من غير ذكر الصحابي عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وسلم قال لا تذكروني في ثلاثة مواطن عند العطاس وعند الذبيحة وعند التعجب (وَلَوْ قَالَ بَعْدَ ذِكْرِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تعالى) وفي نسخة وصلى الله تعالى (على محمد لم يكن تسميته) وفي نسخة تسمية (له مع الله) لأنها جملة منفصلة عما قبلها (وقاله) أي وذكره أيضا (أشهب) وهو ابن عبد العزيز بن داود أبو عمر القيسي المصري الفقيه يروي عن الليث ومالك وطائفة وعنه سحنون وجماعة توفي بعد الشافعي بثمانية عشر يوما وله أربع وستون سنة أخرج له أبو داود والنسائي قال ابن يونس هو أحد فقهاء مصر وذوي رأيها وقال ابن عبد البر كان فقيها حسن الرأي والنظر فضله ابن عبد الحكم على ابن القاسم في الرأي (قال) أي أشهب (وَلَا يَنْبَغِي أَنْ تُجْعَلَ الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله تعالى عليه وسلم فيه) أي فيما ذكرا وفي كل منهما (استنانا) وفي نسخة استئنافا أي سنة واستحسانا خلافا للشافعي حيث قال لا أكره مع التسمية على الذبيحة أن يقول صلى الله تعالى عليه وسلم على محمد بل أحب ذلك (وروى النّسائيّ) وكذا أبو داود وابن ماجه وابن حبان والحاكم وصححه (عن أوس بن أوس) ثقفي صحابي سكن دمشق أخرج له أصحاب السنن الأربعة وأحمد في المسند قال الحلبي وفي الصحابة من اسمه أوس خمسة وأربعون (عن النبيّ صلى الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأَمْرَ بِالْإِكْثَارِ مِنَ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ يوم الجمعة) ولفظه قال قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم من أفضل أيامكم يوم الجمعة فيه خلق آدم وفيه قبض وفيه الصعقة فأكثروا فيه من الصلاة علي فإن صلاتكم معروضة علي قالوا كيف تعرض صلاتنا عليك وقد ارممت أي بليت قال إن الله عز وجل حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء رواه أيضا أحمد وابن أبي عاصم والبيهقي والطبراني وابن خزيمة وصححه النووي في الأذكار وجاء في هذا الباب أحاديث كثيرة وفي بعضها تعين عدد الصلاة بثمانين وفي بعضها بمائة وفي بعضها بألف وكذا ورد أحاديث في الصلاة عليه ليلة الجمعة (ومن مواطن الصّلاة والسّلام) أي الجمع بينهما (دخول المسجد) أي بعد تحققه وحصوله أو قصد دخوله ووصوله (قال أبو إسحاق بن شعبان) أي المصري المالكي (وَيَنْبَغِي لِمَنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى النبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم وعلى آله ويترحّم عليه ويبارك عليه وعلى آله ويسلّم) أي عليه وعلى آله كما في نسخة (تَسْلِيمًا وَيَقُولُ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذُنُوبِي وَافْتَحْ لي أبواب رحمتك وإذا خرج) من المسجد (فعل مثل ذلك) أي من الصلاة والدعاء ويروى يقول مثل ذلك (وجعل موضع رحمتك فضلك) وهذا مأخوذ من حديث أحمد وأبي يعلى والترمذي وحسنه عن فاطمة رضي الله تعالى عنها كان رسول الله صلى الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ

ص: 117

قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَسَلَّمَ ثُمَّ قال اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذُنُوبِي وَافْتَحْ لِي أَبْوَابَ رحمتك وإذا خرج قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَسَلَّمَ ثُمَّ قال اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذُنُوبِي وَافْتَحْ لِي أَبْوَابَ فضلك واصله في حديث مسلم وليس فيه ولا في غيره وترحم وبارك ثم لا يخفى مناسبة طلب الرحمة في دخول المسجد للطاعة وملاءمة طلب الفضل وهو الرزق عند خروجه على وجه الإباحه كما يشير إليه قوله سبحانه فَإِذا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ (وقال عمرو بن دينار) هو أبو محمد مولى قيس مكي إمام يروي عن ابن عباس وابن عمر وجابر وعنه شعبة وسفيانان وحمادان وهو عالم حجة أخرج له الأئمة الستة (في قوله) أي الله سبحانه (فَإِذا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً) بضم الباء وكسرها (فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ)[النور: 61] أي على أهليكم تحية من عند الله مباركة طيبة (قال) أي ابن دينار وهو من كبار التابعين المكيين وفقهائهم (إن) وفي نسخة فإن (لَمْ يَكُنْ فِي الْبَيْتِ أَحَدٌ فَقُلْ السَّلَامُ على النّبيّ ورحمة لله وبركاته) أي لأن روحه عليه السلام حاضر في بيوت أهل الإسلام (السّلام علينا وعلى عباد الله الصّالحين) أي من الأنبياء والمرسلين والملائكة المقربين (السّلام على أهل البيت) لعله أراد بهم مؤمني الجن (ورحمة الله وبركاته) وظاهر القرآن عموم البيوت لا سيما وسابقه بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبائِكُمْ الآية ويؤيده حديث أنس متى لقيت أحدا من أمتي فسلم عليه يطل عمرك وإذا دخلت بيتك فسلم عليهم يكثر خير بيتك وصل صلاة الضحى فإنها صلاة الأبرار الأوابين (قال ابن عبّاس) أي في رواية ابن أبي حاتم (المراد بالبيوت هنا المساجد) ولعله أراد أنها تشمل المساجد فإنها أفضل البيوت كما يشير إليه قوله سبحانه فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ الآية فالتنوين للتذكير أو أراد أن التنوين للتعظيم فيختص بالمساجد لأنها أعلى المشاهد (وقال النّخعي) وهو إبراهيم بن يزيد العالم الجليل (إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْمَسْجِدِ أَحَدٌ فَقُلْ: السّلام على رسول الله صلى الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْبَيْتِ أَحَدٌ فَقُلْ:

السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصّالحين) ولا منع من الجمع فيهما (وعن علقمة) أي ابن قيس الفقيه النبيه (إذا دخلت المسجد) أي أنا (أَقُولُ السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وبركاته صلّى الله وملائكته على محمد) أي اجمع بين الصلاة والسلام عليه (ونحوه عن كعب) أي كعب الأحبار (إذا دخل) المسجد (وإذا خرج) أي في الوقتين (ولم يذكر الصّلاة) أي كعب بخلاف الأحبار (واحتجّ ابن شعبان لما ذكره) أي فيما مر من أنه ينبغي لمن دخل المسجد أن يصلي الخ ويروى لما ذكر (بِحَدِيثِ فَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تعالى عليه وسلم أنّ النّبيّ صلى الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَفْعَلُهُ إِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ) لكن سبق أنها لم تذكر فيه ترحما ولا مباركة وحديثها أخرجه الترمذي في الصلاة وفيه إرسال فاطمة بنت الحسين ولم يذكر فاطمة بنت النبي صلى الله تعالى عليه وسلم وأخرجه ابن ماجه في الصلاة أيضا (ومثله) أي مثل حديثها أو مثل حديث علقمة (عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ) أي الأنصاري قاضي المدينة وأميرها يروي عن السائب بن يزيد وغيره وعنه الأوزاعي ونحوه

ص: 118

أخرج له الأئمة الستة (وذكر) وفي نسخة فذكر (السّلام والرّحمة وقد ذكرنا هذا الحديث) أي حديثها (آخر القسم) أي الثاني وفي نسخة في آخر هذا القسم (والاختلاف في ألفاظه) أي من رواية عنها (وَمِنْ مَوَاطِنِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ أَيْضًا الصَّلَاةُ عَلَى الجنائز وذكر) أي وروي (عن أبي أمامة أنّها من السّنّة) قال الحلبي أبو أمامة هذا الظاهر أنه سعد بن سهل بن حنيف بن واهب بن الحكم بن ثعلبة أبو أمامة الأنصاري ولد في زمان رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وسماه عليه السلام كناه وبرك عليه وحديثه مرسل وروى عن عمر وعنه الزهري ويحيى بن سعد وخلق فإن قيل لم قلت إن أبا أمامة هذا الظاهر أنه سعد فالجواب أن حديثه المشار إليه هو في المستدرك الحاكم رواه من طريق يونس عن الزهري أخبرني أبو أمامة بن سهل أنه أخبره رجال من الصحابة في الصلاة على الجنازة أنه يكبر الإمام ثم يصلي على النبي صلى الله تعالى عليه وسلم ويخلص الصلاة في التكبيرات الثلاث ثم يسلم تسليما خفيفا حتى ينصرف والسنة أن يفعل من ورائه مثل ما فعل أمامة قال الزهري حدثني بذلك أبو أمامة وابن المسيب يسمع فلم ينكر فذكرت الذي قال لمحمد بن سويد فقال وأنا سمعت الضحاك بن قيس يحدث عن حبيب بن مسلمة في صلاة صلاها على الميت مثل الذي حدثنا به أبو أمامة على شرطهما سكت عليه الذهبي ولم يتعقبه وله حديث في سنن النسائي السنة في الصلاة على الجنازة أن يقرأ في التكبيرة الأولى بأم القرآن مخافتة ثم يكبر ثلاثا والتسليم عند الأخيرة ثم اعلم أن التكبيرات عندنا أركان وأما الثناء بعد الأولى والصلاة بعد الثانية والدعاء بعد الثالثة فسنن ولو قرأ الفاتحة بنية الثناء جاز وذكر الدلجي أن الصلاة على النبي عند الشافعي من أركانها ومحلها كما جزم به في المنهاج التكبيرة الثانية الحديث النسائي ومحمد بن نصر المروزي عن أبي إمامة بن سهل الصحابي لا أبي أمامة الباهلي قال السنة في الصلاة على الجنائز أن يكبر ثم يقرأ بأم القرآن ثم يصلي على النبي صلى الله تعالى عليه وسلم ثم يخلص الدعاء للميت ولا يقرأ إلا في التكبيرة الأولى ثم يسلم حديث صحيح صححه الحاكم وحكمه الرفع إليه صلى الله تعالى عليه وسلم (وَمِنْ مَوَاطِنِ الصَّلَاةِ الَّتِي مَضَى عَلَيْهَا عَمَلُ الأمّة ولم تنكرها) أي على عاملها (الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وآله في الرّسائل) أي المكاتيب والوسائل (وما يكتب بعد البسملة) أو الحمدلة لا قبلهما (ولم يكن هذا) أي ابتداء الرسائل بها (في الصّدر الأوّل) أي في زمنه عليه السلام مطلقا أو في زمن أصحابه شائعا فلا ينافي ما ذكره الدلجي من أنه أول من فعله من الخلفاء أبو بكر بشهادة ما في سيرة الكلاعي أن بني سليم لما ارتدوا كتب إلى عامله عليهم طريفة ابن حاجر بسم الله الرحمن الرحيم من أبي بكر خليفة رسول الله إلى طريفة بن حاجر سلام عليك فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو وأسأله أن يصلي على محمد صلى الله تعالى عليه وسلم أما بعد إلخ وفي اذكار النووي عن حماد بن سلمة أن مكاتبة المسلمين كانت من فلان إلى فلان أما بعد سلام عليك الخ وأصله كتابه عليه السلام إلى هرقل عظيم الروم ثم

ص: 119

أحدث هذه الزنادقة هذه المكاتبات المبدوءة بالطلبقة أي أطال الله بقاك (وأحدث) بصيغة المجهول أي وابتدع ابتداء الرسائل بها (عند ولاية بني هاشم) أي بني عبد الله بن عباس بن عبد المطلب بن هاشم وأولهم السفاح (فَمَضَى بِهِ عَمَلُ النَّاسِ فِي أَقْطَارِ الْأَرْضِ) أي نواحيها (ومنهم من يختم به) أي بما ذكر من الصلاة عليه عليه السلام (أيضا) مع الابتداء به أو بدونه (الكتب) أي المكاتيب (وقال صلى الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ صَلَّى عَلَيَّ فِي كِتَابٍ لَمْ تَزَلِ الْمَلَائِكَةُ تَسْتَغْفِرُ لَهُ مَا دَامَ اسمي في ذلك الكتاب) رواه الطبراني في الأوسط بسند حسن والخطيب في شرف أصحاب الحديث وأبو الشيخ في الثواب وغيرهم (ومن مواطن السّلام) أي بانفراده (على النّبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم تشهّد الصّلاة) أي في أثنائه (قال) كذا في نسخة أي المصنف (حدّثنا أبو القاسم خلف بن إبراهيم المقرىء الخطيب رحمه الله وغيره) أي من مشايخه المعروفة عنده ولا يضره قول الحلبي لا أعرفه (قال) أي أبو القاسم (حدّثتني كريمة) وفي نسخة صحيحة قالوا حدثتنا (بنت محمد) وفي نسخة بنت أحمد وقد تقدمت (قالت) أي حدثنا (أبو الهيثم) الكشميهني (حدّثنا محمد بن يوسف) أي الفربري (حدّثنا محمد بن إسماعيل) أي الإمام البخاري (حدّثنا أبو نعيم) بالتصغير هو الفضل بن دكين الحافظ يروي عن الأعمش وطائفة وعنه البخاري وجماعة (حدّثنا الأعمش) وهو سليمان بن مهران (عن شقيق بن سلمة) أي الأسدي مخضرم سمع عمر ومعاذا وقال أدركت سبع سنين من سني الجاهلية وكان من العلماء العاملين أخرج له الأئمة الستة (عن عبد الله بن مسعود) وقد رواه أصحاب الكتب الستة عنه (عن النبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم) اعتمد الدلجي على أصله السقيم قال ظاهره على أنه موقوف عليه وهو في حكم المرفوع (قال إذا صلّى أحدكم) أي فرضا أو نقلا (فليقل) أي في كل قعدة من صلاته وجوبا (التحيّات لله والصّلوات والطّيّبات) أي العابدات القولية والفعلية والمالية كلها لله تعالى (السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ) قال الدلجي وإنما قال عليك دون على النبي تبعا للفظه عليه السلام وقت علمهم وعدوله إليه ليخاطبوه إذا كان حيا فلما توفي ذهب بعضهم إلى الغيبة بشهادة حديث البخاري عن ابن مسعود كنا نقول السلام عليك وهو بين ظهرانينا ولما قبض قلنا السلام على النبي قلت إن ثبت عنه أراد بهذا في الصلاة فهذا مذهبه المختص به إذا جمع الأربعة على أن المصلي يقول أيها النبي وأن هذا من خصوصياته عليه السلام إذ لو خاطب مصل أحدا غيره ويقول السلام عليك بطلت صلاته (السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ- فَإِنَّكُمْ إذا قلتموها) أي جملة السلام علينا إلى آخرها (أصابت) أي السلامة أو كلمة السلام (كلّ عبد صالح في السّماء) من الملائكة (والأرض) من الأنبياء والأولياء والصالح من يقوم بأداء حقوق الله وحقوق عباده (هذا) أي وقت أداء الصلاة أو تشهد الصلاة (أَحَدُ مَوَاطِنِ التَّسْلِيمِ عَلَيْهِ، وَسُنَّتُهُ أَوَّلُ التَّشَهُّدِ) أي بعد الثناء على الله سبحانه وقبل أن يقول أشهد (وقد روى مالك) أي في الموطأ (عن ابن عمر) رضي الله تعالى عنهما (أنّه

ص: 120