الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بالزراعة دون الصناعة وغيرها، مما يعرض الأمة للخطر (1)، فقال عليه الصلاة والسلام:(إذا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ، وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ، وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ، وَتَرَكْتُمُ الْجِهَادَ، سَلَّطَ اللَّه عَلَيْكُمْ ذُلًّا لَا يَنْزِعُهُ حتى تَرْجِعُوا إلى دِينِكُمْ)(2).
إن القوة الاقتصادية عصب الحياة الدنيا وقوامها، وهي عامل من عوامل قوة الدعوة الإسلامية وانتشارها، ووسيلة من وسائل حمايتها والحفاظ على مكتسباتها، ولهذا ينبغي السعي الجاد لإيجاد منظومة متكاملة للاقتصاد الإسلامي بين الدول الإسلامية؛ لكي يقودنا هذا إلى الوحدة السياسية كما تسعى لذلك الدول غير الإسلامية مثل دول الاتحاد الأوروبي وغيرها (3)، لذا ينبغي للمستضعفين السعي للاكتفاء الاقتصادي الذاتي بالإنتاج الزراعي والصناعي والتقني وفقًا للقدرات والإمكانات المتاحة، وعلى الدول الإسلامية ذات القوة الاقتصادية أن تسخر هذه القوة في حماية المستضعفين من المسلمين بربط المصالح الاقتصادية بمنح المستضعفين حقوقهم ورفع الظلم عنهم.
* * *
المطلب الرايع القوة السياسية
مهما كانت الأمة قوية في الجانب العسكري إلا أنها ستفقد كل مكتسباتها إن لم يكن لديها قوة في الجانب السياسي، فإدراك الأمة لواقع القوى من حولها من الأعداء أو الحلفاء، يتيح لها التعامل الإيجابي مع تلك القوى، والاستفادة من التحالفات والمتغيرات، وأن تحافظ على مكتسباتها، لقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يدرك ما يدور حوله، فأمر بالهجرة إلى
(1) انظر: فقه الجهاد، د. يوسف القرضاوي، القاهرة: مكتبة وهبة، ط 1، 2009 م، ص 219.
(2)
سبق تخريجه، ص 117.
(3)
انظر: تبصير المؤمنين بفقه النصر والتمكين في القرآن الكريم، د. علي الصلابي، الإسكندرية: دار الإيمان، ط 1، 2002 م، ص 338 - 343.
الحبشة؛ لأن فيها ملكًا لا يظلم عنده أحد، ولما وصل إلى المدينة كتب الصحيفة بينه وبين يهود المدينة، وعقد المعاهدات مع القبائل من حول المدينة لعزل قريش، ومن ذلك: المعاهدة مع قبيلة بني ضمرة، وقبيلة خزاعة، وبنو غفار، وقبيلة جهينة، كما راسل الملوك والرؤساء خارج الجزيرة العربية في الفترة من هدنة الحديبية 6 هـ وغزوة تبوك 9 هـ (1)، قال ابن القيم رحمه الله:"لما رجع من الحديبية كتب إلى ملوك الأرض وأرسل إليهم رسله، فكتب إلى ملك الروم، فقيل له: إنهم لا يقرؤون كتابا إلا إذا كان مختوما، فاتخذ خاتما من فضة ونقش عليه ثلاثة أسطر، محمد سطر، ورسول سطر، واللَّه سطر، وختم به الكتب إلى الملوك، وبعث ستة نفر في يوم واحد في المحرم سنة سبع"(2)، ثم ذكر بقية الرسل الذين بعثهم النبي صلى الله عليه وسلم.
إن القوة السياسية تقتضي معرفة المستضعفين للجوانب التي يمكن من خلالها حماية أنفسهم، سواء بمعرفتهم للأنظمة والقوانين، أو للعادات والتقاليد، قال السعدي رحمه الله:" {مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} أي: كل ما تقدرون عليه من القوة العقلية والبدنية وأنواع الأسلحة ونحو ذلك مما يعين على قتالهم، فدخل في ذلك أنواع الصناعات التي تعمل فيها أصناف الأسلحة والآلات من المدافع والرشاشات، والبنادق، والطيارات الجوية، والمراكب البرية والبحرية، والحصون والقلاع والخنادق، وآلات الدفاع، والرأْي: والسياسة التي بها يتقدم المسلمون ويندفع عنهم به شر أعدائهم، وتَعَلُّم الرَّمْيِ، والشجاعة والتدبير"(3).
(1) للمزيد انظر: الفقه السياسي للوثائق النبوية، ص 117 - 181.
(2)
زاد المعاد، 1/ 119 - 120.
(3)
تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، 1/ 324.