الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
"هو كل ما سمي في اللغة إكراها، وعرف بالحس أنه إكراه"(1).
ومما مضى يمكن تعريف الإكراه بأنه: "دفع الشخص بغير حق على فعل أمر لا يرضاه. وتجدر الإشارة إلى أن الإكراه لا تأثير له في المباح، وكذلك على ترك الحرام والمكروه والمندوب، وإنما أثره في ترك الواجب وفي فعل الحرام"(2).
أما فقهاء القانون المدني فعرفوا الإكراه بأنه: ضغط غير مشروع على إرادة شخص يدفعه إلى التعاقد، أو هو إجبار شخص على أن يبرم عقدًا دون رضاه (3)، أما الإكراه الأدبي أو المعنوي:"هو ضغط غير مادي على الإرادة يلجىء الشخص إلى ارتكاب فعل مضر"(4).
الفرع الثالث: استخدام الفقهاء لكلمة الإكراه:
كما تطرق الفقهاء لمصطلحات أخرى في مسائل متعددة وعرفوها بأنها الإكراه، ومن ذلك ما جاء عند فقهاء المالكية من مسألة بيع المضغوط وفسروه بأنه المكره (5)، ومن تلك المسائل الإغلاق وفسروه بأنه الإكراه:"لأن المكره مغلق عليه في أمره مضيق عليه في تصرفه كمن أغلق عليه باب"(6).
وكذلك من الألفاظ التي لها صلة بالاستضعاف وبالإكراه الإجبار، وقد عرف لغة بأنه: القهر والإكراه. يقال: أجبر ته على كذا حملته عليه قهرا، وغلبته فهو مجبر.
(1) المحلى بالآثار، علي بن أحمد بن حزم، بيروت: دار الفكر، ط 1، د. ت، 7/ 204.
(2)
انظر: المنثور في القواعد الفقهية، بدر الدين بن محمد بن بهادر الزركشي، الكويت: وزارة الأوقاف الكويتية، ط 2، 1985 م، 1/ 197.
(3)
معجم القانون، القاهرة: مجمع اللغة العربية، ط 1، 1420 هـ، ص 54، وأصول الالتزام، د. حسن علي الدنون، بغداد: مطبعة المعارف، ط 1، 1970 م، ص 94.
(4)
معجم القانون، ص 55.
(5)
مواهب الجليل في شرح مختصر خليل، محمد الحطاب، بيروت: دار الفكر، ط 2، 1398 هـ، 4/ 249، وجاء فيه:"ويعبر أهل المذهب عن هذه المسألة بمسألة بيع المضغوط، وهو المكره".
(6)
شرح منتهى الإرادات، منصور بن يونس البهوتي، بيروت: دار عالم الكتب، ط 2، 1996 م، 3/ 77.
أما اصطلاحًا: فقد قال النووي: "وأما (المجْبُور) فهو المُكْرَه، يقال: أجبرته فهو مُجْبَر، هذه اللغة المشهورة"(1)، وقال الجصاص (2):"الإجبار على الأمر وهو الإكراه عليه"(3)، وإن كان يفهم من كلام بعض الفقهاء أنهم خصوا الإجبار في الإكراه بحق وممن له ولاية شرعية في حمل الغير على فعل مشروع، وبالإلزام للحكم القضائي؛ إذ استخدموا هذا المصطلح في مسائل القضاء وولاية النكاح وغيرها من المسائل (4)، بل صرح بعضهم بأن الإجبار بحق لا يُعد إكراهًا، "الإِجْبَارِي الذي بحق لا يعد إكراها"(5). أما الإكراه فيكون من ذي قوة أو سلطان على تنفيذ ما توعد به وفي حمل الغير على فعل غير مشروع (6).
(1) شرح النووي على صحيح مسلم، 18/ 7.
(2)
أحمد بن علي المكني باب بكر الرازي الجصاص، ولد سنة 305 هـ، والرازي نسبة إلى الري، والجصاص نسبة إلى العمل بالجص، كان زاهدًا ورعًا جمع إلى العلم الصلاح والتقوى وخوطب في أن يلي القضاء فامتنع، وكان جادًا في طلب العلم، حتى صار إمام الحنفية في عصره سكن بغداد ومات فيها 370 هـ، وانتهت إليه رئاسة الحنفية، من مؤلفاته: الفصول في الأصول الشهير بأصول الجصاص، أحكام القرآن، شرح مختصر الكرخي، شرح مختصر الطحاوي. انظر: الأعلام، 1/ 171.
(3)
أحكام القرآن للجصاص، أحمد بن علي الجصاص، تحقيق: محمد قمحاوي، بيروت: دار إحياء التراث العربي، ط 1، 1405 هـ، 4/ 43.
(4)
جاء في مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر، عبد الرحمن بن محمد شيخي زاده، دار إحياء التراث العربي، ط 1، د. ت، 2/ 243:" (ويجبر) أي: الحاكم (المولى على القبض)، ومعنى الإجبار فيه: تنزيل الحاكم أو المولى منزلة القابض بالتخلية، ويحكم بعتق العبد قبض أو لا، لا ما هو المفهوم من الإجبار عند الناس من الإكراه بالضرب وغيره". وجاء في أسنى المطالب شرح روض الطالب، زكريا بن محمد الأنصاري، بيروت: دار الكتاب الإِسلامي، ط 1، د. ت، 4/ 486:"الفقه أن القاضي يتخير بين إجباره على القبض والقبض كما في الإكراه بحق". وانظر: حاشيتا قليوبي وعميرة، أحمد بن سلامة القليوبي، وأحمد البرلسي عميرة، مصر: دار إحياء الكتب العربية، ط 1، د. ت، 3/ 241.
(5)
درر الحكام، 2/ 761.
(6)
انظر: الموسوعة الفقهية، 1/ 312.