المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌46 - باب في صلة الرحم - شرح سنن أبي داود لابن رسلان - جـ ٨

[ابن رسلان]

فهرس الكتاب

- ‌28 - باب كَراهِيَةِ المَسْأَلَةِ

- ‌29 - باب في الاسْتِعْفاف

- ‌30 - باب الصَّدَقَةِ علَى بَني هاشِمٍ

- ‌31 - باب الفَقِيرِ يُهْدي لِلْغَني مِنَ الصَّدَقَةِ

- ‌32 - باب مَنْ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ ثُمَّ وَرِثَها

- ‌33 - باب في حُقُوقِ المالِ

- ‌34 - باب حَقِّ السّائِلِ

- ‌35 - باب الصَّدَقَةُ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ

- ‌36 - باب ما لا يَجُوزُ مَنْعُهُ

- ‌37 - باب المَسْأَلَةِ في المَساجِدِ

- ‌38 - باب كَراهيَةِ المَسْأَلَةِ بِوَجْهِ اللهِ تَعالَى

- ‌39 - باب عَطِيَّةِ مَنْ سَأَلَ باللهِ

- ‌40 - باب الرَّجُلِ يَخْرُجُ مِنْ مالِهِ

- ‌41 - باب في الرُّخْصَةِ في ذَلِكَ

- ‌42 - باب في فَضْلِ سَقْى الماءِ

- ‌43 - باب في المَنِيحَةِ

- ‌44 - باب أَجْرِ الخازِنِ

- ‌45 - باب المَرْأَةِ تَتَصَدَّقُ مِنْ بَيْتِ زَوْجِها

- ‌46 - باب في صِلَةِ الرَّحِمِ

- ‌47 - باب في الشُّحِّ

- ‌كِتَابُ اللُّقطَةِ

- ‌كِتَابُ المَنَاسِكِ

- ‌1 - باب فَرْضِ الحَجِّ

- ‌2 - باب في المَرْأَةِ تَحُجُّ بِغَيْرِ مَحْرَمٍ

- ‌3 - باب "لا صَرُورَةَ" في الإِسْلامِ

- ‌4 - باب التَّزَوُّدِ في الحَجِّ

- ‌5 - باب التجارة في الحج

- ‌6 - باب

- ‌7 - باب الكَري

- ‌8 - باب في الصَّبي يَحُجُّ

- ‌9 - باب في المَواقِيتِ

- ‌10 - باب الحائِضِ تُهِلُّ بِالحَجِّ

- ‌11 - باب الطِّيبِ عِنْدَ الإِحْرامِ

- ‌12 - باب التَّلْبِيدِ

- ‌13 - باب في الهَدي

- ‌14 - باب في هَدي البَقَرِ

- ‌15 - باب في الإِشْعارِ

- ‌16 - باب تَبْدِيلِ الهَدي

- ‌17 - باب مَنْ بَعَثَ بِهَدْيِهِ وَأَقَامَ

- ‌18 - باب في رُكُوبِ البُدْنِ

- ‌19 - باب في الهَدي إِذا عَطِبَ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ

- ‌20 - باب مَنْ نَحَرَ الهَدي بِيَدِهِ واسْتَعانَ بغَيْرِه

- ‌21 - باب كَيْف تُنْحَرُ البُدْنُ

- ‌22 - باب في وَقْتِ الإِحْرامِ

- ‌23 - باب الاشْتِراطِ في الحَجِّ

- ‌24 - باب في إِفْرادِ الحَجِّ

- ‌25 - باب في الإِقْرانِ

- ‌26 - باب الرَّجُلُ يُهِلُّ بِالحَجّ ثُمَّ يَجْعَلُها عُمْرَةً

- ‌27 - باب الرَّجُلِ يَحُجُّ، عَنْ غَيْرِهِ

- ‌28 - باب كَيْفَ التَّلْبِيَةُ

- ‌29 - باب مَتَى يَقْطَعَ التَّلْبِيَةَ

- ‌30 - باب مَتَى يَقْطَعُ المُعْتَمِرُ التَّلْبِيَةَ

- ‌31 - باب المُحْرِمِ يُؤَدِّبُ غُلَامَهُ

- ‌32 - باب الرَّجُلِ يُحْرِمُ فِي ثِيَابِهِ

- ‌33 - باب ما يَلْبَسُ المُحْرِمُ

- ‌34 - باب المُحْرِمِ يَحْمِلُ السِّلاحَ

- ‌35 - باب في المُحْرِمَةِ تُغَطِّي وَجْهَهَا

- ‌36 - باب في المُحْرِمِ يُظَلَّلُ

- ‌37 - باب المُحْرِم يَحْتَجِمُ

- ‌38 - باب يَكْتَحِلُ المُحْرِمُ

- ‌39 - باب المُحْرِمِ يَغْتَسِلُ

- ‌40 - باب المُحْرِمِ يَتَزَوَّجُ

- ‌41 - باب ما يَقْتُلُ المُحْرِمُ مِنَ الدَّوابِّ

- ‌42 - باب لَحْمِ الصّيْدِ للْمُحْرِمِ

- ‌43 - باب في الجَرادِ لِلْمُحْرِمِ

- ‌44 - باب في الفِدْيَةِ

- ‌45 - باب الإِحصارِ

- ‌46 - باب دُخُولِ مَكَّةَ

- ‌47 - باب في رَفْعِ اليَديْنِ إِذَا رَأى البيْتَ

- ‌48 - باب في تَقْبِيلِ الحَجَرِ

- ‌49 - باب اسْتِلامِ الأَرْكانِ

- ‌50 - باب الطَّوافِ الواجِبِ

- ‌51 - باب الاضْطِباعِ في الطَّوافِ

- ‌52 - باب في الرَّمَلِ

- ‌53 - باب الدُّعاءِ في الطَّوافِ

- ‌54 - باب الطَّوافِ بَعْدَ العَصْرِ

- ‌55 - باب طَوافِ القارِنِ

- ‌56 - باب المُلْتَزَمِ

- ‌57 - باب أَمْرِ الصَّفا والمَرْوَةِ

- ‌58 - باب صِفَةِ حَجَّةِ النَّبي صلى الله عليه وسلم

- ‌59 - باب الوُقُوفِ بِعَرَفَةَ

- ‌60 - باب الخُرُوجِ إِلَى مِنَى

- ‌61 - باب الخُرُوجِ إِلى عَرَفَةَ

- ‌62 - باب الرَّواحِ إِلَى عَرَفَةَ

- ‌63 - باب الخُطْبَةِ عَلَى المِنْبَرِ بِعَرَفَةَ

- ‌64 - باب مَوْضِعِ الوُقُوفِ بِعَرَفَةَ

- ‌65 - باب الدَّفْعَةِ مِنْ عَرَفَةَ

الفصل: ‌46 - باب في صلة الرحم

‌46 - باب في صِلَةِ الرَّحِمِ

1689 -

حَدَّثَنا مُوسَى بْنُ إِسْماعِيلَ، حَدَّثَنا حَمّادٌ، عَنْ ثابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: لَمّا نَزَلَتْ {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} قَالَ أَبُو طَلْحَةَ: يا رَسُولَ اللهِ أَرى رَبَّنا يَسْأَلُنا مِنْ أَمْوالِنا، فَإِنّي أُشْهِدُكَ أَنّي قَدْ جَعَلْتُ أَرْضي بِأَرِيحاءَ لَهُ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"اجْعَلْها في قَرابَتِكَ". فَقَسَمَها بَيْنَ حَسّانَ بْنِ ثابِتٍ وَأُبَي بْنِ كَعْبٍ.

قَالَ أَبُو دَاوُدَ: بَلَغَني، عَنِ الأَنْصاري مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ قَالَ أَبُو طَلْحَةَ: زَيْدُ بْنُ سَهْلِ بْنِ الأَسْوَدِ ابْنِ حَرامِ بْنِ عَمْرِو بْنِ زَيْدِ مَناةَ بْنِ عَدي بْنِ عَمْرِو بْنِ مالِكِ بْنِ النَّجّارِ، وَحَسّانُ بْنُ ثابِتِ بْنِ المُنْذِرِ بْنِ حَرامٍ يَجْتَمِعانِ إِلَى حَرامٍ وَهُوَ الأَبُ الثّالِثُ، وَأُبَي بْنُ كَعْبِ بْنِ قَيْسِ بْنِ عَتِيكِ بْنِ زَيْدِ بْنِ مُعاوَيةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ مالِكِ بْنِ النَّجّارِ فَعَمْرٌو يَجْمَعُ حَسّانَ وَأَبا طَلْحَةَ وَأُبَيًّا. قَالَ الأَنْصاري بَيْنَ أُبَي وَأَبي طَلْحَةَ سِتَّةُ آباءٍ (1).

1690 -

حَدَّثَنا هَنّادُ بْنُ السَّري عَنْ عَبْدَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحاقَ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الأَشَجِّ، عَنْ سُلَيْمانَ بْنِ يَسارٍ، عَنْ مَيْمُونَةَ زَوْجِ النَّبي صلى الله عليه وسلم قَالَتْ: كَانَتْ لي جارِيَةٌ فَأَعْتَقْتُها فَدَخَلَ عَلي النَّبي صلى الله عليه وسلم فأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ: "آجَرَكِ اللهُ أَما إِنَّكِ لَوْ كُنْتِ أَعْطَيْتِها أَخْوالَكِ كَانَ أَعْظَمَ لأَجْرِكِ"(2).

1691 -

حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنا سُفْيانُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلانَ، عَنِ المَقْبُري عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ قَالَ: أَمَرَ النَّبي صلى الله عليه وسلم بالصَّدَقَةِ فَقَالَ رَجُلٌ: يا رَسُولَ اللهِ عِنْدي دِينارٌ. فَقَالَ: "تَصَدَّقْ بِهِ عَلَى نَفْسِكَ". قَالَ: عِنْدي آخَرُ. قَالَ: "تَصَدَّقْ بِهِ عَلَى وَلَدِكَ". قَالَ عِنْدي آخَرُ. قَالَ: "تَصَدَّقْ بِهِ عَلَى زَوْجَتِكَ". أَوْ قَالَ: "زَوْجِكَ". قَالَ عِنْدي آخَرُ. قَالَ: "تَصَدَّقْ بهِ عَلَى خادِمِكَ". قَالَ عِنْدي آخَرُ. قَالَ: "أَنْتَ أَبْصَرُ"(3).

(1) رواه مسلم (998).

(2)

رواه البخاري (2592)، ومسلم (999).

(3)

رواه النسائي 5/ 62، وأحمد 2/ 251. وحسنه الألباني في "الإرواء" (895).

ص: 97

1692 -

حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنا سُفْيانُ، حَدَّثَنا أَبُو إِسْحاقَ، عَنْ وَهْبِ بْنِ جابِرٍ الخَيْواني، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "كَفَى بِالمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَقُوتُ"(1).

1693 -

حَدَّثَنا أَحْمَدُ بْنُ صالِحٍ وَيَعْقُوبُ بْنُ كَعْبٍ - وهذا حَدِيثُهُ - قالا: حَدَّثَنا ابن وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَني يُونُسُ، عَنِ الزُّهْري، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ في رِزْقِهِ وَيُنْسَأَ لَهُ في أَثَرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ"(2).

1694 -

حَدَّثَنا مُسَدَّدٌ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبي شَيْبَةَ قالا: حَدَّثَنا سُفْيانُ، عَنِ الزُّهْري، عَنْ أَبي سَلَمَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "قَالَ اللهُ: أَنا الرَّحْمَنُ، وَهي الرَّحِمُ، شَقَقْتُ لَها اسْمًا مِنَ اسْمي، مَنْ وَصَلَها وَصَلْتُهُ وَمَنْ قَطَعَها بَتَتُّهُ"(3).

1695 -

حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ المُتَوَكِّلِ العَسْقَلاني حَدَّثَنا عَبْدُ الرَّزّاقِ أَخْبَرَنا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْري، حَدَّثَني أَبُو سَلَمَةَ أَنَّ الرَّدّادَ اللَّيْثي أَخْبَرَهُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِمَعْناهُ (4).

1696 -

حَدَّثَنا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنا سُفْيانُ، عَنِ الزُّهْري، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ أَبِيهِ يَبْلُغُ بِهِ النَّبي صلى الله عليه وسلم قَالَ:"لا يَدْخُلُ الجَنَّةَ قاطِعُ رَحِمٍ"(5).

1697 -

حَدَّثَنا ابن كَثِيرٍ، أَخْبَرَنا سُفْيانُ، عَنِ الأَعْمَشِ والحَسَنِ بْنِ عَمْرٍو وَفِطْرٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو - قَالَ سُفْيانُ: وَلَمْ يَرْفَعْهُ سُلَيْمانُ إِلَى النَّبي صلى الله عليه وسلم

(1) رواه مسلم (996) بنحوه.

(2)

رواه البخاري (2067)، ومسلم (2557).

(3)

رواه الترمذي (1907)، وأحمد 1/ 191.

وصححه الألباني في "الصحيحة"(520).

(4)

رواه الترمذي (1907)، وأحمد 1/ 191. وصححه الألباني في "الصحيحة" (520).

(5)

رواه البخاري (5984)، ومسلم (2556).

ص: 98

وَرَفَعَهُ فِطْرٌ والحَسَنُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لَيْسَ الواصِلُ بِالمُكافِئِ، ولكن الواصِلَ هُوَ الذي إِذا قُطِعَتْ رَحِمُهُ وَصَلَها"(1).

* * *

باب في صلة الرحم

[1689]

(حدثنا موسى بن إسماعيل قال: حدثنا حماد، عن ثابت، عن أنس رضي الله عنه قال: لما نزلت هذِه الآية)(2): {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ} أي: ثواب البر ({حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا})(من) الداخلة على (ما) للتبعيض بدليل قراءة عبد الله: (حتى تنفقوا بعض ما تحبون)(3) والظاهر أن المحبة هنا هو (4) ميل النفس وتعلقها التعلق التام بالمنفق، فيكون إخراجه على النفس أشق وأصعب من إخراج ما لا تتعلق إليه النفس ذلك التعلق.

ولذلك فسره الحسن والضحاك (5) بأنه: تحبون المال. كقوله تعالى: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ} (6) ويدل على هذِه رواية الصحيحين (7)، لأن عمر قال: يا رسول الله، لم أصب مالًا قط هو أنفس عندي من سهمي الذي هو بخيبر.

ورواية البزار من رواية حمزة بن عبد الله بن عمر: قال عبد الله: حضرتني هذِه الآية: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} فذكرت ما

(1) رواه البخاري (5991).

(2)

من (م).

(3)

انظر: "البرهان في علوم القرآن" 4/ 416.

(4)

من (م).

(5)

"تفسير الطبري" 3/ 347.

(6)

الإنسان: 8.

(7)

البخاري (2737)، مسلم (1632/ 15).

ص: 99

أعطاني الله، فلم أجد شيئًا أحب إلي من جارية رومية فقلت: هي (1) حرة لوجه الله تعالى، فلو أني أعود في شيء جعلته لله لنكحتها. يعني (2): تزوجتها (3).

(قال أبو طلحة) زيد بن سهل الأنصاري (يا رسول الله، أرى ربنا يسألنا من أموالنا) إن ما مدحه الله أو رسوله أو أثنى عليه أو ذكر له ثوابًا أو وصفه بالمحبة أو الرضا يكون في معنى الأمر والسؤال.

وفيه رد لما قال به بعض أصحابنا والمعتزلة من اعتبار الغلو. وإن طلب الأعلى من الأدنى يكون أمرًا كما هو ها هنا، وطلب الأدنى من الأعلى سؤالًا.

(فإني أشهدك أني قد جعلت أرضي باريحا) بفتح الباء الموحدة وألف ساكنة دون همز وكسر الراء والقصر، [وضبطها بعضهم بكسر باء الجر وفتح الهمزة وكسر الراء والمد. أي: التي بأرض أريحا، وأريحا بأرض المقدسة، فإن حفظت فيكون سميت باسمها] (4).

وجاء في ضبطها أوجه كثيرة جمعها ابن الأثير في "النهاية" فقال: تروى بفتح الباء وكسرها، وبفتح الراء وضمها، وبالمد والقصر (5)، فهذِه ثمان لغات. وفي رواية حماد بن سلمة (6) بفتح أوله وكسر الراء

(1) في (م): هذِه.

(2)

في (م): أي.

(3)

"الزهد" لأحمد بن حنبل (1078).

(4)

سقط من (م).

(5)

"النهاية"(برح).

(6)

في (م): سليمان.

ص: 100

[وتقديمها على التحتانية كرواية أبي داود إلا أنه زاد الألف (1).

قال الباجي: أفصحها فتح الباء وسكون الياء، وكسر (2) الراء] (3) مقصور. وكذا جزم ابن (4) الصنعاني (5). وقال: وزنه فيعلاء (6) من البراح. وقال: من ذكره بكسر الموحدة، وظن أنها بئر من آبار المدينة (7) فقد صحف (8).

وهي بستان بالمدينة مقابلة (9) المسجد (له) أي: لله تعالى.

[وفيه دليل على أن: جعلت أرضي لله. من صرائح الوقف](10). وفيه دليل على أن الوقف صحيح وإن لم يذكر سبيله ومصارف دخله وجهته.

(فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اجعلها في قرابتك)[رواية البخاري "اجعلها في فقراء قرابتك" (11)](12) فيه مراعاة القرابة، وفضل الإحسان إليها، وأن الرجل يدخل في صلة الرحم، وأن الرحم لا يختص بالأنثى.

(1) رواية مسلم (998).

(2)

في "فتح الباري": فتح.

(3)

من (م).

(4)

في (م): به.

(5)

في "فتح الباري": الصغاني.

(6)

في (ر): فعيلى.

(7)

زاد بعدها في (ر): وذا اسم امرأة.

(8)

سقط من (م).

(9)

انظر: "فتح الباري" 3/ 382.

(10)

في (م): مستقبلة.

(11)

من (م).

(12)

"صحيح البخاري" قبل حديث (2752) معلقا.

ص: 101

وفيه: أن من وقف وقفًا مطلقًا جاز له أن يعين بعد ذلك (فقسمها بين حسان بن ثابت) الأنصاري. وفيه مراعاة القرابة [وإن بعدت](1) إذ بين أبي طلحة وأبي آباء كثيرة كما سيأتي (وأبي بن كعب) رضي الله عنه.

(قال أبو داود: بلغني عن الأنصاري محمد بن عبد الله) بن المثنى بن عبد الله بن أنس بن مالك قاضي البصرة.

(قال أبو طلحة: زيد بن سهل بن الأسود بن حرام) ضد حلال (بن عمرو بن زيد (2) مناة) بالقصر ([ابن عدي] (3) بن عمرو بن مالك بن النجار) الأنصاري البخاري مشهور بكنيته، شهد العقبة مع (4) السبعين ثم شهد بدرًا وما بعدها (و) أبو الوليد (حسان بن ثابت بن المنذر بن حرام) ضد حلال بن عمرو بن زيد مناة، شاعر رسول الله صلى الله عليه وسلم أشعر أهل المدر (يجتمعان إلى حرام) بن عمرو، وهو الأب الثالث لحسان. وفيه تسمية الجد أبًا (و) أبو المنذر (أُبي بن كعب بن قيس) وقيل: كعب بن المنذر (بن عتيك) بفتح المهملة وكسر المثناة تحت (5)[قيل: عتيك عند أبي داود، وهو وهم](6)(ابن زيد بن معاوية بن عمرو بن مالك ابن النجار) واسم النجار تيم اللات بن ثعلبة بن عمرو بن الخزرج الأكبر.

(1) سقط من (م).

(2)

بعدها في (ر): بن.

(3)

سقط من (م).

(4)

في (ر): بعد.

(5)

في (ر): فوق.

(6)

سقط من (م).

ص: 102

(فعمرو بن مالك يجمع حسان بن ثابت وأبا طلحة) زيد بن سهل (وأُبيًّا) بن كعب (1).

(قال) محمد بن عبد الله (الأنصاري بين أبي) بن كعب (وأبي طلحة) زيد (ستة آباء) كما تقدم.

[1690]

(حدثنا هناد بن السري، عن عبدة) بسكون الموحدة، ابن سليمان الكلابي (عن محمد بن إسحاق)[بن يسار](2) صاحب المغازي (عن بكير بن عبد الله بن الأشج، عن سليمان بن يسار) بتقديم المثناة على السين (3) المهملة.

(عن ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: كانت لي جارية فأعتقتها) فيه: أن الزوجة إذا أعتقت في غيبة زوجها أو وقفت كان صحيحًا (فدخل (4) عليّ النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته. فقال: آجرك الله تعالى) فيه الدعاء لمن صنع معروفًا له (5) أو لغيره أو فيما ينتفع به المسلمون (أما إنك) بكسر الهمزة (لو أعطيتها) فيه: دليل على جواز قول: لو. في أمر قد مضى وغيره أفضل منه. وأما قوله صلى الله عليه وسلم في أن "لو تفتح عمل الشيطان"(6) محمول على التأسف على حظوظ الدنيا ونحوها، وأن هذا الحديث في أمور

(1) في الأصول: "ثابت" والصواب ما أثبتناه.

(2)

سقط من (م).

(3)

من (م).

(4)

بياض في (ر).

(5)

سقط من (م).

(6)

رواه مسلم (2664/ 34) من حديث أبي هريرة.

ص: 103

الدين، فيجمع بين الأحاديث بما ذكرناه (أخوالك) أي: أولاد عوف ابن (1) زهير بن الحارث؛ فإنهم إخوة أمها هند بنت عوف (كان أعظم لأُجرك) عند الله. فيه مراعاة الأفضل فالأفضل في العبادة، وأن الصدقة على الأقارب أفضل من العتق والوقف وغيرهما [وتخصيص الأخوال لأنهم من جهة الأم ولها ثلاثة أرباع البر](2).

[1691]

(حدثنا محمد بن كثير) قال: (أخبرنا سفيان) الثوري (عن محمد بن عجلان) القرشي أحد الفقهاء العاملين، له حلقة في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم يفتي فيها (عن أبي سعيد المقبري، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالصدقة فقال رجل: يا رسول الله، عندي دينار. قال: تصدق به على نفسك) فابدأ بها.

(قال: عندي دينار آخر. قال: تصدق به على ولدك) الظاهر أن هذا في صدقة التطوع، وأنها يصح دفعها إلى أولاده الذين (3) تجب عليه (4) نفقتهم إذا كانوا محتاجين، ويدخل في الولد الذكر والأنثى، وولد الولد عند فقد الولد في معناه كالميراث (5).

(قال: عندي دينار آخر. قال: تصدق به على زوجتك) فيه شاهد على أن امرأة الرجل يقال لها: زوجة بالهاء، وهي لغة قليلة حكاها جماعة من أهل اللغة، والأشهر الأكثر حذفها وبها جاء القرآن. قال الله تعالى:{اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ} (6) وقد جاءت الهاء في الأحاديث الصحيحة

(1) و (2) و (3) سقط من (م).

(4)

في (ر): عليهم. والمثبت من (م).

(5)

في (ر): كما في الميراث.

(6)

البقرة: 35.

ص: 104

وتحسن في كتب الفرائض (1) هذِه اللغة ليفرق بها بين الذكر والأنثى (أو قال: لزوجك) هذِه اللغة المشهورة (2).

قال ابن المنذر: أجمعوا على (3) أن الرجل لا يعطي زوجته من الزكاة؛ لأن نفقتها واجبة عليه فتستغني بها عن الزكاة (4).

وأما إعطاؤها للزوج فقال به الشافعي (5) والثوري (6) وصاحبا أبي حنيفة (7)، وإحدى الروايتين عن مالك (8) وعن أحمد، ورواية المنع عنه مقيدة بالوارث (9) (فقال: عندي آخر. قال: تصدق به على خادمك) فلا يعطى الخادم إلا ما فضل عن الزوجة؛ لأن الرجل إذا وجب في ذمته نفقة للزوجة وعجز عنها يباع الخادم في نفقتها إذا كانت مقيمة على (10) طاعته سواء ترك الإنفاق متعديًا أو لعجزه.

وفيه: دليل على أن الحقوق والفضائل إذا تزاحمت قدم [الآكد فالآكد](11) كما في الحديث، لكن ظاهر الحديث أن نفقة الولد تقدم

(1) بعدها في (م): الفرق بين.

(2)

من (م).

(3)

سقط من (م).

(4)

"الإجماع" لابن المنذر (120).

(5)

انظر: "الحاوي الكبير" 8/ 537.

(6)

في (م): النووي.

(7)

"المبسوط" 3/ 15.

(8)

انظر: "منح الجليل" 2/ 107.

(9)

"المغني" 4/ 100 - 101.

(10)

في (م): في.

(11)

في (م): الأوكد فالأوكد.

ص: 105

على نفقة الزوجة. ومذهب الشافعي: أن نفقة الأصول والفروع لا تجب إلا إذا فضل عن قوته وقوت زوجته يومه وليلته، فإن لم يفضل شيء فلا شيء عليه (1) لهما (2)، فإن نفقة القرابة لا تجب إلا على الموسر الذي هو أهل للمواساة، بخلاف نفقة [الزوجة فإنها تجب على الموسر والمعسر، سواء فرضها القاضي أو لا بخلاف نفقة](3) الأولاد فإنها لا تستقر في الذمة إلا بفرض القاضي. وفي الحديث دليل على أن الأفضل في صدقة التطوع أن ينوعها في جهات الخير ووجوه البر بحسب المصلحة، ولا تنحصر [في جهة](4) بعينها.

وروى (5) أحمد والنسائي هذا الحديث بتقدم نفقة (6) الزوجة على الولد ولفظهما عن أبي هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تصدقوا" قال رجل عندي دينار. قال: "تصدق به على نفسك" قال: عندي دينار آخر. قال: "تصدق به على زوجتك" قال: عندي دينار آخر قال: "تصدق به على ولدك" قال: عندي دينار آخر. قال: "تصدق به على خادمك" قال: عندي دينار آخر قال: "أنت أبصر"(7). واحتج أبو

(1)"المجموع" 18/ 297، وانظر "الأم" 5/ 127.

(2)

من (م).

(3)

سقط من (م).

(4)

في (م): بجهة.

(5)

في (ر): وتقدم الإمام.

(6)

سقط من (م).

(7)

"المسند" 2/ 251، "المجتبى" 5/ 62، وصححه ابن حبان (3337)، والألباني في "صحيح الترغيب والترغيب"(1958).

ص: 106

عبيد به في تحديد الغنى بخمسة دنانير (1)، وهذا (2) تقوية لحديث ابن مسعود في الخمسين درهمًا (3)، كما تقدم.

قال ابن حزم: اختلف يحيى القطان والثوري (4) فقدم يحيى الزوجة على الولد. وقدم سفيان الولد على الزوجة فينبغي أن يكونان سواء؛ لأنه صح (5)(6)(قال: عندي دينار آخر قال: أنت أبصر) أي: أعلم بمصالحك فاصرفه فيها إن شئت من قولهم: بصر يبصر إذا صار عالمًا بالشيء قال الله تعالى: {بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ} (7) أي: علمت بما لم يعلموا به (8) وقوله تعالى: {بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ} (9) قال الأزهري: معنى (10) بصيرة: عالمة بما جنى عليها (11). ويقال: جوارحه بصيرة عليه أي: عالمة شاهدة عليه يوم القيامة.

[1692]

(حدثنا محمد بن كثير، حدثنا سفيان) الثوري. قال: (حدثنا أبو إسحاق) سليمان الشيباني (عن وهب بن جابر الخيواني) بفتح الخاء

(1) انظر: "الأموال" 2/ 68.

(2)

في (ر): ذهبًا.

(3)

رواه ابن أبي شيبة 6/ 519 (1032) من حديث علي وابن مسعود موقوفا.

(4)

في (م): النووي.

(5)

سقط من (م).

(6)

"المحلى" 10/ 105.

(7)

طه: 96.

(8)

من (م).

(9)

القيامة: 14.

(10)

من (م).

(11)

انظر: "تهذيب اللغة" 12/ 174، "لسان العرب" 1/ 292.

ص: 107

المعجمة وسكون المثناة وبعد الألف نون. قال الزمخشري في باب الخاء المعجمة: خيوان موضع باليمن. قال أبو علي القشوري: هو: فيعال (1).

(عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كفى بالمرء إثمًا) رواية (2) مسلم أوله (3) عبد الله بن عمرو أنه قال لقهرمان له: هل أعطيت الرقيق قوتهم؟ . قال: لا. قال: فانطلق فأعطهم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كفى بالمرء إثمًا. ." وبالمرء الباء (4) زائدة وهي في موضع رفع. والتقدير: كفى الله فلو لم يكن له من الإثم إلا هذا لكفاه؛ لعظمه عند الله (أن يضيع من يقوت) رواية مسلم "أن يحبس عمن يملك قوتهم"(5). يقال: قاته يقوته إذا أعطاه قوته. ويقال فيه: أقاته يقيته، وروي "أن يضيع من يقيت" على لغة أقات. والمراد أن يمنع من تلزمه نفقته من زوجة وولد ووالد (6) ويعطي غيرهم ولو صدقة.

[1693]

(حدثنا أحمد بن صالح ويعقوب بن كعب) الحلبي الأنطاكي ثقة صالح (7) سني (8) تفرد عنه أبو داود (وهذا حديثه. قالا: حدثنا عبد الله بن وهب قال: أخبرني يونس، عن الزهري، عن أنس رضي الله عنه قال (9): قال

(1) كذا في الأصول، وفي "الجبال والأمكنة والمياه": شيعال.

"الجبال والأمكنة والمياه" باب "ما في أول الخاء"(خيوان).

(2)

في (م): رواه.

(3)

في (م): عن أبي.

(4)

في (م): السبية.

(5)

"صحيح مسلم"(996).

(6)

و (7) من (م).

(8)

"الكاشف" للذهبي 3/ 293.

(9)

من (م).

ص: 108

رسول الله صلى الله عليه وسلم: من سره أن يبسط عليه في رزقه) بسط الرزق [توسعته وكثرته](1) حقيقة وقيل: يوسع عليه بالبركة فيه.

(وينسأ) بضم أوله وسكون النون وهمزة آخره. أي: يؤخر الله (في أثره) بفتح الهمزة والمثلثة. أي: أجله؛ لأن الأجل تابع للحياة في أثرها، وفي تأخير الأجل سؤال مشهور، وهو أن الأرزاق والآجال مقدرة لا تزيد ولا تنقص لقوله تعالى:{إِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ} (2).

وأجاب العلماء بأجوبة: قال النووي: الصحيح منها أن هذِه الزيادة بالبركة في عمره والتوفيق للطاعات يعني: الكثيرة في الأزمنة اليسيرة وعمارة أوقاته بما فيه منفعة في الآخرة، وصيانتها عن الضياع في غير ذلك فكأنه بكثرة ثناء الناس وذكرهم (3) له لم يمت.

والثاني: أنه بالنسبة فيما يظهر للملائكة وفي اللوح المحفوظ وما كتب فيه فيظهر للملائكة أو في اللوح المحفوظ أن عمره سنة إلا (4) أن يصل رحمه، فإن وصلها زيد أربعين، وقد علم الله تعالى ما سيقع له من ذلك، وهو معنى قوله تعالى:{يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ} (5) فبالنسبة إلى علم الله تعالى وما سبق به وقدره لا زيادة، بل هي مستحيلة، وبالنسبة إلى ما ظهر للمخلوقين بتصور الزيادة وهو مراد الحديث.

(1) في (م): سعة وكثرة.

(2)

الأعراف: 34، النحل:61.

(3)

في (ر): وذكره.

(4)

في (م): إلى.

(5)

الرعد: 39.

ص: 109

والثالث: أن المراد بالزيادة بقاء ذكره الجميل بعده، فكأنه لمن يمت. حكاه القاضي (1) وهو ضعيف (2).

(فليصل رحمه) وحقيقة الصلة العطف على الرحم ورحمتهم والشفقة بهم. قال القاضي عياض: ولا خلاف أن صلة الرحم واجبة في الجملة وقطيعتها معصية (3). والأحاديث الكثيرة تشهد بهذا ولكن الصلة درجات بعضها أرفع من بعض وأدناها ترك المهاجرة، وصلتها بالكلام ولو بالسلام، وتختلف [بأحوال القدرة](4)، والحاجة فمنها واجب، ومنها مستحب ولو وصل بعض الصلة ولم يصل غايتها لا تسمى قاطعًا، ولو قصر عما يقدر عليه وينبغي له لا يسمى واصلًا (5).

[1694]

(حدثنا مسدد وأبو بكر بن أبي شيبة قالا: حدثنا سفيان، عن الزهري، عن أبي سلمة) قيل: اسمه عبد الله، والمشهور اسمه كنيته. روى عن والده.

(عن (6) عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه قال: سمعت (7) رسول الله صلى الله عليه وسلم (8) يقول: قال الله تعالى: أنا الرحمن وهي الرحم شققت لها اسمًا من اسمي)

(1)"إكمال المعلم" 8/ 21.

(2)

انظر: "شرح النووي على مسلم" 16/ 114 - 115.

(3)

"إكمال المعلم" 8/ 20.

(4)

في (م): ذلك باختلاف المقدرة. وفي "شرح النووي": ذلك باختلاف القدرة.

(5)

"شرح النووي على مسلم" 16/ 113.

(6)

من (م).

(7)

في (م): سمع.

(8)

زاد في (م): رجلًا.

ص: 110

الرحمن وفيه دليل (1) صحة القول باشتقاق الأسماء اللغوية بعضها من بعض. وفيه الرد على قوم أنكروا الاشتقاق، وزعموا أن الأسماء كلها موضوعة على ما هي عليه.

وهذا الحديث يبين فساد قولهم. وفيه: دليل على أن الرحمن عربي مشتق من الرحمة كما هو عند الجمهور، خلافًا للأعلم وغيره في قولهم: الرحمن علم كالديوان. وخلافًا لمن أغرب فزعم أنه أعجمي بالخاء المعجمة [فعرف بالخاء قاله ثعلب](2)(فمن وصلها وصلته) صلة الله تعالى لطفه بهم ورحمته إياهم، وعطفه بإحسانه، أو صلتهم بأهل ملكوته الأعلى، وشرح صدورهم (لمعرفته وطاعته (3) ومن قطعها بتته) بتاءين مثناتين. أي: قطعته. ومنه قولهم: طلقها ثلاثًا بتة. أي: قاطعة للوصلة بينهما.

ورواية أحمد: "فمن وصلها أصله، ومن قطعها أقطعه فأبته". أو قال: "من بتتها فأبته"(4). واختلفوا في حد الرحم التي تجب صلتاها فقيل: هو (5) كل ذي رحم محرم (6) بحيث لو كان أحدهما ذكرًا والآخر أنثى حرمت منكحتهما فعلى هذا لا يدخل أولاد العم وأولاد الأخوال (7).

(1) في (م): بيان.

(2)

سقط من (م).

(3)

في (ر): لمعرفة طاعته.

(4)

"المسند" 1/ 191.

(5)

بعدها في (م): في.

(6)

سقط من (م).

(7)

في (م): الأخوات.

ص: 111

واحتج هذا القائل بتحريم الجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها في النكاح ونحوه. وجواز ذلك في بنات الأعمام والأخوال.

وقيل: هو عام في كل ذي رحم من ذوي الأرحام في الميراث فيستوي فيه المحرم وغيره.

ويدل عليه قوله صلى الله عليه وسلم: "أدناك أدناك"(1) هذا كلام القاضي عياض (2).

قال النووي: وهذا القول الثاني هو الصواب. ويدل عليه الحديث الصحيح في أهل مصر: "فإن لهم ذمة ورحمًا"(3) و [حديث: "إن أبر البر](4) أن يصل الرجل أهل ود أبيه" (5) مع أنه لا محرمية بينهما (6).

[1695]

(حدثنا محمد بن المتوكل) بن عبد الرحمن بن حسان (العسقلاني) مولى بني هاشم.

قال ابن حبان [في "الثقات"](7): كان من الحفاظ (8). تفرد عنه أبو داود. قال: (حدثنا عبد الرزاق قال (أخبرنا معمر، عن الزهري، قال: حدثني أبو سلمة: أن الرداد) بتشديد الدال المهملة ويقال: أبو الرداد. قال شيخنا: وهو أصوب (9) الحجازي (الليثي) مقبول (أخبره عن

(1)"صحيح مسلم"(2548/ 2).

(2)

"إكمال المعلم" 8/ 11.

(3)

"صحيح مسلم"(2543/ 226).

(4)

في (م): حدث أبو الزبير.

(5)

"صحيح مسلم"(2552).

(6)

"شرح النووي على مسلم" 16/ 113.

(7)

سقط من (م).

(8)

"الثقات" لابن حبان 9/ 88.

(9)

في (ر): الصواب.

ص: 112

عبد الرحمن بن عوف) أي (أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم) يقول (بمعناه) المتقدم.

[1696]

(حدثنا مسدد، حدثنا سفيان، عن الزهري، عن محمد بن جبير) بالتصغير (بن مطعم عن أبيه) جبير بن مطعم (1) بن عدي بن نوفل القرشي النوفلي أسلم قبل الفتح ونزل المدينة ومات بها.

(يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يدخل الجنة قاطع)(2) فيه تأويلان أحدهما: أنه محمول على من يستحل قطيعة الرحم [بلا سبب](3) ولا شبهة مع علمه بتحريمها، فهو كافر لا يدخل الجنة أبدًا، ويخلد في النار.

والثاني: أن معناه لا يدخلها أول الأمر مع السابقين إلى الجنة بل يعاقب بتأخره عنها القدر الذي يريده الله تعالى بدخول النار ثم يخلصه منها بتوحيده أو يتأخر على (4) الأعراف ونحوه.

والثالث: أنه يخاف على من واظب على قطيعتها أن يفسد قلبه بسبب معصيتها فيختم عليه بالكفر، فلا يدخلها قاطع الرحم التي تقطع وتوصل وتبر (5)، إنما هي معنى من المعاني ليست بجسم، وإنما هي قرابة ونسب [تجمعه رحم (6) والدة، ويتصل](7) بعضه ببعض فيسمى ذلك الإيصال رحمًا، والمعاني لا يتأتى فيها القطع ولا الوصل، فيكون الوصل

(1) من (م).

(2)

و (3) من (م).

(4)

في (م): عن.

(5)

في (م): تيسر.

(6)

في (ر): رحمة. والمثبت الصواب.

(7)

في (م): فيختم عليه بالكفر فلا يدخلها.

ص: 113

والقطع ضرب مثل وحسن استعارة على عادة العرب في استعمال ذلك. والمراد: تعظيم شأنها وعظيم إثم قاطعها بعقوقهم، ولهذا سمي العقوق قطعًا، والعق الشق كأنه قطع ذلك السبب المتصل، والقطيعة: الهجران ويقع (1) الرحم على كل من بينك وبينه نسب من جهة النساء.

وفي رواية على (2) الصحيح: "لا يدخل الجنة (3) قاطع (4) ". قال سفيان: يعني: قاطع رحم (5).

وروى (الطبراني و)(6) الأصبهاني: "لا تنزل الرحمة على قوم بينهم قاطع رحم".

[1697]

(حدثنا محمد بن كثير) قال: (حدثنا سفيان، عن سليمان بن مهران الأعمش، والحسن بن عمرو) الفقيمي الكوفي، ثقة توفي سنة 142 (7)(وفر)(8) بكسر الفاء وسكون الطاء المهملة بعدها راء ابن خليفة المخزومي مولاهم الخياط، له نحو ستين حديثًا، وهو شيعي حبر (9) صدوق، وثقه أحمد وابن معين (10).

(1) في (ر): يقطع.

(2)

سقط من (م).

(3)

من (م).

(4)

بعدها في (م): رحم.

(5)

أخرجه البخاري (5984)، ومسلم (2556/ 18) واللفظ له.

(6)

من (م).

(7)

"الكاشف" للذهبي 1/ 225.

(8)

في (ر): عن فطر.

(9)

في (م): جيد.

(10)

"تهذيب الكمال" 23/ 314.

ص: 114

(عن مجاهد، عن عبد الله بن عمرو ابن العاص قال سفيان: ولم يرفعه سليمان) بن مهران (إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ورفعه فطر والحسن إلى النبي صلى الله عليه وسلم. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليس الواصل) رحمه (بالمكافئ) بهمزة آخره أي: بالذي إذا (1) أحسنوا إليه كافأهم على إحسانهم (ولكن) الواصل (هو الذي إذا انقطعت) بفتح القاف والطاء (رحمه) بالإساءة (2) إليه (وصلها) بأعلى درجات الصلة إن استطاع وإن لم يستطع فبأوسطها كالتردد إليها في بعض الأوقات بالإحسان أو بأدونها كترك المهاجرة.

(1) ساقطة من (م).

(2)

في (م): بالإشارة.

ص: 115