الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كِتَابُ اللُّقطَةِ
كتاب اللقطة
1701 -
حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنا شُعْبَةُ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ قَالَ: غَزَوْتُ مَعَ زَيْدِ بْنِ صُوحانَ وَسَلْمانَ بْنِ رَبِيعَةَ فَوَجَدْتُ سَوْطًا فَقالا لي: اطْرَحْهُ. فَقُلْتُ: لا ولكن انْ وَجَدْتُ صاحِبَهُ وَإِلَّا اسْتَمْتَعْتُ بِهِ، فَحَجَجْتُ فَمَرَرْتُ عَلَى المَدِينَةِ فَسَأَلْتُ أُبَي بْنَ كَعْبٍ فَقَالَ: وَجَدْتُ صُرَّةً فِيها مِئَةُ دِينارٍ فَأَتَيْتُ النَّبي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: "عَرِّفْها حَوْلًا". فَعَرَّفْتُها حَوْلًا ثُمَّ أَتَيْتُهُ فَقَالَ: "عَرِّفْها حَوْلًا". فَعَرَّفْتُها حَوْلًا ثُمَّ أَتَيْتُهُ فَقَالَ: "عَرِّفْها حَوْلًا". فَعَرَّفْتُها حَوْلًا ثُمَّ أَتَيْتُهُ فَقُلْتُ: لَمْ أَجِدْ مَنْ يَعْرِفُها. فَقَالَ: "احْفَظْ عَدَدَها وَوِكاءَها وَوِعاءَها فَإِنْ جاءَ صاحِبُها وَإِلَّا فاسْتَمْتِعْ بِها". وقَالَ: وَلا أَدْري أَثَلاثًا قَالَ: "عَرِّفْها". أَوْ مَرَّةً واحِدَةً (1).
1702 -
حَدَّثَنا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنا يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ، بِمَعْناهُ قَالَ:"عَرِّفْها حَوْلًا". وقَالَ: ثَلاثَ مِرارٍ. قَالَ: فَلا أَدْري قَالَ لَهُ ذَلِكَ في سَنَةٍ أَوْ في ثَلاثِ سِنِينَ (2).
1703 -
حَدَّثَنا مُوسَى بْنُ إِسْماعِيلَ، حَدَّثَنا حَمّادٌ، حَدَّثَنا سَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ
(1) رواه البخاري (2426، 2437)، ومسلم (1723).
(2)
رواه أحمد 4/ 116. وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" (1493).
بِإِسْنادِهِ وَمَعْناهُ قَالَ: في التَّعْرِيفِ قَالَ: عامَيْنِ أَوْ ثَلاثَةً. وقَالَ: "اعْرِفْ عَدَدَها وَوِعاءَها وَوِكاءَها". زادَ: "فَإِنْ جاءَ صاحِبُها فَعَرَفَ عَدَدَها وَوِكاءَها فادْفَعْها إِلَيْهِ". قَالَ أَبُو دَاوُدَ: لَيْسَ يَقُولُ هذِه الكَلِمَةَ إلَّا حَمّادٌ في هذا الحَدِيثِ يَعْنِي: "فَعَرَفَ عَدَدَها"(1).
1704 -
حَدَّثَنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنا إِسْماعِيلُ بْنُ جَعْفَرَ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ يَزِيدَ مَوْلَى المُنْبَعِثِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ خالِدٍ الجُهَني أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، عَنِ اللُّقَطَةِ فَقَالَ:"عَرِّفْها سَنَةً ثُمَّ اعْرِفْ وِكاءَها وَعِفاصَها، ثُمَّ اسْتَنْفِقْ بِها فَإِنْ جاءَ رَبُّها فَأَدِّها إِلَيْهِ". فَقَالَ: يا رَسُولَ اللهِ فَضالَّةُ الغَنَمِ فَقَالَ: "خُذْها فَإِنَّما هي لَكَ أَوْ لأَخِيكَ أَوْ لِلذِّئْبِ". قَالَ: يا رَسُولَ اللهِ فَضالَّةُ الإِبِلِ، فَغَضِبَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى احْمَرَّتْ وَجْنَتاهُ - أَوِ احْمَرَّ وَجْهُهُ - وقَالَ:"ما لَكَ وَلَها مَعَها حِذاؤُها وَسِقاؤُها حَتَّى يَأْتِيَها رَبُّها"(2).
1705 -
حَدَّثَنا ابن السَّرْحِ، حَدَّثَنا ابن وَهْبٍ، أَخْبَرَني مالِكٌ بِإِسْنادِهِ وَمَعْناهُ زَادَ:"سِقاؤُها تَرِدُ الماءَ وَتَأْكُلُ الشَّجَرَ". وَلَمْ يَقُلْ: "خُذْها في ضالَّةِ الشّاءِ" وقالَ: في اللُّقَطَةِ: "عَرِّفْها سَنَةً فَإِنْ جاءَ صاحِبُها وَإِلَّا فَشَأْنَكَ بِها". وَلَمْ يَذْكُرِ: "اسْتَنْفِقْ". قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَواهُ الثَّوْري وَسُلَيْمانُ بْنُ بِلالٍ وَحَمّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ رَبِيعَةَ مِثْلَهُ لَمْ يَقُولُوا:"خُذْها"(3).
1706 -
حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ رافِعٍ وَهارُونُ بْنُ عَبْدِ اللهِ - المَعْنَى - قالا: حَدَّثَنا ابن أَبِي فُدَيْكٍ، عَنِ الضَّحّاكِ - يَعْني: ابن عُثْمانَ - عَنْ سالِمِ أَبِي النَّضْرِ، عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ خالِدٍ الجُهَني أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عَنِ اللُّقَطَةِ فَقَالَ: "عَرِّفْها سَنَةً فَإِنْ جاءَ باغِيها فَأَدِّها إِلَيْهِ وَإِلَّا فاعْرِفْ عِفاصَها وَوِكاءَها ثُمَّ كُلْها فَإِنْ جاءَ باغِيها
(1) رواه مسلم (1723).
(2)
رواه البخاري (91، 2427، 2436، 2438)، ومسلم (1722).
(3)
رواه البخاري (2372، 2429، 2430)، ومسلم (1722).
فَأَدِّها إِلَيْهِ" (1).
1707 -
حَدَّثَنا أَحْمَدُ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثَني أَبِي، حَدَّثَني إِبْراهِيمُ بْنُ طَهْمانَ، عَنْ عَبّادِ بْنِ إِسْحاقَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِيهِ يَزِيدَ مَوْلَى المُنْبَعِثِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ خالِدٍ الجُهَني أَنَّهُ قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ رَبِيعَةَ. قَالَ: وَسُئِلَ عَنِ اللُّقَطَةِ فَقَالَ: "تُعَرِّفُها حَوْلًا فَإِنْ جاءَ صاحِبُها دَفَعْتَها إِلَيْهِ وَإِلَّا عَرَفْتَ وِكاءَها وَعِفاصَها ثُمَّ أَفِضْها في مالِكَ فَإِنْ جاءَ صاحِبُها فادْفَعْها إِلَيْهِ"(2).
1708 -
حَدَّثَنا مُوسَى بْن إِسْماعِيلَ، عَنْ حَمّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَرَبِيعَةَ بِإِسْنادِ قُتَيْبَةَ وَمَعْناهُ وَزَادَ فِيهِ:"فَإِنْ جاءَ باغِيها فَعَرَفَ عِفاصَها وَعَدَدَها فادْفَعْها إِلَيْهِ". وقَالَ حَمّادٌ أَيْضًا عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ النَّبي صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ.
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وهذِه الزِّيادَةُ التي زادَ حَمّادُ بْنُ سَلَمَةَ في حَدِيثِ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَعُبَيدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ وَرَبِيعَةَ: "إِنْ جاءَ صاحِبُها فَعَرَفَ عِفاصَها وَوِكاءَها فادْفَعْها إِلَيْهِ". لَيْسَتْ بِمَحْفوظَةٍ "فَعَرَفَ عِفاصَها وَوِكاءَها". وَحَدِيثُ عُقْبَةَ بْنِ سُوَيْدٍ عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبي صلى الله عليه وسلم أَيْضًا قَالَ:"عَرِّفْها سَنَةً". وَحَدِيثُ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ أَيْضًا، عَنِ النَّبي صلى الله عليه وسلم قَالَ:"عَرِّفْها سَنَةً"(3).
1709 -
حَدَّثَنا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنا خالِدٌ يَعْني: الطَّحّانَ ح، وَحَدَّثَنا مُوسَى بْنُ إِسْماعِيلَ، حَدَّثَنا وُهَيْبٌ - المَعْنَى - عَنْ خالِدٍ الحَذّاءِ، عَنْ أَبي العَلاءِ، عَنْ مُطَرِّفٍ - يَعْني: ابن عَبْدِ اللهِ - عَنْ عِياضِ بْنِ حِمارٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ وَجَدَ لُقَطَةً فَلْيُشْهِدْ ذا عَدْلٍ - أَوْ ذَوي عَدْلٍ - وَلا يَكْتُمْ وَلا يُغَيِّبْ فَإِنْ وَجَدَ صاحِبَها
(1) رواه مسلم (1722).
(2)
رواه النسائي في "الكبرى" 3/ 420 (5817).
وصححه الألباني في "صحيح أبي داود"(1498).
(3)
رواه البخاري (2428)، ومسلم (1722).
فَلْيَرُدَّها عَلَيْهِ وَإِلَّا فَهُوَ مالُ اللهِ عز وجل يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ" (1).
1710 -
حَدَّثَنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنا اللَّيْثُ، عَنِ ابن عَجْلانَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ العاصِ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ سُئِلَ، عَنِ الثَّمَرِ المُعَلَّقِ فَقَالَ:"مَنْ أَصابَ بِفِيهِ مِنْ ذي حاجَةٍ غَيْرَ مُتَّخِذٍ خُبْنَةً فَلا شَيء عَلَيْهِ وَمَنْ خَرَجَ بِشَيء مِنْهُ فَعَلَيْهِ غَرامَةُ مِثْلَيْهِ والعُقُوبَةُ وَمَنْ سَرَقَ مِنْهُ شَيْئًا بَعْدَ أَنْ يُئْوِيَهُ الجَرِينُ فبَلَغَ ثَمَنَ المِجَنِّ فَعَلَيْهِ القَطْعُ". وَذَكَرَ في ضالَّةِ الإِبِلِ والغَنَمِ كَما ذَكَرَهُ غَيْرُهُ قَالَ: وَسُئِلَ عَنِ اللُّقَطَةِ فَقَالَ: "ما كَانَ مِنْها في طَرِيقِ المِيتاءِ أَوِ القَرْيَةِ الجامِعَةِ فَعَرِّفْها سَنَةً فَإِنْ جاءَ طالِبُها فادْفَعْها إِلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَأْتِ فَهي لَكَ وَما كانَ في الخَرابِ - يَعْني - فَفِيها وَفي الرِّكازِ الخُمُسُ"(2).
1711 -
حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ العَلاءِ، حَدَّثَنا أَبُو أُسامَةَ، عَنِ الوَلِيدِ - يَعْني: ابن كَثِيرٍ - حَدَّثَني عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ بِإِسْنادِهِ بهذا قَالَ: في ضالَّةِ الشّاءِ قَالَ: "فاجْمَعْها"(3).
1712 -
حَدَّثَنا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنا أَبُو عَوانَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ الأَخْنَسِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْب بهذا بِإِسْنادِهِ قَالَ في ضالَّةِ الغَنَمِ:"لَكَ أَوْ لأَخِيكَ أَوْ لِلذِّئْبِ خُذْها قَطُّ". وكَذا قَالَ فِيهِ أَيُّوبُ وَيَعْقُوبُ بْنُ عَطاءٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنِ النَّبي صلى الله عليه وسلم قَالَ:"فَخُذْها"(4).
1713 -
حَدَّثَنا مُوسَى بْنُ إِسْماعِيلَ، حَدَّثَنا حَمّادٌ ح، وَحَدَّثَنا ابن العَلاءِ، حَدَّثَنا ابن إِدْرِيسَ، عَنِ ابن إِسْحاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ النَّبي
(1) رواه ابن ماجه (2505)، وأحمد 4/ 161، 266.
وصححه الألباني في "صحيح أبي داود"(1503).
(2)
رواه الترمذي (1289)، والنسائي 2/ 260، وأحمد 2/ 180، 203، 207.
وصححه الألباني في "صحيح أبي داود"(1504).
(3)
صححه الألباني في "صحيح أبي داود"(1505).
(4)
رواه النسائي 2/ 260. وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" (1506).
- صلى الله عليه وسلم بهذا. قَالَ في ضالَّةِ الشّاءِ: "فاجْمَعْها حَتَّى يَأْتِيَها باغِيها"(1).
1714 -
حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ العَلاءِ، حَدَّثَنا عَبْدُ اللهِ بْن وَهْبٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الحارِثِ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الأَشَجِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ مِقْسَمٍ حَدَّثَهُ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ أَبي سَعِيدٍ الخُدْري أَنَّ عَلي بْنَ أَبي طالِبٍ وَجَدَ دِينارًا فَأَتَى بِهِ فاطِمَةَ فَسَأَلَتْ عَنْهُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:"هُوَ رِزْقُ اللهِ عز وجل". فَأَكَلَ مِنْهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَكَلَ عَلي وَفاطِمَةُ فَلَمّا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ أَتَتْهُ امْرَأَةٌ تَنْشُدُ الدِّينارَ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "يا عَلي أَدِّ الدِّينارَ"(2).
1715 -
حَدَّثَنا الهَيْثَمُ بْنُ خالِدٍ الجُهَني، حَدَّثَنا وَكِيعٌ، عَنْ سَعْدِ بْنِ أَوْسٍ، عَنْ بِلالِ بْنِ يَحْيَى العَبْسي، عَنْ عَلي رضي الله عنه أَنَّهُ التَقَطَ دِينارًا فاشْتَرى بِهِ دَقِيقًا فَعَرَفَهُ صاحِبُ الدَّقِيقِ فَرَدَّ عَلَيْهِ الدِّينارَ فَأَخَذَهُ عَلي وَقَطَعَ مِنْهُ قِيراطَيْنِ فاشْتَرى بِهِ لَحْمًا (3).
1716 -
حَدَّثَنا جَعْفَرُ بْنُ مُسافِرٍ التِّنِّيسي، حَدَّثَنا ابن أَبي فُدَيْكٍ، حَدَّثَنا مُوسَى بْنُ يَعْقُوبَ الزَّمْعي، عَنْ أَبي حازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَلي بْنَ أَبي طالِبٍ دَخَلَ عَلَى فاطِمَةَ وَحَسَنٌ وَحُسَيْنٌ يَبْكِيانِ فَقَالَ: ما يُبْكِيهِما قَالَتِ: الجُوعُ فَخَرَجَ عَلي فَوَجَدَ دِينارًا بِالسُّوقِ فَجَاءَ إِلَى فاطِمَةَ فَأَخْبَرَها فَقَالَتِ: اذْهَبْ إِلَى فُلانٍ اليَهُودي فَخُذْ دَقِيقًا فَجاءَ اليَهُودي فاشْتَرى بِهِ دَقِيقًا فَقَالَ اليَهُودي: أَنْتَ خَتَنُ هذا الذي يَزْعُمُ أَنَّهُ رَسُولُ اللهِ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَخُذْ دِينارَكَ وَلَكَ الدَّقِيقُ. فَخَرَجَ عَلي حَتَّى جاءَ فاطِمَةَ فَأَخْبَرَها فَقَالَتِ: اذْهَبْ إِلَى فُلانٍ الجَزّارِ فَخُذْ لَنا بِدِرْهَمٍ لَحْمًا فَذَهَبَ فَرَهَنَ الدِّينارَ بِدِرْهَمِ لَحْمٍ فَجاءَ بِهِ فَعَجَنَتْ وَنَصَبَتْ وَخَبَزَتْ وَأَرْسَلَتْ إِلَى أَبِيها فَجاءَهُمْ فَقَالَتْ: يا رَسُولَ اللهِ أَذْكُرُ لَكَ فَإِنْ رَأَيْتَهُ لَنا حَلالًا أَكَلْناهُ وَأَكَلْتَ مَعَنا مِنْ شَأْنِهِ كَذا وَكَذا. فَقَالَ: "كُلُوا بِاسْمِ اللهِ". فَأَكَلُوا فَبَيْنَما هُمْ مَكَانَهُمْ إِذَا غُلامٌ يَنْشُدُ اللهَ والإِسْلامَ الدِّينارَ
(1) رواه أحمد 2/ 180، 203، 207.
وصححه الألباني في "صحيح أبي داود"(1507).
(2)
رواه البيهقي 6/ 194. وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" (1508).
(3)
رواه البيهقي 6/ 194 من طريق أبي داود.
وصححه الألباني في "صحيح أبي داود"(1509).
فَأَمَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَدُعي لَهُ فَسَأَلَهُ. فَقَالَ سَقَطَ مِنّي في السُّوقِ. فَقَالَ النَّبي صلى الله عليه وسلم: "يا عَلي اذْهَبْ إِلَى الجَزّارِ فَقُلْ لَهُ إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ لَكَ: أَرْسِلْ إِلَى بِالدِّينارِ وَدِرْهَمُكَ عَلَى". فَأَرْسَلَ بِهِ فَدَفَعَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَيْهِ (1).
1717 -
حَدَّثَنا سُلَيْمانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدِّمَشْقي، حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبٍ، عَنِ المُغِيرَةِ بْنِ زِيادٍ، عَنْ أَبي الزُّبَيْرِ المَكّي أَنَّهُ حَدَّثَهُ عَنْ جابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ قَالَ: رَخَّصَ لَنا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم في العَصا والسَّوْطِ والحَبْلِ وَأَشْباهِهِ يَلْتَقِطُهُ الرَّجُلُ يَنْتَفِعُ بِهِ. قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَواهُ النُّعْمانُ بْنُ عَبْدِ السَّلامِ، عَنِ المُغِيرَةِ أَبي سَلَمَةَ بِإِسْنادِهِ، وَرَواهُ شَبابَةُ، عَنْ مُغِيرَةَ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ أَبي الزُّبَيرِ، عَنْ جابِرٍ قَالَ: كَانُوا لَمْ يَذْكُرِ النَّبي صلى الله عليه وسلم (2).
1718 -
حَدَّثَنا مَخْلَدُ بْنُ خالِدٍ، حَدَّثَنا عَبْدُ الرَّزّاقِ، أَخْبَرَنا مَعْمَرٌ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، - أَحْسَبُهُ - عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم قَالَ:"ضالَّةُ الإِبِلِ المَكْتُومَةِ غَرامَتُها وَمِثْلُها مَعَها"(3).
1719 -
حَدَّثَنا يَزِيدُ بْنُ خالِدِ بْنِ مَوْهَبٍ وَأَحْمَدُ بْنُ صالِحٍ قالا: حَدَّثَنا ابن وَهْبٍ، أَخْبَرَني عَمْرٌو عَنْ بُكَيْرٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حاطِبٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُثْمانَ التَّيْمي أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ لُقَطَةِ الحاجِّ. قَالَ أَحْمَدُ: قَالَ ابن وَهْبٍ يَعْني في لُقَطَةِ الحاجِّ: يَتْرُكُها حَتَّى يَجِدَها صاحِبُها، قَالَ ابن مَوْهَبٍ: عَنْ عَمْرٍو (4).
1720 -
حَدَّثَنا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، أَخْبَرَنا خالِدٌ، عَنْ أَبي حَيّانَ التَّيْمي، عَنِ المُنْذِرِ
(1) رواه البيهقي 6/ 194. وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" (1510).
(2)
رواه الطبراني في "الأوسط" 9/ 107 (9262)، والبيهقي 6/ 195.
قال الحافظ في "الفتح" 5/ 85: إسناده ضعيف.
وضعفه الألباني في "ضعيف أبي داود"(303)، وفي "الإرواء"(303).
(3)
رواه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/ 146، والبيهقي 6/ 191.
وصححه الألباني في "صحيح أبي داود"(1511).
(4)
رواه مسلم (24/ 11).
ابْنِ جَرِيرٍ قَالَ: كُنْتُ مَعَ جَرِيرٍ بِالبَوازِيجِ فَجاءَ الرّاعي بِالبَقَرِ وَفِيها بَقَرَةٌ لَيْسَتْ مِنْها فَقَالَ لَهُ جَرِيرٌ: ما هذِه؟ قَالَ: لَحِقَتْ بِالبَقَرِ لا نَدْري لِمَنْ هَيَ؟ فَقَالَ جَرِيرٌ: أَخْرِجُوها فَقَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "لا يَأْوي الضّالَّةَ إلَّا ضالٌّ"(1).
* * *
كتاب اللقطة
بضم اللام وفتح القاف على المشهور لا يعرف المحدثون غيره كما قال الأزهري (2)، وقال الخليل: هو بسكون القاف، وأما بالفتح فهو كثير الالتقاط، وقال الأزهري: وهو القياس (3). قال ابن بري في "حواشي الصحاح": هذا هو الصواب؛ لأن الفعلة للفاعل كالضحكة (4) لكثير الضحك وهو [الهزأة والهمزة](5)، والفرق بين اللقطة والمال الضائع أن الضائع ما وجد في حرز و (6) لا يعرف له مالك، واللقطة (7) ما وجده الملتقط في غير حرز ولا يعرف [له مالك](8).
[1701]
(ثنا محمد بن كثير) العبدي (أنا [شعبة عن] (9) سلمة بن كهيل) من علماء الكوفة (عن سويد بن غفلة)(10) الجعفي (قال:
(1) رواه ابن ماجه (2503). وصححه الألباني في "صحيح أبي داود"(1513).
(2)
"تهذيب اللغة" 9/ 16، قال: اللَّقَطة .. وهذا قول حذاق النحويين، ولم أسمع لُقطة لغير الليث، وإن كان ما قاله قياسًا وهكذا رواه المحدثون.
(3)
"الزاهر" 1/ 176.
(4)
"لسان العرب"(لقط).
(5)
بياض في (ر)، والمثبت من (م).
(6)
في (م): لكن.
(7)
من (م).
(8)
في (م): مالكه.
(9)
من (م).
(10)
في (م): علقمة.
غزوت مع زيد بن صوحان) بضم الصاد المهملة العبدي، أسلم في عهد النبي صلى الله عليه وسلم (وسلمان بن ربيعة) الباهلي قال ابن عبد البر: ذكره أبو حاتم (1) في الصحابة ثم قال: هو عندي كما قال وهو أول قضاة الكوفة فكان يقال له: سلمان الخيل (2)؛ لأن عمر أعد في كل مصر خيلًا كثيرة للجهاد، فكان بالكوفة أربعة آلاف فرس معدة لعدو يدهمهم (فوجدت سوطًا) هو معروف والضرب به أعظم ألمًا من غيره، ولهذا قال الله:{سَوْطَ عَذَابٍ} (فقالا (3) لي: اطرحه) لتسلم من تعريفه، والظاهر أن من التقط لقطة لا يجوز له إلقاؤها في غير حرز؛ لتعلقها بذمته، قال: فإن ألقاها ضمن (فقلت: لا) أطرحه (لكن) أعرّفه و (إن وجدت صاحبه) دفعته إليه (وإلا استمتعت به) كما سيأتي.
(فحججت) في سنة (فمررت على المدينة) لزيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم (فسألت أبي بن كعب فقال: وجدت صرة فيها مائة دينار) زاد مسلم: على عهد النبي (4)(فأتيت) بها (النبي صلى الله عليه وسلم) وذكرت له شأنها (5)(فقال: عرفها حولًا) فيه دليل على وجوب التعريف؛ لأنه أمر، والأمر يقتضي الوجوب، وليس ذلك بمعنى استيعاب السنة، بل لا تعرّف في الليالي ولا يستوعب الأيام أيضًا، بل على المعتاد فيعرف في الابتداء كل يوم مرتين في طرفي (6) النهار ثم في كل يوم مرة، ثم في كل أسبوع مرة،
(1)"الجرح والتعديل" 4/ 297.
(2)
في (م): الخليل. وانظر: "الاستيعاب" 2/ 193 (1016).
(3)
في (م): فقال.
(4)
"صحيح مسلم"(1723).
(5)
من (م).
(6)
في (ر): طرف.
ثم في كل شهر بحيث لا ينسى، ثم في وجوب المبادرة إلى التعريف وجهان [مبنيان على أن الأمر يقتضي الفور أم لا، والأصح أنه لا يجب الفور، وفي قوله (حولًا) دليل على وجوب التعريف سنة كاملة](1)، وهذا في المال الكثير، أما القليل فلا يجب سنة؛ لرواية الإمام أحمد عن يعلى بن مرة مرفوعًا:"من التقط لقطة يسيرة حبلًا، أو درهمًا أو شبه ذلك فليعرفها ثلاثة" يعني: ثلاثة أيام "فإن كان فوق ذلك فليعرفها سنة"(2).
(فعرفتها حولًا) كاملًا (ثم أتيته فقلت) عرفتها و (لم أجد من يعرفها) إجمالًا ولا (3) تفصيلًا (فقال: احفظ عددها) ليس هو من حفظ المال بل من حفظ القرآن، وتدل عليه الرواية الآتية: اعرف عددها (ووكاءها) بكسر الواو والمد وهو الخيط الذي يشد به الوعاء الذي تكون (4) فيه النفقة يقال: أوكيته إيكاءً، فهو موكأ. قال عياض (5): ومن قال: الوكا بالقصر فقد وهم (ووعاءها) ومعنى الأمر بمعرفة ذلك حتى (6) يعلم بذلك (7) صدق واصفها من كذبه لئلا يختلط بماله ويشتبه (فإن جاء صاحبها) يطلبها وجواب هذا الشرط محذوف تقديره: فإن جاء صاحبها فارددها إليه (وإلا فاستمتع بها) وهذا جواب حذف شرطه، والتقدير: وإن لم يجئ صاحبها فاستمتع بها، ففي هذا الحديث
(1) سقط من (م).
(2)
في (م): ستة أيام. وكذا في "مسند أحمد" في نسخ "سنة" وفي نسخ "ستة أيام"، "المسند" 4/ 173، والحديث عند الطبراني 22/ 273 (700) بلفظ "ستة أيام".
(3)
و (4) من (م).
(5)
و (6) سقط من (م).
(7)
من (م).
مثالان [بحذف الشرط، وجوابه، فكلاهما حذف شرطه جائز، وقد](1) يحذف الشرط وجوابه معًا كقوله تعالى: {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ} تقديره: واللائي لم يحضن إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر.
والأمر بالاستمتاع بها أمر إباحة، فإن الجمهور على أن له أن يصرفها في مصالحه من أكل وغيره، وله أن يتصدق بها، ولا بد في هذين من الضمان إذا جاء صاحبها، وقال أبو حنيفة: لا يباح أكلها والانتفاع بها (2) إلا للفقير (3). وشذ داود فأسقط عنه الضمان بعد السنة، لقوله في رواية:"فهي لك"(وقال)[سويد بن علقمة](4) وسلمة (5) بن كهيل (لا أدري أثلاثًا) أي: أثلاث مرات (قال: عرفها، أو) قال (مرة واحدة) قال الكرماني: هذا الشك يوجب سقوط المشكوك (6) فيه وهو الثلاثة (7).
قال ابن بطال: هذا الحديث لم يقل أحد من أئمة الفتوى بظاهره، وهو أن تعرف اللقطة ثلاثة أحوال (8)، لكن حكى القرطبي أن عمر بن الخطاب روي عنه أنه يعرفها ثلاثة أعوام (9)(10)، وحكاه الماوردي عن قوم (11).
(1) في (ر): لأن. والمثبت من (م).
(2)
ساقطة من (ر).
(3)
انظر: "المبسوط" 11/ 5 - 6، 8 - 9.
(4)
من (م).
(5)
في (م): مسلمة.
(6)
في (م): الشكوك.
(7)
"شرح الكرماني" 11/ 3.
(8)
"شرح البخاري" 6/ 545.
(9)
من (م).
(10)
"المفهم" 5/ 183.
(11)
"الحاوي" 8/ 12.
[1702]
(حدثنا مسدد، ثنا يحيى) بن سعيد القطان (1)(عن شعبة بمعناه) المذكور، و (قال: عرفها حولًا) كاملًا (وقال) ذلك (ثلاث مرار (2)، وقال: فلا أدري أقال له (3) ذلك في سنة أو) قال (في ثلاث سنين) ولا عمل على هذا كما تقدم.
[1703]
(حدثنا موسى بن إسماعيل، ثنا حماد) بن سلمة (حدثنا سلمة (4) بن كهيل) الحضرمي، وحديثه أقل من مائتي حديث (بإسناده) المذكور (ومعناه) لا حقيقة لفظه (وقال في التعريف: قال عامين أو ثلاثة وقال: اعرف عددها) فيه رد لقول أصبغ من أصحاب مالك: لا يعتبر العدد؛ لأنه لم يذكر في رواية (5). وحجة من ذكر العدد أقوى ممن سكت عنه؛ لأن السكوت عنه من باب حمل المطلق على المقيد، ولأن زيادة الثقة مقبولة (ووعاءها ووكاءها وزاد) في هذِه الرواية (فإن جاء صاحبها وعرف) بتخفيف الراء (عددها ووكاءها فادفعها إليه) وللنسائي زيادة ولفظه:"فإن جاء أحد يخبر بعددها ووعائها ووكائها فأعطها إياه"(6)، وليس هذا في الصحيحين، وظاهر الحديثين أنه لا بد من إخبار طالبها بالثلاثة التي هي العدد والوكاء والوعاء، وأنها تدفع إليه من غير بينة وهو مذهب مالك وأصحابه (7)
(1) في (م): العطار.
(2)
في (م) مرات، والمثبت من (ر) و"السنن".
(3)
من (م).
(4)
في (م): سهل.
(5)
"المنتقى شرح الموطأ" 6/ 136.
(6)
"السنن الكبرى" 3/ 422 (5825).
(7)
"المدونة" 4/ 456.
وأحمد بن حنبل (1) وابن المنذر، وقال ابن المنذر بعد ذكر الحديث:[هذا هو الثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبه أقول ولم يذكر البينة في شيء من الحديث (2)](3) ولو كانت شرطًا للدفع لم [يجز الإخلال](4) به ولا الأمر بالدفع بدونه، ولأن إقامته (5) البينة على اللقطة (6) متعذرة؛ لأنها إنما (7) تسقط حال الغفلة والسهو فتوقف دفعها عليها منع لوصولها إلى صاحبها أبدًا، وهذا يفضي إلى تضييع أموال الناس، وأما حديث:"البينة على المدعي"(8) فسيأتي إن شاء الله.
[1704]
(ثنا قتيبة بن سعيد) البلخي (ثنا إسماعيل بن جعفر) المدني (عن ربيعة بن أبي (9) عبد الرحمن) فروخ، مولى آل المنكدر (عن يزيد مولى المنبعث) بضم الميم وسكون النون المدني (عن زيد بن خالد) بن زيد (10) القطاعي (الجهني) شهد الحديبية، وكان معه لواء جهينة يوم الفتح (أن رجلًا)[سماه الجهني بلالًا](11) (سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم
(1)"مسائل أحمد برواية ابن هانئ"(1728).
(2)
"الأوسط" لابن المنذر 11/ 401.
(3)
من (م).
(4)
في (ر): يجد إلا حلال. والمثبت من (م).
(5)
في (م): إقامة.
(6)
في (م): اللقط.
(7)
في (ر): إذا.
(8)
رواه الترمذي (1341) وقال: في إسناده مقال.
(9)
من (م).
(10)
في (م): يزيد.
(11)
سقط من (م). وفي "غوامض الأسماء المبهمة" 2/ 841 ذكر أنه بلال.
عن) حكم (اللقطة فقال: عرفها) استدل بإطلاقه أحمد على وجوب التعريف على الملتقط سواء أراد تملكها أو حفظها لصاحبها (1)، وعند الشافعي: لا يجب التعريف على من أخذ للحفظ، ولا يضمن بترك التعريف، فإن بدا له قصد التعريف عرف من حينئذٍ (2)(سنة) في الأسواق وأبواب المساجد، ولا ينشدها في المسجد، فإنه لم يبن لهذا (ثم اعرف [وكاءها و] (3) عفاصها) بكسر العين المهملة وتخفيف الفاء وبالصاد المهملة، وهو الوعاء الذي تكون فيه النفقة، جلدًا كان أو خرقة أو قرطاسًا أو غير ذلك، وربما أطلق العفاص على الجلد الذي يكون على رأس القارورة؛ لأنه كالوعاء (4)، وأما الذي يدخل في فم القارورة من خشبة أو خرقة أو غيرهما فهو الصمام بكسر الصاد المهملة، ومنه حديث: الوطء في صمام واحد. (5) وهو على حذف مضاف أي: في موضع صمام واحد.
(ثم استنفق بها) الظاهر أن الباء زائدة والتقدير: فاستنفقها. كما في لفظ البخاري (6)، أي: أخرجها في نفقتك (فإن جاء ربها) أي: مالكه؛ لأنها من جملة الأموال التي يجوز إضافة مالكها إليها ولا يدخل [هذا في كراهية](7) قول المملوك لسيده: ربي؛ فإنه مكلف
(1) انظر: "المغني" 8/ 292. وانظر كتابنا "الجامع لعلوم الإمام أحمد" 9/ 622.
(2)
انظر: "المجموع" 15/ 255.
(3)
من "السنن".
(4)
في (ر): بالوعاء.
(5)
رواه مسلم (1435/ 119) من حديث جابر رضي الله عنه.
(6)
"صحيح البخاري"(2427).
(7)
في (ر): في هذا. والمثبت من (م).
بالعبادة لله، فلا يقول: ربي لغير الله؛ لئلا تحصل المشاركة (فأدها إليه) إذا وصفها بصفاتها المذكورة وإطلاق الحديث يقتضي أنه يدفعها إليه إذا وصفها سواء غلب على ظنه صدقه (1) أو لم يغلب، وبهذا قال مالك وأحمد (2) كما سيأتي.
(فقال: يا رسول الله، فضالة) بالرفع (الغنم) يعني ما حكمها، والأكثر على أن الضالة مختصة بالحيوان، وأما غيره من سائر الحيوان فيقال فيه: لقطة، وقال أبو جعفر الطحاوي: الضالة واللقطة بمعنى واحد (3)(4)(فقال: خذها) أمر إباحة بجواز أخذها، فإذا أخذها عرفها سنة وأكلها (5) ثم إن (6) جاء صاحبها لزمه غرامتها عندنا (7) وعند أبي حنيفة (8) وأحمد (9) لأنه جاء في رواية "فإن جاء صاحبها فأعطها إياه"(10)، وقال مالك وابن المنذر في الشاة توجد في الصحراء: اذبحها وكلها، وفي المصر: ضمها حتى تجد (11) صاحبها؛ لقوله
(1) سقط من (م).
(2)
"المغني" 8/ 309 - 310.
(3)
من (م).
(4)
"شرح معاني الآثار" 12/ 162.
(5)
و (6) سقط من (م).
(7)
"الأم" 8/ 620.
(8)
"المبسوط" 11/ 4.
(9)
"مسائل أحمد وإسحاق رواية الكوسج"(1801).
(10)
في مسلم (1722)، ولعل المصنف يقصد رواية:"ثم كلها فإن جاء صاحبها فأدها إليه" وهي عند مسلم (1722/ 7).
(11)
في (ر): يجدها. والمثبت من (م).
- عليه السلام: "إنما هي لك أو لأخيك أو للذئب" والذئب لا يكون في المصر (1).
(فإنما هي لك)(2) تأكلها (أو هي لأخيك) يحتمل أن يريد به ملتقطًا آخر. ويحتمل أن يريد به (3) مالكها (أو للذئب) إذا لم تأخذها ولم يجئ صاحبها، وفيه التحريض على أخذها حفظًا لها على صاحبها؛ لأنه أضافها إليه بلام الملك، واستدل به مالك على أن هذا مخصوص بالصحراء؛ لأن الذئب لا يكون إلا في الصحراء، وحجة الجمهور قوله في الحديث:"خذها" ولم يفرق ولم يفصل (4) بين الصحراء والمصر، ولو كان (5) افترق الحال لسأل واستفصل، وقول مالك: الذئب لا يكون إلا في الصحراء فهذا لا يمنع كونها لغيره أيضًا، واستدل به مالك على أن آكلها لا غرم عليه لصاحبها ولا تعريف لها سنة ولا أقل؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:"هي لك" ولم يوجب عليه تعريفًا ولا غرمًا، ولأنه سوى بينه وبين الذئب، والذئب لا يعرف ولا يغرم (6). قال ابن عبد البر: لم يوافق مالكًا أحد من العلماء على قوله (7).
(قال: يا رسول الله فضالة الإبل؟ فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى احمرت وجنتاه، أو قال (8): وجهه) الشك من الراوي، رواية البخاري: فتمعر
(1)"المدونة" 4/ 457، "الأوسط" لابن المنذر 11/ 417.
(2)
سقط من (م).
(3)
في (م): بها.
(4)
في (ر): يستفصل.
(5)
سقط من (م).
(6)
انظر: "المدونة" 4/ 457.
(7)
ذكره ابن عبد البر عن الطحاوي، قاله عن مالك في "الاستذكار" 22/ 344.
(8)
زاد في (م): احمر.
[وجه النبي](1). يرجح: احمر وجهه. وهي أعم؛ فإنها تعم الوجنتين والجبين، والوجنتان ما ارتفع من الخدين (2)، وسبب غضبه صلى الله عليه وسلم لسوء فهم السائل وقلة ذكائه مع وضوح المعنى في الفرق، وذلك أن اللقطة إنما هي (3) اسم الشيء الذي يسقط عن صاحبه فيضيع فيحتاج إلى من يحفظه، وأما الإبل فمستغنية عمن يحفظها؛ لاستقلالها بحذائها وسقائها (4)، وورودها الماء والشجر وامتناعها من آفات (5) سبع يريدها، بخلاف الغنم فإن سبيلها سبيل اللقطة (6)، ولذلك (قال)[في الإبل](7)(ما لك ولها؟ ) فأتى باستفهام الإنكار على السائل عنها (8).
وهذا يدل على (9) تحريم التعرض لضالة الإبل؛ لأنها يؤمن عليها الهلاك لاستقلالها بمنافعها، وقد نص على ذلك بقوله في الرواية الأخرى:"دعها عنك". [ومعناه: منع](10) التصرف فيها، ولهذا قال عليه السلام:"ضالة المؤمن (11) حرق (12) النار"(13). قال العلماء: هذا كان
(1) في (م): وجهه صلى الله عليه وسلم. "صحيح البخاري"(2427).
(2)
في (ر): الجبين.
(3)
زاد في (ر): في.
(4)
في (م): خفافها.
(5)
في (م): أقارب.
(6)
في (م): اللقط.
(7)
و (8) من (م).
(9)
سقط من (م).
(10)
في (م): ومقتضاه المنع من.
(11)
في (ر): المسلم.
(12)
بياض في (ر).
(13)
رواه أحمد 5/ 80، والدارمي 3/ 1695 - 1696 (2643، 2644)، وابن أبي =
أول الإسلام (معها حذاؤها) بكسر الحاء المهملة وتخفيف الذال المعجمة ومد الهمزة، وأصله النعل، وهو هنا خف البعير (وسقاؤها) بكسر السين والمد، وأصله ظرف الماء من الجلد، واستعارة الحذاء والسقاء هنا من أقوى أنواع البلاغة؛ حيث عبر عن خفها بالنعل وعن جوفها بالسقاء، والمعنى أنها لا تبالي حيث وطئت بخفها وحيثما وردت الماء شربت منه ما يكفيها حتى ترد ماء آخر.
قال الماوردي: المراد بالسقاء العنق (1)؛ لأنها ترد الماء وتشرب من غير ساقٍ يسقيها. قال ابن دقيق العيد: لما (2) كانت مستغنية عن الحافظ والمتعهد وعن النفقة عليها؛ بما ركب في طبعها من الجلادة على العطش والجفاء، عبر عن ذلك بالحذاء والسقاء مجازًا (3)(حتى يأتيها ربها) أي مالكها، كما تقدم.
[1705]
(ثنا) أحمد بن عمرو (4)(بن السرح، ثنا) عبد الله (بن وهب، أخبرني مالك بإسناده ومعناه وزاد) بعد (سقاؤها ترد) بنفسها (الماء وتأكل) من (الشجر، ولم يقل) في هذِه الرواية (خذها في ضالة الشاء) ولم يذكرها
= عاصم في "الآحاد والمثاني" 3/ 263 - 264 (1637 - 1641)، والبزار في "المسند" 10/ 252 - 253 (4349 - 4350)، والنسائي في "الكبرى" 3/ 414 - 415 (5792 - 5798). وغيرهم من حديث الجارود العبدي.
وصححه ابن حبان 11/ 248 (4887)، والألباني في "الصحيحة"(620).
(1)
"الحاوي" 8/ 3.
(2)
في (ر): و. والمثبت من (م).
(3)
"إحكام الأحكام" 2/ 160.
(4)
في (ر): عمر.
له (وقال في اللقطة: عرفها سنة، فإن جاء صاحبها) فأدها إليه (وإلا فشأنك) بالنصب على الإغراء وهو منصوب بفعل محذوف تقديره: الزم شأنك ملتبسًا (1) بها، ويجوز الرفع بتقدير: هذا شأنك فالتبس [بها (2).
وفيه جواز أخذ اللقطة، وأنها إذا كانت لا تفسد في مدة السنة فإنها تعرف سنة ثم يستمتع بها بعد انقضاء الحول ولا يلزمه التصدق (بها، ولم يذكر) في هذِه الرواية: (استنفق) بها، كما تقدم.
(قال المصنف: ورواه) سفيان بن سعيد (الثوري وسليمان بن بلال) القرشي التيمي (وحماد بن سلمة، عن ربيعة) بن أبي عبد الرحمن (مثله) أي مثل ما تقدم (ولم يقولوا) في هذِه الرواية (خذها) فإنما هي لك كما تقدم.
[1706]
(ثنا محمد بن رافع) بن أبي زيد سابور القشيري (3) شيخ الشيخين (وهارون بن عبد الله) بن مروان البغدادي، شيخ مسلم (المعنى، قالا: ثنا) محمد بن إسماعيل (بن أبي فديك) دينار الديلي (4)(عن الضحاك) بن عثمان الحزامي (أخرج له مسلم، عن بسر) بضم الموحدة وسكون المهملة (بن سعيد) المازني (عن زيد بن خالد الجهني: أن رسول الله سئل عن اللقطة) تقدم أن السائل بلال كما قيل
(1) في (م): متلبسا.
(2)
من (م).
(3)
في (ر): القرشي.
(4)
في (ر): الرملي.
(فقال: عرفها سنة) إطلاقه التعريف يقتضي أن لا فرق بين يسير [اللقطة وكبيرها](1)، لكن لا بأس بأخذ ما لا خطر له والانتفاع به من غير تعريف، كالتمرة والكسرة (2) الصغيرتين، ولا أعلم فيه خلافًا؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينكر (3) على واجد التمرة حين أكلها، بل قال:"لو لم تأتها لأتتك"(4)، ورأى النبي صلى الله عليه وسلم تمرة (5) فقال:"لولا أني أخشى أن تكون صدقة (6) لأكلتها"(7).
وقال مالك وأبو حنيفة: لا يجب تعريف ما لا يقطع فيه يد السارق. وهو ربع دينار عند مالك (8)، وعشرة دراهم عند أبي حنيفة (9)؛ لأن (10) دون ذلك تافه فلا يجب تعريفه كالكسرة والتمرة (فإن جاء باغيها) أي طالبها (فأدها إليه) إن ذكر صفتها (11)، كما تقدم، (وإلا فاعرف
(1) في (ر): التعريف وكثيره.
(2)
زاد بعدها في (ر): والخرقة.
(3)
في (ر): يذكر. والمثبت من (م).
(4)
في (ر): لا آتيك. والمثبت من (م). ورواه ابن أبي عاصم في "السنة"(265)، وابن حبان" (3240).
(5)
سقط من (م).
(6)
في (م): من الصدقة.
(7)
رواه البخاري (2055)، ومسلم (1071) من حديث أنس.
ورواه مسلم (1070)، والبخاري معلقًا بعد حديث (2432) من حديث أبي هريرة.
(8)
"المدونة" 4/ 455، غير أنه قال: القليل والكثير في التعريف سواء.
(9)
"المبسوط" 11/ 4.
(10)
زاد في (م): ما.
(11)
في (م) صفاتها.
عفاصها ووكاءها ثم كلها) [ظاهره تمليكها بعد السنة، كما تقدم في رواية: "فهي لك" (1) لكن إذا أكلها عليه ضمانها إذا](2) جاء صاحبها؛ لقوله بعده (فإن جاء باغيها) يعني: بعد أكلها (فأدها إليه)[أي: أد بدلها](3) وهذا مذهب الشافعي (4) والجمهور، وقال داود: لا يلزمه رد البدل.
[1707]
(ثنا أحمد بن حفص) بن عبد الله، قاضي نيسابور، أخرج له البخاري [في الحج والنكاح (5) (حدثني أبي) حفص بن عبد الله النيسابوري، أخرج له البخاري](6) أيضًا في الحج والنكاح عن إبراهيم بن طهمان (حدثني إبراهيم بن طهمان) بفتح الطاء المهملة، الهروي سكن نيسابور (عن عباد بن إسحاق) والمشهور أنه عبد الرحمن بن إسحاق بن عبد الله بن الحارث القرشي العامري، وكذا ذكره مسلم فيما أخرج له في الطب (7)(عن عبد الله بن يزيد) المدني، وثقه ابن حبان (8)([عن أبيه يزيد] (9) مولى المنبعث (10)، عن زيد بن خالد
(1) رواها مسلم (1722/ 6).
(2)
و (3) من (م).
(4)
"الأم" 4/ 81.
(5)
"صحيح البخاري"(5130).
(6)
من (م).
(7)
"صحيح مسلم"(2225).
(8)
"الثقات" 7/ 12.
(9)
في (ر): زيد. والمثبت من (م).
(10)
في (ر): المسعر. والمثبت من (م).
الجهني أنه قال: سئل رسول الله) عن اللقطة (فذكر نحو حديث ربيعة) ابن (أبي عبد الرحمن)(1) المتقدم.
(قال: وسئل عن اللقطة) وفي بعضها: عن النفقة، يعني: التي تلتقط (فقال: يعرفها)(2) بتشديد الراء، وهو مضارع مرفوع لتجرده من الناصب والجازم (حولًا، فإن جاء صاحبها) هو ظاهر في أنها باقية على ملك صاحبها وهي في يد الملتقط وديعة، كما سيأتي في الرواية الآتية، وهذا يرجح أحد الاحتمالين في أن الغالب على اللقطة الكسب أو الأمانة، ذكرهما إمام الحرمين (3)، فإن جاء صاحبها في خلال حول (4) التعريف وذكر صفاتها، وصدقته أو أقام بينة (دفعتها إليه) بزوائدها المتصلة والمنفصلة إذا ظهر المالك قبل تملك الملتقط، قاله الرافعي (وإلا عرفت) بتخفيف الراء (وكاءها وعفاصها) أي (5): وإن لم يجئ صاحبها إلا بعد مضي مدة التعريف، فاعرف صفاتها المذكورة (6)، وظاهر هذا الحديث أن معرفة صفاتها بعد تعريف الحول، كما في حديث أبي بن كعب المتقدم أنه قال [له (7): عرفها حولًا، ثم جاءه بعد الحول فقال: احفظ عددها ووكاءها وعفاصها، وأما حديث زيد
(1) في (ر): عبيد.
(2)
في (ر): عرفها. والمثبت من (م).
(3)
"الحاوي" 8/ 17.
(4)
من (م).
(5)
سقط من (م).
(6)
سقط من (م).
(7)
من (م).
ابن خالد الجهني في رواية (1) البخاري وغيره، فإنه قال:"اعرف عفاصها ووكائها ثم عرفها سنة"(2). فهذا يدل على أن معرفة عفاصها (3) قبل تعريف الحول، وهذا مذهب الشافعي (4) وغيره، ليحصل عنده علم ذلك، فإذا جاء صاحبها قبل (5) التعريف أو في خلال التعريف فنعتها (6) له وغلب (7) على ظنه (8) صدقه، فيجوز الدفع إليه حينئذٍ، وإن أخر معرفة (9) صفاتها إلى ما (10) بعد الحول، فإن جاء صاحبها عرف صفاتها جاز؛ [لأن المقصود يحصل حينئذ بذلك وإن لم يجئ صاحبها وأراد التصرف بعد الحول لم يجز حتى يعرف صفاتها](11) لأن عينها تعدم بالتصرف أو تلتبس بما عنده فيفوت المقصود.
(ثم أفضها) بفتح الهمزة وكسر الفاء وسكون الضاد [المعجمة (في مالك) أي: ألقها فيه واخلطها به، من قولهم: فاض الأمر وأفاض هو فيه، وأصل الإفاضة: الصب، ثم استعير](12) لسرعة السير، ويحتمل أن يكون من قولهم: المال فوضى بينهم. أي: مختلط، وفي بعض
(1) من (م).
(2)
رواه البخاري (91، 2372، 2428، 2429)، ومسلم (1722).
(3)
في (م): صفاتها.
(4)
انظر "الأم" 4/ 81، 85.
(5)
في (ر): بعد.
(6)
في (م): فيصفها.
(7)
بياض في (ر)، والمثبت من (م).
(8)
في (ر): ظن. والمثبت من (م).
(9)
من (م).
(10)
و (11) و (12) سقط من (م).
النسخ: "ثم أقبضها" بالقاف وكسر الباء الموحدة من الإقباض أي: اقبضها واخلطها في مالك.
(فإن جاء صاحبها) وهي باقية متميزة (فادفعها إليه) وإلا فقيمتها، وعند الشافعي: إذا غلب على ظنه صدقه (1) جاز الدفع ولم يجب عليه (2)؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "البينة على المدعي"(3). هذا ما صححه الرافعي، وليس في حديث الباب ذكر البينة، وأما حديث "البينة على المدعي" فأجيب عنه بأن المراد به (4) إذا كان منكر؛ لقوله في (5) سياقه:"واليمين على من أنكر". ولا منكر ها هنا على أن البينة تختلف، وقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم بينة مدعي اللقطة وصفها، فإذا وصفها فقد أقام بينته.
[1708]
(ثنا موسى بن إسماعيل، عن حماد بن سلمة، عن يحيى بن سعيد) الأنصاري (وربيعة) بن أبي عبد الرحمن (بإسناد قتيبة ومعناه وزاد فيه: فإن جاء باغيها فعرف عفاصها) ووكاءها (وعددها فادفعها إليه) فإن جاء قبل التملك دفعها إليه مع زيادتها المتصلة والمنفصلة؛ لأنها باقية على ملكه، ومؤنة (6) الرد في هذِه الحالة على المالك كالوديعة، فإن
(1) في (م): صدقها.
(2)
من (م).
(3)
"الأم" 4/ 81. والحديث رواه الترمذي (1341).
(4)
من (م).
(5)
زاد في (ر): قوله.
(6)
في (ر): برمة. والمثبت من (م).
جاء بعد التملك أخذها مع الزيادة المتصلة دون المنفصلة، كما إذا رد إليه (1) المبيع بالعيب (وقال حماد) بن سلمة (أيضًا: عن عبيد الله) بالتصغير.
(ابن عمر) بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب [(عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده) كما تقدم ويأتي (عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله) كما تقدم (قال) المصنف (وهذِه الزيادة التي زاد حماد بن سلمة في حديث سلمة بن كهيل) الحضرمي (ويحيى بن سعيد) الأنصاري (وربيعة) بن أبي عبد الرحمن (وعبيد الله بن عمر) قال فيها (إن جاء صاحبها فعرف) بتخفيف الراء (عفاصها ووكاءها فادفعها إليه. ليست بمحفوظة)، و (قال) فيها:(عرفها سنة. و) كذا (حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه أيضًا عن النبي صلى الله عليه وسلم: عرفها) يعني (سنة) كما تقدم.
[1709]
(ثنا مسدد ثنا خالد) بن عبد الله الواسطي الطحان اشترى نفسه من الله ثلاث مرات بوزنه فضة (وحدثنا موسى بن إسماعيل ثنا وهيب بن] (2) خالد) الباهلي مولاهم (عن خالد الحذاء، عن أبي العلاء) يزيد بن عبد الله بن الشخير، عن أخيه مطرف بن عبد الله بن الشخير (عن عياض بن حمار) بكسر الحاء (3) المهملة وتخفيف الميم وبعد الألف راء، المجاشعي الصحابي رضي الله عنه (قال: قال رسول الله: من
(1) سقط من (م).
(2)
في (ر): قول أبي داود غير محفوظة، تمسك به من جادل بضعفها فلم يصب، بل هي صحيحة فقد وافق حمادًا سفيان الثوري وزيد بن أبي أنيسة عند مسلم، وأخرجه أحمد والترمذي والنسائي من طريق الثوري. (ثنا مسدد، ثنا).
(3)
من (م).
وجد لقطة فليشهد) ظاهر الأمر فيه الوجوب، وهو أحد قولي الشافعي (1)، وبه قال أبو حنيفة (2)، وفي كيفية الإشهاد قولان: أحدهما: يشهد (3) أنه وجد لقطة ولا يعلم بالعفاص ولا غيره؛ لئلا ينتشر (4) فيتوصل الكاذب إلى أخذها، والثاني: يشهد على صفاتها كلها حتى إذا مات لم يتصرف فيها الوارث، وأشار الإمام إلى توسط بين الوجهين وهو أنه لا يستوعب [الصفات ولكن](5) يذكر بعضها، وإذا قلنا بوجوب الإشهاد فتركه كان ضامنًا.
قال النووي: الأصح ما قاله الإمام، والثاني من قولي الشافعي، وهو الأظهر (6). وبه قال مالك (7) وأحمد: لا يجب الإشهاد على اللقطة، بل يستحب احتياطًا (8)؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر به في حديث زيد بن خالد، ولو كان واجبًا لبينه، ولأنه خير في [الشهادة بين](9) العدل والعدلين في قوله (فليشهد) على لقطته (ذا عدل أو ذوي عدل) بفتح الواو (عدلين) لأن الواجب لا تخيير (10) فيه، ويحتمل (أو) في قوله:(أو ذوي عدلين)
(1)"المجموع" 15/ 258.
(2)
انظر "المبسوط" 11/ 13 - 14.
(3)
سقط من (م).
(4)
في (م): يتنبه. وفي "المجموع": يتوصل.
(5)
في (ر): صفاتها بل.
(6)
"المجموع" 15/ 258.
(7)
"مواهب الجليل" 8/ 47.
(8)
"المغني" 8/ 308.
(9)
في (م): الشهادتين بعدل و.
(10)
في (ر): يجب. والمثبت من (م).
للتقسيم باختلاف حالين لا التخيير، [والظاهر أن (أو) للشك من الراوي، ولهذا جاء في رواية النسائي وأحمد: "فليشهد ذوي عدل" (1) من غير شك](2).
وفيه أن العدل الواحد يكفي في الشهادة على الالتقاط (3)، ولم أر أحدًا قال به هنا، بل المراد عدل واحد مع امرأتين، كما قال تعالى:{فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ} (4) أو رجل ويمين؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بالشاهد واليمين (5)، وقد يؤخذ من الجواز جواز شهادة العبيد؛ لوجود العدالة فيهم، وهو قول شريح وابن سيرين وأحمد (6) خلافًا للشافعي (7) وأبي حنيفة، واحتجا على اشتراط الحرية بقوله تعالى:{وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا} (8) يعني: للشهادة في أي موضع كان (9)، والإجماع دل على أن العبد لا يجب [عليه الذهاب](10) فلا يكون شاهدًا، وهذا استدلال حسن (ولا يكتم) (11) يعني: شيئًا من أوصاف اللقطة، بل (12) يظهرها جميعًا بالبينات عنده فيعرف جنسها
(1)"السنن الكبرى" 3/ 418 (5808)، "المسند" 4/ 161.
(2)
سقط من (م).
(3)
في (م): الاحتياط.
(4)
البقرة: 282.
(5)
رواه مسلم (1712) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.
(6)
انظر: "المغنى" 14/ 185.
(7)
"الأم" 7/ 195.
(8)
البقرة: 282. وانظر: "المبسوط" للسرخسي 16/ 146 - 147.
(9)
سقط من (م).
(10)
و (11) و (12) من (م).
دراهم أو دنانير، ونوعها (1) وإن كانت ثيابًا عرف لفافها (2) وجنسها ويعرف قدرها بالكيل أو الوزن [أو بالعدد أو الذرع إن عرف عدد العقد عليها، هل هو عقد واحد أو أكثر أنشوطة (3) أو غيرها، ويعرف صمامها](4) الذي يدخل في رأسها، وعفاصها الذي تلبسه (5)(ولا يغيب) اللقطة عن طالبها، بل يعرفها، ولهذا جاء في رواية البيهقي:"ثم لا يكتم وليعرف"(6) وكيفية التعريف أن يذكر جنسها لا غير، فيقول: من ضاع منه ذهب. أو: من ضاع منه فضة أو دراهم أو دنانير [أو ثياب](7) ونحو ذلك؛ لقول عمر لواجد الذهب: قل الذهب وبطريق الشام ولا تذكر صفتها؛ إذ لا يؤمن [أن يدعيها](8) بعض من يعلم صفتها وتذكر صفتها التي يأخذ بها اللقطة فيأخذها وهو لا يملكها فتضيع على مالكها.
(فإن وجد صاحبها) وذكر صفتها (فليردها عليه) زادت أو نقصت (وإلا) أي: وإن لم يجد صاحبها (فهو من (9) مال الله يؤتيه من يشاء) من خليقته، وقد استدل أبو حنيفة بهذا الحديث على أنه إذا عرفها
(1) سقط من (م).
(2)
من (م).
(3)
ساقطة من (م)، وفي (ر): سيوطه. والمثبت من "المغني" 8/ 308.
(4)
سقط من (م).
(5)
في (م): تلبس.
(6)
"معرفة السنن والآثار" 9/ 81.
(7)
من (م).
(8)
في (م): بعض من يدعيها.
(9)
سقط من (م).
حولًا ولم يجد صاحبها أنه يتملكها إن كان فقيرًا من غير ذوي القربى وإن كان غنيًّا فلا (1). وقال: إن ما يضاف إلى (2) الله إنما يتملكه من يستحق الصدقة (3)، ودليل الجمهور إطلاق الأدلة المتقدمة الشاملة للغني والفقير، لقوله:"فإن لم تعرف فاستنفق بها". وفي لفظ: "فاستمتع بها"(4). وفي لفظ: "فهي كسبيل مالك"(5). وأما قول أبي حنيفة: إن ما يضاف إلى الله لا يتملكه إلا من يستحق الصدقة. لا برهان له عليه ولا دليل، وبطلانه ظاهر؛ فإن الأشياء كلها تضاف إلى الله خلقًا وملكًا، قال الله تعالى:{وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} (6). قال الخطيب: حديث عياض بن حمار في اللقطة رواه شعبة وعبد العزيز بن المختار، كلاهما عن خالد الحذاء كرواية وهيب (7)، وخالفهم حماد بن سلمة فرواه عن خالد، عن أبي قلابة، عن مطرف، عن عياض بن حمار.
[1710]
(ثنا قتيبة بن سعيد، ثنا الليث) بن سعد (عن) محمد (بن عجلان) أخرج له مسلم.
(عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده) الأعلى الحجازي (عبد الله
(1) انظر "المبسوط" للسرخسي 11/ 8.
(2)
من (م).
(3)
زاد في (م): والغني يتصدق بها.
(4)
رواه البخاري (2426)، ومسلم (1723).
(5)
رواه مسلم (1723/ 10).
(6)
النور: 33.
(7)
في (م): وهب.
ابن عمرو بن العاص) فارتفع بالتصريح بذكر جده الأعلى وهم الإرسال بأن يكون المراد بجده الأدنى محمد، وبالتصريح الأعلى سار الحديث متصلًا وارتفع الخلاف فيه (عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سئل عن الثمر) بفتح الثاء (1) المثلثة والميم (المعلق) على أشجاره (فقال: من أصاب بفيه) أي: بفمه (من ذي حاجة غير) منصوب على الحال من فاعل أصاب لا من الضمير المجرور بالياء، والتقدير: من أصاب من المعلق ثمرًا لا شيء عليه إلا ما اتخذ حال كونه (2) خبنة (متخذ) مما أصابه (خبنة) بضم الخاء المعجمة وسكون الباء الموحدة، ثم نون، ثم تاء تأنيث، هي معطف الإزار وطرف الثوب، أي: لا يجوز له أن يأخذ منه في ثوبه شيئًا [يرفعه إلى فوق](3) ولا في طرف ذيله، يقال: أخبن الرجل إذا خبأ شيئًا في خبنة ثوبه أو سراويله، وخبنت الثوب إذا عطفته وخيطت عليه ليقصر، وقيل: الخبنة ما يخبى (4) تحت الإبط، وفي حديث ابن عمر:"فليأكل منه ولا يتخذ خبنة"(5)(فلا شيء عليه) فيما أكل منه، أي: لا غرامة ولا عقوبة ولا إثم، بل هو مباح، وفيه جواز الأكل من الشجر بغير إذن صاحبه إذا كان محتاجًا إلى الأكل ولم يحمل منه شيئًا.
ويؤخذ (6) منه أن غير المحتاج لا يجوز أكله وإن اشتهته نفسه،
(1) سقط من (م).
(2)
من (م).
(3)
و (4) سقط من (م).
(5)
رواه الترمذي (1287)، وابن ماجه (2301).
(6)
في (ر): يحمل. والمثبت من (م).
وقواعد مذهب الشافعي أنه لا يجوز أكل شيء من الثمار بغير إذن مالكها (1). ويحتمل أن هذا في [ثمار الأشجار](2) الموقوفة على الطرقات لمن يأكل دون من يحمل.
(ومن) قطع من الثمر المعلق (خرج بشيء (3) منه فعليه كرامة مثليه) احتج به إسحاق بن راهويه على أن من سرق من الثمر المعلق شيئًا فعليه غرامة مثليه، وبه قال أحمد، وقال: ولا أعلم شيئًا يدفعه، وهو حجة لا يخالف إلا بمعارض مثله أو أقوى منه (4). ويرجحه أن عمر بن الخطاب غرم (5) حاطب بن أبي بلتعة حين (6) انتحر غلمانه ناقة رجل من مزينة مثلي قيمتها، كما رواه الأثرم في "سننه" مع حديث الباب، وكذا قال في الماشية تسرق من المرعى من غير أن تكون محرزة مثلا قيمتها، وكذا ما جاء في الشاة الحريسة كما رواه ابن ماجه (7)، ولفظه: عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده أن رجلًا من مزينة سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الثمار فقال:"ما أخذ في أكمامه فاحتمل فثمنه ومثله معه، وما كان في الجران ففيه القطع إذا بلغ ذلك المجن، وإن أكل ولم يأخذ فليس عليه"، فقال - يعني (8) السائل -: الشاة
(1)"المجموع" 9/ 54.
(2)
في (ر): أشجار الثمار. والمثبت من (م).
(3)
من (م)، و"المغني".
(4)
"المغني" 12/ 438 - 439.
(5)
في (م): رجح.
(6)
في (م): حتى.
(7)
(2596).
(8)
في (ر): بعض.
الحريسة منهن يا نبي الله. فقال: "ثمنها ومثله معه"، وما عدا ما ذكر في هذِه الأحاديث فلا خلاف أنه يغرم بأكثر من قيمته أو مثله إن كان مثليًّا إلا ما ذهب إليه (1) أبو بكر رضي الله عنه من إيجاب غرامة المسروق من غير حرز بمثليه (2) قياسًا على الثمر المعلق وحريسة الجبل، والحريسة بالحاء المهملة فعيلة بمعنى المحروسة، وإليه (3) ذهب الشافعي والجمهور أنه ليس في المسروق من الثمار المعلقة إلا مثلها (4).
قال ابن عبد البر: ولا أعلم أحدًا من الفقهاء قال بوجوب غرامة مثليه (5).
واعتذروا عن هذا الحديث بأنه كان في ابتداء الإسلام [حين كان](6) التعزير والعقوبة بالمال ثم نسخ ذلك، ورده الحنابلة بأن دعوى (7) النسخ بالاحتمال من غير دليل عليه فاسد بالإجماع (8).
(و) عليه (العقوبة) وهو [قطع اليد إن بلغ ثمن المجن](9) التعزير بما يراه الحاكم، ولا قطع عليه، وإن بلغ ثمنه ربع دينار (10)؛ لرواية
(1) من (م).
(2)
في (م): بمثله.
(3)
في (م): الذي.
(4)
"الأم" 6/ 206. و"الحاوي الكبير" 13/ 290.
(5)
"التمهيد" 19/ 212.
(6)
في (م): و.
(7)
سقط من (م).
(8)
"المغني" 12/ 439.
(9)
من (م).
(10)
من (م).
"الموطأ": "لا قطع في ثمر معلق"(1)، ولأن بساتين المدينة ليس عليها حيطان، وكذلك الكثر المأخوذ من النخل وهو جمار النخل، وهو قول مالك (2) والشافعي (3) وأحمد (4) وأصحاب الرأي (5).
وقال أبو ثور: إن كان من ثمر أو بستان (6) محرز ففيه القطع، وبه قال ابن المنذر (7)، وعلى قول الجمهور هو مخصص لعموم الآية، ولأن البستان ليس بحرز لغير الثمر والكثر فليس (8) حرزًا لهما كما لو لم يكن محوطًا، فأما إن كانت نخلة وكثرة محرز بحارس أو كانت في أفنية دور محرزة يجب القطع بالسرقة منها (9).
(ومن سرق منه) أي: من ثمار الأشجار (بعد أن يؤويه) كذا الرواية، وفي رواية لغير المصنف:"لا قطع في ثمر حتى يأويه الجرين" وهو القاعدة، كما في الرواية الآتية:"لا يأوي الضالة إلا ضال"(10). والمراد: بعد أن يضمه مالكه ويجمعه إلى (الجرين) بفتح الجيم
(1)"الموطأ" 2/ 831.
(2)
"المدونة" 4/ 536.
(3)
"الأم": 6/ 177.
(4)
من (م). وانظر: "المغني": 12/ 437 - 438.
(5)
"المبسوط" 9/ 184.
(6)
زاد في (م): ليس.
(7)
"الأوسط" لابن المنذر 12/ 302.
(8)
في (م): فلم يكن.
(9)
"المغني" 12/ 438.
(10)
يأتي برقم (1720).
وتخفيف (1) الراء وهو موضع تجفيف الثمر وكذا الموضع الذي [ييبس](2) فيه الطعام وهو للتمر كالبيدر للحنطة، ويجمع على جُرُن (3) بضمتين، كبريد (4) وبرد، ولفظ ابن ماجه المتقدم (5):"وما كان [في جرانه] (6) ففيه القطع"(7)(فبلغ) ثمنه (ثمن المجن) بكسر الميم وفتح الجيم، هو الترس، [والميم زائدة وهي السترة، سمي مجنًّا لأن صاحبه يستتر [به](8)، وجمعه مجان بفتح الميبم بوزن دواب، ومنه الحديث] (9):"كأن وجوههم المجان المطرقة"(10). وحمله الشافعي على ما قيمته ربع دينار فصاعدًا (11) كما سيأتي (فعليه القطع) مع ملاحظة الناطور (12).
واعلم أن هذا الحديث عمدة الفقهاء في اشتراط الحرز [في القطع](13)؛ لأنه صلى الله عليه وسلم اشترط (14) القطع في الثمر إذا أواه الجرين كما
(1) في (م): كسر.
(2)
في النسخ: (يداس)، والمثبت من "شرح النووي" 6/ 83.
(3)
في (ر): حرز.
(4)
سقط من (م).
(5)
من (م).
(6)
في (ر): جرايه.
(7)
"سنن ابن ماجه"(2596) بنحوه.
(8)
ساقطة من الأصول، والمثبت من "شرح ابن بطال".
(9)
من (م).
(10)
رواه البخاري (2928)، ومسلم (2912) من حديث أبي هريرة.
(11)
"الأم" 6/ 204.
(12)
في "جمهرة اللغة" 2/ 1206: الناطور: حافظ النخل والشجر.
(13)
في (م): للقطع.
(14)
زاد في (م): في.
اشترط في القطع في الخيل إذا أواها المراح، فإن لم يكن الثمر في الجرين والخيل في المراح فلا قطع، فدل على أن الحرز شرط في إيجاب (1) القطع، ويكون هذا الخبر مخصصًا لآية (2) السرقة، كما أن حديث:"لا سرقة إلا في ربع دينار"(3) مخصصًا لآية السرقة أيضًا، ولما دل الشرع على اعتبار الحرز (4) من غير تنصيص على بيانه، دل على أن المرجع في بيانه [إلى أهل](5) العرف [لأنه لا طريق إلى معرفته إلا](6) من جهته، فرجع إليه كما رجعنا إليه في معرفة القبض الصحيح، والتفرقة بين المتبايعين، وإحياء الموات ونحو ذلك.
واعلم أنا إذا أوجبنا على السارق من الجرين ما يبلغ ثمن المجن القطع فعليه مع القطع غرامة مثليه عند أحمد (7)[ومن تبعه](8)، وغرامة مثله عند الشافعي والجمهور إن هلك المسروق في يد السارق (9). وعند أبي حنيفة: لا يجمع عليه بين القطع والغرامة، بل إن قطع يسقط (10) عنه الغرامة، وإن غرم سقط القطع (11). وبالاتفاق لو كان
(1) في (ر) إيجاز.
(2)
في (ر): لأمر.
(3)
رواه البخاري (6789، 6791)، ومسلم (1684) من حديث عائشة، نحوه.
(4)
في (ر): الجرين.
(5)
في (م): على.
(6)
في (ر): لا.
(7)
"المغني" 12/ 439.
(8)
من (ر).
(9)
"الأم" 6/ 212.
(10)
سقط في (م).
(11)
"المبسوط" 9/ 185 - 186.
المسروق قائمًا يسترده ويقطع، وهذا لأن القطع حق الله تعالى وجب لهتك حرمة الشرع، والغرم حق العبد (1) وجب لإهلاك ماله، فلا يمنع أحدهما الآخر كما في حال بقاء العين يقطع ويسترد المال؛ للحديث الآتي:"على اليد ما أخذت حتى تؤدي"(2). ولفظ أحمد: "حتى تؤديه"(3). (ومن سرق دون ذلك) أي: دون ما يبلغ ثمن المجن (فعليه غرامة مثليه) عند أحمد ومتابعيه (4) والشافعي: غرامة مثله فقط (5). (والعقوبة) يعني: التعزير؛ لانتهاك حرمة الشرع كما تقدم، [وقال أبو داود: الجرين: الخوصان] (6).
(وذكر في ضالة) من (الغنم والإبل كما ذكره غيره) يعني: كما ذكر غير (7) عبد الله بن عمرو بن العاص من الرواة عن رسول الله (قال) عبد الله بن عمرو (وسئل) رسول الله صلى الله عليه وسلم (عن اللقطة فقال: ما كان منها) موجودًا (في طريق الميتاء) بكسر الميم مع مد آخره. أي: في الطريق المسلوك للمارة، وقيل: ميتاء الطريق وميداؤه: محجته، وعلى الأول فهو مفعال من الإتيان (8) والميم زائدة، وأصله الهمز، وأصله
(1) في (م): للعبد.
(2)
سيأتي برقم (3561).
(3)
"المسند" 5/ 8، 13.
(4)
"المغني" 12/ 438.
(5)
"الأم" 6/ 207.
(6)
في (م): وسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(7)
من (م).
(8)
في (ر): البيات.
قبل القلب ميتاي (1)، فقلب حرف العلة همزة لتطرفه بعد الألف، والمعنى: طريق يأتيها الناس ويسلكونها كثيرًا، كما يقال: دار محلال يحلها الناس كثيرًا؛ لأن الـ (مفعال) من أبنية المبالغة، وقوله: [طريق الميتاء هو من إضافة الموصوف إلى صفته، ولا بد فيه من تقدير، وتقديره: في طريق المكان الميتاء، كما يقال: مسجد الجامع، وغيره.
(أو) كان في (القرية الجامعة) أي الذي اجتمع فيها ناس كثيرون (فعرفها سنة) والمراد] (2) بالطريق الميتاء المسلوكة بكثرة المارين، وبالقرية الجامعة المسكونة بالناس؛ بدليل رواية الشافعي عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في كنز وجده رجل: "إن وجدته في قرية مسكونة أو طريق ميتاء فعرفه"(3) يعني: سنة، كما تقدم، واللقطة عام في الذهب والفضة أثمانًا كانت أو غيرها، ورواه (4) الأثرم والجوزجاني في كتابيهما عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده قال: أتى رجل رسول الله فقال: يا رسول الله كيف ترى في متاع يوجد في الطريق الميتاء، أو في (5) قرية
(1) في (ر): ميتاء.
(2)
سقط من (م).
(3)
"مسند الشافعي" 1/ 248. ورواه الحميدي في "المسند" 2/ 272 (597)، والحاكم 2/ 65، والبيهقي 4/ 155.
قال الحافظ في "الدراية" 1/ 262: رواته ثقات. وحسن إسناده في "البلوغ" ص 124.
(4)
في (ر): رواية.
(5)
سقط من (م).
مسكونة؟ قال: "عرفه سنة، فإن جاء صاحبه وإلا فشأنك به (1).
وفي هذا رد على ما ذهب إليه بعض الحنابلة أن العروض (2) لا تملك بالتعريف، ثم اختلفوا ما يصنع بها، فقال ابن عقيل: يعرفها أبدًا، وقال القاضي: هو بالخيار بين أن يقيم على تعريفها حتى يجيء صاحبها وبين دفعها إلى الحاكم ليرى رأيه فيها (3)(فإن جاء طالبها) ووصفها بما يغلب (4) على الظن صدقه (فادفعها إليه، وإن لم يأت) طالبها (فهي لك) استدل به أصحابنا على القول الذي حكي عن الشافعي أن اللقطة تدخل في ملكه بتمام التعريف حكمًا كالميراث، سواء اختار التملك بعد السنة أو سخط، وكان قد قصد التملك عند الأخذ، لقوله في الحديث:"إن لم يأت فهي لك". ولم يعتبر اختياره (5)، وكذا رواية:"إن جاء صاحبها وإلا كانت كسائر مالك". وفي لفظ: "كلها"(6). وهو مذهب أحمد بن حنبل، ويرجحه أن الالتقاط والتعريف سبب للتمليك، فإذا تم وجب أن يثبت به الملك حكمًا كالإحياء والاصطياد (7)، ولأن المكلف ليس له إلا مباشرة الأسباب، فإذا أتى
(1) نقله عنهما في "المغني" 8/ 303 مسندًا، ورواه النسائي في "الكبرى" 3/ 423، وصححه ابن خزيمة (2327) بدون كلمة "متاع".
(2)
في (م): المعروف.
(3)
"المغني" 8/ 303.
(4)
في (م): يعلم.
(5)
في (م): حيث أن.
(6)
"الأم" 4/ 82 - 83 بمعناه.
(7)
في (ر): الاسطار.
بها ثبت الحكم [قهرًا وجبرًا](1) من الله تعالى غير موقوف على اختيار المكلف (2)(3).
(وما كان) منها (في الخراب) يعني: الجاهلي، كما في رواية الشافعي من طريق يعقوب بن (4) عطاء، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده قال:[إن](5) وجد (6) في خربة جاهلية أو قرية غير مسكونة (ففيها وفي الركاز الخمس)(7) والمراد بالخراب العادي الذي لا يعرف له مالك، وفي معناه الأرض الموات، أو يوجد فيها آثار الملك كالأبنية القديمة والتلول وجدران الجاهلية وقبورهم، وكذا لو وجده على وجه الأرض أو (8) في طريق غير مسلوك أو قرية خراب فهو كذلك، كما دل عليه الحديث، وروى الدارقطني عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن اللقطة توجد (9) في أرض العدو فقال:"فيها وفي الركاز الخمس"(10). والركاز (11) عند الشافعية: دفين (12)
(1) في (م): فهو خبر.
(2)
في (ر): الملك.
(3)
"المغني" 8/ 300 - 301.
(4)
في (م): عن.
(5)
ساقطة من الأصول، والمثبت من "الأم".
(6)
في (م) و"الأم" 2/ 60: وجدته.
(7)
"الأم" 2/ 60.
(8)
في (م): لا.
(9)
في (ر): تؤخذ. والمثبت (م).
(10)
"سنن الدارقطني" 3/ 194.
(11)
سقط من (م).
(12)
زاد في (م): في.
الجاهلية، ويعرف (1) بأن يوجد عليه اسم ملوك (2) الترك أو صليب (3).
قال أبو إسحاق المروزي: إنما هو أموال الجاهلية العادية (4)(5)[الذين لا يعرفون هل بلغتهم الدعوة أم لا - فأما من بلغتهم فمالهم فيء - فخمسه لأهل الخمس وأربعة أخماسه للواجد](6)، قال الماوردي: ولو أظهر السيل ركازًا فهو كما لو وجده مدفونًا (7).
[1711]
(ثنا محمد بن العلاء) أبو كريب الهمداني (ثنا أبو أسامة) حماد بن أسامة الكوفي (عن الوليد بن كثير) المدني بالكوفة (عن عمرو بن شعيب بإسناده بهذا) الحديث، و (قال في ضالة الشاء: قال: فاجمعها) أي: ضمها إليك وأمسكها عندك وعرفها سنة حتى يظهر (8) صاحبها سواء وجدها في العمران أو قرية أو (9) مفازة، وينفق عليها من ماله ويرجع (10) على مالكها، وفي معنى الشاة ما لا يمتنع بنفسه كفصلان الإبل، وعجلان (11) البقر وأفلاء الخيل والدجاج والأوز
(1) في (ر): يفرق. والمثبت من (م).
(2)
سقط من (م).
(3)
"المجموع" 6/ 97.
(4)
في (م): المعادية.
(5)
"مسائل أحمد وإسحاق" رواية الكوسج (726، 727).
(6)
سقط من (م).
(7)
"الحاوي الكبير" 3/ 343.
(8)
في (ر): ليظهر.
(9)
في (م): إليه.
(10)
في (ر): ليرجع.
(11)
في (م): عجول.
[ونحو ذلك](1)، ولا فرق في أخذها بين الإمام وغيره، وعن أحمد رواية: ليس لغير الإمام التقاطها (2).
[1712]
(ثنا مسدد، ثنا أبو عوانة) الوضاح بن عبد الله (عن عبيد الله بن الأخنس) النخعي.
(عن عمرو بن شعيب) عن أبيه، عن جده (بهذا الإسناد (3)، وقال في ضالة الغنم: هي لك) استدل به على أنه يجوز (4) لمن التقطها أن يتملكها؛ لأن اللام أصلها للملك، لكن لا يتملكها (5) إلا بعد تعريفها (6) كما تقدم.
(أو لأخيك، أو للذئب) وفيه الإذن بأخذها؛ فإنها معرضة للذئب وغيره؛ لضعفها عن الاستقلال بنفسها فهي مترددة بين أن يأخذها واجدها أو أخوه المسلم الذي يمر بها أو للذئب يأكلها، واستدل مالك (7) وأبو عبيد وابن المنذر بهذا الحديث على أن الشاة التي توجد في الصحراء: اذبحها وكلها، وفي المصر صنها (8) حتى يجدها صاحبها؛ لأن قوله:(أو للذئب) فإن الذئب لا يكون في المصر (9)
(1) سقط من (م).
(2)
"المغني" 8/ 338.
(3)
في (م): إلى إسناده.
(4)
زاد في (م): ذلك.
(5)
في (م): يملكها.
(6)
في (م): أن يعرفها.
(7)
"المدونة" 4/ 457.
(8)
في (م): ضمها.
(9)
"المغني" 8/ 338.
كما تقدم (خذها قط)(1) بفتح القاف وسكون الطاء بمعنى حسب وجودها؛ لئلا تضيع (وكذا قال فيه أيوب) بن أبي تميمة (ويعقوب بن عطاء) بن أبي رباح (عن عمرو بن شعيب) عن أبيه، عن جده (عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقال) فيه: (فخذها) فإنما هي لك أو لأخيك.
[1713]
(ثنا موسى بن إسماعيل، ثنا حماد) بن سلمة.
(ح ثنا) محمد (بن العلاء، ثنا) عبد الله (بن إدريس) بن يزيد الأودي (عن) محمد (بن إسحاق) صاحب "المغازي"(عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده [عن النبي صلى الله عليه وسلم] (2) بهذا) الحديث ([وقال في ضالة])(3) للذكر والأنثى بالهاء (4)، ولا تستعمل إلا في الحيوان (5) وغيره ضائع، ولفظة (الشاء) بالمد جمع شاة بالهاء للذكر والأنثى (فاجمعها) عندك (حتى يأتيها باغيها) أي: طالبها، والمراد أنها تستمر عنده حتى يظهر مالكها، فإذا ظهر وهي باقية واتفقا على رد عينها فذاك، إذ الحق لا يعدوهما، ويجب على الملتقط ردها إليه قبل طلبه في الأصح، كما قاله الرافعي في الوديعة (6). وقال ابن كج: إن كان صاحبها لا يعلم أنها عنده وجب عليه نقلها (7) إليه.
(1) في (ر): فقط.
(2)
من (م).
(3)
مكانها بياض في (م).
(4)
سقط من (م).
(5)
في (ر): الجبران. والمثبت من (م).
(6)
انظر: "مغني المحتاج" 2/ 415.
(7)
في (ر): قولها. والمثبت من (م).
[1714]
(ثنا محمد بن العلاء [حدثنا عبد الله بن وهب] (1)، عن عمرو بن الحارث) بن يعقوب الأنصاري المصري ([عن بكير بن الأشج عن] (2) عبيد الله بن مقسم) بكسر الميم وفتح السين، مولى ابن أبي نمر القرشي، أخرج له الشيخان (حدثه عن رجل) (3) عطاء بن يسار [قال الشافعي: رواه عطاء عن أبي سعيد] (4)(عن أبي سعيد الخدري أن علي بن أبي طالب وجد دينارًا) في السوق، كما ذكره عبد الرزاق في روايته (5) (فأتى به فاطمة رضي الله عنها فسألت عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم) زاد في رواية عبد الرزاق: قال: "عرفه ثلاثًا". ففعل، فلم يجد أحدًا يعرفه (فقال: هو رزق الله) أي: من [عند الله](6) تفضل به عليكم لتنتفعوا به عند الاحتياج إليه (فأكل منه (7) رسول الله صلى الله عليه وسلم) قبلهما؛ تطييبًا لقلوبهما ومبالغة في بيان حله وأنه لا شك في إباحته، وأنه يرتضيه لنفسه ولابنته فاطمة وزوجها علي.
وفيه استحباب أكل العالم من طعام يرتاب صاحبه في حله، أو يتوقف في الأكل منه، وأنه يستحب للمفتي أن يتعاطى بعض المباحات التي يشك فيها المستفتي فيه (8) من طعام وغيره؛ لأن فيه طمأنينة للمستفتي والشاك في أكله.
(1) و (2) من (م).
(3)
زاد في (ر): عن. وقبلها بياض.
(4)
سقط من (م). قال في "الأم" 5/ 140: أخبرنا الدراوردي عن شريك بن عبد الله بن أبي نمر، عن عطاء بن يسار، عن علي أنه وجد دينارًا .. وذكره الماوردي في "الحاوي" 8/ 10 بإدخال أبي سعيد بينهما.
(5)
"مصنف عبد الرزاق" 10/ 140 (18636).
(6)
و (7) و (8) من (م).
(وأكل) منه بعد ذلك (1)(علي وفاطمة) رضي الله عنهما قال (فلما كان بعد ذلك اتته امرأة تنشد) بفتح التاء وضم الشين (الدينار) أي: تطلبه وتسأل عنه (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [يا علي] (2) أد) بفتح الهمزة وتشديد الدال، أي: أعطها بدل (الدينار) الذي أكلنا منه.
وفيه دليل على أن الملتقط إذا تملك اللقطة وأكلها (3)، ثم جاء صاحبها غرم مثلها إن كانت مثلية كما في الدينار، وقيمتها إن كانت متقومة؛ لأنه تملك يتعلق به العوض (4)، فأشبه البيع. قال صاحب "المغني": لا أعلم فيه خلافًا (5).
[1715]
(ثنا الهيثم بن خالد الجهني) الكوفي، وثقه المصنف وغيره (6)(ثنا وكيع، عن سعد بن أوس) العبسي الكوفي الكاتب، وثقه أحمد والعجلي، وقال أبو حاتم: صالح (7)(عن بلال (8) بن يحيى) الكوفي (العبسي) بفتح المهملة وسكون الموحدة، نسبة إلى عبس بن بغيض بن ريث بن غطفان، صدوق، قال ابن معين: ليس به بأس (9)، يروي عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسل، روى عن عمر بن الخطاب، وهو مشهور
(1) زاد في (م): فلما.
(2)
سقط من (م).
(3)
في (م): وأنفقها.
(4)
في (م): العرض.
(5)
"المغني" 8/ 313.
(6)
انظر: "تهذيب الكمال" 30/ 378.
(7)
"تاريخ الثقات"(517)، "الجرح والتعديل" 4/ 80.
(8)
سقط من (م).
(9)
"الجرح والتعديل" 2/ 396.
بالرواية عن حذيفة، وفي سماعه من علي نظر.
(عن) علي رضي الله عنه (أنه التقط دينارًا) فيه دليل على استحباب أخذ اللقطة إن وثق بنفسه وإلا فلا؛ لما فيها من (1) فعل البر بحفظ مال المسلم عليه من الضياع؛ كتخليصه من الغرق؛ لأن حفظ مال المسلم كحفظ (2) دمه، وقيل: يجب أخذها؛ لقوله تعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} (3)، فإذا كان وليه وجب عليه حفظ ماله. وقال ابن سريج وأبو إسحاق: إن غلب على ظنه ضياعها لو تركها وجب (4)، وإلا فلا، وحملا النصين على ذلك.
(فاشترى به دقيقًا) محمول على أن الشراء بعد تعريفه؛ لرواية الإمام الشافعي أنه عليه السلام أمره أن يعرفه فعرفه (5)، فلم يعرف (6). وقيل: إنما لم يعرفه لأنه يرى أن الدينار فما دونه قليل لا يعرف، كما هو وجه لأصحابنا (فعرفه) بتخفيف الراء من المعرفة (7)(صاحب الدقيق) وهو اليهودي، كما سيأتي بعده، أي: عرف أنه علي بن أبي طالب ختن رسول الله صلى الله عليه وسلم فأكرمه بالدقيق بدون عوض، وهذا منقبة لعلي رضي الله عنه، لما علم من شدة بغض اليهود للمسلمين، كما قال تعالى: {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ
(1) في (ر): لأن.
(2)
في (م): كحرمة.
(3)
التوبة: 71.
(4)
من (م).
(5)
سقط من (م).
(6)
"الأم" 5/ 137.
(7)
في (ر): العرفة.
النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ} (1)(فرد عليه الدينار) لم يأخذ للدقيق عوضًا، وفيه دليل على جواز مقابلة أهل الذمة اليهود والنصارى والمعاهدين وغيرهم والأكل من طعامهم ومما باشروه بأيديهم (فأخذه علي) رضي الله عنه منه (2) وقبل هديته (3) بغير عوض.
(فقطع منه قيراطين) القيراط جزء من أجزاء الدينار، وهو نصف عشره في أكثر (4) البلاد، وأهل الشام يجعلونه جزءًا من أربعة وعشرين جزءًا، وكذلك يجعله الحساب؛ لأنه أول عدد له ثمن وربع ونصف وثلث (5) صحيحات [غير مكسرات] (6). قال بعض الحسَّاب: القيراط في لغة اليونان حبة خرنوب وهو نصف دانق، والدرهم عندهم اثنا عشر حبة، و [الياء في](7) القيراط [بدل من الراء، فإن أصله](8) قراط، مثل دينار أصله دنار، لكن أبدل من أحد الضعفين بالتخفيف، ويرد في الجمع إلى أصله، فيقال: قراريط ودنانير، وقد كثر استعماله في الحديث كما في تشييع الجنازة والصلاة عليها (9).
وفي الحديث دليل على جواز القطع من الدينار والدرهم وإن كانا
(1) المائدة: 82.
(2)
سقط من (م).
(3)
في (م): هبته.
(4)
في (م): كل.
(5)
في (م): ويكن.
(6)
في (م): من غير كسر.
(7)
في (ر): الباقي. والمثبت من (م).
(8)
في (ر): يدل على أن الراء فاضلة. والمثبت من (م).
(9)
رواه البخاري (47)، ومسلم (945) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
مصكوكين أو مضروبين، وجواز القطع محمول على أنه رضي الله عنه تملكه بعد التعريف ثم تصرف فيه بالقطع والبيع ونحوهما، وعلى أنهم كانوا يتعاملون في زمنه بالذهب المكسور كما يتعاملون بالصحيح، ولا ينقص قيمته لقطعه، أو أنه قطعه للضرورة، وقد ذم الله قوم شعيب وعابهم على قطع أطراف الدراهم والدنانير في قوله تعالى:{أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ} (1). ويحتمل أنه قطع منه قيراطين وترك باقيه ليقطع منه أيضًا إذا احتاج إلى شراء شيء منه وهلم جرًّا، [ويحتمل أن القيراطين كانا زائدين على الدينار المعتاد (فاشترى به) كذا الرواية، والمراد](2): فاشترى بالمقطوع من الدينار (لحما) وفيه فضيلة الصحابة رضي الله عنهم في كونهم كانوا خدام أنفسهم ليس لهم غلمان ولا خدام يشترون لهم.
[1716]
[(ثنا جعفر بن مسافر) الديلمي](3) مولاهم (التنيسي)(4) بكسر المثناة فوق والنون المشددة نسبة إلى مدينة بديار مصر، سميت بتنيس بن حام بن نوح، قال النسائي: صالح. وذكره ابن حبان في "الثقات"(5)(ثنا) محمد بن إسماعيل (ابن أبي فديك)[الديلي](6) مولاهم (ثنا موسى بن يعقوب) بن عبد الله بن وهب بن زمعة المطلبي (الزمعي) بفتح الزاي وسكون الميم ثم عين مهملة، نسبة إلى جده
(1) هود: 87.
(2)
سقط من (م).
(3)
و (4) بياض في (م).
(5)
"الثقات" 8/ 161، وانظر:"تهذيب الكمال" 5/ 110.
(6)
في (م): الديلمي. وفي (ر): الذهلي. والمثبت من مصادر ترجمته.
المذكور، كذا ضبطه السمعاني، وقال [هو وابن معين] (1): ثقة (2). مات بعد الأربعين (عن أبي حازم) سلمة بن دينار الأعرج.
(عن سهل بن سعد) بن مالك الأنصاري الساعدي، آخر من مات بالمدينة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، [قال له] (3) الزهري: ابن كم أنت (4) يوم المتلاعنين؟ قال: ابن خمسة عشر سنة.
(أخبره أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه دخل على) زوجته (فاطمة) وولداه (حسن وحسين) سبطا رسول الله صلى الله عليه وسلم وريحانتيه (5) وسيدا شباب الجنة وهما (يبكيان، فقال: ما يبكيهما؟ )(6) فيه ملاطفة الأولاد وسؤال والديهما عن سبب بكائهما وما يطرأ عليهما (قالت) يبكيان من (الجوع) وليس في البيت ما يقوتهما.
(فخرج علي فوجد دينارًا) مرميًّا (بالسوق) أي في السوق، فالباء بمعنى (في) كما قال تعالى:{وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ} (7)(فجاء) به (إلى فاطمة رضي الله عنها فأخبرها) بالتقاطه من السوق، وفيه جواز إعلام الرجل زوجته بما يطرأ في غيبته عنها استئناسًا وملاطفة، ويحصل به الاستشارة المندوب إليها (فقالت: اذهب) به (إلى فلان اليهودي فخذ
(1) سقط من (م).
(2)
"الأنساب" للسمعاني 3/ 182.
(3)
في (ر): قاله. والمثبت من (م).
(4)
زاد في (م): يومئذ يعني.
(5)
من (م).
(6)
في الأصول: يبكيكما. والمثبت من "السنن".
(7)
آل عمران: 123.
لنا) به (دقيقًا) من شعير. قال البيهقي: إنما أنفقه قبل التعريف لشدة حاجته إليه وحاجة أهله، ويحتمل أنه عرفه سنة فلم ينقله (1) الراوي، أو ما (2) كان شرع تعريف السنة، وتقدم أن الدينار من القليل الذي لا يعرف على وجه (فجاء) به إليه (3)(فاشترى به) منه دقيقًا، فيه جواز معاملة الكفار كما تقدم، وفيه أن أهم ما يشترى من السوق عند شدة الحاجة الدقيق ليصنع في البيت منه الخبز والأدم (4) وغيره (فقال اليهودي: أنت ختن) بفتحتين (هذا الذي يزعم أنه رسول الله) والختن عند العرب كل من كان من قبل الزوجة (5)[كالأب والأخ، وختن الرجل عند العامة زوج ابنته، والختنة أمها، والأختان من قبل المرأة والأحماء من قبل الرجل](6) والصهر يطلق عليهما، وخاتن الرجل الرجل (7) إذا تزوج منه، وسئل ابن جبير: أينظر الرجل إلى شعر ختنته، فقرأ:{وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ} الآية، فقال: أراها فيهن (8). أراد بالختنة أم الزوجة (فقال) علي رضي الله عنه (نعم، قال: فخذ دينارك ولك الدقيق) أي: هبة؛ فإن عليًّا رضي الله عنه ممن لا تحل له الصدقة؛ فإنه من صلبية بني هاشم، وهم منزهون عن أوساخ الناس، وسؤاله له (9) يدل على أنه أعطاه الدقيق
(1) في (م): يتعلمه.
(2)
من (م).
(3)
في (م): إلي.
(4)
في (م): الإدام.
(5)
في (م): المرأة.
(6)
و (7) من (م).
(8)
رواه ابن أبي شيبة في "المصنف"(17579).
(9)
سقط من (م).
إكرامًا له لكونه ختن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والفضل ما شهد (1) به الأعداء.
(فخرج) به (علي) رضي الله عنه يحمله (حتى جاء به) إلى (فاطمة رضي الله عنها فأخبرها) بأنه أعطاه الدقيق ولم يأخذ له ثمنًا، ولم يذكر في الحديث أن عليًّا ولا فاطمة دعيا لليهودي؛ عملًا بقوله صلى الله عليه وسلم:"من أحسن إليكم فكافئوه، فإن لم تقدروا فادعوا له"(2). فيحتمل أنهما تركا المكافأة والدعاء؛ لأن الحديث مخصوص بالمسلم دون الكافر، أو دعيا ولم ينقل (3) وهو بعيد، ولو جازياه أو دعيا له أو أثنيا عليه لنقل.
(قالت: اذهب إلى فلان الجزار) وهو الذي يذبح الجزور ويفرق أجزاءه، والجزور من الإبل خاصة يقع على الذكر والأنثى، وفيه دلالة على جواز وصف الرجل بحرفته التي يحترفها (4) وإن كانت من الحرف الدنية كالكناس والحجام (5) وغير ذلك (فخذ لنا بدرهم لحمًا) يشبه أن يكون اللحم لحم جمل؛ لأن الجزار مخصوص بذبح الإبل كما تقدم، و [يحتمل أن يكون من غيره، لكن](6) الأول أظهر وأقرب إلى المعنى، ولكونه أرخص، وهم محتاجون إلى [الكثير فاشترى منه، فذهب علي رضي الله عنه ورهن الدينار عند الجزار بدرهم لحم - في بعضها - لحمًا، فجاء به يحمله، وذكر الغزالي](7) هذا في باب أخلاق
(1) في (م): شهدت.
(2)
سلف برقم (1672)، ويأتي برقم (5109). ورواه النسائي 5/ 82، وأحمد 2/ 68، 95، 99 من حديث ابن عمر. وصححه الألباني في "صحيح أبي داود"(1469).
(3)
في (م): يتقبل.
(4)
في (ر): يحترف بها.
(5)
في (ر): الحمام.
(6)
من (م).
(7)
بياض في (ر).
المتواضعين ومجامع ما يظهر فيه أثر التواضح [ونقل أنه حمل اللحم في ملحفته، فقال له بعض](1) رعيته: يا أمير المؤمنين، [أحمله عنك؟ قال: لا] (2) أبو العيال أحق أن يحمل، وقيل:[أنه قال: لا ينقص الرجل من كماله ما يحمل](3) من شيء إلى عياله، وكان أبو عبيدة بن الجراح و [هو أمير](4) يحمل سطلًا له من [خشب إلى الحمام](5)، وعن الأصبغ [بن نباتة] (6): كأني أنظر إلى عمر رضي الله عنه معلقًا لحمًا في يده اليسرى، [وفي يده اليمنى المدرى يدور في الأسواق] (7) حتى دخل رحله (8). وفي "مسند أبي يعلى": أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذهب إلى السوق فاشترى سراويل (9)، وحمله إلى بيته، أو كما قال، وسيأتي له تتمة في عجن فاطمة وطبخها وخبزها.
(فعجنت) الدقيق أو بعضه (ونصبت)[القدر. أي](10) رفعتها للطبخ، والمنصب [بوزن موقد](11) من حديد ينصب (12) تحت القدر ليطبخ عليها
(1) بياض في (ر).
(2)
في (ر): قال. والمثبت من "إحياء علوم الدين".
(3)
بياض في (ر).
(4)
في (ر): هم أمين.
(5)
بياض في (ر).
(6)
سقط من (م).
(7)
بياض في (ر).
(8)
رواه ابن أبي الدنيا في "التواضع والخمول"(99).
(9)
"مسند أبي يعلى" 11/ 23 (6162) من حديث أبي هريرة. وهو أيضًا في "معجمه" 3/ 1082 (2275)، ورواه الطبراني في "الأوسط" 6/ 349 (6594)، والبيهقي في "شعب الإيمان" 5/ 172 (6244)، وفي "الأدب"(509). من طرق. وهو حديث ضعف إسناده الحافظ العراقي في "المغني" 2/ 1109 (4022)، والحافظ في "الفتح" 10/ 273، وقال الألباني في "الضعيفة" (89): موضوع.
(10)
و (11) بياض في (ر). والمثبت من (م).
(12)
من (م).
(وخبزت) العجين، وهذا من كمال حذق فاطمة أن عجنت أولًا قبل الطبخ ليخمر في حال اشتغالها بالطبخ، ثم خبزت بعد ذلك، فقد (1) اجتمع في هذا الحديث مفاخر عظيمة ومآثر جسيمة دالة على قدر الصحابة في كثرة تواضعهم نساءً ورجالًا وصبيانًا، وشدة خشونتهم في المعيشة، وكونهم خدمة أنفسهم، و [فيه دليل](2) على أن الزوجة الرفيعة إذا رضيت بخدمة زوجها دون خادم يخدمها لا تمتنع وإن كانت ممن يخدم مثلها، بل دونها، وأن هذا من كمال رفعة قدرها، رزقنا الله الاقتداء برجالهم، ونساءنا بنسائهم، وأولادنا بأولادهم.
(فأرسلت إلى أبيها فجاءهم) فيه أن المرأة إذا احتاجت إلى سؤال من أمر دينها وإن (3) كان والدها أو واحد من محارمها، أن (4) ترسل إليه لتسأله ولا تظهر من بيتها، ولا تكتفي بسؤال زوجها؛ فإن القادر على اليقين وهو سماعها من النبي (5) لا يعمل بالظن وهو خبر الواحد. (فقالت: يا رسول الله) ولم تقل: يا أبي. ونحوه؛ فإن تعظيم المسؤول من نعت (6) وغيره متعين (أذكر) بفتح الهمزة وضم الكاف (لك) ما عملناه ولم نأكل منه شيئًا (فإن رأيته لنا حلالًا أكلناه وأكلت) بفتح تاء الخطاب، وزاد بعضهم (7) في بعض النسخ:(معنا) منه، ثم شرعت
(1) بياض في (ر). والمثبت من (م).
(2)
من (م).
(3)
و (4) سقط من (م).
(5)
في (م): المفتي.
(6)
في (م): ثقب.
(7)
سقط من (م).
تذكر له قضيته فقالت: (من شأنه كذا و) من شأنه (كذا) حتى أكملت القصة، وهذا السؤال من ورع فاطمة واحتياطها لما تأكله ويأكله أولادها، ويحتمل أن يكون علي أمرها بالسؤال؛ لأنه محل ريبة؛ لكون اليهودي أعطاه هبة أو صدقة، وهما ممن لا تحل لهما الصدقة كما تقدم، فقد سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن لبن قدم إليه:"أصدقة أم هدية؟ "(1) كما رواه الطبراني، وقال:"نحن معشر الأنبياء أمرنا أن (2) لا نأكل إلا طيبًا ولا نعمل إلا صالحًا"(3). ويحتمل أن يكون السؤال لكون الدينار أخذ بغير إذن مالكه وتصرف فيه، أو بكونها لم تعرف سنة كما تقدم، وغير ذلك مما يسأل عنه المتورع، وقد اشتهر علي رضي الله عنه بكثرة الورع، حتى أنه كان يمتنع من أكل بيت المال حتى يبيع سيفه وعدة سلاحه التي يجاهد بها ولا يكون له إلا ثوب واحد في وقت الغسل لا يجد غيره.
(فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كلوا بسم الله) فيه حذف القول، والتقدير: كلوا قائلين في الابتداء بسم الله، وقد يستدل به من يقول بأن التسمية في الأكل واجبة؛ لكونه مأمورًا؛ لحديث:"سم الله، وكل بيمينك"(4). ولقول الله تعالى: {فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} (5) وغير ذلك، وقد حمله
(1) رواه البخاري (2576) من حديث أبي هريرة بنحوه.
(2)
من (م).
(3)
"المعجم الكبير" 25/ 174 (428)، ورواه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(3348).
(4)
رواه البخاري (5376)، ومسلم (2022)، وسيأتي برقم (3777).
(5)
الأنعام: 118.
الجمهور على الندب (فأكلوا) الثلاثة منه، ويجوز أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم أكل معهم تطييبًا لقلوبهم ولكنه لم ينقل صريحًا (فبينا هم كذلك) في بعض النسخ: فبينما (1) بزيادة الميم (مكانهم) أي: لم يقوموا من مكانهم و (إذا) للمفاجأة (غلام) حقيقته للصغير، ويطلق على الرجل مجازًا باسم ما كان عليه كما يقال للصغير شيخًا مجازًا باسم ما يؤول إليه و [قرينة الدفع](2) إليه تدل على أنه رجل [لأن الصغير](3) لا تدفع إليه اللقطة (ينشد) بفتح أوله وضم ثالثه كما تقدم (الله) بالنصب على حذف حرف الجر، يقال: نشدته الله وبالله (والإسلام) عطف عليه، يقال: نشدته الله والإسلام، ونشدته بالله وبالإسلام، أي: ذكرته بالله وبدين الإسلام كما قال الله تعالى: {وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ} (4)، وقدره بعضهم: سألتك بالله مقسمًا عليك به (الدينار) منصوب بـ (ينشد).
(فأمر رسول الله) شخصًا أن يدعوه (فدعي له، فسأله) عن الدينار (فقال: سقط مني في السوق) وقت كذا (فقال له (5) النبي- صلى الله عليه وسلم: يا علي اذهب إلى الجزار) الذي رهنت الدينار عنده على درهم (فقل له (6): إن رسول الله يقول لك: أرسل) بفتح الهمزة [(إلي بالدينار) المرهون (و](7) درهمك) الذي لك في ذمة علي ضمانه (علي) وفيه أنه يصح
(1) زاد في (م): هم هو.
(2)
في (ر): قريبه الرفع. والمثبت من (م).
(3)
من (م).
(4)
النساء: 1.
(5)
و (6) سقط من (م).
(7)
بياض في (ر).
ضمان العين [الذي عليه رهن سواء كان الضامن متبرعًا](1) أو بإذن الذي عليه الدين.
(فأرسل به إلى النبي صلى الله عليه وسلم)[باختياره، إما لأن الرهن تبين فساده](2)؛ لأنه ظهر [مستحقًا للغير](3) أو الرهن (4) صحيح؛ لأن عليًّا تملكه [عن رهنه ولكن تولى المرتهن عنه](5) باختياره ورضي بذمة الضامن (6) وفيه أن اللقطة ما دامت باقية [يجب ردها إلى مالكها إذا ظهر](7) كما تقدم [فدفعه رسول الله صلى الله عليه وسلم له] بغير بينة؛ لأنه غلب (8) على ظنه صدقه، فجاز الدفع إليه و [لم يجب إلا](9) مع قيام البينة.
[1717]
(ثنا سليمان بن عبد الرحمن) بن عيسى (الدمشقي)[بكسر الدال وفتح الميم](10) أخرج له الجماعة غير مسلم (ثنا محمد بن شعيب) بن سابور الدمشقي، وثقه دحيم (11) وغيره (12)(عن المغيرة بن زياد) البجلي الموصلي (13) وثقه ابن معين وجماعة (14).
(عن أبي الزبير (15) محمد بن مسلم (المكي أنه حدثه (16) عن جابر بن عبد الله قال: رخص لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في العصا والسوط) الذي يضرب (17)
(1) و (2) و (3) و (4) و (5) و (6) و (7) و (8) و (9) بياض في (ر).
(10)
من (م). وفيها: وضم الميم. وما أثبتناه من "الأنساب" للسمعاني 5/ 373.
(11)
في (ر) وخيم.
(12)
"تهذيب الكمال" 25/ 372.
(13)
في (ر) كم صلى.
(14)
"تهذيب الكمال" 28/ 361.
(15)
في (ر): نفير.
(16)
و (17) بياض في (ر).
به والحبل (1)(وأشباهه) يعني: من الدرهم (2)، وكل لقطة يسيرة كما سيأتي (يلتقطه الرجل) أو [المرأة، وإنما خص](3) الرجل بالذكر؛ لأنه الغالب (ينتفع به) ملتقطه يعني بعد تعريف ثلاثة أيام؛ لما رواه [الإمام أحمد والطبراني](4) والبيهقي والجوزجاني واللفظ لأحمد من حديث (5) يعلى ابن مرة مرفوعًا: "من التقط لقطة يسيرة حبلًا أو درهمًا أو شبه (6) ذلك فليعرفها ثلاثة أيام"(7)[وهو ظاهر في جواز الانتفاع بما يوجد في الطرقات من المحقرات مدة ولا يحتاج إلى تعريف، والظاهر أنها لقطة رخص في ترك تعريفها لقلتها، فهي كالثمرة](8) فإن كان فوق ذلك فليعرفه ستة أيام، زاد الطبراني:"فإن جاء صاحبها وإلا فليتصدق بها"(9)، وإن كان في سنده عمر بن عبد الله بن يعلى فقد أخرج له ابن خزيمة متابعة (10)، وروى عنه جماعات كثيرة، وتعريف اليسير بثلاثة أيام وإن كان وجهًا ضعيفًا لأصحابنا فينبغي أن يكون معمولًا به؛ لأن رجال إسناده ثقات، وليس فيه
(1) من (م).
(2)
في (م): الدراهم.
(3)
و (4) بياض في (ر).
(5)
في (م): رواية.
(6)
في (ر): نحو.
(7)
"مسند أحمد" 4/ 173، "المعجم الكبير" 22/ 273 (700)، "السنن الكبرى" 6/ 195.
(8)
سقط من (م).
(9)
"المعجم الكبير" 22/ 273 (700).
(10)
"صحيح ابن خزيمة"(2675)، وانظر:"التلخيص الحبير" 3/ 162.
معارضة للأحاديث الصحيحة بتعريف سنة؛ لأن تعريف سنة هو الأصل المحكوم به عزيمة، وتعريف الثلاث رخصة تيسيرًا للملتقط؛ [لأن الملتقط](1) اليسير يشق عليه التعريف السنة مشقة عظيمة، بحيث يؤدي إلى أن أحدًا لا يلتقط اليسير، والرخصة لا تعارض العزيمة، بل لا تكون إلا مع بقاء حكم الأصل كما هو مقرر في الأصول، ويؤيد تعريف الثلاث ما رواه عبد الرزاق عن أبي سعيد أن عليًّا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم بدينار وجده في السوق، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"عرفه ثلاثًا" ففعل، فلم يجد (2) أحدًا يعرفه فقال:"كله"(3).
(قال المصنف: ورواه النعمان بن عبد السلام) التيمي الأصبهاني، قال أبو حاتم: محله الصدق (4).
(عن المغيرة) هو ابن مسلم (5)(أبي سلمة) السراج (بإسناده) المعروف (ورواه) أيضًا (شبابة) بن سوار المدائني.
(عن مغيرة) هو ابن مسلم أبو سلمة السراج صدوق (6).
(عن أبي الزبير) محمد بن مسلم (عن جابر) بن عبد الله، ولم يذكر النبي (قال: كانوا) يعني الصحابة رضي الله عنهم (لم يذكروا النبي صلى الله عليه وسلم) فيه.
(1) ساقطة من (م).
(2)
في (ر): أجد. والمثبت من (م).
(3)
"مصنف عبد الرزاق" 10/ 142 (18637).
(4)
"الجرح والتعديل" 8/ 449.
(5)
في الموضعين في (ر): مسلمة.
(6)
"الجرح والتعديل" 8/ 229.
[1718]
(ثنا مخلد بن خالد) السعدي (1) بفتح المعجمة، العسقلاني، شيخ مسلم.
(ثنا عبد الرزاق، أنا معمر، عن عمرو بن مسلم) الجندي بفتح الجيم والنون اليماني قواه ابن معين (عن عكرمة) قال (أحسبه عن أبي هريرة) فلم يجزم بسماعه من أبي هريرة، فهو مرسل، قاله المنذري (2).
(أن النبي قال: في ضالة الإبل المكتومة) أي: التي يكتمها آخذها ويخفيها عن صاحبها وينكرها (3)(غرامتها) أي: قيمتها إذا عدمت (ومثلها معها) هذا كما تقدم في رواية ابن ماجه عن عمرو بن شعيب في الشاة الحريسة "ثمنها ومثله معه"(4)، وكذا حريسة الجبل وفي "المغني": قال أصحابنا يعني الحنابلة: في الماشية تسرق من المرعى من غير أن تكون محرزة مثلا قيمتها، وذهب أبو بكر (5) إلى إيجاب غرامة المسروق من غير حرز بمثليه (6) قياسًا على حريسة الجبل (7). وعند الشافعية (8) والجمهور: أن الأصل غرامة المثل بمثله، والمتقوم بقيمته، بدليل المتلف والمغصوب والمنتهب والمختلس وسائر ما
(1) من (م).
(2)
"مختصر سنن أبي داود" 2/ 273.
(3)
في (م): ينكر أخذها.
(4)
"سنن ابن ماجه"(2596).
(5)
زاد في (ر): رضي الله عنه. وأبو بكر إنما هو الأثرم.
(6)
في (م): بمثله.
(7)
"المغني" 12/ 439.
(8)
في (م): الشافعي.
يجب غرامته، وحملوا هذا الحديث على أنه على سبيل الزجر والردع لكاتم الضالة لينتهي عن مثل هذا الفعل، وقيل: كان في صدر الإسلام حين كانت العقوبة بالأموال ثم نسخ.
[1719]
(ثنا يزيد بن خالد بن موهب) بفتح الميم والهاء الرملي الثقة الزاهد (1)(وأحمد بن صالح) الطبري المصري شيخ البخاري.
(قالا: ثنا) عبد الله (بن وهب، أخبرني عمرو) بن الحارث بن يعقوب الأنصاري المصري.
(عن بكير) بن عبد الله بن الأشج.
(عن يحيى بن عبد الرحمن ابن حاطب) بالحاء والطاء المهملتين ابن أبي بلتعة المدني (2) اللخمي، أخرج له مسلم.
(عن عبد الرحمن بن عثمان) بن عبيد الله (التيمي) ابن أخي طلحة من مسلمة الفتح، شهد اليرموك، قتل مع ابن الزبير بمكة (أن رسول الله نهى عن لقطة الحاج) وفي معناه المعتمر، وفيه دليل على الصحيح من مذهب الشافعي وهو قول أبي عبيد ورواية عن أحمد: أنه لا يصح لقطة (3) الحرم للتملك، وإنما يجوز لحفظها لصاحبها أبدًا، والثاني: أنه يصح، وبه قال الأئمة الثلاثة (4). وحملوا الحديث على أن المراد به تأكيد التعريف بها لئلا يظن الاكتفاء بتعريفها في الموسم (5)، وقال الفوراني إنه الأقيس.
(1)"الكاشف" للذهبي 3/ 276.
(2)
في (ر): الدين. والمثبت من (م).
(3)
سقط من (م).
(4)
"المغني" 8/ 305 - 306.
(5)
في (ر): الموسر.
(قال أحمد) بن صالح شيخ المصنف.
(قال) عبد الله (بن وهب يعني في لقطة الحاج أن يتركها حتى يجدها (1) صاحبها) فإن التقطها أحد عرفها حتى يأتيها صاحبها أبدًا، ولا يختص التعريف بسنة (2) ولا غيرها، بل على الدوام وإلا فلا فائدة في التخصيص، وقد أخرج (3) النبي صلى الله عليه وسلم لتفضيل (4) الحرم على سائر البلاد، والمعنى أنها مثابة للناس يرجعون إليها في كل سنة، فكأنه جعل الواقع فيها محفوظًا عليه لحرمتها كما [تغلظ الدية فيها](5)، ويدخل في قوله "لقطة الحاج" لقطة المسجد، وحرم مكة وكذا لقطة عرفة، ومحل (6) إبراهيم، لكن الأصح فيهما (7) أنها ليست كالحرم؛ لأن ذلك من خصائصه وليست المدينة كذا أيضًا.
(قال ابن وهب) في روايته (عن عمرو) بن الحارث.
[1720]
(ثنا عمرو بن عون) الواسطي شيخ البخاري (أنا خالد) بن عبد الله بن عبد الرحمن الواسطي.
(عن أبي حيان) بالمهملة والمثناة تحت، اسمه يحيى بن سعيد (التيمي، عن المنذر بن جرير)[بن عبد الله](8) البجلي، أخرج له مسلم
(1) في (ر): يجد.
(2)
في (ر): سنة.
(3)
في (ر): أفرح.
(4)
في (ر): ليفضل.
(5)
في (م): فعل بالمدينة.
(6)
في (م): مصلى.
(7)
في (م): فيها.
(8)
سقط من (م).
في الزكاة والعلم.
(قال: كنت مع أبي جرير) بن عبد الله البجلي (1)(بالبوازيج) بفتح الباء الموحدة أوله (2) والواو وبالزاي المعجمة بعدها ياء وجيم، كذا ضبطه البكري في "معجم البلدان" ثم قال: كذا اتفقت الروايات فيه عند أبي داود البوازيج بالباء، قال: ولا أعلم هذا الاسم ورد إلا في هذا الحديث، قال: وصوابه عندي الموازج بالميم فهو المحفوظ، والموازج من ديار هذيل وهي متصلة بنواحي مكة (3)، وهناك كان تبدي جرير والله أعلم، إذ راحت عليه بقرة.
قال: ويؤيد هذا أن الاسم عربي، وليس في الكلام بزج (4).
قال ابن السمعاني: بوازيج بالباء الموحدة وبعد الألف زاي بلدة قديمة فوق بغداد خرج منها جماعة من العلماء قديمًا وحديثًا، منهم منصور بن الحسن البجلي، تفقه على الشيخ أبي إسحاق الشيرازي (5).
وقال المنذري: بوازيج الأنبار فتحها جرير بن عبد الله، وبها قوم من مواليه وليست بوازيج الملك التي بين تكريت وأربل (6).
(فجاء الراعي بالبقر وفيها بقرة ليست منها) أي من بقره (فقال له
(1) من (م).
(2)
من (م).
(3)
سقط من (م).
(4)
"معجم ما استعجم" 1/ 282.
(5)
"الأنساب" للسمعاني 1/ 406.
(6)
ورد ذلك بحاشية "مختصر سنن أبي داود" 2/ 273.
جرير: ما هذِه) البقرة؟ (قال: لحقت بالبقر، [لا ندري] (1) لمن هي، فقال جرير: أخرجوها) وفي بعضها: أخرجوه (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا يأوي)[رواية: يؤوي، وهو الناعرة](2)(الضالة) من الحيوانات (إلا ضال) أي غير مهتدٍ إلى الحق، والمراد بالضالة ما يحمي نفسه من الإبل والبقر، ويقدر على الإبعاد في طلب المرعى والماء بخلاف الغنم، فالحيوان الممتنع من صغار السباع وورود الماء لا يجوز التقاطه سواء كان لكبر خلقه (3) كالإبل والخيل والبقر، أو بطيرانه كالطيور المملوكة (4)، أو بنابه كالفهود، ولا يجوز لغير الإمام ونائبه أخذها ليحفظها على صاحبها، فإن أخذها لزمه ضمانها، وأما الإمام أو نائبه فله أخذها لأن عمر حمى موضعًا لخيل المجاهدين والضوال، ولأن للإمام نظرًا في حفظ مال الغائب من الهلاك ولا يلزمه تعريفها؛ لأن عمر لم يكن يعرف الضوال، فإن أخذ الحيوان من لا يجوز له أخذه ضمنه؛ لأنه أخذ ملك غيره بغير إذنه ولا إذن الشارع، فكان كالغاصب وإن رده إلى مكانه لم يبرأ من الضمان، وقال مالك: يبرأ؛ لأن عمر قال: أرسله في الموضع الذي أصبته فيه (5). ولأن جرير طرد البقرة التي لحقت ببقره، والله أعلم بالصواب.
(1) في (م): ولا أدري.
(2)
سقط من (م).
(3)
في (م): حبه.
(4)
في (ر): المملوك.
(5)
"المدونة" 4/ 458.
[وبه تم كتاب اللقطة
ويتلوه كتاب المناسك إن شاء الله تعالى
وحسبنا الله ونعم الوكيل ونعم المولى ونعم النصير
وصلى الله على سيدنا محمد الأمين وآله الطيبين الطاهرين] (1)
(1) من (م).