الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإذا لم يجعل السلب للقاتل فهو من جملة الغنيمة، والقاتل وغيره في ذلك سواء.
وقال الشافعي رحمه الله: السلب للقاتل إذا كان من أهل أن يسهم له وقد قتله مقبلا لقوله عليه السلام: «من قتل قتيلا فله سلبه» والظاهر أنه نصب الشرع، لأنه بعث له، ولأن القاتل مقبلا أكثر غناء
ــ
[البناية]
فلا يلزم قطع حقهم، فيتصرف الإمام فيه على ما رأى من مصلحة في أموال المسلمين.
فإن قيل: إن لم يكن فيه إبطال حق الغانمين ففيه إبطال حق الأصناف الثلاثة، وذلك واجب بأن جوازه باعتبار أن المنفل له جعل واحداً من الأصناف الثلاثة.
فلم يكن ثمة إبطال حقهم، إذ يجوز صرف الخمس على أحد الأصناف الثلاثة لما تقدم أنهم مصارف لا يستحقون، لكن ينبغي أن يكون المنفل له فقيراً، لأن الخمس حق المحتاجين لا حق الأغنياء، فجعله للغني إبطال المحتاجين.
[من يستحق السلب من الغنيمة]
م: (وإذا لم يجعل السلب للقاتل فهو من جملة الغنيمة، والقاتل وغيره في ذلك سواء. وقال الشافعي رحمه الله: السلب للقاتل) ش: وبه قال أحمد رحمه الله م: (إذا كان من أهل أن يسهم له) ش: أو من أهل أن يرضخ له عند أحمد. وعند الشافعي من أن يكون له الرضخ، فله في سلبه قولان، في قول كقول أحمد رحمه الله وفي قول: لا سلب له م: (وقد قتله مقبلاً) ش: وقال الأترازي: قال الشافعي: إذا كان القاتل مقبلاً فالسلب للقاتل، انتهى. هذا مصرح أن مقبلاً حال من الضمير المرفوع في وقد قتله، وهذا سهو منه فإنه حال من الضمير المنصوب فيه كما ذكرنا، وقد كتب شيخي العلاء بيده: مقبلاً حال من المفعول، أي حال كون الكافر مقبلاً لا حال كونه مدبراً بالهزيمة.
وكذا قال تاج الشريعة في شرحه: قوله: مقبلاً حال من المفعول، لأن الشرط عنده، أي عند الشافعي كون القتيل مقبلاً، حتى لو قتل منهزماً أو نائماً أو مشغولاً بشيء لم يستحق السلب. قوله: مقبلاً، الواو فيه للحال، ومقبلاً حال أيضاً من الضمير المنصوب في قتله، احترز به عما إذا قتله مدبراً فإنه لا سلب له.
م: (لقوله عليه السلام) ش: أي لقول النبي صلى الله عليه وسلم: م: «من قتل قتيلاً فله سلبه» ش: هذا الحديث أخرجه الجماعة إلا النسائي عن أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه م: (والظاهر أنه) ش: أي أن هذا الحديث م: (نصب الشرع) ش: كما في قوله عليه السلام: «من بدل دينه فاقتلوه» ، فيكون السلب للقاتل سواء شرطه الإمام أو لم يشترط م:(لأنه بعث له) ش: أي لأن النبي صلى الله عليه وسلم بعث لنصب الشرع.
م: (ولأن القاتل مقبلاً) ش: أي كافراً مقبلاً إليه م: (أكثر غناء) ش: أي كفاية في الجهاد م:
فيختص بسلبه إظهارا للتفاوت بينه وبين غيره. ولنا أنه مأخوذ بقوة الجيش غنيمة فيقسم قسمة الغنائم كما نطق به النص. وقال عليه السلام لحبيب بن أبي سلمة: «ليس لك من سلب قتيلك إلا ما طابت به نفس إمامك»
ــ
[البناية]
(فيختص بسلبه إظهارا للتفاوت بينه وبين غيره) ش: أي بين قاتل الكافر المقبل وبين قاتل الكافر المدبر المعر، وقد شرح الأترازي هذا الموضع بناء على قوله: إن مقبلاً حال من القاتل، وقد ذكرنا أنه سهو منه، والمبني أيضاً سهو.
م: (ولنا أنه) ش: أي أن السلب م: (مأخوذ بقوة الجيش غنيمة) ش: على وجه القهر م: (فيقسم قسمة الغنائم كما نطق به النص) ش: وهو قَوْله تَعَالَى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ} [الأنفال: 41] .... الآية.
م: «وقال عليه السلام لحبيب بن أبي سلمة ليس لك من سلب قتيلك إلا ما طابت به نفس إمامك» ش: قال مخرج أحاديث " الهداية ": هكذا وقع في الهداية حبيب بن أبي سلمة، وصوابه حبيب ابن مسلمة. قلت: هكذا هو في كتب أسماء الصحابة، قال أبو عمرو رحمه الله: ذكره في باب الحاء المهملة بفتح الحاء. وقال: حبيب بن مسلمة بن مالك الأكبر وهب بن ثعلبة بن واثلة بن عمرو بن شيبان بن محارب بن فهر بن مالك القرشي الفهري، يكنى أبا عبد الرحمن، يقال له: حبيب الروم، لكثرة دخوله إليهم وسلته منهم.
وولاه عمر بن الخطاب رضي الله عنه أعمال الجزيرة إذ عزل عنها عياض بن غنم، وضم إلى حبيب بن مسلمة أرمينية وأذربيجان وسلمان بن أبي ربيعة أحدهما مدد الصحابة، فتواعد بعضها بعضاً ومات بأرمينية سنة اثنتين وأربعين.
ثم حديثه الذي ذكره المصنف رواه الطبراني في " معجمه " الكبير والأوسط: حدثنا أحمد بن معلا الدمشقي والحسين بن إسحاق التستري وجعفر بن محمد الفريابي قالوا: حدثنا أحمد بن عمار أنا عمرو بن واقد أنا موسى بن سيار عن مكحول «عن جنادة بن أبي أمية قال: نزلنا دابقاً وعلينا أبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنه فبلغ حبيب بن مسلمة أن نبيه صاحب قبرص خرج يريد طريق أذربيجان ومعه زمرد وياقوت ولؤلؤ وغيرها فخرج إليه فقتله فجاء بما معه. فأراد أبو عبيدة أن يخمسه فقال له حبيب بن مسلمة: لا تحرمني رزقا رزقنيه الله تعالى، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل السلب للقاتل، فقال معاذ: يا حبيب إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إنما للمرء ما طابت به نفس إمامه» انتهى. وفي إسناده عمرو بن واقد الدمشقي البصري مولى قريش. قال
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[البناية]
البخاري: منكر الحديث، وقال النسائي: متروك.
ورواه إسحاق بن راهويه في مسنده حدثنا بقية بن الوليد حدثني رجل عن مكحول «عن جنادة بن أبي أمية قال: كنا معسكرين بدابق فذكر لحبيب بن مسلمة الفهري أن نبيه صاحب قبرص خرج بتجارته متجهاً بها إلى طريق أرمينية، فخرج عليه حبيب بن مسلمة فقاتله فجاء بسلبه يحمله على خمسة أبغال من الديباج والياقوت والزمرد والزبرجد.
فأراد حبيب أن يأخذه كله، وأبو عبيدة رضي الله عنه يقول بعضه، فقال حبيب لأبي عبيدة: قد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من قتل قتيلاً فله سلبه " فقال أبو عبيدة: لم يكن ذلك أبداً، وسمع معاذ بن جبل رضي الله عنه بذلك فأتى أبا عبيدة وحبيب يخاصمه، فقال معاذ لحبيب: ألا تتقي الله وتأخذ ما طابت به نفس إمامك، فإنما لك ما طابت نفس إمامك.
وحدثهم معاذ عن النبي صلى الله عليه وسلم فاجتمع رأيهم على ذلك فأعطوه بعد الخمس» فباعه حبيب بألف دينار، وذكره البيهقي في المعرفة بهذا الإسناد، ثم قال: وهو منقطع بين مكحول ومن فوقه، وراويه عن مكحول مجهول، وهذا الإسناد لا يحتج به، انتهى.
وفي هذا الموضع نظر [......] ثلاثة منها ترجع إلى كلام المصنف:
الأول: أنه ذكر حبيب بن أبي سلمة وليس في الصحابة إلا حبيب بن مسلمة، كما ذكرنا.
والثاني: أن الحديث الذي احتج به لأصحابنا ضعيف كما ذكرنا.
والثالث: أن هذا الحديث ليس لحبيب فإنه ما سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم وإنما هو لمعاذ بن جبل سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم ورد على حبيب حين أراد أن يستبد بالسلب الذي أخذه كما ذكرنا.
والنظر الرابع: يرجع إلى الشراح فإنهم كلهم تنكثوا عن التحرير في هذا الموضع ورضوا بما شرحوا فيه بما لا يرضى به من له أدني إلمام بالتصرف في الحديث، وجعلوا هذا حجة على الشافعي، وكيف يكون حجة وفيه ما ذكرنا.
واستدل الأترازي هنا لأصحابنا فقال: وروي في السنن وشرح الآثار مسنداً إلى عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لما كان يوم بدر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من فعل كذا فله كذا " فذهبت شبان الرجال وحبست الشيوخ تحت الرايات، فلما كانت الغنيمة جاء الشبان يطلبون نفلهم، فقالت الشيوخ: لا تستأثروا علينا، فإنا كنا تحت الرايات، ولو انهزمتم كنا ردأ لكم، فأنزل الله عز وجل:{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ} [الأنفال: 1] فقرأ حتى بلغ: {كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ} [الأنفال: 5] أطيعوني في هذا الأمر كما رأيتم عاقبة أمري حيث خرجتم وأنتم