الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
47 - باب في رَفْعِ اليَديْنِ إِذَا رَأى البيْتَ
1870 -
حَدَّثَنا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ جَعْفَرٍ حَدَّثَهُمْ، حَدَّثَنا شُعْبَةُ قَالَ: سَمِعْتُ أَبا قَزَعَةَ يُحَدِّثُ، عَنِ المُهاجِرِ المَكّي قَالَ سُئِلَ جابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنِ الرَّجُلِ يَرى البيْتَ يَرْفَعُ يَديْهِ فَقَالَ: ما كُنْتُ أَرى أَحَدًا يَفْعَلُ هذا إلَّا اليَهُودَ وَقَدْ حَجَجْنا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَلَمْ يَكُنْ يَفْعَلُهُ (1).
1871 -
حَدَّثَنا مُسْلِمُ بْنُ إِبْراهِيمَ، حَدَّثَنا سَلَّامُ بْنُ مِسْكِينٍ، حَدَّثَنا ثابِتٌ البُنانيُّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ رَباحٍ الأَنْصاريِّ، عَنْ أبِي هُريْرَةَ أَنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم لَمّا دَخَلَ مَكَّةَ طافَ بِالبيْتِ وَصَلَّى رَكْعَتيْنِ خَلْفَ المَقامِ يَعْني يَوْمَ الفَتْحِ (2).
1872 -
حَدَّثَنا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنا بَهْزُ بْنُ أَسَدٍ وَهاشِمٌ - يَعْني ابن القاسِمِ - قالا: حَدَّثَنا سُليْمانُ بْنُ المُغِيرَةِ، عَنْ ثابِتٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ رَباحٍ، عَنْ أبِي هُريْرَةَ قَالَ: أَقْبَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَدَخَلَ مَكَّةَ فَأَقْبَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الحَجَرِ فاسْتَلَمَهُ ثُمَّ طافَ بِالبيْتِ ثُمَّ أَتَى الصَّفا فَعَلاهُ حيْثُ يَنْظُرُ إِلَى البيْتِ فَرَفَعَ يَديْهِ فَجَعَلَ يَذْكُرُ الله ما شاءَ أَنْ يَذْكُرَهُ وَيَدْعُوهُ، قَالَ: والأَنْصارُ تَحْتَهُ، قَالَ هاشِمٌ: فَدَعا وَحَمِدَ اللهَ وَدَعا بِما شاءَ أَنْ يَدْعُوَ (3).
* * *
باب رفع اليدين (4) إذا رأى البيت
[1870]
(يحيى بن معين) بفتح الميم (سمعت أبا قزعة) بفتح القاف
(1) رواه الترمذي (855)، والنسائي 5/ 212، والدارمي (1961)، وابن خزيمة (2704). وضعفه الألباني في "ضعيف أبي داود"(326).
(2)
رواه مسلم (1780). مطولا دون ذكر الصلاة. وانظر ما بعده، وما سيأتي برقم (3024).
(3)
انظر السابق.
(4)
في (م): اليد.
وسكون الزاي، واسمه سويد بن حجير الباهلي (يحدث عن المهاجر) بن عكرمة بن [عبد الرحمن المخزومي](1).
(المكي قال: سئل (2) جابر بن عبد الله رضي الله عنه عن الرجل) مفهومه بأن المرأة لا ترفع يديها سترًا لها والخنثى كذلك (يرى البيت فيرفع يديه)(3) جميعًا بباطن كفيه، والظاهر أن حد الرفع إلى أن يحاذي منكبيه (فقال: ما كنت أرى) بضم الهمزة، أي: أظن، ويحتمل فتح الهمزة من رؤية العين، أي: ما كنت أعاين (أحدًا يفعل هذا إلا اليهود) بالنصب (4) نسبة إلى يهوذا بن يعقوب عليهما السلام، وإذا خلا من الألف واللام كان غير منصرف (5) للعلمية ووزن الفعل.
(وقد حججنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يكن يفعله) استدل به الحنفية على ما حكاه الطحاوي في "شرح الآثار" عنهم (6).
وقال قاضي القضاة شمس الدين السروجي في "الغاية": إن ما ذكره الطحاوي هو الذي يوافق مذهبهم.
وقال ابن القاسم: إن ترك الرفع أحب إلى مالك في كل شيء إلا افتتاح الصلاة (7). وقال: إن مالكًا كرهه في جميع المشاعر،
(1) في (م): أبي.
(2)
سقط من (م).
(3)
سقط من (م).
(4)
سقط من (م).
(5)
في (ر): منصوب.
(6)
انظر: "شرح معاني الآثار" 2/ 177 - 178.
(7)
انظر: "التهذيب في اختصار المدونة" 1/ 535، "منح الجليل" 2/ 295.
واستحباب رفع اليدين نص عليه (1) الشافعي في الجمع الكثير؛ لما روى ابن جريج أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رأى البيت رفع يديه (2)، كذا رواه الشافعي معضلًا (3) والمعضل ما سقط منه راويان فأكثر.
قال البيهقي: إن له شاهدًا من مراسيل مكحول، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل مكة فرأى البيت رفع يديه وكبر (4) وقال: "اللهم أنت السلام ومنك السلام فحينا يا (5) ربنا بالسلام"(6)، وروى سعيد بن منصور ذلك موقوفًا عن عمر من غير ذكر الرفع والتكبير.
ونقل ابن المنذر رفع اليدين عن ابن عمر وابن عباس وغيرهما من التابعين، وعن أحمد قال: وبه أقول (7)، وروى الترمذي أيضًا عن المهاجر المكي أيضًا قال: سئل جابر بن عبد الله: أيرفع الرجل يديه (8) إذا رأى البيت؟ فقال: حججنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فكنا (9) نفعله (10). هذا لفظ (11) رواية الترمذي بإسناد حسن.
(1) من (م).
(2)
في (م): يديه.
(3)
انظر "الأم" 2/ 252 - 253، و"المجموع" 8/ 8.
(4)
من (م).
(5)
سقط من (م).
(6)
"السنن الكبرى" 5/ 118 (9813).
(7)
"مسائل أحمد" رواية عبد الله 1/ 213 (م 793).
(8)
في (م): يده.
(9)
هكذا في النسخ، وفي "سنن الترمذي": أفكنا. وهو الصواب.
(10)
"سنن الترمذي"(855).
(11)
من (م).
قال أصحابنا: رواية المثبت للرفع (1) أولى؛ لأن معه زيادة علم، وقال البيهقي: رواية غير جابر في إثبات الرفع أشهر عند أهل العلم من رواية المهاجر المكي، وينبغي لمن رأى البيت أن يلحظ بقلبه جلالة البقعة التي هو فيها والكعبة التي يراها ويمهد (2) عذر من زاحمه.
قال الماوردي: ويكون من دعائه ما رواه جعفر بن محمد الصادق عن أبيه [عن جده](3): أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول عند دخوله - يعني مكة: "اللهم [البيت بيتك، والبلد بلدك، حيث] (4) أطلب رحمتك وألزم (5) طاعتك متبعًا لأمرك، راضيًا بقدرك، مسلمًا لأمرك، أسألك مسألة المضطر إليك، المشفق من عذابك أن تستقبلني بعفوك، وأن تتجاوز عني برحمتك، وأن تدخلني جنتك"(6).
وزاد أحمد: "وأن (7) تعينني على أداء فرائضك". وقال ابن الجوزي: يقول: الحمد لله كثيرًا كما هو أهله وكما ينبغي لجمال (8) وجهك وعز جلاله الحمد لله الذي بلغني بيته ورآني لذلك أهلًا، الحمد لله رب العالمين، اللهم تقبل مني، واعف عني، وأصلح لي شأني كله.
(1) في (ر): المعلم.
(2)
في (ر): وعهد، والمثبت موافق لما في "المجموع".
(3)
سقط من (م).
(4)
في "الحاوي الكبير": هذا البلد بلدك والبيت بيتك جئت.
(5)
في "الحاوي الكبير": ألمُّ.
(6)
"الحاوي الكبير" 4/ 131 - 132.
(7)
من (م).
(8)
في (م): لكريم.
[1871]
(سلام) بتشديد اللام (بن مسكين) ثقة شهير، يرمى بالقدر (1)(ثابت البناني) بضم الباء الموحدة (عن عبد الله بن (2) رباح) بفتح الراء والباء الموحدة.
(عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما دخل مكة) أي: حين دخل مكة لم يعرج على استئجار منزل ولا حط قماش ولا تغيير ثياب، بل (طاف) أولًا (بالبيت) طواف القدوم؛ فإنه تحية المسجد الحرام، قال أصحابنا: والابتداء بالطواف سنة لكل داخل سواء كان محرمًا أو غير محرم، إلا أن المرأة الجميلة والشريفة التي لا تبرز للرجال فيستحب لها تأخير الطواف إلى الليل؛ لأنه أستر لها وأسلم لها ولغيرها من الفتنة (3).
(وصلى ركعتين خلف المقام) أي: مقام إبراهيم عليه السلام وقرأ عند رؤيته {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} وجعل المقام بينه وبين البيت في صلاته، قالت الشافعية: إذا لم يصلهما خلف المقام لزحمة أو غيرها صلاهما في الحجر؛ فإن لم يفعل ففي المسجد، فإن لم يفعل ففي أي موضع شاء من الحرم وغيره (4) (يعني: يوم الفتح) أي: فتح مكة شرفها الله تعالى.
[1872]
(بهز) بفتح الموحدة وإسكان الهاء (بن أسد) أخو المعلى البصري ([عن] (5) أبي هريرة قال: أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم) أي (6): قاصدًا مكة
(1)"تهذيب الكمال" 12/ 296، 297.
(2)
من (م).
(3)
"المجموع" 11/ 8.
(4)
"فتح الوهاب" 1/ 246.
(5)
سقطت من النسخ.
(6)
من (م).
[فدخل مكة](1)(فأقبل) بالفاء العاطفة [أي: فكلما](2) أقبل قاصدًا مكة أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم قاصدًا (إلى الحجر) يعني: الحجر (3) الأسود.
(فاستلمه) قال ابن الأعرابي: تقديره استلأمه بسكون اللام وهمزة مفتوحة بعدها؛ لأنه مشتق من الملأمة بسكون اللام [وفتح الهمزة وهي الاجتماع، قال ابن السكيت: همزته العرب على غير قياس، والأصل استلَّمت بتشديد اللام](4)؛ لأنه من السلام بكسر السين وهي الحجارة (5). والصحيح أن الاستلام افتعال من السلام بفتح السين وهو التحية، والمراد بالاستلام المس باليد في أول الطواف، وأهل اليمن يسمون الحجر الأسود المحيا.
(ثم طاف بالبيت) أسبوعًا (ثم أتى الصفا فعلاه) أي: قدر قامة واستحباب الرقي مخصوص بالرجل، أما المرأة فإنها لا ترقى كما ذكره صاحب "التنبيه"(6)، والقياس أن الخنثى لا ترقى (حيث) أي:[علا حتى](7) صار بحيث (ينظر إلى البيت) وليس هذا الصعود شرطًا ولا واجبًا، بل هو سنة تتأكد، ولكن بعض الدرج مستحدث فليحذر من أن يخلفها وراءه فلا يصح سعيه حينئذٍ، وينبغي أن يصعد في
(1) من (م).
(2)
في (ر): كلما.
(3)
سقط من (م).
(4)
سقط من (م).
(5)
"المصباح المنير"(سلم).
(6)
"التنبيه" 1/ 76.
(7)
في (م): علاه.
الدرج حتى يستيقن. هذا هو المذهب، ولنا وجه أنه يجب الصعود على الصفا والمروة قدرًا يسيرًا، ولا يصح سعيه إلا بذلك ليستيقن (1) قطع جميع المسافة كما يلزمه غسل جزء (2) من الرأس، واعلم أن الصعود كان أولًا، وأما اليوم فإنه لا (3) يرى البيت قبل الصعود لما حدث من الأبنية.
(فرفع يديه) للدعاء (فجعل يذكر الله تعالى ما شاء أن يذكره) وقد استحب الشافعي في "الأم" أن يقول على الصفا: الله أكبر الله أكبر الله أكبر ولله الحمد، الله أكبر على ما هدانا، والحمد لله على ما أولانا، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، يحيي ويميت، بيده الخير، وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده، صدق وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده، لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه مخلصين له الدين ولو كره الكافرون. هذا لفظ "الأم"(4).
قال ابن جماعة: ولم أقف عليه بهذا اللفظ في شيء من الأخبار عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن الصحابة.
(ويدعوه) فيقول: اللهم إنك قلت: ادعوني أستجب لكم، وإنك لا تخلف الميعاد، وأنا أسألك كما هديتني للإسلام أن لا تنزعه مني حتى تتوفاني وأنا مسلم، ثم يضم إليه ما شاء من الدعاء. قال النووي: المذهب
(1) زاد في (م): هذا.
(2)
سقط من (م).
(3)
سقط من (م).
(4)
"الأم" 2/ 323 - 324.
أنه لا يلبي على الصفا (1).
(والأنصار رضي الله عنه تحته) يحتمل والله أعلم أن يكونوا تحته بدرجة يؤمِّنون على دعائه ويشاركونه في الثناء وارتفاع المقتدي به في حالة الذكر والدعاء وتعليم [الأحكام أدب ظاهر](2) معمول به في الجمع والأعياد على المنابر وكراسي الحديث والوعظ، وهذا دليل على أن الوقوف على العليا أفضل، وأن الوقوف على التي تحتها جائز، وكذا التي تحتها إذا وجد الشرط المتقدم.
(قال هاشم) القاسم (3) تفتخر به بغداد (فدعا وحمد (4) الله) قد يستدل به على أن الفاء لا تقتضي الترتيب كما في قوله تعالى: {وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا فَجَاءَهَا بَأْسُنَا} ، ووجه عدم الترتيب أن حمد الله مقدم على الدعاء، وقد يجاب عنه بما أجيب عن الآية أن المعنى: فأراد الدعاء فحمد الله، وتقدير الآية: أردنا إهلاكها فجاءها بأسنا، وفي بعض النسخ:[ودعا فحمد الله](5)(ودعا بما شاء أن يدعو)(6) فيدعو منصوب بأن. وفيه دليل على أن للداعي أن يدعو بما شاء من أمور الدنيا والآخرة.
(1)"المجموع" 8/ 68.
(2)
في (م): إذا بظاهر.
(3)
في (ر): هاشم.
(4)
زاد بعدها في (ر): فحمد.
(5)
من (م).
(6)
في (م): يدعوه.