الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تقريظ
الحمد للَّه رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول اللَّه، المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فقد أطلعني الأخ الدكتور/ زياد بن عابد المَشوخي/ على مسودة كتابه: (الاستضعاف وأحكامه في الفقه الإِسلامي)، الذي أصله رسالة علمية، نال بها درجة الدكتوراه في الفقه الإِسلامي، فسررتُ لذلك العنوان والموضوع؛ لما أعهده في المؤلف الفاضل أثناء تدريسي له من همة عالية، وفكر متفتح، وثقافة واسعة، وجدية ظاهرة في استيعاب ما يقوم به من جهد علمي، واعتدال في المنهج.
وقد اشتمل هذا الكتاب على جهد واضح، ومنهج علمي سليم، وعناوين رئيسة وجانبية، واضحة ومعبِّرة، ومسائل وقضايا وموضوعات كثيرة قديمة ومعاصرة، تكرر حدوثها في حياة المسلمين، في الديار الإِسلامية، وفي خارجها، على صعيد الأفراد، والجماعات، والدول، وكثر السؤال عن أحكامها الشرعية.
فجاء هذا الكتاب القَيِّم ليُفردها بالجمع، والبحث، والتحليل، والدراسة، والمقارنة مع حالات الاستضعاف التي مرت بالمسلمين السابقين في العهد المكي، وفي غيره من الفترات، لاستثنائية التي مرت بالمسلمين، أفرادًا، وجماعات، ودولًا.
فبين أحكام ذلك كله، استنادًا إلى نصوص الكتاب والسنة، واجتهادات الفقهاء الأثبات الأتقياء من سلف هذه الأمة، ومن تبعهم بإحسان، ووازن بين تلك الأقوال، واختار ما هو الأنسب لحال المسلمين المستضعفين، من غير شذوذ ولا إغراب في الاختيار، ولا خضوع للمؤثرات والضغوط التي حلت بالمسلمين، ولا خروج على نصوص الشريعة ومقاصدها.
كما جاء هذا الكتاب بأسلوب علمي رصين، وعبارات واضحة سهلة، وتوثيق ممتاز، لا تخلو فيه كل صفحة من مراجع عديدة معتبرة، بلغ عددها في الفهرس المخصص لها حوالي (400) مرجع، من شتى أصناف العلوم والفنون والمعارف والثقافات.
يضاف إلى هذا شيء آخر على جانب من الأهمية، وهو ما اتصف به المؤلف من وعي وتبصُّر في فهم النصوص الشرعية ومقاصدها، وفي أحوال المسلمين المستضعفين، مع صدق في السريرة، وحماس ظاهر لهذا الدين الحق، وإيمان مطلق، بأن الاستضعاف في حياة المسلمين هو حالة استثنائية، لا ينبغي أن تؤثِّر فيهم، أو توهن من عزائمهم، بل عليهم أن يشخِّصوا أسباب الاستضعاف الداخلية والخارجية، ويعالجوها بموضوعية، وصدق، وجدية؛ لينهضوا من كبوتهم، كما نهض المسلمون السابقون في حالات الاستضعاف التي نزلت بهم، فالمستقبل للإسلام كما وعد بذلك ربنا سبحانه في قوله:{إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ} [غافر: 51]، وفي قوله أيضًا:{إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} [الرعد: 11].
وأخيرًا: لا بد من القول: إن هذا الكتاب يستحق القراءة بإمعان وتدبر، من بدايته إلى نهايته، وسيكون -إن شاء اللَّه- مرجعًا في بابه. . .
أسأل اللَّه تعالى أن ينفع بهذا الجهد، ويثيب المؤلف على ما بذل، ويوفقه إلى مزيد من العطاء العلمي. والحمد للَّه الذي بنعمته تتم الصالحات. . .
أ. د. حسن عبد الغني أبو غدة
أستاذ الفقه المقارن والسياسة الشرعية
كلية التربية. جامعه الملك سعود