الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثانى الغزو الفكري والثقافي
(1)
إن الغزو الثقافي الذي يجتاح الأمة الإسلامية صنو للغزو العسكري الذي جاس خلال ديارها من بضعة قرون، وألحق بالأمة خسائر مادية ومعنوية فادحة (2) وإن ركائز الغزو الفكري وأدواته هي: الصهيونية، والتنصير، والاستعمار، والنظريات والمبادىء المعادية للإسلام كالديمقراطية والرأسمالية والشيوعية والاشتراكية وما يتفرع عنها من نظم وفلسفات هدامة (3).
لقد نجح الغزو الثقافي في بلوغ غايته، منذ أن قدر على إسقاط دولة الخلافة، وإقامة سبعين جنسية على أنقاضها، وأخذ يصرف الناس رويدًا رويدًا عن رباط العقيدة وندائها، ويشغلهم داخل حدودهم الوطنية بأزمات الرغيف، أو برغبات الجنس وشهوات أخرى. وهناك سماسرة مكرة موظفون في ميادين إعلامية وسياسية لحراسة هذا التمزيق واستدامته (4).
(1) عرف الغزو الفكري بأنه: "استعمار الناس عقلًا وقلبًا وإرادة، والسيطرة عليهم لإبعادهم عن عقيدتهم ورسالتهم في الحياة بشتى الوسائل والأساليب المختلفة. فهو يمثل الوسائل غير العسكرية التي اتخذها الغزو الصليبي لإزالة مظاهر الحياة الإسلامية، وصرف المسلمين عن التمسك بالإسلام مما يتعلق بالعقيدة وما يتصل بها من أفكار وتقاليد وأنماط سلوك"، واقعنا المعاصر، محمد قطب، جدة: مؤسسة المدينة للصحافة، ط 1، 1457 هـ، ص 195.
(2)
انظر: الغزو الثقافي يمتد في فراغنا، د. محمد الغزالي، مصر: دار الشروق، ط 1، د. ت، ص 32.
(3)
انظر: الغزو الفكري والتيارات المعادية للإسلام بحوث مؤتمر الفقه الإسلامي، د. علي عبد الحليم محمود، الرياض: جامعة الامام محمد بن سعود الإسلامية، ط 1، 1401 هـ، ص 131 - 173، ومجتمعنا المعاصر أسباب ضعفه ووسائل علاجه، د. عبد اللَّه المشوخي، الأردن: مكتبة المنار، ط 1، 1407 هـ، ص 309 - 319.
(4)
الغزو الثقافي يمتد في فراغنا، ص 58.
إن الحروب الصليبية مستمرة بأساليب أكثر ذكاء، وأعمق تأثيرًا، وأوسع انتشارًا (1) إن الغزو الفكري يهدف إلى تشويه صورة الإسلام بمحاولة تشويه القرآن الكريم، والسنة النبوية، بل وشخص النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، والتاريخ الإسلامي، ونظام الحياة الإسلامية والتراث الإسلامي، ونشر الإلحاد، والتشكيك في تاريخ الأمة وحاضرها ومستقبلها، وتذويب شخصية الأمة، وإحلال عناصر ثقافية جديدة، وذلك باستخدام وسائل مباشرة كالاستعمار، والاستشراق، والتنصير، والتغريب، والعلمانية، ووسائل غير مباشرة بالسيطرة على أجهزة التشريع واتخاذ القرار، والتغلغل إلى أجهزة التعليم، وتوجيه الإعلام، وتشويه القيادات الدينية والاجتماعية، وصناعة قيادات مزيفة، وغزو الحياة الاجتماعية (2).
إنها معركة طويلة أدت لاستضعاف المسلمين ووقوعهم تحت هزائم داخلية معنوية واقتصادية وتعليمية وثقافية قبل الهزيمة العسكرية أمام أعدائها من الخارج، أخبرنا اللَّه عز وجل عنها وعن أسبابها، فقال سبحانه:{وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (3)، كما أخبر سبحانه عن استمرارها، فقال عز وجل: {وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ
(1) وسائل مقاومة الغزو الفكري للعالم الإسلامي، د. حسان محمد حسان، مطبوعات مكة المكرمة: رابطة العالم الإسلامي، ط 1، د. ت، ص 28.
(2)
انظر: وسائل مقاومة الغزو الفكري للعالم الإسلامي، ص 50 - 78. والغزو الفكري والتيارات المعادية للإسلام، بحوث مؤتمر الفقه الاسلامي، ص 25 - 103.
(3)
سورة البقرة، الآية [109].