الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال زفر: لا يقطع لأن الإلقاء غير موجب للقطع. كما لو خرج ولم يأخذ، وكذا الأخذ من السكة، كما لو أخذه غيره، ولنا أن الرمي حيلة يعتادها السراق لتعذر الخروج مع المتاع، أو ليتفرغ لقتال صاحب الدار أو الفرار، ولم تعترض عليه يد معتبرة، فاعتبر الكل فعلا واحدا، وإذا خرج ولم يأخذه فهو مضيع لا سارق.
وكذلك إذا حمله على حمار فساقه وأخرجه؛ لأن سيره مضاف إليه لسوقه، وإذا
دخل الحرز جماعة فتولى الأخذ بعضهم
قطعوا جميعا. قال هذا استحسان، والقياس أن يقطع الحامل وحده، وهو قول زفر رحمه الله؛ لأن الإخراج وجد منه فتمت السرقة به. ولنا أن الإخراج من الكل معنى
ــ
[البناية]
م: (وقال زفر: لا يقطع؛ لأن الإلقاء غير موجب للقطع، كما لو خرج ولم يأخذ، وكذا الأخذ من السكة) ش: أي وكذا أخذه من السكة أي أخذ سارق المال من السكة حيث لا يقطع عند زفر رحمه الله م: (كما لو أخذه غيره) ش: أي من السكة عليه القطع.
م: (ولنا أن الرمي حيلة يعتادها السراق لتعذر الخروج مع المتاع أو ليتفرغ لقتال صاحب الدار أو الفرار ولم تعترض عليه يد معتبرة) ش: لأنه خرج ويده ثابتة عليه، وهذا جواب عن قول زفر رحمه الله كما لو أخذه غيره، فإن هناك اعتراضا، عليه يد معتبرة، فأوجب سقوط يد الحاكمة للسارق.
وحاصله أن هذا السارق ثبت عليه بالأخذ كما مثله أن يد السارق بغيره ثبت عليه بالأخذ ثم بالرمي إلى الطريق ولم تدل يده حكماً؛ لعدم اعتراض الأخرى على يده م: (فاعتبر الكل) ش: أي إلقاءه في الطريق ثم أخذه م: (فعلاً واحداً) ش: كما إذا أخذ المال وخرج معه من الحرز فإنه فعل واحد، كذلك هنا.
م: (وإذا خرج) ش: أي السارق من الدار م: (ولم يأخذه فهو مضيع لا سارق) ش: فلا قطع عليه م: (وكذلك إذا حمله على حمار فساقه وأخرجه) ش: أي يقطع، به قالت الأئمة الثلاثة م:(لأن سيره) أي سير الحمار م: (مضاف إليه لسوقه) ش: وقال في خلاصة الفتاوى: ولو ذهب السارق إلى منزله فخرج الحمار بعد ذلك حتى جاء به إلى منزله.
وقال أيضاً: رجل دخل الدار وجمع المتاع في الليل وطرح في نهر كان فيها وخرج وأخذه وإن كان للماء قعرة أخرجه بنفسه لا يقطع، وعند الثلاثة يقطع. وفي " مبسوط شيخ الإسلام ": وهو وإن لم يكن للماء قعرة إخراج المتاع، لكنه أخرجه بتحريك يقطع. وفي مبسوط أبي البر: ولو علقه على عنق كلب فزجره يقطع. ولو خرج من غير زجر لا يقطع، وبه قال الشافعي وأحمد - رحمهما الله - في وجه.
[دخل الحرز جماعة فتولى الأخذ بعضهم]
(وإذا دخل الحرز جماعة فتولى الأخذ بعضهم قطعواً جميعاً) ش: هذا لفظ القدوري م: (قال) ش: أي المصنف: رحمه الله م: (هذا استحسان، والقياس أن يقطع الحامل وحده، وهو قول زفر رحمه الله) ش: وبه قالت الأئمة الثلاثة م: (لأن الإخراج وجد منه) ش: أي من الحامل م: (فتمت السرقة به) ش: أي الحامل م: (ولنا أن الإخراج من الكل معنى) ش: أي من حيث المعنى
للمعاونة كما في السرقة الكبرى، وهذا لأن المعتاد فيما بينهم أن يحمل البعض المتاع ويتشمر الباقون للدفع، فإذا امتنع القطع أدى إلى سد باب الحد. قال: ومن نقب البيت وأدخل يده فيه وأخذ شيئا لم يقطع. وعن أبي يوسف رحمه الله في الإملاء أنه يقطع، لأنه أخرج المال من الحرز، وهو المقصود، فلا يشترط الدخول فيه. كما إذا أدخل يده في صندوق الصيرفي فأخرج الغطريفي. ولنا أن هتك الحرز يشترط فيه الكمال تحرزا عن شهبة العدم والكمال في الدخول، وقد أمكن اعتباره
ــ
[البناية]
لكونهم ردوا للحامل م: (للمعاونة) ش: أي لأجل معاونتهم للحامل؛ لأن عادتهم بأن يحمل بعضهم ويترصد الباقون كي يدفعوا صاحب المال إذا انتبه فيكون الإخراج من الجميع لما ذكرنا م: (كما في السرقة الكبرى) ش: وهي قطع الطريق إذا باشر بعضهم القطع وأخذ المال والباقون وقوف يجب حد قطع الطريق على جميعهم لكونهم دالة، فكذا هنا.
م: (وهذا) ش: إشارة إلى أن الإخراج من الكل معنى م: (لأن المعتاد فيما بينهم) ش: أي فيما بين السراق م: (أن يحمل البعض المتاع ويتشمر الباقون للدفع) ش: أي دفع من يعترض لهم صاحب البيت أو غيره م: (فإذا امتنع القطع أدى إلى سد باب الحد) ش: أي فإذا امتنع القطع في هذه الصورة باعتبار الشبهة أدى إلى سد باب الحدود. قالوا: هذا إن كان الحامل من أهل القطع عند الانفراد.
أما إذا كان صبياً أو مجنوناً لا قطع عليهم بالإجماع، وإن كان الحامل بالغاً، ولكن فيهم صبي أو مجنون لم يجب القطع عليهم أيضاً عند أبي حنيفة ومحمد - رحمهما الله - لتمكن الشبهة في فعل واحد منهم فلا يجب على الباقين، وعند أبي يوسف رحمه الله يجب القطع على الحامل وغير الصبي والمجنون، كذا في " الذخيرة ". م:(ومن نقب البيت وأدخل يده فيه، وأخذ شيئاً لم يقطع) ش: الصبي والمجنون، وهذا ظاهر الرواية عن أصحابنا م:(وعن أبي يوسف رحمه الله في " الإملاء " أنه يقطع؛ لأنه أخرج المال من الحرز وهو المقصود) ش: أي المقصود إخراج المال من الحرز م: (فلا يشترط الدخول فيه، كما إذا أدخل يده في صندوق الصيرفي فأخرج الغطريفي) ش: وفي بعض النسخ وأخرج الغطريفي وهو الدرهم المنسوب إلى غطريف بن عطاء الكندي أمير خراسان أيام الرشيد رحمه الله وهو الدراهم الغطريفية كانت من أعز النقود ببخارى، وبقول أبي يوسف قال الشافعي رحمه الله.
م: (ولنا أن هتك الحرز يشترط فيه الكمال) ش: لوجود القطع م: (تحرزاً عن شبهة العدم) ش: أي عدم هتك الحرز م: (والكمال في الدخول) ش: أي الكمال في هتك الحرز الدخول، أي في البيت م:(وقد أمكن اعتباره) ش: أي اعتبار الدخول في البيت.
والدخول وهو المعتاد، بخلاف الصندوق لأن الممكن فيه إدخال اليد دون الدخول، وبخلاف ما تقدم من حمل البعض المتاع؛ لأن ذلك هو المعتاد وإن طر صرة خارجة من الكم لم يقطع، وإن أدخل يده في الكم قطع؛ لأن في الوجه الأول الرباط من خارج فبالطر يتحقق الأخذ من الظاهر، فلم يوجد هتك الحرز، وفي الثاني الرباط من داخل، فبالطر يتحقق الأخذ من الحرز وهو الكم،
ولو كان مكان الطر حل الرباط ثم الأخذ في الوجهين ينعكس الجواب لانعكاس العلة. وعن أبي يوسف رحمه الله أنه يقطع على كل حال، لأنه محرزا إما بالكم أو بصاحبه
ــ
[البناية]
م: (والدخول) ش: أي في البيت م: (وهو المعتاد) ش: في هتك الحرز م: (بخلاف الصندوق) ش: جواب عن قوله كما إذا أدخل يده في صندوق الصيرفي م: (لأن الممكن فيه) ش: أي في الصندوق م: (إدخال اليد دون الدخول) ش: فإنه غير ممكن فيتم هتك الحرز بإدخال اليد والإخراج منه.
م: (وبخلاف ما تقدم من حمل البعض المتاع) ش: أي بعض القوم دون البعض، وهذا أيضاً جواب عما يقال لو كان الكمال في هتك الحرز شرطاً تحرزاً عن شبهة القطع لما وجب القطع فيما تقدم من حمل البعض المتاع دون بعض؛ لأن فيه شبهة العدم، فأجاب بقوله م:(لأن ذلك هو المعتاد) ش: بين السراق إذا كانوا جماعة م: (وإن طر صرة) ش: الطر ومنه الطرار والصرة الهيمان والجراد من الصرة هنا الكم المشدودة في الدراهم.
وقال الأكمل: الطرار هو الذي يطر الهيمان أي يشفها ويقطعها، والصرة وعاء الدراهم، يقال: طررت الصرة، أي شددتها م:(خارجة من الكم لم يقطع وإن أدخل يده في الكم قطع؛ لأن في الوجه الأول الرباط من خارج، فبالطر يتحقق الأخذ من الظاهر، فلم يوجد هتك الحرز) ش: فلا قطع.
م: (وفي الثاني) ش: أي في الوجه الثاني م: (الرباط من داخل، فبالطر يتحقق الأخذ من الحرز وهو الكم) ش: فيقطع، وفي هذا التفصيل المذكور في الكتاب دليل على أن المذكور في أصول الفقه بأن الطرار يقطع ليس بمجرى على عمومه، بل هو محمول على الصورة الثانية، وهي إذا أدخل يده في الكم فنظرها.
م: (ولو كان مكان الطر حل الرباط، ثم الأخذ في الوجهين) ش: أي من الخارج والداخل م: (ينعكس الجواب) ش: يعني فيما إذا كان الرباط خارج الكم يقطع؛ لأنه يأخذ الدراهم من داخل الكم لوقوعها في الكم.
ولو كان الرباط داخل الكم لا يقطع؛ لأنه لما حل الرباط من داخل الكم فكان أخذها من خارج الكم فلا يقطع؛ لأنه لم يهتك الحرز، ولم يأخذ منه شيئاً، وهذا معنى قوله م:(لانعكاس العلة وعن أبي يوسف رحمه الله أنه يقطع على كل حال؛ لأنه محرز) ش: أي؛ لأن المال محرز م: (إما بالكم أو بصاحبه) ش: أي في الكم، ففي صورة طرها