الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثالث: مفهوم الاستضعاف في الأحاديث النبوية
ورد ذكر الاستضعاف والمستضعفين في أحاديث، نذكر منها ما يلي:
1 -
عن عبيد اللَّه قال سمعت ابن عباس رضي الله عنهما قال: (كنت أنا وأمي (1) من المستضعفين)، وفي روايةٍ قال: تلا ابنُ عباسِ: {إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ} ، فقال:(كنت أنا وأمي ممَّن عَذَرَ اللَّهُ، أنا من الولدان، وأمي من النساء)(2).
2 -
عن أني هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رفع رأسه من الركعة الآخرة يقول. (اللهم أَنْجِ سَلَمَةَ بن هشام (3)، اللهم أَنْجِ الوليد بن الوليد (4)، اللهم أَنْجِ عَيَّاشَ بن
(1) قال الحافظ في الفتح (8/ 255): "واسم أمه لبابة بنت الحارث الهلالية أم الفضل أخت ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم".
(2)
صحيح البخاري (الجامع الصحيح)، محمد بن إسماعيل البخاري الجعفي، تحقيق: مصطفى ديب البغا، بيروت: دار ابن كثير، ط 3، 1407 هـ، كتاب تفسير القرآن، باب:{وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ} [النساء: 75]، رقم:4311.
(3)
سلمة بن هشام بن المغيرة بن عبد اللَّه المخزومي أخو أبي جهل والحارث، يكنى أبا هاشم، من السابقين للإسلام هاجر إلى الحبشة ثم رجع إلى مكة فحبسه أبو جهل وضربه وأجاعه وأعطشه، فدعا له رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، ولما مات رسول اللَّه خرج إلى الشام، واستشهد رضي الله عنه في معركة أجنادين سنة 14 هـ. انظر: الأعلام، 3/ 113، والإصابة في تمييز الصحابة، 3/ 155، والطبقات الكبرى، 4/ 130.
(4)
الوليد بن الوليد بن المغيرة بن عبد اللَّه المخزومي، خرج مع المشركين يوم بدر فأسر يومئذ، ففداه أخواه خالد وهشام ابنا الوليد بن المغيرة، وخرجا معه حتى بلغا به ذا الحليفة أسلم فحبساه بمكة مع نفر من بني مخزوم كانوا أقدم إسلاما منه: عياش بن أبي ربيعة وسلمة بن هشام، وكانا من مهاجرة الحبشة، فدعا لهما رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قبل بدر ودعا بعد بدر للوليد بن الوليد معهما، فدعا ثلاث سنين لهؤلاء الثلاثة جميعًا، وهربوا من مكة، فخرج خالد بن الوليد معه نفر من قومه حتى بلغوا عسفان فلم يصيبوا أثرا ولا خبرا عنهم، لكونهم سلكوا طريق البحر حتى خرجوا على أمج؛ طريق هجرة النبي صلى الله عليه وسلم، فلما كانوا بظهر الحرة قطعت إصبع الوليد بن الوليد فدميت فقال: =
أبي رَبِيعَةَ (1)، اللهم أَنْجِ المُسْتَضْعَفِينَ من المؤمنين، اللهم اشْدُدْ وَطْأَتَكَ على مُضَرَ (2)، اللهم سِنينَ كسني يُوسُفَ) (3). وقد صرح النبي صلى الله عليه وسلم بأسماء هؤلاء الصحابة رضي الله عنهم في القنوت
= هل أنت إلا إصبع دميت
…
وفي سبيل اللَّه ما لقيت
وانقطع فؤاده فمات بالمدينة، وقيل: مات ببئر أبي عتبة قبل أن يدخل المدينة، ويقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم لما اعتمر خرج خالد من مكة حتى لا يرى المسلمين دخلوا مكة فقال النبي صلى الله عليه وسلم للوليد بن الوليد: (لو أتانا خالد لأكرمناه)، فكتب الوليد بذلك إلى خالد فكان ذلك سبب هجرته. انظر: الأعلام، 8/ 122، والإصابة في تمييز الصحابة 3/ 248، والطبقات الكبرى، 4/ 131 - 134.
(1)
عياش بن أبي ربيعة بن المغيرة بن عبد اللَّه بن عمر المخزومي واسمه عمرو ويلقب ذا الرمحين، أخو أبو جهل لأمه، ابن عم خالد بن الوليد، كان من السابقين الأولين للإسلام، هاجر الهجرتين ثم خدعه أبو جهل إلى أن رجعوا من المدينة إلى مكة فحبسوه، ثم قدم للمدينة فلم يزل بها إلى أن مات النبي صلى الله عليه وسلم، ثم خرج إلى الشام فجاهد في سبيل اللَّه، ثم رجع إلى مكة فأقام بها إلى أن مات بها سنة 15 هـ، وقيل: مات بالشام في خلافة عمر، وقيل: استشهد باليمامة، وقيل: باليرموك. انظر: الإصابة في تمييز الصحابة، 4/ 750، والطبقات الكبرى، 5/ 443 - 444.
(2)
قال ابن حجر في الفتح 11/ 194: (والمراد بِمُضَرَ القبيلة المشهورة التي منها جميع بُطُون قَيْس وقريش وغيرهم، وهو على حذف مضاف، أي: كفار مُضَر"، "فتتابع القحط عليهم سبع سنين حتى أكلوا النقد والعظام"، تأويل مختلف الحديث، عبد اللَّه بن مسلم بن قتية الدينوري، تحقيق: محمد زهري النجار، بيروت: دار الجيل، ط 1، 1393 هـ، 1/ 213، وجاء في الشفا بتعريف حقوق المصطفى، عياض اليحصبي، بيروت: دار الفكر، ط 1، 1409 هـ، ص 323: "ودعا على مضر فأقحطوا، حتى استعطفته قريش، فدعا لهم فسقوا".
(3)
أخرجه البخاري، كتاب الجهاد والسير، باب الدعاء على المشركين بالهزيمة والزلزلة، رقم: 961، وصحيح مسلم، مسلم بن الحجاج أبو الحسين القشيري النيسابوري، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، بيروت: دار إحياء التراث العربي، ط 1، د. ت، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب القنوت في جميع الصلاة، رقم:675.
لاشتهار خبرهم، ودعا للمستضعفين في مكة فشمل دعاؤه عليه السلام الأسرى وكذلك من كان يكتم إيمانه ولم تعرف قريش أمر إسلامه.
3 -
وفي حديث الحديبية (1) قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: (يا أبا جَنْدَلٍ اصْبِرْ وَاحْتَسِبْ فإن اللَّه عز وجل جَاعِلٌ لَكَ وَلِمَنْ مَعَكَ من المُسْتَضْعَفِينَ فَرَجًا وَمَخْرَجًا، إنا قد عَقَدْنَا بَيْنَنَا وبين الْقَوْمِ صُلْحًا فَأَعْطَيْنَاهمْ على ذلك وَأَعْطَوْنَا عليه عَهْدًا وَإنَّا لن نَغْدِرَ بهم)(2).
وقد جعل اللَّه عز وجل له وللمستضعفين معه فرجًا ومخرجًا بانحيازهم لأبي بصير رضي الله عنه، فصار بإمكان المستضعفين التأثير على العدو أكثر من الدولة الإِسلامية القائمة في المدينة؛ لعدم دخولهم في الهدنة مع قريش، فكلما سمعوا بقافلة لقريش هاجموها، ولم يكن بإمكان قريش مهاجمتهم لعدم استقرارهم وسرعة تنقلهم، حتى ناشدت قريش النبي صلى الله عليه وسلم إلغاء شرط رد من يسلم إليها (3).
(1) الحُدَيْبِية: بضم الحاء وفتح الدال وياء ساكنة وباء موحدة مكسورة وياء مخففة، اختلفوا فيها فمنهم من شددها ومنهم من خففها فروي عن الشافعي رحمه الله أنه قال: الصواب تشديد الحديبية، وهي قرية متوسطة ليست بالكبيرة، تقع غربي مكة قريبة منها، سميت ببئر فيها، وقيل: بشجرة حدباء. انظر: معجم البلدان، ياقوت بن عبد اللَّه الحموي، بيروت: دار الفكر، ط 1، د. ت، 2/ 229.
(2)
أخرجه أحمد، 4/ 325، رقم: 18930، قال شعيب الأرنؤوط:"إسناده حسن، محمد بن إسحاق وإن كان مدلسًا وقد عنعن، إلا أنه قد صرح بالتحديث في بعض فقرات هذا الحديث فانتفت شبهة تدليسه"، والبيهقي في السنن الكبرى، أحمد بن الحسين البيهقي، تحقيق: محمد عبد القادر عطا، مكة المكرمة: مكتبة دار الباز، ط 1، 1414 هـ، 9/ 227، رقم:18611.
(3)
ففي حديث صلح الحديبية: (فجعل لا يخرج من قريش رجل قد أسلم إلا لحق بأبي بصير حتى اجتمعت منهم عصابة، فواللَّه ما يسمعون بعير خرجت لقريش إلى الشام إلا اعترضوا لها فقتلوهم وأخذوا أموالهم، فأرسلت قريش إلى النبي صلى الله عليه وسلم تناشده باللَّه والرحم لما أرسل فمن أتاه فهو آمن فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم. . .)، أخرجه البخاري، كتاب الشروط، باب الشروط في الجهاد والمصالحة مع أهل الحرب، رقم:2581.
4 -
عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: (أَلَا أُخْبِرُكَ عَنْ مُلُوكِ الجنَّةِ) قُلْتُ: بَلَى، قال:(رَجُلٌ ضَعِيفٌ مُسْتَضْعَفٌ ذُو طِمْرَيْنِ لَا يُؤْبَهُ له لو أَقْسَمَ على اللَّهِ لأَبَرَّهُ)(1)، "والمراد بالمستضعَف بفتح العين على المشهور، أي: يستضعفه الناس ويحتقرونه ويتجبرون عليه لضعفه ولفقره ورثاثته وخموله، وفي رواية بكسر العين، أي: نفسه كمال لتواضعه وضعف حاله في الدنيا، ذو طمرين بكسر فسكون إزار ورداء خلقين، لا يؤبه له، أي: لا يحتفل به"(2).
5 -
وفي الصحيحين: (ألا أُخْبِرُكُمْ بأهل الجنة كل ضَعِيفٍ مُتَضَعِّفٍ لَوْ أَقْسَمَ على اللَّه لَأبَرَّهُ، ألا أُخْبِرُكُمْ بأهل النار كُلُّ عُتُلٍّ جوَّاظٍ (3) مُسْتكْبِرٍ) (4).
(1) سنن ابن ماجه، محمد بن يزيد أبو عبد اللَّه القزويني، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، بيروت: دار الفكر، ط 1، د. ت، كتاب الزهد، باب من لا يؤبه له، رقم:4115. جاء في السلسلة الصحيحة، محمد ناصر الدين الألباني، الرياض: مكتبة المعارف، ط 1، د. ت، 4/ 240: إسناد رجاله ثقات غير سويد بن عبد العزيز فإنه ضعيف، وقال الحافظ: لين الحديث.
(2)
فيض القدير شرح الجامع الصغير، عبد الرؤوف المناوي، القاهرة: المكتبة التجارية الكبرى، ط 1، 1356 هـ، 3/ 100.
(3)
الجواظ بتشديد الواو وفتح الجيم وآخره ظاء معجمة، هو الفظ الغليظ، أو المجموع المنوع، وقيل: الكثير اللحم المختال في مشيته أي بسبب التنعم، انظر: مشارق الأنوار، 1/ 165، وفتح الباري، لابن حجر، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي ومحب الدين الخطيب، بيروت: دار المعرفة، ط 1، 1379 هـ، 8/ 663، والديباج على صحيح مسلم بن الحجاج، عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي، تحقيق: أبي إسحاق الحويني، الخبر: دار ابن عفان، ط 1، 1416 هـ، 6/ 193، والتيسير بشرح الجامع الصغير، زين الدين عبد الرؤوف المناوي، الرياض: مكتبة الإِمام الشافعي، ط 3، 1408 هـ، 1/ 395.
(4)
أخرجه البخاري، كتاب تفسير القرآن، باب عتل بعد ذلك زنيم، رقم: 4633، وفي رواية "متضاعف"، ومسلم، كتاب الجنة، باب النار يدخلها الجبارون والجنة يدخلها الضعفاء، رقم:2853.
قال ابن الأثير رحمه الله (1): "يُقال: تَضعَّفَتْهُ واسْتَضْعَفْتُه بمعنى، كما يقال: تَيَقَّنَ واسْتَيْقَنَ، يريد الذي يَتَضعَّفَهُ الناس ويَتَجَبَّرون عليه في الدُّنيا للفَقْر ورَثاثَةِ الحال"(2).
وقال النووي رحمه الله (3): "كل ضَعِيف مُتَضَعِّف إنه الخَاضِع للَّه تعالى المُذِلّ نَفْسه له سبحانه وتعالى ضد المُتَجَبِّر المُسْتَكْبِر"(4)، قال ابن حجر رحمه الله:"وفي رواية الإسماعيلي: مستضعف، والمراد بالضعيف من نفسه كمال لتواضعه وضعف حاله في الدنيا، والمستضعف المحتقر لخموله في الدنيا"(5).
(1) المبارك بن محمد بن محمد بن محمد بن عبد الكريم الشيباني الجزري، أبو السعادات، مجد الدين، المحدث اللغوي الأصولي الشافعي، ولد سنة 544 هـ، وانتقل إلى الموصل، مرض وبطلت حركة يديه ورجليه فمنعه مرضه من الكتابة ولازمه إلى أن توفي رحمه الله سنة 606 هـ، قيل: إن تصانيفه كلها ألفها زمن مرضه إملاءً على طلبته، وهو أخو ابن الأثير المؤرخ، وابن الأثير الكاتب رحمهم الله، انظر: وفيات الأعيان، 4/ 7، وطبقات الشافعية، 5/ 153، والأعلام، 5/ 272.
(2)
النهاية في غريب الأثر، 3/ 88.
(3)
محيي الدين أبو زكريا ير بن شرف الحوراني الشافعي النووي -نسبة إلى نوى وهي قرية من قرى حَوْران في سورية، ولد 631 هـ، كان إمامًا بارعًا حافظًا وحصورًا، أتقن علومًا شتى، وقَدِمَ مع أبيه إلى دمشق لاستكمال طلب العلم، وولي مشيخة دار الحديث الأشرفية، أفردت ترجمته في رسائل عديدة، من أشهر مؤلفاته: تهذيب الأسماء واللغات، والمنهاج في شرح مسلم، الأذكار؛ رياض الصالحين، المجموع شرح المهذب؛ الأربعون النووية، توفي بنوى سنة 676 هـ. انظر: معجم المؤلفين، عمر رضا كحاله، دمشق: المكتبة العربية، ط 1، 1961 م، 13/ 202، وطبقات الشافعية الكبرى، تاج الدين بن علي السبكي، تحقيق: د. محمود الطناحي، ود. عبد الفتاح الحلو، القاهرة: دار هجر، ط 2، 1413 هـ، 8/ 225، وطبقات الشافعية، أحمد بن محمد بن عمر بن قاضي شهبة، تحقيق: د. الحافظ عبد العليم خان، بيروت: عالم الكتب، ط 1، 1407 هـ، 2/ 153 - 154.
(4)
شرح النووي على صحيح مسلم، يحيى بن شرف بن مري النووي، بيروت: دار إحياء التراث العربي، ط 2، 1392 هـ، 17/ 181.
(5)
فتح الباري، 8/ 663.
وهذا الحديث نص في تفضيل الضعيف على القوي، وقد ورد عكسه كما في قوله صلى الله عليه وسلم:(المؤمن القوي خير وأحب إلى اللَّه من المؤمن الضعيف وفي كل خير. . .)(1)، وهو نص في تفضيل القوي على الضعيف، وقد جمع الإِمام النووي رحمه الله بين الحديثين فقال:"والمراد بالقوة هنا عزيمة النفس والْقَرِيحَة في أمور الآخرة، فيكون صاحب هذا الوصف أكثر إقدامًا على العدو في الجهاد، وأسرع خروجًا إليه، وذهابًا في طلبه، وأشد عزيمة في الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والصبر على الأذى في كل ذلك، واحتمال المشاق في ذات اللَّه تعالى، وأرغب في الصلاة والصوم والأذكار وسائر العبادات، وأنشط طلبًا لها، ومحافظة عليها ونحو ذلك"(2)، وأما مدح الضعيف "فمن حيث رقة القلوب ولينها واستكانتها لربها وضراعتها إليه"(3)، كما يحمل مدح الضعف في حال التعامل مع المسلمين كما قال سبحانه:{مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ. . .} (4).
6 -
قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: (إنما ينصر اللَّه المسلمين بدعاء المستضعفين)(5)، وقال عليه
(1) أخرجه مسلم، كتاب القدر، باب في الأمر بالقوة وترك العجز والاستعانة باللَّه، رقم:2664.
(2)
شرح النووي على صحيح مسلم، 9/ 19.
(3)
فيض القدير، 3/ 100.
(4)
سورة الفتح، من الآية [29].
(5)
المعجم الأوسط، سليمان بن أحمد الطبراني، تحقيق: طارق الحسيني، القاهرة: دار الحرمين، ط 1، 1415 هـ، 4/ 263، وجاء في مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، علي بن أبي بكر الهيثمي، القاهرة، بيروت: دار الريان للتراث، ودار الكتاب العربي، ط 1، 1457 هـ، 5/ 329:"فيه علي بن سعيد الرازي، قال الدارقطني: ليس بذاك، وقال يونس: كان يحفظ ويفهم وبقية رجاله ثقات". قال الحافظ في الفتح، 6/ 89:"أخرجه أبو نعيم في ترجمته في الحلية من رواية عبد السلام بن حرب عن أبي خالد الدالاني عن عمرو بن مرة، وقال: غريب من حديث عمرو تفرد به عبد السلام".
الصلاة والسلام: (ابْغُوني الضُّعَفَاءَ فَإِنَّمَا تُرْزَقُونَ وَتُنْصَرُونَ بِضُعَفَائِكُمْ)(1).
7 -
عن أوس بن حذيفة قال قدمنا على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في وفد ثقيف فنزلوا الأحلاف (2) على المغيرة بن شعبة وأنزل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بني مالك في قبة له فكان يأتينا كل ليلة بعد العشاء فيحدثنا قائما على رجليه حتى يراوح بين رجليه وأكثر ما يحدثنا ما لقي من قومه من قريش ويقول: (وَلا سَوَاءٌ، كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ مُسْتَذَلِّينَ، فَلَمَّا خَرَجْنَا إِلَى المَدِينَةِ كَانَتْ سِجَالُ الْحَرْبِ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُم،
(1) سنن أبي داود، سليمان بن الأشعث أبو داود السجستاني الأزدي، تحقيق: محمد محيي الدين عبد الحميد، بيروت: دار الفكر، ط 1، د. ت، كتاب الجهاد، باب في الانْتِصَارِ بِرَذْلِ الْخَيْلِ وَالضَّعَفَةِ، رقم: 2594، وسنن الترمذي، محمد بن عيسى الترمذي السلمي، تحقيق: أحمد محمد شاكر وآخرون، بيروت: دار إحياه التراث العربي، ط 1، د. ت، كتاب الجهاد، باب ما جاء في الاستفتاح بصعاليك المسلمين، رقم: 1702، وقال: حسن صحيح، وسنن النسائي، أحمد بن شعيب أبو عبد الرحمن النسائي، تحقيق: عبد الفتاح أبو غدة، حلب: مكتب المطبوعات الإِسلامية، ط 2، 1406 هـ، كتاب الجهاد، باب الاستنصار بالضعيف، رقم: 4388، ومسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني، عمر: مؤسسة قرطبة، د. ت، 5/ 198، رقم: 21779، والمستدرك على الصحيحين، محمد بن عبد اللَّه الحاكم النيسابوري، تحقيق: مصطفى عبد القادر عطا، بيروت: دار الكتب العلمية، ط 1، 1411 هـ، 2/ 116، رقم: 2509 وقال: صحيح الإسناد، قال في صحيح سنن أبي داود، محمد ناصر الدين الألباني، الرياض: مكتبة المعارف، ط 2، 1421 هـ، 4/ 96:"صحيح".
(2)
جاء في عون المعبود شرح سنن أبي داود، محمد شمس الحق العظيم آبادي، بيروت: دار الكتب العلمية، ط 2، 1415 هـ، 4/ 189:"جمع حليف، ولفظ أبي داود الطيالسي، فنزل الأحلافيون على المغيرة بن شبة، قال في المصباح: الحليف المعاهد، يقال: منه تحالفا إذا تحالفا، وتعاقدا على أن يكون أمرهما واحدا في النصرة والحماية".
نُدَالُ عَلَيْهِمْ وَيُدَالُونَ عَلَيْنَا) (1)، "أي ما كان بيننا وبينهم مساواة بل أنهم كانوا أولا أعز ثم أذلهم اللَّه تعالى"(2).
ومن فوائد هذه الأحاديث:
1.
بيان أصناف المستضعفين الذين عذرهم اللَّه لعجزهم عن الهجرة.
2.
دعاء النبي صلى الله عليه وسلم للمستضعفين بالنجاة، ومشروعية الدعاء على من يستضعفهم.
3.
وصية النبي صلى الله عليه وسلم للمستضعفين بالصبر والاحتساب.
4.
وصية النبي صلى الله عليه وسلم للمستضعفين بالبحث عن مخارج تخلصهم من الظلم الواقع عليهم، وحثهم على التعاون فيما بينهم.
5.
مقابلة الاستضعاف بالاستكبار، وارتباط الاستضعاف بالذل والقهر والغلبة والقلة.
6.
أن النبي صلى الله عليه وسلم عد الخروج إلى المدينة والهجرة إليها انتهاءً لمرحلة الاستضعاف التي كانت في مكة.
7.
أن اللَّه عز وجل عظم من شأن المستضعفين وجعل صبرهم وجهادهم من أسباب انتصار الأمة.
* * *
(1) أخرجه أبو داود، كتاب الصلاة، باب تحزيب القرآن، رقم: 1393، وأخرجه ابن ماجه، كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في كم يستحب يختم القرآن، رقم: 1345، سكت عنه، وقد قال في رسالته لأهل مكة كل ما سكت عنه فهو صالح، قال الألباني في ضعيف سنن أبي داود، محمد ناصر الدين الألباني، مكتبة المعارف: الرياض، ط 2، 1421 هـ، 3/ 393:"ضعيف".
(2)
عون المعبود، 4/ 189.