الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
«فاقطعوه واحسموه» ؛ ولأنه لو لم يحسم يفضي إلى التلف والحد زاجر لا متلف،
" ولو سرق ثانيا قطعت رجله اليسرى، فإن سرق ثالثا لم يقطع، ويخلد في السجن حتى يتوب، وهذا استحسان ويعزر أيضا ذكره المشايخ رحمهم الله
ــ
[البناية]
قال: «قطع النبي صلى الله عليه وسلم سارقاً من المفصل» . وروى الدارقطني من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: «كان صفوان بن أمية بن خلف نائماً في المسجد وثيابه تحت رأسه، فجاء سارق فأخذها فأتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
الحديث ". وفي آخره: " ثم أمر بقطعه» .
م: (والحسم) ش: عطف على قوله: فالقطع م: (لقوله عليه السلام) ش: أي لقول النبي صلى الله عليه وسلم م: «فاقطعوه واحسموه» ش: هذا أخرجه الحاكم في مستدركه عن أبي هريرة رضي الله عنه «أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي بسارق سرق شملة، فقال عليه السلام: ما أخاله سرق، قال السارق: بلى يا رسول الله، قال: فاذهبوا به واقطعوه ثم احسموه
…
الحديث» . وقال الكاكي: صحيح على شرط مسلم.
م: (ولأنه) ش: أي ولأن السارق م: (لو لم يحسم) ش: بعد القطع م: (يفضي إلى التلف والحد زاجر لا متلف) ش: ألا ترى أنه لا يقطع في الحر الشديد والبرد الشديد، وعند شدة المرض توقياً عن الهلاك، وثمن الدهن على السارق عندنا، وبه قال مالك والشافعي في وجه، وقال في وجه بيت المال.
[سرق ثانياً بعد قطع يده اليمنى]
م: (ولو سرق ثانياً) ش: يعني بعد قطع يده اليمنى م: (قطعت رجله اليسرى) ش: من الكعب عند أكثر أهل العلم وفعل عمر رضي الله عنه كذلك. وقال أبو ثور والرافضة: يقطع من نصف القدم من معقد الشراك م: (فإن سرق ثالثاً لم يقطع ويخلد في السجن حتى يتوب) .
ش: قال صاحب النافع: حتى يتوب أو يظهر عليه سيما رجل صالح م: (وهذا) ش: أي عدم القطع في المرة الثالثة م: (استحسان ويعزر أيضاً، ذكره المشايخ رحمهم الله) ش: أي ذكروا التعزير، وقد روى ابن رستم عن محمد أن التعزير مع الحبس، وقد روي عن علي رضي الله عنه أنه ضرب وحبس في المرة الثالثة.
وقال الشافعي رحمه الله: في الثالثة يقطع يده اليسرى، وفي الرابعة: يقطع رجله اليمنى؛ لقوله عليه السلام: «من سرق فاقطعوه فإن عاد فاقطعوه فإن عاد فاقطعوه» ويروى مفسرا كما هو مذهبه، ولأن الثالثة مثل الأولى في كونها جناية، بل فوقها، فتكون أدعى إلى
ــ
[البناية]
م: (وقال الشافعي رحمه الله في الثالثة) ش: أي في السرقة الثالثة م: (يقطع يده اليسرى، وفي الرابعة: يقطع رجله اليمنى؛ لقوله عليه السلام) ش: أي لقول النبي صلى الله عليه وسلم: م: «من سرق فاقطعوه، فإن عاد فاقطعوه» ش: هذا الحديث رواه أبو داود عن مصعب بن ثابت عن محمد بن المنكدر عن جابر قيل: «جيء بسارق إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: اقتلوه، قالوا: يا رسول الله إنما سرق، فقال: اقطعوه، فقطع، ثم جيء به الثالثة فقال: اقتلوه، فقالوا: يا رسول الله إنما سرق قال: اقطعوه فقطع، ثم جيء به الرابعة فقال: اقتلوه، قالوا: يا رسول الله إنما سرق مالا، قال: اقطعوه فقطع، ثم جيء به في الخامسة فقال: اقتلوه، قال جابر: فانطلقنا به فقتلناه ثم اجتررناه فألقيناه في البئر ورمينا عليه الحجارة» وقال النسائي: حديث منكر، ومصعب بن ثابت ليس بالقوي في الحديث.
م: (ويروى مفسراً كما هو مذهبه) ش: أي يروى هذا الحديث مفسراً كما هو مذهب الشافعي، قال الأكمل في حديث أبي هريرة:«إن النبي صلى الله عليه وسلم قال في المرة الأولى: تقطع يده اليمنى، وفي الثانية الرجل اليسرى، وفي الثالثة اليد اليسرى، وفي الرابعة الرجل اليمنى» انتهى.
قلت: حديث أبي هريرة هذا رواه الدارقطني بغير هذا اللفظ، فإنه أخرجه عن الواقدي عن أبي ذئب عن خالد بن سلمة رواه عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«إذا سرق السارق فاقطعوا يده، فإن عاد فاقطعوا رجله، فإن عاد فاقطعوا يده، فإن عاد فاقطعوا رجله» ، والواقدي فيه مقال.
ويقول الشافعي قال مالك، وفي المرة الخامسة عندهما يحبس ويعزر. وحكي عن عطاء، وعمر بن عبد العزيز، وعمرو بن العاص، وعثمان رضي الله عنهم أنه يقطع في المرة الثالثة يده اليسرى. وفي الرابعة الرجل اليمنى ويقتل في الخامسة في حديث جابر الذي مضى عن قريب.
م: (ولأن الثالثة) ش: أي ولأن الثالثة م: (مثل الأولى) ش: أي مثل السرقة الأولى م: (في كونها جناية بل فوقها) ش: أي بل فوق الأولى، لأنها لعدم تقدم الزواجر م: (فتكون أدعى إلى
شرع الزاجر. ولنا قول علي رضي الله عنه فيه: إني لأستحي من الله أن لا أدع له يدا يأكل بها ويستنجي بها، ورجلا يمشي عليها، وبهذا حاج بقية الصحابة رضي الله عنهم فحجهم فانعقد إجماعا، ولأنه إهلاك معنى لما فيه من تفويت جنس المنفعة،
ــ
[البناية]
شرح الزاجر) ش: أي فتكون الثالثة أدعى إلى مشروعية الزاجر؛ لأنها بعد تكرار الزاجر.
م: (ولنا قول علي رضي الله عنه فيه) ش: أي قول علي بن أبي طالب رضي الله عنه في قطع الثالثة م: (إني لأستحي من الله أن لا أدع له يداً يأكل بها ويستنجي بها، ورجلاً يمشي عليها) ش: هذا رواه محمد بن الحسن في كتاب " الآثار ". وأخبرنا أبو حنيفة الإمام عن عمرو بن مرة، عن عبد الله بن سلمة، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: إذا سرق السارق قطعت يده اليمنى، فإن عاد قطعت رجله اليسرى، فإن عاد ضمن السجن حتى يحدث خيراً، إني لأستحي من الله أن أدعه ليس له يد يأكل بها ويستنجي بها، ورجل يمشي عليها، ومن طريق محمد بن الحسن رواه الدارقطني في سننه.
م: (وبهذا) ش: أي بقوله هذا م: (حاج بقية الصحابة رضي الله عنهم) ش: أي حاجج معهم في هذا، رواه سعيد بن منصور، حدثنا أبو معشر، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبيه قال: حضرت علي بن أبي طالب أتي برجل مقطوع اليد والرجل قد سرق، فقال لأصحابه: ما ترون في هذا؟ قالوا: اقطعه يا أمير المؤمنين، قال: قتلته إذاً وما عليه القتل، بأي شيء يأكل الطعام؟ بأي شيء يتوضأ للصلاة؟ بأي شيء يغتسل من الجنابة؟ بأي شيء يقوم على حاجته؟ فرده إلى السجن أياماً ثم أخرجه فاستشار أصحابه فقالوا مثل قولهم الأول، فقال لهم مثل ما قال في الأول فجلده جلداً شديداً ثم أرسله م:(فحجهم) ش: أي تعليم لهذا فلم يرد عليه أحد منهم بعد هذا. م: (فانعقد إجماعاً) ش: لأنه يحتج عليهم بالنص في الباب، قال: إنه لا يغني فيه، إذ لو ثبت التعليم؛ لأنه يبنى على الشهود ولو بلغهم لاحتجوا به.
فإن قيل: ليس اليد اليسرى محله لظاهر الكتاب والإجماع على خوف الكتاب.
قلنا: لما قيدنا المطلق بالقراءة المشهورة خرجت اليسرى عن كونها من الحد، كمن قال لآخر أعتق عبداً من عبيدي ثم قال: عنيت سالماً فيخرج غيره، ولأن الأمر بالفعل لا يقتضي التكرار.
م: (ولأنه) ش: أي ولأن قطع غير اليد اليمنى والرجل اليسرى م: (إهلاك معنى) ش: أي من حيث المعنى م: (لما فيه من تفويت جنس المنفعة) ش: وفي " المبسوط " يقطع ببقاء منافعه؛ ولهذا تعلق مطلق لليد في العبد قيمة النفس.
ولا يجوز إعتاق مقطوع اليدين في الكفارة، فعرفنا أنه استهلاك حكماً، وفيه شبهة