المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل (فإن قلت قد تقررت عصمته صلى الله تعالى عليه وسلم في أقواله في جميع أحواله) - شرح الشفا - جـ ٢

[الملا على القاري]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الثّاني

- ‌[المقدمة]

- ‌(الْقِسْمُ الثَّانِي فِيمَا يَجِبُ عَلَى الْأَنَامِ مِنْ حقوقه صلى الله تعالى عليه وسلم)

- ‌الْبَابُ الْأَوَّلُ [فِي فَرْضِ الْإِيمَانِ بِهِ وَوُجُوبِ طاعته واتّباع سنّته]

- ‌فصل [وَأَمَّا وُجُوبُ طَاعَتِهِ فَإِذَا وَجَبَ الْإِيمَانُ بِهِ وتصديقه فيما جاء به]

- ‌فصل [وَأَمَّا وُجُوبُ اتِّبَاعِهِ وَامْتِثَالُ سُنَّتِهِ وَالِاقْتِدَاءُ بِهَدْيِهِ]

- ‌فصل [وأما وَرَدَ عَنِ السَّلَفِ وَالْأَئِمَّةِ مِنِ اتِّبَاعِ سُنَّتِهِ]

- ‌فصل [وَمُخَالَفَةُ أَمْرِهِ وَتَبْدِيلُ سُنَّتِهِ ضَلَالٌ وَبِدْعَةٌ مُتَوَعَّدٌ من الله تعالى عليه بالخذلان والعذاب]

- ‌الباب الثاني [في لزوم محبته عليه الصلاة والسلام]

- ‌فصل [في ثواب محبته صلى الله تعالى عليه وسلم]

- ‌فصل [فِيمَا رُوِيَ عَنِ السَّلَفِ وَالْأَئِمَّةِ مِنْ مَحَبَّتِهِمْ للنبي صلى الله تعالى عليه وسلم]

- ‌فصل [في علامات محبته صلى الله تعالى عليه وسلم]

- ‌فصل [في معنى المحبة للنبي صلى الله تعالى عليه وسلم وحقيقتها]

- ‌فصل [في وجوب مناصحته صلى الله تعالى عليه وسلم]

- ‌الْبَابُ الثَّالِثُ [فِي تَعْظِيمِ أَمْرِهِ وَوُجُوبِ تَوْقِيرِهِ وبره]

- ‌فصل [في عادة الصحابة في تعظيمه عليه الصلاة والسلام وتوقيره وإجلاله]

- ‌فصل [واعلم أن حرمة النبي بعد موته وتوقيره وتعظيمه لازم]

- ‌فصل [فِي سِيرَةِ السَّلَفِ فِي تَعْظِيمِ رِوَايَةِ حَدِيثِ رسول الله وسنته عليه الصلاة والسلام]

- ‌فصل [ومن توقيره صلى الله تعالى عليه وسلم وبره بر آله]

- ‌فصل [ومن توقيره وبره توقير أصحابه عليه الصلاة والسلام]

- ‌فصل [ومن إعظامه وإكباره إعظام جميع أسبابه]

- ‌الباب الرابع [في حكم الصلاة عليه صلى الله تعالى عليه وسلم والتسليم]

- ‌فصل [اعلم أن الصلاة على النبي فرض في الجملة]

- ‌فصل [في المواطن التي تستحب فيها الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ويرغب فيها]

- ‌فصل [في كيفية الصلاة عليه والتسليم]

- ‌فصل (في فضيلة الصلاة على النبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم والتسليم عليه والدّعاء له)

- ‌فصل (فِي ذَمِّ مَنْ لَمْ يُصَلِّ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله تعالى عليه وسلم وإثمه)

- ‌فصل [في تخصيصه عليه الصلاة والسلام بتبليغ صلاة من صلى عليه صلاة أو سلم من الأنام]

- ‌فصل (فِي الِاخْتِلَافِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى غَيْرِ النَّبِيِّ صلى الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

- ‌فصل (فِي حُكْمِ زِيَارَةِ قَبْرِهِ صلى الله عليه وسلم وَفَضِيلَةِ مَنْ زَارَهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ

- ‌فصل (فِيمَا يَلْزَمُ مَنْ دَخَلَ مَسْجِدَ النَّبِيِّ صَلَّى الله تعالى عليه وسلم من الأدب)

- ‌الْقِسْمُ الثَّالِثُ [فِيمَا يَجِبُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ تعالى عليه وسلم وما يستحيل في حقه وما يمتنع]

- ‌الْبَابُ الْأَوَّلُ (فِيمَا يَخْتَصُّ بِالْأُمُورِ الدِّينِيَّةِ وَالْكَلَامُ فِي عِصْمَةِ نَبِيِّنَا عليه الصلاة والسلام وَسَائِرِ الأنبياء صلوات الله عليهم

- ‌فصل (فِي حُكْمِ عَقْدِ قَلْبِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ تعالى عليه وسلم)

- ‌فصل (وأمّا عصمتهم من هذا الفنّ)

- ‌فصل [قال القاضي أبو الفضل قد بان مما قدمناه عقود الأنبياء في التوحيد والإيمان]

- ‌فصل [وَاعْلَمْ أَنَّ الْأُمَّةَ مُجْمِعَةٌ عَلَى عِصْمَةِ النَّبِيِّ من الشيطان إلى آخره]

- ‌فصل [وأما قوله صلى الله تعالى عليه وسلم فقامت الدلائل إلى آخره]

- ‌فصل [وقد توجهت ههنا لبعض الطاعنين سؤالات]

- ‌فصل [فصل هذا القول فيما طريقه البلاغ]

- ‌فصل (فإن قلت فما معنى قوله عليه الصلاة والسلام في حديث السّهو)

- ‌فصل (وأمّا ما يتعلّق بالجوارح)

- ‌فصل [وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي عِصْمَتِهِمْ مِنَ الْمَعَاصِي قَبْلَ النبوة]

- ‌فصل [هَذَا حُكْمُ مَا تَكُونُ الْمُخَالَفَةُ فِيهِ مِنَ الْأَعْمَالِ عَنْ قَصْدٍ وَهُوَ مَا يُسَمَّى مَعْصِيَةً ويدخل تحت التكليف]

- ‌فصل (فِي الْكَلَامِ عَلَى الْأَحَادِيثِ الْمَذْكُورِ فِيهَا السَّهْوُ

- ‌فصل (فِي الرَّدِّ عَلَى مَنْ أَجَازَ عَلَيْهِمُ الصَّغَائِرَ

- ‌فصل (فَإِنْ قُلْتَ فَإِذَا نَفَيْتَ عَنْهُمْ صَلَوَاتُ اللَّهِ عليهم الذّنوب)

- ‌فصل [قد استبان لك أيها الناظر بما قررناه ما هو الحق من عصمته عليه السلام]

- ‌فصل (في القول في عصمة الملائكة)

- ‌الْبَابُ الثَّانِي [فِيمَا يَخُصُّهُمْ فِي الْأُمُورِ الدُّنْيَوِيَّةِ]

- ‌فصل [فَإِنْ قُلْتَ فَقَدْ جَاءَتِ الْأَخْبَارُ الصَّحِيحَةُ أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام سحر]

- ‌فصل [هذا حاله عليه الصلاة والسلام في جسمه]

- ‌فصل [وَأَمَّا مَا يَعْتَقِدُهُ فِي أُمُورِ أَحْكَامِ الْبَشَرِ إلى آخره]

- ‌فصل [وَأَمَّا أَقْوَالُهُ الدُّنْيَوِيَّةُ مِنْ أَخْبَارِهِ عَنْ أَحْوَالِهِ]

- ‌فصل (فَإِنْ قُلْتَ قَدْ تَقَرَّرَتْ عِصْمَتُهُ صَلَّى اللَّهُ تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَقْوَالِهِ فِي جَمِيعِ أَحْوَالِهِ)

- ‌فصل (فَإِنْ قِيلَ فَمَا وَجْهُ حَدِيثِهِ أَيْضًا الَّذِي حدّثناه الفقيه أبو محمد الخشنيّ)

- ‌فصل (وأمّا أفعاله عليه الصلاة والسلام الدّنيويّة)

- ‌فصل [فَإِنْ قِيلَ فَمَا الْحِكْمَةُ فِي إِجْرَاءِ الْأَمْرَاضِ وشدتها عليه عليه الصلاة والسلام]

- ‌الْقِسْمُ الرَّابِعُ (فِي تَصَرُّفِ وُجُوهِ الْأَحْكَامِ فِيمَنْ تنقّصه أو سبّه عليه الصلاة والسلام

- ‌الْبَابُ الْأَوَّلُ (فِي بَيَانِ مَا هُوَ فِي حقّه صلى الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبٌّ أَوْ نَقْصٌ مِنْ تَعْرِيضٍ أو نصّ)

- ‌فصل (فِي الْحُجَّةِ فِي إِيجَابِ قَتْلِ مَنْ سَبَّهُ أو عابه صلى الله تعالى عليه وسلم)

- ‌فصل (فَإِنْ قُلْتَ فَلِمَ لَمْ يَقْتُلِ النَّبِيُّ صَلَّى الله تعالى عليه وسلم اليهوديّ الّذي قال له)

- ‌فصل (قَالَ الْقَاضِي تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي قَتْلِ الْقَاصِدِ لسبّه)

- ‌فصل [أن يقصد إلى تكذيبه فيما قاله إلى آخره]

- ‌فصل (الْوَجْهُ الرَّابِعُ أَنْ يَأْتِيَ مِنَ الْكَلَامِ بِمُجْمَلٍ)

- ‌فصل [أَنْ لَا يَقْصِدَ نَقْصًا وَلَا يَذْكُرَ عَيْبًا ولا سبا لكنه ينزع إلى آخره]

- ‌فصل [أَنْ يَقُولَ الْقَائِلُ ذَلِكَ حَاكِيًا عَنْ غَيْرِهِ وآثرا عن سواه]

- ‌فصل [أن يذكر ما يجوز على النبي أو يختلف في جوازه عليه]

- ‌فصل (وَمِمَّا يَجِبُ عَلَى الْمُتَكَلِّمِ فِيمَا يَجُوزُ عَلَى النّبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم وما لا يجوز)

- ‌الْبَابُ الثَّانِي [فِي حُكْمِ سَابِّهِ وَشَانِئِهِ وَمُتَنَقِّصِهِ ومؤذيه]

- ‌فصل (إذا قلنا بالاستتابة حيث تصحّ)

- ‌فصل (هذا حكم من ثبت عليه ذلك)

- ‌فصل [هذا حكم المسلم]

- ‌فصل (فِي مِيرَاثِ مَنْ قُتِلَ فِي سَبِّ النَّبِيِّ صلى الله تعالى عليه وسلم وغسله والصلاة عليه)

- ‌الْبَابُ الثَّالِثُ (فِي حُكْمِ مَنْ سَبَّ اللَّهَ تعالى وملائكته وأنبياءه وكتبه وآل النبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم وأزواجه وصحبه

- ‌فصل (وَأَمَّا مَنْ أَضَافَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى مَا لَا يَلِيقُ بِهِ لَيْسَ عَلَى طَرِيقِ السَّبِّ)

- ‌فصل [فِي تَحْقِيقِ الْقَوْلِ فِي إِكْفَارِ الْمُتَأَوِّلِينَ قَدْ ذكرنا مذاهب السلف وإكفار أصحاب البدع والأهواء]

- ‌فصل (فِي بَيَانِ مَا هُوَ مِنَ الْمَقَالَاتِ كُفْرٌ وَمَا يُتَوَقَّفُ أَوْ يُخْتَلَفُ فِيهِ وَمَا لَيْسَ بكفر)

- ‌فصل [هَذَا حُكْمُ الْمُسْلِمِ السَّابِّ لِلَّهِ تَعَالَى وَأَمَّا الذمي الخ]

- ‌فصل [هَذَا حُكْمُ مَنْ صَرَّحَ بِسَبِّهِ وَإِضَافَةِ مَا لَا يَلِيقُ بِجَلَالِهِ وَإِلَهِيَّتِهِ فَأَمَّا مُفْتَرِي الْكَذِبِ الخ]

- ‌فصل (وأمّا من تكلّم من سقط القول)

- ‌فصل (وَحُكْمُ مَنْ سَبَّ سَائِرَ أَنْبِيَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وملائكته)

- ‌فصل (واعلم أن من استخفّ بالقرآن)

- ‌فصل [من سب آل بيته وأزواجه وأصحابه عليه الصلاة والسلام وتنقصهم حرام ملعون فاعله]

- ‌ نظم

- ‌فهرس محتويات الجزء الثاني من شرح الشفا

الفصل: ‌فصل (فإن قلت قد تقررت عصمته صلى الله تعالى عليه وسلم في أقواله في جميع أحواله)

ذلك) أي إرادة مفارقتها (بالنّبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم فقد أخطأ خطأ بينا) وفيه بحث لأنه عليه الصلاة والسلام إذا اعلمه الله تعالى بالوحي أو الإلهام أنها ستصير زوجته في بقية الأيام فلا مانع من أن يريد مفارقتها وفق إرادة الملك العلام (قال وليس معنى الخشية هنا) أي في قوله تعالى وَتَخْشَى النَّاسَ (الخوف) أي من ملامتهم لعدم مبالاته بهم (وإنّما معناه) أي اللفظ أو ما ذكر وروي معناها أي اللفظة أو الخشية (الاستحياء أي أن يَسْتَحْيِي مِنْهُمْ أَنْ يَقُولُوا تَزَوَّجَ زَوْجَةَ ابْنِهِ) بعد نهيه عن نكاح حلائل الأبناء جهلا منهم أن المراد بالأبناء ابناء الأصلاب كما بينه تعالى بقوله وَحَلائِلُ أَبْنائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ (وأنّ) أي وإنما معناه أيضا أن (خشيته عليه الصلاة والسلام من النّاس كانت) أي حذرا (من إرجاف المنافقين واليهود) أي إخبار سوء وتزلزل (وتشغيبهم) أي بإيقاع شر وفتنة (عَلَى الْمُسْلِمِينَ بِقَوْلِهِمْ تَزَوَّجَ زَوْجَةَ ابْنِهِ بَعْدَ نَهْيِهِ عَنْ نِكَاحِ حَلَائِلِ الْأَبْنَاءِ كَمَا كَانَ فعتبه الله تعالى على هذا) أي على استحيائه منهم (ونزّهه عن الالتفات إليهم فيما أحلّه له) في نكاح زوجة دعيه (كَمَا عَتَبَهُ عَلَى مُرَاعَاةِ رِضَى أَزْوَاجِهِ فِي سُورَةِ التَّحْرِيمِ بِقَوْلِهِ: لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ [التحريم: 1] الآية) أي تبتغي مرضاة أزواجك وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ وقد ورد أنه عليه الصلاة والسلام شرب عسلا عند زينب فتواطأت عائشة وحفصة فقالتا له إنا نشم منك رائحة مغافير فقال إنما شربت عند زينب عسلا فقالتا جرست نحله العرفط فحرم شربه فلاطفه ربه بقوله يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ الآية؛ (وكذلك قوله: له ههنا وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ [الْأَحْزَابِ: 37] ) ملاطفة له على منعه من مراعاة الناس والتفاته إليهم (وقد روي) كما في جامع الترمذي وقد رواه ابن جرير وغيره أيضا (عن الحسن) أي البصري رحمه الله تعالى فإنه المراد عند المحدثين حال إطلاقه (وعائشة) كان المستحسن تقديم عائشة على الحسن (لو كتم رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم شيئا من الوحي) أي مما يوحى إليه (لكتم هذه الآية) أي قوله تعالى وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ (لما فيها من عتبه) أي عتابه عليه (وإبداء ما أخفاه) أي وإظهار ما كتمه إليه.

‌فصل (فَإِنْ قُلْتَ قَدْ تَقَرَّرَتْ عِصْمَتُهُ صَلَّى اللَّهُ تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَقْوَالِهِ فِي جَمِيعِ أَحْوَالِهِ)

المشتملة على أفعاله (وأنّه لا يصحّ منه فيها خلف) لقوله من كذب (ولا اضطراب) أي تردد من ريب (في عمد) أي قصد (ولا سهو) أي خطأ ونسيان نشأ عن ذهول وغفلة (ولا صحّة) أي في حال عافية (ولا مرض) أي علة (ولا جدّ) بكسر الجيم ضد الهزل (ولا مزح ولا رضى) أي حال شرح وفرح (ولا غضب) أي حال ضيق خلق وكراهية نفس وكرر لا تأكيدا لنفي ما ذكر من انفراد كل من ذلك كما يقتضيه عصمته هنالك (ولكن ما معنى الحديث) الذي رواه الشيخان والنسائي أيضا (في وصيّته عليه الصلاة والسلام الَّذِي حَدَّثَنَا بِهِ الْقَاضِي الشَّهِيدُ

ص: 351

أبو عليّ رحمه الله تعالى) وهو ابن سكرة (قال حدّثنا القاضي أبو الوليد) أي الباجي (حدّثنا أبو ذرّ) أي الهروي (حدّثنا أبو محمّد) أي ابن حمويه السرخسي (وأبو الهيثم) أي الكشميهني (وأبو إسحاق) أي المستملي (قالوا) ثلاثتهم (حدّثنا محمّد بن يوسف) أي الفربري (حدّثنا محمّد بن إسماعيل) أي الإمام البخاري (حدّثنا عليّ بن عبد الله) أي ابن جعفر بن نجيح بن المديني الحافظ قال شيخه ابن مهدي علي بن المديني اعلم الناس بحديث رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وخاصة بحديث ابن عيينة وقال ابن عيينة تلومونني على حب علي بن المديني والله لا تعلم منه أكثر مما تعلم مني وكذا قال يحيى بن القطان فيه وقال إمام هذه الصناعة البخاري ما استصغرت نفسي إلا بين يدي علي قال النسائي كأن الله خلقه لهذا الشأن مات بسامرا سنة أربع وثلاثين ومائتين وله ثلاث وسبعون سنة والمديني نسبة إلى مدينة النبي صلى الله تعالى عليه وسلم وقال ابن الأثير في كتابه والأكثر فيمن ينسب إلى المدينة مدني والأقل مديني وأما المديني فنسبة إلى أماكن وساق سبعة أماكن وفي الصحاح المدني نسبة إلى مدينة الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم وأما المديني فنسبة إلى المدينة التي بناها المنصور وعن ابن الصلاح أن المديني نسبة إلى مدينة أصبهان (حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ) قال الحلبي هكذا في كثير من النسخ والصواب ما في بعضها وهو عبد الرزاق ابن همام أو عبد الرزاق عن معمر لأن عبد الرزاق لا يروي عن همام واسم أبيه همام ويروي عن معمر وهو بفتح الميمين وسكون العين المهملة ابن راشد (عن الزّهريّ) أي ابن شهاب (عن عبيد الله بن عبد الله) أي ابن عتبة الفقيه الأعمى يروي عن عائشة وأبي هريرة وجماعة وهو معلم عمر بن عبد العزيز وكان من بحور العلم مات سنة ثمان وتسعين وعبيد الله هذا أحد الفقهاء السبعة (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ لَمَّا احْتُضِرَ رَسُولُ الله صلى الله تعالى عليه وسلم) بصيغة المفعول أي احتضر والمعنى قرب أجله (وفي البيت رجال) أي من قرابته وصحابته جملة حالية (قال هلمّوا) أي تعالوا وهو لغة أهل نجد وتميم فإنهم يثنون ويجمعون ويؤنثون وأما أهل الحجاز فيستوي الكل عندهم ومنه قوله تعالى وَالْقائِلِينَ لِإِخْوانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنا (اكتب) بصيغة المتكلم مجزوما على جواب الأمر وفي نسخة بالرفع أي أنا أكتب (لكم كتابا) يعني آمر أن يكتب أحد لكم مكتوبا فيه بيان مهمات الدين للأمة أو محل الخلافة دفعا للمنازعة وفيه أن هذا غير محتاج إلى الكتابة (لن تضلّوا بعده) أي بعد العمل به ويروى بعدي (فقال بعضهم) وهو عمر رضي الله تعالى عنه (إنّ رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم قد غلبه الوجع الحديث) أي وعندنا كتاب الله تعالى حسبنا كتاب ربنا وهو بسكون السين أي كافينا (وفي رواية آتوني) أي أحضروني (أكتب لكم كتابا لن تضلّوا بعدي) وفي نسخة بعده (أبدا فتنازعوا فقالوا) أي بعضه كما في البخاري (ما له أهجر) ويروى فقالوا أهجر وهو بفتحات على أن الهمزة للاستفهام الإنكاري من الهجر بضم الهاء بمعنى الهذيان في حال المرض والغشيان على من توقف في امتثال أمره عليه الصلاة والسلام بالكتابة والمعنى لم

ص: 352

يخلف كلامه ولم يتغير من الوجع مرامه كما يقع للمرضى ممن لا يرتبط نظامه (استفهموا) بكسر الهاء أي استخبروا القائل بمنعه أو النبي عليه الصلاة والسلام عما أراده أفعله أولى أم تركه، (فقال) النبي صلى الله تعالى عليه وسلم (دعوني) أي اتركوني في حالي وترك مقالي (فإنّ الّذي أنا فيه) من مراقبة ربي ومحاسبة قلبي (خير) مما أنتم فيه من تنازع وضير ولعله عليه الصلاة والسلام ظهر له في رأيه أو أوحي إليه أولا أن الخير في كتابته فهم بها ثم تبين له أو أوحي إليه أن الخير في تركها فتركها (وفي بعض طرقه) كما في مستخرج الإسماعيلي من طريق ابن خلاد عن سفيان (فقال) أي قائل (إنّ النّبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم يهجر) بكسر الجيم مع فتح أوله بتقدير استفهام إنكار. (وفي رواية) كما في البخاري (هجر) أي أهجر قال ابن الأثير أي هل تغير كلامه واختلط لأجل ما به من المرض مرامه وهذا أحسن ما قيل ولا يصحح أن يجعل أخبارا فيكون من الفحش والهذيان والقائل كان عمر رضي الله تعالى عنه ولا يظن به ذلك انتهى (ويروى أهجر) بهمزة الاستفهام وضبط في نسخة بضم الهاء وكسر الجيم أي اترك أمر كتابته وفي أخرى بفتح الهمزة وسكون الهاء وفتح الجيم يقال اهجر في منطقه إذا فحش وأكثر في كلامه فالاستفهام مقدر في الكلام، (ويروى أهجرا) بهمزة الاستفهام وضم هاء وسكون جيم منصوبا والتقدير أيهجر هجرا يعني لا وقد افراد ابن دحية تأليفا في اختلاف الرواة في هذه اللفظة؛ (وفيه) أي وفي الحديث من بعض طرقه (فقال عمر إنّ النّبيّ صلى الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدِ اشْتَدَّ بِهِ الْوَجَعُ وَعِنْدَنَا كتاب الله حسبنا وكثر اللّغط) بفتحتين وهو اختلاف الأصوات والكلام بحيث لم يتميز فيه الصواب والغلط (فَقَالَ قُومُوا عَنِّي وَفِي رِوَايَةٍ وَاخْتَلَفَ أَهْلُ البيت) أي حاضروه من أهل البيت وغيرهم (واختصموا) أي تنازعوا واختلفوا (فمنهم من يقول قرّبوا) أي كاتبا (يكتب لكم رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم) أي يملي لأجلكم (كتابا) فيه ذكركم (ومنهم من يقول ما قال عمر) أي عندنا كتاب الله حسبنا مقتبسا من قوله تعالى أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ يُتْلى عَلَيْهِمْ وهذا من عمر مؤذن بحسن نظره وصحة فكره ولذا وافقه عليه الصلاة والسلام وأعرض عن كلام غيره من الأنام ولا يعارضه قول ابن عباس أن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وبين أن يكتب لأن عمر كان أفقه من ابن عباس لعلمه بأن الله تعالى قد أكمل دينه ورسوله قد بلغ أمره ثم الخير فيما اختاره الله وقدره، (قال أئمّتنا) أي المالكية أو الأشعرية أو أهل السنة والجماعة (في هذا الحديث) أي حديث ابن عباس (إنّ النبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم غير معصوم من الأمراض) أي العارضة على ظاهره دون باطنه كغيره من الأنبياء (وَمَا يَكُونُ مِنْ عَوَارِضِهَا مِنْ شِدَّةِ وَجَعٍ وغشي) بفتح وسكون أي إغماء (ونحوه) أي ما ذكر (ممّا يطرأ) أي يقع ويحدث (على جسمه) أي ظاهر جسده (معصوم أن يكون منه) أي يصدر عنه (من القول) مما لا ينبغي (أثناء ذلك) أي في خلال ذلك المرض العارض هنالك (ما) موصولة أو موصوفة (يَطْعَنُ فِي مُعْجِزَتِهِ وَيُؤَدِّي إِلَى فَسَادٍ فِي شريعته من هذيان) بفتحتين

ص: 353

أي كلام مهجور في حال منام (أو اختلال) بنقصان أو اختلاف (في كلام. وعلى هذا) القول بعصمته مما ذكر في حال نبوته (لَا يَصِحُّ ظَاهِرُ رِوَايَةِ مَنْ رَوَى فِي الحديث هجر) بصيغة الإخبار إلا إذا قدر له استفهام الانكار (إذ معناه هذى) أي أكثر كلامه بلا جدوى (يقال هجر هجرا) بفتح فسكون (إذا هذى، وأهجر) بفتح فسكون (هجرا) بضم فسكون (إذا أفحش) أي أتى بكلام يقبح ذكره، (وأهجر) بفتح الهمزة وسكون الهاء (تعدية هجر) وهذا وهم من المصنف والصواب أنهما لغتان وفي معناهما متقاربان وأنهما لازمان لا يتعديان وقد قرئ بهما في السبعة قوله تعالى سامِراً تَهْجُرُونَ فالجمهور بفتح أوله وضم جيمه على أنه بمعنى الهذيان ومنه الهجر بالضم الفحش وقرا نافع بضم أوله وكسر جيمه من أهجر إذا أفحش للمبالغة فزيادة المبنى لزيادة المعنى، (وإنّما الأصحّ والأولى) أي في هذا المقام الأعلى (أهجر على طريق الإنكار) بزيادة الاستفهام إخراجا له من صيغة الاخبار ومحط الإنكار (على من قال لا يكتب) أي لا يحتاج إلى الكتابة لتمام على الأمة بأمر الديانة حتى قضية الإمارة بأمارة نصب الإمامة؛ (وهكذا) أي لفظ اهجر مع الاستفهام (روايتنا فيه) أي في الحديث المروي (فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ مِنْ رِوَايَةِ جَمِيعِ الرُّوَاةِ) أي رواة هذا الحديث من الطرق الواقعة (في حديث الزّهريّ المتقدّم) أي المروي في صحيح البخاري؛ (وفي حديث محمّد بن سلّام) بتخفيف اللام وقد تشدد وهو البيكندي الحافظ شيخ البخاري (عن ابن عيينة) وهو سفيان وإلا فابن عيينة عشرة منهم خمسة لهم رواية وأجلهم في العلم سفيان فهو المراد به عند الإطلاق لأنه الفرد الأكمل فتأمل (وكذا) أي اهجر بفتحات مع همزة انكار (ضبطه الأصيليّ) وهو بفتح الهمز وكسر الصاد (بخطّه في كتابه) أي لا بهمز وسكون هاء كما ضبطه غيره وأن أراد أن الاستفهام مقدر لكن الأول هو الأظهر فتدبر (وغيره) أي وكذا ضبطه غير الأصيلي من الرواة (من هذه الطّرق) ويروى من هذا الطريق أي من أهل هذا الإسناد المنتهي إلى الزهري المروي في صحيح البخاري (وكذا) أي بفتحات وهمزة إنكار (رويناه) وفي نسخة بصيغة المجهول مخففا وفي أخرى مشددا وفي أخرى روايتنا (عن مسلم في حديث سفيان) أي ابن عيينة (وعن غيره) أي وكذا روينا عن غير مسلم فهو اصح من رواية هجر الأخبار وكذا أصح من رواية أهجر بفتح الهمزة وسكون الهاء لأن كلا منهما يحتاج إلى تقدير همزة الإنكار على من قال لا يكتب أي كيف يترك أمره في مرامه ويجعل كمن هجر على ظاهر في كلامه وهو محفوظ في أعلى مقامه وأما قول عمر عندنا كتاب الله تعالى حسبنا فهو إنما كان ردا على من نازعه لا رادا لأمره صلى الله تعالى عليه وسلم والحاصل أنه رضي الله تعالى عنه كان في حزب يقولون لا احتياج إلى الكتابة والله اعلم (وقد تحمل عليه) أي على لفظ اهجر إنكارا (رواية من رواه هجر) اخبارا (على حذف ألف الاستفهام) جميعا بين الروايتين في مقام المرام (والتّقدير أهجر) بفتحات وكذا أَهَجَرَ (أَوْ أَنْ يُحْمَلَ قَوْلُ الْقَائِلِ هَجَرَ) بفتحات (أو أهجر) بفتح فسكون على ظاهره من الخبر إلا أنه وقع ذلك (دهشة) أي وحشة أو غفلة (من

ص: 354

قائل ذلك وحيرة) توجبها هيبة (لِعَظِيمِ مَا شَاهَدَ مِنْ حَالِ الرَّسُولِ صَلَّى الله تعالى عليه وسلم) في مرضه (وشدّة وجعه) وحصول غشيانه الموهم لوقوع هذيانه (وهول المقام الّذي اختلف فيه عليه) بامتثاله وامتناعه تهوينا له به مع تسليم الحكم إليه (والأمر) أي وهول الأمر (الّذي همّ) أي اهتم (بِالْكِتَابِ فِيهِ حَتَّى لَمْ يَضْبِطْ هَذَا الْقَائِلُ لفظه) أي في كلام نفسه (وأجرى الهجر) بالضم الفحش وبالفتح الهذيان (مجرى) بضم الميم ويفتح أي موضع (شدة الوجع) في مرضه (لا أنّه) أي القائل (اعتقد أنّه يجوز عليه الهجر) بالضم والفتح (كما حملهم الإشفاق على حراسته) أي محافظته ورعايته (والله تعالى) أي والحال أنه سبحانه وتعالى (يقول: وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ [المائدة: 67] ) أي ولو لم يحفظك الناس فإنهم كانوا يعدون تلك الحراسة عبادة وطاعة ويغتنمون الحضور بين يديه ولو ساعة (ونحو هذا) من إشفاقهم عليه حين وقع غضب وإعراض لديه تمنيهم أنه لو سكت مع كمال ميلهم إليه. (وأمّا على رواية أهجرا) ويروى وأما على رواية اهجرا وهو بفتح الهمزة وضم الهاء وهو بالنصب منونا على أن يكون مصدرا لهجر يهجر أو اسما من الأهجار (وهي رواية أبي إسحاق المستملي) بميم مضمومة فسين مهملة ساكنة أحد رواة البخاري (في الصّحيح في حديث ابن جبير) وهو سعيد (عن ابن عبّاس من رواية قتيبة) أي ابن سعيد أحد شيوخ البخاري (فقد يكون هذا) أي قوله أهجرا (راجعا إلى المختلفين) ويروى على المختلفين (عنده صلى الله تعالى عليه وسلم ومخاطبة لهم من بعضهم) إنكارا عليهم (أَيْ جِئْتُمْ بِاخْتِلَافِكُمْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى الله تعالى عليه وسلم وبين يديه) أي والحال أنكم بين يديه (هجرا) أي ما يجب عليكم أن تهجروه (ومنكرا من القول) أي ما ينبغي لكم أن تتركوه؛ (والهجر بضمّ الهاء: الفحش في المنطق) ولا يتصور أن أحدا من الصحابة يخاطبه عليه الصلاة والسلام بمثل هذا الكلام في مقام الملام وهذا ما يتعلق بألفاظ هذا الحديث ومبناه ومجمل ما يتعلق بفحواه ومقتضاه، (وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ) أي حديث هلموا أكتب لكم (وكيف اختلفوا بعد أمره صلى الله تعالى عليه وسلم أن يأتوه بالكتاب) الموصوف بأنهم لن يضلوا بعده في هذا الباب؛ (فقال بعضهم) أي بعض العلماء (أوامر النبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم يفهم إيجابها من ندبها) تارة و (من إباحتها) أخرى (بقرائن) قالية أو حالية يدركها أربابها، (فلعلّ) أي الشأن (قد ظهر من قرائن قوله عليه الصلاة والسلام لبعضهم) أي من الصحابة الحاضرين (ما فهموا أنّه لم تكن منه) أي من جانبه (عزمة) أي أمر عزيمة (بل أمر) أي على وجه خبر (ردّه إلى اختيارهم) ولا يبعد أنه كان لظهور أمرهم في مقام امتحانهم واختبارهم (وبعضهم لم يفهم ذلك) لقصور فهمه وإدراك حقيقة ما هنالك (فقال) أي ذلك البعض لبعض منهم (استفهموه) أي استخبروه حتى يتبين لكم ما تستبهمونه، (فلمّا اختلفوا) أي كلهم ولم يستقر على شيء رأيهم (كفّ عنه) أي أعرض عن أمره (إذ لم يكن عزمة) في حكمه إذ لو كان عزيمة لما تركها (ولما) أي ولأجل ما (رأوه) أي كلهم أو أكثرهم ومنهم النبي صلى الله

ص: 355

تعالى عليه وسلم (من صواب رأي عمر ثمّ هؤلاء) أي العلماء (قالوا ويكون امتناع عمر) على وجه حكمه يظهر (إمّا إشفاقا على النّبي صلى الله تعالى عليه وسلم) أي خوفا عليه (من تكليفه) أي تحمله (في تلك الحال إملاء الكتاب) أي كلفته ومحنته (وأن تدخل) بصيغة الفاعل أو المفعول مذكرا أو مؤنثا أي يحمل (عليه مشقّة من ذلك) الإملاء للكتابة (كما قال) أي عمر (إنّ النبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم اشتدّ به الوجع) فلا ينبغي أن يكلف املاء كتاب لنا كتاب الله حسبنا؛ (وقيل خشي عمر أن يكتب أمورا) أي أحكاما (يعجزون عنها) أي عن القيام بها (فيحصلون في الحرج بالمخالفة) أي فيقعون في الإثم بترك الموافقة (ورأى) أي عمر (أنّ الأوفق) وفي نسخة الأرفق (بالأمّة في تلك الأمور) أي المجملة المقدرة (سعة الاجتهاد وحكم النّظر) أي التأمل في ظهور المراد (وطلب الصّواب فيكون المصيب) للحكم الشرعي (والمخطىء) بعد مراعاة شرعه المرعي (مأجورا) فللمصيب أجران وللمخطئ أجر واحد، (وقد علم عمر تقرّر الشّرع) أي شرع هذه الأمة ويروى الشريعة (وتأسيس الملّة) برسوخ قواعده وثبوت دعائه (وَأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ [المائدة: 3] ) وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وهذا معنى قوله حسبنا كتاب ربنا (وقوله) أي وعلم أيضا قوله عليه الصلاة والسلام (أوصيكم بكتاب الله تعالى) أي بما فيه مما يتعلق باعتقاده وبأوامره ونواهيه ومعرفة حلاله وحرامه وما يترتب على اجتهاده (وعترتي) أي أهل بيتي كما في رواية والمراد به أقاربه من عشيرته وأهل من أزواجه وذريته وقيل المراد بعترته من يتتبع أخباره وآثاره من سيره وسيرته فكأنه قال أوصيكم بالكتاب والسنة ولعل تخصيص العترة لأنهم أقرب إلى مشاهدة أفعاله في الجلوة والخلوة وأما على التفسير الأول فالعمل بالسنة يؤخذ من الكتاب أيضا لقوله تعالى وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وقوله تَعَالَى قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي وقوله مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ (وقول عمر) مبتدأ مقوله (حسبنا كتاب الله) أي كافينا خبره (ردّ على من نازعه) أي خالفه في أمر الكتاب على ما رآه عمر أن تركه هو الصواب في مقام فصل الخطاب (لا ردا منه) أي من ابن الخطاب (على رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم) لأنه لا يتصور منه مثله في هذا الباب؛ (وقد قيل خشي عمر تطرّق المنافقين) أي توصلهم (ومن في قلبه مرض) أي شك وتردد أو حقد وحسد (لما كتب) أي حين كتب أو لأجل ما كتب (ذلك) وفي نسخة في ذلك (الكتاب) أي المكتوب (في الخلوة) أي في الحجرة الشريفة (وأن يتقوّلوا) أي يتكلفوا (في ذلك) أي في جملة ذلك الكتاب (الأقاويل) الباطلة افتراء من عند أنفسهم المنهمكة في الضلالة (كادّعاء الرّافضة الوصيّة) بالخلافة لعلي كرم الله وجهه قدحا في أكابر الصحابة بل في علي نفسه إذ لم يقم بالأمر الموصى به (وغير ذلك) مما لا إطلاع لنا على ما هنالك، (وقيل إنّه) أي قوله لهم (كان من النبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم لهم على طريق المشورة) بفتح فسكون ففتح وفي نسخة بضم ثانيه وسكون واوه وقيل لا يصح هذا أي المشاورة (والاختبار)

ص: 356