الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والعزيمة بالإضافة إلى القوة المادية، قال تعالى:{وَيَاقَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ} (1)، وإن الانحراف في جانب العقيدة أدى إلى إيمان لا تأثير له في المجتمعات، ولا يتجاوز الترديد دون العمل بالمقتضيات، بالإضافة لانتشار الشرك الخرافات والسحر والشعوذة والتعلق بالأضرحة والاستغاثة بالمخلوقات، وغيرها من الضلالات، إن النهوض بالأمة وتخلصها من الاستضعاف لا يكون إلا بعقيدة راسخة قوية، ولذا كانت المرحلة المكية مرحلة بناء للعقيدة، وهذا لا يعني التركيز عليها وحدها، بل لا بد أن يتبعها العمل في مختلف المجالات، فإن الإيمان قول وعمل (2).
* * *
المطلب الثانى القوة العسكرية
قال تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ} (3) أمر اللَّه تعالى المؤمنين بإعداد السلاح قبل وقت القتال إرهابا للعدو (4)، "فالأمر في الآية للوجوب لأن التهيؤ لجهاد العدو
(1) سورة هود، الآية [52].
(2)
انظر: شرح العقيدة الطحاوية، علي بن أبي العز الدمشقي، تحقيق د. عبد اللَّه التركي، وشعيب الأرنؤوط، بيروت: مؤسسة الرصالة، ط 2، 1413 هـ، 474 - 478، فقه الأولويات - دراسة في الضوابط، محمد الوكيلي، فيرجينيا: المعهد العالمي للفكر الإسلامي، ط 1، 1997 م، ص 95 - 97.
(3)
سورة الأنفال، الآية [60].
(4)
انظر: أحكام القرآن للجصاص، 4/ 252.
والاستعداد لملاقاته بدخول جيشنا إلى داره كل سنة أو بعمارة الثغور ونحوها حتى لا يبقى له سبيل إلى دخول دارنا واجب على الكفاية" (1)، وذم سبحانه المنافقين على ترك الاستعداد للجهاد والتقدم (2)، {وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ} (3)، ولم يأل النبي صلى الله عليه وسلم جهدًا لتقوية المسلمين، إلا أن رحمة اللَّه اقتضت ألا يحمل المسلمين واجب القتال، حتى توجد لهم دار إسلام، وحتى يتربوا التربية التي تؤهلهم للجهاد (4)، ولما كان هذا الأمر متعذرًا في المرحلة المكية فإن المسلمين امتنعوا بأقوامهم وعشائرهم وبالجوار، ومن لم يقدر على ذلك ولم يكن له عشيرة تمنعه فقد أمره النبي صلى الله عليه وسلم بالهجرة إلى الحبشة، ولما جاءت بيعة العقبة الثانية كانت الفرصة قد حانت لهذا الإعداد، لذا: "فقد كانت البيعة الأولى لبث النظم الإسلامية التي يقوم عليها بناء الدولة القويم. . . والبيعة الثانية كانت لتكوين الدولة بالذود عن حياضها" (5)، وليس المراد هنا بحث مراحل الجهاد وأطواره في عهد النبي صلى الله عليه وسلم أو بيان فضله وفضل الرباط، وإنما المراد التأكيد على أن الإعداد والجهاد في سبيل اللَّه من وسائل دفع الاستضعاف.
* * *
(1) الفتاوى الفقهية الكبرى، أحمد بن محمد بن حجر الهيتمي، بيروت: دار الفكر، ط 1، د. ت، 4/ 262.
(2)
انظر: أحكام القرآن للجصاص، 4/ 253.
(3)
سورة التوبة، الآية [46].
(4)
انظر: فقه السيرة النبوية، د. محمد البوطي، دمشق: دار الفكر، ط 7، 1398 هـ، ص 133، والسيرة النبوية في ضوء المصادر الأصلية، 256، ومعالم على الطريق، ص 68 - 72.
(5)
الوحدة الإسلامية، د. محمد أبو زهرة، بيروت: دار الرائد العربي، ط 1، 1978 م، ص 54.