الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويسقط ليعتبر به غيره. قلنا حصل الاعتبار بما ذكرناه، والنهاية غير مطلوبة. قال وإذا قتل القاطع فلا ضمان عليه في مال أخذه اعتبارا بالسرقة الصغرى، وقد بيناه. فإن باشر القتل أحدهم أجرى الحد عليهم بأجمعهم؛ لأنه جزاء المحاربة، وهي تتحقق بأن يكون البعض ردءا للبعض، حتى إذا زلت أقدامهم انحازوا إليهم، وإنما الشرط القتل من واحد منهم
والقتل إن كان بعصا أو بحجر أو بسيف فهو سواء، لأنه يقطع قطعا للطريق بقتل المارة
ــ
[البناية]
ويسقط ليعتبر به غيره) ش: وبه قال الشافعي في وجه م: (قلنا حصل الاعتبار بما ذكرناه) ش: أي بالصلب ثلاثة أيام م: (والنهاية غير مطلوبة) ش: لأن المقصود نفي الزجر م: (قال: وإذا قتل القاطع فلا ضمان عليه في مال أخذه اعتباراً بالسرقة الصغرى) ش: لأن الحد لما أقيم سقط عصمة المال كما في السرقة م: (وقد بيناه) ش: أي الضمان مع الخلاف في السرقة الصغرى.
م: (فإن باشر القتل أحدهم) ش: أي أحد قطاع الطريق م: (أجرى الحد عليهم بأجمعهم) ش: وبه قال مالك وأحمد. وقال الشافعي: يحد المباشر لا الردء، ولأنه جرى الفصل كحد الزنا فلا يجب على غير المباشر.
قلنا: يجب على الكل م: (لأنه جزاء المحاربة، وهي تتحقق بأن يكون البعض ردءاً) ش: أي عوناً م: (للبعض، حتى إذا زلت أقدامهم انحازوا إليهم) ش: أي انضموا إليهم، ولم ترد الشراح هنا شيئاً على قولهم انضموا إليهم.
فقوله: إذا زلت أقدامهم كناية عن أقدامهم، والضمير فيه وفي قوله إليهم راجع إلى المحاربين الذين يباشرون القتال، يدل عليه قوله جزاء المحاربة. والضمير في قوله انحازوا يرجع إلى الردء، لأن الردء يستوي فيه الواحد والجمع.
وحاصل المعنى إذ إن أمر المحاربين إلى - الإنزام سمار الردء إليهم معسونهم وسفرونهم؟ - فكذلك يشركون مع الغانمين في الغنيمة.
م: (وإنما الشرط القتل من واحد منهم) ش: لأن تمكنه من القتل حصل بالكل فيقتلون جميعاً، ولفظ الأصل ومن باشر ولم يباشر في الحكم سواء، وذلك لأن تمكين القتل حصل باليد، والقتل حد قطاع الطريق إذا وجد منهم القتل وقد وجد فيقتلون جميعاً، وهذه لأن قوله وجب حداً عليهم لا قصاصاً فلم يعتبر المساواة، فصار من قتل ومن لم يقتل سواء.
[قتل قطاع الطريق]
م: (والقتل) ش: أي قتل قطاع الطريق م: (إن كان بعصا أو بحجر أو بسيف فهو سواء، لأنه يقع قطعاً للطريق بقتل المارة) ش: يعني بأي شيء قتل قاطع الطريق، قيل: لأنه حد لا قصاص فلا يقتضي المساواة، ولهذا يقتل غير المباشر.
وإن لم يقتل القاطع ولم يأخذ مالا وقد جرح اقتص منه فيما فيه القصاص وأخذ الأرش منه مما فيه الأرش، وذلك إلى الأولياء؛ لأنه لا حد في هذه الجناية، فظهر حق العبد وهو ما ذكرناه فيستوفيه الولي وإن أخذ مالا ثم جرح قطعت يده ورجله من خلاف وبطلت الجراحات، لأنه لما وجب الحد حقا لله تعالى سقطت عصمة النفس حقا للعبد، كما يسقط عصمة المال، وإن أخذ بعدما تاب وقد قتل فإن شاء الأولياء قتلوه، وإن شاءوا عفوا عنه، لأن الحد في هذه الجناية لا يقام بعد التوبة للاستثناء المذكور في النص، ولأن التوبة تتوقف على رد المال
ــ
[البناية]
م: (وإن لم يقتل القاطع) ش: أي قاطع الطريق م: (ولم يأخذ مالاً وقد جرح اقتص منه فيما فيه القصاص وأخذ الأرش منه مما فيه الأرش، وذلك) ش: أي استيفاء القصاص وأخذ الأرش م: (إلى الأولياء لأنه لا حد في هذه الجناية فظهر حق العبد) ش: أي في النفس والمال م: (وهو ما ذكرناه) ش: أي حق العبد القصاص والأرش م: (فيستوفيه الولي) ش: أي يستوفي القصاص الولي فيما مستطاع منه القصاص.
وبه قالت الأئمة الثلاثة، كما إذا قطعوا اليسار أو الذكر لا قصاص فيه في الظاهر يؤخذ الأرش، خلافاً لأبي حنيفة فيما إذا قطع من الأصل وفي الحقيقة والحشفة قصاص اتفاقاً، لأن موضع القطع معلوم إلا إذا قطع بعض الحشفة حيث لا قصاص، وكذا إذا ضربوا العين وقلعوها لا قصاص فيه ويؤخذ الأرش، إلا إذا كانت العين قائمة فذهب بصرها ففيه القصاص لا بمكان المماثلة، كذلك لا قصاص في عظم إلا في السن إلا إذا اسودت أو احمرت أو اخضرت فحينئذ يجب الأرش. م:(وإن أخذ مالاً ثم جرح قطعت يده ورجله من خلاف وبطلت الجراحات) ش: لأن الحد والضمان لا يجتمعان عندنا م: (لأنه لما وجب الحد حقاً لله تعالى سقطت عصمة النفس حقاً للعبد، كما يسقط عصمة المال) ش: وعند الأئمة الثلاثة لا يبطل عصمة النفس والمال، لأن القطع مع الضمان يجتمعان عندهم. م:(وإن أخذ) ش: أي قاطع الطريق م: (بعدما تاب وقد قتل) ش: أي والحال أنه قد قتل عمداً بحديدة م: (فإن شاء الأولياء قتلوه، وإن شاءوا عفوا عنه، لأن الحد في هذه الجناية لا يقام بعد التوبة للاستثناء المذكور في النص) ش: وهو قَوْله تَعَالَى: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ} [المائدة: 33](المائدة: الآية 34) ، فلما بطل الحد بالتوبة ظهر حق العبد فيه بلا خلاف.
واعترض بأن قوله: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا} [المائدة: 34] هاهنا نظيره في قوله: {وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [النور: 4]{إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا} [المائدة: 34]، فكيف يكون سياق قوله:{وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [المائدة: 33] إذ كل منهما جملتان كاملتان عطفتا على جملتين كاملتين. وأجيب: بأن قوله: {وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [النور: 4] لا يصلح، بخلاف قوله:{وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [المائدة: 33] .
م: (ولأن التوبة تتوقف على رد المال) ش: يعني مما إذا أخذ المال، لأن الظالم إذا غصب مال
ولا قطع في مثله فظهر حق العبد في النفس والمال، حتى يستوفي الولي القصاص أو يعفو ويجب الضمان إذا هلك في يده أو استهلك
ــ
[البناية]
أحد لا يكون ثابتاً وإن تاب ألف مرة بلسانه ما لم يرد المال، لأن تلك العصبة لا ترتفع إلا برد المال.
فلما رد المال قبل الأخذ بطل عنه الحد كالسارق إذا أدى المال قبل الترافع م: (ولا قطع في مثله) ش: لانقطاع الخصومة وهي شرط فيه م: (فظهر حق العبد في النفس والمال، حتى يستوفي الولي القصاص أو يعفو ويجب الضمان إذا هلك في يده أو استهلك) ش: وفي " المبسوط " و " المحيط " رد المال من تمام توبتهم لينقطع به خصومة صاحب المال، إذ لا يقام الحد إلا بخصومة صاحب المال وقد انقطعت خصومته برد المال إليه قبل ظهور الجريمة عند الإمام، فيسقط الحد.
أما إذا تابوا ولم يردوا المال لم يذكره في الكتب نصاً، فقد اختلف المتأخرون فيه: قيل: لا يسقط الحد، فإنه على سائر الحدود، فإنها لا تسقط بنفس التوبة. وقيل: يسقط وإليه أشار محمد في الأصل أن الحد يسقط في السرقة الكبرى، الاستثناء في النص والاستثناء في غيره وسائر الحدود، والقذف لا يسقط بالتوبة عندنا ومالك وأحمد في رواية وللشافعي في قول.
وقال أحمد في رواية والشافعي في قول يسقط لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا فَإِنْ تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا} [النساء: 16](النساء: الآية 16) .
وقال في حد السرقة: {فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ} [المائدة: 39](التوبة: الآية 39) ، ولأنه حق الله فيسقط بالتوبة كحد المحارب.
قلنا قوله: {فَاجْلِدُوا} [النور: 2]{فَاقْطَعُوا} [المائدة: 38] عام في الثابت وغيره، والنبي صلى الله عليه وسلم رجم ماعزاً والغامدية وقطع الذي أتى بالسرقة وقد صاروا ما يطلبون النظير وعلم النبي صلى الله عليه وسلم توبتهم فأتاه الحد، ولأن الحد لغارة فلم يسقط بالتوبة ككفارة اليمين والقتل، لأنه يقدر عليه كل أحد بعد باب الحد.
وأما الآية فمنسوخة، هو كان في بدء الإسلام، والآية الثانية تدل على أن الحد لم يصر مستحقاً للمعتوه، وأما حد القطاع فيسقط بالنص ولم يجئ نص في غيره.
وقال الأترازي فإن قلت: اليسر رفض قول صاحب الهداية لا بالتوبة تتوقف على رد المال مع قوله ويجب الضمان إذا هلك في يده أو استهلك، لأنه إذا رد المال كيف يهلك في يده.
قلت: يمكن أن يهلك البعض معزور البعض، ورد البعض علامة صحة ثبوته، فإذا هلك الباقي قبل التمكن منه، أو استهلكه بعد وجود علامة صحة ثبوته يكون ذلك شبهة في سقوط الحد، فيجب المال.