الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حمزة) أي ابن عبد المطلب الذي رواه الشيخان عن علي رضي الله تعالى عنه أن حمزة قبل أن تحرم الخمر كان في شرب وبفناء الدار شارفان لعلي أراد أن يأتي عليهما بأذخر يبيعه ليستعين بثمنه على تزوج فاطمة رضي الله تعالى عنهم وعند حمزة وأصحابه جارية تغنيهم فقالت:
ألا يا حمز بالشرف النواء فخرج إليهما فبقر خواصرهما وجب اسنمتهما فأخبر علي النبي صلى الله تعالى عليه وسلم فجاءه فلما رآه حمزة صعد نظره إليه وخاطبه بما لا يليق لديه كما بين المصنف بعضه بقوله (وقوله) أي وبقول حمزة (للنبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم) أي ومن معه كعلي (وَهَلْ أَنْتُمْ إِلَّا عَبِيدٌ لِأَبِي قَالَ فَعَرَفَ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم أنّه) وفي نسخة إنما هو (ثمل) بفتح المثلثة وكسر الميم أي سكران (فانصرف) عنه ولم يؤاخذه بما صدر منه (لأنّ الخمر كانت حينئذ غير محرّمة) بل كان هذا سببا لتحريمها (فَلَمْ يَكُنْ فِي جِنَايَاتِهَا إِثْمٌ وَكَانَ حُكْمُ ما يحدث منها) من سكر من شرب منها (مَعْفُوًّا عَنْهُ كَمَا يَحْدُثُ مِنَ النَّوْمِ وَشُرْبِ الدّواء المأمون) العاقبة ولهذا لما أم علي رضي الله تعالى عنه في حال سكره وقد قرأ أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ سومح في أمره.
فصل [أن يقصد إلى تكذيبه فيما قاله إلى آخره]
(الوجه الثّالث أن يقصد) أي أحد من الأنام (إلى تكذيبه عليه الصلاة والسلام فيما قاله) أي فيما تواتر عنه من الكلام (أو أتى به) أي من أحكام الإسلام التي أجمع عليها الاعلام (أو ينفي نبوته) مطلقا (أو رسالته) إلى غير العرب مثلا (أو وجوده) في عالم شهوده (أو يكفر به) أي يتبرأ منه سواء (انتقل بقوله ذلك) وخروجه عن الإسلام هنالك (إلى دين آخر) من التهود أو التنصر أو التمجس (غير ملّته) استثناء لمجرد تأكيد في قضيته (أم لا) أي أم لم ينتقل إلى دين بأن صار ملحدا زنديقا أو دهريا أو تناسخيا مما لا يسمى دينا عرفيا وإن كان ما ذكر دينا لغويا (فهذا كافر بإجماع يجب قتله) من غير النزاع (ثمّ ينظر) أي في أمره هنالك (فإن كان مصرّحا بذلك) أي معلنا غير مستتر (كَانَ حُكْمُهُ أَشْبَهَ بِحُكْمِ الْمُرْتَدِّ وَقَوِيَ الْخِلَافُ) أي خلاف أصحاب مالك (في استتابته) أي قبول توبته (وعلى القول الآخر) بكسر الخاء أي المعتبر الناسخ للقول الأول (لا تسقط القتل عنه توبته) فيقتل حدا (لحقّ النبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم إن كان) الملعون (ذكره) عليه الصلاة والسلام (بنقيصة فيما قاله) هذا المتنقص (من كذب) في حقه (أو غيره) بتغير في نعته وأمره (وإن كان متستّرا) من التستر تفعل مأخوذ من الستر ضد الإخفاء وفي نسخة مستسرا بتشديد الراء من الاستسرار استفعال من السر ضد الكتم لا من ألسرور كما وهم الدلجي (فحكمه حكم الزّنديق) أي الأصلي (لا تسقط قتله التّوبة عندنا) أي معشر المالكية قولا واحدا (كما سنبيّنه) أي قريبا (قال أبو حنيفة وأصحابه
من برىء من محمّد) أي تبرأ منه وأعرض عنه (أو كذبه) أي في نبوته وفي نسخة أو كذب به أي بوجوده أو بكرمه وجوده وظهور نور شهوده (فهو مرتدّ حلال الدّم) أي قبل توبته (إلّا أن يرجع) عن براءته ولو بعد استتابته (وقال ابن القاسم) أي المصري صاحب مالك (فِي الْمُسْلِمِ إِذَا قَالَ إِنَّ مُحَمَّدًا لَيْسَ بنبيّ أو لم يرسل) إلى الثقلين كافة (أَوْ لَمْ يَنْزِلْ عَلَيْهِ قُرْآنٌ وَإِنَّمَا هُوَ شيء تقوّله) أي افتراه واختلقه (يقتل) وهذا مجمع عليه (قال) أي ابن القاسم (ومن كفر برسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وأنكره) الواو بمعنى أو (من المسلمين) أي أحد منهم ولا يبعد أن يكون المعنى وأنكر كونه من المسلمين (فهو بمنزلة المرتدّ) أي يقتل إن لم يتب وكان الأولى أن يقول فهو مرتد أو فيجري عليه حكم المرتد وهذا إذا كان معلنا لا مخفيا (وكذلك من أعلن بتكذيبه) أي أظهره جهرا (أنه كالمرتدّ يستتاب) فإن تاب وإلا قتل وهذا مما لا خلاف فيه إلا عند بعض المالكية (وكذلك قال) أي ابن القاسم (فيمن تنبّأ) أي ادعى أنه نبي (وزعم أنه يوحى إليه) أنه كالمرتد يستتاب (وقاله) أي مثل مقال ابن القاسم (سحنون) وهو بفتح السين وضمها وأغرب الدلجي بقوله وقد يكسر ثم هو فعلون ولذا صرف وقد يمنع بناء على مذهب الفارسي في جعل مطلق المزيدتين علة (وقال ابن القاسم دعا إلى ذلك) أي إلى أنه نبي (سرا أو جهرا) فإنه يكون كالمرتد وكان مقتضى ما سبق أنه دعا سرا يكون كالزنديق فتحتاج إلى فرق في مقام جمع التحقيق والله ولي التوفيق (وقال أصبغ) أي ابن الفرج (وهو) أي من زعم أنه نبي (كالمرتدّ لأنّه قد كفر بكتاب الله تعالى) حيث قال تعالى في حق نبينا عليه الصلاة والسلام أنه خاتَمَ النَّبِيِّينَ (مع الفرية) بكسر الفاء أي الافتراء (على الله تعالى) قال تعالى وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أو قال أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ (وقال أشهب) أي ابن عبد العزيز المصري (في يهوديّ) أي مثلا (تنبأ) أي ادعى أنه نبي في حق نفسه (أو زعم أنّه أرسل إلى النّاس) في أمره ونهيه (أو قال بعد نبيّكم نبيّ) أي يوجد بأن يولد أو نبي ناسخ لدين محمد لئلا يشكل بعيسى عليه الصلاة والسلام ولكن اليهودي لم يقصد ذلك وإنما يتصور من النصراني هنالك (أنّه يستتاب إن كان معلنا بذلك) بخلاف ما إذا كان مخفيا فإنه معتقده هنالك (فإن تاب) من اعلان مثل هذا المقال (وإلّا قتل) في الحال (وذلك) أي قتله (لأنّه مكذّب للنبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم في قوله) كما رواه الثقات (لا نبيّ بعدي) الأولى أن يستدل بقوله تعالى ولكن رسول الله وخاتم النبيين لأن الحديث ما ثبت متواترا ليفيد اليقين ولا مشهورا عند المحدثين وإن كان مشتهرا على السنة المؤمنين (مُفْتَرٍ عَلَى اللَّهِ فِي دَعْوَاهُ عَلَيْهِ الرِّسَالَةَ والنّبوة) أي إحديهما؛ (وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سُحْنُونٍ مَنْ شَكَّ فِي حرف) أي من تردد في صحة حرف في القرآن (ممّا جاء به محمد صلى الله تعالى عليه وسلم عن الله) أي وثبت مجيئه به متواترا (فهو كافر جاحد) أي معاند ملحد وكان الأظهر أن يقول من أنكر لأن من توقف في بعض الحروف المختلفة بين القراء السبعة وإن كانت كلها متواترة ولم يدر جزما بأنه مما جاء به عن الله
تعالى أم لا لا يحكم بكفره فإن كثيرا من الناس إذا ترددوا في كلمة يراجعون القراء العارفين بالقراءة لا يقال مراده بالحرف هو المجمع عليه فإن الإشكال باق على حاله إذ لا يخلو قارئ عن تردد في حرف من حروفه نعم من شك في حرف مع علمه بأنه من القرآن فلا شك أنه كافر، (وقال) أي ابن سحنون (من كذّب النبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم) أي مطلقا (كان حكمه عند الأمّة) أي جميعهم (القتل) وإنما الخلاف في أنه هل يستتاب ولو بالاستمهال أم لا بل يقتل في الحال، (وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ صَاحِبُ سُحْنُونٍ من قال إنّ النبيّ عليه الصلاة والسلام أَسْوَدُ قُتِلَ. لَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ تعالى عليه وسلم بأسود) بل كان أبيض كأنما صيغ من فضة رواه الترمذي في الشمائل عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه وفي رواية مسلم والترمذي عن أبي الطفيل كان أبيض مليحا وفي رواية البيهقي في الدلائل عن علي رضي الله تعالى عنه كان أبيض مشربا بالحمرة يعني لأنه أبيض أمهق وهو البياض المشبه بالجص المكروه عند أكثر الطبائع السليمة والحاصل أن بياض لونه ثابت في الأخبار الصحيحة والآثار الصريحة مختلفة في المبنى متواترة في المعنى فمن قال في حقه إنه كان أسود يكفر حيث وصفه بغير نعته الموجب لنفيه وتكذيبه لكن قد يعذر قائله إذا كان جاهلا بوصفه عليه الصلاة والسلام لا سيما إذا كان من العوام إلا إذا أراد به تنقصه واستهانته عليه الصلاة والسلام وهذا يختلف باختلاف العرف بين الأنام إذ السواد مرغوب بين الحبشة والهنود كما أن البياض مطلوب عند العرب والاعجام وإلا روام (وقال نحوه) أي مثل مقال ابن أبي سليمان (أبو عثمان الحدّاد قال) أي أبو عثمان وأبعد الدلجي حيث قال أي ابن أبي سليمان (لو قال) أي أحد من المسلمين (إنّه مات قبل أن يلتحي) أي قبل أن تنبت لحيته (أو أنّه كان بتاهرت) وفي نسخة بتهرت وهو بمثناة فوقية في أوله وآخره وبفتح الهاء وسكون الراء مكان بأقصى المغرب قيل هو آخر العمارة (ولم يكن بتهامة) بكسر أوله أي مكة أو أرض الحجاز (قتل لأن هذا نفي) متضمن لوجوده وظهور كرمه وجوده ثم القولان كلاهما مخالف للكتاب والسنة المشهورة أما بطلان القول الأول فيستفاد من قوله تعالى قُلْ لَوْ شاءَ اللَّهُ ما تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلا أَدْراكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُراً مِنْ قَبْلِهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ وأما بطلان القول الثاني فيستفاد من قوله تعالى لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى وَمَنْ حَوْلَها والمراد بأم القرى مكة بالإجماع وأما بطلانهما من الحديث فقد ثبت أنه عليه الصلاة والسلام بعث على رأس اربعين سنة فأقام بمكة ثلاثة عشر وبمدينة عشرا وتوفي وليس في رأسه ولحيته عشرون شعرة بيضاء (قال حبيب بن ربيع تبديل صفته) أي المشهورة (ومواضعه) أي المأثورة بغيرهما (كفر) به ونفي لوجوده (والمظهر له) أي لتبديلها (كافر) أي ابتداء أو مرتد أي انتهاء (وفيه الاستتابة) أي طلب التوبة (والمسرّ له) أي المخفي لهذا الاعتقاد الفاسد والكاتم لهذا القول الكاسد (زنديق يقتل دون استتابة) أي في مذهب مالك.