المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل [أن يقصد إلى تكذيبه فيما قاله إلى آخره] - شرح الشفا - جـ ٢

[الملا على القاري]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الثّاني

- ‌[المقدمة]

- ‌(الْقِسْمُ الثَّانِي فِيمَا يَجِبُ عَلَى الْأَنَامِ مِنْ حقوقه صلى الله تعالى عليه وسلم)

- ‌الْبَابُ الْأَوَّلُ [فِي فَرْضِ الْإِيمَانِ بِهِ وَوُجُوبِ طاعته واتّباع سنّته]

- ‌فصل [وَأَمَّا وُجُوبُ طَاعَتِهِ فَإِذَا وَجَبَ الْإِيمَانُ بِهِ وتصديقه فيما جاء به]

- ‌فصل [وَأَمَّا وُجُوبُ اتِّبَاعِهِ وَامْتِثَالُ سُنَّتِهِ وَالِاقْتِدَاءُ بِهَدْيِهِ]

- ‌فصل [وأما وَرَدَ عَنِ السَّلَفِ وَالْأَئِمَّةِ مِنِ اتِّبَاعِ سُنَّتِهِ]

- ‌فصل [وَمُخَالَفَةُ أَمْرِهِ وَتَبْدِيلُ سُنَّتِهِ ضَلَالٌ وَبِدْعَةٌ مُتَوَعَّدٌ من الله تعالى عليه بالخذلان والعذاب]

- ‌الباب الثاني [في لزوم محبته عليه الصلاة والسلام]

- ‌فصل [في ثواب محبته صلى الله تعالى عليه وسلم]

- ‌فصل [فِيمَا رُوِيَ عَنِ السَّلَفِ وَالْأَئِمَّةِ مِنْ مَحَبَّتِهِمْ للنبي صلى الله تعالى عليه وسلم]

- ‌فصل [في علامات محبته صلى الله تعالى عليه وسلم]

- ‌فصل [في معنى المحبة للنبي صلى الله تعالى عليه وسلم وحقيقتها]

- ‌فصل [في وجوب مناصحته صلى الله تعالى عليه وسلم]

- ‌الْبَابُ الثَّالِثُ [فِي تَعْظِيمِ أَمْرِهِ وَوُجُوبِ تَوْقِيرِهِ وبره]

- ‌فصل [في عادة الصحابة في تعظيمه عليه الصلاة والسلام وتوقيره وإجلاله]

- ‌فصل [واعلم أن حرمة النبي بعد موته وتوقيره وتعظيمه لازم]

- ‌فصل [فِي سِيرَةِ السَّلَفِ فِي تَعْظِيمِ رِوَايَةِ حَدِيثِ رسول الله وسنته عليه الصلاة والسلام]

- ‌فصل [ومن توقيره صلى الله تعالى عليه وسلم وبره بر آله]

- ‌فصل [ومن توقيره وبره توقير أصحابه عليه الصلاة والسلام]

- ‌فصل [ومن إعظامه وإكباره إعظام جميع أسبابه]

- ‌الباب الرابع [في حكم الصلاة عليه صلى الله تعالى عليه وسلم والتسليم]

- ‌فصل [اعلم أن الصلاة على النبي فرض في الجملة]

- ‌فصل [في المواطن التي تستحب فيها الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ويرغب فيها]

- ‌فصل [في كيفية الصلاة عليه والتسليم]

- ‌فصل (في فضيلة الصلاة على النبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم والتسليم عليه والدّعاء له)

- ‌فصل (فِي ذَمِّ مَنْ لَمْ يُصَلِّ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله تعالى عليه وسلم وإثمه)

- ‌فصل [في تخصيصه عليه الصلاة والسلام بتبليغ صلاة من صلى عليه صلاة أو سلم من الأنام]

- ‌فصل (فِي الِاخْتِلَافِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى غَيْرِ النَّبِيِّ صلى الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

- ‌فصل (فِي حُكْمِ زِيَارَةِ قَبْرِهِ صلى الله عليه وسلم وَفَضِيلَةِ مَنْ زَارَهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ

- ‌فصل (فِيمَا يَلْزَمُ مَنْ دَخَلَ مَسْجِدَ النَّبِيِّ صَلَّى الله تعالى عليه وسلم من الأدب)

- ‌الْقِسْمُ الثَّالِثُ [فِيمَا يَجِبُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ تعالى عليه وسلم وما يستحيل في حقه وما يمتنع]

- ‌الْبَابُ الْأَوَّلُ (فِيمَا يَخْتَصُّ بِالْأُمُورِ الدِّينِيَّةِ وَالْكَلَامُ فِي عِصْمَةِ نَبِيِّنَا عليه الصلاة والسلام وَسَائِرِ الأنبياء صلوات الله عليهم

- ‌فصل (فِي حُكْمِ عَقْدِ قَلْبِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ تعالى عليه وسلم)

- ‌فصل (وأمّا عصمتهم من هذا الفنّ)

- ‌فصل [قال القاضي أبو الفضل قد بان مما قدمناه عقود الأنبياء في التوحيد والإيمان]

- ‌فصل [وَاعْلَمْ أَنَّ الْأُمَّةَ مُجْمِعَةٌ عَلَى عِصْمَةِ النَّبِيِّ من الشيطان إلى آخره]

- ‌فصل [وأما قوله صلى الله تعالى عليه وسلم فقامت الدلائل إلى آخره]

- ‌فصل [وقد توجهت ههنا لبعض الطاعنين سؤالات]

- ‌فصل [فصل هذا القول فيما طريقه البلاغ]

- ‌فصل (فإن قلت فما معنى قوله عليه الصلاة والسلام في حديث السّهو)

- ‌فصل (وأمّا ما يتعلّق بالجوارح)

- ‌فصل [وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي عِصْمَتِهِمْ مِنَ الْمَعَاصِي قَبْلَ النبوة]

- ‌فصل [هَذَا حُكْمُ مَا تَكُونُ الْمُخَالَفَةُ فِيهِ مِنَ الْأَعْمَالِ عَنْ قَصْدٍ وَهُوَ مَا يُسَمَّى مَعْصِيَةً ويدخل تحت التكليف]

- ‌فصل (فِي الْكَلَامِ عَلَى الْأَحَادِيثِ الْمَذْكُورِ فِيهَا السَّهْوُ

- ‌فصل (فِي الرَّدِّ عَلَى مَنْ أَجَازَ عَلَيْهِمُ الصَّغَائِرَ

- ‌فصل (فَإِنْ قُلْتَ فَإِذَا نَفَيْتَ عَنْهُمْ صَلَوَاتُ اللَّهِ عليهم الذّنوب)

- ‌فصل [قد استبان لك أيها الناظر بما قررناه ما هو الحق من عصمته عليه السلام]

- ‌فصل (في القول في عصمة الملائكة)

- ‌الْبَابُ الثَّانِي [فِيمَا يَخُصُّهُمْ فِي الْأُمُورِ الدُّنْيَوِيَّةِ]

- ‌فصل [فَإِنْ قُلْتَ فَقَدْ جَاءَتِ الْأَخْبَارُ الصَّحِيحَةُ أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام سحر]

- ‌فصل [هذا حاله عليه الصلاة والسلام في جسمه]

- ‌فصل [وَأَمَّا مَا يَعْتَقِدُهُ فِي أُمُورِ أَحْكَامِ الْبَشَرِ إلى آخره]

- ‌فصل [وَأَمَّا أَقْوَالُهُ الدُّنْيَوِيَّةُ مِنْ أَخْبَارِهِ عَنْ أَحْوَالِهِ]

- ‌فصل (فَإِنْ قُلْتَ قَدْ تَقَرَّرَتْ عِصْمَتُهُ صَلَّى اللَّهُ تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَقْوَالِهِ فِي جَمِيعِ أَحْوَالِهِ)

- ‌فصل (فَإِنْ قِيلَ فَمَا وَجْهُ حَدِيثِهِ أَيْضًا الَّذِي حدّثناه الفقيه أبو محمد الخشنيّ)

- ‌فصل (وأمّا أفعاله عليه الصلاة والسلام الدّنيويّة)

- ‌فصل [فَإِنْ قِيلَ فَمَا الْحِكْمَةُ فِي إِجْرَاءِ الْأَمْرَاضِ وشدتها عليه عليه الصلاة والسلام]

- ‌الْقِسْمُ الرَّابِعُ (فِي تَصَرُّفِ وُجُوهِ الْأَحْكَامِ فِيمَنْ تنقّصه أو سبّه عليه الصلاة والسلام

- ‌الْبَابُ الْأَوَّلُ (فِي بَيَانِ مَا هُوَ فِي حقّه صلى الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبٌّ أَوْ نَقْصٌ مِنْ تَعْرِيضٍ أو نصّ)

- ‌فصل (فِي الْحُجَّةِ فِي إِيجَابِ قَتْلِ مَنْ سَبَّهُ أو عابه صلى الله تعالى عليه وسلم)

- ‌فصل (فَإِنْ قُلْتَ فَلِمَ لَمْ يَقْتُلِ النَّبِيُّ صَلَّى الله تعالى عليه وسلم اليهوديّ الّذي قال له)

- ‌فصل (قَالَ الْقَاضِي تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي قَتْلِ الْقَاصِدِ لسبّه)

- ‌فصل [أن يقصد إلى تكذيبه فيما قاله إلى آخره]

- ‌فصل (الْوَجْهُ الرَّابِعُ أَنْ يَأْتِيَ مِنَ الْكَلَامِ بِمُجْمَلٍ)

- ‌فصل [أَنْ لَا يَقْصِدَ نَقْصًا وَلَا يَذْكُرَ عَيْبًا ولا سبا لكنه ينزع إلى آخره]

- ‌فصل [أَنْ يَقُولَ الْقَائِلُ ذَلِكَ حَاكِيًا عَنْ غَيْرِهِ وآثرا عن سواه]

- ‌فصل [أن يذكر ما يجوز على النبي أو يختلف في جوازه عليه]

- ‌فصل (وَمِمَّا يَجِبُ عَلَى الْمُتَكَلِّمِ فِيمَا يَجُوزُ عَلَى النّبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم وما لا يجوز)

- ‌الْبَابُ الثَّانِي [فِي حُكْمِ سَابِّهِ وَشَانِئِهِ وَمُتَنَقِّصِهِ ومؤذيه]

- ‌فصل (إذا قلنا بالاستتابة حيث تصحّ)

- ‌فصل (هذا حكم من ثبت عليه ذلك)

- ‌فصل [هذا حكم المسلم]

- ‌فصل (فِي مِيرَاثِ مَنْ قُتِلَ فِي سَبِّ النَّبِيِّ صلى الله تعالى عليه وسلم وغسله والصلاة عليه)

- ‌الْبَابُ الثَّالِثُ (فِي حُكْمِ مَنْ سَبَّ اللَّهَ تعالى وملائكته وأنبياءه وكتبه وآل النبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم وأزواجه وصحبه

- ‌فصل (وَأَمَّا مَنْ أَضَافَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى مَا لَا يَلِيقُ بِهِ لَيْسَ عَلَى طَرِيقِ السَّبِّ)

- ‌فصل [فِي تَحْقِيقِ الْقَوْلِ فِي إِكْفَارِ الْمُتَأَوِّلِينَ قَدْ ذكرنا مذاهب السلف وإكفار أصحاب البدع والأهواء]

- ‌فصل (فِي بَيَانِ مَا هُوَ مِنَ الْمَقَالَاتِ كُفْرٌ وَمَا يُتَوَقَّفُ أَوْ يُخْتَلَفُ فِيهِ وَمَا لَيْسَ بكفر)

- ‌فصل [هَذَا حُكْمُ الْمُسْلِمِ السَّابِّ لِلَّهِ تَعَالَى وَأَمَّا الذمي الخ]

- ‌فصل [هَذَا حُكْمُ مَنْ صَرَّحَ بِسَبِّهِ وَإِضَافَةِ مَا لَا يَلِيقُ بِجَلَالِهِ وَإِلَهِيَّتِهِ فَأَمَّا مُفْتَرِي الْكَذِبِ الخ]

- ‌فصل (وأمّا من تكلّم من سقط القول)

- ‌فصل (وَحُكْمُ مَنْ سَبَّ سَائِرَ أَنْبِيَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وملائكته)

- ‌فصل (واعلم أن من استخفّ بالقرآن)

- ‌فصل [من سب آل بيته وأزواجه وأصحابه عليه الصلاة والسلام وتنقصهم حرام ملعون فاعله]

- ‌ نظم

- ‌فهرس محتويات الجزء الثاني من شرح الشفا

الفصل: ‌فصل [أن يقصد إلى تكذيبه فيما قاله إلى آخره]

حمزة) أي ابن عبد المطلب الذي رواه الشيخان عن علي رضي الله تعالى عنه أن حمزة قبل أن تحرم الخمر كان في شرب وبفناء الدار شارفان لعلي أراد أن يأتي عليهما بأذخر يبيعه ليستعين بثمنه على تزوج فاطمة رضي الله تعالى عنهم وعند حمزة وأصحابه جارية تغنيهم فقالت:

ألا يا حمز بالشرف النواء فخرج إليهما فبقر خواصرهما وجب اسنمتهما فأخبر علي النبي صلى الله تعالى عليه وسلم فجاءه فلما رآه حمزة صعد نظره إليه وخاطبه بما لا يليق لديه كما بين المصنف بعضه بقوله (وقوله) أي وبقول حمزة (للنبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم) أي ومن معه كعلي (وَهَلْ أَنْتُمْ إِلَّا عَبِيدٌ لِأَبِي قَالَ فَعَرَفَ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم أنّه) وفي نسخة إنما هو (ثمل) بفتح المثلثة وكسر الميم أي سكران (فانصرف) عنه ولم يؤاخذه بما صدر منه (لأنّ الخمر كانت حينئذ غير محرّمة) بل كان هذا سببا لتحريمها (فَلَمْ يَكُنْ فِي جِنَايَاتِهَا إِثْمٌ وَكَانَ حُكْمُ ما يحدث منها) من سكر من شرب منها (مَعْفُوًّا عَنْهُ كَمَا يَحْدُثُ مِنَ النَّوْمِ وَشُرْبِ الدّواء المأمون) العاقبة ولهذا لما أم علي رضي الله تعالى عنه في حال سكره وقد قرأ أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ سومح في أمره.

‌فصل [أن يقصد إلى تكذيبه فيما قاله إلى آخره]

(الوجه الثّالث أن يقصد) أي أحد من الأنام (إلى تكذيبه عليه الصلاة والسلام فيما قاله) أي فيما تواتر عنه من الكلام (أو أتى به) أي من أحكام الإسلام التي أجمع عليها الاعلام (أو ينفي نبوته) مطلقا (أو رسالته) إلى غير العرب مثلا (أو وجوده) في عالم شهوده (أو يكفر به) أي يتبرأ منه سواء (انتقل بقوله ذلك) وخروجه عن الإسلام هنالك (إلى دين آخر) من التهود أو التنصر أو التمجس (غير ملّته) استثناء لمجرد تأكيد في قضيته (أم لا) أي أم لم ينتقل إلى دين بأن صار ملحدا زنديقا أو دهريا أو تناسخيا مما لا يسمى دينا عرفيا وإن كان ما ذكر دينا لغويا (فهذا كافر بإجماع يجب قتله) من غير النزاع (ثمّ ينظر) أي في أمره هنالك (فإن كان مصرّحا بذلك) أي معلنا غير مستتر (كَانَ حُكْمُهُ أَشْبَهَ بِحُكْمِ الْمُرْتَدِّ وَقَوِيَ الْخِلَافُ) أي خلاف أصحاب مالك (في استتابته) أي قبول توبته (وعلى القول الآخر) بكسر الخاء أي المعتبر الناسخ للقول الأول (لا تسقط القتل عنه توبته) فيقتل حدا (لحقّ النبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم إن كان) الملعون (ذكره) عليه الصلاة والسلام (بنقيصة فيما قاله) هذا المتنقص (من كذب) في حقه (أو غيره) بتغير في نعته وأمره (وإن كان متستّرا) من التستر تفعل مأخوذ من الستر ضد الإخفاء وفي نسخة مستسرا بتشديد الراء من الاستسرار استفعال من السر ضد الكتم لا من ألسرور كما وهم الدلجي (فحكمه حكم الزّنديق) أي الأصلي (لا تسقط قتله التّوبة عندنا) أي معشر المالكية قولا واحدا (كما سنبيّنه) أي قريبا (قال أبو حنيفة وأصحابه

ص: 429

من برىء من محمّد) أي تبرأ منه وأعرض عنه (أو كذبه) أي في نبوته وفي نسخة أو كذب به أي بوجوده أو بكرمه وجوده وظهور نور شهوده (فهو مرتدّ حلال الدّم) أي قبل توبته (إلّا أن يرجع) عن براءته ولو بعد استتابته (وقال ابن القاسم) أي المصري صاحب مالك (فِي الْمُسْلِمِ إِذَا قَالَ إِنَّ مُحَمَّدًا لَيْسَ بنبيّ أو لم يرسل) إلى الثقلين كافة (أَوْ لَمْ يَنْزِلْ عَلَيْهِ قُرْآنٌ وَإِنَّمَا هُوَ شيء تقوّله) أي افتراه واختلقه (يقتل) وهذا مجمع عليه (قال) أي ابن القاسم (ومن كفر برسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وأنكره) الواو بمعنى أو (من المسلمين) أي أحد منهم ولا يبعد أن يكون المعنى وأنكر كونه من المسلمين (فهو بمنزلة المرتدّ) أي يقتل إن لم يتب وكان الأولى أن يقول فهو مرتد أو فيجري عليه حكم المرتد وهذا إذا كان معلنا لا مخفيا (وكذلك من أعلن بتكذيبه) أي أظهره جهرا (أنه كالمرتدّ يستتاب) فإن تاب وإلا قتل وهذا مما لا خلاف فيه إلا عند بعض المالكية (وكذلك قال) أي ابن القاسم (فيمن تنبّأ) أي ادعى أنه نبي (وزعم أنه يوحى إليه) أنه كالمرتد يستتاب (وقاله) أي مثل مقال ابن القاسم (سحنون) وهو بفتح السين وضمها وأغرب الدلجي بقوله وقد يكسر ثم هو فعلون ولذا صرف وقد يمنع بناء على مذهب الفارسي في جعل مطلق المزيدتين علة (وقال ابن القاسم دعا إلى ذلك) أي إلى أنه نبي (سرا أو جهرا) فإنه يكون كالمرتد وكان مقتضى ما سبق أنه دعا سرا يكون كالزنديق فتحتاج إلى فرق في مقام جمع التحقيق والله ولي التوفيق (وقال أصبغ) أي ابن الفرج (وهو) أي من زعم أنه نبي (كالمرتدّ لأنّه قد كفر بكتاب الله تعالى) حيث قال تعالى في حق نبينا عليه الصلاة والسلام أنه خاتَمَ النَّبِيِّينَ (مع الفرية) بكسر الفاء أي الافتراء (على الله تعالى) قال تعالى وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أو قال أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ (وقال أشهب) أي ابن عبد العزيز المصري (في يهوديّ) أي مثلا (تنبأ) أي ادعى أنه نبي في حق نفسه (أو زعم أنّه أرسل إلى النّاس) في أمره ونهيه (أو قال بعد نبيّكم نبيّ) أي يوجد بأن يولد أو نبي ناسخ لدين محمد لئلا يشكل بعيسى عليه الصلاة والسلام ولكن اليهودي لم يقصد ذلك وإنما يتصور من النصراني هنالك (أنّه يستتاب إن كان معلنا بذلك) بخلاف ما إذا كان مخفيا فإنه معتقده هنالك (فإن تاب) من اعلان مثل هذا المقال (وإلّا قتل) في الحال (وذلك) أي قتله (لأنّه مكذّب للنبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم في قوله) كما رواه الثقات (لا نبيّ بعدي) الأولى أن يستدل بقوله تعالى ولكن رسول الله وخاتم النبيين لأن الحديث ما ثبت متواترا ليفيد اليقين ولا مشهورا عند المحدثين وإن كان مشتهرا على السنة المؤمنين (مُفْتَرٍ عَلَى اللَّهِ فِي دَعْوَاهُ عَلَيْهِ الرِّسَالَةَ والنّبوة) أي إحديهما؛ (وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سُحْنُونٍ مَنْ شَكَّ فِي حرف) أي من تردد في صحة حرف في القرآن (ممّا جاء به محمد صلى الله تعالى عليه وسلم عن الله) أي وثبت مجيئه به متواترا (فهو كافر جاحد) أي معاند ملحد وكان الأظهر أن يقول من أنكر لأن من توقف في بعض الحروف المختلفة بين القراء السبعة وإن كانت كلها متواترة ولم يدر جزما بأنه مما جاء به عن الله

ص: 430

تعالى أم لا لا يحكم بكفره فإن كثيرا من الناس إذا ترددوا في كلمة يراجعون القراء العارفين بالقراءة لا يقال مراده بالحرف هو المجمع عليه فإن الإشكال باق على حاله إذ لا يخلو قارئ عن تردد في حرف من حروفه نعم من شك في حرف مع علمه بأنه من القرآن فلا شك أنه كافر، (وقال) أي ابن سحنون (من كذّب النبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم) أي مطلقا (كان حكمه عند الأمّة) أي جميعهم (القتل) وإنما الخلاف في أنه هل يستتاب ولو بالاستمهال أم لا بل يقتل في الحال، (وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ صَاحِبُ سُحْنُونٍ من قال إنّ النبيّ عليه الصلاة والسلام أَسْوَدُ قُتِلَ. لَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ تعالى عليه وسلم بأسود) بل كان أبيض كأنما صيغ من فضة رواه الترمذي في الشمائل عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه وفي رواية مسلم والترمذي عن أبي الطفيل كان أبيض مليحا وفي رواية البيهقي في الدلائل عن علي رضي الله تعالى عنه كان أبيض مشربا بالحمرة يعني لأنه أبيض أمهق وهو البياض المشبه بالجص المكروه عند أكثر الطبائع السليمة والحاصل أن بياض لونه ثابت في الأخبار الصحيحة والآثار الصريحة مختلفة في المبنى متواترة في المعنى فمن قال في حقه إنه كان أسود يكفر حيث وصفه بغير نعته الموجب لنفيه وتكذيبه لكن قد يعذر قائله إذا كان جاهلا بوصفه عليه الصلاة والسلام لا سيما إذا كان من العوام إلا إذا أراد به تنقصه واستهانته عليه الصلاة والسلام وهذا يختلف باختلاف العرف بين الأنام إذ السواد مرغوب بين الحبشة والهنود كما أن البياض مطلوب عند العرب والاعجام وإلا روام (وقال نحوه) أي مثل مقال ابن أبي سليمان (أبو عثمان الحدّاد قال) أي أبو عثمان وأبعد الدلجي حيث قال أي ابن أبي سليمان (لو قال) أي أحد من المسلمين (إنّه مات قبل أن يلتحي) أي قبل أن تنبت لحيته (أو أنّه كان بتاهرت) وفي نسخة بتهرت وهو بمثناة فوقية في أوله وآخره وبفتح الهاء وسكون الراء مكان بأقصى المغرب قيل هو آخر العمارة (ولم يكن بتهامة) بكسر أوله أي مكة أو أرض الحجاز (قتل لأن هذا نفي) متضمن لوجوده وظهور كرمه وجوده ثم القولان كلاهما مخالف للكتاب والسنة المشهورة أما بطلان القول الأول فيستفاد من قوله تعالى قُلْ لَوْ شاءَ اللَّهُ ما تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلا أَدْراكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُراً مِنْ قَبْلِهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ وأما بطلان القول الثاني فيستفاد من قوله تعالى لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى وَمَنْ حَوْلَها والمراد بأم القرى مكة بالإجماع وأما بطلانهما من الحديث فقد ثبت أنه عليه الصلاة والسلام بعث على رأس اربعين سنة فأقام بمكة ثلاثة عشر وبمدينة عشرا وتوفي وليس في رأسه ولحيته عشرون شعرة بيضاء (قال حبيب بن ربيع تبديل صفته) أي المشهورة (ومواضعه) أي المأثورة بغيرهما (كفر) به ونفي لوجوده (والمظهر له) أي لتبديلها (كافر) أي ابتداء أو مرتد أي انتهاء (وفيه الاستتابة) أي طلب التوبة (والمسرّ له) أي المخفي لهذا الاعتقاد الفاسد والكاتم لهذا القول الكاسد (زنديق يقتل دون استتابة) أي في مذهب مالك.

ص: 431