المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل [هذا حاله عليه الصلاة والسلام في جسمه] - شرح الشفا - جـ ٢

[الملا على القاري]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الثّاني

- ‌[المقدمة]

- ‌(الْقِسْمُ الثَّانِي فِيمَا يَجِبُ عَلَى الْأَنَامِ مِنْ حقوقه صلى الله تعالى عليه وسلم)

- ‌الْبَابُ الْأَوَّلُ [فِي فَرْضِ الْإِيمَانِ بِهِ وَوُجُوبِ طاعته واتّباع سنّته]

- ‌فصل [وَأَمَّا وُجُوبُ طَاعَتِهِ فَإِذَا وَجَبَ الْإِيمَانُ بِهِ وتصديقه فيما جاء به]

- ‌فصل [وَأَمَّا وُجُوبُ اتِّبَاعِهِ وَامْتِثَالُ سُنَّتِهِ وَالِاقْتِدَاءُ بِهَدْيِهِ]

- ‌فصل [وأما وَرَدَ عَنِ السَّلَفِ وَالْأَئِمَّةِ مِنِ اتِّبَاعِ سُنَّتِهِ]

- ‌فصل [وَمُخَالَفَةُ أَمْرِهِ وَتَبْدِيلُ سُنَّتِهِ ضَلَالٌ وَبِدْعَةٌ مُتَوَعَّدٌ من الله تعالى عليه بالخذلان والعذاب]

- ‌الباب الثاني [في لزوم محبته عليه الصلاة والسلام]

- ‌فصل [في ثواب محبته صلى الله تعالى عليه وسلم]

- ‌فصل [فِيمَا رُوِيَ عَنِ السَّلَفِ وَالْأَئِمَّةِ مِنْ مَحَبَّتِهِمْ للنبي صلى الله تعالى عليه وسلم]

- ‌فصل [في علامات محبته صلى الله تعالى عليه وسلم]

- ‌فصل [في معنى المحبة للنبي صلى الله تعالى عليه وسلم وحقيقتها]

- ‌فصل [في وجوب مناصحته صلى الله تعالى عليه وسلم]

- ‌الْبَابُ الثَّالِثُ [فِي تَعْظِيمِ أَمْرِهِ وَوُجُوبِ تَوْقِيرِهِ وبره]

- ‌فصل [في عادة الصحابة في تعظيمه عليه الصلاة والسلام وتوقيره وإجلاله]

- ‌فصل [واعلم أن حرمة النبي بعد موته وتوقيره وتعظيمه لازم]

- ‌فصل [فِي سِيرَةِ السَّلَفِ فِي تَعْظِيمِ رِوَايَةِ حَدِيثِ رسول الله وسنته عليه الصلاة والسلام]

- ‌فصل [ومن توقيره صلى الله تعالى عليه وسلم وبره بر آله]

- ‌فصل [ومن توقيره وبره توقير أصحابه عليه الصلاة والسلام]

- ‌فصل [ومن إعظامه وإكباره إعظام جميع أسبابه]

- ‌الباب الرابع [في حكم الصلاة عليه صلى الله تعالى عليه وسلم والتسليم]

- ‌فصل [اعلم أن الصلاة على النبي فرض في الجملة]

- ‌فصل [في المواطن التي تستحب فيها الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ويرغب فيها]

- ‌فصل [في كيفية الصلاة عليه والتسليم]

- ‌فصل (في فضيلة الصلاة على النبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم والتسليم عليه والدّعاء له)

- ‌فصل (فِي ذَمِّ مَنْ لَمْ يُصَلِّ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله تعالى عليه وسلم وإثمه)

- ‌فصل [في تخصيصه عليه الصلاة والسلام بتبليغ صلاة من صلى عليه صلاة أو سلم من الأنام]

- ‌فصل (فِي الِاخْتِلَافِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى غَيْرِ النَّبِيِّ صلى الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

- ‌فصل (فِي حُكْمِ زِيَارَةِ قَبْرِهِ صلى الله عليه وسلم وَفَضِيلَةِ مَنْ زَارَهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ

- ‌فصل (فِيمَا يَلْزَمُ مَنْ دَخَلَ مَسْجِدَ النَّبِيِّ صَلَّى الله تعالى عليه وسلم من الأدب)

- ‌الْقِسْمُ الثَّالِثُ [فِيمَا يَجِبُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ تعالى عليه وسلم وما يستحيل في حقه وما يمتنع]

- ‌الْبَابُ الْأَوَّلُ (فِيمَا يَخْتَصُّ بِالْأُمُورِ الدِّينِيَّةِ وَالْكَلَامُ فِي عِصْمَةِ نَبِيِّنَا عليه الصلاة والسلام وَسَائِرِ الأنبياء صلوات الله عليهم

- ‌فصل (فِي حُكْمِ عَقْدِ قَلْبِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ تعالى عليه وسلم)

- ‌فصل (وأمّا عصمتهم من هذا الفنّ)

- ‌فصل [قال القاضي أبو الفضل قد بان مما قدمناه عقود الأنبياء في التوحيد والإيمان]

- ‌فصل [وَاعْلَمْ أَنَّ الْأُمَّةَ مُجْمِعَةٌ عَلَى عِصْمَةِ النَّبِيِّ من الشيطان إلى آخره]

- ‌فصل [وأما قوله صلى الله تعالى عليه وسلم فقامت الدلائل إلى آخره]

- ‌فصل [وقد توجهت ههنا لبعض الطاعنين سؤالات]

- ‌فصل [فصل هذا القول فيما طريقه البلاغ]

- ‌فصل (فإن قلت فما معنى قوله عليه الصلاة والسلام في حديث السّهو)

- ‌فصل (وأمّا ما يتعلّق بالجوارح)

- ‌فصل [وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي عِصْمَتِهِمْ مِنَ الْمَعَاصِي قَبْلَ النبوة]

- ‌فصل [هَذَا حُكْمُ مَا تَكُونُ الْمُخَالَفَةُ فِيهِ مِنَ الْأَعْمَالِ عَنْ قَصْدٍ وَهُوَ مَا يُسَمَّى مَعْصِيَةً ويدخل تحت التكليف]

- ‌فصل (فِي الْكَلَامِ عَلَى الْأَحَادِيثِ الْمَذْكُورِ فِيهَا السَّهْوُ

- ‌فصل (فِي الرَّدِّ عَلَى مَنْ أَجَازَ عَلَيْهِمُ الصَّغَائِرَ

- ‌فصل (فَإِنْ قُلْتَ فَإِذَا نَفَيْتَ عَنْهُمْ صَلَوَاتُ اللَّهِ عليهم الذّنوب)

- ‌فصل [قد استبان لك أيها الناظر بما قررناه ما هو الحق من عصمته عليه السلام]

- ‌فصل (في القول في عصمة الملائكة)

- ‌الْبَابُ الثَّانِي [فِيمَا يَخُصُّهُمْ فِي الْأُمُورِ الدُّنْيَوِيَّةِ]

- ‌فصل [فَإِنْ قُلْتَ فَقَدْ جَاءَتِ الْأَخْبَارُ الصَّحِيحَةُ أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام سحر]

- ‌فصل [هذا حاله عليه الصلاة والسلام في جسمه]

- ‌فصل [وَأَمَّا مَا يَعْتَقِدُهُ فِي أُمُورِ أَحْكَامِ الْبَشَرِ إلى آخره]

- ‌فصل [وَأَمَّا أَقْوَالُهُ الدُّنْيَوِيَّةُ مِنْ أَخْبَارِهِ عَنْ أَحْوَالِهِ]

- ‌فصل (فَإِنْ قُلْتَ قَدْ تَقَرَّرَتْ عِصْمَتُهُ صَلَّى اللَّهُ تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَقْوَالِهِ فِي جَمِيعِ أَحْوَالِهِ)

- ‌فصل (فَإِنْ قِيلَ فَمَا وَجْهُ حَدِيثِهِ أَيْضًا الَّذِي حدّثناه الفقيه أبو محمد الخشنيّ)

- ‌فصل (وأمّا أفعاله عليه الصلاة والسلام الدّنيويّة)

- ‌فصل [فَإِنْ قِيلَ فَمَا الْحِكْمَةُ فِي إِجْرَاءِ الْأَمْرَاضِ وشدتها عليه عليه الصلاة والسلام]

- ‌الْقِسْمُ الرَّابِعُ (فِي تَصَرُّفِ وُجُوهِ الْأَحْكَامِ فِيمَنْ تنقّصه أو سبّه عليه الصلاة والسلام

- ‌الْبَابُ الْأَوَّلُ (فِي بَيَانِ مَا هُوَ فِي حقّه صلى الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبٌّ أَوْ نَقْصٌ مِنْ تَعْرِيضٍ أو نصّ)

- ‌فصل (فِي الْحُجَّةِ فِي إِيجَابِ قَتْلِ مَنْ سَبَّهُ أو عابه صلى الله تعالى عليه وسلم)

- ‌فصل (فَإِنْ قُلْتَ فَلِمَ لَمْ يَقْتُلِ النَّبِيُّ صَلَّى الله تعالى عليه وسلم اليهوديّ الّذي قال له)

- ‌فصل (قَالَ الْقَاضِي تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي قَتْلِ الْقَاصِدِ لسبّه)

- ‌فصل [أن يقصد إلى تكذيبه فيما قاله إلى آخره]

- ‌فصل (الْوَجْهُ الرَّابِعُ أَنْ يَأْتِيَ مِنَ الْكَلَامِ بِمُجْمَلٍ)

- ‌فصل [أَنْ لَا يَقْصِدَ نَقْصًا وَلَا يَذْكُرَ عَيْبًا ولا سبا لكنه ينزع إلى آخره]

- ‌فصل [أَنْ يَقُولَ الْقَائِلُ ذَلِكَ حَاكِيًا عَنْ غَيْرِهِ وآثرا عن سواه]

- ‌فصل [أن يذكر ما يجوز على النبي أو يختلف في جوازه عليه]

- ‌فصل (وَمِمَّا يَجِبُ عَلَى الْمُتَكَلِّمِ فِيمَا يَجُوزُ عَلَى النّبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم وما لا يجوز)

- ‌الْبَابُ الثَّانِي [فِي حُكْمِ سَابِّهِ وَشَانِئِهِ وَمُتَنَقِّصِهِ ومؤذيه]

- ‌فصل (إذا قلنا بالاستتابة حيث تصحّ)

- ‌فصل (هذا حكم من ثبت عليه ذلك)

- ‌فصل [هذا حكم المسلم]

- ‌فصل (فِي مِيرَاثِ مَنْ قُتِلَ فِي سَبِّ النَّبِيِّ صلى الله تعالى عليه وسلم وغسله والصلاة عليه)

- ‌الْبَابُ الثَّالِثُ (فِي حُكْمِ مَنْ سَبَّ اللَّهَ تعالى وملائكته وأنبياءه وكتبه وآل النبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم وأزواجه وصحبه

- ‌فصل (وَأَمَّا مَنْ أَضَافَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى مَا لَا يَلِيقُ بِهِ لَيْسَ عَلَى طَرِيقِ السَّبِّ)

- ‌فصل [فِي تَحْقِيقِ الْقَوْلِ فِي إِكْفَارِ الْمُتَأَوِّلِينَ قَدْ ذكرنا مذاهب السلف وإكفار أصحاب البدع والأهواء]

- ‌فصل (فِي بَيَانِ مَا هُوَ مِنَ الْمَقَالَاتِ كُفْرٌ وَمَا يُتَوَقَّفُ أَوْ يُخْتَلَفُ فِيهِ وَمَا لَيْسَ بكفر)

- ‌فصل [هَذَا حُكْمُ الْمُسْلِمِ السَّابِّ لِلَّهِ تَعَالَى وَأَمَّا الذمي الخ]

- ‌فصل [هَذَا حُكْمُ مَنْ صَرَّحَ بِسَبِّهِ وَإِضَافَةِ مَا لَا يَلِيقُ بِجَلَالِهِ وَإِلَهِيَّتِهِ فَأَمَّا مُفْتَرِي الْكَذِبِ الخ]

- ‌فصل (وأمّا من تكلّم من سقط القول)

- ‌فصل (وَحُكْمُ مَنْ سَبَّ سَائِرَ أَنْبِيَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وملائكته)

- ‌فصل (واعلم أن من استخفّ بالقرآن)

- ‌فصل [من سب آل بيته وأزواجه وأصحابه عليه الصلاة والسلام وتنقصهم حرام ملعون فاعله]

- ‌ نظم

- ‌فهرس محتويات الجزء الثاني من شرح الشفا

الفصل: ‌فصل [هذا حاله عليه الصلاة والسلام في جسمه]

بعض المنع (وَأَضْعَفَ جِسْمَهُ وَأَمْرَضَهُ وَيَكُونُ مَعْنَى قَوْلِهِ يُخَيَّلُ إليه أنّه يأتي أهله) أي بعض نسائه (ولا يأتيهنّ) في نفس الأمر، (أي يظهر له من نشاطه) أي كمال رغبته (ومتقدّم عادته) أي سابقتها في حالته (القدرة على النّساء) بالمجامعة (فإذا دنا منهنّ) أي على قصد مواقعتهن (أصابته) أدركته (أخذة السّحر) بضم الهمزة وخاء ساكنة فذال معجمة فتاء تأنيث وهي رقية كالسحر أو خرزة تؤخذ أي تحبس بها النساء أزواجهن عن النساء دونهن (فلم يقدر على إتيانهنّ كما يعتري) أي يصيب ويغشى (من أخذ) بضم همز وتشديد خاء أي حبس عن وطء امرأة لا يصل لجماعها يقال أخذت المرأة زوجها تأخيذا إذا فعلت به ما تقدم من السحر وفي نسخة وأخذ وهو في مبناه ومعناه ونظيرهما قوله تعالى وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ ووقتت كما قرىء بهما في السبعة واختير التفعيل في التأخيذ للمبالغة في أخذه وحبسه (واعترض) بصيغة المجهول أيضا من العرض بالتحريك وهو ما يعرض للإنسان من حوادث الدوران، (ولعلّ) أي الشأن ويروى ولعله (لمثل هذا) السحر (أشار سفيان) أي ابن عيينة أو الثوري (بقوله وهذا) النوع (أشدّ ما يكون من السّحر) لأنه غالبا يكون سببا للتفريق بين المرء وزوجه (ويكون قول عائشة رضي الله تعالى عنها في الرّوايات الأخرى إنّه ليخيّل) وفي نسخة يخيل أي يشبه (إِلَيْهِ أَنَّهُ فَعَلَ الشَّيْءَ وَمَا فَعَلَهُ مِنْ باب ما اختلّ من بصره) أي لأنه كناية عن جماعه مع أهله كما تقدم (فَيَظُنُّ أَنَّهُ رَأَى شَخْصًا مِنْ بَعْضِ أَزْوَاجِهِ أو شاهد) أي أو يظن أنه رأى (فعلا من غيره ولم يكن) ما ذكر من الشخص والفعل (على ما يخيّل إليه) أي موافقا لتخيله (لما أصابه) أي من ضعف (في بصره) وفي نسخة أي لما أصابه وهن من جهة بصره (وضعف نظره لا لشيء طرأ) بالهمز أي عرض وحدث (عليه في ميزه) بفتح الميم وسكون التحتية وبالزاء أي تمييزه وتفرقته بين الأشياء قال التلمساني وروي في غيره اقول الظاهر إنه تصحيف (وإذا كان) أي أمره عليه الصلاة والسلام (هذا) الذي ذكرناه في هذا المقام (لم يكن في إصابة السّحر) وفي نسخة لم يكن ما ذكر في إصابة السحر (له وتأثيره فيه) أي في ظاهر أمره (ما يدخل عليه لبسا) أي خلطا في باطنه (ولا يجد به الملحد) المائل عن الحق في مقاله (المعترض) بعقله التابع لباطله (أنسا) بضم فسكون أي تبصرا فيما لا يجدي بطائله.

‌فصل [هذا حاله عليه الصلاة والسلام في جسمه]

(هذا) الذي ذكرنا في الفصل الذي قدمنا على ما حررنا (حاله) من جهة أمراض وأعراض نازلة أو حاصلة له (في جسمه) من ظاهر جسده وباطنه، (فأمّا أحواله) أي الواردة (في أمور الدّنيا) أي الخارجة عن جسمه (فنحن نسبرها) بنون مفتوحة وسين ساكنة وبموحدة مضمومة فراء من سبرها أو بضم نون فكسر موحدة من أسبرها أي نقيد أحواله ونوزن أفعاله ونوردها (على أسلوبها) ويروى على أسلوبنا (المتقدّم) أي طريقها السابق (بالعقد) بمعنى الاعتقاد (وَالْقَوْلِ وَالْفِعْلِ؛ أَمَّا الْعَقْدُ مِنْهَا فَقَدْ يَعْتَقِدُ) أي يظن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم

ص: 336

(في أمور الدّنيا الشّيء على وجه) من جواز فعله وتركه في بادئ رأيه (وَيَظْهَرُ خِلَافُهُ أَوْ يَكُونُ مِنْهُ عَلَى شَكٍّ) أي تردد لا يترجح أحد طرفيه (أو ظنّ) يترجح عنده أحد شقيه ويتبين بعده وهذا كله في أمر الدنيا وما يتعلق به من الفرع (بخلاف أمور الشّرع كما) يدل عليه ما (حدّثنا أبو بحر) بفتح موحدة وسكون مهملة (سفيان بن العاص) بغير الياء في آخره (وغير واحد) من المشايخ (سماعا) من بعض (وقراءة) على بعض وهما منصوبان على التمييز أو حالان (قالوا) كلهم (حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ؛ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الرَّازِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ بن عمرويه) بفتح وسكون فضم وفتح فسكون هاء وفي نسخة ففتح تاء وفي نسخة الراء والواو وسكون الياء وكسر الهاء (حدّثنا ابن سفيان) هذا أبو إسحاق محمد بن سفيان راوي الصحيح عن مسلم (حدّثنا مسلم) أي ابن الحجاج الحافظ صاحب الصحيح (حدّثنا عبد الله) ويقال عبيد الله (ابن الرّوميّ) يروي عن ابن عيينة انفرد مسلم بالإخراج له (وعبّاس العنبريّ) منسوب إلى بني العنبر ابن عمرو بن تميم من حفاظ البصرة روى عن القطان وعبد الرزاق وعنه مسلم والأربعة والبخاري تعليقا قال النسائي ثقة مأمون توفي سنة ست وأربعين ومائتين (وأحمد المعقريّ) بفتح الميم وسكون العين المهملة وكسر القاف وفي نسخة بكسر الميم وفتح القاف وفي أخرى بضم الميم وفتح العين وكسر القاف المشددة نسبة إلى ناحية من اليمن توفي بعد خمس وخمسين ومائتين كان بزازا بمكة روى عنه مسلم (قالوا) أي كلهم (حدّثنا النّضر بن محمّد) هو الجرشي اليماني يروي عن شبعة وغيره وعنه أحمد العجلي أخرج له الستة إلا النسائي (قال حدثني عكرمة) أي ابن عمار (حدّثنا أبو النّجاشيّ) هو عطاء ابن صهيب روى عنه عكرمة والأوزاعي وجماعة أخرج له الشيخان والنسائي وابن ماجه (قال حدّثنا رافع بن خديج) انصاري أوسي حارثي شهد أحدا عاش ستا وثمانين سنة توفي بالمدينة سنة ثلاث وسبعين أخرج له الأئمة الستة (قال قدم رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم المدينة وهم يأبرون) بضم الموحدة وفي نسخة يؤبرون بضم أوله وكسر بائه مشددة وهو رواية الطبراني يلقحون (النّخل) بوضع طلع ذكورها فيها (فقال ما تصنعون قالوا: كنّا نصنعه) أي شيئا على عادتنا ليكثر فيما يثمر؛ (قال لعلّكم لو لم تفعلوا) أي لو تركتم تأبيرها (كان خيرا) من تأبيرها بناء على هدم المعالجة في تدبير تأثيرها (فتركوه فنفضت) بفتح النون والفاء والضاد المعجمة أي أسقطت حملها من ثمرها وروي فنقصت بالقاف والصاد المهملة وقيل هو تصحيف وعلى تقدير صحته أما بمعنى اسقطت وإما قالت في الحمل وإما قلت في نفسها مع كثرتها أي صارت حشفا وروي نصبت بصاد مهملة بعدها موحدة وبغين معجمة وصاد مهملة قال القاضي ولا معنى لهما وقيل في معناهما أن نصبت من النصب وهو التعب ومعناه أن ثمرها لم يخرج إلا بنكد فصار كأنه تعب وإن نغصت من قولهم نغص لم يتم مراده قال ابن قرقول وفي هذه اللفظة روايات كلها تصحيف إلا الأول، (فذكروا ذلك له) أي من نقصان الثمر (فَقَالَ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ إِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ من دينكم) أي ولو برأيي (فخذوا به) لأنه

ص: 337

عليه الصلاة والسلام مبين لأحكام الإسلام (وإذا أمرتكم بشيء من رأيي) وفي رواية من رأي أي في أمر دنياكم مما ليس له تعلق بأمر دينكم وآخرتكم (فإنّما أنا بشر) مثلكم فقد أصيب وقد اخطئ فالأمر فيه مخير لكم (وفي رواية أنس) وفي نسخة رواية أنس أي لمسلم عنه (أنتم أعلم بأمر دنياكم) إن اردتم تبعتموني وإن أردتم اخترتم رأيكم (وفي حديث آخر) رواه مسلم عن طلحة (إنّما ظننت ظنّا فلا تؤاخذوني بالظّنّ) إن لم يكن مطابقا لظنكم وموافقا لرأيكم هذا وعندي أنه عليه الصلاة والسلام أصاب في ذلك الظن ولو ثبتوا على كلامه لفاقوا في الفن ولارتفع عنهم كلفة المعالجة فإنما وقع التغير بحسب جريان العادة ألا ترى أن من تعود بأكل شيء أو شربه يتفقده في وقته وإذا لم يجده يتغير عن حالته فلو صبروا على نقصان سنة أو سنتين لرجع النخيل إلى حاله الأول وربما أنه كان يزيد على قدره المعول وفي القضية إشارة إلى التوكل وعدم المبالغة في الأسباب وقد غفل عنها أرباب المعالجة من الأصحاب والله تعالى اعلم بالصواب (وفي حديث ابن عبّاس) رضي الله تعالى عنهما كما رواه البزار بسند حسن (في قصّة الخرص) بفتح الخاء المعجمة فراء ساكنة فصاد مهملة هو الحرز والتقدير لما على الشجر من الرطب تمرا ومن العنب زبيبا أي تخمينه ظنا والقصة ما روي عن أبي حميد قال خرجنا مع رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم في غزوة تبوك فأتينا وادي القرى على حديقة لامرأة فقال النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أخرصوها فخرصناها وخرص رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم عشرة أوسق وقال لها احصيها حتى نرجع إليك إن شاء الله تعالى إلى قوله ثم اقبلنا حتى قدمنا وادي القرى فسأل رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم المرأة عن حديقتها كم بلغ تمرها قالت عشرة أوسق (فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم إنّما أنا بشر) وفي كلام جنسهم خطر (فما حدّثتكم عن الله تعالى) أي وحيه جليا أو خفيا (فهو حقّ) أي صوابه دائما (وما قلت فيه) أي من أمور الدنيا (من قبل نفسي) أي مما خطر لي (فإنّما أنا بشر أخطىء وأصيب وهذا) وارد (على ما قرّرناه) آنفا من أنه عليه الصلاة والسلام قد يعتقد الشيء من أمور الدنيا على وجه ويظهر خلافه كذا قرره الدلجي على طبق ما حرره القاضي ولكن فيه أنه لم يعتقده بل ظنه كما يدل عليه قوله (فِيمَا قَالَهُ مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ فِي أُمُورِ الدّنيا وظنّه من أحوالها) الجارية على منوال أفعال أهلها في منالها (لا ما قاله من قبل نفسه) جزما مع أنه جاء مطابقا لما قاله حزما (واجتهاده في شرع شرعه) أي أظهره وبينه عزما (وسنّة) وفي نسخة أو سنة (سنّها) أي طريقة اخترعها لحديث أبي داود عن المقدام بن معدي كرب قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ألا أني أوتيت القرآن ومثله معه يوشك رجل شبعان على أريكته يقول عليكم بهذا القرآن فما وجدتم فيه من حلال فأحلوه وما وجدتم فيه من حرام فحرموه وَإِنَّ مَا حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تعالى عليه وسلم مثل ما حرم الله تعالى إلا لا يحل الحمار الأهلي ولا كل ذي ناب من السباع ولا لقطة معاهد إلا أن يستغني عنها صاحبها ومن نزل بقوم فعليهم أن يقروه فإن لم يقروه فله أن يعقبهم بمثل قراه (وكما حكى

ص: 338

ابن إسحاق) وقد رواه البيهقي عن عروة والزهري أيضا (أنّه صلى الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا نَزَلَ بِأَدْنَى مِيَاهِ بَدْرٍ) أي في أبعدها منه (قال له الحباب بن المنذر) بضم الحاء المهملة وبموحدتين الخزرجي وكان يقال له ذو الرأي توفي في خلافة عمر كهلا ولم يرو نقلا (أَهَذَا مَنْزِلٌ أَنْزَلَكَهُ اللَّهُ لَيْسَ لَنَا أَنْ نتقدّمه) لا بأن نتأخر عنه ولا أن نتقدم عليه (أم هو الرّأي والحرب والمكيدة) وهي مفعلة من الكيد بمعنى المكر يعني فلنا المخالفة فإن الحرب خدعة والمكيدة بمعنى الخديعة واقعة (قَالَ: «لَا بَلْ هُوَ الرَّأْيُ وَالْحَرْبُ وَالْمَكِيدَةُ) أي لم ينزلني الله تعالى فيه ولم يأمرني به وإنما وقع نزولي فيه اتفاقا من غير تأمل في أمره وقد أمرني الله تعالى بقوله قولكم في مصلحة أمركم حيث قال وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ (قال فإنّه ليس بمنزل) مرضي بحسب العقل، (انهض) بفتح الهاء والضاد المعجمة وهو القيام إلى الشيء بالسرعة والعجلة أي قم لنا وانتقل بنا (حتّى نأتي أدنى ماء) أي أقربه (من القوم) يعني قريشا (فننزله ثمّ نعوّر ما وراءه من القلب) بضمتين جمع قليب وهو البئر ونعور بتشديد الواو المكسورة بعد عين مهملة وقيل معجمة فعلى الأول أي نفسدها عليهم وعلى الثاني نذهبها في الأرض وندفنها لئلا يقروا على الانتفاع بها وفي رواية السهيلي بضم العين المهملة وسكون الواو وهي لغة فيها (فنشرب ولا يشربون) أي منها، (فقال أشرت بالرّأي) أي الصحيح (وفعل ما قاله) أي الحباب في هذا الباب وقد روى ابن سعد أنه نزل جبريل عليه السلام على النبي صلى الله تعالى عليه وسلم فقال الرأي اشار به الحباب، (وقد قال الله تعالى) أي وأمره عليه الصلاة والسلام بقوله (وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ [آل عمران: 159] ) ومدحهم في مواضع أخر فقال وَأَمْرُهُمْ شُورى بَيْنَهُمْ وعنه صلى الله تعالى عليه وسلم ما تشاور قوم إلا هدوا لا رشد أمرهم وقد ورد ما خاب من استخار ولا ندم من استشار (وأراد) أي النبي صلى الله تعالى عليه وسلم في غزوة الأحزاب (مصالحة بعض عدوّه على ثلث تمر المدينة) من التمر وغيره وفي نسخة بالتاء الفوقية (فاستشار الأنصار) كما رواه البزار عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه بلفظ جاء الحارث الغطفاني إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فقال يا محمد ناصفنا ثمر المدينة وإلا ملأناها عليك خيلا ورجلا فقال حتى استأمر السعود يعني سعد بن عبادة وسعد بن معاذ فشاورهما فقالا لا والله ما اعطينا الدنيئة من أنفسنا بالجاهلية وقد جاء الله تعالى بالإسلام وفي رواية ابن إسحاق أنه عليه الصلاة والسلام أراد في غزوة الخندق أن يقاضي أي يصالح بذلك عيينة بن حصين الفزاري والحارث بن عوف المري وهما قائدا غطفان واستشار صلى الله تعالى عليه وسلم في ذلك سعد بن معاذ وسعد بن عبادة فقال سعد بن معاذ يا رسول الله قد كنا نحن وهؤلاء القوم على الشرك بالله تعالى وعبادة الأوثان لا نعبد الله ولا نعرفه وهم لا يطمعون أن يأكلوا منها تمرة إلا قري أو بيعا فحين أكرمنا الله تعالى بالإسلام وهدانا له وأعزنا بك وبه نعطيهم أموالنا ما لنا بهذا من حاجة والله لا نعطيهم إلا السيف حتى يحكم الله تعالى بيننا وبينهم فقال عليه الصلاة والسلام فأنت وذاك القصة

ص: 339