الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل وإذا بنى مسجدا لم يزل ملكه عنه حتى يفرزه عن ملكه بطريقه
ويأذن للناس بالصلاة فيه، فإذا صلى فيه واحد زال ملكه عند أبي حنيفة رحمه الله، أما الإفراز فلأنه لا يخلص لله تعالى إلا به، وأما الصلاة فيه فلأنه لا بد من التسليم عند أبي حنيفة رحمه الله ومحمد رحمه الله ويشترط تسليم نوعه، وذلك في المسجد بالصلاة فيه أو لأنه لما تعذر القبض يقام تحقق المقصود مقامه، ثم يكتفى بصلاة الواحد فيه في رواية عن أبي حنيفة رحمه الله وكذا عن محمد رحمه الله؛ لأن فعل الجنس متعذر فيشترط أدناه، وعن محمد رحمه الله أنه يشترط الصلاة بالجماعة؛ لأن المسجد يبنى لذلك في الغالب.
ــ
[البناية]
[فصل وإذا بنى مسجدًا لم يزل ملكه عنه حتى يفرزه عن ملكه بطريقه]
م: (فصل) ش: لما كان أحكام هذا الفصل غير الأحكام التي قبله فصل ذلك بفصل على حدة. م: (وإذا بنى مسجدًا لم يزل ملكه عنه حتى يفرزه عن ملكه بطريقه، ويأذن للناس بالصلاة فيه، فإذا صلى فيه واحد زال ملكه عند أبي حنيفة رحمه الله) ش: هذا كله لفظ القدوري، وقال المصنف رحمه الله: م: (أما الإفراز فلأنه لا يخلص لله تعالى إلا به، وأما الصلاة فيه فلأنه لا بد من التسليم عند أبي حنيفة ومحمد - رحمهما الله - ويشترط تسليم نوعه) ش: أي يشترط تسليم كل شيء على ما يليق به.
م: (وذلك في المسجد بالصلاة فيه) ش: وهو معنى قوله وذلك بالصلاة فيه. م: (أو لأنه لما تعذر القبض) ش: لعدم نقص حقيقته بعلم. م: (يقام تحقق المقصود) ش: وهو الصلاة فيه. م: (مقامه) ش: أي مقام القبض.
م: (ثم يكتفى بصلاة الواحد فيه) ش: أي في المسجد. م: (في رواية عن أبي حنيفة رحمه الله وكذا عن محمد رحمه الله في رواية لأن فعل الجنس) ش: وهو صلاة الكل. م: (متعذر فيشترط أدناه) ش: أي أدنى فعل الجنس وهو صلاة الواحد لتعذر فعل الكل، فإن الواحد عن الكل فيما هو حقهم، وفي " المبسوط ": المسجد موضع المسجد، وقد حصل بصلاة الواحد بلا جماعة. م:(وعن محمد رحمه الله أنه يشترط الصلاة بالجماعة؛ لأن المسجد يبنى لذلك في الغالب) ش: أي قبل الصلاة بالجماعة في المسجد قبض باتفاق الروايات عن أبي حنيفة ومحمد - رحمهما الله.
وإذا صلى فيه واحد أو جماعة وحدانًا قبل أن يكون قبضًا فقال شيخ الإسلام خواهر زاده في " مبسوطه " عن أبي حنيفة رحمه الله روايتان: في رواية لا يكون قبضًا وفي رواية يكون قبضًا، وقال فخر الإسلام رحمه الله في شرح " الجامع الصغير ": وإن صلى فيه واحد من المسلمين صح التسليم فيه عند محمد رحمه الله أيضًا.
وقال أبو يوسف رحمه الله يزول ملكه بقوله جعلته مسجدا؛ لأن التسليم عنده ليس بشرط؛ لأنه إسقاط لملك العبد فيصير خالصا لله تعالى في سقوط حق العبد، وصار كالإعتاق، وقد بيناه من قبل. . قال: ومن جعل مسجدًا تحته سرداب أو فوقه بيت وجعل باب المسجد إلى الطريق وعزله عن ملكه فله أن يبيعه، وإن مات يورث عنه؛ لأنه لم يخلص لله تعالى لبقاء حق العبد متعلقًا به، ولو كان السرداب لمصالح المسجد جاز كما في مسجد بيت المقدس، وروى الحسن عنه أنه قال إذا جعل السفل مسجدًا وعلى ظهره مسكن فهو مسجد؛ لأن المسجد مما يتأبد، وذلك يتحقق في السفل دون العلو،
ــ
[البناية]
وقال في " الذخيرة " عن محمد رحمه الله: إنه يشترط الصلاة بالجماعة فحصل حينئذ عن محمد رحمه الله روايتان أيضًا، هذا إذا صلى فيه، أما إذا لم يصل فيه لكنه دفع إلى المتولي، فهل يكون ذلك قبضًا على قولهما، فيه اختلف المشايخ رحمهم الله ذكره شيخ الإسلام، قيل بأنه قبض؛ لأن المسجد له خادم يكبر ومغلق الباب والتسليم إليه قبض كما في سائر الأوقات، وقيل: يقبض لأن المسجد ليس لها متول كما يكون كسائر الأوقات، واختلف المشايخ إذا جعل أرضه مقبرة، ودفعها إلى المتولي ولم يذكر محمد رحمه الله في " المبسوط " فقال بعضهم: إنه قبض كما في الخان والسقاية.
وقال بعضهم: ليس بقبض لأن المقبرة لا يكون لها متول، وإنما ذكر محمد رحمه الله في المقبرة أنه إذا دفن فيها واحد أو اثنان فإنه يصير قبضًا. م:(وقال أبو يوسف: يزول ملكه بقوله جعلته مسجدًا؛ لأن التسليم عنده ليس بشرط لأنه إسقاط لملك العبد فيصير خالصًا لله تعالى في سقوط حق العبد، وصار كالإعتاق) ش: لأنه إسقاط للملك، وبه قالت الثلاثة. م:(وقد بيناه من قبل) ش: أشار به إلى قوله ولا يتم الوقف عند أبي حنيفة رحمه الله ومحمد رحمه الله بقوله لهما: إن موجب الوقف زوال الملك بدون التمليك، وأنه يتأكد كالعتق.
م: (قال) ش: أي محمد في " الجامع الصغير ". م: (ومن جعل مسجدًا تحته سرداب) ش: بكسر السين معرب سرورية وهو بيت يتخذ تحت الأرض للتبريد وهي معروفة سردابة. م: (أو فوقه) ش: أي فوق المسجد. م: (بيت وجعل باب المسجد إلى الطريق وعزله عن ملكه فله أن يبيعه) ش: أي لا يكون مسجدًا. م: (وإن مات يورث عنه لأنه لم يخلص لله تعالى لبقاء حق العبد متعلقًا به) ش: والمسجد ما يكون خالصًا لله تعالى.
م: (ولو كان السرداب لمصالح المسجد جاز كما في بيت المقدس) ش: لأنه حينئذ لا يكون السرداب مملوكًا لأحد كما أن سرداب بيت المقدس ليس بمملوك لأحد. م: (وروى الحسن رحمه الله عنه) ش: أي عن أبي حنيفة رضي الله عنه. م: (أنه قال: إذا جعل السفل مسجدًا وعلى ظهره مسكن فهو مسجد؛ لأن المسجد مما يتأبد، وذلك) ش: أي التأبيد. م: (يتحقق في السفل دون العلو)
وعن محمد رحمه الله على عكس هذا؛ لأن المسجد معظم، وإذا كان فوقه مسكن أو مستغل، يتعذر تعظيمه، وعن أبي يوسف رحمه الله أنه جوز في الوجهين حين قدم بغداد ورأى ضيق المنازل فكأنه اعتبر الضرورة، وعن محمد رحمه الله أنه حين دخل الري أجاز ذلك كله لما قلنا. قال: وكذلك إن اتخذ وسط داره مسجدا، وأذن للناس بالدخول فيه، يعني له أن يبيعه، ويورث عنه لأن المسجد ما لا يكون لأحد فيه حق المنع، وإذا كان ملكه محيطا بجوانبه كان له حق المنع، فلم يصر مسجدا؛ لأنه أبقى الطريق لنفسه فلم يخلص لله تعالى، وعن محمد رحمه الله أنه
ــ
[البناية]
ش: فإنه لا يتأبد فيه.
م: (وعن محمد رحمه الله على عكس هذا) ش: أي روي عن محمد رحمه الله عكس هذا بأن جعل العلو مسجدًا صح، وإذا جعل السفل لا يصح. م:(لأن المسجد يعظم، وإن كان فوقه مسكن أو مستغل) ش: أي يكرى للاستغلال. م: (يتعذر تعظيمه) ش:
وعن بعض المشايخ إذا كان العلو مسجدًا والسفل حوانيت موقوفة على المسجد أو على الأغلب لا بأس به؛ لأن الكل منقطع عن حقوق العباد، ولو كان تحته حوض العامة اختلف فيه على قول من يجوز اتخاذ العلو مسجدًا، قيل: لا يجوز قياسًا على الحوض الحاض، وقيل: يجوز.
م: (وعن أبي يوسف رحمه الله أنه جوز في الوجهين) ش: يعني إذا كان تحته سرداب أو فوقه بيت. م: (حين قدم بغداد ورأى ضيق المنازل، فكأنه اعتبر الضرورة، وعن محمد رحمه الله أنه حين دخل الري أجاز ذلك كله لما قلنا) ش: أي للضرورة.
وإنما أعاد ذكر قول محمد رحمه الله بهذا الطريق ولم يقله عن أبي يوسف ومحمد مع أن هذين القولين في الحكم عندهما سواء [
…
] ما ذكر لكل واحد من دخول مخصوص في مصر مخصوص، ولزيادة [
] التعليم بلفظ الكل، وكذلك عطف على قوله، ومن جعل مسجدًا تحته سرداب فله أن يبيعه.
م: (قال وكذلك) ش: أي يبيعه. م: (إن اتخذ وسط داره مسجدًا، وأذن في الناس بالدخول فيه) ش: وهذه من مسائل " الجامع الصغير "، وقوله: م: (يعني له أن يبيعه) ش: من كلام المصنف رحمه الله ولقوله وسط بسكون السين؛ إذ المراد غير معين، وقال الكاكي رحمه الله: هذا مقيد بقيد العلامة مولانا حافظ الدين.
م: (ويورث عنه لأن المسجد ما لا يكون لأحد فيه حق المنع، وإذا كان ملكه محيطًا بجوانبه) ش: أي بجوانب المسجد. م: (كان له حق المنع فلم يصر مسجدًا؛ لأنه أبقى الطريق لنفسه فلم يخلص لله تعالى، وعن محمد رحمه الله) ش: أي روي عنه في هذه المسألة أنه قال: م: (أنه) ش: أي أن
لا يباع ولا يوهب ولا يورث يعتبر مسجدا، وهكذا عن أبي يوسف رحمه الله أنه يصير مسجدا لأنه لما رضي بكونه مسجدا، ولا يصير مسجدا إلا بالطريق دخل فيه الطريق فصار مستحقا كما يدخل في الإجارة من غير ذكر،
قال: ومن اتخذ أرضه مسجدا لم يكن له أن يرجع فيه ولا يبيعه ولا يورث عنه؛ لأنه محرز عن حق العباد فصار خالصا لله تعالى، وهذا لأن الأشياء كلها لله تعالى، وإذا أسقط العبد ما ثبت له من الحق رجع إلى لأصله فانقطع تصرفه عنه كما في الإعتاق، ولو خرب ما حول المسجد، واستغني عنه يبقى مسجدا عند أبي يوسف رحمه الله لأنه إسقاط منه فلا يعود إلى ملكه، وعند محمد رحمه الله يعود إلى ملك الباني أو إلى وارثه من بعد موته لأنه عينه لنوع قربته، وقد انقطعت فصار كحصير المسجد أو حشيشه إذا استغنى عنه إلا أن أبا يوسف يقول في الحصير والحشيش أنه ينقل إلى مسجد آخر.
ــ
[البناية]
هذا المسجد. م: (لا يباع ولا يوهب ولا يورث يعتبر) ش: أي محمد رحمه الله. م: (مسجدًا، وهكذا) ش: أي روي. م: (عن أبي يوسف رحمه الله أنه يصير مسجدًا لأنه لما رضي كونه مسجدًا، ولا يصير مسجدًا إلا بالطريق دخل فيه الطريق فصار مستحقًا كما يدخل) ش: أي الطريق. م: (في الإجارة من غير ذكر) ش: بمعنى وإن لم يذكر ويدخل فيه الطريق، فصار مستحقًا.
م: (ومن اتخذ أرضه مسجدًا لم يكن له أن يرجع فيه ولا يبيعه ولا يورث عنه؛ لأنه محرز) ش: أي مخلص. م: (عن حق العباد، فصار خالصًا لله تعالى) ش: لكن هذا إذا سلم إلى المتولي أو صلى فيها بجماعة، أما إذا لم يصل فيه بجماعة، ولم يؤخذ التسليم لا يصح الوقف؛ لأن التسليم أو الصلاة بجماعة شرط عند أبي حنيفة رحمه الله ومحمد رحمه الله في الصلاة وحدانًا اختلاف الرواية.
م: (وهذا) ش: توضيح لقوله. م: (لأن الأشياء كلها لله تعالى، وإذا أسقط العبد ما ثبت له من الحق رجع إلى أصله) ش: وهو كونه لله تعالى. م: (فانقطع تصرفه عنه كما في الإعتاق) ش: فإنه لما أحرز مملوكه رجع إلى أصله وهو الرقة فانقطع حقه عنه. م: (ولو خرب ما حول المسجد واستغني عنه) ش: على صيغة المجهول، أي استغنى أهل المحلة عن الصلاة فيه. م:(يبقى مسجدًا) ش: على حاله. م: (عند أبي يوسف رحمه الله لأنه إسقاط منه فلا يعود إلى ملكه، وعند محمد رحمه الله يعود إلى ملك الباني أو إلى وارثه من بعد موته؛ لأنه عينه لنوع قربته، وقد انقطعت) ش: أي القربة.
م: (فصار كحصير المسجد أو حشيشه إذا استغنى عنه إلا أن أبا يوسف رحمه الله يقول في الحصير والحشيش: إنه ينقل إلى مسجد آخر) ش: وكذا قنديله إذا خرب المسجد يعود إلى ملك مسجده، وكما لو كفن ميتًا فافترسه سبع عاد إلى ملك مالكه وكالمحصر إذا بعث الهدي ثم زال
قال: ومن بنى سقاية للمسلمين أو خانا يسكنه بنو السبيل أو رباطا أو جعل أرضه مقبرة لم يزل ملكه، عن ذلك حتى يحكم الله به الحاكم عند أبي حنيفة رحمه الله لأنه لم ينقطع عن حق العبد ألا ترى أن له أن ينتفع به فيسكن في الخان وينزل في الرباط ويشرب من السقاية ويدفن في المقبرة فيشترط حكم الحاكم أو الإضافة إلى ما بعد الموت كما في الوقف على الفقراء بخلاف المسجد؛ لأنه لم يبق له حق الانتفاع به فخلص لله تعالى من غير حكم الحاكم، وعند أبي يوسف رحمه الله يزول ملكه بالقول كما هو أصله؛ إذ التسليم عنده ليس بشرط والوقف لازم، وعند محمد رحمه الله إذا استقى الناس من السقاية وسكنوا الخان والرباط ودفنوا في المقبرة زال الملك؛ لأن التسليم عنده شرط، والشرط تسليم نوعه وذلك بما ذكرناه.
ــ
[البناية]
الإحصار فأدرك الحج كان له أن يصنع بهديه ما شاء.
وقال أبو العباس الناطفي رحمه الله في " الأجناس ": قال محمد رحمه الله في " النوادر ": إذا خرب المسجد حتى لا يصلى فيه، فالذي بناه إن شاء أدخله داره وإن شاء باعه. وكذلك الفرس إذا جعله حبسًا في سبيل الله فصار لا يستطاع أن يركب فإنه يباع ويصير ثمنها لصاحبها أو لورثته فإن لم يعرف للمسجد بانيه فخرب وبنى أهل المسجد آخر ثم أجمعوا على بيعه واستعانوا بثمنه في مكمل المسجد الآخر فلا بأس بذلك.
ثم نقل الناطفي عن كتاب " الصلاة " مسجد بأوائله وعطلت الصلاة فيه لم يجز للآخر أن يهدمه، ولا يجبر به منزلًا ولا يبيعه، قال الناطفي: هذا عند قول أبي يوسف رحمه الله.
م: (قال) ش: أي القدوري رحمه الله. م: (ومن بنى سقاية للمسلمين أو خانًا يسكنه بنو السبيل أو رباطًا) ش: وهو الموضع الذي يرابط فيه ناس أيام السفر بإزاء العدو. م: (وجعل أرضه مقبرة لم يزل ملكه عن ذلك حتى يحكم به الحاكم عند أبي حنيفة رحمه الله لأنه لم ينقطع عنه حق العبد، ألا ترى أن له أن ينتفع به ويسكن في الخان وينزل في الرباط ويشرب من السقاية ويدفن في المقبرة، فيشترط حكم الحاكم أو الإضافة إلى ما بعد الموت، كما في الوقف على الفقراء، بخلاف المسجد؛ لأنه لم يبق له حق الانتفاع به فخلص لله تعالى من غير حكم الحاكم، وعند أبي يوسف رحمه الله: يزول ملكه بالقول كما هو أصله إذ التسليم عنده ليس بشرط والوقف لازم. وعند محمد رحمه الله إذا استقى الناس من السقاية وسكنوا الخان والرباط ودفنوا في المقبرة زال الملك؛ لأن التسليم عنده شرط، والشرط تسليم نوعه) ش: لأن كل باب يعتبر فيه ما يليق به ففي الخان يحصل التسليم بالسكنى، وفي الرباط بالنزول، وفي السقاية بالشرب، وفي المقبرة بدفنهم.
م: (وذلك بما ذكرناه) ش: أي التسليم يحصل بالاستسقاء والسكنى والنزول والدفن في