الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
65 - باب الدَّفْعَةِ مِنْ عَرَفَةَ
1920 -
حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، حَدَّثَنا سُفْيانُ، عَنِ الأَعْمَشِ ح وَحَدَّثَنا وَهْبُ بْنُ بيانٍ، حَدَّثَنا عَبِيدَةُ، حَدَّثَنا سُليْمانُ الأَعْمَشُ - المَعْنَى - عَنِ الحَكَمِ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابن عَبّاسٍ قَالَ أَفاضَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ عَرَفَةَ وَعَليْهِ السَّكِينَةُ وَرَدِيفُهُ أُسامَةُ وقَالَ:"أيُّها النّاسُ عَليْكُمْ بِالسَّكِينَةِ فَإِنَّ البِرَّ ليْسَ بِإِيجافِ الخيْلِ والإِبِلِ". قَالَ: فَما رَأيْتُها رافِعَةً يَديْها عادِيَةً حَتَّى أَتَى جَمْعًا. زادَ وَهْبٌ ثُمَّ أَرْدَفَ الفَضْلَ بْنَ العَبّاسِ. وقَالَ: "أيُّها النّاسُ إِنَّ البِرَّ ليْسَ بِإِيجافِ الخيْلِ والإِبِلِ فَعَليْكُمْ بِالسَّكِينَةِ". قَالَ: فَما رَأيْتُها رافِعَةً يَديْها حَتَّى أَتَى مِنًى (1).
1921 -
حَدَّثَنا أَحْمَدُ بْن عَبْدِ اللهِ بْنِ يُونُسَ، حَدَّثَنا زُهيْرٌ ح وَحَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنا سُفْيانُ - وهذا لَفْظُ حَدِيثِ زُهيْرٍ - حَدَّثَنا إِبْراهِيمُ بْنُ عُقْبَةَ أَخْبَرَني كُريْبٌ أَنَّهُ سَأَلَ أُسامَةَ بْنَ زيْدٍ قُلْتُ: أَخْبِرْني كيْفَ فَعَلْتُمْ - أَوْ صَنَعْتُمْ - عَشِيَّةَ رَدِفْتَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ جِئْنا الشِّعْبَ الذي يُنِيخُ النّاسُ فِيهِ لِلْمُعَرَّسِ فَأَناخَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ناقَتَهُ ثُمَّ بالَ - وَما قَالَ زُهيْرٌ أَهْراقَ الماءَ - ثُمَّ دَعا بِالوَضُوءِ فَتَوَضَّأَ وُضُوءًا ليْسَ بِالبالِغِ جِدّا قُلْتُ: يا رَسُولَ اللهِ الصَّلاةَ. قَالَ: "الصَّلاةُ أَمامَكَ". قَالَ: فَرَكِبَ حَتَّى قَدِمْنا المُزْدَلِفَةَ فَأَقامَ المَغْرِبَ ثُمَّ أَناخَ النّاسُ في مَنازِلهِمْ وَلَمْ يَحِلُّوا حَتَّى أَقامَ العِشاءَ وَصَلَّى ثُمَّ حَلَّ النّاسُ. زادَ مُحَمَّدٌ في حَدِيثِهِ قَالَ: قُلْتُ: كيْفَ فَعَلْتُمْ حِينَ أَصْبَحْتُمْ؟ قَالَ: رَدِفَهُ الفَضْلُ، وانْطَلَقْتُ أَنا في سُبّاقِ قُريْشٍ عَلَى رِجْلَي (2).
1922 -
حَدَّثَنا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، حَدَّثَنا سُفْيانُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عيّاشٍ، عَنْ زيْدِ بْنِ عَليٍّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُبيْدِ اللهِ بْنِ أَبي رافِعٍ، عَنْ عَلي
(1) رواه البخاري (1671)، ومسلم (1282). ورواية مسلم عن ابن عباس عن أخيه الفضل بن عباس.
(2)
رواه البخاري (1669)، ومسلم (1280). وانظر ما سيأتي بالأرقام (1923، 1924، 1925).
قَالَ: ثُمَّ أَرْدَفَ أُسامَةَ فَجَعَلَ يُعْنِقُ عَلَى ناقَتِهِ والنّاسُ يَضْرِبُونَ الإِبِلَ يَمِينًا وَشِمالًا لا يَلْتَفِتُ إِليْهِمْ ويَقُولُ: "السَّكِينَةَ أيُّها النّاسُ". وَدَفَعَ حِينَ غابَتِ الشَّمْسُ (1).
1923 -
حَدَّثَنا القَعْنَبيُّ، عَنْ مالِكٍ، عَنْ هِشامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ: سُئِلَ أُسامَةُ بْنُ زيْدٍ وَأَنا جالِسٌ كيْفَ كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَسِيرُ في حَجَّةِ الوَداعِ حِينَ دَفَعَ قَالَ: كَانَ يَسِيرُ العَنَقَ فَإِذا وَجَدَ فَجْوَةً نَصَّ. قَالَ هِشامٌ: النَّصُّ فَوْقَ العَنَقِ (2).
1924 -
حَدَّثَنا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنا يَعْقُوبُ، حَدَّثَنا أَبي، عَنِ ابن إِسْحاقَ حَدَّثَني إِبْراهِيمُ بْن عُقْبَةَ، عَنْ كُريْبٍ مَوْلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبّاسٍ، عَنْ أُسامَةَ قَالَ: كُنْتُ رِدْفَ النَّبي صلى الله عليه وسلم فَلَمّا وَقَعَتِ الشَّمْسُ دَفَعَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم (3).
1925 -
حَدَّثَنا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مالِكٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ كُريْبٍ مَوْلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ أُسامَةَ بْنِ زيْدٍ أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ: دَفَعَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ عَرَفَةَ حَتَّى إِذَا كَانَ بِالشِّعْبِ نَزَلَ فَبالَ فَتَوَضَّأَ وَلَمْ يُسْبِغِ الوُضُوءَ قُلْتُ لَهُ: الصَّلاةَ. فَقَالَ: "الصَّلاةُ أَمامَكَ". فَرَكِبَ فَلَمّا جاءَ المُزْدَلِفَةَ نَزَلَ فَتَوَضَّأَ فَأَسْبَغَ الوُضُوءَ ثُمَّ أُقِيمَتِ الصَّلاةُ فَصَلَّى المَغْرِبَ ثُمَّ أَناخَ كُلُّ إِنْسانٍ بَعِيرَهُ في مَنْزِلِهِ ثُمَّ أُقِيمَتِ العِشاءُ فَصَلَّاها وَلَمْ يُصَلِّ بيْنَهُما شيْئًا (4).
* * *
باب الدفع من عرفة
[1920]
(ثنا محمد بن كثير) بالثاء المثلثة، أبو عبد الله العبدي
(1) رواه الترمذي (885)، وأحمد 1/ 156.
وحسنه الألباني في "صحيح أبي داود"(1678).
(2)
رواه البخاري (1666، 2999، 4413)، ومسلم (1286). وانظر ما سبق برقم (1921)، وما قبله وما بعده.
(3)
انظر ما سلف برقم (1921).
(4)
انظر ما سلف برقم (1921).
البصري، قال (ثنا سفيان) بن سعيد الثوري (عن الأعمش وحدثنا وهب بن بيان) بن حبان، أبو عبد الله الواسطي نزيل مصر، قال (ثنا عبيدة) بضم العين ابن معتب بضم الميم وفتح المهملة ثم مثناة فوق (1)، قال:(ثنا سليمان الأعمش المعنى) بفتح النون (عن الحكم) بن عيينة بفتح المثناة (عن مقسم) بكسر الميم، ابن بجرة بضم الباء الموحدة وإسكان الجيم، أو نجدة بفتح النون والدال بدل الراء.
(عن ابن عباس قال: أفاض رسول الله صلى الله عليه وسلم) أي: دفع كما بوب عليه المصنف (من عرفة وعليه السكينة) فيه أن السنة لمن وقف بعرفة وانصرف إلى المزدلفة أن يكون عليه السكينة والوقار؛ لئلا يتأذى بعضهم من بعض.
(ورديفه أسامة) بن زيد، فيه: دليل على استحباب الركوب في الدفع من عرفات وعلى جواز الإرداف [على الدابة](2) إذا كانت مطيقة، وعلى جواز الإرداف مع أهل الفضل.
(وقال: أيها الناس عليكم بالسكينة) قال الداودي: السكينة في المشي هي السرعة ليس بالإبطاء ولا الاشتداد، بل بينهما (فإن البر) بكسر الباء (ليس بإجافة) [نسخة: بإيجاف] (3)(الخيل والإبل) أي: بإسراعها في مشيها وقد أوجفها راكبها. أي: حملها على سرعة السير.
(1) زاد الناسخ في (م): [قلت: ليس هو عبيدة بن معتب المضموم العين، وإنما هو عبيدة بفتح العين وهو ابن حميد بن صهيب التيمي أو الليثي أو الضبي فهو أثبت روى عنه وهو ابن بيان وجماعة، وهو الراوي عن سليمان بن مهران الأعمش ويروي أيضًا عن عبيدة بن معتب المذكور فليس هو من طبقته، والله أعلم].
(2)
سقط من (م).
(3)
سقط من (م).
(فعليكم بالسكينة) أي: المشي بطمأنينة من غير إسراع أو ركض دابة، أو تحريكها من غير مزاحمة أو أذى أحد من الآدميين أو الدواب، فإن هذا هو المستحب لا كما يفعله الجهلة العوام في هذا الزمان.
(قال) ابن عباس (: فما رأيتها) أي: رأيت راحلته (رافعة يديها) من سرعة السير (عادية) أي جارية بسرعة وهو وصفها في السير، قال الله تعالى:{وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا} ، قال السدي ومحمد بن كعب وغيرهما: هي الإبل، أقسم الله بها حين تعدو من عرفة ومن المزدلفة إذا دفع الحاج (1)(حتى أتى (2) جمعًا) بالتنوين وهي المزدلفة، سميت بذلك لجمع العشاءين فيها.
(زاد وهب) بن بيان (ثم أردف الفضل بن العباس) بن عبد المطلب (ثم قال: يا أيها الناس إن البر ليس بإيجاف الخيل والإبل، فعليكم بالسكينة) السكينة فعيلة من السكون وهو الوقار، يقال: في فلان سكينة. أي: وقار، وثبوت وطمأنينة.
(قال: فما زالت رافعة يديها حتى أتى منى) يجوز فيها الصرف وعدمه، قيل: سميت بذلك؛ لأن آدم تمنى فيها الجنة، والمشهور: سميت بذلك لما يمنى فيها من الدماء. أي: يراق.
[1921]
(حدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس) بن عبد الله بن قيس اليربوعي، قال (ثنا زهير) بن معاوية بن خديج الجعفي الكوفي.
(1) انظر: "زاد المسير" 4/ 480.
(2)
سقط من (م).
([و] (1) ثنا محمد بن كثير) قال (ثنا سفيان. وهذا لفظ زهير) قال (ثنا إبراهيم بن أخي موسى ومحمد قال: أخبرني كريب أنه سأل أسامة بن زيد قلت: أخبرني كيف فعلتم أو صنعتم) شك من الراوي (عشية) منصوب على الظرف (ردفت رسول الله قال: جئنا الشعب) وهو ما انفرج بين الجبلين (الذي ينيخ)(2) بضم أوله (الناس فيه للمعرس) بتشديد الراء المفتوحة؛ لأنه عليه السلام عرس به، وصلى به الصبح أي للنزول في آخر الليل لينام الركب فيه ويريحوا دوابهم ساعة، وقيل: التعريس النزول أي وقت كان من ليل أو نهار.
(فأناخ رسول الله ناقته) قال ابن التين: نزول الشعب ليس بسنة؛ لأنه ليس من جنس العبادات، قال عكرمة: الشعب (3) الذي كانت الأمراء تنزله اتخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم مبالًا (4)، واتخذتموه مصلا (فبال ماء) ولم يقل أسامة: أراق الماء. فيه: أداء الرواية بحروفها، وفيه استعمال صرائح الألفاظ التي قد (5) تستبشع ولا يكنى فيها إذا دعت الحاجة إلى التصريح بأن خيف لبس المعنى، أو اشتباه الألفاظ، أو غير ذلك.
(قال زهير: أهراق) بفتح الهاء وزيادتها (6) زيدت لغير معنى، يحتمل أن يكون أداها بحروفها، ويحتمل [أن يكون أدى](7) بالمعنى على مذهب من يجيز رواية الحديث بالمعنى.
(1) ساقطة من الأصول، والمثبت من "سنن أبي داود".
(2)
في (م): يفتح.
(3)
سقط من (م).
(4)
في (م): منالًا.
(5)
سقط من (م).
(6)
في (ر): بزيادة الهاء.
(7)
في (م): أداها.
(ثم دعا بالوضوء) بفتح الواو، وهو الماء الذي يتوضأ به، قال النووي: وفيه لغة أنه يقال بالضم وليس بشيء (1).
فيه: الاستعانة [في إحضار](2) الماء من البئر (3) والبيت ونحوهما وتقديمه (4) إليه وهو جائز، ولا يقال: إنه بخلاف الأولى.
(فتوضأ وضوءًا ليس بالبالغ) وفي رواية لمسلم: لم يسبغ الوضوء. وفي رواية: توضأ وضوءًا خفيفًا، قال النووي: تخفيفه بأن خفف استعمال الماء بالنسبة إلى غالب عادته صلى الله عليه وسلم، أو توضأ مرة مرة (5)(جدّا) بكسر (6) الجيم، قال الجوهري: يقال فلان محسن إليَّ جدّا، ولا يقال: جدّا (7). أي: بفتح الجيم.
(فقلت: يا رسول الله الصلاة) بالنصب على أنه مفعول بفعل مضمر. أي: أقم الصلاة، [يجوز الرفع على الابتداء والخبر أمامك. أي: الصلاة حضرت. أو فاعل بإضمار حضرت الصلاة] (8) ومعناه: أن أسامة ذكره بصلاة المغرب وظن أن النبي صلى الله عليه وسلم نسيها (9) حيث أخرها عن العادة المعروفة في غير هذِه الليلة.
(1)"شرح النووي" 9/ 25.
(2)
في الأصول: بإحضار. والمثبت هو الصواب.
(3)
في (ر): النهر.
(4)
في (ر): القديمة.
(5)
"شرح النووي" 9/ 25.
(6)
في (م): بفتح.
(7)
"الصحاح"(جدد).
(8)
سقط من (م).
(9)
ساقطة من الأصول، والمثبت من "شرح مسلم" للنووي.
فقال له النبي صلى الله عليه وسلم (قال: الصلاة أمامك) أي: إن الصلاة في هذِه الليلة مشروعة فيما بين يديك. أي: في المزدلفة، وفيه استحباب تذكير التابع للمتبوع بما تركه خلاف العادة ليفعله، أو ليعتذر عنه ويبين له وجه صوابه، وأن مخالفته للعادة سببها كذا وكذا.
وقوله: "الصلاة أمامك" فيه أن السنة في هذا الموضع [في هذِه الليلة](1) تأخير المغرب إلى العشاء والجمع بينهما في المزدلفة، وهو كذلك بإجماع المسلمين، وليس هذا واجبًا (2) بل سنة، فلو صلاهما في طريقه، أو صلى كل واحدة منهما في وقتها جاز. وقال بعض أصحاب مالك: إن صلى المغرب في وقتها لزمته إعادتها. وهذا شاذ ضعيف.
(قال: فركب حتى قدمنا المزدلفة) فيه استحباب الركوب من عرفة إلى مزدلفة، خلافًا لمن رجح المشي (فأقام المغرب) توضحه رواية ابن ماجه والصحيحين بنحوه: فلما انتهى إلى جمع أذن وأقام ثم صلى المغرب (ثم أناخ الناس في منازلهم) رواية الصحيح: ثم أناخ كل إنسان بعيره في منزله، وفيه دليل على استحباب المبادرة بصلاة المغرب والعشاء أول قدومه المزدلفة، ويجوز تأخيرهما إلى قبيل صلاة الفجر.
(ولم يحلوا) بضم الحاء. يعني: الأحمال عن رواحلهم (حتى أقام) صلاة (العشاء وصلى) وفي رواية: ولم يصل بينهما شيئًا.
(1) من (م).
(2)
في الأصول: واجب. والجادة ما أثبتناه.
وفي قوله: (ثم أناخ الناس في منازلهم ولم يحلوا حتى أقام العشاء) دليل على أنه لا يضر الفصل بين الصلاتين المجموعتين إذا كان الجمع في وقت الثانية، فإن الموالاة بينهما مستحب وليس بواجب، بخلاف ما إذا جمع بينهما في وقت الأولى، فإن الموالاة بينهما واجب (1) فلا يجوز الفصل بينهما، فإن فعل بطل الجمع، ولم تصح الصلاة الثانية إلا في وقتها الأصلي.
(زاد) أحمد بن عبد الله (ابن يونس في حديثه: ثم حل الناس) عن رواحلهم (قال: قلت: كيف فعلتم حين أصبحتم؟ قال: ردفه) بفتح الراء والدال (الفضل) أي: أركبه خلف النبي صلى الله عليه وسلم، يقال: أردف فلان فلانًا إذا جعله خلفه، كذا فسر في حديث أسامة والفضل أن النبي صلى الله عليه وسلم أردفهما خلفه، وأما ردف بكسر الدال مثل قوله تعالى:{قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ بَعْضُ الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ} (2)، فيقال: ردفه وردف له (3) إذا جاء بعده أو تبعه. قال (وانطلقت أنا في سباق قريش) بضم السين وتشديد الباء الموحدة جمع سابق، أي في السابقين من قريش (على رجلي) بكسر أوله وتشديد الياء آخره تثنية رجل. فيه جواز المشي من مزدلفة والركوب.
[1922]
(ثنا أحمد بن حنبل) قال (ثنا يحيى بن آدم) بن سليمان الأموي، روى له الجماعة (أنا سفيان) بن سعيد الثوري (عن عبد الرحمن) بن الحارث (بن عياش) بتشديد الياء تحت، ويقال: ابن
(1) في (م): شرط.
(2)
النمل: 72.
(3)
سقط من (م).
عباس بالموحدة والسين المهملة، السمعي القبائي بضم القاف وتخفيف الموحدة وبالمد (عن زيد بن علي) بن الحسين العلوي (عن أبيه) علي بن الحسين بن علي (عن عبيد الله) بالتصغير (بن أبي رافع، عن علي رضي الله عنه قال: ثم أردف) النبي صلى الله عليه وسلم (أسامة) بن زيد.
(فجعل يعنق) بضم الياء وكسر النون (على ناقته) أي: يحملها على العنق وهو سير فيه إسراع يسير (والناس يضربون الإبل يمينًا وشمالًا ويزجرونها ويصيحون) عليها قال الداودي: هذا الحديث يقتضي أن سنة السير الإسراع في العبادة، وإنما يمسك عن بعضه لمانع زحام وأذى (1) غير أما سرعة لا تخرج عن حد الوقار فغير ممنوع، بل هو سنة (لا يلتفت إليهم) إذ لو التفت إليهم (2) لتعين عليه منعهم؛ لأنه لا يقر على باطل، وسياق اللفظ يدل على أنه علم بضربهم ولم يلتفت، فدل على أنه ليس بحرام وإن كانت السكينة أولى، فلهذا أمر بها وحث عليها.
(ويقول: عليكم السكينة) منصوب بفعل محذوف أي: الزموا السكينة في السير ولا [تخرج عن](3) حد الوقار والسكينة بضرب الإبل وزجرها وإخافتها (أيها الناس، ودفع) من عرفة. أي: انصرف منها (حين غابت الشمس) أي: غربت وذهبت الصفرة قليلًا حين غاب القرص، كما تقدم في حجة النبي صلى الله عليه وسلم.
(1) في (ر): الوادي.
(2)
سقط من (م).
(3)
في (م): تخرجوا من.
[1923]
(ثنا) عبد الله بن مسلمة (القعنبي، عن) الإمام (مالك، عن هشام بن عروة) بن الزبير رضي الله عنه (عن أبيه، أنه قال: سئل أسامة بن زيد) الحب ابن الحب (وأنا جالس) جملة اسمية منصوبة على الحال (كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسير في حجة الوداع) بفتح الواو (حين دفع) أي: انصرف من عرفة.
(قال: كان يسير العنق) بفتح العين والنون ونصب القاف. أي: السير الذي ليس ببطيء ولا سريع، بل سهلًا، يقال: أعنقت الدابة تعنق إعناقًا فهي معنق ومعناق، والاسم العنق، وقوله:(يسير العنق) مثل رجع القهقرى. والتقدير: يسير سير العنق (فإذا وجد فجوة نص) بفتح الفاء وسكون الجيم، هي الفرجة بين الشيئين، يريد به المكان المتسع الخالي عن المارة، وهي مستحبة في سفر الحج والجهاد ونحوهما، قال هشام بن عروة: والنص بفتح النون وتشديد الصاد المهملة: السير الشديد السرعة فوق العنق، وأصله الاستقصاء والبلوغ غاية الشيء (1)، قال الجوهري: النص: السير الشديد حتى يستخرج أقصى ما عنده (2). وفيه أن السكينة المأمور بها إنما هي من أجل الرفق بالناس (3) وعدم الضرر بهم من الزحام.
[1924]
(حدثنا أحمد) بن محمد (بن حنبل) قال (ثنا يعقوب) بن إبراهيم بن سعد قال: (ثنا أبي، عن) إبراهيم بن سعد، عن محمد (ابن
(1) في (م): المشي.
(2)
نقله الجوهري في "الصحاح" عن الأصمعي مادة (نصص).
(3)
سقط من (م).
إسحاق) قال: (حدثني إبراهيم بن عقبة) أخو موسى ومحمد، (عن كريب، عن أسامة) بن زيد (قال: كنت رديف) الردف (1) والرديف الذي يركب خلف الراكب (رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما وقعت الشمس) أي: غابت في الأفق، وأصل الوقوع السقوط (دفع رسول الله صلى الله عليه وسلم).
[1925]
(حدثنا القعنبي، عن مالك، عن موسى بن عقبة) هو أخو إبراهيم بن عقبة المذكور في الرواية قبله (عن كريب مولى ابن عباس، عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما أنه سمعه يقول: دفع رسول الله صلى الله عليه وسلم من عرفة) عرفة وعرفات اسم علم على مكان معروف (حتى إذا كان بالشعب) كما تقدم (نزل فبال) تقدم أيضًا.
قال: (فتوضأ ولم يسبغ الوضوء) أي: لم يكمله. قال القرطبي: وهل (2) اقتصر على بعض الأعضاء فيكون وضوءًا لغويّا، أو اقتصر على بعض الأعداد وهو الواحدة مع استيفاء الأعضاء فيكون وضوءًا شرعيًّا؟ قولان لأهل الشرح (3) قال: وكلاهما محتمل، وقد عضد من قال بالشرعي قوله بقول الراوي (وضوءًا خفيفًا)؛ فإنه لا يقال في الناقص من الأصل خفيف، وإنما يقال خفيف في ناقص الكيفية، فتعين أن قوله: أسبغ الوضوء أنه الشرعي (4).
(قلت: الصلاة) بالنصب كما تقدم (فقال: الصلاة أمامك) كما تقدم أيضًا (فركب، فلما جاء المزدلفة نزل فتوضأ فأسبغ الوضوء) فيه: المسافر يترخص في سفره بتخفيف الوضوء والاستنجاء والصلاة [ويقلل الصوم،
(1) و (2) سقط من (م).
(3)
في (ر): الشرع.
(4)
"المفهم" 3/ 390.
بخلاف الإقامة فإنه يسبغ فيها الوضوء ويطول الصلاة] (1) ويكثر الصيام وغير ذلك من العبادات (ثم أقيمت الصلاة فصلى المغرب) فيه دليل على جواز الاقتصار على الإقامة في الجمع من غير أذان، وفيه خلاف تقدم في حديث جابر الطويل.
قال القرطبي: ويحتمل قوله: أقيمت الصلاة ها هنا أي: شرع فيها، ففعلت بجميع أحكامها كما يقال: أقيمت السوق إذا جرى فيها ما يليق بها من البيع والشراء بأحكامهما، ولم يقصد في الحديث الإخبار عن الإقامة، بل عن الشروع (2).
(ثم أناخ كل إنسان منا بعيره في منزله) يعني: أنهم بادروا بالمغرب عند وصولهم إلى المزدلفة فصلوا قبل أن ينوخوا إبلهم، ثم لما فرغوا من صلاة المغرب نوخوها ولم يحطوا رحالهم عن إبلهم، فكأنها تشوش عليهم إذا كانت قائمة، فأزالوا ما يشوش عليهم، ويستدل به على جواز العمل اليسير بين الصلاتين المجموعتين (3) إذا فعلت الصلاة في وقت الثانية، كما تقدم قريبًا (ثم أقيمت) صلاة (العشاء فصلاها) أي: بغير أذان (ولم يصل بينهما شيئًا) هذا فيه حجة على من جوز التنفل بين الصلاتين المجموعتين، وهو وجه عند الشافعية (4) وبه قال ابن حبيب من المالكية وخالفه بقية أصحابه فمنعوه (5).
[1925/ م](حدثنا محمد بن المثنى) العنزي بفتح النون وكسر
(1) سقط من (م).
(2)
"المفهم" 3/ 390.
(3)
من (م).
(4)
"الشرح الكبير" 3/ 415.
(5)
"مواهب الجليل" 2/ 514.
الزاي، قال:(ثنا روح) بفتح الراء (ابن عبادة) العنسي (1) الحافظ البصري، قال:(ثنا زكريا بن إسحاق) المكي قال: (أخبرني إبراهيم بن ميسرة) الطائفي نزيل مكة ثبت حافظ قال: (أخبرني يعقوب بن عاصم بن عروة) الثقفي (أنه سمع) أبا (2) عمرو (الشريد) بفتح الشين المعجمة وكسر الراء ابن سويد الثقفي ويقال: إنه من حضرموت، وعداده في ثقيف، حديثه في الحجازيين، يقال: كان اسمه مالكًا فسماه النبي صلى الله عليه وسلم الشريد؛ لأنه قتل قتيلًا من قومه ثم لحق بمكة فأسلم (يقول: أفضت) الإفاضة التفرق في كثرة، من إفاضة الماء (مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فما مست قدماه الأرض) أي: كان سيرًا متواليًا من غير نزول إلى الأرض في موضع فما مست قدماه الأرض كناية عن عدم النزول عن الراحلة (حتى أتى جمعًا) بفتح الجيم وإسكان الميم والتنوين اسم علم على المزدلفة؛ سميت بذلك لاجتماع الحجاج بها بأسرهم، وجمع متوسطة بين منى وعرفة بينهما وبين كل منهما فرسخ، فإن من منى إلى عرفات فرسخين، ومن مكة إلى منى فرسخان، كذا قال الإمام الرافعي (3) وهو الأصح.
(*) تنبيه: الحديث [1925/ م] لم نجده في المطبوع من "سنن أبي داود" وهو في "جامع الأصول" 3/ 252، "تحفة الأشراف" 4/ 153 وعزاه ابن الأثير والمزي لأبي داود وحده، وقال المزي: هذا الحديث في رواية أبي الحسين بن العبد وأبي بكر بن داسة عن أبي داود ولم يذكره أبو القاسم.
(1)
في (م): القيسي.
(2)
ساقطة من الأصول.
(3)
"الشرح الكبير" 3/ 415.