المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌40 - باب الرجل يخرج من ماله - شرح سنن أبي داود لابن رسلان - جـ ٨

[ابن رسلان]

فهرس الكتاب

- ‌28 - باب كَراهِيَةِ المَسْأَلَةِ

- ‌29 - باب في الاسْتِعْفاف

- ‌30 - باب الصَّدَقَةِ علَى بَني هاشِمٍ

- ‌31 - باب الفَقِيرِ يُهْدي لِلْغَني مِنَ الصَّدَقَةِ

- ‌32 - باب مَنْ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ ثُمَّ وَرِثَها

- ‌33 - باب في حُقُوقِ المالِ

- ‌34 - باب حَقِّ السّائِلِ

- ‌35 - باب الصَّدَقَةُ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ

- ‌36 - باب ما لا يَجُوزُ مَنْعُهُ

- ‌37 - باب المَسْأَلَةِ في المَساجِدِ

- ‌38 - باب كَراهيَةِ المَسْأَلَةِ بِوَجْهِ اللهِ تَعالَى

- ‌39 - باب عَطِيَّةِ مَنْ سَأَلَ باللهِ

- ‌40 - باب الرَّجُلِ يَخْرُجُ مِنْ مالِهِ

- ‌41 - باب في الرُّخْصَةِ في ذَلِكَ

- ‌42 - باب في فَضْلِ سَقْى الماءِ

- ‌43 - باب في المَنِيحَةِ

- ‌44 - باب أَجْرِ الخازِنِ

- ‌45 - باب المَرْأَةِ تَتَصَدَّقُ مِنْ بَيْتِ زَوْجِها

- ‌46 - باب في صِلَةِ الرَّحِمِ

- ‌47 - باب في الشُّحِّ

- ‌كِتَابُ اللُّقطَةِ

- ‌كِتَابُ المَنَاسِكِ

- ‌1 - باب فَرْضِ الحَجِّ

- ‌2 - باب في المَرْأَةِ تَحُجُّ بِغَيْرِ مَحْرَمٍ

- ‌3 - باب "لا صَرُورَةَ" في الإِسْلامِ

- ‌4 - باب التَّزَوُّدِ في الحَجِّ

- ‌5 - باب التجارة في الحج

- ‌6 - باب

- ‌7 - باب الكَري

- ‌8 - باب في الصَّبي يَحُجُّ

- ‌9 - باب في المَواقِيتِ

- ‌10 - باب الحائِضِ تُهِلُّ بِالحَجِّ

- ‌11 - باب الطِّيبِ عِنْدَ الإِحْرامِ

- ‌12 - باب التَّلْبِيدِ

- ‌13 - باب في الهَدي

- ‌14 - باب في هَدي البَقَرِ

- ‌15 - باب في الإِشْعارِ

- ‌16 - باب تَبْدِيلِ الهَدي

- ‌17 - باب مَنْ بَعَثَ بِهَدْيِهِ وَأَقَامَ

- ‌18 - باب في رُكُوبِ البُدْنِ

- ‌19 - باب في الهَدي إِذا عَطِبَ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ

- ‌20 - باب مَنْ نَحَرَ الهَدي بِيَدِهِ واسْتَعانَ بغَيْرِه

- ‌21 - باب كَيْف تُنْحَرُ البُدْنُ

- ‌22 - باب في وَقْتِ الإِحْرامِ

- ‌23 - باب الاشْتِراطِ في الحَجِّ

- ‌24 - باب في إِفْرادِ الحَجِّ

- ‌25 - باب في الإِقْرانِ

- ‌26 - باب الرَّجُلُ يُهِلُّ بِالحَجّ ثُمَّ يَجْعَلُها عُمْرَةً

- ‌27 - باب الرَّجُلِ يَحُجُّ، عَنْ غَيْرِهِ

- ‌28 - باب كَيْفَ التَّلْبِيَةُ

- ‌29 - باب مَتَى يَقْطَعَ التَّلْبِيَةَ

- ‌30 - باب مَتَى يَقْطَعُ المُعْتَمِرُ التَّلْبِيَةَ

- ‌31 - باب المُحْرِمِ يُؤَدِّبُ غُلَامَهُ

- ‌32 - باب الرَّجُلِ يُحْرِمُ فِي ثِيَابِهِ

- ‌33 - باب ما يَلْبَسُ المُحْرِمُ

- ‌34 - باب المُحْرِمِ يَحْمِلُ السِّلاحَ

- ‌35 - باب في المُحْرِمَةِ تُغَطِّي وَجْهَهَا

- ‌36 - باب في المُحْرِمِ يُظَلَّلُ

- ‌37 - باب المُحْرِم يَحْتَجِمُ

- ‌38 - باب يَكْتَحِلُ المُحْرِمُ

- ‌39 - باب المُحْرِمِ يَغْتَسِلُ

- ‌40 - باب المُحْرِمِ يَتَزَوَّجُ

- ‌41 - باب ما يَقْتُلُ المُحْرِمُ مِنَ الدَّوابِّ

- ‌42 - باب لَحْمِ الصّيْدِ للْمُحْرِمِ

- ‌43 - باب في الجَرادِ لِلْمُحْرِمِ

- ‌44 - باب في الفِدْيَةِ

- ‌45 - باب الإِحصارِ

- ‌46 - باب دُخُولِ مَكَّةَ

- ‌47 - باب في رَفْعِ اليَديْنِ إِذَا رَأى البيْتَ

- ‌48 - باب في تَقْبِيلِ الحَجَرِ

- ‌49 - باب اسْتِلامِ الأَرْكانِ

- ‌50 - باب الطَّوافِ الواجِبِ

- ‌51 - باب الاضْطِباعِ في الطَّوافِ

- ‌52 - باب في الرَّمَلِ

- ‌53 - باب الدُّعاءِ في الطَّوافِ

- ‌54 - باب الطَّوافِ بَعْدَ العَصْرِ

- ‌55 - باب طَوافِ القارِنِ

- ‌56 - باب المُلْتَزَمِ

- ‌57 - باب أَمْرِ الصَّفا والمَرْوَةِ

- ‌58 - باب صِفَةِ حَجَّةِ النَّبي صلى الله عليه وسلم

- ‌59 - باب الوُقُوفِ بِعَرَفَةَ

- ‌60 - باب الخُرُوجِ إِلَى مِنَى

- ‌61 - باب الخُرُوجِ إِلى عَرَفَةَ

- ‌62 - باب الرَّواحِ إِلَى عَرَفَةَ

- ‌63 - باب الخُطْبَةِ عَلَى المِنْبَرِ بِعَرَفَةَ

- ‌64 - باب مَوْضِعِ الوُقُوفِ بِعَرَفَةَ

- ‌65 - باب الدَّفْعَةِ مِنْ عَرَفَةَ

الفصل: ‌40 - باب الرجل يخرج من ماله

‌40 - باب الرَّجُلِ يَخْرُجُ مِنْ مالِهِ

1673 -

حَدَّثَنا مُوسَى بْنُ إِسْماعِيلَ، حَدَّثَنا حَمّادٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسحاقَ، عَنْ عاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتادَةَ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ، عَنْ جابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الأَنْصاري قَالَ: كُنّا عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذْ جاءَ رَجُلٌ بِمِثْلِ بَيْضَةٍ مِنْ ذَهَبٍ فَقَالَ: يا رَسُولَ اللهِ أَصَبْتُ هذِه مِنْ مَعْدِنٍ فَخذْها فَهي صَدَقَةٌ ما أَمْلِكُ غَيْرَها. فَأَعْرَضَ عَنْهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ أَتاهُ مِنْ قِبَلِ رُكْنِهِ الأَيْمَنِ فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ، فَأَعْرَضَ عَنْهُ، ثمَّ أَتاهُ مِنْ قِبَلِ رُكْنِهِ الأَيْسَرِ فَاَعْرَضَ عَنْهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ أَتاهُ مِنْ خَلْفِهِ فَأَخَذَها رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَحَذَفَهُ بِها فَلَوْ أَصابَتْهُ لأَوجَعَتْهُ أَوْ لَعَقَرَتْهُ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"يَأْتي أَحَدُكُمْ بِما يَمْلِكُ فَيَقُولُ هذِه صَدَقَةٌ ثُمَّ يَقْعُدُ يَسْتَكِفُّ النّاسَ، خَيْرُ الصَّدَقَةِ ما كَانَ عَنْ ظَهْرِ غِنًى"(1).

1674 -

حَدَّثَنا عُثْمانُ بْنُ أَبي شَيْبَةَ، حَدَّثَنا ابن إِدْرِيسَ، عَنِ ابن إِسْحاقَ بإِسْنادِهِ وَمَعْناهُ، زَادَ:"خُذْ عَنّا مالَكَ لا حاجَةَ لَنا بِهِ"(2).

1675 -

حَدَّثَنا إِسْحاقُ بْنُ إِسْماعِيلَ، حَدَّثَنا سُفْيانُ، عَنِ ابن عَجْلانَ، عَنْ عِياضِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَعْدٍ سَمِعَ أَبا سَعِيدٍ الخُدْري يَقُولُ: دَخَلَ رَجُلٌ المَسْجِدَ فَأَمَرَ النَّبي صلى الله عليه وسلم النّاسَ أَنْ يَطْرَحُوا ثِيابًا، فَطَرَحُوا فَأَمَرَ لَهُ مِنْها بِثَوْبَيْنِ، ثُمَّ حَثَّ عَلَى الصَّدَقَةِ، فَجاءَ فَطَرَحَ أَحَدَ الثَّوْبَيْنِ فَصَاحَ بِهِ وقَالَ:"خُذْ ثَوْبَكَ"(3).

(1) رواه عبد بن حميد (1121)، وابن زنجويه في "الأموال"(2346)، والدارمي (1700)، وأبو يعلى (2220)، وابن خزيمة (2441)، وابن حبان (3372).

وضعفه الألباني في "ضعيف أبي داود"(299).

(2)

رواه عبد بن حميد (1121)، وابن زنجويه في "الأموال"(2346)، والدارمي (1700)، وأبو يعلى (2220)، وابن خزيمة (2441)، وابن حبان (3372).

وضعفه الألباني في "ضعيف أبي داود"(299).

(3)

رواه النسائي 3/ 106، وأحمد 3/ 25. =

ص: 70

1676 -

حَدَّثَنا عُثْمانُ بْنُ أَبي شَيْبَةَ، حَدَّثَنا جَرِيرٌ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبي صالِحٍ، عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ خَيْرَ الصَّدَقَةِ ما تَرَكَ غِنًى أَوْ تُصُدِّقَ بِهِ عَنْ ظَهْرِ غِنًى وابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ"(1).

* * *

باب الرجل يخرج من ماله

[1673]

(حدثنا موسى بن إسماعيل) قال: (حدثنا حماد، عن محمد بن إسحاق، عن عاصم بن عمر بن قتادة) بن النعمان الأنصاري (2) الظفري. وفد على عمر بن عبد العزيز فقضى دينه، وأمره أن يجلس في مسجد دمشق فيحدث الناس ففعل ثم رجع إلى المدينة.

(عن محمود بن لبيد) روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث في [سنن الترمذي والنسائي](3) وهي مراسيل. وعن جابر وعمر (4) وعثمان وجماعة. قال [ابن سعد](5): سمع من (6) عمر. وقد انقرض عقبه وكان ثقة.

(عن جابر بن عبد الله [قال: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاء رجل بمثل بيضة من ذهب)] (7) أي: بقطعة من ذهب على قدر البيضة [وشكلها.

= وصححه الألباني في "صحيح أبي داود"(1470).

(1)

رواه البخاري (1426). ورواه مسلم (1042) مختصرا.

(2)

من (م).

(3)

في (م): فرتبت.

(4)

سقط من (م).

(5)

في (م): أبو سعيد.

(6)

من (م).

(7)

بياض في (م).

ص: 71

(فقال: يا رسول الله، أصبت هذِه من معدن)] (1) وفي رواية أصبتها من بعض المعادن. بكسر الدال، وهو المكان الذي تستخرج منه الجواهر كالذهب (2) والفضة والحديد والنحاس وغير ذلك، سمي بذلك لعدون ما أثبته الله فيه (3). أي: لإقامته.

قال الأزهري: وإذا أصاب الرجل قطعة من الذهب في المعادن فهي ندرة (4).

قال الماوردي: المعادن اسم للمعروف في الأرض كذهب أو فضة (5). قال ابن يونس (6) في "شرح التعجيز": أحصى العلماء المعادن فوجدوها سبعمائة معدن.

(فخذها فهي صدقة لله تعالى ما أملك غيرها، فأعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم) فيه: التأدب بإعراض الوجه عن المتكلم، وبالسكوت عن جوابه ونحو ذلك (ثم أتاه (7) من قبل) أي: جهة (ركنه الأيمن) فيه: دليل على أنه صلى الله عليه وسلم أعرض عنه (8) أولًا إلى جهة يمينه (9) فأتاه من جهتها (10)،

(1) بياض في (م).

(2)

في (م): والذهب.

(3)

في (م): له.

(4)

"الزاهر" ص 110.

(5)

"الحاوي الكبير" 3/ 333.

(6)

في (م): أيوب.

(7)

من (م).

(8)

في (ر): عليه.

(9)

بعدها في (م): ثم.

(10)

في (م): جهة.

ص: 72

وفيه البداءة بأفضل الجهتين وهو اليمين (1)، فقد كان صلى الله عليه وسلم يعجبه التيمن في شأنه كله (2) (فقال مثل ذلك) أي: مثل ما قال أولًا (فأعرض عنه) أي: إلى جهة يسراه (ثم [أتاه من جهة] (3) ركنه الأيسر) والركن: الناحية (فأعرض عنه) بالالتفات إلى خلفه.

(ثم أتاه من خلفه، فأخذها رسول الله صلى الله عليه وسلم) وفي رواية ستأتي لغير المصنف: فقال له: هاتها (فحذفه)(4) بحاء مهملة يعني: تأديبًا له وزجرًا (فحذفه) ضبطه المنذري بالخاء والذال المعجمتين الرمي بالحصى والحذف بالحاء المهملة] (5) الرمي بالعصا ونحوها.

وفي رواية: فقال: "خذ (6) عنا مالك، لا حاجة لنا به"(7). وقد استدل به على أن من لا يصبر على الإضاقة قد (8) يكره له التصدق بجميع ماله، وهذا هو الصحيح إن كان يشق عليه الصبر على الإضاقة وإلا فلا يكره، وهذا هو (9) الذي صححه الرافعي والنووي (10) والغزالي وغيرهم.

والثاني (11): لا تستحب مطلقًا [بل يكره](12) وهو ظاهر الحديث.

(1) في (ر): التيمن.

(2)

و (3) من (م).

(4)

في (ر): فحذفها.

(5)

من (ر).

(6)

في (م): له.

(7)

ستأتي برقم (1674).

(8)

و (9) من (م).

(10)

"المجموع" 6/ 235 - 236.

(11)

في (م): النسائي أي.

(12)

من (م).

ص: 73

والثالث (1): يستحب مطلقًا لظاهر حديث أبي بكر رضي الله عنه الآتي لما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالصدقة أتى أبو بكر بكل ما عنده فقال له: "ما أبقيت لأهلك؟ " قال: أبقيت لهم الله ورسوله (2). وعلى الصحيح فهذا محمول على أنه كان يصبر على الإضاقة.

(فلو أصابته لأوجعته أو لعقرته) أي: لجرحته، والعقر ها هنا: الجرح ويستعمل أيضًا بمعنى القتل والهلاك (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتي أحدكم بما يملك) ما الموصولة تقتضي العموم. أي: بجميع ما تملك (فيقول: هذِه صدقة ثم يقعد) أي: عن الحرفة والتكسب (فيتكفف)[رواية يستكف](3) الناس) أي: يتعرض [ويطلب بسؤال](4) الناس وأخذ الصدقة ببطن كفه، أو يسأل كفًّا من الطعام، أو ما يكف (5) الجوع.

ومنه قوله: "يتكففون الناس". ويحتمل أن (يكون المراد)(6): السؤال مع بسط الكف كما يفعل السؤال اليوم، فنبه صلى الله عليه وسلم على المعنى الذي كره لأجله أخذ الصدقة منه، وهو أن يجلس يستكفف الناس.

(خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى) فيه تأويلان: أحدهما: معناه: أفضل الصدقة ما بقي (7) صاحبها بعدها [مستغنيًا بما بقي معه](8)

(1) في (م): الثاني.

(2)

سيأتي برقم (1678).

(3)

سقط من (م).

(4)

في (م): لسؤال.

(5)

في (ر): يكون.

(6)

في (ر): يراد.

(7)

في (م): أبقى.

(8)

سقط من (م).

ص: 74

وتقديره: أفضل الصدقة ما أبقت بعدها غنى. ويدل عليه ما رواه ابن خزيمة في "صحيحه" عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم "خير الصدقة ما أبقت غنى" (1) أي: يعتمده صاحبه ويستظهر به على [مصالحه و](2) حوائجه، وإنما كانت هذِه (3) أفضل الصدقة؛ لأن من تصدق بالجميع ندم غالبًا، أو قد يندم إذا احتاج، [ويود أنه ما](4) تصدق، بخلاف من بقي بعدها مستغنيًا، فإنه لا يندم على إخراجها بل يسر.

والثاني: المراد: ما استغنى بعده عن أداء الواجبات. قال القاضي حسين: معنى "ما كان عن ظهر غنى" أي: ما كان وراء الغنى (5). انتهى. والمراد بالغنى ما ترتفع به الحاجات الضرورية كالأكل عند الجوع المشوش الذي لا صبر عليه، وستر العورة عن نظر الغير إليه، فهذا ونحوه مما لا يجوز الإيثار ولا التصدق، بل يحرم على من لا يصبر ويؤدي به ذلك إلى الهلاك. وقيل: لم يشر (6) الرسول صلى الله عليه وسلم إلى هذِه اللفظة.

[1674]

(حدثنا عثمان بن أبي شيبة) قال: (حدثنا) عبد الله (ابن إدريس عن) محمد (ابن إسحاق بإسناده ومعناه) و (زاد) في هذِه الرواية

(1)"صحيح ابن خزيمة"(2436).

(2)

سقط من (م).

(3)

سقط من (م).

(4)

في (ر): وورد أنه لم.

(5)

انظر "مشارق الأنوار" 1/ 331.

(6)

في (ر): إحدى ثوبيه.

ص: 75

(خذ عنا مالك، لا حاجة لنا به) أي: لاحتياجه إليه.

[1675]

(حدثنا إسحاق بن إسماعيل) الطالقاني روى عنه أبو يعلى والبغوي ثقة (1) قال (حدثنا سفيان (2)، عن) محمد (ابن عجلان) القرشي.

(عن عياض بن عبد الله بن سعد) بن أبي سرح العامري: أنه (سمع أبا سعيد الخدري رضي الله عنه يقول: دخل رجل المسجد، وأمر النبي صلى الله عليه وسلم الناس أن يطرحوا ثيابًا، فطرحوا) ثيابًا للصدقة. وفيه: حث العالم والكبير على كسوة العاري وإطعام الجائع عند الاحتياج إليه يحتمل والله أعلم - أن السبب الموجب لأمرهم بطرح الثياب ما رأى على الفقير من رثاثة حاله وهيئته.

(فأمر له منها بثوبين) فيه: فضيلة الصدقة بصنفين كدرهمين (3) أو فلسين أو نحوهما، كما في الحديث:"من أنفق زوجين في سبيل الله دعي من باب الصلاة"(4).

(ثم حث (5) على الصدقة. فجاء الرجل فطرح [أحد الثوبين]) (6) اللذين أمر له بهما (فصاح به وقال: خذ ثوبك) فيه: أن مراعاة حق الآدمي أولى، وأن الإيثار لا يكون إلا بما فضل عن حاجته وحاجة أهله كما تقدم.

(1)"الكاشف" للذهبي 1/ 108.

(2)

و (3) من (م).

(4)

رواه البخاري (1897)، ومسلم (1027) بلفظ:"من أنفق زوجين في سبيل الله، نودي من أبواب الجنة: يا عبد الله هذا خير، فمن كان من أهل الصلاة دعي من باب الصلاة".

(5)

من (م).

(6)

في (م): إحدى الثوبين.

ص: 76

[1676]

(حدثنا عثمان بن أبي شيبة) قال (حدثنا جرير، عن الأعمش، عن أبي صالح) السمان (عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن خير الصدقة ما ترك) بفتحتين. أي: أبقى بعده (غنى) أي: يعتمد عليه صاحبه ويستظهر به على حوائجه، كما تقدم.

(أو) قال: إن خير الصدقة ما (تصدق) بضم التاء والصاد، وكسر الدال المشددة. أتى (به عن ظهر غنى) [كما تقدم] (1). [وابدأ بمن تعول)] (2) أي: يبدأ بمن يلزمه كفايته من عياله، ثم بعد ذلك يدفع الصدقة لغيرهم؛ لأن القيام بكفاية العيال واجب عليه، والصدقة على الغير مندوب إليها، ولا يدخل في ذلك ترفه العيال وتشهيتهم وإطعامهم لذائذ الأطعمة بما زاد على كفايتهم من الترفه أولى؛ لأن من لم تندفع حاجته أولى بالصدقة ممن اندفعت حاجته في مقصود الشرع.

(1) من (م).

(2)

سقط من (م).

ص: 77