الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
27 - باب الرَّجُلِ يَحُجُّ، عَنْ غَيْرِهِ
1809 -
حَدَّثَنا القَعْنَبيُّ، عَنْ مالِكٍ، عَنِ ابن شِهابٍ، عَنْ سُلَيْمانَ بْنِ يَسارٍ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ الفَضْلُ بْنُ عَبَّاسٍ رَدِيفَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَجاءَتْهُ امْرَأَةٌ مِنْ خَثْعَمَ تَسْتَفْتِيهِ فَجَعَلَ الفَضْلُ يَنْظُرُ إِلَيْها وَتَنْظُرُ إِلَيْهِ فَجَعَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَصْرِفُ وَجْهَ الفَضْلِ إِلَى الشِّقِّ الآخَرِ فَقَالَتْ: يا رَسُولَ اللهِ إِنَّ فَرِيضَةَ اللهِ عَلَى عِبادِهِ في الحَجِّ أَدْرَكَتْ أَبِي شَيْخًا كَبِيرًا لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَثْبُتَ عَلَى الرَّاحِلَةِ أَفَأَحُجُّ عَنْهُ قَالَ: "نَعَمْ". وَذَلِكَ في حَجَّةِ الوَداعِ (1).
1810 -
حَدَّثَنا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ وَمُسْلِمُ بْنُ إِبْراهِيمَ - بِمَعْناهُ - قالا: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ النُّعْمانِ بْنِ سالِمٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَوْسٍ، عَنْ أَبِي رَزِينٍ - قَالَ حَفْصٌ في حَدِيثِهِ: رَجُلٌ مِنْ بَني عامِرٍ - أَنَّهُ قَالَ: يا رَسُولَ اللهِ إِنَّ أَبِي شَيْخٌ كَبِيرٌ لا يَسْتَطِيعُ الحَجَّ وَلا العُمْرَةَ وَلا الظَّعْنَ. قَالَ: "احْجُجْ عَنْ أَبِيكَ واعْتَمِرْ"(2).
1811 -
حَدَّثَنا إِسْحاقُ بْنُ إِسْماعِيلَ الطَّالقاني وَهَنّادُ بْنُ السَّري - المَعْنَى واحِدٌ - قَالَ إِسْحاقُ - حَدَّثَنا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمانَ، عَنِ ابن أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتادَةَ، عَنْ عَزْرَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابن عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم سَمِعَ رَجُلًا يَقُولُ لَبَّيْكَ، عَنْ شُبْرُمَةَ. قَالَ:"مَنْ شُبْرُمَةَ". قَالَ: أَخٌ لي أَوْ قَرِيبٌ لَي. قَالَ: "حَجَجْتَ، عَنْ نَفْسِكَ". قَالَ: لا. قَالَ: "حُجَّ، عَنْ نَفْسِكَ ثُمَّ حُجَّ، عَنْ شُبْرُمَةَ"(3).
* * *
(1) رواه البخاري (1513، 1854، 1855، 4399، 6228)، ومسلم (1334).
(2)
رواه الترمذي (930)، والنسائي 5/ 111، 117، وابن ماجه (2906)، وأحمد 4/ 10، 11، 12، وابن خزيمة (3040)، وابن حبان (3991).
وصححه الألباني في "صحيح أبي داود"(1588).
(3)
رواه ابن ماجه (2903)، وابن خزيمة (3039)، وابن حبان (3988).
وصححه الألباني في "صحيح أبي داود"(1589).
باب الرجل يحج عن غيره
[1809]
([حدثنا القعنبي، عن مالك، عن ابن شهاب، عن سليمان بن يسار] (1) عن ابن عباس قال: كان الفضل بن عباس) ولم يزل اسمه الفضل في الجاهلية والإسلام، وكان أكبر ولد العباس عم النبي صلى الله عليه وسلم (رديف رسول الله) لما دفع من مزدلفة إلى منى (فجاءته امرأة من خثعم) لم تسم ولا أبوها (فاستفتته) فيه جواز رفع صوت الأجنبية عند الحاجة للاستفتاء والمعاملة وغير ذلك.
(فجعل الفضل ينظر إليها) قال القرطبي: هذا النظر منهما بمقتضى الطباع؛ فإنها مجبولة على الميل إلى [الصورة الحسنة](2)(وتنظر هي إليه) وفي رواية: كان الفضل أبيض وسيمًا (3). أي: جميلا حسن الشعر (4)(فجعل رسول الله يصرف) أي: يمنع (وجه الفضل إلى الشق) بكسر الشين، أي: الجانب (الآخر) فيه تحريم النظر إلى الأجنبية، وإزالة المنكر باليد لمن أمكنه، وفيه الرد من مقتضى الطبع إلى مقتضى الشرع، وفيه دليل على أن المرأة تكشف وجهها عند الإحرام ولا يجب عليها ستره وإن خيف منها الفتنة لكنها تندب إلى ذلك، بخلاف أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فإن الحجاب عليهن فريضة، قاله القرطبي (5).
(1) من مطبوع "السنن".
(2)
في (م): الصوت الحسن.
(3)
في "صحيح مسلم"(1218) حديث جابر في حجة النبي صلى الله عليه وسلم.
(4)
"المفهم" 3/ 441.
(5)
"المفهم" 3/ 441.
قال الطبري: وفي بعض الطرق: فقال العباس: لويت عنق ابن عمك، فقال:"رأيت شابًّا وشابة فلم آمن الشيطان عليهما"(1).
قال أبو عمر بن عبد البر: أصيب بأجنادين في خلافة أبي بكر [سنة ثلاث عشرة](2)، وقيل: مات بطاعون عمواس سنة ثمان عشرة في خلافة عمر (3). ذكره الطبري، قال: وأجنادين بفتح الهمزة وإسكان الجيم وبالنون (4) وفتح الدال المهملة وقد تكسر، وهو الموضع المشهور من نواحي دمشق وكانت الوقعة بين المسلمين والروم.
(فقالت: يا رسول الله إن فريضة الله على عباده في الحج) في قوله {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} (5) الآية (أدركت أبي شيخًا) منصوب (6) على البدل (كبيرًا لا يستطيع أن يثبت على الراحلة) هذا هو المسمى بالمعضوب، والعضب في اللغة القطع، وبه [سُمِّي السيف: عضبا، وكأن من انتهى إلى هذِه الحالة قطعت أعضاؤه عن الانتفاع بها] (7) (أفأحج عنه؟ قال: نعم) فيه: جواز النيابة في الحج عن العاجز الميئوس منه بهرم أو زمانة أو موت، وجواز (8) حج المرأة عن الرجل، وفيه بر الوالدين بالقيام بمصالحهما من قضاء دين وخدمة
(1) رواه الترمذي (885) من حديث علي بن أبي طالب.
(2)
من (م).
(3)
"الإستيعاب"(2083).
(4)
سقط من (م).
(5)
آل عمران: 97.
(6)
في (ر): معضوب.
(7)
من (م).
(8)
في (ر): أو فوات.
ونفقة وحج عنه، وفيه وجوب الحج على من هو عاجز بنفسه مستطيع بغيره كولده، وهو مذهب الجمهور، وقال مالك: لا يحج أحد عن أحد (1) إلا عن ميت لم يحج حجة الإسلام (2).
فإنه رأى مخالفة ظاهر هذا الحديث بعموم قوله {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} (3) الآية، فإن الأصل في الاستطاعة إنما هو القوة بالبدن كقوله تعالى:{فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ} (4)، فلما تعارض ظاهر القرآن وظاهر الحديث رجح مالك ظاهر القرآن؛ لأنه متواتر (وذلك في حجة الوداع) بفتح الواو، وفيه جواز تسمية (5) حجة الوداع بلا كراهة.
[1810]
([حدثنا حفص بن عمر، ومسلم بن إبراهيم، بمعناه قالا: حدثنا شعبة، عن النعمان بن سالم، عن عمرو بن أوس] (6) عن أبي رزين) (7) بفتح الراء [وبعدها زاي مكسورة وبعد الياء نون](8) لقيط بن عامر (قال حفص) بن عمر (في حديثه: رجل من بني عامر أنه قال: يا رسول الله، إن أبي شيخ كبير لا يستطيع الحج والعمرة ولا الظعن) يعني: الارتحال قال الله: {يَوْمَ ظَعْنِكُمْ} (9) والمعنى: لا يستطيع أن
(1) في (ر): ميت.
(2)
"المدونة" 1/ 485، وانظر:"الاستذكار" 12/ 66.
(3)
آل عمران: 97.
(4)
الكهف: 97.
(5)
من (م).
(6)
من مطبوع "السنن".
(7)
في (م): رزيق.
(8)
سقط من (م).
(9)
النحل: 80.
يثبت على الراحلة في السفر ولا يستوي على ظهرها (قال: احجج عن أبيك) فيه دليل على جواز النيابة عن المعضوب الحي في حج الفرض، وكذا التطوع على الصحيح وهو مذهب الشافعي ومالك (1) وأبي حنيفة وأحمد؛ لأن كل عبادة جازت النيابة في فرضها جازت في نفلها كالصدقة (2). وأما قول بعضهم: إنما جازت الاستنابة في الفرض إلا للضرورة فلا يجوز في النفل. وينكر هذا بالتيمم؛ فإنه جوز في الفرض للحاجة ويجوز أيضًا في النفل (واعتمر) فيه دليل على جواز النيابة في العمرة عن الحي المعضوب كما يجوز عن الحج.
[1811]
([حدثنا إسحاق بن إسماعيل الطالقاني، وهناد بن السري المعنى واحد، قال إسحاق: حدثنا عبدة بن سليمان، عن ابن أبي عروبة، عن قتادة] (3) عن عزرة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: أن النبي سمع رجلًا يقول: لبيك عن شبرمة) بشين معجمة مضمومة ثم باء موحدة ساكنة ثم راء مضمومة.
(قال: من شبرمة؟ قال: أخ لي أو قريب لي) رواية ابن حبان في "صحيحه": أخ لي أو قرابة (4)(قال: حججت عن نفسك؟ ) فيه استفصال المفتي من السائل إذا كانت المسألة فيها تفصيل (قال: لا) فيه دليل على جواز الإيثار بالقرب، والمشهور عند الفقهاء: لا يجوز،
(1) كذا! وسبق أن مالكا قال: لا يحج أحد عن أحد إلا عن ميت، فلعله سبق قلم.
(2)
"الأم" 2/ 157، و"المجموع" 7/ 112، و"مواهب الجليل" 4/ 11، و"المبسوط" 4/ 170 - 171، و"المغني" 5/ 19 - 20.
(3)
"صحيح ابن حبان"(3988).
(4)
من مطبوع "السنن".
وفي كثير من الأحاديث الدليل على الجواز.
(قال: حج عن نفسك ثم حج عن شبرمة) و [رواه ابن حبان](1) بإسنادٍ صحيح ولفظه: (فاجعل هذِه عن نفسك ثم حج عن شبرمة) وجزم فيه بأن شبرمة قريب له (2).
وفيه دليل على أن من عليه حجة الإسلام لا يصح حجه عن غيره ولا التطوع بالحج عن الغير، قيل: إذا ما وجب عليه [سواء وجب عليه](3) بنذر أو قضاء، وكذلك من عليه حجة الإسلام لا يصح منه غيرها قبلها عند الشافعية (4) والحنابلة (5). وقال الحنفية (6): لو أحرم بالحج [ولم يعين حجة الإسلام وهي عليه وقعت عن حجة الإسلام استحبابًا، ولو نوى التطوع وقع عن التطوع](7)(8) أو الحج عن الغير وقع عن الغير، وذهب المالكية أنه يصح المنذر والحج عن الغير قبل حجة الإسلام مع الكراهة، وكذلك التطوع بالحج يصح قبل حجة الإسلام مع الكراهة (9).
(1) في (م): رواية ابن ماجه. وهو فيهما جميعا، من طريق محمد بن نمير.
(2)
"سنن ابن ماجه"(2903)، "صحيح ابن حبان"(2988).
(3)
سقط من (م).
(4)
"الأم" 5/ 200.
(5)
انظر: "المغني" 5/ 22.
(6)
في (م): أبو حنيفة.
(7)
سقط من (م).
(8)
"الأصل" 2/ 504، انظر:"بدائع الصنائع" 2/ 163.
(9)
"المدونة" 1/ 485. لكن لا يكون إلا عن ميت.