الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
18 - باب في رُكُوبِ البُدْنِ
1760 -
حَدَّثَنا القَعْنَبيُّ، عَنْ مالِكٍ، عَنْ أَبي الزِّنادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَأى رَجُلًا يَسُوقُ بَدَنَةً. فَقَالَ:"ارْكَبْها". قَالَ: إِنَّها بَدَنَةٌ. فَقَالَ: "ارْكَبْها وَيْلَكَ". في الثَّانِيَةِ أَوْ في الثَّالِثَةِ (1).
1761 -
حَدَّثَنا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنِ ابن جُرَيْجٍ، أَخْبَرَني أَبُو الزُّبَيْرِ: سَأَلْتُ جابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ عَنْ رُكُوبِ الهَدي؟ فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "ارْكَبْها بِالمَعْرُوفِ إِذَا أُلْجِئْتَ إِلَيْها حَتَّى تَجِدَ ظَهْرًا"(2).
* * *
باب في ركوب البدن
[1760]
([حدثنا القعنبي، عن مالك، عن أبي الزناد، عن الأعرج] (3) عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلًا) قال الشيخ شهاب الدين (4) ابن حجر: لم أقف على اسمه بعد طول البحث عنه (5)(يسوق بدنة) ولأبي عوانة: ببدنة أو هدي، ولمسلم: يسوق بدنة مقلدة (فقال: اركبها) زاد النسائي عن أنس: وقد جهده المشي، ولأبي يعلى من طريق الحسن عن أنس: حافيًا.
(ويلك في الثانية أو الثالثة) وفي رواية همام عند مسلم: "ويلك اركبها
(1) رواه البخاري (1689)، ومسلم (1322).
(2)
رواه مسلم (1324).
(3)
من مطبوع "السنن".
(4)
من (م).
(5)
"فتح الباري" 3/ 627.
ويلك اركبها" (1)، ولأحمد عن أبي هريرة: [قال: "اركبها ويحك"] (2) قال: إنها بدنة. قال: "اركبها ويحك" (3)، قال الهروي:(ويح) كلمة (4) تقال لمن وقع في هلكة لا يستحقها فيرثى له، وويل تقال لمن يستحقها ولا يترحم عليه (5).
[قال القرطبي: قال له ذلك تأديبًا لأجل مراجعته مع عدم خفاء الحال عليه (6)](7).
فقيل: إن الرجل ظن أن النبي صلى الله عليه وسلم خفي عليه كونها هديًا فلذلك قال: إنها بدنة، والحق أنه لم يخف ذلك عليه لكونها كانت مقلدة كما تقدم، وقد استدل على جواز ركوب الهدي سواء كان واجبًا أو متطوعًا لكونه صلى الله عليه وسلم لم يستفصل صاحب الهدي عن ذلك، فدل على أن الحكم لا يختلف.
[1761]
([حدثنا أحمد بن حنبل، حدثنا يحيى بن سعيد، عن ابن جريج] (8) أخبرني أبو الزبير) محمد بن مسلم قال (سألت جابر بن عبد الله عن ركوب الهدي فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: اركبها
(1)"صحيح مسلم"(1322/ 372).
(2)
ليست في (م).
(3)
"المسند" 2/ 254.
(4)
من (م).
(5)
شرح النووي" 2/ 57.
(6)
"المفهم" 3/ 423.
(7)
ليست في (م).
(8)
من مطبوع "السنن".
بالمعروف) أي: غير شاق عليها ولا مضر لها (إذا ألجئت إليها) أي: إذا اضطررت إلى ركوبها، قال الروياني: تجوزه من غير حاجة مخالف للنص وهو الذي حكاه الترمذي عن الشافعي (1) وأحمد وإسحاق (2)، وأطلق ابن عبد البر كراهة ركوبها لغير حاجة عن الشافعي ومالك وأبي حنيفة، وأكثر الفقهاء (3)، وقيده صاحب "الهداية" من الحنفية بالاضطرار إلى ذلك (4) وهو المنقول عن الشعبي عند ابن أبي شيبة ولفظه: لا يركب الهدي إلا من لا يجد منه بد (5). ولفظ الشافعي الذي نقله ابن المنذر وترجم له البيهقي: يركب إذا اضطر مركوبًا غير فادح (6)، وقال ابن العربي عن مالك: يركب للضرورة، فإذا استراح نزل، ولا يعود إلى ركوبها إلا لضرورة أخرى (7) وهو مفهوم الحديث.
(حتى تجد ظهرًا) أي: غيرها، فإذا وجده نزل عنها فركبه. ونقل الطحاوي عن أبي حنيفة الجواز بقدر الحاجة ومع ذلك يضمن ما نقص منها بركوبه (8)، وضمان النقص وافق عليه الشافعي (9) في الهدي
(1)"الأم" 2/ 338.
(2)
"مسائل أحمد وإسحاق" رواية الكوسج (1737).
(3)
"التمهيد" 18/ 297.
(4)
"العناية شرح الهداية" 4/ 298 باب الهدي.
(5)
"المصنف" 8/ 581 (15157).
(6)
"الأم" 2/ 338، "السنن الكبرى" للبيهقي 5/ 236.
(7)
انظر: "فتح الباري" 3/ 628.
(8)
"مختصر اختلاف العلماء" 2/ 81، وانظر:"المبسوط" 4/ 161.
(9)
في (م): الشافعية.
الواجب كالنذر، وقال بجواز الركوب مطلقًا من غير حاجة: عروة بن الزبير، ونقله ابن المنذر عن أحمد وإسحاق (1) وهو الذي جزم به النووي في "الروضة" تبعًا لأصلها في الضحايا (2) ويدل عليه ما أخرجه أحمد من طريق علي أنه سئل: هل يُركب الرجلُ الرجلَ (3) هديه؟ فقال: لا بأس، قد كان النبي صلى الله عليه وسلم يمر بالرجال يمشون فيأمرهم بركوب هديه أي (4): هدي النبي صلى الله عليه وسلم. وإسناده صالح.
ونقل ابن العربي عن أبي حنيفة المنع من الركوب مطلقًا (5). ونقل ابن عبد البر عن أهل الظاهر الوجوب تمسكًا بظاهر الأمر (6)، ولمخالفة ما كانت عليه الجاهلية من البحيرة والسائبة.
وروى أبو داود في "المراسيل" عن عطاء: كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمر بالبدنة إذا احتاج إليها سيدها أن يحمل عليها ويركبها غير مهلكها (7)، فإن نتجت حمل عليها ولدها. ولا يمتنع القول بوجوب الركوب إذا تعين طريقًا إلى إنقاذ مهجة مسلم من الهلاك.
واختلف المجيزون: هل يحمل عليها متاعه؟
فمنعه مالك وأجازه الجمهور.
(1)"مسائل أحمد وإسحاق" رواية الكوسج (1737).
(2)
"روضة الطالبين" 3/ 226.
(3)
ليست في (ر).
(4)
ليست في (ر).
(5)
"المبسوط" للسرخسي 4/ 161.
(6)
"الاستذكار" 12/ 254.
(7)
في (م)، و"فتح الباري": منهكها. وفي "المراسيل"(153): منهوكة.
وهل يحمل عليها غير متاعه؟
أجازه الجمهور على التفصيل. ونقل عياض الإجماع على أنه لا يؤجرها (1). وقال الطحاوي في "اختلاف العلماء": قال أصحابنا والشافعي: إن احتلب منها شيئًا تصدق به، فإن أكله تصدق بثمنه (2).
(1)"إكمال المعلم" 4/ 410.
(2)
"مختصر اختلاف العلماء" 2/ 81، وانظر:"فتح الباري" 3/ 628 - 629.