الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اعلم أن
تصرفات المرتد
على أقسام: نافذ بالاتفاق: كالاستيلاد والطلاق؛ لأنه لا يفتقر إلى حقيقة الملك، وتمام الولاية. وباطل بالاتفاق: كالنكاح والذبيحة؛ لأنه يعتمد الملة ولا ملة له.
ــ
[البناية]
وفي " الشامل ": جمع تصرف المرتد في حالة ردته من بيع وشراء وعتق وتدبير وكتابة ووطء، أو غالبه جائز إن أسلم، وباطل إن لحق السبب فإنه يثبت عند أبي حنيفة وعند أبي يوسف: يجوز كما يجوز من الصحيح، وعند محمد كما يجوز من المريض.
[تصرفات المرتد]
م: (اعلم أن تصرفات المرتد على أقسام) ش: قسم منها م: (نافذ بالاتفاق كالاستيلاد والطلاق) .
ش: فإن قلنا: كيف يقدم طلاق المرتد وبمجرد الردة تبين المرأة.
قلت: هذا ليس بممنوع، ألا ترى أن المسلم إذا أبان زوجته ثم طلقها في عدتها جاز، فكذا هذا. يمكن ألا تقع البينونة بالردة أصلاً كما إذا ارتد الزوجان معاً طلقهما بعد الردة فلا يرد السؤال.
وفي " المحيط ": أن التفرقة التي تقع بالارتداد يقع بعدها الطلاق، فكان طلاق المرتد واقعاًَ كما لو طلقت بالإبانة بالطلاق البائن م:(لأنه لا يفتقر إلى حقيقة الملك) ش: قوله: ولا يفتقر إلى حقيقة الملك، يرجع إلى قوله كالاستيلاد، أي لأن الاستيلاد لا يفتقر إلى حقيقة الملك، بدليل أن الاستيلاد يصح في جارية الابن، وإن لم يكن فيها ملك حقيقة، بل له حق التمليك في مال الابن لدفع حاجته، والاستيلاد من حاجته.
م: (وتمام الولاية) ش: يرجع إلى الطلاق وفيه لف ونشر، أي لأن الطلاق لا يفتقر إلى تمام الولاية، ألا ترى أن العبد يصح طلاقه مع أنه لا ولاية له على نفسه أصلاً. ومن هذا القسم النافذ تسليم الشفعة وقبول الهبة والحجر على عبده المأذون.
م: (وباطل بالاتفاق) ش: أي القسم الثاني من تصرفات المرتد باطل بالاتفاق بين أصحابنا م: (كالنكاح والذبيحة؛ لأنه) ش: أي لأن كل واحد من النكاح والذبيحة م: (يعتمد الملة) ش: بلا اختلاف بين العلماء م: (ولا ملة له) ش: أي للمرتد؛ لأنه ترك ما كان عليه، ولا يقر على ما دخل فيه لوجوب القتل.
فإن قيل: أي شيء يريد بالمسألة إن ردت مسألة الإسلام ينقض بأهل الكتاب، وإن أردته الملة السماوية ينقض بصحة نكاح المشرك والمجوسي فيما بينهم، وليس لهم ملة سماوية أصلاً، لا تقرير ولا حجة فيه. قال عليه السلام:«ولدت من نكاح لا من سفاح» .
قلنا: قال الإمام ظهير الدين في فوائده: راجعت الفحول في هذا فلم أجد جواباً شافياً، وكنت في ذلك متملياً حتى هجنت فؤادي.
وموقوف بالاتفاق: كالمعاوضة؛ لأنها تعتمد المساواة، ولا مساواة بين المسلم والمرتد ما لم يسلم. ومختلف في توقفه وهو ما عددناه. لهما أن الصحة تعتمد الأهلية والنفاذ يعتمد الملك، ولا خفاء في وجود الأهلية لكونه مخاطبا. وكذا الملك لقيامه قبل موته على ما قررناه من قبل، ولهذا لو ولد له ولد بعد الردة لستة أشهر من امرأة مسلمة يرثه.
ــ
[البناية]
وقال: المعنى من الملة التي تدينون بذلك النكاح المتوارث؛ لأن عند ذلك حصل ما هو الغرض من النكاح وهو التوالد والتناسل، والمرتد والمرتدة ليسا على تلك الملة، فلا يصح نكاحهما؛ لأن المرتد يقتل والمرتدة تحبس، فكيف ينتظم ما هو الغرض من النكاح. بخلاف المجوس والمشركين، فإنهم يدينون بذلك النكاح المتوارث.
م: (وموقوف بالاتفاق) ش: أي القسم الثالث من تصرفات المرتد موقوف باتفاق أصحابنا م: (كالمعاوضة) ش: معناه: أن المرتد إذا فاوض مسلماً يعني شركة المعاوضة، يوقف فإن أسلم نفدت المعاوضة، وإن مات أو قتل أو قضي بلحاقه في دار الحرب بطلت المعاوضة بالاتفاق.
م: (لأنها) ش: أي لأن المعاوضة م: (تعتمد المساواة) ش: وقد علم أن المعاوضة أن يضمن وكالة ونكالة وأن يساويا مالاً وتصرفاً وديناً، فلا تصح بين حر وعبد ذمي وبالغ ومسلم وكافر لعدم التساوي م:(ولا مساواة بين المسلم والمرتد ما لم يسلم) ش: وفي " الكافي " إذا بطلت المعاوضة تصير عناناً يعني شركة عنان. وعند أبي حنيفة تبطل أصلاً؛ لأن في اكتنازه وكالة وهي موقوفة.
م: (ومختلف في توقفه) ش: أي القسم الرابع من تصرفات المرتد مختلف فيه، هل هو نافذ أم باطل أو موقوف، فقال: هذا القسم مختلف في توقيفه، وأشار إلى بيانه بقوله م:(وهو) ش: أي المختلف فيه م: (ما عددناه) ش: من البيع والشراء والإعتاق والهبة ونحو ذلك، فقال أبو حنيفة رحمه الله: موقوف، إن أسلم جاز ما صنع، وإن مات أو قتل على ردة أو لحق بدار الحرب، بطل ذلك كله. وقال أبو يوسف ومحمد: نافذ، كذا قال الصدر الشهيد في شرح " الجامع الصغير ".
م: (لهما) ش: أي لأبي يوسف ومحمد م: (أن الصحة) ش: أي صحة التصرف م: (تعتمد الأهلية والنفاذ يعتمد الملك ولا خفاء في وجود الأهلية لكونه مخاطباً) ش: ألا ترى أن القتل يحسب عليه بارتداده.
ولو كانت أهليته معدومة أو ناقصة لم يجب عليه القتل م: (وكذا الملك) ش: لا شك في بقائه م: (لقيامه قبل موته) ش: أي قيام ملكه قبل موته م: (على ما قررناه من قبل) ش: إشارة إلى قوله لأنه مكلف يحتاج إلى آخره.
م: (ولهذا) ش: أي ولأجل قيام ملكه قبل موته م: (لو ولد له ولد بعد الردة لستة أشهر من امرأة مسلمة يرثه) ش: فلو كان ملكه زائلاً لم يرثه بهذا الوالد.
ولو مات ولده بعد الردة قبل الموت لا يرثه فتصح تصرفاته قبل الموت، إلا أن عند أبي يوسف رحمه الله تصح كما تصح من الصحيح؛ لأن الظاهر عوده إلى الإسلام إذ الشبهة تزاح فلا يقتل، وصار كالمرتد. وعند محمد رحمه الله تصح كما تصح من المريض؛ لأن من انتحل إلى نحلة، لا سيما معرضا عما نشأ عليه قلما يتركه، فيفضي إلى القتل ظاهرا، بخلاف المرتدة؛ لأنها لا تقتل. ولأبي حنيفة: أنه حربي مقهور تحت أيدينا على ما قررناه في توقف الملك، وتوقف التصرفات بناء عليه، وصار كالحربي يدخل دارنا بغير أمان فيؤخذ ويقهر، وتتوقف تصرفاته لتوقف حاله، وكذا المرتد
ــ
[البناية]
م: (ولو مات ولده) ش: أي الولد المولود قبل الردة م: (بعد الردة قبل الموت لا يرثه) ش: فلو لم يكن قائماً بعد الردة لورثة هذا الولد؛ لأنه كان حياً وقت ردة الأب.
ولما كان ملكه قائماً م: (فتصح تصرفاته قبل الموت إلا أن عند أبي يوسف رحمه الله تصح كما تصح من الصحيح) ش: يعني من جمع المال م: (لأن الظاهر عوده إلى الإسلام، إذ الشبهة تزاح) ش: أي تزال وهو من الإزاحة وهي الإزالة م: (فلا يقتل) ش: حينئذ م: (وصار كالمرتد) ش:، حيث لا يقتل.
م: (وعند محمد رحمه الله: تصح) ش: أي تصرفاته م: (كما تصح من المريض) ش: يعني من ثلث المال؛ لأنه على شرف الهلاك حقيقة م: (لأن من انتحل إلى نحلة) ش: أي لأن من أثبت إلى دين، وفي " ديوان الأدب " يقال: انتحل فلان قول غيره أو شعر غيره إذا ادعاه لنفسه، والنحلة بكسر النون وسكون الحاء المهملة: الدعوى.
قال الأترازي: وكأنه أراد به هنا من أثبت إلى الدعوى م: (لا سيما) ش: أي خصوصاً حال كونه م: (معرضاًَ عما نشأ عليه) ش: قوله م: (قلما يتركه) ش: جواب من، أي قلما يترك الذي انتحل، أي م:(فيفضي إلى القتل ظاهراً، بخلاف المرتدة؛ لأنها لا تقتل) ش: فلا يعتبر استمرارها على ما انتحلت إليه أولاً، واحتج محمد على أبي يوسف بأنه إذا أمر لوارث بدين لم يجز.
م: (ولأبي حنيفة أنه حربي مقهور تحت أيدينا على ما قررناه في توقف الملك) ش: إشارة إلى ما ذكروا من تعليل أبي حنيفة بقوله: وله أنه حربي مقهور تحت أيدينا عند قوله ويزول ملك المرتد م: (وتوقف التصرفات بناء عليه) ش: أي على توقف الملك.
م: (وصار) ش: أي هذا المرتد م: (كالحربي يدخل دارنا) ش: أي دار الإسلام م: (بغير أمان فيؤخذ ويقهر وتتوقف تصرفاته لتوقف حاله) ش: أي حال الحربي بين الاسترقاق والقتل والمن.
م: (كذا المرتد) ش: وإن ترك بعد، فكذلك هاهنا. وقال الأترازي في قوله: كالحربي إلى حد وسطه؛ لأن الحربي الداخل دارنا بغير أمان فيء، فكيف تتوقف تصرفاته. فلو قال كالحربي
واستحقاقه القتل لبطلان سبب العصمة في الفصلين فأوجب خللا في الأهلية، بخلاف الزاني وقاتل العمد؛ لأن الاستحقاق في ذلك جزاء على الجناية. وبخلاف المرأة لأنها ليست حربية، ولهذا لا تقتل،
فإن عاد المرتد بعد الحكم بلحاقه بدار الحرب إلى دار الإسلام مسلما، فما وجده في يد ورثته من ماله بعينه أخذه؛ لأن الوارث إنما يخلفه فيه لاستغنائه. وإذا عاد مسلما احتاج إليه فيقدم عليه. بخلاف ما إذا أزاله الوارث عن ملكه.
ــ
[البناية]
الذي أسر عليها أيضاًَ لكان ذكره أولى. انتهى.
ونقل الأكمل هذا بقوله: واعترض عليه بأن الحربي الذي دخل دارنا بغير أمان يكون فيئاً، فكيف تتوقف تصرفاته. ثم قال: والاعتراض بجواز المن يسقط الاعتراض.
م: (واستحقاقه القتل) ش: جواب عن قولهما: لا خفاء في وجود الأهلية وتقريره لا نسلم وجود الأهلية؛ لأن الصحة تقتضي أهلية كاملة وليست بموجودة في المرتد، كما أنها ليست بموجودة في الحربي؛ لأن كل واحد منهما يتحقق القتل م:(لبطلان سبب العصمة) ش: وزاد بسبب العصمة الإسلام م: (في الفصلين) ش: يعني في فصل الحربي وفصل المرتدة م: (فأوجب) ش: أي بطلان سبب العصمة م: (خللاً في الأهلية) ش:.
فإن قيل: لو كان استحقاق القتل موجباً لخلل في الأهلية أثر في توقف التصرفات، لكان تصرف الزاني المحصن الذي استحق القتل، وقاتل العمد موقوفة لاستحقاقهما القتل.
فأجاب المصنف عن ذلك بقوله: م: (بخلاف الزاني وقاتل العمد؛ لأن الاستحقاق في ذلك جزاء على الجناية) ش: يعني أن الاستحقاق الموجب للخلل هو ما كان باعتبار بطلان سبب العصمة، والزاني والقاتل ليسا كذلك، لأن الاستحقاق فيهما جزاء على الجناية؛ لأن العصمة باقية فيهما لبقاء الإسلام.
م: (وبخلاف المرأة) ش: جواب عن قولهما: وصار كالمرتد م: (لأنها ليست حربية، ولهذا لا تقتل) ش: عندنا إلا إذا لحقت بدارهم فحينئذ تصير حربية والمرتد حربي في الحال لوجوب جزاء المحاربة عليه، فلهذا كانت عقوبة المرتدة كلها جائزة إلا معارضتها، فإنها موقوفة. فإن أسلمت صحت وإلا صارت عناناً. كما قال في المرتد.
م: (فإن عاد المرتد بعد الحكم بلحاقه بدار الحرب إلى دار الإسلام) ش: حال كونه م: (مسلماً فما وجده في يد ورثته من ماله بعينه أخذه؛ لأن الوارث إنما يخلفه فيه) ش: أي في ماله م: (لاستغنائه) ش: أي لاستغناء المرتد عنه حيث أدخل دار الحرب م: (وإذا عاد) ش: حال كونه م: (مسلماً احتاج إليه فيقدم عليه) ش: أي على الوارث م: (بخلاف ما إذا أزاله الوارث عن ملكه) ش: سواء كان بسبب يلحقه الفسخ كالبيع والهبة، أو بسبب لا يلحق الفسخ كالإعتاق والتدبير والاستيلاد، فذلك كله