الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
9 - باب في المَواقِيتِ
1737 -
حَدَّثَنا القَعْنَبيُّ، عَنْ مالِكٍ، ح وَحَدَّثَنا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنا مالِكٌ، عَنْ نافِعٍ، عَنِ ابن عُمَرَ قَالَ: وَقَّتَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لأَهْلِ المَدِينَةِ ذا الحُلَيْفَةِ، وَلأَهْلِ الشّامِ الجُحْفَةَ، وَلأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنًا، وَبَلَغَني أَنَّهُ وَقَّتَ لأَهْلِ اليَمَنِ يَلَمْلَمَ (1).
1738 -
حَدَّثَنا سُلَيْمانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنا حَمّادٌ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينارٍ، عَنْ طاوُسٍ، عَنِ ابن عَبَّاسٍ، وَعَنِ ابن طاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ قالا: وَقَّتَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم -بِمَعْناهُ قَالَ أَحَدُهُما: وَلأَهْلِ اليَمَنِ يَلَمْلَمَ. وقَالَ أَحَدُهُما: أَلَمْلَمَ قَالَ: "فَهُنَّ لَهُمْ وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيرِ أَهْلِهِنَّ مِمَّنْ كَانَ يُرِيدُ الحَجَّ والعُمْرَةَ وَمَنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ قَالَ ابن طاوُسٍ: مِنْ حَيْثُ أَنْشَأَ، قَالَ: وَكَذَلِكَ حَتَّى أَهْلُ مَكَّةَ يُهِلُّونَ مِنْها"(2).
1739 -
حَدَّثَنا هِشامُ بْنُ بَهْرامَ المَدائِنيُّ، حَدَّثَنا المُعافَى بْنُ عِمْرانَ، عَنْ أَفْلَحَ - يَعْني: ابن حُمَيْدٍ - عَنِ القاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَقَّتَ لأَهْلِ العِراقِ ذاتَ عِرْقٍ (3).
1740 -
حَدَّثَنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنا وَكِيعٌ، حَدَّثَنا سُفْيانُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبي زِيادٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلي بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ ابن عَبَّاسٍ قَالَ: وَقَّتَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لأَهْلِ المَشْرِقِ العَقِيقَ (4).
(1) رواه البخاري (1525)، ومسلم (1182).
(2)
رواه البخاري (1526)، ومسلم (1181).
(3)
رواه النسائي 5/ 123، وأبو يعلى 1/ 106 (103)، والطحاوي في "شرح المعاني" 2/ 118 (3525). وصححه الألباني في "الإرواء"(999).
ورواه مسلم (1183) عن جابر مرفوعا. وقد روى البخاري (1531) عن ابن عمر أن الذي وقت ذات عرق إنما هو عمر بن الخطاب.
(4)
رواه الترمذي (832)، وأحمد 1/ 344.
وقال الألباني في "الإرواء"(1002): منكر.
1741 -
حَدَّثَنا أَحْمَدُ بْنُ صالِحٍ، حَدَّثَنا ابنِ أَبي فُدَيْكٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يُحَنَّسَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبي سُفْيانَ الأَخْنَسي، عَنْ جَدَّتِهِ حُكَيْمَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبي صلى الله عليه وسلم أَنَّها سَمِعَتْ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:"مَنْ أَهَلَّ بِحَجَةٍ أَوْ عُمْرَةٍ مِنَ المَسْجِدِ الأَقْصَى إِلَى المَسْجِدِ الحَرامِ غُفِرَ لَهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَما تَأَخَّرَ". أَوْ: "وَجَبَتْ لَهُ الجَنَّةُ". شَكَّ عَبْدُ اللهِ أيَّتَهُما قَالَ.
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: يَرْحَمُ اللهُ وَكِيعًا أَحْرَمَ مِنْ بَيْتِ المَقْدِسِ، يَعْني إِلَى مَكَّةَ (1).
1742 -
حَدَّثَنا أَبُو مَعْمَرٍ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ أَبي الحَجّاجِ، حَدَّثَنا عَبْدُ الوارِثِ، حَدَّثَنا عُتْبَةُ بْنُ عَبْدِ المَلِكِ السَّهْمي، حَدَّثَني زُرارَةُ بْنُ كُرَيْمٍ أَنَّ الحارِثَ بْنَ عَمْرٍو السَّهْمي حَدَّثَهُ قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ بِمِنًى أَوْ بِعَرَفاتٍ وَقَدْ أَطافَ بِهِ النّاسُ قَالَ: فَتجيءُ الأَعْرابُ فَإِذا رَأَوْا وَجْهَهُ قَالُوا: هذا وَجْهٌ مُبارَكٌ. قَالَ: وَوَقَّتَ ذاتَ عِرْقٍ لأَهْلِ العِراق (2).
* * *
باب المواقيت
المواقيت جمع ميقات كمواعيد وميعاد.
[1737]
([حدثنا القعنبي، عن مالك، (ح) حدثنا أحمد بن يونس، حدثنا مالك، عن نافع] (3) عن ابن عمر: وقَّت رسول الله صلى الله عليه وسلم) أي: حدد، وأصل التوقيت أن يجعل للشيء وقتًا يختص به، ثم اتسع فيه فأطلق على المكان وعلى مقدار المدة، ويقال فيه: تأقيت وتوقيت
(1) رواه ابن ماجه (3001)، وأحمد 6/ 299
وضعفه الألباني في "ضعيف أبي داود"(307).
(2)
رواه النسائي 7/ 168، وأحمد 3/ 485، والبخاري في "الأدب المفرد"(1148).
(3)
من مطبوع "السنن".
كتأكيد وتوكيد (لأهل المدينة) أي: مدينته عليه السلام (ذا الحليفة) بالمهملة والفاء مصغر مكان معروف بينه وبين مكة مائتا ميل غير ميلين، قاله ابن حزم (1).
وقال النووي: ستة أميال (2). وابن الصباغ: ميل، ووهم، وبها مسجد يعرف بمسجد الشجرة خراب، وبها بئر علي رضي الله عنه (3).
(ولأهل الشام) أي: ومصر والمغرب (الجحفة) بضم الجيم وسكون المهملة، وهي قرية بينها وبين مكة خمس مراحل أو ست (4)، وقول النووي في "شرح المهذب": ثلاث مراحل (5). فيه نظر، وخصت بالحمى فلا ينزلها أحدٌ إلا حم كما في الحديث (6)، وفي حديث ابن عمر أنها مهيعة (7) بوزن علقمة وقيل: بوزن لطيفة؛ سميت بالجحفة لأن السيل أجحف بها، قال ابن الكلبي: كان العماليق يسكنون يثرب فوقع بينهم وبين بني عبيد (8) بفتح المهملة وتشديد (9) الموحدة وهم إخوة عاد حرب وأخرجوهم من يثرب فنزلوا مهيعة فجاء سيل فأجحفهم، أي: استأصلهم فسميت الجحفة، [والمكان الذي يحرم
(1)"المحلى" 7/ 147، وانظر:"فتح الباري" 3/ 450.
(2)
روى البخاري (1889)، ومسلم (1376) من حديث عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا أن تنقل حمي المدينة إلى الجحفة.
(3)
"المجموع" 7/ 195.
(4)
"فتح الباري" 3/ 450.
(5)
في (ر): أو ستة.
(6)
"المجموع" 7/ 195.
(7)
صحيح البخاري" (1528)، "صحيح مسلم" (1182).
(8)
في (م): عقيل، وفي "فتح الباري": عبيل.
(9)
في (م) و"فتح الباري": وكسر.
منه الآن رابغ بوزن فاعل براء موحدة وغين معجمة، قربت من الجحفة (1)] (2)(ولأهل نجد) وهو المكان المرتفع وهو اسم لعشرة مواضع، والمراد منها هنا التي أعلاها تهامة واليمن، وأسفلها الشام والعراق، المنازل بلفظ جمع المنزل وهذا الاسم المركب الإضافي اسم المكان. وحكى القاضي عياض أن قرنا من قاله بإسكان الراء أراد الجبل، ومن قاله بالفتح أراد الطريق والجبل المذكور بينه وبين مكة (3) من جهة الشرق مرحلتان.
وحكى الروياني أن المكان الذي يقال له: قرن موضعان أحدهما في هبوط وهو الذي يقال له: قرن المنازل، والآخر في صعود وهو الذي يقال له قرن الثعالب والمعروف الأول (4).
وفي "أخبار مكة" للفاكهي أن قرن الثعالب جبل مشرف على أسفل منًى بينه وبين مسجد منى ألف وخمسمائة ذراع، وقيل له: قرن الثعالب؛ لكثرة ما كان يأوي إليه الثعالب (5). فظهر أن قرن الثعالب ليس من المواقيت، وفي حديث عائشة في إتيان النبي صلى الله عليه وسلم الطائف: فلم أستفق (6) إلا وأنا بقرن الثعالب (7).
(1)"فتح الباري" 3/ 450 - 451.
(2)
من (م).
(3)
"إكمال المعلم" 4/ 170.
(4)
"فتح الباري" 3/ 451.
(5)
"أخبار مكة" 4/ 282.
(6)
في (م): أشهق.
(7)
"صحيح البخاري"(3231)، "صحيح مسلم"(1795).
ووقع في مرسل عطاء عند الشافعي (1): ولأهل نجد قرن، ولمن سلك نجدًا وغيرهم من أهل اليمن قرن المنازل، ولأهل اليمن إذا قصدوا مكة طريقان: أحدهما طريق أهل الجبال وهم يصلون إلى قرن ويحاذونه وهو ميقاتهم كما هو لأهل المشرق والأخرى طريق تهامة فيمرون بيلملم أو يحاذونه وهو ميقاتهم (2).
(وبلغني أنه وقت لأهل اليمن يلملم) بفتح المثناة واللام وسكون الميم بعدها لام مفتوحة ثم ميم وهو مكان على مرحلتين من مكة بينهما ثلاثون ميلًا، ويقال له: ألملم بالهمزة مكان الياء وهو الأصل، وحكى ابن السيد فيه: يرمرم براءين بدل اللامين (3).
تنبيه: أبعد المواقيت من مكة ذو الحليفة ميقات أهل المدينة، قيل: الحكمة في ذلك أن تعظم أجور أهل المدينة ورفقًا بأهل الآفاق؛ لأن أهل المدينة أقرب الآفاق إلى مكة، ممن له ميقات معين (4).
[1738]
(حدثنا سليمان بن حرب) قال (ثنا حماد، عن عمرو بن دينار، عن طاوس، عن ابن عباس، وعن) عبد الله (بن طاوس، عن أبيه) طاوس بن كيسان اليماني قيل: اسمه ذكوان فلقب به؛ لأنه كان طاوس القراء وهو تابعي.
(قالا: وقت رسول الله صلى الله عليه وسلم بمعناه) أي: بمعنى حديث ابن عمر (قال
(1)"مسند الشافعي" 1/ 114.
(2)
"الأم" 2/ 198، مختصرًا.
(3)
"مشكلات الموطأ" لابن السيد ص 133.
(4)
"فتح الباري" 3/ 386.
أحدهما: لأهل اليمن يلملم) بالياء (وقال أحدهما: ألملم) بالهمزة مكان الياء كما تقدم، ثم اتفقا فيما بعد (فهن) أي: المواقيت المذكورة (لهن) أي: للجماعات المذكورة، والأصل في هذا الضمير أن يكون لما يعقل، وقد استعمل هنا فيما لا يعقل، لكن فيما دون العشرة [وقوله: لهن فيه حذف، والمراد أهلها فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه] (1).
(ولمن أتى) أي: مر (عليهن) أي على المواقيت (من غير أهلهن) أي: من غير أهل البلاد المذكورة، ومعناه: أن الشامي مثلًا إذا مر بميقات أهل المدينة في ذهابه لزمه (2) أن يحرم من ميقات أهل المدينة ولا يجوز له تأخيره إلى ميقات أهل الشام الذي هو الجحفة، وكذا الباقي من المواقيت، وهذا مما لا خلاف فيه، قاله (3) النووي (4). ولعله أراد مذهب الشافعي (5) وإلا فالمعروف عند المالكية أن الشامي مثلًا إذا جاوز حد ذي الحليفة يعبر (6) إلى ميقاته الأصلي وهو الجحفة جاز له ذلك وإن كان الأفضل خلافه (7) وبه قال الحنفية (8) وأبو ثور وابن المنذر من الشافعية، فإن أخر الساعي أساء ولزمه دم عند الجمهور.
(ممن كان يريد الحج والعمرة) فيه دلالة على جواز دخول مكة بغير
(1) سقطت من (م).
(2)
في (ر): لمكة.
(3)
في (ر): قال.
(4)
"شرح النووي" 8/ 83.
(5)
"الأم" 2/ 202.
(6)
في (م): بغير إحرام.
(7)
"المدونة" 1/ 405.
(8)
انظر: "المبسوط" 4/ 192، و"اللباب في شرح الكتاب" 1/ 91.
إحرام، وهو الصحيح.
(وما كان) رواية البخاري: فمن كان (دون ذلك) أي بين الميقات ومكة (قال) عبد الله (ابن طاوس) فميقاته (من حيث أنشأ) السفر (1) إذا كان السفر من مكانه إلى مكة، فإن أحرم من مكانه الذي بين مكة والميقات فميقاته مسكنه قرية كان أو غيرها، ولا يلزمه الرجوع إلى الميقات، فإن جاوز مسكنه غير محرم لم يجز له هذا مذهبنا ومذهب الجمهور كافة إلا مجاهد فقال: ميقاته مكة بنفسها (2). واستدل به ابن حزم على أن من ليس له ميقات فميقاته حيث شاء (3) ولا دلالة فيه؛ لأنه يختص بمن كان دون الميقات إلى جهة مكة (4) كما تقدم (5).
(قال: وكذلك) الحكم (حتى أهل) يجوز فيه الرفع والجر (مكة يهلون) بضم الياء (منها) أي: من مكة، ولا يحتاجون إلى الخروج إلى الميقات للإحرام (6) منه، وهذا خاص بالحاج، واختلف في أفضل (7) الأماكن التي يحرم منها كما سيأتي، وأما المعتمر فيجب عليه أن يخرج إلى أدنى الحل كما سيأتي، وأما القارن فالجمهور أن حكمه حكم الحاج في الإهلال من مكة، وقوله: يهلون هو خبرٌ
(1) في (م): الإحرام.
(2)
"شرح النووي" 8/ 84.
(3)
"المحلى" 7/ 78.
(4)
في (م): ميقاته.
(5)
"فتح الباري" 3/ 452.
(6)
في (م): ليحرم.
(7)
"صحيح مسلم"(1182).
بمعنى الأمر، والأمر لا يرد إلا بلفظ الخبر إلا إذا أريد تأكيده وتأكيد الأمر للوجوب، ويدل عليه رواية مسلم عن ابن عمر: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل المدينة (1)، وذهب عطاء والنخعي إلى عدم الوجوب، ومقابله قول سعيد بن جبير: لا يصح حجه، وبه قال ابن حزم (2)، وقال الجمهور: لو رجع إلى الميقات قبل التلبس بالنسك سقط عنه الدم، وقال أبو حنيفة: يشترط أن يعود ملبيًا (3)(4) ومالك يشترط أن لا يبعد والأفضل في كل ميقات أن يحرم من طرفه الأبعد من مكة، فإن أحرم من طرفه الأقرب جاز (5).
[1739]
(هشام بن بهرام) بفتح الموحدة (المدائني) بهمزة مكسورة قبل النون ([حدثنا المعافى بن عمران، عن أفلح - يعني: ابن حميد -، عن القاسم بن محمد] (6) عن عائشة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقت لأهل العراق) وخراسان (7)(ذات عرق) بكسر العين وسكون الراء بعدها قاف، سمي بذلك لأن فيه عرقًا وهو الجبل الصغير، وهي أرض سبخة تنبت الطرفاء بينها وبين مكة مرحلتان والمسافة اثنان وأربعون ميلًا، وهي الحد الفاصل بين نجد وتهامة، وروى الإمام أحمد عن
(1) من (م).
(2)
من (م).
(3)
"المحلى" 7/ 70.
(4)
انظر: "المبسوط" 4/ 186 - 187، 189 - 190.
(5)
انظر: "فتح الباري" 3/ 453.
(6)
من مطبوع "السنن".
(7)
زاد في (م): وأهل ذات عرق والمار به.
سفيان عن صدقة عن ابن عمر فذكر (1) المواقيت، قال: فقال قائل: فأين العراق؟ فقال ابن عمر: لم يكن يومئذٍ عراق (2).
وللشافعي من طريق طاوس لم يوقت رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات عرق ولم يكن حينئذٍ أهل المشرق (3). وهذا يدل على أن ميقات ذات عرق ليس منصوصًا، وبه قطع الغزالي، والرافعي (4) في "شرح المسند"، والنووي في "شرح مسلم"(5)، وكذا في "المدونة"(6)، لكن صحح الحنفية (7) والحنابلة (8) وجمهور الشافعية والرافعي (9) في "الشرح الصغير" والنووي في "شرح المهذب" أنه منصوص (10).
فلعل من قال إنه غير منصوص لم يبلغه الحديث أو رأى ضعف الحديث فإن في إسناده أفلح بن حميد، لكن احتج به الشيخان ووثقه ابن معين باعتبار أن كل طريق منها لا تخلو من مقال، لكن مجموع الطرق يقوي بعضها بعضًا.
وأما إعلال من أعل الحديث بأن العراق لم تكن فتحت يومئذٍ فقال
(1) زاد في (م): حديث.
(2)
"المسند" 2/ 11 (4584).
(3)
"الأم" 2/ 200.
(4)
"الشرح الكبير" 3/ 333.
(5)
"شرح النووي" 8/ 81.
(6)
"المدونة" 1/ 405.
(7)
"المبسوط" 4/ 184 - 185.
(8)
"المغني" 5/ 58.
(9)
"الشرح الكبير" 3/ 333.
(10)
"المجموع" 7/ 194.
ابن عبد البر (1): هي غفلة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم وقت المواقيت لأهل النواحي قبل الفتوح لكونه علم (2) أنها ستفتح وهو معدود من معجزاته فلا فرق في ذلك بين الشام والعراق، وبهذا أجاب الماوردي وآخرون (3). عن هذا الحديث.
[1740]
([حدثنا أحمد بن محمد بن حنبل، حدثنا وكيع، حدثنا سفيان، عن يزيد بن أبي زياد، عن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس] (4) عن ابن عباس: وقت رسول الله لأهل المشرق) كما تقدم.
(العقيق) وهو وادٍ يتدفق ماؤه في غربي تهامة وهو غور العقيق المذكور في البخاري في قوله: العقيق وادٍ مبارك، وصل (5) في هذا الوادي المبارك، وقيل (6) عمرة في حجة وهو بقرب البقيع بينه وبين المدينة أربعة أميال.
وروى الزبير بن بكار في "أخبار المدينة" أن تبعًا لما رجع من المدينة انحدر في مكان فقال: هذا عقيق الأرض. فسمي العقيق. ضعيف؛ لأن يزيد بن أبي زياد تفرد به وهو ضعيف وإن كان حفظه، وروى أبو (7) أحمد بن عدي، عن عائشة مرفوعًا:"تخيموا بالعقيق فإنه وادٍ مبارك"(8)، أشار
(1)"التمهيد" 15/ 141.
(2)
في (م): أعلم.
(3)
انظر: "فتح الباري" 3/ 390.
(4)
من مطبوع "السنن".
(5)
في (م): وقرن.
(6)
من (م).
(7)
ليست في (م).
(8)
"الكامل" لابن عدي 8/ 468 - 469.
إلى هذا [تخيموا بالمعجمة](1) والتحتانية المراد به النزول في الوادي، وقد جمع بينه وبين حديث جابر وغيره بأجوبة (2) منها [أن العقيق ميقات لبعض العراقيين وهم أهل المدائن، والآخر ميقات لأهل البصرة، ووقع في حديث أنس للطبراني ومنها](3) أن ذات عرق ميقات الوجوب، والعقيق ميقات الاستحباب؛ لأنه أبعد من ذات عرق. قال الشافعي: لو أهلوا من العقيق كان أفضل (4). لأنها (5) أبعد من ذات عرق [فقليل الأثر فيه](6)، ولاحتمال الصحة، ولأنه قيل: إن ذات عرق كانت أولًا في موضعه ثم حولت وقربت إلى مكة.
[1741]
(ثنا أحمد بن صالح، ثنا) محمد بن إسماعيل (ابن أبي فديك) مصغر (عن عبد الله بن عبد الرحمن بن يخنس) بضم المثناة من تحت ثم خاء معجمة (7)، ثم نون مفتوحة مشددة، ثم سين مهملة (عن يحيى بن أبي سفيان الأخنسي) بالخاء المعجمة والنون.
(عن جدته حكيمة) بضم المهملة مصغر [بنت أمية](8) (عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: من أهلَّ بحجة أو عمرة يعني:
(1) في (م): وتخيموا. بالخاء المعجمة.
(2)
من (م).
(3)
ليست في (م).
(4)
"الأم" 2/ 200.
(5)
في (م): لأنه.
(6)
في (ر): بقليل لا يرقبه.
(7)
هكذا هنا والصواب أنه بالحاء المهملة كما في "التقريب" لابن حجر (3436).
(8)
ليست في (م).
أو مقرنًا بهما من المسجد الأقصى) بيت المقدس (إلى المسجد الحرام) بمكة شرفها الله (غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، أو وجبت له) عند الله تعالى (الجنة. شك عبد الله) بن عبد الرحمن الراوي (أيتهما قال) شيخه يحيى. وهذا الحديث رواه (1) ابن ماجه، وصححه ابن حبان، وهذِه الفضيلة العظيمة والمرتبة الجسيمة إن كانت؛ لأن بيت المقدس مشارك (2) مكة في كونه إحدى المساجد الثلاثة، فهذِه الفضيلة تحصل (3) بالإحرام من مسجد المدينة؛ لأنه أفضل، وإن كانت لأن (4) مسجد الأقصى فيه الصخرة العظيمة (5) وهي إحدى القبلتين فلا تحصل هذِه الفضيلة لمن أحرم من المدينة، ولأن أجر بيت المقدس أفضل لبعده من مكة وشدة المشقة الإحرام منه، ولهذا قيل: إن أعظم المواقيت (6) الإحرام من ذي الحليفة ميقات أهل (7) المدينة ليعظم أجر أهل المدينة على غيرهم.
(قال أبو داود: يرحم الله وكيعًا) يعني ابن الجراح بفتح الجيم وتشديد الراء وبالحاء المهملة الرؤاسي بضم الراء وفتح الهمزة وبالسين المهملة، كان يفتي بقول أبي حنيفة، وكان قد سمع منه شيئًا كثيرًا (أحرم)(8) في
(1) زاد في (م): أيضًا.
(2)
في (م): شارك.
(3)
في (ر): تحرم.
(4)
في (ر): أن.
(5)
في (م): الشريفة.
(6)
في (م): أجر الموات.
(7)
ليست في (م).
(8)
في (م): إحرام.
حجته (من بيت المقدس) وقال ابن المنذر: إنه ثبت أن ابن عمر أحرم من إيلياء (1)، وروى مالك عنه ذلك (2). وإيلياء اسم لمدينة بيت المقدس، وروى هذا الحديث ابن ماجه ولفظه:"من أهل بعمرة من بيت المقدس غفر له"، وفي رواية له:"من أهل من بيت المقدس بعمرة كان كفارة لما قبلها من الذنوب"(3). ورواه الدارقطني وقال: "غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، ووجبت له الجنة"، ولم يقع في روايته شك (4).
[1742]
([حدثنا أبو معمر عبد الله بن عمرو بن أبي الحجاج، حدثنا عبد الوارث، حدثنا عتبة بن عبد الملك] (5) السهمي) بفتح السين نسبة إلى سهم بن [عمر بن كعب بن لؤي](6).
([حدثني زرارة] (7) بن كريم) بفتح الكاف (أن الحارث بن عمر السهمي حدثه قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو) نازل (بمنى أو بعرفات) شك من الراوي (وقد أطاف به الناس) أي ألموا به، قال في "الجمهرة": طاف بالشيء دار (8) حوله، وأطاف به إذا ألم به (9).
(1) انظر: "الأم" 8/ 722.
(2)
"الموطأ" 1/ 331.
(3)
"سنن ابن ماجه"(2992، 2993).
(4)
"سنن الدارقطني" 2/ 284.
(5)
من مطبوع "السنن".
(6)
في (م): عمر وزرارة.
(7)
من مطبوع "السنن".
(8)
في (م): أدار.
(9)
"جمهرة اللغة"(ط - ف - و).
وحكى صاحب "الأفعال": طاف وأطاف بمعنى (فتجيء) إليه (1)(الأعراب) سكان البوادي (فإذا رأوا وجهه) الكريم (قالوا: هذا وجه مبارك) أي كثير الخير فيشهدون له بذلك في أول نظرهم إليه ووقوفهم عليه لما يشاهدوه من صباحة جبهته وملاحة وجنته وفصاحة كلامه وحسن ابتسامه، وفيه دليل على أن رؤية وجه العالم الذي يقتدي به محبوبه والمبادرة إليها مطلوبة، وكيف لا وهم ورثة الأنبياء وقدوة الأولياء، قال الحارث:(ووقت ذات عرق) وهو منزل من منازل الحاج (لأهل العراق) أن يحرموا منه وقد نظم بعضهم هذِه المواقيت في بيتين ذكرهما النووي في "التهذيب" فقال:
عرق العراق يلملم اليمني
…
وبذي الحليفة يحرم المدني
والشام جحفة إن مررت بها
…
ولأهل نجد قرن فاستبن (2)
وقيل: لو عبر الناظم بقوله: والشام جحفة ثم مصر كذا، لكان أولى.
(1) زاد في (م): بالشيء.
(2)
"تهذيب الأسماء واللغات" 2/ 1/ 114 - 115.