الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الراجع ومورث للشبهة في حق الآخر؛ لأن السرقة تثبت بإقرارهما على الشركة، فإن سرقا ثم غاب أحدهما وشهد الشاهدان على سرقتهما قطع الآخر في قول أبي حنيفة لا في قولهما والآخر وهو قولهما، وكان يقول أولا لا يقطع؛ لأنه لو حضر ربما يدعي الشبهة. وجه قوله الآخر أن الغيبة تمنع ثبوت السرقة على الغائب، فيبقى معدوما، والمعدوم لا يورث الشبهة ولا يعتبر توهم حدوث الشبهة على ما مر،
وإذا أقر العبد المحجور عليه بسرقة عشرة دراهم بعينها فإنه يقطع وترد السرقة إلى المسروق منه، وهذا عند أبي حنيفة رحمه الله وقال أبو يوسف رحمه الله: يقطع والعشرة للمولى. وقال محمد رحمه الله: لا يقطع، والعشرة للمولى إذا كذبه المولى. ولو أقر بسرقة مال مستهلك قطعت يده.
ــ
[البناية]
الراجع ومورث للشبهة في حق الآخر؛ لأن السرقة تثبت بإقرارهما على الشركة) ش: فيكون فعلاً واحداً م: (فإن سرقا ثم غاب أحدهما وشهد الشاهدان على سرقتهما قطع الآخر في قول أبي حنيفة لا في قولهما والآخر وهو قولهما، وكان) ش: أي أبو حنيفة م: (يقول أولاً: لا يقطع، لأنه) ش: أي لأن الغائب م: (لو حضر ربما يدعي الشبهة) ش: وهي دارئة للحد عن نفسه، وعن الآخر حد، فلو قطعنا الحاضر قطعناه مع الشبهة، وهو لا يجوز.
م: (وجه قوله الآخر) ش: أي وجه قول أبي حنيفة الآخر م: (أن الغيبة تمنع ثبوت السرقة على الغائب) ش: لأن القضاء على الغائب لا يجوز م: (فيبقى معدوماً) ش: أي يبقى فعل السرقة معدوماً م: (والمعدوم لا يورث الشبهة) ش: في حق الموجود، وهذا لأن الشبهة هي المحققة الموجودة لا الموهومة م:(ولا يعتبر توهم حدوث الشبهة) ش: لأنه لو اعتبر يلزم اعتبار شبهة الشبهة، وهي محطة عن حيز الاعتبار م:(على ما مر) ش: إشارة إلى قوله: ولا معتبر بشبهة موهومة الاعتراض.
[أقر العبد المحجور عليه بسرقة عشرة دراهم بعينها أوأقر بالسرقة ثم رجع]
م: (وإذا أقر العبد المحجور عليه بسرقة عشرة دراهم بعينها) ش: يعني كائنة بعينها م: (فإنه يقطع وترد السرقة إلى المسروق منه، وهذا عند أبي حنيفة رحمه الله وقال أبو يوسف رحمه الله: يقطع والعشرة للمولى) ش: وبه قال الشافعي في الأصح ومالك وأحمد.
م: (وقال محمد رحمه الله: لا يقطع، والعشرة للمولى) ش: وحكي عن الطحاوي رحمه الله أنه قال: سمعت أستاذي ابن أبي عمران يقول الأقاويل الثلاثة كلها عن أبي حنيفة فقوله الأول أخذ به محمد ثم رجع، وقال كما قال أبو يوسف فأخذ به أبو يوسف ثم رجع إلى القول الثالث واستقر عليه معنا م:(إذا كذبه المولى) ش: أي معنى قول محمد والعشرة للمولى إذا كذبه المولى بأن قال: المال مالي فالعشرة له ولا يقطع العبد.
م: (ولو أقر) ش: أي العبد المحجور م: (بسرقة مال مستهلك قطعت يده) ش: اتفاقاً بين
ولو كان العبد مأذونا له يقطع في الوجهين. وقال زفر رحمه الله لا يقطع في الوجوه كلها؛ لأن الأصل عنده أن إقرار العبد على نفسه بالحدود والقصاص لا يصح؛ لأنه يرد على نفسه وطرفه وكل ذلك مال للمولى والإقرار على الغير غير مقبول، إلا أن المأذون له يؤاخذ بالضمان والمال لصحة إقراره به لكونه مسلطا عليه من جهته، والمحجور عليه لا يصح إقراره بالمال أيضا ونحن نقول: يصح إقراره من حيث إنه آدمي ثم يتعدى إلى المالية فيصح من حيث إنه مال؛ ولأنه لا تهمة في هذا الإقرار لما يشتمل عليه من الأضرار ومثله مقبول على الغير.
ــ
[البناية]
علمائنا الثلاثة.
قال تاج الشريعة: لأن الإقرار بسرقة مال مستهلك إقرار بحد مفرد، والإقرار بحد مفرد صحيح من العبد المحجور عند علمائنا الثلاثة، كما لو اقر بالزنا أو بشرب الخمر م:(ولو كان العبد مأذوناً له يقطع في الوجهين) ش: أي فيما إذا كان المال قائماً أو مستهلكاً.
م: (وقال زفر رحمه الله: لا يقطع في الوجوه كلها) ش: أي فيما إذا كان العبد محجوزاًَ أو مأذوناً والحال قائم أو هالك م: (لأن الأصل عنده) ش: أي عند زفر م: (أن إقرار العبد على نفسه) ش: مأذوناً كان أو محجوراً م: (بالحدود والقصاص لا يصح، لأنه) ش: أي لأن الإقرار م: (يرد على نفسه) ش: يعني في القصاص.
م: (وطرفه) ش: يعني في الحدود م: (وكل ذلك) ش: أي طرفه ونفسه م: (مال للمولى والإقرار على الغير غير مقبول) ش: ألا ترى أنه لو أقر برقبة الغير كان إقراره باطلاً م: (إلا أن المأذون له يؤاخذ بالضمان) ش: إن كان مستهلكاً.
م: (والمال لصحة إقراره به) ش: أي يؤاخذ بالمال إن كان قائماً بصحة إقراره به م: (لكونه) ش: أي لكون المأذون له م: (مسلطاً عليه من جهته) ش: أي لكونه مسلطاً على إقراره من جهة المولى م: (والمحجور عليه لا يصح إقراره بالمال أيضاً) ش: أي كما لا يصح في النفس أيضاً.
م: (ونحن نقول يصح إقراره من حيث إنه آدمي) ش: مخاطب لا من حيث إنه مال م: (ثم يتعدى إلى المالية فيصح من حيث إنه مال) ش: يعني لما صح إقراره من حيث إنه آدمي صح من حيث أنه مال أيضاً لسراية إليها، لأن آدميته لا تنفك عنه ماليته، فالسراية من حيث إنه مال تبعاً وقد يثبت الشيء تبعاً ولا يثبت قصداً.
م: (ولأنه لا تهمة في هذا الإقرار لما يشتمل عليه من الأضرار) ش: أي على العبد؛ لأن ما يلحقه من الضرر باستيفاء العقوبة منه فوق ما يلحقه المولى م: (ومثله) ش: أي ومثل ما كان ضرراً لإقرار فيه أدى إلى السفر وإلى الغير م: (مقبول على الغير) ش: أي بطريق التبعية لانعدام تهمة الكذب في ذلك الإقرار إذا شهد الواحد عند الإمام برؤية هلال رمضان وفي السماء علة يقبل
لمحمد رحمه الله في المحجور عليه أن إقراره بالمال باطل؛ ولهذا لا يصح منه الإقرار بالغصب فيبقى مال المولى. ولا قطع على عبد في سرقة مال المولى، يؤيده أن المال أصل فيها، والقطع تابع حتى تسمع الخصومة فيه بدون القطع، ويثبت المال دونه. وفي عكسه لا تسمع ولا يثبت. وإذا بطل فيما هو الأصل يبطل في التبع بخلاف المأذون، لأن إقراره بالمال الذي في يده صحيح فيصح في حق القطع تبعا.
ــ
[البناية]
الإمام شهادته.
وإن لم يقبلها في سائر المواضع لعدم التهمة، حيث يلزم الصوم كما يلزم غيره، وكذلك الحر المديون إذا أقر بالقتل العمد فإنه يقتص منه بالإجماع وإن كان فيه إبطال ديون الغرماء.
م: (لمحمد رحمه الله في المحجور عليه أن إقراره بالمال باطل، ولهذا) ش: أي ولأجل بطلان إقرار المحجور عليه بالمال م: (لا يصح منه الإقرار بالغصب) ش: فكذا لا يصح إقراره بالسرقة، فإذا لم يصح إقراره بالمالية في حق المالية م:(فيبقى مال المولى) ش: على ملكه م: (ولا قطع على عبد في سرقة مال المولى) ش: أي في سرقة مال حكم به لسيده، لأن كون المال مملوكاً لغير السارق وغير مولاه شرط وجوب القطع م:(يؤيده) ش: أي يؤيده ما ذكره محمد.
وهذا إشارة إلى أن لكل واحد من أصحابنا الثلاثة أصلاً، فأبو حنيفة يقول: القطع أصل والمال تابع بدليل أنه يبطل بالتقادم، وبدليل أنه لو قال: أبقي المال ولا أبقي القطع لم يسقط القطع.
وأبو يوسف يقول: كل منهما أصل، أما أصالة القطع فيما قالوا في الحر إذا أقر وقال: سرقت هذا المال من زيد وهو في يد عمرو وكذبه عمرو يصح إقراره في حق القطع دون المالية. وأما أصالة المال فلأنه إذا سرق ما دون العشرة لا يقطع، والخصومة شرط، ولولا أن المال أصل يوجب القطع بدونها؛ لأنه محض حق الله تعالى، وهو مستوفى بلا طالب.
ومحمد يقول: المال أصل والقطع تبع، وهو معنى قول المصنف م:(أن المال أصل فيها) ش: أي في السرقة م: (والقطع تابع حتى تسمع الخصومة فيه) ش: أي في المال م: (بدون القطع) ش: مثل أن يقول: أطلب المال منه دون القطع م: (ويثبت المال دونه) ش: أي دون القطع، كما إذا شهد رجل وامرأتان أو أقر بالسرقة ثم رجع فإنه يضمن المال ولا يقطع م:(وفي عكسه) ش: بأن قال: أطلب القطع دون المال م: (لا تسمع) ش: أي الخصومة.
م: (ولا يثبت) ش: أي المال م: (وإذا بطل) ش: أي الإقرار م: (فيما هو الأصل) ش: أي المال م: (يبطل في التبع) ش: وهو القطع م: (بخلاف المأذون؛ لأن إقراره بالمال الذي في يده صحيح فيصح في حق القطع تبعاً) ش: لصحة الإقرار به.
ولأبي يوسف رحمه الله أنه أقر بشيئين بالقطع وهو على نفسه فيصح على ما ذكرناه، وبالمال وهو على المولى فلا يصح في حقه فيه والقطع يستحق بدونه. كما إذا قال الحر الثوب الذي في يد زيد سرقته من عمرو، وزيد يقول هو ثوبي تقطع يد المقر، وإن كان لا يصدق في تعيين الثوب حتى لا يؤخذ من زيد ولأبي حنيفة رحمه الله أن الإقرار بالقطع قد صح منه لما بينا فيصح بالمال بناء عليه، لأن الإقرار ينافي حالة البقاء، والمال في حالة البقاء تابع للقطع حتى تسقط عصمة المال باعتباره، ويستوفي القطع بعد استهلاكه،
ــ
[البناية]
م: (ولأبي يوسف رحمه الله أنه) ش: أي العبد م: (أقر بشيئين بالقطع وهو) ش: أي القطع م: (على نفسه) ش: صحيح م: (فيصح ما ذكرناه) ش: أي إقراره في حق القطع م: (وبالمال) ش: أي وإقراره بالمال م: (وهو) ش: أي الإقرار بالمال م: (على المولى فلا يصح في حقه فيه) ش: أي فلا يصح إقرار العبد في حق المولى في المال م: (والقطع يستحق بدون) ش: أي بدون المال م: (كما إذا قال الحر: الثوب في يد زيد سرقته من عمرو، وزيد يقول: هو ثوبي تقطع يد المقر) ش: لصحة إقراره.
م: (وإن كان) ش: واصل بما قبله، أي وإن كان العبد م:(لا يصدق في تعيين الثوب حتى لا يؤخذ من زيد) ش:.
وفي " المبسوط ": وكما لو أقر بسرقة مال مستهلك وهذا؛ لأنه لم يقبل إقراره في تعيين هذا المال بقي المسروق مستهلكاً.
م: (ولأبي حنيفة رحمه الله أن الإقرار بالقطع قد صح منه) ش: أي من العبد م: (لما بينا) ش: إشارة إلى قوله: ونحن نقول يصح إقراره من حيث إنه آدمي م: (فيصح) ش: أي إقراره م: (بالمال بناء عليه) ش: أي على صحة الإقرار بالقطع لما شهدنا من أصله فيما مضى م: (لأن الإقرار ينافي حالة البقاء) ش: أي بقاء السرقة؛ لأن الإقرار بالشيء إظهار أمر قد كان فلا بد من وجود المخبر به قبل الإقرار، ألا ترى أن إقرار أحد الزوجين بالنكاح صحيح من غير شهادة م:(والمال في حالة البقاء تابع للقطع، حتى تسقط) ش: بالرفع؛ لأن حتى بمعنى الفاء م: (عصمة المال باعتباره) ش: أي باعتبار القطع م: (ويستوفي القطع بعد استهلاكه) .
ش: أي استهلاك المال، فلو أبطلنا إقراره في حق القطع باعتبار المال لجعلنا المال في البقاء أصلاً، وهذا باطل، كذا في جامع البرهاني.
وفي بعض الشروح وقوله باعتباره، أي باعتبار القطع لما يجيء من أصلنا أن القطع لا يجتمع من الضمان، ثم سقوط العصمة والتقوم في حق السارق يدل على أن المال تابع به؛ لأنه لو كان أصلاً لما تغير حاله من التقوم إلى غيره؛ لأنه مقصود منه إنما يكون بالتقوم، وكذلك استيفاء