المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل [فصل هذا القول فيما طريقه البلاغ] - شرح الشفا - جـ ٢

[الملا على القاري]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الثّاني

- ‌[المقدمة]

- ‌(الْقِسْمُ الثَّانِي فِيمَا يَجِبُ عَلَى الْأَنَامِ مِنْ حقوقه صلى الله تعالى عليه وسلم)

- ‌الْبَابُ الْأَوَّلُ [فِي فَرْضِ الْإِيمَانِ بِهِ وَوُجُوبِ طاعته واتّباع سنّته]

- ‌فصل [وَأَمَّا وُجُوبُ طَاعَتِهِ فَإِذَا وَجَبَ الْإِيمَانُ بِهِ وتصديقه فيما جاء به]

- ‌فصل [وَأَمَّا وُجُوبُ اتِّبَاعِهِ وَامْتِثَالُ سُنَّتِهِ وَالِاقْتِدَاءُ بِهَدْيِهِ]

- ‌فصل [وأما وَرَدَ عَنِ السَّلَفِ وَالْأَئِمَّةِ مِنِ اتِّبَاعِ سُنَّتِهِ]

- ‌فصل [وَمُخَالَفَةُ أَمْرِهِ وَتَبْدِيلُ سُنَّتِهِ ضَلَالٌ وَبِدْعَةٌ مُتَوَعَّدٌ من الله تعالى عليه بالخذلان والعذاب]

- ‌الباب الثاني [في لزوم محبته عليه الصلاة والسلام]

- ‌فصل [في ثواب محبته صلى الله تعالى عليه وسلم]

- ‌فصل [فِيمَا رُوِيَ عَنِ السَّلَفِ وَالْأَئِمَّةِ مِنْ مَحَبَّتِهِمْ للنبي صلى الله تعالى عليه وسلم]

- ‌فصل [في علامات محبته صلى الله تعالى عليه وسلم]

- ‌فصل [في معنى المحبة للنبي صلى الله تعالى عليه وسلم وحقيقتها]

- ‌فصل [في وجوب مناصحته صلى الله تعالى عليه وسلم]

- ‌الْبَابُ الثَّالِثُ [فِي تَعْظِيمِ أَمْرِهِ وَوُجُوبِ تَوْقِيرِهِ وبره]

- ‌فصل [في عادة الصحابة في تعظيمه عليه الصلاة والسلام وتوقيره وإجلاله]

- ‌فصل [واعلم أن حرمة النبي بعد موته وتوقيره وتعظيمه لازم]

- ‌فصل [فِي سِيرَةِ السَّلَفِ فِي تَعْظِيمِ رِوَايَةِ حَدِيثِ رسول الله وسنته عليه الصلاة والسلام]

- ‌فصل [ومن توقيره صلى الله تعالى عليه وسلم وبره بر آله]

- ‌فصل [ومن توقيره وبره توقير أصحابه عليه الصلاة والسلام]

- ‌فصل [ومن إعظامه وإكباره إعظام جميع أسبابه]

- ‌الباب الرابع [في حكم الصلاة عليه صلى الله تعالى عليه وسلم والتسليم]

- ‌فصل [اعلم أن الصلاة على النبي فرض في الجملة]

- ‌فصل [في المواطن التي تستحب فيها الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ويرغب فيها]

- ‌فصل [في كيفية الصلاة عليه والتسليم]

- ‌فصل (في فضيلة الصلاة على النبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم والتسليم عليه والدّعاء له)

- ‌فصل (فِي ذَمِّ مَنْ لَمْ يُصَلِّ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله تعالى عليه وسلم وإثمه)

- ‌فصل [في تخصيصه عليه الصلاة والسلام بتبليغ صلاة من صلى عليه صلاة أو سلم من الأنام]

- ‌فصل (فِي الِاخْتِلَافِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى غَيْرِ النَّبِيِّ صلى الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

- ‌فصل (فِي حُكْمِ زِيَارَةِ قَبْرِهِ صلى الله عليه وسلم وَفَضِيلَةِ مَنْ زَارَهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ

- ‌فصل (فِيمَا يَلْزَمُ مَنْ دَخَلَ مَسْجِدَ النَّبِيِّ صَلَّى الله تعالى عليه وسلم من الأدب)

- ‌الْقِسْمُ الثَّالِثُ [فِيمَا يَجِبُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ تعالى عليه وسلم وما يستحيل في حقه وما يمتنع]

- ‌الْبَابُ الْأَوَّلُ (فِيمَا يَخْتَصُّ بِالْأُمُورِ الدِّينِيَّةِ وَالْكَلَامُ فِي عِصْمَةِ نَبِيِّنَا عليه الصلاة والسلام وَسَائِرِ الأنبياء صلوات الله عليهم

- ‌فصل (فِي حُكْمِ عَقْدِ قَلْبِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ تعالى عليه وسلم)

- ‌فصل (وأمّا عصمتهم من هذا الفنّ)

- ‌فصل [قال القاضي أبو الفضل قد بان مما قدمناه عقود الأنبياء في التوحيد والإيمان]

- ‌فصل [وَاعْلَمْ أَنَّ الْأُمَّةَ مُجْمِعَةٌ عَلَى عِصْمَةِ النَّبِيِّ من الشيطان إلى آخره]

- ‌فصل [وأما قوله صلى الله تعالى عليه وسلم فقامت الدلائل إلى آخره]

- ‌فصل [وقد توجهت ههنا لبعض الطاعنين سؤالات]

- ‌فصل [فصل هذا القول فيما طريقه البلاغ]

- ‌فصل (فإن قلت فما معنى قوله عليه الصلاة والسلام في حديث السّهو)

- ‌فصل (وأمّا ما يتعلّق بالجوارح)

- ‌فصل [وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي عِصْمَتِهِمْ مِنَ الْمَعَاصِي قَبْلَ النبوة]

- ‌فصل [هَذَا حُكْمُ مَا تَكُونُ الْمُخَالَفَةُ فِيهِ مِنَ الْأَعْمَالِ عَنْ قَصْدٍ وَهُوَ مَا يُسَمَّى مَعْصِيَةً ويدخل تحت التكليف]

- ‌فصل (فِي الْكَلَامِ عَلَى الْأَحَادِيثِ الْمَذْكُورِ فِيهَا السَّهْوُ

- ‌فصل (فِي الرَّدِّ عَلَى مَنْ أَجَازَ عَلَيْهِمُ الصَّغَائِرَ

- ‌فصل (فَإِنْ قُلْتَ فَإِذَا نَفَيْتَ عَنْهُمْ صَلَوَاتُ اللَّهِ عليهم الذّنوب)

- ‌فصل [قد استبان لك أيها الناظر بما قررناه ما هو الحق من عصمته عليه السلام]

- ‌فصل (في القول في عصمة الملائكة)

- ‌الْبَابُ الثَّانِي [فِيمَا يَخُصُّهُمْ فِي الْأُمُورِ الدُّنْيَوِيَّةِ]

- ‌فصل [فَإِنْ قُلْتَ فَقَدْ جَاءَتِ الْأَخْبَارُ الصَّحِيحَةُ أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام سحر]

- ‌فصل [هذا حاله عليه الصلاة والسلام في جسمه]

- ‌فصل [وَأَمَّا مَا يَعْتَقِدُهُ فِي أُمُورِ أَحْكَامِ الْبَشَرِ إلى آخره]

- ‌فصل [وَأَمَّا أَقْوَالُهُ الدُّنْيَوِيَّةُ مِنْ أَخْبَارِهِ عَنْ أَحْوَالِهِ]

- ‌فصل (فَإِنْ قُلْتَ قَدْ تَقَرَّرَتْ عِصْمَتُهُ صَلَّى اللَّهُ تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَقْوَالِهِ فِي جَمِيعِ أَحْوَالِهِ)

- ‌فصل (فَإِنْ قِيلَ فَمَا وَجْهُ حَدِيثِهِ أَيْضًا الَّذِي حدّثناه الفقيه أبو محمد الخشنيّ)

- ‌فصل (وأمّا أفعاله عليه الصلاة والسلام الدّنيويّة)

- ‌فصل [فَإِنْ قِيلَ فَمَا الْحِكْمَةُ فِي إِجْرَاءِ الْأَمْرَاضِ وشدتها عليه عليه الصلاة والسلام]

- ‌الْقِسْمُ الرَّابِعُ (فِي تَصَرُّفِ وُجُوهِ الْأَحْكَامِ فِيمَنْ تنقّصه أو سبّه عليه الصلاة والسلام

- ‌الْبَابُ الْأَوَّلُ (فِي بَيَانِ مَا هُوَ فِي حقّه صلى الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبٌّ أَوْ نَقْصٌ مِنْ تَعْرِيضٍ أو نصّ)

- ‌فصل (فِي الْحُجَّةِ فِي إِيجَابِ قَتْلِ مَنْ سَبَّهُ أو عابه صلى الله تعالى عليه وسلم)

- ‌فصل (فَإِنْ قُلْتَ فَلِمَ لَمْ يَقْتُلِ النَّبِيُّ صَلَّى الله تعالى عليه وسلم اليهوديّ الّذي قال له)

- ‌فصل (قَالَ الْقَاضِي تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي قَتْلِ الْقَاصِدِ لسبّه)

- ‌فصل [أن يقصد إلى تكذيبه فيما قاله إلى آخره]

- ‌فصل (الْوَجْهُ الرَّابِعُ أَنْ يَأْتِيَ مِنَ الْكَلَامِ بِمُجْمَلٍ)

- ‌فصل [أَنْ لَا يَقْصِدَ نَقْصًا وَلَا يَذْكُرَ عَيْبًا ولا سبا لكنه ينزع إلى آخره]

- ‌فصل [أَنْ يَقُولَ الْقَائِلُ ذَلِكَ حَاكِيًا عَنْ غَيْرِهِ وآثرا عن سواه]

- ‌فصل [أن يذكر ما يجوز على النبي أو يختلف في جوازه عليه]

- ‌فصل (وَمِمَّا يَجِبُ عَلَى الْمُتَكَلِّمِ فِيمَا يَجُوزُ عَلَى النّبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم وما لا يجوز)

- ‌الْبَابُ الثَّانِي [فِي حُكْمِ سَابِّهِ وَشَانِئِهِ وَمُتَنَقِّصِهِ ومؤذيه]

- ‌فصل (إذا قلنا بالاستتابة حيث تصحّ)

- ‌فصل (هذا حكم من ثبت عليه ذلك)

- ‌فصل [هذا حكم المسلم]

- ‌فصل (فِي مِيرَاثِ مَنْ قُتِلَ فِي سَبِّ النَّبِيِّ صلى الله تعالى عليه وسلم وغسله والصلاة عليه)

- ‌الْبَابُ الثَّالِثُ (فِي حُكْمِ مَنْ سَبَّ اللَّهَ تعالى وملائكته وأنبياءه وكتبه وآل النبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم وأزواجه وصحبه

- ‌فصل (وَأَمَّا مَنْ أَضَافَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى مَا لَا يَلِيقُ بِهِ لَيْسَ عَلَى طَرِيقِ السَّبِّ)

- ‌فصل [فِي تَحْقِيقِ الْقَوْلِ فِي إِكْفَارِ الْمُتَأَوِّلِينَ قَدْ ذكرنا مذاهب السلف وإكفار أصحاب البدع والأهواء]

- ‌فصل (فِي بَيَانِ مَا هُوَ مِنَ الْمَقَالَاتِ كُفْرٌ وَمَا يُتَوَقَّفُ أَوْ يُخْتَلَفُ فِيهِ وَمَا لَيْسَ بكفر)

- ‌فصل [هَذَا حُكْمُ الْمُسْلِمِ السَّابِّ لِلَّهِ تَعَالَى وَأَمَّا الذمي الخ]

- ‌فصل [هَذَا حُكْمُ مَنْ صَرَّحَ بِسَبِّهِ وَإِضَافَةِ مَا لَا يَلِيقُ بِجَلَالِهِ وَإِلَهِيَّتِهِ فَأَمَّا مُفْتَرِي الْكَذِبِ الخ]

- ‌فصل (وأمّا من تكلّم من سقط القول)

- ‌فصل (وَحُكْمُ مَنْ سَبَّ سَائِرَ أَنْبِيَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وملائكته)

- ‌فصل (واعلم أن من استخفّ بالقرآن)

- ‌فصل [من سب آل بيته وأزواجه وأصحابه عليه الصلاة والسلام وتنقصهم حرام ملعون فاعله]

- ‌ نظم

- ‌فهرس محتويات الجزء الثاني من شرح الشفا

الفصل: ‌فصل [فصل هذا القول فيما طريقه البلاغ]

(وهذه قراءة الجمهور) وهم السبعة أو العشرة (وقد قرأ جماعة) أي بطرق شاذة (فإنّك أنت الغفور الرّحيم وليست) أي هذه الجملة (في المصحف) وفي نسخة من المصحف أي فهي متلوة لا مكتوبة ولذا صارت شاذة (وَكَذَلِكَ كَلِمَاتٌ جَاءَتْ عَلَى وَجْهَيْنِ فِي غَيْرِ المقاطع) بل في أثناء الآي من المواضع (قرأ بهما معا) أي كليهما (الجمهور وثبتتا في المصحف) أي في مصحف الإمام أو جنس المصاحف العثمانية (مثل وَانْظُرْ إِلَى الْعِظامِ) أي عظام الحمار (كَيْفَ نُنْشِزُها [البقرة: 259] ) بالراء وهي قراءة نافع وابن كثير وأبي عمرو أي نحييها (وننشزها) بالزاء في قراءة الباقين أي نحركها ونرفع بعضها إلى بعض في تركيبها (ويقضي الحقّ) بضاد معجمة مكسورة في قراءة أبي عمرو وابن عامر وحمزة والكسائي وحذف ياؤه في الرسم على خلاف القياس تنزيلا للوقف منزلة الوصل أي يقضي القضاء الحق؛ (ويقصّ الحقّ) بضم صاد مهملة مشددة أي يتبعه ويحكيه ويأمر به (وكلّ هذا) أي ما ذكر من الخلاف في القراءة أو الرواية (لا يوجب ريبا) يورث شبهة (ولا يسبّب) بتشديد الباء الأولى مكسورة أي لا يصير سببا وفي نسخة صحيحة لا ينسب (للنّبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم غلطا) أي سهوا (ولا وهما) بفتح الهاء وسكونها أي توهما (وقد قيل إنّ هذا) أي قول ابن أبي سرح لقريش بعد ردته كنت أصرف محمدا كيف أريد (يحتمل أن يكون فيما يكتبه) أي فيما كان يكتبه مكاتيب (عن النّبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم) أي على لسانه (إلى النّاس) أي من الملوك وغيرهم (غير القرآن فيصف) أي ابن أبي سرح (الله) سبحانه وتعالى بصفات تليق به من سمع بصير وعليم خبير وعليم حكيم وغفور رحيم حسب ما يوافق سجع الكلام ووفق المرام (ويسمّيه في ذلك الكتاب) أي المكتوب (كيف شاء) على نهج المطلوب ويروى بما شاء وكثيرا ما يقع ذلك الاختلاف بين المملي والمملى عليه ثم يحصل الائتلاف.

‌فصل [فصل هذا القول فيما طريقه البلاغ]

(هذا القول) أي الذي تقدم (فيما طريقه البلاغ) أي التبليغ في باب الرسالة (وأمّا ما ليس سبيله البلاغ مِنَ الْأَخْبَارِ الَّتِي لَا مُسْتَنَدَ لَهَا إِلَى الأحكام) المتعلقة بالأمور الدنيوية في حسن المعاش وتحسين الزاد (ولا أخبار المعاد) بفتح الميم أي أحاديث الأحوال الأخروية في أبد الآباد (ولا تضاف إلى وحي) أي الهي جلي أو خفي (بل في أمور الدّنيا) أي ليس لها تعلق بالأخرى (وأحوال نفسه) أي من حكاية غده وأمسه (فالّذي يجب) أي اعتقاده كما في نسخة (تنزيه النّبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم) أي تبرئته (عن أن يقع خبره) أي حديثه (في شيء من ذلك) أي مما قدمناه هنالك (بخلاف مخبره) بضم الميم وفتح الموحدة أي بضد ما أخبر به (لا عمدا ولا سهوا) أي نسيانا (ولا غلطا) أي خطأ (وأنّه معصوم من ذلك) أي من جميع ما ذكر (في حال رضاه وفي حال سخطه) بفتحتين وضم فسكون أي كراهته وغضبه (وجدّه) بكسر الجيم وهو ضد الهزل (ومزحه) فإنه كان يمزح ولا يقول إلا حقا ومنه قوله

ص: 243

لامرأة لا تدخل الجنة عجوز (وصحّته ومرضه) أي لسلامة قلبه وصحة لسانه (ودليل ذلك) أي ما ذكر (اتّفاق السّلف) أي من الصحابة والتابعين (وإجماعهم عليه) أي على أنه لا يصدر شيء منه بخلاف إخباره عنه (وذلك) أي بيانه (أنّا نعلم من دين الصّحابة) أي ديدنهم (وعادتهم مبادرتهم) أي مسارعتهم (إلى تصديق جميع أحواله) أي أفعاله وأقواله (والثّقة) أي الاعتماد (بجميع أخباره) أي أحاديثه وآثاره (في أيّ باب كانت) من أطواره (وعن أيّ شيء) وفي نسخة وفي أي شيء (وقعت) أي أخباره (وأنّه) أي الشأن وفي نسخة صحيحة وأنهم (لم يكن لهم توقّف) أي تلبث وتمكن (ولا تردّد في شيء منها) أي من صحة أقواله وأفعاله وثبوت أحواله (ولا استثبات) أي ولا طلب ثبات نشأ عن تردد بعد نقل ثقات (عَنْ حَالِهِ عِنْدَ ذَلِكَ هَلْ وَقَعَ فِيهَا سهو أم لا) لكمال متابعتهم في أقواله وموافقتهم لأفعاله حتى ورد أنه عليه الصلاة والسلام لما خلع نعله في الصلاة ورمى بها خلعوا نعالهم ورموا بها وكذلك في طرح الخاتم تبعا له صلى الله تعالى عليه وسلم، (ولمّا احتجّ ابن أبي الحقيق) بضم المهملة وفتح القاف الأولى وسكون التحتية (اليهوديّ) من يهود خيبر (على عمر) فيما رواه البخاري في حديث إجلاء يهود خيبر (حين أجلاهم) أي أخرجهم عمر (من خيبر) وهو وطنهم ويروى عن خيبر (بإقرار رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم) متعلق باحتج أي استدل اليهودي بتقريره عليه الصلاة والسلام (لهم) في ابقائهم فيها (وَاحْتَجَّ عَلَيْهِ عُمَرُ رضي الله عنه بِقَوْلِهِ صلى الله تعالى عليه وسلم) أي لابن أبي الحقيق (كيف بك إذا أخرجت من خيبر) بصيغة المجهول المخاطب (فقال اليهوديّ كانت) أي مقالته عليه الصلاة والسلام (هزيلة) تصغير هزلة وهي المرة من الهزل (من أبي القاسم) كنيته عليه الصلاة والسلام بابنه القاسم (قال له عمر كذبت يا عدوّ الله) وإنما كذبه لنسبته له عليه الصلاة والسلام لما لا يليق به من الهزل وللإشارة إلى أن كلامه كله قول فصل وما هو بالهزل فإنه كان إخبارا عما سيقع من عزة الإسلام وقوة الاحكام فيكون معجزة جزيلة لا هزيلة رذيلة (وأيضا فإنّ أخباره وآثاره) أي من أقواله وأفعاله (وسيره) أي سائر أحواله (وشمائله) جمع شمال بالكسر وهو الخلق أي الجبلة من صفات كماله ونعوت جماله (معتنّى) أي مهتم (بها) وهو بصيغة المجهول وكذا (مستقصى) أي مستوفي (تفاصيلها ولم يرد) أي وما ورد (في شيء منها) أي من أقواله وشمائل أحواله (استدراكه صلى الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِغَلَطٍ فِي قَوْلٍ قَالَهُ أَوِ اعترافه بوهم) أي بوقوع سهو (فِي شَيْءٍ أَخْبَرَ بِهِ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ) أي ما ذكر من الغلط والوهم واقعا (لنقل) أي إلينا (كما نقل) على ما رواه مسلم عن طلحة وأنس ورافع بن خديج (من قصّته رجوعه عليه الصلاة والسلام وفي نسخة في قصته عليه الصلاة والسلام ورجوعه (عَمَّا أَشَارَ بِهِ عَلَى الْأَنْصَارِ فِي تَلْقِيحِ النّخل) أي تأبيرها وهو جعل شيء من النخل الذكر في الأنثى وذلك أنه مر بهم وهو يلقحونها فسألهم عن ذلك فأخبروه فقال لعلكم لو لم تفعلوا لكان خيرا فتركوا فلم تثمر على العادة فقال لهم أنتم أعلم بدنياكم وقال إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ إِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ مِنْ دينكم

ص: 244

فَخُذُوا بِهِ وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ مِنْ رَأْيِي فإنما أنا بشر (وكان ذلك) أي قوله عليه الصلاة والسلام للأنصار (رأيا) أي من نفسه (لا خبرا) عن وحي من ربه ومن ثمة قال أنتم أعلم بدنياكم وفيه تنبيه نبيه على أنه لا يشترط في حق أرباب النبوة العصمة على الخطأ في الأمور الدنيوية التي لا تعلق لها بالأحكام الدينية والأحوال الأخروية لتعلق هممهم العليا بعلوم العقبى وغيرهم يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا (وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الْأُمُورِ الَّتِي لَيْسَتْ مِنْ هذا الباب) أي باب تنزيهه عليه الصلاة والسلام عن أن يقع خبره خلاف مخبره في فصل الخطاب (كقوله) فيما رواه الشيخان عن أبي موسى الأشعري قال أرسلني أصحابي إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم اسأله الحملان إلى غزوة تبوك فقال والله وفي نسخة زيادة أني لا أحملكم وما عندي ما أحملكم عليه ثم أتى صلى الله تعالى عليه وسلم بذود غر الذري فأعطاه إياها فقال تغفلنا رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يمينه فرجع إليه فأخبره فقال ما أنا حملتكم ولكن الله حملكم (والله لا أحلف على يمين) أي على عقد وعزم ونية قال الأنطاكي أي على شيء مما يحلف عليه وسمي المحلوف عليه يمينا لتلبسه باليمين (فأرى غيرها) أي فعل غير المحلوف عليه يعني فاعلم أن تركها (خيرا منها) أي من بقائها (إلّا فعلت الّذي حلفت عليه) كترك حملانهم (وكفّرت عن يميني؛ وقوله) فيما رواه الشيخان عن أم سلمة (إنّكم تختصمون إليّ الحديث) تمامه ولعل بعضكم الحن بحجته من بعض فمن اقتطعت له من حق أخيه شيئا فكأنما اقتطع له قطعة من النار (وقوله عليه الصلاة والسلام فيما رواه الأئمة الستة عن الزبير من أمره عليه الصلاة والسلام للزبير بن العوام أن يسقى نخله ولا يستوعب ثم يرسل الماء إلى جاره من الأنصار فقال الأنصاري إن كان ابن عمتك فقال صلى الله تعالى عليه وسلم (اسق) بفتح الهمزة (يا زبير) أي نخلتك أو حديقتك (حتّى يبلغ الماء الجدر) بفتح الجيم وكسرها وسكون الدال المهملة وبالراء لغة في الجدار والمراد ههنا أصل الحائط كما ذكر النووي وقيل أصول الشجر وقيل جدر المشارب التي يجتمع فيها الماء في أصول الشجرة وفي نسخة الجدر بضمتين وهو جمع الجدار فاستوعب له عليه الصلاة والسلام بعد أن أمره أن يسقي بدون استيعاب رعاية لجاره (كما سنبيّن كلّ ما في هذا) أي الذي ذكرناه (مِنْ مُشْكِلِ مَا فِي هَذَا الْبَابِ وَالَّذِي بعده إن شاء الله مع أشباهها) أي نظائرها مما وقع في هذا الكتاب ويروى مَعَ أَشْبَاهِهِمَا (وَأَيْضًا فَإِنَّ الْكَذِبَ مَتَى عُرِفَ) أي صدوره (من أحد في شيء من الأخبار) ولو جزئيا وهو بفتح الهمزة ويروى في شيء والإخبار فهو بكسر الهمزة (بخلاف ما هو) متعلق بعرف حال من ضميره (على أيّ وجه كان) من المزاح ونحوه (استريب بخبره) بصيغة المجهول وكذا قوله (واتّهم في حديثه) وهو تفسير لما قبله قال أبو بكر لعمر رضي الله تعالى عنهما عليك بالرائب من الأمور وإياك والرائب منها أي الزم الصافي الخالص منها واترك المشتبه منها فالأول من راب اللبن يروب والثاني من رابه يريبه أي أوقعه في الشك ومنه قوله عليه الصلاة والسلام دع ما يريبك إلى ما لا يريبك بضم الياء وفتحها (ولم يقع قوله

ص: 245

في النّفوس موقعا) أي لم يؤثر فيها تأثيرا تقبله وتطمئن به (ولهذا) أي ولكون الكذب يورث الريبة في الخبر والتهمة في الأثر (ترك المحدّثون) وفي نسخة ما ترك المحدثون على أن ما موصولة وقال الدلجي ما مزيدة لتأكيد معنى الترك وهو غريب (والعلماء) أي المجتهدون فهو أعم مما قبله (الحديث) أي نقله (عمّن عرف) أي شهر (بالوهم) بفتح الحاء أي الغلط وبسكونها أي السهو (والغفلة) أي الذهول وعدم اليقظة (وسوء الحفظ) بقلة الضبط (وكثرة الغلط) في المتن والسند (مع ثقته) أي اعتماده في ديانته وأمانته في روايته وقد حكي أن البخاري امتنع عن الرواية ممن أخذ بذيله تحديبا لدابته أن في حجره شعيرا ونحوه (وَأَيْضًا فَإِنَّ تَعَمُّدَ الْكَذِبِ فِي أُمُورِ الدُّنْيَا معصية) ويروى منقصة أي خصلة تورث المذمة عاجلا والعقوبة آجلا إذ هي الخروج عن الطاعة (والإكثار منه) أي من تعمد الكذب (كبيرة بإجماع) أي من العلماء الأعلام كأبي حنيفة ومالك وغيرهما من غير نزاع (مسقط للمروءة) ومخل بالعدالة (وكلّ هذا) أي ما ذكر (ممّا ينزّه عنه منصب النّبوّة) بفتح الميم وكسر الصاد أي ساحة الرسالة (والمرّة الواحدة) مبتدأ وصفة مؤكدة له (منه) أي من الكذب (فيما) ويروى عما (يستشنع) بصيغة المجهول من مادة الشناعة وهي القباحة وكذا قوله (ويستبشع) من البشاعة وهي الكراهة وفي نسخة ويشاع من الإشاعة وفي أخرى ويشيع بالياء أو النون من التشييع أو التشنيع أي فيما يستقبح ويستكره (ممّا يخلّ بصاحبها) أي المرة (ويزري بقائلها) أي يعيبه وينقصه ويحقره (لاحقة بذلك) خبر المبتدأ أي متصلة بما ينزه عنه منصب النبوة (وأمّا فيما لا يقع هذا الموقع) أي من الأمر المستبشع كالكذبة الواحدة في حقيرة من الدنيا (فإن عددناها) أي هذه المعصية (من الصّغائر فهل تجري على حكمها) أي حكم المرة الواحدة من الكذب (في الخلاف فيها) أي قبل البعثة هل يصدر من الأنبياء صغيرة أو لا (مختلف فيه) وقد سبق بيان الخلاف (والصّواب تنزيه النّبوّة) أي صاحبها أو ذاتها مبالغة (عن قليله) أي الكذب (وكثيره) أي بالأولى (وسهوه وعمده) بخلاف غيرها من الصغائر إذ فيها القولان المشهوران للسلف والخلف (إذ عمدة النّبوّة) أي مدار أمورها المقرونة بالرسالة (البلاغ) أي تبليغ الأحكام (والإعلام) أي بما يتعلق به حق الأنام (والتّبيين) أي تبيين ما أنزل إليهم من الابهام (وتصديق ما جاء به النبي) أي فيما جاء به النبي عليه الصلاة والسلام (وتجويز شيء من هذا) أي الذي يخل بمنصب النبوة سواء كان صغيرة أو كبيرة قليلة أو كثيرة (قادح في ذلك) أي في العمدة التي هي إبلاغ النبوة (ومشكّك فيه) أي وموقع في الريبة (مناقض للمعجزة) أي التي هي عبارة عن قول الرب صدق عبدي (فلنقطع عن يقين) أي لا عن ظن وتخمين وفي نسخة على يقين (بأنّه) أي الشأن (لا يجوز على الأنبياء خلف) أي تخلف كما في نسخة أي مخالفة وقوع (في القول) من أقوالهم (في وجه من الوجوه) أي في حال من أحوالهم (لا بقصد ولا بغير قصد ولا نتسامح) أي نحن وفي نسخة وبصيغة المجهول أي ولا ينبغي أن يتسامح ويتساهل وفي أخرى ولا يتسامح بباء الجر والتنوين (مع من تسامح) بصيغة الماضي وفي

ص: 246