الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإن كان قائما أخذه؛ لأنه وجد عين ماله.
قال: ويجوز
الالتقاط في الشاة والبقر والبعير
، وقال مالك والشافعي: إذا وجد البعير والبقر في الصحراء فالترك أفضل، وعلى هذا الخلاف الفرس لهما، أن الأصل في أخذ مال الغير الحرمة والإباحة مخافة الضياع، وإذا كان معها ما يدفع عن نفسها يقل الضياع ولكنه يتوهم فيقضى بالكراهة والندب إلى الترك، ولنا أنها لقطة يتوهم ضياعها، فيستحب أخذها وتعريفها صيانة لأموال الناس كما في الشاة،
ــ
[البناية]
فإنه لما ضمن مالك اللقطة وقت التصدق بغير أنه تصدق بملك نفسه م: (وإن كان) ش: أي المال الذي هو لقطة م: (قائماً) ش: في يد الفقير م: (أخذه لأنه وجد عين ماله) ش: وهو حقه فليأخذه إن شاء.
[الالتقاط في الشاة والبقر والبعير]
م: (قال) ش: أي القدوري م: (ويجوز الالتقاط في الشاة والبقر والبعير) ش: هذا كلام القدوري.
وقال المصنف: م: (وقال مالك والشافعي: إذا وجد البعير والبقر في الصحراء فالترك أفضل) ش: وبه قال أحمد، وعن مالك والليث في ضالة الإبل لو وجدها في القرى عرفها، وفي الصحراء لا يتعرض لها وهو رواية المزني عن الشافعي، وعن مالك أن البقر كالشاة، أما إذا وجدها في مكان يغلب على الظن هلاكها أو في قرية لا مرعى فيها فالأولى أخذها عند الكل، وفي " الوجيز ": لو وجدها في بلدة أو قرية أو قريب منهما فوجهان أحدهما لا يجوز وأصحهما يجوز. هذا إذا كان في وقت أمن، أما في زمن النهب والفساد يجوز في الصحراء والعمران.
وما لا يمنع من صغار المتاع كالبعير والغنم والفحول والفصلان يجوز التقاطه في المفازة والعمران، في الأصح.
وفي " شرح الأقطع ": الخلاف في الجواز، وذكر الكتاب الخلاف في الأفضلية، وروايات كتبهم ومستمسكاتهم تدل على أن الخلاف في الجواز م:(وعلى هذا الخلاف الفرس) ش: وعلى الخلاف المذكور التقاط الفرس م: (لهما) ش: أي للشافعي ومالك م: (أن الأصل في أخذ مال الغير الحرمة والإباحة مخافة الضياع) ش: أي إباحة أخذ مال الغير لأجل الخوف عن ضياعه.
م: (وإذا كان معها) ش: أي مع اللقطة م: (ما يدفع عن نفسها) ش: كالعزل ونحوه م: (يقل الضياع ولكنه يتوهم) ش: أي ولكن الضياع يتوهم م: (فيقضى بالكراهة والندب إلى الترك) ش: أي المستحب أن يتركها، وقد ذكرنا الآن عن الأقطع أنه خلاف الجواز م:(ولنا أنها) ش: أي أن البقر والبعير والفرس م: (لقطة يتوهم ضياعها فيستحب أخذها وتعريفها صيانة لأموال الناس كما في الشاة) ش: فإن التقاطها يستحب بالإجماع.
وإذا خيف الضياع على البعير ونحوها يستحب أخذها أيضاً صيانة لأموال الناس.
فإن قلت: ما تقول في حديث رواه البخاري عن زيد بن خالد رضي الله عنه «أن رجلاً
فإن أنفق الملتقط عليها بغير إذن الحاكم فهو متبرع لقصور ولايته عن ذمة المالك. وإن أنفق بأمره كان ذلك دينا على صاحبه؛ لأن للقاضي ولاية في مال الغائب نظرا له، وقد يكون النظر في الإنفاق على ما نبين، إن شاء الله تعالى.
ــ
[البناية]
سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن اللقطة فقال: " عرفها سنة " إلى أن قال: فضالة الغنم؟ قال: " خذها فإنما هي لك أو لأخيك أو للذئب " قال فضالة الإبل؟ قال: فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى احمرت وجنتاه واحمر وجهه. ثم قال: " مالك ولها معها حذاؤها وسقاؤها، ترد الماء، وترعى الشجر، فذرها حتى يلقاها ربها» .
قلت: هو محمول على ما إذا لم يخف عليها، أما إذا خيف عليها فأخذها للصيانة أولى، ويدل عليه ما رواه الطحاوي عند عبد الله بن عمرو بن العاص «أن رجلاً من مدينة أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأل كيف ترى في ضالة الغنم قال:" طعام مأكول لك أو لأخيك أو للذئب أحسن على أخيك ضالته " قال: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم فكيف ترى في ضالة الإبل؟ قال: " مالك ولها معها سقاؤها وحذاؤها ولا تخاف عليها الذئب تأكل الكلأ وترد الماء فدعا حتى يجيء طالبها....» انتهى.
قوله: سقاؤها بكسر السين وأراد بها إذا وردت الماء تشرب ما يكون بها من ظمأ والحذاء بكسر الحاء المهملة بالذال المعجمة وبالألف ممدودة وأراد بها خفافها التي تقوى بها على السير.
فإن قلت: ينبغي أن لا يجوز أخذ اللقطة أصلاً بدليل ما روي في شرح الآثار عن أبي عبادة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ضالة المسلم حرق النار» ..
قلت: معناه إذا أخذها للركوب لا للتعريف، والحرق بفتحتين اسم الإحراق. وعن ثعلب الحرق: اللهب يعني إن تملكها سبب العقاب في النار. وكذا الجواب عن الحديث الآخر، وهو قوله عليه السلام:«لا يؤوي الضالة إلا الضال» يعني إذا أخذها لنفسه وإن أبرأها إذا كان لنفسه لا للتعريف
م: (فإن أنفق الملتقط عليها) ش: أي على اللقطة م: (بغير إذن الحاكم فهو متبرع لقصور ولايته عن ذمة المالك) ش: فصار لو قضى دين غيره بغير أمره وبغير أمر القاضي م: (وإن أنفق بأمره) ش: أي بأمر القاضي م: (كان ذلك) ش: أي إنفاقه م: (ديناً على صاحبه) ش: أي صاحب اللقطة، وإنما ذكر الضمير باعتبار المال م:(لأن للقاضي ولاية في مال الغائب نظراً له) ش: أي لأجل النظر للغائب؛ لأنه نصب لمصالح المسلمين فتعم ولايته.
م: (وقد يكون النظر في الإنفاق) ش: أي وقد يكون نظر الحاكم في الأمر بالإنفاق على اللقطة، فكل ما رآه القاضي أحوط وأصلح كان له ذلك م:(على ما نبين إن شاء الله تعالى) ش: أي بعد خمسة خطوط عند قوله.
وإذا رفع ذلك إلى الحاكم نظر فيه، فإن كان للبهيمة منفعة أجرها وأنفق عليها من أجرتها؛ لأن فيه إبقاء العين على ملكه من غير إلزام الدين عليه وكذلك يفعل بالعبد الآبق. وإن لم يكن لها منفعة وخاف أن تستغرق النفقة قيمتها باعها وأمر بحفظ ثمنها إبقاء له معنى عند تعذر إبقائه صورة، وإن كان الأصلح الإنفاق عليها أذن في ذلك، وجعل النفقة دينا على مالكها لأنه نصب ناظرا، وفي هذا نظر من الجانبين، قالوا: وإنما يأمر بالإنفاق يومين أو ثلاثة أيام على قدر ما يرى رجاء أن يظهر مالكها، فإذا لم يظهر يأمر ببيعها؛ لأن دارة النفقة مستأصلة، فلا ينظر في الإنفاق مدة مديدة، قال في الأصل: شرط إقامة البينة وهو الصحيح
ــ
[البناية]
وإذا كان الأصلح الإنفاق عليها م: (وإذا رفع ذلك) ش: أي أمر اللقطة م: (إلى الحاكم نظر فيه) ش: أي في أمر اللقطة م: (فإذا كان للبهيمة منفعة) ش: وهي صلاحيتها للإجارة كالحيوان التي تركب م: (أجرها وأنفق عليها من أجرتها لأن فيه) ش: أي لأن في أمر الإجارة م: (إبقاء العين) ش: أي عين اللقطة م: (على ملكه) ش: أي على ملك صاحبها م: (من غير إلزام الدين عليه) ش: أي على صاحبها.
م: (وكذلك يفعل) ش: أي الحاكم م: (بالعبد الآبق) ش: فإنه يؤجره وينفق عليه من أجرته؛ لأن فيه إبقاء لملكه م: (وإن لم يكن لها منفعة) ش: كالشاة مثلاً م: (وخاف أن تستغرق النفقة قيمتها باعها وأمر) ش: أي الملتقط م: (بحفظ ثمنها إبقاء له) ش: أي لأجل إبقاء اللقطة للمالك. م: (معنى عند تعذر إبقائه صورة) ش: أي من حيث المعنى بالمالية حيث لم يكن إبقاء الصورة؛ لأنه يخاف عليها أن يستأصل النفقة القيمة م: (وإن كان الأصلح الإنفاق عليها) ش: يعني القاضي لو رأى الإنفاق أصلح م: (أذن في ذلك) ش: أي في الإنفاق.
م: (وجعل النفقة ديناً على مالكها لأنه) ش: أي لأن القاضي م: (نصب ناظراً) ش: في أمور المسلمين يفعل ما رآه أحوط وأصلح كان له ذلك بعموم ولايته م: (وفي هذا) ش: أي وفي إذن القاضي للملتقط في الإنفاق وجعل النفقة ديناً على المالك م: (نظر من الجانبين) ش: جانب المالك بإبقاء عين ملكه وجانب الملتقط برجوعه على المالك بما أنفق.
م: (قالوا) ش: أي المشايخ: م: (وإنما يأمر بالإنفاق يومين أو ثلاثة أيام على قدر ما يرى رجاء أن يظهر مالكها، فإذا لم يظهر يأمر ببيعها) ش: أي يأمر القاضي ببيع اللقطة م: (لأن دارة النفقة) ش: أي استمرارها م: (مستأصلة) ش: للقيمة م: (فلا ينظر في الإنفاق مدة مديدة) ش: أي طويلة.
م: (قال) ش: أي المصنف رحمه الله: م: (في الأصل) ش: أي في " المبسوط " م: (شرط إقامة البينة) ش: حيث قال: فإن رفعها إلى قاض وأقام بينة أنه التقطها أمره بأن ينفق عليها م: (وهو الصحيح) ش: وفي بعض النسخ: وهو الصحيح وهو اختيار المصنف، وقال الولوالجي في " فتاواه ":
لأنه يحتمل أن يكون غصبا في يده ولا يأمر فيه بالإنفاق بخلاف الوديعة حيث يأمره بالإنفاق فيها، فلا بد من البينة لينكشف الحال، وليست تقام للقضاء، وإن قال: لا بينة لي يقول له القاضي: أنفق عليه إن كنت صادقا فيما قلت حتى يرجع على المالك إن كان صادقا ولا يرجع إن كان غاصبا، وقوله في الكتاب وجعل النفقة دينا على صاحبها إشارة إلى أنه إنما يرجع على المالك بعدما حضر، ولم يبع اللقطة إذا شرط القاضي الرجوع على المالك وهذه رواية وهو الأصح،
ــ
[البناية]
قالوا: هذا إذا كانت اللقطة شيئاً لا يخاف الهلاك عليه لذلك لم ينفقه إلى أن تقوم البينة.
أما إذا كان يخاف أمان القاضي لا يكلفه إقامة البينة لكن يقول له أنفق عليه إن كنت صادقاً م: (لأنه يحتمل أن يكون غصباً في يده ولا يأمر فيه بالإنفاق بخلاف الوديعة حيث يأمره بالإنفاق فيها) ش: خوفاً من ضياعها م: (فلا بد) ش: أي فإذا احتمل في اللقطة الغصب فلا بد م: (من البينة) ش: على أنه التقطها م: (لينكشف الحال) ش: للحاكم حتى يقع أمره على الصواب.
م: (وليست تقام) ش: أي البينة م: (للقضاء) ش: أي لأجل الحكم، وهذا جواب عن سؤال مقدر تقديره أن يقال: كيف شرط في الأصل إقامة البينة، ولا تقوم البينة إلا على مدع منكر، ولم يوجد ذلك هنا؟، وتقدير الجواب: أن البينة هنا ليست لأجل قضاء القاضي، وإنما لكشف الحال يعني تقام حتى ينكشف حال البهيمة أنها لقطة أو غصب، فإن في الأولى يأمر القاضي بالإنفاق دون الثاني.
م: (وإن قال: لا بينة لي) ش: أي وإن قال الملتقط: لا بينة لي على أني التقطها م: (يقول له القاضي أنفق عليه إن كنت صادقاً فيما قلت حتى يرجع على المالك، إن كان صادقاً، ولا يرجع إن كان غاصباً) ش: قوله ولا يرجع بالنصب؛ لأنه عطف على قوله حتى يرجع فإن يرجع فيه منصوب بتقدير أن بعد حتى.
م: (وقوله) ش: أي قول القدوري وهو مبتدأ م: (في الكتاب) ش: أي في " مختصر القدوري " م: (وجعل النفقة ديناً على صاحبها) ش: هذا من لفظ القدوري م: (إشارة) ش: بالرفع خبر المبتدأ المذكور م: (إلى أنه إنما يرجع) ش: أي الملتقط م: (على المالك بعد ما حضر، ولم يبع اللقطة) ش: اللقطة، وضبطه بعضهم على صيغة المجهول م:(إذا شرط القاضي الرجوع) ش: هذا متصل بقوله: إنما يرجع الملتقط م: (على المالك) ش: إذا شرط القاضي الرجوع على المالك.
م: (وهذه رواية) ش: أي شرط الرجوع رواية، فعلى هذه الرواية إذا أمر القاضي بالإنفاق على اللقطة ولم يشترط الرجوع على المالك لا يرجع عليه، وفي الرواية الأخرى يرجع.
م: (وهو الأصح) ش: أي الأصح في الرجوع إن شرط القاضي الرجوع، واحترز به عن