الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الخامس: المقارنة بين الاستضعاف والألفاظ ذات الصلة
المباحث السابقة تظهر الفروق بين الاستضعاف والإكراه والاضطرار والإجبار والاضطهاد، ومن أبرزها:
1.
أن الاستضعاف هو نتيجة للضعف، أما الإكراه والاضطرار فقد يقع على القوي وكذلك الإجبار.
2.
أن الاستضعاف يقع من الآخرين، ولا يقع بفعل سماوي، بخلاف الاضطرار فقد يقع بفعل سماوي.
3.
أن الإجبار يقع على أمر مشروع، أما الاستضعاف فيقع على أمر غير مشروع.
4.
أن الإكراه والاضطرار يقع غالبًا على أمر محدد، بينما الاستضعاف يقع على أمور عامة ومتعددة.
ويشترك الاستضعاف مع الإكراه والاضطرار بوجود الضرورة والغلبة والقهر، وأن الاستضعاف له أنواع وحالات وصور متنوعة، وكذلك الإكراه، وقد ذكر بعض الباحثين أن الاستضعاف هو أحد أنواع الإكراه (1)، والذي يظهر من خلال ما مضى من تعريفات الفقهاء للإكراه، واستعراض لمفهوم الاستضعاف في القرآن والسنة، أن الاستضعاف أعم من الإكراه، بل ويمكننا القول: إن الإكراه أحد صور ومظاهر الاستضعاف وليس العكس، قال البخاري رحمه الله:"والمُكْرَهُ لا يَكُونُ إلَّا مُسْتَضْعَفًا غَيْرَ مُمْتَنِعٍ مِنْ فِعْلِ ما أُمِر بِهِ"(2).
(1) الولاء والبراء في الإسلام، محمد سعيد القحطاني، دار طيبة: الرياض، ط 1، 1411 هـ، ص 375 - 377، حيث ذكر أن أنواع الإكراه هي: الإلجاء، التهديد، الاستضعاف.
(2)
صحيح البخاري، 6/ 2545.
وخلاصة ما سبق: أن من صور الاستضعاف الإكراه والاضطرار، وأن مفهوم الاستضعاف عام، كما أن بعض صور الإكراه والاضطرار ليس له علاقة بالاستضعاف؛ إذ أن سببها قد يكون سماويًا، ومعلوم أن سبب الاستضعاف فعل واقع من الغير.
وننبه في نهاية هذا المبحث إلى أن إطلاق الفقهاء لكلمة الإكراه أو الاضطرار ينبغي أن يحمل في سياقه الوارد فيه، ليعلم المراد منه تحديدًا، ويعلم مرادهم أي نوع من أنواع الإكراه أو أنواع الاضطرار (1).
* * *
(1) قال الغزالي رحمه الله عند تعرضه لشروط النقيض.
وذكر أول هذه الشروط: "أن يكون المحكوم عليه في القضيتين واحدًا بالذات لا بمجرد اللفظ، فإن اتحد اللفظ دون المعنى لم يتناقضا، ومثل لهذا بقول الفقهاء: المضطر مختار، المضطر ليس بمختار، وقولهم: المضطر آثم، المضطر ليس بآثم؛ إذ قد يُعبر بالمضطر عن المرتعد والمحمول المطروح على غيره، وقد يُعبر عن المدعو بالسيف إلى الفعل.
الثاني: أن يكون الحكم واحدًا والاسم مختلف، كقولهم: المُكرَهُ مختار، المكره ليس بمختار؛ لأن المختار عبارة عن معنيين مختلفين". المستصفى في علم الأصول، محمد بن محمد الغزالي، تحقيق محمد الشافي، بيروت: دار الكتب العلمية، ط 1، 1413 هـ، 1/ 30.