الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأقواله (ويرى نفسه في ملكه) بكسر الميم أي في تصرف نفسه وتدبير أمره وإماما في بعض النسخ من زيادة عليه الصلاة والسلام بعد قوله ملكه فلا يصح نعم لو وجد يرى مجزوما لكان له وجه (لا يذوق حلاوة سنّته) أي طراوة سيرته (لأنّ النبي صلى الله تعالى عليه وسلم قال لا يؤمن أحدكم) أي إيمانا كاملا (حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ نَفْسِهِ الْحَدِيثَ) أي إلى آخره فهو مجرور أو منصوب بتقدير أعني ونحوه أو مرفوع أي تمام الحديث سبق وهو قوله وماله وولده والناس أجمعين.
فصل [في ثواب محبته صلى الله تعالى عليه وسلم]
(في ثواب محبته صلى الله تعالى عليه وسلم) أي مما يرجوه محبه في الدنيا ويأمله في دار العقبى (حدّثنا أبو محمد بن عتّاب) بتشديد الفوقية (بقراءتي عليه ثنا) أي حدثنا (أبو القاسم حاتم) بكسر التاء (ابن محمد ثنا) أي حدثنا (أبو الحسن عليّ بن خلف) بفتحتين وهو الحافظ القابسي (ثنا) أي حدثنا (أبو زيد المروزيّ) تقدم (ثنا) أي حدثنا (محمّد بن يوسف) أي الفربري (ثنا) أي حدثنا (محمّد بن إسماعيل) أي الإمام البخاري (ثنا) أي حدثنا (عبدان) هو عبد الله بن عثمان (ثنا) أي حدثنا (أبي) أي أبوه عثمان بن جبلة بن أبي داود العتكي المروزي أخرج له الشيخان (حدّثنا) أي حدثنا (شعبة) وهو إمام جليل (عن عمرو بن مرّة) أحد الأعلام وكان من الأئمة العاملين الكرام روى عن ابن أبي أوفى وابن المسيب وجماعة وعنه سفيان وغيره قال ابن أبي حاتم ثقة يرى الأرجاء أخرج له الستة (عن سالم بن أبي الجعد) تابعي جليل (عن أنس رضي الله تعالى عنه) لا يخفى أن هذه الطريق التي أخرجها القاضي عن البخاري هي في الأدب من جملة الصحيح وأخرجه من طريق أخرى في الأحكام أيضا وأخرجه مسلم في الأدب وليس لسالم بن أبي الجعد في الكتب الستة عن أنس رضي الله تعالى عنه غير هذا الحديث (أن رجلا) قيل هو عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه وقيل أبو موسى أو أبو ذر وقيل غيرهم والله تعالى أعلم (أتى النّبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم فقال متى السّاعة) أي القيامة أو ساعة القيامة وحالة الندامة والملامة (يا رسول الله) كأنه أظهر الشوق إليها والذوق لديها (قال ما أعددت لها) أي ما أعددت لما يصيبك من أهوالها وشدائد أحوالها (قَالَ مَا أَعْدَدْتُ لَهَا مِنْ كَثِيرِ صَلَاةٍ ولا صوم ولا صدقة) من فيها زائدة للمبالغة والمراد بها العبادات النافلة (ولكنّي أحبّ الله ورسوله) أي أطيعهما فيما يوجب رضاهما من الفرائض وهذا زبدة معنى قول صاحب البردة «ولم أصل سوى فرض ولم أصم» أي سوى فرض (قال أنت مع من أحببت) وفيه إيماء إلى أن دعوى المحبة مع مجرد الإطاعة الواجبة كافية وللمعية في الجملة دلالة صحيحة وافية وأما دعوى المحبة مع ارتكاب المعصية فمذمومة وأصحابها على هذا الادعاء مذؤومة ثم لما كثرت المتابعة زادت المحبة وكملت المعية حتى وصلت إلى هذه المرتبة العينية والحالة الجمعية (وعن صفوان بن قدامة رضي الله
تعالى عنه) بضم القاف قال الذهبي روى عنه ابنه عبد الرحمن ولهما صحبة وقيل هو تابعي ولأبيه صفوان صحبة (قال هاجرت إلى النّبيّ صلى الّله تعالى عليه وسلم) أي وهو في المدينة السكينة (فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ نَاوِلْنِي يَدَكَ أبايعك) بالجزم على جواب الأمر ويجوز رفعه على الاستئناف (فناولني يده) فبايعته (فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُحِبُّكَ قَالَ المرء مع من أحبّ) أجاب بحكم عام شامل تام وفيه إشارة إلى أن المعية على قدر والمحبة الموجبة للطاعة والحديث رواه الترمذي والنسائي عن صفوان بن قدامة (وروى هذا اللّفظ) أي في هذا الحديث (عن النبيّ صلى الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ وَأَبُو موسى وأنس) رضي الله تعالى عنهم (وعن أبي ذرّ رضي الله تعالى عنه بمعناه) أي بدون هذا اللفظ ومبناه وفي الجامع الصغير المرء مع من أحب رواه أحمد والشيخان وأبو داود والترمذي والنسائي عن أنس رضي الله تعالى عنه وفي الصحيحين عن ابن مسعود في رواية الترمذي المرء مع من أحب وله ما اكتسب وفي هذه الزيادة إشارة إلى أن قرب المعية على قدر كسب الجمعية كما يشير إليه قوله تَعَالَى وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ كما يومي إليه البيان بالأنبياء وغيرهم فالناقص في الصلاح مع محبة أكمل الصالحين يحشر معهم كما قيل:
أحب الصالحين ولست منهم
…
لعلي أن أنال بهم شفاعه
وأكره من بضاعته المعاصي
…
ولو كنا سواء في البضاعه
وعلى هذا القياس في الصديقين والشهداء وأما العلماء فهم ورثة الأنبياء (وعن عليّ كرم الله وجهه) كما رواه الترمذي (أنّ النبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم أخذ بيد حسن وحسين رضي الله عنهما الظاهر أن أحدهما عن يمينه والآخر عن شماله (فقال: من أحبّني) أي الله تعالى (وأحبّ هذين وأباهما وأمّهما) أي لأجلي أو لذواتهم المشتملة على حسن صفاتهم (كان معي) أي مقربا عندي (في درجتي) أي في جواري في الجنة أو في درجة أهل بيتي لما سبق من أن المرء مع من أحب (يوم القيامة) وكذا فيما بعده حال دخول الجنة (وروي) أي رواه الطبراني وابن مردويه عن عائشة وابن عباس رضي الله تعالى عنهم (أنّ رجلا) قال البغوي في تفسيره إن الآية الآتية نزلت في ثوبان مولى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وعن النقاش أنها نزلت في عبد الله بن زيد بن عبد ربه (أتى النّبيّ صلى الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَأَنْتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَهْلِي وَمَالِي وَإِنِّي لَأَذْكُرُكَ فما أصبر) أي عنك رؤية (حتّى أجيء) أي أحضر لديك (فأنظر إليك) أي لتقر عيني ويسكن قلبي (وإنّي ذكرت مؤتي وموتك) أي أنه لا بد من وقوعهما معا أو متعاقبا (فَعَرَفْتُ أَنَّكَ إِذَا دَخَلْتَ الْجَنَّةَ رُفِعْتَ مَعَ النّبيّين) أي المرسلين (وإن دخلتها) أي بالفرض والتقدير (لا أراك) أي لأن أحدا لا يكون مع الأنبياء سواك فأكون محروما عن رؤية طلعتك هناك فتصير جنة النعيم في نظري حينئذ كنار الجحيم (فأنزل الله تعالى) أي تسلية للعشاق عن حصول الفراق (وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ) أي