الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3 -
عدم وجود البدائل، كاضطرار المستضعفة الدخول إلى تلك الأماكن التي يحظر فيها لبس الحجاب مع عدم وجود البديل، كأن يشترط نزعه عند نقاط السفر أو المرور بمراكز الجوازات أو في الجامعات مثلًا أو المواصلات العامة، ولا تتمكن من الذهاب لجامعات أخرى أو أن تستعمل مواصلات خاصة ونحوها من البدائل.
4 -
السعي الجاد للخروج من هذا الاستثناء، وذلك بالعمل على إصدار أنظمة تسمح بالحجاب، وذلك بالاستفادة من الجمعيات الحقوقية والمهتمة بمثل هذه الأمور والتي تربطها بالحرية الشخصية، وإن لم تكن تلك الجمعيات أو الجهات إسلامية.
الفرع الثانى: شروط نزع النقاب حال الاستضعاف:
اختلف الفقهاء في مسألة تغطية المرأة لوجهها، بناء على فهمهم للمراد بالزينة الظاهرة في قوله تعالى:{وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} (1)، فهي عند الأكثر الوجه والكفين، وهو ما رجحه الطبري وغيره للإجماع على أن للمرأة أن تكشف وجهها وكفيها في صلاتها، وقياسًا على جواز كشفهما في الحج، وإجازة الفقهاء للنظر لهما عند الحاجة والضرورة (2).
قال ابن تيمية رحمه الله: "والسلف قد تنازعوا في الزينة الظاهرة على قولين: فقال ابن مسعود ومن وافقه: هي الثياب، وقال ابن عباس ومن وافقه: هي في الوجه واليدين، مثل: الكحل والخاتم. . فابن مسعود ذكر آخر الأمرين، وابن عباس ذكر أول الأمرين"(3).
(1) سورة النور، من الآية [31].
(2)
انظر: جامع البيان عن تأويل آى القرآن، 18/ 119، وأحْكَام الْقُرْآن لابن الْعَرَبِيّ، 3/ 381، والهداية شرح البداية، علي بن أبي بكر المرغياني، المكتبة الإسلامية: بيروت، ط 1، د. ت، 4/ 83، وبداية المجتهد، 2/ 3، ومواهب الجليل، 5/ 393.
(3)
الفتاوى، 22/ 109 - 111.
وليس الغرض هنا عرض الأقوال في المسألة أو الترجيح، وإن كان الفقهاء قد اتفقوا على وجوب تغطية المرأة لوجهها إذا خشيت في كشفه الفتنة، وإن لم تخش في كشفه الفتنة فهذا محل الخلاف بينهم، إنما المراد بيان حكم نزع النقاب حال الاستضعاف عند القائلين بوجوب تغطية الوجه، فإن المستضعف إن كان ممن يرى عدم وجوب التغطية فلن يقع في هذا الإشكال فيما يتصل بالنقاب، وإن كان ممن يرى وجوب التغطية فيسعه في حال الضرورة والحاجة الأخذ بالقول المرجوح (1)، وهذا الأمر ينبني على قاعدة الاستحسان (2).
(1) قال الشاطبي رحمه الله محذرًا من التساهل في الأخذ بالقول المرجوح بشكل عام: "وربما استجاز هذا بعضهم في مواطن يدعى فيها الضرورة وإلجاء الحاجة بناء على أن الضرورات تبيح المحظورات، فيأخذ عند ذلك بما يوافق الغرض، حتى إذا نزلت المسألة على حالة لا ضرورة فيها ولا حاجة إلى الأخذ بالقول المرجوح أو الخارج عن المذهب أخذ فيها بالقول المذهبي أو الراجح في المذهب، فهذا أيضًا من ذلك الطراز المتقدم فإن حاصله الأخذ بما يوافق الهوى الحاضر، ومحال الضرورات معلومة من الشريعة"، الموافقات، 4/ 145.
(2)
عرف الاستحسان عند الحنفية بأنه: "ترك القياس والأخذ بما هو أوفق للناس، وقيل الاستحسان طلب السهولة في الأحكام فيما يبتلى فيه الخاص والعام"، المبسوط، 10/ 145، كما عرف بأنه:"دليل يقابل القاس الجلي الذي يسبق إليه الإفهام"، البحر الرائق، 1/ 118، وعرفه المالكية:"الأخذ بمصلحة جزئية في مقابلة دليل كلي"، وعرف:"إيثار ترك مقتضى الدليل على طريق الاستثناء والترخص لمعارضة ما يعارض به في بعض مقتضياته"، الموافقات، 4/ 206 - 208، كما عُرف بأنه:"الالتفات إلى المصلحة والعدل"، بداية المجتهد، 2/ 140، وعرفه الحنابلة بأنه:"العدول بحكم المسألة عن نظائرها لدليل خاص من كتاب أو سنة"، روضة الناظر، 1/ 167، ورده الشافعية، إن كان بغير قياس ولا دليل، انظر: الأم، 7/ 94، وبالتالي فالخلاف لفظي إذ أن الاستحسان بلا دليل لا يقول به أحد.
فالاستحسان غير خارج عن مقتضى الأدلة، إلا أنه نظر إلى لوازم الأدلة ومآلاتها، ومقتضاه الرجوع إلى تقديم دليل على دليل، فهو رجوع إلى ما عُلم من قصد الشارع في الجملة في أمثال تلك الأشياء المفروضة (1)، وليس مجرد الرجوع إلى مجرد التشهي والهوى، وأما الاستحسان المجرد ليس بحجة في الشرع.
فإن كان لبس النقاب في حال الاستضعاف سيؤدي إلى فوات مصلحة من جهة أخرى، أو جلب مفسدة فإن تركه جائز، بل قد يجب لحفظ النفس في حال الخوف من الضرر كالقتل أو الضرب، كما يقع في بلاد الغرب أحيانًا من ردة فعل على خلفية بعض الأحداث، قال الشاطبي رحمه الله:"ولو بقينا مع أصل الدليل العام لأدى إلى رفع ما اقتضاه ذلك الدليل من المصلحة، فكان من الواجب رعى ذلك المآل إلى أقصاه، ومثله الاطلاع على العورات في التداوي والقراض والمساقاة وإن كان الدليل العام يقتضي المنع، وأشياء من هذا القبيل كثيرة هذا نمط من الأدلة الدالة على صحة القول بهذه القاعدة"(2).
وينبغي على المسلمين في الدول الإسلامية التصدي لمحاولات نزع الحجاب، ولا شك أن أحوالهم ليس كأحوال المسلمين في الغرب، وأما المسلمون في الغرب فينبغي على الدول الإسلامية أن تساند موقفهم وتطالب بحقوقهم، وإن مجرد التلويح بقطع العلاقات الاقتصادية أو خفضها كفيل لكي يتراجع الغرب عن قراراته الظالمة في حق المسلمات، وإن لم تقم الحكومات بهذا الواجب فإن على الشعوب المسلمة نصرة إخوانها من خلال
(1) انظر: المغني، 6/ 173، وبداية المجتهد، 2/ 209.
(2)
الموافقات، 4/ 207 - 208.
المقاطعة الاقتصادية، وتفعيل الضغوط الشعبية من خلال وسائل الإعلام وغيرها من الوسائل المتاحة والتي تحقق المصلحة وتدفع المفسدة، وهذا كله لا يعفي الدعاة والمسلمين عمومًا من واجب بيان الحق وشرح تعاليم الإسلام والرد على الشبهات التي تثار حول شرائعه وشعائره.
* * *