الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث السابع التجنس بجنسية دولة غير إسلامية حال الاستضعاف
وفيه خمسة مطالب
المطلب الأول تعريف الجنسية
عرف الجنس في اللغة بأنه: الضرب من كل شيء، والجمع أجناس، وهو أعم من النوع، فالحيوان جنس، والإنسان نوع، ويقال: هذا يجانس هذا، أي: يُشاكله، ومنه المجانسة والتجنيس (1)، كما عرفت الجنسية بأنها:"الصفة التي تلحق بالشخص من جهة انتسابه لشعب أو أمة"(2).
أما في القانون الوضعي فقد عرفت الجنسية بأنها: "رابطة قانونية وسياسية لها طابع الدوام والاستمرار تربط الفرد بدولة ما، وتعني الخضوع والولاء من جانب الفرد والحماية من جانب الدولة. . . فالجنسية رابطة بين الشخص والدولة تجعله تابعًا لها"(3).
إن الأصل أن يهاجر المسلم من دار الكفر إلى دار الإسلام، إلا أنه عندما يضطر المستضعف للخروج من بلده لظلم السلطة القائمة وبعدها عن الشريعة الإسلامية، حتى تستوي في أحكامها وأنظمتها مع الدول الكافرة، إلا أنه لا يأمن على نفسه وأهله، فيخاف
(1) انظر: لسان العرب، والمصباح المنير، مادة: جنس.
(2)
المعجم الوسيط، 1/ 140.
(3)
معجم القانون، ص 618 - 721، "ولا تقتصر هذه الرابطة على الأفراد بل تمتد إلى الأشخاص الاعتبارية كالشركات، كما تمتد إلى السفن والطائرات التي تكتسب جنسية دولة ما بناء على معايير محدودة، مثل مكان التأسيس أو التسجيل أو جنسية المالك أو المالكين وتؤدي إلى ترتيب التزامات يحددها القانون".
السجن والعذاب وغيره، فهل يجوز له الخروج والتجنس بجنسية دولة غير إسلامية يأمن فيها على نفسه وأهله.
لقد جاء الإسلام ليضع أساسًا جديدًا ومتينًا للعلاقة بين المسلمين يختلف عن الروابط التي كانت قائمة بين العرب في الجاهلية، وهو وحدة العقيدة والدين، فصار المسلمون أمة واحدة، لا فرق بينهم بسبب الجنس أو اللون أو اللغة أو العرف أو أي عامل آخر، فالإسلام دين وجنسية، سما عن جميع الاعتبارات الدنيوية ووحد المسلمين بالعقيدة، فكانت الصلة المتينة بين كل مسلم وأخيه في كل مكان وزمان (1)، قال تعالى:{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} (2)، وقال عز وجل:{إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ} (3).
كما أن فقهاء المسلمين لم يسموا هذه الرابطة باسم الجنسية، وهذا لا يعني عدم وجود آثار ونتائج هذه الرابطة بين المسلم والدولة الإسلامية (4)، واكتساب هذه الرابطة يكون بالاشتراك في العقيدة الإسلامية فهي رباط ديني واجتماعي معًا (5)، فأساس رابطة الجنسية
(1) انظر: أحكام القانون الدولي في الشريعة الإسلامية، حامد سلطان، دار النهضة العربية: القاهرة، ط 1، 1970 م، ص 111، وص 155 - 158.
(2)
سورة الحجرات: من الآية [10].
(3)
سورة الأنبياء، الآية [92].
(4)
انظر: أحكام الذميين والمستأمنين في دار الإسلام، عبد الكريم زيدان، مؤسسة الرسالة: بيروت، ومكتبة القدس: بغداد، ط 1، 1402 هـ، ص 63.
(5)
انظر: نظرية الدولة في الإسلام، عبد الغني بسيوني عبد اللَّه، الدار الجامعية: بيروت، ط 1، 1986 م ، ص 27.