الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
56 - باب المُلْتَزَمِ
1898 -
حَدَّثَنا عُثْمانُ بْنُ أَبي شيْبَةَ، حَدَّثَنا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الحَمِيدِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبي زِيادٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبدِ الرَّحْمَنِ بْنِ صَفْوانَ قَالَ: لَمّا فَتَحَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَكَّةَ قُلْتُ: لأَلْبَسَنَّ ثِيابي - وَكَانَتْ داري عَلَى الطَّرِيقِ - فَلأَنْظُرَنَّ كَيْفَ يَصْنَعُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فانْطَلَقْتُ فَرَأيْتُ النَّبي صلى الله عليه وسلم قَدْ خَرَجَ مِنَ الكَعْبَةِ هُوَ وَأَصْحابُهُ وَقَدِ اسْتَلَمُوا البيْتَ مِنَ البابِ إِلَى الحَطِيمِ وَقَدْ وَضَعُوا خُدُودَهُمْ عَلَى البيْتِ وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَسَطَهُمْ (1).
1899 -
حَدَّثَنا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنا المُثَنَّى بْنُ الصَّبّاحِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: طُفْتُ مَعَ عَبْدِ اللهِ فَلَمّا جِئْنا دُبَرَ الكَعْبَةِ قُلْتُ: أَلا تَتَعَوَّذُ. قَالَ: نَعُوذُ باللهِ مِنَ النّارِ. ثمَّ مَضَى حَتَّى اسْتَلَمَ الحَجَرَ وَأَقامَ بَيْنَ الرُّكْنِ والبابِ فَوَضَعَ صَدْرَهُ وَوَجْهَهُ وَذِراعيْهِ وَكَفّيْهِ هَكَذَا وَبَسَطَهُما بَسْطًا ثُمَّ قَالَ هَكَذا رَأيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَفْعَلُهُ (2).
1900 -
حَدَّثَنا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ ميْسَرَةَ، حَدَّثَنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنا السّائِبُ بْنُ عُمَرَ المَخْزُومي، حَدَّثَني مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ السّائِبِ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ كَانَ يَقُودُ ابن عَبّاسٍ فيُقِيمُهُ عِنْدَ الشُّقَّةِ الثّالِثَةِ مِمّا يَلي الرُّكْنَ الذي يَلي الحَجَرَ مِمّا يَلي البابَ فيَقولُ لَهُ ابن عَبّاسٍ: أُنْبِئْتَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يصَلّي ها هُنا فيَقُولُ: "نَعَمْ". فيَقُومُ فيُصَلّي (3).
* * *
(1) رواه أحمد 3/ 430، 431، وابن خزيمة (3017).
وضعفه الألباني في "ضعيف أبي داود"(329).
(2)
رواه ابن ماجه (2962). وضعفه الألباني في "ضعيف أبي داود"(330).
(3)
رواه النسائي 5/ 221، وأحمد 3/ 410.
وضعفه الألباني في "ضعيف أبي داود"(331).
باب الملتزم
روى الطبراني (1) عن مجاهد، عن ابن عباس قال: الملتزم ما بين الركن والباب (2) سمي بذلك؛ لأن الناس يلتزمونه.
[1898]
([حدثنا عثمان بن أبي شيبة، حدثنا] (3) جرير) بفتح (4) الجيم (بن عبد الحميد) الضبي القاضي، مات سنة 188 ([عن يزيد بن أبي زياد، عن مجاهد، عن] (5) عبد الرحمن بن صفوان) بن قدامة (6) القرشي الجمحي الصحابي المشهور.
(قال: لما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة قلت (7): لألبسن) بفتح الباء الموحدة (ثيابي) أي: أحسن ثيابي المعدة لاجتماع الناس (وكانت داري على الطريق) أي: طريق الكعبة (فلأنظرن) بفتح اللام والهمزة كما في لألبسن، وهذِه اللام جواب القسم (كيف يصنع رسول الله صلى الله عليه وسلم) فيه المشي إلى أهل العلم لرؤية أفعالهم وأقوالهم؛ ليقتدى بها وينقل عنه ما رواه منه وما سمعه.
(1) سقط من (م).
(2)
رواه عبد الرزاق 5/ 75 (9047)، وابن أبي شيبة 8/ 292 (13961)، ورواه مالك بلاغًا ص 424.
(3)
من المطبوع.
(4)
في (ر): بضم.
(5)
من المطبوع.
(6)
في (م): نهاية.
(7)
سقط من (م).
قال: (فانطلقت) لذلك (فرأيت) وفي بعض النسخ: فوافقت (النبي صلى الله عليه وسلم قد خرج من الكعبة هو وأصحابه) فيه [دليل على](1) مشروعية الدخول إلى الكعبة منفردًا ومع جماعة، وأن الكبير يخرج أولًا ثم يخرج أتباعه.
(وقد استلموا) يعني: النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، يعني: اعتنقوا (البيت) ثم فسر المكان الذي استلموه من البيت وهو الملتزم، وهو (من الباب) أي: باب الكعبة (إلى الحطيم) وسياق هذا (2) اللفظ يشعر بأن الحطيم هو الحجر الأسود، والمشهور - كما ذكره [الشيخ محب](3) الدين الطبري المكي وغيره - أنه ما (4) بين الركن والباب، فلعله أراد ما بين الباب وانتهاء الحطيم على حذف المضاف فهو انتهاء (5) والله أعلم.
وقال مالك في "المدونة": الحطيم (6) ما بين الباب إلى المقام فيما أخبره بعض الحجبة (7)، وقال ابن جبير (8): هو ما بين الحجر الأسود إلى الباب إلى المقام، وقيل: الحطيم الشاذروان، وسمي هذا الموضع حطيمًا؛ لأن الناس كانوا يحطمون هنالك بالإيمان، ويستجاب فيها
(1) من (م).
(2)
سقط من (م).
(3)
في (ر): محيي.
(4)
سقط من (م).
(5)
في (م): انتهى.
(6)
من (م).
(7)
"المدونة" 1/ 476.
(8)
في (م): حبيب.
الدعاء للمظلوم على الظالم، قيل: من حلف هناك كاذبًا عجلت له العقوبة، وكان ذلك لجحد (1) الناس عن المظالم، فلم يزل ذلك كذلك حتى جاء الإسلام (2) فأخر الله ذلك لما أراد إلى يوم القيامة، ذكره الأزرقي (3).
وفي كتب الحنفية أن الحطيم هو الموضع الذي فيه الميزاب (4). والصحيح أن الحطيم هو الركن، كما جاء مفسرًا في رواية أحمد عن عبد الرحمن بن صفوان قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الركن والباب واضعًا وجهه على البيت (5). وقوله: واضعًا وجهه يحتمل أن يريد به وضع الخد كما جاء (6) في الحديث المتقدم وأطلق عليه وضع الخد (7)، ويحتمل أن يريد به وضع جبهته كهيئة الساجد، وعلى هذا فيكون فيه رد لقول من أنكره وهو مجاهد كان يقول: ضع خدك على البيت ولا تسجد عليه سجودًا تضع جبهتك عليه، والله أعلم.
(وقد وضعوا خدودهم على البيت)[هذا ما بين الركن والباب، وهذا](8) ظاهر في أن المراد بالاستلام وضع الخد لا وضع الجبهة.
(1) في (م): لجرء.
(2)
في (م): الله بالإسلام.
(3)
"أخبار مكة" 2/ 32.
(4)
انظر: "الهداية" للمرغيناني 1/ 138.
(5)
"المسند" 3/ 430، وفي إسناده يزيد بن أبي زياد، وهو ضعيف، كما في "التقريب"(7717).
(6)
من (م).
(7)
في (م): الوجه.
(8)
في (م): وهو ما بين الركن والبيت وهو.
(ورسول الله صلى الله عليه وسلم وسطهم) قال الجوهري: تقول: جلست وسط القوم بالتسكين؛ لأنه ظرف وجلست وسط الدار بالفتح؛ [لأنه اسم (1)](2) قال: وكل وسط يصلح فيه "بين" فهو وسط بالإسكان، وإن لم يصلح فيه "بين" فهو وسط بالفتح، قال الأزهري: كل ما يبين (3) بعضه من بعض [كوسط الصف، والقلادة، والسبحة، وحلقة الناس فهو بالإسكان، وما كان منضمًا لا يبين بعضه من بعض](4) كالساحة والدار والراحة فهو وسط بالفتح قال: وقد أجازوا في المفتوح الإسكان ولم يجيزوا في الساكن الفتح فافهمه (5).
[1899]
([حدثنا مسدد، حدثنا عيسى بن يونس، حدثنا] (6) المثنى) بتشديد النون (بن الصباح) بتشديد الباء الموحدة المكي (عن عمرو بن شعيب، عن أبيه) شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص، قال المنذري (7): سمع شعيب من عبد الله على الصحيح، وفي كتاب ابن ماجه عن أبيه عن جده، فيكون شعيب ومحمد طافا جميعًا مع عبد الله (8).
(1)"الصحاح"(وسط).
(2)
سقط من (م).
(3)
في (ر): بنيت.
(4)
من (م).
(5)
انظر: "تهذيب اللغة"(وسط).
(6)
من المطبوع.
(7)
في (م): النووي.
(8)
"مختصر سنن أبي داود" 2/ 386، وانظر:"سنن ابن ماجه"(2962)، وليس فيه ما قال المنذري، بل هو موافق لرواية المصنف.
(قال) شعيب (طفت (1) مع عبد الله) يعني: جده (فلما جئنا دبر الكعبة) وهو بين الركن اليماني والباب المسدود، وهو مقابل الملتزم المذكور.
قال عمر بن عبد العزيز رحمه الله: إن ذلك الملتزم وهذا المتعوذ (2) بفتح الواو (قلت: ألا تتعوذ؟ ) لأننا أمام المتعوذ.
(قال: نعوذ بالله من النار) ولهذا سمي المتعوذ؛ لأنه يتعوذ عنده من النار كأنهم جعلوا الملتزم موضع رغبة وسؤال، وهذا موضع استعاذة، التجاء، كان جماعة من السلف منهم القاسم بن محمد وعمر بن عبد العزيز وجعفر بن محمد وأيوب السختياني (3) وحميد الطويل يلتزمون هذا المتعوذ (4)، ويروى أن عبد الله بن الزبير لما بلغ القواعد التي أسسها إبراهيم عليه السلام لبناء البيت أتوا على تربة صفراء عثد الحطيم فقال ابن الزبير: هذا قبر إسماعيل عليه السلام، فواراه، رواه ابن (5) إسحاق (6).
(ثم مضى حتى استلم الحجر)(7) الأسود ثم تقدم (وأقام (8) بين الركن) الذي فيه الحجر الأسود (والباب) الذي للكعبة فوضع صدره (ووجهه) أي: خده الأيمن والأيسر (وذراعيه وكفيه هكذا، وبسطهما)
(1) سقط من (م).
(2)
رواه الفاكهي في "أخبار مكة"(247).
(3)
في (م): السجستاني.
(4)
انظر هذه الآثار في "أخبار مكة" للفاكهي 1/ 171 - 173.
(5)
سقط من (م).
(6)
"السيرة" ص 107.
(7)
كذا في (م): وفي باقي النسخ: الركن.
(8)
سقط من (م).
يعني: وبسط (1) كفيه وذراعيه على البيت إلى جهة أعلى (2) الكعبة (بسطًا) لطيفًا، ويجتهد في الدعاء والإخلاص.
ومن الدعاء الوارد عن صالحي السلف [اللائق بالحال، والمنقول عن الشافعي أنه استحبه في "الإملاء" في مختصر الحج الصغير](3): اللهم إن البيت بيتك، والعبد عبدك، وابن عبدك وابن أمتك، حملتني على ما سيرت (4) من خلقك حتى صيرتني في بلادك وبلغتني نعمتك حتى أعنتني على قضاء نسكك، فإن كنت رضيت عني فازدد عني رضا وإلا فمن الآن قبل أن تنأى (5) عن بيتك داري ويبعد عنه مزاري، هذا أوان انصرافي إن أذنت لي غير مستبدل بك ولا ببيتك (6)، ولا راغب عنك ولا عن بيتك، اللهم فاصحبني بالعافية في بدني، والعصمة في ديني، وأحسن منقلبي، وارزقني طاعتك ما أبقيتني، واجمع لي خير الدنيا والآخرة إنك على كل شيء قدير (7).
قوله: "فمن الآن" يجوز فيه ثلاثة أوجه: أجودها ضم الميم وتشديد النون، والثاني كسر الميم وتخفيف النون وفتحها، والثالث كذلك، لكن النون مكسورة. قال النووي: ويتعلق الداعي بهذا الدعاء بأستار الكعبة [في
(1) سقط من (م).
(2)
سقط من (م).
(3)
من (م).
(4)
في (م) و"الأم"، وانظر:"المجموع": سخرت لي.
(5)
في (م): ينادي.
(6)
في (م): بنبئك.
(7)
"الأم" 2/ 344، و"المجموع" 8/ 258 - 259.
تضرعه] (1).
[1900]
([حدثنا عبيد الله بن عمر بن ميسرة، حدثنا يحيى بن سعيد، حدثنا السائب بن عمرو المخزومي، حدثنا محمد بن عبد الله بن السائب] (2) عن أبيه) عبد الله بن السائب بن يزيد الكندي، حج به (3) أبوه السائب وأمه مع النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع وهو ابن سبع سنين، وقيل: ابن عشر سنين، مات سنة إحدى وتسعين.
(أنه كان يقود عبد الله بن عباس) رضي الله عنهما، وكان ابن عباس في حجة الوداع قد ناهز الحلم، وفي آخر عمره حين عمي، وخرج مع معاوية حاجّا فكان لمعاوية موكب ولابن عباس موكب ممن يطلب العلم (فيقيمه عند الشقة) بضم الشين المعجمة وتشديد القاف [وآخره تاء مثناة](4) الشقق التي يسير بها إلى (5) البيت (الثالثة) الشقة الأولى التي على الحجر الأسود، والثانية هي التي قبل الحجر الأسود [وبدأ بالحجر الأسود لأنه أول الطواف، هذا ما ظهر لي، والله أعلم](6).
(مما يلي الركن) العراقي (الذي يلي الحجر) بكسر الحاء المهملة وإسكان الجيم (مما يلي الباب) يشبه أن يكون المراد أنه بين الحجر والباب، قال ابن المنذر: قال عمرو بن علي، عن عاصم بإسناده
(1) من (م).
(2)
من المطبوع.
(3)
في (م): بأبيه.
(4)
في (م): واحدة.
(5)
سقط من (م).
(6)
"أخبار مكة" 1/ 45، وليس فيه ذكر الصلاة.
قال: ثم خرج - يعني: النبي صلى الله عليه وسلم من الكعبة فصلى ركعتين بين الحجر والباب. وقال الشيخ عز الدين بن عبد السلام: إن الحفرة الملاصقة للكعبة بين الباب والحجر هي المكان الذي صلى فيه جبريل بالنبي صلى الله عليه وسلم الصلوات الخمس في يومين حين فرضها الله على أمته واستبعده بعضهم؛ لأن ذلك لو كان صحيحًا لنبهوا عليه بالكتابة في الحفرة، وهذا لا يلزم.
وعن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم: أن جبريل عليه السلام أم به حين فرضت الصلاة عند باب الكعبة مرتين. ورواه الشافعي بإسناد حسن، وفي كتاب الأزرقي أن آدم عليه السلام طاف بالبيت سبعًا حين نزل ثم صلى وجاه باب الكعبة ركعتين (1).
(فيقول له ابن عباس: أنبئت) بضم الهمزة وإسكان النون وكسر الباء الموحدة بعدها همزة ساكنة ثم تاء المخاطب، أي: أخبرت، وفي بعض النسخ: أثبت [بثاء مثلثة](2) بدل الهمزة لكن همزته الأولى مفتوحة مبني للفاعل من الإثبات، وفي آخره تاء المخاطب المفتوحة أدغمت في التاء الأصلية، والأصل فيه الاستفهام استفهام إخبار وتأكيد، وهذا الوجه أظهر، والله أعلم، وفي نسخة: أنبأت (3) بفتح الحروف الأربعة مخففًا.
(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي ها هنا فيقول (4): نعم) هذا يدل على
(1) سقط من (م).
(2)
في (م): بياء مثناة بدل النون وياء مثناة.
(3)
في (م): أثبت.
(4)
في (م): قال.
تقدم الاستفهام فيقوم فيصلي، فيه دليل على التحري في الأماكن التي صلى فيها النبي صلى الله عليه وسلم وفضل الصلاة فيها، قال أصحابنا: المحراب الذي صلى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يجتهد فيه المصلي في تيامنه فيه (1) أو تياسره بخلاف محاريب المسلمين، فإن له أن يجتهد فيها تيامنًا وتياسرًا ليلتفت إليها.
(1) سقط من (م).