الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
39 - باب المُحْرِمِ يَغْتَسِلُ
1840 -
حَدَّثَنا عَبْدُ اللهِ بْن مَسْلَمَةَ، عَنْ مالِكٍ، عَنْ زيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ إِبْراهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ حُنيْنٍ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَبَّاسٍ والمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ اخْتَلَفا بِالأَبْواءِ فَقَالَ ابن عَبَّاسٍ: يَغْسِل المُحْرِمُ رَأْسَهُ، وقَالَ المِسْوَرُ: لا يَغْسِل المُحْرِمُ رَأْسَهُ، فَأَرْسَلَهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسٍ إِلَى أَبي أَيُّوبَ الأَنْصاري فَوَجَدَهُ يَغْتَسِلُ بيْنَ القَرْنيْنِ وَهُوَ يُسْتَرُ بِثَوْبٍ، قَالَ: فَسَلَّمْت عَليْهِ فَقَالَ: مَنْ هذا؟ قُلْتُ: أَنا عَبْدُ اللهِ بْن حُنيْنٍ أَرْسَلَني إِليْكَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسٍ أَسْأَلُكَ كيْفَ كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَغْسِل رَأْسَهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ؟ قَالَ: فَوَضَعَ أبُو أَيُّوبَ يَدَهُ عَلَى الثَّوْبِ فَطَأْطَأَهُ حَتَّى بَدا لي رَأْسُهُ ثُمَّ قَالَ لإِنْسانٍ يَصُبُّ عَليْهِ: اصْبُبْ. قَالَ: فَصَبَّ عَلَى رَأْسِهِ ثُمَّ حَرَّكَ أَبُو أيُّوبَ رَأْسَهُ بِيَديْهِ فَأَقْبَلَ بِهِما وَأَدْبَرَ، ثُمَّ قَالَ: هَكَذا رَأيْتُهُ يَفْعَلُ صلى الله عليه وسلم (1).
* * *
باب الاغتسال للمحرم
[1840]
(عن إبراهيم بن عبد الله بن حنين) بضم الحاء المهملة وفتح النون الأولى مصغر (عن أبيه) عبد الله بن حنين، مولى العباس بن عبد المطلب (أن عبد الله بن عباس (2) والمسور بن مخرمة رضي الله عنهما اختلفا بالأبواء) بإسكان الباء الموحدة والواو والمد، قرية بينها وبين الجحفة مما يلي المدينة 23 ميلًا، سميت بذلك للوباء الذي بها (3) وهي أبعد من الجحفة لودان، وهذا لا يصح إلا على القلب وبها
(1) رواه البخاري (1840)، ومسلم (1205).
(2)
في (م): المطلب.
(3)
في (ر): يجد بها.
توفيت أم النبي صلى الله عليه وسلم.
(فقال عبد الله بن عباس: يغسل المحرم رأسه) إن شاء (وقال المسور: لا يغسل المحرم رأسه) فلما لم يرجع أحدهما إلى قول الآخر (فأرسله) أي: أرسل (عبد الله بن عباس) عبد الله بن حنين (إلى أبي أيوب) خالد (الأنصاري) رضي الله عنه يسأله عن ذلك (فوجده يغتسل بين القرنين) بفتح القاف تثنية قرن، وهما الخشبتان القائمتان على البئر وشبههما من البناء، ويمد بينهما خشبة يجر عليها الحبل المستقى به ويعلق عليها البكرة، وفيه دليل على جواز اغتسال المحرم، ولم يختلفا في أصل الغسل، وإنما اختلفا (1) في كيفيته (وهو يستتر) فيه دليل على استحباب الستر في حال الاغتسال بأن يكون في موضع يستره أو يلقي ساترًا يستره أو يستنيب من يستره (بثوب) أو غيره.
(قال) ابن حنين: (فسلمت عليه) فيه السلام على المتطهر في وضوء أو غسل أو تيمم أو غسل نجاسة، بخلاف القاعد لقضاء الحاجة (فقال: من هذا) فيه دليل على استفهام المسلم عن اسمه إذا لم يعرفه ليخاطبه على ما يليق به (2)؛ لأن كل أحد له خطاب يليق به. (قلت أنا) فيه قول الإنسان: أنا. إذا لم يقصد به تعظيم نفسه، بخلاف قول من كرهه؛ لأن أنا أول من قالها إبليس وحصل له ما حصل.
(عبد الله بن حنين) له أن يسمي نفسه بما يعرف به من كنية أو لقب أو اسم (أرسلني إليك عبد الله بن عباس أسألك: كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم
(1) في (م): يختلف.
(2)
من (م).
يغسل رأسه وهو محرم) وإتيانه (1) بكيف يدل على أنه لم يرسله يسأله (2) عن أصل الغسل؛ لأنه من المعلوم عندهما وعند غيرهما أنه يغتسل من الجنابة إذا أصابته، ويغتسل لدخول مكة، وللوقوف بعرفة، وغيرهما من الأغسال المسنونة، وهي أحد (3) عشر، وإنما يسأله (4) عما وقع الاختلاف فيه بينهما وهي كيفيته، هل يدلك جسمه في الغسل أو لا؟ لأنه يخاف منه قتل الهوام أو إلقاؤها عن رأسه وجسده وإزالة (5) الشعث، ولإمكان (6) هذِه الأمور منع منه المسور ولم يلتفت ابن عباس إلى إمكان هذِه الأمور؛ لأنه إذا ترفق في ذلك سلم (7) مما يتقى من هذِه الأمور.
(قال: فوضع أبو أيوب يده على الثوب) الذي يستتر به (فطأطأه) أي: خفضه (حتى بدا) بألف ساكنة دون همزة. أي: ظهر (لي رأسه) ورأيته كيف يصنع (ثم قال لإنسان) كان (يصب عليه (8): اصبب علي ماء) فيه الاستعانة في الطهارة، ولكن الأولى تركها إلا لحاجة (قال: فصب على رأسه) فيه استحباب البدأة في الغسل بأعالي البدن، وهو الرأس،
(1) في (ر): وإثباته.
(2)
في (م): للسؤال.
(3)
في (م): إحدى.
(4)
في (م): سأله.
(5)
في (م): وإنالة.
(6)
في (م): والإمكان.
(7)
في (م): ليسلم.
(8)
في (ر): علي.
ثم الشق الأيمن، ثم الأيسر وعده بعضهم من الآداب (ثم حرك أبو أيوب رأسه بيده) يوضح هذا رواية مسلم: فأمر أبو أيوب بيديه على رأسه جميعًا على جميع رأسه. أي: إمرارًا لطيفًا، بحيث لا ينتتف شيء من الشعر؛ ليصل الماء إلى أصول شعره (فأقبل بهما وأدبر) أي: مرة واحدة لإطلاقه (ثم قال: هكذا رأيته يفعل)(1) استدل به مالك على اشتراط الدلك في الغسل (2) قال: لأنه لو جاز الغسل بغير ذلك لكان المحرم أحق بأن [يجاز له](3) ترك التدلك، وقد اتفق العلماء (4) على جواز غسل المحرم رأسه وحده عن الجنابة، بل هو واجب عليه، وأما غسله تبردًا فمذهبنا ومذهب الجمهور جوازه بلا كراهة، ويجوز عندنا غسل رأسه بالسدر والخطمي بحيث لا ينتف شعرًا ولا فدية عليه ما لم ينتف شعرًا، وقال أبو حنيفة ومالك: هو حرام يوجب الفدية (5).
(1) في (م): يصنع.
(2)
انظر "المدونة" 1/ 132 - 133.
(3)
من (م).
(4)
من (م).
(5)
"شرح النووي" 8/ 126، و"المبسوط" 4/ 137، و"الاستذكار" 11/ 21.