المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌25 - باب في الإقران - شرح سنن أبي داود لابن رسلان - جـ ٨

[ابن رسلان]

فهرس الكتاب

- ‌28 - باب كَراهِيَةِ المَسْأَلَةِ

- ‌29 - باب في الاسْتِعْفاف

- ‌30 - باب الصَّدَقَةِ علَى بَني هاشِمٍ

- ‌31 - باب الفَقِيرِ يُهْدي لِلْغَني مِنَ الصَّدَقَةِ

- ‌32 - باب مَنْ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ ثُمَّ وَرِثَها

- ‌33 - باب في حُقُوقِ المالِ

- ‌34 - باب حَقِّ السّائِلِ

- ‌35 - باب الصَّدَقَةُ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ

- ‌36 - باب ما لا يَجُوزُ مَنْعُهُ

- ‌37 - باب المَسْأَلَةِ في المَساجِدِ

- ‌38 - باب كَراهيَةِ المَسْأَلَةِ بِوَجْهِ اللهِ تَعالَى

- ‌39 - باب عَطِيَّةِ مَنْ سَأَلَ باللهِ

- ‌40 - باب الرَّجُلِ يَخْرُجُ مِنْ مالِهِ

- ‌41 - باب في الرُّخْصَةِ في ذَلِكَ

- ‌42 - باب في فَضْلِ سَقْى الماءِ

- ‌43 - باب في المَنِيحَةِ

- ‌44 - باب أَجْرِ الخازِنِ

- ‌45 - باب المَرْأَةِ تَتَصَدَّقُ مِنْ بَيْتِ زَوْجِها

- ‌46 - باب في صِلَةِ الرَّحِمِ

- ‌47 - باب في الشُّحِّ

- ‌كِتَابُ اللُّقطَةِ

- ‌كِتَابُ المَنَاسِكِ

- ‌1 - باب فَرْضِ الحَجِّ

- ‌2 - باب في المَرْأَةِ تَحُجُّ بِغَيْرِ مَحْرَمٍ

- ‌3 - باب "لا صَرُورَةَ" في الإِسْلامِ

- ‌4 - باب التَّزَوُّدِ في الحَجِّ

- ‌5 - باب التجارة في الحج

- ‌6 - باب

- ‌7 - باب الكَري

- ‌8 - باب في الصَّبي يَحُجُّ

- ‌9 - باب في المَواقِيتِ

- ‌10 - باب الحائِضِ تُهِلُّ بِالحَجِّ

- ‌11 - باب الطِّيبِ عِنْدَ الإِحْرامِ

- ‌12 - باب التَّلْبِيدِ

- ‌13 - باب في الهَدي

- ‌14 - باب في هَدي البَقَرِ

- ‌15 - باب في الإِشْعارِ

- ‌16 - باب تَبْدِيلِ الهَدي

- ‌17 - باب مَنْ بَعَثَ بِهَدْيِهِ وَأَقَامَ

- ‌18 - باب في رُكُوبِ البُدْنِ

- ‌19 - باب في الهَدي إِذا عَطِبَ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ

- ‌20 - باب مَنْ نَحَرَ الهَدي بِيَدِهِ واسْتَعانَ بغَيْرِه

- ‌21 - باب كَيْف تُنْحَرُ البُدْنُ

- ‌22 - باب في وَقْتِ الإِحْرامِ

- ‌23 - باب الاشْتِراطِ في الحَجِّ

- ‌24 - باب في إِفْرادِ الحَجِّ

- ‌25 - باب في الإِقْرانِ

- ‌26 - باب الرَّجُلُ يُهِلُّ بِالحَجّ ثُمَّ يَجْعَلُها عُمْرَةً

- ‌27 - باب الرَّجُلِ يَحُجُّ، عَنْ غَيْرِهِ

- ‌28 - باب كَيْفَ التَّلْبِيَةُ

- ‌29 - باب مَتَى يَقْطَعَ التَّلْبِيَةَ

- ‌30 - باب مَتَى يَقْطَعُ المُعْتَمِرُ التَّلْبِيَةَ

- ‌31 - باب المُحْرِمِ يُؤَدِّبُ غُلَامَهُ

- ‌32 - باب الرَّجُلِ يُحْرِمُ فِي ثِيَابِهِ

- ‌33 - باب ما يَلْبَسُ المُحْرِمُ

- ‌34 - باب المُحْرِمِ يَحْمِلُ السِّلاحَ

- ‌35 - باب في المُحْرِمَةِ تُغَطِّي وَجْهَهَا

- ‌36 - باب في المُحْرِمِ يُظَلَّلُ

- ‌37 - باب المُحْرِم يَحْتَجِمُ

- ‌38 - باب يَكْتَحِلُ المُحْرِمُ

- ‌39 - باب المُحْرِمِ يَغْتَسِلُ

- ‌40 - باب المُحْرِمِ يَتَزَوَّجُ

- ‌41 - باب ما يَقْتُلُ المُحْرِمُ مِنَ الدَّوابِّ

- ‌42 - باب لَحْمِ الصّيْدِ للْمُحْرِمِ

- ‌43 - باب في الجَرادِ لِلْمُحْرِمِ

- ‌44 - باب في الفِدْيَةِ

- ‌45 - باب الإِحصارِ

- ‌46 - باب دُخُولِ مَكَّةَ

- ‌47 - باب في رَفْعِ اليَديْنِ إِذَا رَأى البيْتَ

- ‌48 - باب في تَقْبِيلِ الحَجَرِ

- ‌49 - باب اسْتِلامِ الأَرْكانِ

- ‌50 - باب الطَّوافِ الواجِبِ

- ‌51 - باب الاضْطِباعِ في الطَّوافِ

- ‌52 - باب في الرَّمَلِ

- ‌53 - باب الدُّعاءِ في الطَّوافِ

- ‌54 - باب الطَّوافِ بَعْدَ العَصْرِ

- ‌55 - باب طَوافِ القارِنِ

- ‌56 - باب المُلْتَزَمِ

- ‌57 - باب أَمْرِ الصَّفا والمَرْوَةِ

- ‌58 - باب صِفَةِ حَجَّةِ النَّبي صلى الله عليه وسلم

- ‌59 - باب الوُقُوفِ بِعَرَفَةَ

- ‌60 - باب الخُرُوجِ إِلَى مِنَى

- ‌61 - باب الخُرُوجِ إِلى عَرَفَةَ

- ‌62 - باب الرَّواحِ إِلَى عَرَفَةَ

- ‌63 - باب الخُطْبَةِ عَلَى المِنْبَرِ بِعَرَفَةَ

- ‌64 - باب مَوْضِعِ الوُقُوفِ بِعَرَفَةَ

- ‌65 - باب الدَّفْعَةِ مِنْ عَرَفَةَ

الفصل: ‌25 - باب في الإقران

‌25 - باب في الإِقْرانِ

1795 -

حَدَّثَنا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، قَالَ: حَدَّثَنا هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنا يَحْيَى بْنُ أَبِي إِسْحاقَ وَعَبْدُ العَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ وَحُمَيْدٌ الطَّوِيلُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مالِكٍ أنَّهُمْ سَمِعُوهُ يَقُولُ: سَمِعْت رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُلَبّي بِالحَجِّ والعُمْرَةِ جَمِيعًا يَقُولُ: "لَبَّيْكَ عُمْرَةً وَحَجّا لَبَّيْكَ عُمْرَةً وَحَجّا"(1).

1796 -

حَدَّثَنا أَبُو سَلَمَةَ مُوسَى بْنُ إِسْماعِيلَ، حَدَّثَنا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنا أيُّوبُ، عَنْ أَبي قِلابَةَ، عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم باتَ بِها - يَعْني: بِذي الحُلَيْفَةِ - حَتَّى أَصْبَحَ ثُمَّ رَكِبَ حَتَّى إِذَا اسْتَوَتْ بِهِ عَلَى البَيْداءِ حَمِدَ اللهَ وَسَبَّحَ وَكَبَّرَ ثُمَّ أَهَلَّ بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ وَأَهَلَّ النّاسُ بِهِما، فَلَمّا قَدِمْنا أَمَرَ النّاسَ فَحَلُّوا حَتَّى إِذَا كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ أَهَلُّوا بِالحَجِّ وَنَحَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم سَبْعَ بَدَناتٍ بِيَدِهِ قِيامًا.

قَالَ أَبُو دَاوُدَ: الذي تَفَرَّدَ بِهِ - يَعْني: أَنَسًا - مِنْ هذا الحَدِيثِ أَنَّهُ بَدَأَ بِالحَمْدِ والتَّسْبِيحِ والتَّكْبِيرِ ثُمَّ أَهَلَّ بِالحَجِّ (2).

1797 -

حَدَّثَنا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، قَالَ: حَدَّثَنا حَجّاجٌ، حَدَّثَنا يُونُسُ، عَنْ أَبِي إِسْحاقَ، عَنِ البَراءِ بْنِ عازِبٍ قَالَ: كُنْتُ مَعَ عَلي حِينَ أَمَّرَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى اليَمَنِ قَالَ: فَأَصَبْتُ مَعَهُ أَواقي فَلَمّا قَدِمَ عَلي مِنَ اليَمَنِ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَجَدَ فاطِمَةَ رضي الله عنها قَدْ لَبِسَتْ ثِيابًا صَبِيغًا وَقَدْ نَضَحَتِ البَيْتَ بِنَضُوحٍ فَقَالَتْ: ما لَكَ فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ أَمَرَ أَصْحابَهُ فَأَحَلُّوا! قَالَ: قُلْتُ لَها: إِنِّي أَهْلَلْتُ بِإِهْلالِ النَّبي صلى الله عليه وسلم. قَالَ: فَأَتَيْتُ النَّبي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ لِي: "كَيْفَ صَنَعْتَ؟ ". فَقَالَ: قُلْتُ: أَهْلَلْتُ بِإِهْلالِ النَّبي صلى الله عليه وسلم. قَالَ: "فَإنِّي قَدْ سُقْتُ الهَدي وَقَرَنْتُ". قَالَ: فَقَالَ لِي: "انْحَرْ مِنَ البُدْنِ سَبْعًا وَسِتِّينَ أَوْ سِتّا وَسِتِّينَ وَأَمْسِكْ لِنَفْسِكَ ثَلاثًا

(1) رواه مسلم (1251).

(2)

رواه البخاري (1551).

ص: 349

وَثَلاثِينَ أَوْ أَرْبَعًا وَثَلاثِينَ وَأَمْسِكْ لي مِنْ كُلِّ بَدَنَةٍ مِنْها بَضْعَةً" (1).

1798 -

حَدَّثَنا عُثْمانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الحَمِيدِ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي وائِلٍ قَالَ: قَالَ الصُّبَى بْنُ مَعْبَدٍ أَهْلَلْتُ بِهِما مَعًا. فَقَالَ عُمَرُ هُدِيتَ لِسُنَّةِ نَبِيِّكَ صلى الله عليه وسلم (2)

1799 -

حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ قُدامَةَ بْنِ أَعْيَنَ وَعُثْمانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قالا: حَدَّثَنا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الحَمِيدِ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي وائِلٍ قَالَ: قَالَ الصُّبَى بْنُ مَعْبَدٍ كُنْتُ رَجُلًا أَعْرابِيًّا نَصْرانِيّا فَأَسْلَمْتُ فَأَتَيْتُ رَجُلًا مِنْ عَشِيرَتِي يُقالُ لَهُ: هُذَيْمُ بْنُ ثُرْمُلَةَ، فَقُلْتُ لَهُ: يا هَناهُ إِنّي حَرِيصٌ عَلَى الجِهادِ وَإِنّي وَجَدْتُ الحَجَّ والعُمْرَةَ مَكْتُوبَيْنِ عَلي فَكَيْفَ لي بِأَنْ أَجْمَعَهُما قَالَ: اجْمَعْهُما واذْبَحْ ما اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدي. فَأَهْلَلْتُ بِهِما مَعًا فَلَمّا أَتَيْتُ العُذَيْبَ لَقِيَني سَلْمانُ بْنُ رَبِيعَةَ وَزَيْدُ بْنُ صُوحانَ وَأَنا أهِلُّ بِهِما جَمِيعًا فَقَالَ أَحَدُهُما لِلآخَرِ: ما هذا بِأَفْقَهَ مِنْ بَعِيرِهِ. قَالَ: فَكَأَنَّما أُلْقي عَلي جَبَلٌ حَتَّى أَتَيْتُ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ فَقُلْتُ لَهُ: يا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ إِنّي كُنْتُ رَجُلًا أَعْرابِيّا نَصْرانِيّا وَإِنِّي أَسْلَمْتُ وَأَنا حَرِيصٌ عَلَى الجِهادِ وَإِنّي وَجَدْتُ الحَجَّ والعُمْرَةَ مَكْتُوبَيْنِ عَلي فَأَتَيْتُ رَجُلًا مِنْ قَوْمي فَقَالَ لَي: اجْمَعْهُما واذْبَحْ ما اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدي وَإِنِّي أَهْلَلْتُ بِهِما مَعًا. فَقَالَ لي عُمَرُ رضي الله عنه: هُدِيتَ لِسُنَّةِ نَبِيِّكَ صلى الله عليه وسلم (3).

(1) رواه النسائي 5/ 148، 157. وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" (1577). ورواه البخاري (4349) بلفظ: بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم مع خالد بن الوليد إلى اليمن، قال: ثم بعث عليا بعد ذلك مكانه، فقال:"مر أصحاب خالد من شاء منهم أن يعقب معك فليعقب، ومن شاء فليقبل". فكنت فيمن عقب معه، قال: فغنمت أواق ذوات عدد.

(2)

رواه النسائي 5/ 146، 147، وابن ماجه (2970)، وأحمد 1/ 14، 25، 34، 37، 53، وابن خزيمة (3069)، وابن حبان (3910، 3911). وانظر ما بعده.

وصححه الألباني في "صحيح أبي داود"(1578).

(3)

انظر السابق.

ص: 350

1800 -

حَدَّثَنا النُّفَيْليُّ، حَدَّثَنا مِسْكِينٌ، عَنِ الأَوْزاعِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ ابن عَبَّاسٍ يَقُولُ: حَدَّثَني عُمَرُ بْنُ الخَطّابِ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "أَتاني اللَّيْلَةَ آتٍ مِنْ عِنْدِ رَبّي عز وجل". قَالَ وَهُوَ بِالعَقِيقِ: "وقَالَ صَلِّ في هذا الوادي المُبارَكِ وقَالَ عُمْرَةٌ في حَجَّةٍ".

قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ الوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الواحِدِ في هذا الحَدِيثِ عَنِ الأَوْزاعيِّ: "وَقُلْ عُمْرَةٌ في حَجَّةٍ".

قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَكَذا رَوَاهُ عَلي بْنُ المُبارَكِ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ في هذا الحَدِيثِ وقَالَ: "وَقُلْ عُمْرَةٌ في حَجَّةٍ"(1).

1801 -

حَدَّثَنا هَنّادُ بْن السَّريِّ، حَدَّثَنا ابن أَبِي زائِدَةَ، أَخْبَرَنا عَبْدُ العَزِيزِ، حَدَّثَني الرَّبِيعُ بْنُ سَبْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: خَرَجْنا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى إِذَا كَانَ بِعُسْفانَ قَالَ لَهُ سُراقَةُ بْنُ مالِكٍ المُدْلِجي يا رَسُولَ اللهِ اقْضِ لَنا قَضاءَ قَوْمٍ كَأَنَّما وُلِدُوا اليَوْمَ. فَقَالَ: "إِنَّ اللهَ تَعالَى قَدْ أَدْخَلَ عَلَيْكُمْ في حَجِّكُمْ هذا عُمْرَةً فَإِذَا قَدِمْتُمْ فَمَنْ تَطَوَّفَ بِالبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفا والمَرْوَةِ فَقَدْ حَلَّ إلَّا مَنْ كَانَ مَعَهُ هَدي"(2).

1802 -

حَدَّثَنا عَبْدُ الوَهّابِ بْنُ نَجْدَةَ، حَدَّثَنا شُعَيْبُ بْنُ إِسْحاقَ، عَنِ ابن جُرَيْجٍ ح، حَدَّثَنا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ، حَدَّثَنا يَحْيَى - المَعْنَى - عَنِ ابن جُرَيْجٍ أَخْبَرَني الحَسَنُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ طاوُسٍ، عَنِ ابن عَبّاسٍ أَنَّ مُعاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيانَ أَخْبَرَهُ قَالَ قَصَّرْتُ عَنِ النَّبي صلى الله عليه وسلم بِمِشْقَصٍ عَلَى المَرْوَةِ. أَوْ رَأَيْتُهُ يُقَصَّرُ عَنْهُ عَلَى المَرْوَةِ بِمِشْقَصٍ. قَالَ ابن خَلَّادٍ إِنَّ مُعاوِيَةَ لَمْ يَذْكُرْ أَخْبَرَهُ (3).

1803 -

حَدَّثَنا الحَسَنُ بْنُ عَلي وَمَخْلَدُ بْنُ خالِدٍ وَمُحَمَّدُ بْن يَحْيَى - المَعْنَى -

(1) رواه البخاري (1534، 2337، 7343).

(2)

رواه أحمد 3/ 404، والدارمي (1899).

وصححه الألباني في "صحيح أبي داود"(1580).

(3)

رواه البخاري (1730)، ومسلم (1246). وانظر ما بعده.

ص: 351

قَالُوا: حَدَّثَنا عَبْدُ الرَّزّاقِ أَخْبَرَنا مَعْمَرٌ، عَنِ ابن طاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابن عَبّاسٍ أَنَّ مُعاوِيَةَ قَالَ لَهُ أَما عَلِمْتَ أَنّي قَصَّرْتُ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِمِشْقَصِ أَعْرابي عَلَى المَرْوَةِ - زادَ الحَسَنُ في حَدِيثِهِ - لَحِجَّتِهِ (1).

1804 -

حَدَّثَنا ابن مُعاذٍ، أَخْبَرَنا أبي، حَدَّثَنا شُعْبَةُ، عَنْ مُسْلِمٍ القُرّي سَمِعَ ابن عَبّاسٍ يَقُولُ أَهَلَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم بِعُمْرَةٍ وَأَهَلَّ أَصْحابُهُ بِحَجٍّ (2).

1805 -

حَدَّثَنا عَبْدُ المَلِكِ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ اللَّيْثِ، حَدَّثَني أَبي، عَنْ جَدّي، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابن شِهابٍ، عَنْ سالِمِ بْنِ عَبْدِ اللهِ أن عَبْدَ الله بْنِ عُمَرَ قَالَ: تَمَتَّعَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم في حَجَّةِ الوَدَاعِ بالعُمْرَةِ إِلَى الحَجِّ فَأَهْدى وَساقَ مَعَهُ الهَدي مِنْ ذي الحُلَيْفَةِ وَبَدَأَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَأَهَلَّ بِالعُمْرَةِ ثُمَّ أَهَلَّ بِالحَجِّ وَتَمَتَّعَ النّاسُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِالعُمْرَةِ إِلَى الحَجِّ فَكَانَ مِنَ النّاسِ مَنْ أَهْدى وَساقَ الهَدي وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يُهْدِ فَلَمّا قَدِمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَكَّةَ قَالَ لِلنّاسِ: "مَنْ كَانَ مِنْكُمْ أَهْدى فَإِنَّهُ لا يَحِلُّ لَهُ مِنْ شَيء حَرُمَ مِنْهُ حَتَّى يَقْضي حَجَّهُ وَمَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَهْدى فَلْيَطُفْ بِالبَيْتِ وَبِالصَّفا والمَرْوَةِ وَلْيُقَصِّرْ وَلْيَحْلِلْ ثُمَّ لْيُهِلَّ بِالحَجِّ وَلْيُهْدِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ هَدْيًا فَلْيَصُمْ ثَلاثَةَ أيّامٍ في الحَجِّ وَسَبْعَةً إِذَا رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ". وَطافَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ قَدِمَ مَكَّةَ فاسْتَلَمَ الرُّكْنَ أَوَّلَ شَيء، ثُمَّ خَبَّ ثَلاثَةَ أَطْوافٍ مِنَ السَّبْعِ وَمَشَى أَرْبَعَةَ أَطْوافٍ ثُمَّ رَكَعَ حِينَ قَضَى طَوافَهُ بِالبَيْتِ عِنْدَ المَقامِ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ فانْصَرَفَ فَأَتَى الصَّفا فَطافَ بِالصَّفا والمَرْوَةِ سَبْعَةَ أَطْوافٍ ثُمَّ لَمْ يَحْلِلْ مِنْ شَيء حَرُمَ مِنْهُ حَتَّى قَضَى حَجَّهُ وَنَحَرَ هَدْيَهُ يَوْمَ النَّحْرِ وَأَفاضَ فَطافَ بِالبَيْتِ ثُمَّ حَلَّ مِنْ كُلِّ شَيء حَرُمَ مِنْهُ وَفَعَلَ النّاسُ مِثْلَ ما فَعَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ أَهْدى وَساقَ الهَدي مِنَ النّاسِ (3).

1806 -

حَدَّثَنا القَعْنَبيُّ، عَنْ مالِكٍ، عَنْ نافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ حَفْصَةَ

(1) انظر السابق.

(2)

رواه مسلم (1239).

(3)

رواه البخاري (1691)، ومسلم (1227، 1228).

ص: 352

زَوْجِ النَّبي صلى الله عليه وسلم أَنَّها قَالَتْ: يا رَسُولَ اللهِ ما شَأْنُ النّاسِ قَدْ حَلُّوا وَلَمْ تَحْلِلْ أَنْتَ مِنْ عُمْرَتِكَ فَقَالَ: "إِنّي لَبَّدْتُ رَأْسي وَقَلَّدْتُ هَدْيي فَلا أَحِلُّ حَتَّى أَنْحَرَ الهَدي"(1).

* * *

باب في الإقران

المشهور فيه القران بغير ألف قبل القاف، وهو أن يجمع بين الحج والعمرة في الإحرام، ويقال منه: قرن، ولا يقال: أقرن.

[1795]

([حدثنا أحمد بن حنبل، قال: حدثنا هشيم، أخبرنا يحيى بن أبي إسحاق، وعبد العزيز بن صهيب، وحميد الطويل] (2) عن أنس بن مالك: أنهم سمعوه يقول: سمعت رسول الله يلبي بالحج والعمرة جميعًا) تقدم أن الصحيح أن إحرامه صلى الله عليه وسلم كان مفردًا بالحج أولًا، ثم أدخل عليه العمرة، فسماع أنس أنه كان يلبي بالحج والعمرة إخبار عن حالته الثانية لا عن ابتداء إحرامه، بل أخبر عن حاله حين أمر أصحابه بالتحلل عن حجتهم وقلبه إلى عمرة لمخالفة الجاهلية إلا من كان معه هدي، وأوله بعض أصحابنا على أن أنسًا سمعه يأمر من يلبي بالحج والعمرة كما قالوا في الحديث: رجم (3) ماعز، أي: أمر برجمه، وسبب هذا التأويل أن الإفراد روايته أكثر وأصح.

(يقول: لبيك عمرة وحجًّا) أي: بعمرة وحج كما في رواية، فلما حذف حرف الجر انتصب (لبيك عمرة وحجًّا) فيه دليل على تكرار

(1) رواه البخاري (1566، 1697، 1725، 4398، 5916)، ومسلم (1229).

(2)

من مطبوع "السنن".

(3)

في (م): رحم الله.

ص: 353

التلبية والإكثار منها في كل حال؛ فإنها كما قال ابن عباس: زينة الحج (1). قال الشيخ أبو محمد: لكنه يسر بالتلبية عقب الإحرام ولا يجهر، بل يسمع نفسه فقط، بخلاف ما بعدها فإنه يجهر بها، وفيه دليل على استحباب ذكر ما أحرم به، وفيه دلالة لما نص عليه أحمد في مواضع أنه إذا لبى بالحج والعمرة بدأ بالعمرة (2). وأما حديث جابر رضي الله عنه قال: ما سمى النبي صلى الله عليه وسلم في تلبيته حجًّا ولا عمرة، فرواه الشافعي عن إبراهيم بن محمد (3) وهو ضعيف عند غير الشافعي من أئمة السلف رحمهم الله تعالى.

[1796]

([حدثنا أبو سلمة موسى بن إسماعيل، حدثنا وهيب، حدثنا أيوب، عن أبي قلابة] (4) عن أنس: أن النبي صلى الله عليه وسلم بات بها - يعني: بذي الحليفة - حتى أصبح) فيه [دليل على](5) استحباب المبيت بميقات بلده، (ثم ركب حتى إذا استوت به قائمة على البيداء) بالنصب على حذف حرف الجر (حمد الله وسبح وكبر) فيه دليل على [استحباب تقديم حمد الله تعالى وشكره على هذِه النعمة والتسبيح، والتكبير قبل التلبية شكرًا لله تعالى](6)؛ لحديث: "كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بحمد الله فهو أجزم" أي: مقطوع البركة.

(1) رواه أحمد 1/ 217، وابن أبي شيبة 3/ 195 (13384).

(2)

"المغني" 5/ 104.

(3)

"مسند الشافعي" ص 122

(4)

من مطبوع "السنن".

(5)

من (م).

(6)

في (ر): استحبابه.

ص: 354

(ثم أهل بحج وعمرة) فيه جواز البداءة بالحج على العمرة وهو الموافق لقوله تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ} (1)(ثم أهل الناس بهما بعده)(2) تأسيًا به صلى الله عليه وسلم، وهكذا ينبغي أن يلبي أكبر القوم ويتبعه من دونه.

(فلما قدموا)(3) مكة وطافوا وسعوا وقصروا (أمر الناس فحلوا) أي: أمر من فسخ الحج إلى العمرة ممن كان معه أن يحل من عمرته (حتى إذا كان يوم) بالرفع (4)(التروية) وهو اليوم الذي قبل عرفة كما تقدم (أهلوا بالحج) أي: أحرموا به (ونحر رسول الله) من الهدي الذي كان معه كما تقدم (سبع بدنات بيده) الكريمة كما تقدم الكلام عليه (قيامًا)(5) فيه دليل على نحر الإبل قائمة معقولة كما تقدم.

[1797]

([حدثنا يحيى بن معين، قال: حدثنا حجاج، حدثنا يونس، عن أبي إسحاق] (6) عن البراء بن عازب) رضي الله عنهما؛ لأن عازبًا كان صحابيًّا أيضًا (قال: كنت مع علي رضي الله عنه حين أمَّره) بتشديد الميم (رسول الله على أهل اليمن) وهو صبي، فشكا إليه أنه شاب و (7) لا يدري ما القضاء [فضرب صدره ثم قال:"اللهم اهد قلبه وثبت لسانه" قال: فوالذي فلق الحبة ما شككت في القضاء بين اثنين] (8). (قال: فأصبت معه أواقٍ)

(1) البقرة: 196.

(2)

من (م).

(3)

في (م): قدمنا.

(4)

سقط من (م).

(5)

في (م): قائمًا.

(6)

من مطبوع "السنن".

(7)

من (م).

(8)

سقط من (م). والحديث رواه الحاكم 3/ 153.

ص: 355

بفتح الهمزة جمع أوقية، أصله: أواقيَّ بتشديد الياء فخفف، [وفي بعضها: أواقي بإثبات الياء (قال: ] (1) فلما قدم علي رضي الله عنه من اليمن على رسول الله وجد) (2). (فاطمة وقد لبست ثيابًا صبيغًا) فعيل صبيغات جمع (3) بمعنى مفعول أي: مصبوغة غير بيض (وقد نضحت) بفتح النون، والضاد المعجمة، والحاء المهملة (البيت) في غيبته حين (4) سمعت بحضوره (بنضوح) بفتح النون وضم الضاد المعجمة وبعد الواو حاء مهملة، وهي في الحج محرمة، والنضوح ضرب من الطيب، فغضب لما شم رائحة الطيب وهو قد أحرم، (فقالت لي (5): ما لك) تنكر عليّ ثيابي المصبوغة (فإن رسول الله قد أمر أصحابه فأحلوا؟ ! ) وفي رواية مسلم: فوجد فاطمة ممن حلت ولبست ثيابًا صبيغًا واكتحلت، فأنكر ذلك عليها، قالت: إن (6) أبي أمرني بهذا.

(قال: فأتيت النبي) محرشًا على فاطمة الذي صنعت، ومستفتيًا رسول الله. فيه المبادرة إلى العالم وسؤاله عما يحدث له؛ لقوله تعالى:{فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ} (7)(فقال لي (8) رسول الله: كيف

(1) سقط من (م).

(2)

زاد في (ر): نسخة: وجدت، ولابن داسه: فأدرك زوجته.

(3)

من (م).

(4)

في (م): حتى.

(5)

سقط من (م).

(6)

من (م).

(7)

النحل: 43.

(8)

سقط من (م).

ص: 356

صنعت؟ ) وفي رواية مسلم: "ماذا قلت حين فرضت الحج؟ "(قال: قلت: أهللت بإهلال رسول الله) رواية مسلم في حديث جابر الطويل: قال: قلت: اللهم إني أهل بما أهل به رسول الله. قال: "هل سقت من هدي؟ " قلت: لا. وفي الحديث دليل على صحة الإحرام معلقًا كما تقدم. (قال) رسول الله (فإني قد سقت الهدي) إلى البيت معي (وقرنت) فيه دليل على صحة القران وجوازه [من غير كراهة](1) خلافًا لبعضهم فلا يحل من إحرامك قال: فكان جماعة الهدي الذي قدم به علي من اليمن والذي أتى به رسول الله مائة هدي (2)، هكذا في مسلم.

(قال) علي (فقال لي رسول الله: انحر من البدن سبعًا وستين) بدنة (أو ستًّا وستين) شك من الراوي هكذا هنا، والصحيح ما جاء في "صحيح مسلم" قال النووي والقرطبي [ونقله القاضي] (3) عن جميع الرواة ولفظه: ثم انصرف إلى المنحر فنحر ثلاثًا وستين بيده ثم أعطى عليًّا فنحر ما غبر وأشركه في هديه سواء رواية ابن ماهان فإنه رواه بدنة مكان بيده. وكل صواب حري فنحر ثلاثًا وستين بدنة بيده، قيل: إنما نحر النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثًا وستين؛ لأنها هي التي أتى بها من المدينة كما ذكره الترمذي، وقيل: إنما خص النبي صلى الله عليه وسلم ذلك العدد لأنها منتهى عمره على الأصح في ذلك، فكأنه أهدى عن كل سنة من عمره بدنة (4) وفيه دليل على أن الأفضل من يهدي أو يضحي أن يتولى

(1) من (م).

(2)

و (3) سقط من (م).

(4)

انظر "المفهم" 3/ 341، و"شرح النووي" 8/ 191 - 192.

ص: 357

ذلك بيده وإعطاؤه ما بقي لعلي لينحرها دليل على صحة النيابة في ذلك الذبح لا في النية كما في تفرقة الزكاة، نعم إن وكل في الذبح والنية جاز إن كان الوكيل مسلمًا، غير أنه روي [في غير](1) أبي داود ما يدل على أنه أعطاها ليهديها عن نفسه، وعلى هذا فلا يكونن (2) فيه حجة على الاستنابة.

(وأمسك) بفتح الهمزة (لنفسك ثلاثًا وثلاثين أو أربعًا وثلاثين) تكميل المائة على الشك في الرواية، (وأمسك لي من كل بدنة منها بضعة) بفتح الباء لا غير وهي القطعة من اللحم، ويوضحه رواية مسلم: ثم أمر من كل بدنة ببضعة، فجعلت في قدر وطبخت، فأكل هو وعلي من لحمها وشربا من مرقها (3). وفي غير مسلم: فنحر خمس بدنات أو ست بدنات، وقال:"من شاء فليقتطع"(4) ولم يأكل منهن شيئًا. وفيه دليل على أنه يتصدق من الهدي والأضحية بالأكثر، ولا يختص بالثلث، قال العلماء: لما كان الأكل من الهدي بالكتاب والأكل من الأضحية بالسنة (5) وفي الأكل من كل واحدة من المائة كلفة جعلت في قدر ليكون آكلًا من مرق الجميع الذي فيه جزء من كل واحدة، ويأكل من اللحم المجتمع في المرق ما تيسر منهما وإن لم يأكلا من لحم كل بضعة فقد شربا من

(1) في (م): لي عن.

(2)

في (م): يكون.

(3)

"صحيح مسلم"(8/ 12)

(4)

في (م): بل يقطع.

(5)

من (م).

ص: 358

مرقة كل وخصوصية عليّ رضي الله عنه في المؤاكلة دليل على أنه أشركه في الهدي، وفيه دليل على أن من حلف لا يأكل لحمًا فشرب من مرقه أنه يحنث ولو حلف أن لا يأكل زيتونا فشرب من زيته حنث، وفيه دليل على جواز أكل الهدي من القران.

[1799]

([حدثنا محمد بن قدامة بن أعين، وعثمان بن أبي شيبة المعنى، قالا: حدثنا جرير بن عبد الحميد، عن منصور] (1) عن أبي وائل) شقيق (قال الصُّبَي) بضم الصاد تصغير صبي (بن معبد) بفتح الميم والباء الموحدة (كنت رجلا أعرابيًّا) أي: في البادية وهو موصوف بالجفاء والغلظة لبعده من معاشرة (2) الأكياس (نصرانيًّا [بفتح النون] (3) فأسلمت، فأتيت رجلًا من عشيرتي [أي قبيلتي] (4) يقال له: هديم) بضم الهاء، وفتح الدال مصغر (بن ثرملة) بضم الثاء المثلثة والميم، وهو في الأصل اسم لأنثى الثعالب، (فقلت له (5): هناه) بفتح الهاء الأولى، وتخفيف النون، [أي: يا فلان] (6) ولا تستعمل إلا في النداء خاصة، والهاء الأخيرة تصير تاء في الوصل، وهي بدلٌ (7) من الواو التي في هنوك لا هاء السكت، وقال أكثر البصريين:

(1) من مطبوع "السنن".

(2)

في (م): مجاورة.

(3)

من (م).

(4)

من (م).

(5)

زاد في (م): يا.

(6)

سقط من (م).

(7)

في الأصل: بدلا. والجادة ما أثبتناه.

ص: 359

هي بدل من لام الكلمة في "هن" المشددة، وحكى ابن مالك في الهاء الأخيرة وجهين (1): الضم تشبيهًا بهاء الضمير والكسر على أصل التقاء الساكنين (2)(إني حريص على الجهاد) في سبيل الله (وإني وجدت الحج والعمرة مكتوبين عليَّ) أي: فرضان علي (فكيف لي أن أجمعهما) أي: أجمع الحج والعمرة في وقت واحد (فقال: اجمعهما) في إحرامك بهما والتلبية فيه دليل على صحة القران، وأن الأفضل فيه أن يجمع بين الحج والعمرة، (واذبح) بعد الفراغ من أعمالهما (ما استيسر من الهدي) وهو عند جمهور أهل العلم شاة، قال الحسن: أعلى الهدي بدنة وأوسطه بقرة وأخسه شاة.

(فأهللت) أي: أحرمت (بهما) جميعًا (فلما أتيت العذيب) مصغر قال الجوهري: ماء لتميم (3). (لقيني سليمان بن ربيعة) الباهلي (وزيد بن صوحان)(4) بضم الصاد المهملة وتخفيف الخاء المعجمة، ابن حجر بن الحارث أبو سليمان العبدي الباهلي أخو صعصعة وسيحان (5) أسلم في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وله ترجمة حسنة (6)(وأنا أهل بهما) أي أرفع صوتي بالتلبية بهما، وفيه تكرار التلبية (7) بما أهل به راجلًا أو راكبًا.

(1) في الأصل: وجهان. والجادة ما أثبتناه.

(2)

"همع الهوامع" 2/ 60.

(3)

انظر: "سير أعلام النبلاء" 3/ 525 - 528 (133).

(4)

"الصحاح" 1/ 178.

(5)

في (ر): ضرخان. وفي (م): صوخان.

(6)

في (م): سيخان.

(7)

في (م): التسمية.

ص: 360

(فقال أحدهما للآخر: ما هذا) الراكب على (1) البعير (بأفقه من بعيره) الذي تحته، نسبه إلى الجهل حين ساوى بينه وبين الدابة في عدم المعرفة (فكأنما ألقي علي جبل) لعله قال ذلك خوفًا على عبادته التي (2) هو فيها (3) من الفساد، وهذا من حرصهم على الدين لا على ما نسب إلى الجهل والتشبه (4) بالدابة وهذا من الحلم وترك المؤاخذة بما قيل فيه، فذهبت (حتى أتيت عمر بن الخطاب رضي الله عنه) لأستفتيه فيما أهللت به.

(فقلت (5): يا أمير المؤمنين) هذا يدل على أن هذِه القضية كانت في خلافته.

قال ابن عبد البر: حكيّ أن (6) عمر لما ولي الخلافة قال: كان أبو بكر يقال له: خليفة رسول الله [فكيف يقال لي: خليفة خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم](7) يطول هذا فقال المغيرة بن شعبة: أنت أمير ونحن المؤمنون فأنت أمير المؤمنين (8). قال: فذلك إذًا (إني كنت رجلًا أعرابيًّا نصرانيًّا) فيه الاعتراف بنعمة الله عليه بإخراجه من ظلمة الكفر (9) إلى نور الإسلام.

(وإني أسلمت وأنا حريص على الجهاد) وأفعال الخيرات أتقرب بها

(1) سقط من (م).

(2)

في (ر): الذي.

(3)

في (ر): منها.

(4)

في (ر): النسبة.

(5)

زاد في (م): له.

(6)

زاد في (ر): بن.

(7)

من (م)، وفيها:(يقال له خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم)، والمثبت من مصادر التخريج.

(8)

"الاستيعاب" 3/ 239.

(9)

سقط من (م).

ص: 361

إلى الله (وإني وجدت الحج والعمرة مكتوبتين علي) لأني مستطيع للزاد والراحلة، وفيه أيضًا إظهار لنعمة الله تعالى عليه (1).

(فأتيت رجلًا من قومي) فيه جواز سؤال المفضول مع وجود الفاضل (فقال لي: اجمعهما) أي: في إحرامك وتلبيتك (ثم اذبح ما استيسر من الهدي) فيه دليل على أنه يجب على القارن دم جبرًا لما فاته من الإحرام من الميقات (فأهللت بهما معًا) كما أمرني الرجل.

(فقال عمر: هديت) أي: هداك الله (لسنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم) فيه الدعاء لمن فعل فعلًا يستحسنه الشرع.

[1800]

(حدثنا النفيلي، حدثنا مسكين، عن الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير] (2) عن عكرمة قال: سمعت) عبد الله (ابن عباس يقول: حدثني عمر بن الخطاب أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: أتاني الليلة آتٍ من عند ربي) الظاهر أنه جبريل (قال: وهو بالعقيق) أي: بوادي العقيق بفتح المهملة، وكسر القاف الأولى، وهو وادٍ يدفق ماؤه في غور تهامة، قيل: إنه قبل ذات عرق بمرحلة أو مرحلتين، قال الجوهري: العقيق وادٍ بظاهر (3) المدينة وكل ماء السيل مسيل شقه ماء السيل (4) عقيق (5).

(1) سقط من (م).

(2)

من مطبوع "السنن".

(3)

في الأصل: بظهر. والمثبت من "الصحاح".

(4)

في (م): سيل يشبه ماء السيل.

(5)

"الصحاح"(عقق).

ص: 362

وفي بلاد المغرب (1) مواضع كثيرة كل منها يسمى بالعقيق، وعدها بعضهم عشرة، وقد تقدم في المواقيت أنه بقرب البقيع بينه وبين المدينة أربعة أميال ولم يسم العقيق.

(وقال) الآتي (صل في هذا الوادي المبارك) وظاهر قوله (صل) أن هذِه الصلاة سنة الإحرام، قال الخطابي: يحتمل أن يكون (2)"في" بمعنى "مع" فيكون فيه تفضيل القران أو يزيده عمرة مدرجة أي: عمل العمرة مضمر في عمل الحج يجزئه لهما طواف واحد (3). وفيه تفضيل القران كما بوب عليه المصنف، وفيه فضل المدينة وما قاربها لكون النبي صلى الله عليه وسلم بها (وقل (4): عمرة في حجة).

([قال أبو داود: رواه الوليد بن مسلم وعمر بن عبد الواحد في هذا الحديث عن الأوزاعي، وقال: عمرة في حجة])(5). قال الزركشي: الوجه الرفع، ويجوز النصب على حكاية اللفظ، أي: قل: جعلتها عمرة.

[1801]

([حدثنا هناد بن السري، حدثنا ابن أبي زائدة، أخبرنا عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز، حدثني] (6) الربيع بن سبرة (7)، عن أبيه) سبرة بن معبد (قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا كنا بعسفان)

(1) في (م): العرب.

(2)

في (م): يريد.

(3)

"عمدة القاري" 9/ 212.

(4)

في (م): قيل وفي رواية قال.

(5)

سقط من (م).

(6)

من مطبوع "السنن".

(7)

في (ر): سفرة.

ص: 363

قرية جامعة بها منبر، وهي بين مكة والمدينة على نحو مرحلتين من مكة، قال مالك في "الموطأ": بين مكة وعسفان أربع برد (1). وهو راجع إلى ما تقدم؛ لأن الأربعة برد ثمانية وأربعون ميلًا، وذلك مرحلتان، وفي "المطالع"(2) أن بينهما ستة وثلاثين ميلًا، وتبعه المنذري في حواشيه وليس كذلك، سميت بذلك لتعسف السيول عليها.

(قال له سراقة بن مالك) بن جعشم (المدلجي: يا رسول الله اقض لنا قضاء قوم) أي: [اعلم لنا](3) علم قوم (كأنما وفدا) بالفاء (اليوم) أي: وردوا الآن عليك. (فقال: إن الله قد أدخل عليكم في حجكم عمرة) أي: عمل عمرة من لم يكن معه هدي، وهذا هو فسخ الحج (فإذا قدمتم) إلى مكة (فمن تطوف بالبيت) سبعًا (و) سعى (بين الصفا والمروة) وقصر أو حلق (فقد حل) من إحرامه ليس بالطواف والسعي فقط (4) يحل من إحرامه، بل مع النية والحلق أو التقصير كالمعهود، (إلا من كان معه هدي) فإنه لا يحل حتى يبلغ الهدي محله.

[1802]

([حدثنا عبد الوهاب بن نجدة، حدثنا شعيب بن إسحاق، عن ابن جريج، وحدثنا أبو بكر بن خلاد، حدثنا يحيى، المعنى، عن ابن جريج، أخبرني الحسن بن مسلم، عن طاوس] (5) عن ابن عباس،

(1)"الموطأ" ص 138.

(2)

"مطالع الأنوار" بتحقيقنا 5/ 64.

(3)

في (م): أعلمنا.

(4)

من (م).

(5)

من مطبوع "السنن".

ص: 364

أن معاوية بن أبي سفيان أخبره قال: قصرت) بتشديد الصاد (من شعر النبي صلى الله عليه وسلم بمشقص) بكسر الميم وهو نصل طويل ليس بالعريض، وقال الجوهري: هو من النصال ما طال وعرض (1). وقيل: أراد بالمشقص الجلم [بفتح الجيم](2) واللام وهو الذي (3) يجز به الصوف والشعر أي يقطع، قال ابن الأثير: وهو أشبه بالحديث، قال القرطبي: أحاديث هذا الباب تدل على أن التقصير والحلق نسك يثاب فاعله وهو قول الجمهور؛ لأنه لو كان استباحة محظور [لا يستوي](4) فعله وتركه (5).

قال النووي: في هذا الحديث جواز الاقتصار على التقصير وإن كان الحلق أفضل، وهذا الحديث محمول على أنه قصر عن النبي صلى الله عليه وسلم في عمرة الجعرانة لأنه (6) صلى الله عليه وسلم في حجته (7) كان قارنًا وثبت أنه صلى الله عليه وسلم حلق بمنى وفرق أبو طلحة شعره على الناس، فلا يجوز حمل تقصير معاوية على حجة الوداع، ولا يصح أيضًا حمله على عمرة القضاء الواقعة سنة سبع من الهجرة؛ لأن معاوية لم يكن يومئذٍ مسلمًا، إنما أسلم يوم الفتح سنة ثمانٍ على الصحيح (8).

(1)"الصحاح"(شقص).

(2)

من (م).

(3)

سقط من (م).

(4)

في (م): لاستواء. وفي "المفهم": لاستوى.

(5)

"المفهم" 3/ 403 - 404.

(6)

في (م): لأن النبي.

(7)

في (م): حجة الوداع.

(8)

"شرح النووي" 8/ 231.

ص: 365

(على المروة) فيه دليل على أنه يستحب أن يكون تقصير المعتمر أو حلقه عند المروة؛ لأنها موضع تحلله كما يستحب للحاج أن يكون حلقه وتقصيره في منى؛ لأنها موضع تحلله وحيث حلقا أو قصرا من الحرم جاز، وفيه دليل على جواز الاستنابة في التقصير، (أو رأيته (1) يقصر عنه) فيه دليل على أن الأفضل التقصير عنه بنفسه، وفيه أن العالم يظهر أفعال العبادة ليقتدى [به مطلقًا](2) وينقل عنه.

(على المروة) فيه أن التقصير في أعلى المروة (3) موضع الذكر والدعاء أفضل من أسفلها (بمشقص)(4) فيه أن التقصير بمقص أفضل من السكين ونحوها.

[1803]

([حدثنا الحسن بن علي، ومخلد بن خالد، ومحمد بن يحيى المعنى قالوا: حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر] (5) عن ابن طاوس، عن أبيه) طاوس بن كيسان، (عن ابن عباس: أن معاوية قال له: أما علمت أني قصرت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بمشقص أعرابي) فيه دليل على استعارة ما يحتاج إليه في أداء النسك من مقص وموسى يحلق به أو يستحد عند الإحرام ودابة يركب عليها أو استئجاره ونحو ذلك.

(على المروة) ولم يذكر ما فعل بالشعر، لكن (6) إطلاقه يقتضي جواز

(1) في (م): نائبه.

(2)

سقط من (م).

(3)

في (ر): الموضع.

(4)

في (م): بمقص.

(5)

من مطبوع "السنن".

(6)

في (م): و.

ص: 366

إلقائه على الأرض، لكن الأفضل أن يدفن في مكانٍ ظاهر كما يفعل بالأظفار.

(زاد الحسن) بن علي (لحجته) صح قوله: لا أحل حتى أحرم، [وصح أنه لم يحل من إحرامه حتى يوم النحر] (1) وهو خبر لا يدخله الوهم بخلاف خبر معاوية وغيره أنه قصر عنه وهو على المروة بمشقص فيدخله الوهم لا سيما مع معارضة الأحاديث فعند أحمد عن عطاء: أن معاوية حدث أنه أخذ من أطراف شعره صلى الله عليه وسلم في أيام العشر بمشقص كان معه وهو محرم، فلعل معاوية قصر عنه في عمرة الجعرانة فنسي بعد ذلك وظن أنه كان في حجته، قاله صاحب "الهدي"(2)[ابن القيم، وقال ابن حزم: يحتمل أنه قصر عنه عليه السلام بقية شعر لم يكن طلحة الحلاق استوفاه](3)(4).

[1804]

([ثنا) عبيد الله (بن معاذ] (5)، ثنا شعبة، [عن مسلم) بن مخراق بكسر الميم وسكون المعجمة بعد الألف قاف، (القري]) (6) بضم القاف وتشديد الراء حي من عبد القيس (سمع ابن عباس يقول: أهل النبي صلى الله عليه وسلم بعمرة) لعله أراد بالعمرة إلى الحج كما في الرواية الآتية (وأهل أصحابه بحج) مفرد فأمرهم أن يجعلوا حجهم عمرة.

(1) سقط من (م).

(2)

"زاد المعاد" 2/ 126.

(3)

سقط من (م).

(4)

"حجة الوداع الوداع" 1/ 438.

(5)

غير واضحة في (م).

(6)

غير واضحة في (م).

ص: 367

[1805]

([حدثنا عبد الملك بن شعيب بن الليث، حدثني أبي، عن جدي] (1) عن عقيل) مصغر ([عن ابن شهاب، عن سالم بن عبد الله] (2) أن ابن عمر قال: تمتع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع) إن قيل: كيف تمتع ومعه الهدي؟

فالجواب كما قال النووي وغيره: فمعناه أنه صلى الله عليه وسلم أحرم بالحج مفردًا ثم أحرم بالعمرة فصار قارنًا في إحرامه، والقارن هو متمتع في إحرامه (3)، وفي المعنى أنه قرنه باتحاد الميقات والإحرام والفعل نقلًا (4) وجمعًا بين الأحاديث (5)(بالعمرة إلى الحج، وأهدى [لأنه كان قارنًا وساق معه الهدي])(6) إلى البيت (من ذي الحليفة) فيه دليل على أن الأفضل أن يسوق الهدي من مكان الإحرام، ([وبدأ) بالهمز، أي: ابتدأ (رسول الله صلى الله عليه وسلم) يدل على أن قوله تمتع فيما قبله، أي: أمر به الناس وأباحه لهم؛ لأنه] (7) لو تمتع بالعمرة أولًا ما قال بعده: وبدأ رسول الله (فأهل بالعمرة) ومما يدل على أنه تمتع بمعنى أمر قوله بعده: (8) فكان من الناس من ساق الهدي ومنهم من لم يهد.

(1) من مطبوع "السنن".

(2)

من مطبوع "السنن".

(3)

في (م)، و"شرح النووي": اللغة.

(4)

سقط من (م).

(5)

"شرح النووي" 8/ 208.

(6)

من (م).

(7)

سقط من (م).

(8)

من (م).

ص: 368

(فأهل بالعمرة ثم أهل بالحج)(1) هذا محمول على التلبية في أثناء الإحرام، وليس المراد أنه أحرم في أول مرة (2) بعمرة ثم أحرم بالحج، لأنه يؤدي إلى مخالفة الأحاديث (3) كحديث أنس المتقدم، فإن ظاهره أنه قرن فيهما جميعًا، فإنه حكى فيه لفظه فقال: سمعته يقول: لبيك حجًّا وعمرة، وقد استحب مالك للقارن أن يقدم العمرة اقتداء بهذِه الأخبار (4).

(وتمتع الناس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعمرة إلى الحج) أي: في آخر أمرهم؛ لأن أكثرهم أحرم أولًا بالحج مفردًا ثم فسخ الحج إلى العمرة وصار بعد ذلك متمتعًا (فكان [من الناس] (5) من أهدى) أي: ساق الهدي معه (ومنهم من (6) لم يهد) بضم الياء، وتقدم أن أكثرهم لم يهد وأن الهدي لم يكن إلا مع النبي صلى الله عليه وسلم وطلحة.

(فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم)[مكة زادها الله شرفًا](7)(قال للناس: من كان منكم أهدى) للكعبة.

(فإنه لا يحل) بفتح الياء (8) وضمها (منه شيء حرم منه) يحتمل أن تكون من بمعنى على كقوله تعالى: {وَنَصَرْنَاهُ مِنَ الْقَوْمِ} (9) أي: على

(1) في (ر): بالعمرة.

(2)

في (م): أمره.

(3)

من (م).

(4)

"المدونة" 1/ 422.

(5)

و (6) و (7) من (م).

(8)

من (م)، وفي باقي النسخ: الحاء.

(9)

الأنبياء: 77.

ص: 369

القوم، على رأي الأخفش (1) (حتى يقضي حجه) لقوله تعالى:{حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} (2)، ولم يقل: حتى يقضي حجه وعمرته فإنه قارن كما تقدم، قال [ابن السني] (3): وهذا الحديث من أشكل ما مضى من الأحاديث، وأحاديث الحج أشكل ما في العلم؛ لأنها رواها الثقات فما ثم [من مخرج] (4) وإن حملت على ظواهرها تناقضت فحملها على التأويل لتتفق أولى (ومن لم يكن أهدى فليطف بالبيت وبالصفا والمروة) قيل: هذا أبين شيء وقع في وجوب السعي بين الصفا والمروة (وليقصر) فإن قلت: لم خصص التقصيرَ والحلقُ جائز بل أفضل؟

فالجواب: أنه أمر بالتقصير في العمرة ليبقى له شعر يحلقه في أكمل النسكين وهو الحج؛ فإن الحلق في تحلل الحج أفضل منه في تحلل العمرة (وليحل) أي: ليصير حلالًا يباح له ما كان حرامًا عليه في الإحرام من طيب ونحوه (ثم ليهل) من مكة يوم التروية (بالحج وليهد) بضم الياء، وأما الهاء (5) فيجوز فيها الكسر على الأصل والسكون تخفيفًا (فمن لم يجد هديًا) هناك إما لعدم ثمنه وإما لكونه يباع بأكثر من ثمن المثل.

(فليصم ثلاثة أيام [في الحج])(6) ذهب مالك والشافعي إلى أن ذلك لا يكون إلا بعد الإحرام بالحج وهو مقتضى الآية والحديث (7).

(1)"معاني القرآن" 1/ 51.

(2)

البقرة: 196.

(3)

من (م).

(4)

في (ر): يخرج.

(5)

في (ر): اللام.

(6)

من (م).

(7)

"المدونة" 1/ 431 - 432، و"المجموع" 7/ 185.

ص: 370

وقال أبو حنيفة والثوري: يصح صوم الثلاثة أيام بعد الإحرام [بالعمرة وقبل الإحرام](1) بالحج، ولا يصومها بعد أيام الحج وهو مخالف لنص الكتاب والسنة (2). قال القرطبي: والاختيار عند (3) تقديم صومها في أول الإحرام وآخر وقتها آخر أيام التشريق عندنا وعند الشافعي، فمن فاته صومها في هذِه الأيام صامها عندنا بعد (4)، وقال أبو حنيفة:[آخر وقتها يوم عرفة](5) فمن لم يصمها إلى يوم عرفة فلا صيام عليه ووجب عليه الهدي.

(وسبعة إذا رجع إلى أهله) حمله مالك والشافعي - في أحد قوليه - على الرجوع من منى وأنه يصومها إن شاء بمكة وإن شاء ببلده وهو قول أبي حنيفة. وللشافعي ومالك قول آخر أنه الرجوع إلى بلده ولا يصومها حتى يرجع إلى أهله (6). وهو الصحيح؛ لظاهر الآية.

(وطاف رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قدم مكة فاستلم الركن أول شيء) إما بالقبلة أو باليد، ولا يهمز لأنه مأخوذ من (السلام) بكسر [اللام كذا في "الأم" وصوابه](7) السين. وهو الحجر، وقيل: من السلام بفتح السين؛ لأن ذلك الفعل سلام علي الحجر (8) وأهل اليمن يسمون

(1) سقط من (م).

(2)

"المبسوط" 4/ 201 بمعناه.

(3)

من "المفهم"، وفي النسخ: عند.

(4)

و (5) من (م).

(6)

"المفهم" 3/ 353 - 354.

(7)

من (م).

(8)

من (م).

ص: 371

الركن الذي فيه الحجر (ثم خب) خب قال الشافعي: الخبب (1) الرمل - بفتح الراء والميم - قال: ولا أحب أن يثب من الأرض وثبًا (2). قال الشافعية: الرمل الإسراع في المشي مع تقارب الخطى دون العدو والوثوب (3)(ثلاثة أطواف (4) من السبع) من الحجر الأسود إليه (ومشى أربعة أطواف) وهي باقي الطوافات على هيئته (ثم ركع) أي: صلى (حين قضى طوافه بالبيت) الحرام (عند المقام) أي: خلف مقام إبراهيم لقوله تعالى: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} (5).

(ركعتين)(6) والأفضل تعجيلهما؛ لأن أمرهما خفيف لا يفوت به فضل أول الوقت، (ثم سلم) منهما (فانصرف فأتى الصفا) من الجهة التي فيها باب الصفا إلى المسعى (فطاف بالصفا والمروة سبعة أطواف) أي: سبع مرات.

(ثم لم يحل)[نسخة: يحلل](7)(من شيء حرم منه حتى قضى) أي: أدى (حجه ونحر هديه) في (يوم النحر فأفاض) ثم بينه (فطاف بالبيت) طواف الإفاضة (ثم حل من كل شيء حرم منه) فيه ما تقدم (وفعل الناس مثل ما فعل رسول الله من أهدى وساق الهدي من الناس) وهو

(1) في (ر): الخب.

(2)

"الأم" 2/ 265

(3)

انظر: "روضة الطالبين" 3/ 86.

(4)

زاد في (ر): نسخة: أشواط.

(5)

البقرة: 125.

(6)

من (م).

(7)

سقط من (م).

ص: 372

أفضل الحالتين.

[1806]

([حدثنا القعنبي، عن مالك، عن نافع، عن عبد الله بن عمر] (1) عن حفصة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت: يا رسول الله ما شأن الناس قد حلوا ولم تحلل) بفتح التاء وكسر اللام الأولى، أي: لم تحل، وإظهار التضعيف لغة أهل الحجاز (أنت من عمرتك) قيل: يحتمل أن تريد من حجك؛ لأن معناهما متقارب يقال: حج الرجل البيت (2) إذا قصده لحج أو عمرة، فعبرت حفصة بالعمرة عن الحج، وإن كان كل واحد (3) منهما يقع على نوع مخصوص من القصد والنسك، وقيل: إنها لما سمعته بسرف يأمر الناس بفسخ الحج في العمرة ظنت أنه فسخ الحج فيها، وقيل: إنها (4) اعتقدت أنه كان معتمرًا، قال ابن التين: والأولى بالصواب أنها قالت: لِمَ لَمْ تفسخ حجك في عمرة كفعل غيرك؟ ولعلها لم تسمع قوله: "من كان معه هدي فلا يحل"(فقال: إني لبدت رأسي) والتلبيد أن يجعل المحرم في رأسه شيئًا من الصمغ والعسل ليجتمع الشعر ولئلا يقع فيه القمل.

فإن قيل: ما مدخل التلبيد في الإحرام وغيره (5)؟ .

فالجواب: أن الغرض منه أني مشتغل من أول الأمر (6) بأن يدوم إحرامي إلى أن يبلغ الهدي محله؛ إذ التلبيد إنما يحتاج إليه من طال

(1) من مطبوع "السنن".

(2)

زيادة يقتضيها السياق.

(3)

من (م).

(4)

و (5) سقط من (م).

(6)

في (م): إحرمي.

ص: 373

أمد إحرامه ويمكث كثيرًا في قضاء أعماله، وذكر التلبيد لبيان الواقع أو لتأكيد الأمر (وقلدت هديي) أي: علقت النعل ونحوه في عنق النعم ليعلم أنه هدي (فلا أحل) بفتح الهمزة وكسر الحاء من إحرامي (حتى أنحر (1) الهدي) قال الداودي: فيه أن من لبد وقلد لا يحل حتى يحلق ويفرغ من الحج كله، وقال غيره: ليس في قوله: "لبدت رأسي وقلدت هديي" ما يمنع من أن يحل من عمرته؛ لأن من لبد وقلد وأهل بعمرة ينحر ويحلق عند كمالها، ولا يجب عليه لأجل التلبيد والتقليد أن يردف عليها حجة، وإنما معناه أن في الكلام حذفًا، وذلك أن يعلمها أنه لبد رأسه وقلد الهدي (2) للحج فلا يمكنه التحلل من ذلك قبل أن يبلغ الهدي محله وينحره بمنى بعد كمال حجته، وأما من أحرم بعمرة وأكمل عملها فلا يجوز له أن يردف الحج عليها، ويلزمه أن يحلق، ولا يجوز أن يقول: كره النبي الحلاق لقرب (3) الحج على ما كره (4) مالك من اعتمر أن يحلق إذا قرب من الموسم؛ لأن مالكًا قال: يقصر بدلًا من الحلق ويؤخر شعره لحلاق الحج فيجمع بين الأمرين، وحفصة لم تسأله عن ترك الحلاق، وإنما سألته عن ترك التحلل (5).

(1) بياض في (ر). وسقط من (م).

(2)

سقط من (م).

(3)

في (م): أن يقرن.

(4)

في (م): ذكره.

(5)

بنصه من "المنتقى شرح الموطأ".

ص: 374