الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
4 - باب التَّزَوُّدِ في الحَجِّ
1730 -
حَدَّثَنا أَحْمَدُ بْنُ الفُراتِ - يَعْني: أَبا مَسْعُودٍ الرّازي - وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ المُخَرِّمي - وهذا لَفْظُهُ - قالا: حَدَّثَنا شَبابَةُ، عَنْ وَرْقاءَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينارٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابن عَبَّاسٍ قَالَ: كَانُوا يَحُجُّونَ وَلا يَتَزَوَّدُونَ، قَالَ أَبُو مَسْعُودٍ: كَانَ أَهْلُ اليَمَنِ أَوْ ناسٌ مِنْ أَهْلِ اليَمَنِ يَحُجُّونَ وَلا يَتَزَوَّدُونَ، وَيَقُولُونَ: نَحْنُ المُتَوَكِّلُونَ، فَأَنْزَلَ اللهُ سُبْحانَهُ:{وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} (1) الآيَةَ (2).
* * *
باب [التزود للحج](3)
[1730]
([ثنا أحمد بن الفرات) أبو مسعود الرازي (و] (4) محمد بن عبد الله المخرمي) بضم الميم وفتح الخاء المعجمة وتشديد الراء [(وهذا لفظه قالا: ثنا شبابة، عن ورقاء، عن عمرو بن دينار، عن عكرمة](5) عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كانوا) أي كان أهل اليمن كما في البخاري وكما سيأتي (يحجون ولا يتزودون) زاد ابن أبي حاتم من وجه آخر عن ابن عباس: يقولون: نحج بيت الله، أفلا يطعمنا؟ (قال أبو مسعود) أحمد بن الفرات في روايته (كان أهل اليمن أو) كان (ناس من أهل اليمن يحجون ولا يتزودون) أي: يحجون بغير زاد يستصحبونه
(1) البقرة: 197.
(2)
رواه البخاري (1523).
(3)
في (م): التجارة في الحج.
(4)
ليس في (م).
(5)
ليس في (م).
معهم فيتوصلون إلى الحج بما يطعمهم (1) الناس، وربما سألوا وألحفوا في السؤال، وروي عن ابن عمر قال: كانوا إذا أحرموا ومعهم زاد رموا به واستأنفوا زادًا آخر (2)(ويقولون: نحن المتوكلون) على الله فنهوا عن ذلك وأمروا في قوله (فأنزل الله {وَتَزَوَّدُوا}) بالتحفظ في سفرهم بأخذ الزاد معهم، فعلى هذا يكون أمروا (3) بالتزود في الأسفار الدنيوية سواء كانت واجبة أو مستحبة أو مباحة، ولكن الذي يدل عليه سياق ما قبل هذا الأمر وما بعده أن يكون الأمر بالتزود للأسفار الأخروية، وهو القدوم على الله أمر بالإكثار من الأعمال الصالحة التي تكون له كالزاد إلى سفره إلى الآخرة، ألا ترى أن قبله {وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ} (4) ومعناه: الحث والتحريض على فعل الخير الذي يترتب عليه الجزاء في الآخرة وبعد ({فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى}) والتقوى في الشرع: عبارة عما يتقى به النار، وعلى هذا يكون مفعول تزودوا (5) محذوفًا تقديره: وتزودوا التقوى، أي من التقوى، ولما حذف المفعول أتى بخبر "إن" ظاهرًا ليدل على أن المحذوف هو هذا الظاهر، ولو لم يحذف لأتى به مضمرًا عائدًا إلى المفعول، وكأن يأتي ظاهرًا تفخيمًا للتقوى وتعظيمًا لشأنها، وقد قال بعضهم في التزود للآخرة:
(1) في (م): أطعمهم.
(2)
"تفسير الطبري" 4/ 156.
(3)
في (م): أمرا.
(4)
البقرة: 197.
(5)
زاد بعدها في (م): يكون.
إذا أنت لم ترحل بزادٍ من التقى
…
ولاقيت بعد الموت من قد تزودا
ندمت على أن لا تكون كمثله
…
وأنك لم ترصد كما كان أرصدا (1)
فعلى القول الأول الزاد ما ينتفعون به ويكفون وجوههم عن السؤال وأنفسهم عن الظلم، قال المفسرون: التقوى ها هنا الكعك والزيت والسويق والتمر والزبيب وما شاكله من المطعومات (2)، وقيل: المعنى: تزودوا الرفيق الصالح.
قال الرازي: احتمل قوله: {وَتَزَوَّدُوا} زاد الطعام وزاد التقوى (3). فوجب الحمل عليهما إذا (4) لم يقم دلالة على تخصيص أحد الأمرين، قال الرازي: وهذا يدل على بطلان مذهب أهل التصوف الذين يسافرون بغير زاد، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم حين سئل عن الاستطاعة فقال:"هي الزاد والراحلة"(5) انتهى، ورد عليه بأن الكاملين في باب التوكل لا يطعن عليهم إن سافروا بغير زاد؛ لأنه صح: "لو توكلتم على الله حق توكله
(1) البيتان من الطويل، وهما للأعشى ميمون بن قيس من قصيدة يمدح بها النبي صلى الله عليه وسلم. انظر:"المعرفة والتاريخ" 3/ 202، "معجم الشعراء" 1/ 401، "تاريخ دمشق" 61/ 333.
(2)
من (م).
(3)
انظر: "تفسير الطبري" 4/ 157.
(4)
في (م): إذ.
(5)
"تفسير الفخر الرازي" 5/ 315. ورواه البيهقي في "السنن الصغرى" 1/ 443 (1486).
لرزقكم كما يرزق الطير؛ تغدو خماصًا وتروح شباعًا" (1). وقال تعالى: {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} (2)، {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ} (3)، وقد طوي بعضهم الأيام الكثيرة بلا أكل، وصح من حديث أبي ذر اكتفاؤه بماء زمزم شهرًا (4)(الآية) إلى آخرها.
(1) رواه الترمذي (2344) وابن ماجه (4164)، وأحمد 1/ 30 من حديث عمر بلفظ:"وتروح بطانا" وقال الترمذي: حسن صحيح.
(2)
الطلاق: 3.
(3)
الطلاق: 2.
(4)
رواه مسلم (2473).