الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل ونصارى بني تغلب يؤخذ من أموالهم ضعف ما يؤخذ من المسلمين من الزكاة؛ لأن عمر رضي الله عنه صالحهم على ذلك بمحضر من الصحابة رضي الله عنهم ويؤخذ من نسائهم ولا يؤخذ من صبيانهم؛ لأن الصلح وقع على الصدقة المضاعفة، والصدقة تجب عليهن دون الصبيان، فكذا المضاعف. وقال زفر رحمه الله لا يؤخذ من نسائهم أيضا، وهو قول الشافعي رحمه الله لأنه جزية في الحقيقة على ما قال عمر رضي الله عنه هذه جزية فسموها ما شئتم.
ــ
[البناية]
[فصل نصارى بني تغلب يؤخذ من أموالهم ضعف ما يؤخذ من المسلمين من الزكاة]
م: (فصل) ش: أي هذا فصل في بيان أحكام نصارى بني تغلب، وذكر هنا في فصل، هذا على حدة؛ لأن حكمهم مخالف لحكم سائر النصارى وبنو تغلب بفتح التاء المثناة من فوق وسكون الغين المعجمة وكسر اللام وائل بن فاسط بن رهيب بن أوضى بن يحيى بن حذيفة بن أسد بن ربيعة بن سادر سلموا أي الجاهلية إلى النصرانية، فدعاهم عمر رضي الله عنه إلى بدل الجزية، فأبو وأنفوا، وقالوا: نحن عرب، خذ منا كما يأخذ بعضكم من بعض الصدقات. فقال لا آخذ من مشرك صدقة فلحق بعضهم بالروم فقال النعمان بن زرعة يا أمير المؤمنين إن القوم لهم بأس شديد، ذويهم عرب يأنفون من الجزية فلا تعن عدوك عليك بهم، وخذ منهم الجزية باسم الصدقة، فبعث عمر رضي الله عنه في طلبهم وضعف عليهم فأجمع الصحابة على ذلك، وقال به الفقهاء.
م: (ونصارى بني تغلب يؤخذ من أموالهم ضعف ما يؤخذ من المسلمين من الزكاة؛ لأن عمر رضي الله عنه صالحهم على ذلك بمحضر من الصحابة رضي الله عنهم) ش: تقدم هذا في كتاب الزكاة في آخر باب زكاة الخيل م: (ويؤخذ من نسائهم ولا يؤخذ من صبيانهم) ش: هذا لفظ القدوري في مختصره وهو ظاهر الرواية. وقال الفقيه أبو الليث في شرح " الجامع الصغير " روى الحسن بن زياد عن أبي حنيفة أنه قال: لا يؤخذ من نساء بني تغلب شيء.
قال الفقيه: وذكر عن أبي الحسن الكرخي أنه قال: هذه الرواية أقيس؛ لأنه لا يؤخذ من نساء أهل الذمة جزية فكذلك لا تؤخذ من نسائهم - تغلب - مضاعفة الصدقة.
م: (لأن الصلح وقع على الصدقة المضاعفة، والصدقة تجب عليهن دون الصبيان، فكذا المضاعف) ش: لا تجب عليهم م: (وقال زفر رحمه الله: لا يؤخذ من نسائهم أيضاً) ش: وفي بعض النسخ من سواهم م: (وهو قول الشافعي رحمه الله) ش: أي قول زفر وهو قول الشافعي م: (لأنه) ش: أي لأن الذمي يؤخذ منهم م: (جزية في الحقيقة على ما قال عمر رضي الله عنه هذه جزية فسموها ما شئتم) ش: أي هذه الصدقة المضاعفة جزية فسموها حسبما شئتم أنتم.
ولهذا تصرف مصارف الجزية ولا جزية على النسوان. ولنا أنه مال وجب بالصلح والمرأة من أهل وجوب مثله عليها، والمصرف مصالح المسلمين؛ لأنه مال بيت المال، وذلك لا يختص بالجزية ألا ترى أنه لا يراعى فيه شرائطها، ويوضع على مولى التغلبي الخراج، أي الجزية وخراج الأرض بمنزلة مولى القرشي. وقال زفر رحمه الله: يضاعف لقوله عليه السلام إن مولى القوم منهم، ألا ترى أن مولى الهاشمي يلحق به في حق حرمة الصدقة. ولنا أن هذا تخفيف
ــ
[البناية]
وهذا أيضاً تقدم في باب زكاة الخيل في كتاب الزكاة، وأما صبيانهم فلا يؤخذ منهم شيء.
وكذا مجانينهم، وعند أحمد يجب عليهما كالزكاة م:(ولهذا) ش: أي لكونها جزية في الحقيقة م: (تصرف مصارف الجزية، ولا جزية على النسوان) ش: فلا يؤخذ شيء من نساء بني تغلب أيضاً.
م: (ولنا أنه) ش: أي أن المأخوذ منهم م: (مال وجب بالصلح والمرأة من أهل وجوب مثله عليها) ش: أي مثلما وجب ببدل الصلح فتجب عليها م: (والمصرف مصالح المسلمين) ش: هذا جواب من قوله: تصرف مصارف الجزية، تقريره أن يقال: لا نسلم أن كونه مصرف الجزية يدل على أنه جزية؛ لأن مصرفه مصالح المسلمين م: (لأنه مال بيت المال وذلك) ش: أي مصرف مصالح المسلمين م: (لا يختص بالجزية) ش: وحدها، بل يوضع فيه خراج الأرضين والجزية، وأما أهله أهل الحرب وغيرها.
م: (ألا ترى أنه لا يراعى فيه) ش: أي في المأخوذ منها م: (شرائطها) ش: أي شرائط الجزية بوصف العقار وغيره من عدم القبول من الثابت وبالإعطاء قائماً والقابض قاعداً وأخذ التلبيب والهز. م: (ويوضع على مولى التغلبي الخراج) ش: هذا من مسائل الجامع، وفسره المصنف بقوله م:(أي الجزية) ش: لأنها خراج الرأس ومولى التغلبي معتقه م: (وخراج الأرض) ش: أي يوضع عليها خراج الأرض م: (بمنزلة مولى القرشي) ش: لا يؤخذ الجزية والخراج من القرشي، ويؤخذ من مولاه، فكذلك هاهنا.
م: (وقال زفر رحمه الله يضاعف) ش: أي يضاعف على مولى التغلبي م: (لقوله عليه السلام) ش: أي لقول النبي صلى الله عليه وسلم: م: «إن مولى القوم منهم» ش: هذا الحديث تقدم في باب من يجوز دفع الصدقة إليه ومن لا يجوز.
وجه استدلاله به ظاهر؛ لأن مولاه عليه التضعيف فعليه كذلك؛ لأنه منه، وهو المروي عن عامر التغلبي أيضاً م:(ألا ترى أن مولى الهاشمي يلحق به في حق حرمة الصدقة) ش: لأنه منه بظاهر الحديث، فكذلك مولى التغلبي.
م: (ولنا أن هذا) ش: أي أخذ مضاعف الزكاة م: (تخفيف) ش: يعني أنه ليس فيه وصف
والمولى لا يلحق بالأصل فيه، ولهذا توضع الجزية على مولى المسلم إذا كان نصرنيا، بخلاف حرمة الصدقة؛ لأن الحرمات تثبت بالشبهات فألحق المولى بالهاشمي في حقه، ولا يلزم مولى الغني حيث لا تحرم عليه الصدقة؛ لأن الغني من أهلها، وإنما الغنى مانع ولم يوجد في حق المولى، أما الهاشمي فليس بأهل لهذه الصلة أصلا؛ لأنه صين لشرفه وكرامته عن أوساخ الناس فألحق به مولاه. قال: وما جباه الإمام من الخراج
ــ
[البناية]
الصغار بخلاف الجزية م: (والمولى لا يلحق بالأصل فيه) ش: أي في التخفيف م: (ولهذا) ش: أي ولكون المولى لا يلحق بالأصل في التخفيف م: (توضع الجزية على مولى المسلم إذا كان نصرانياُ) ش: ولم يلحق لمولاه في ترك الجزية، وإن كان الإسلام على أسباب التخفيف بالتخلص عن التدين بالإمام، وقد ألحق مولى الهاشمي فيها بالهاشمي.
وتقرير الجواب أن ذلك م: (بخلاف حرمة الصدقة؛ لأن الحرمات تثبت بالشبهات) ش: لأنها في باب الحرمات ملحقة بالحقيقة م: (فألحق المولى بالهاشمي في حقه) ش: أي في حق ما هو لمولاه، وهو حرمة الصدقة.
م: (ولا يلزم مولى الغني) ش: جواب عما يقال مال مولى الغني لم يلحق به في حرمة الصدقة والعلة المذكورة، وهي أن الحرمات تثبت بالشبهات.
فأجاب بقوله ولا يلزم المولى الغني علينا م: (حيث لا تحرم عليه) ش: أي على الغني م: (الصدقة؛ لأن الغني من أهلها) ش: أي من أهل الصدقة في الجملة، ألا ترى أنه إذا كان عاملا يعطى من الصدقة ما يكفيه، وكذلك ابن السبيل يجوز له أخذ الزكاة. م:(وإنما الغنى مانع ولم يوجد في حق المولى، أما الهاشمي فليس بأهل لهذه الصلة أصلاً لأنه صين) ش: أي حفظ، وهو مجهول صانه، وأصله صون قلبت الواو ألفاً لتحركها وافتتاح ما قبلها وأصل صين صون قلبت الواو ياء، ثم أبدلت ضمة الصاد كسرة لأجل الياء م:(لشرفه) ش: أي لأجل شرفه.
م: (وكرامته عن أوساخ الناس) ش: وذلك لأجل التعظيم لقرابة النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا كان الأمر كذلك م:(فألحق به) ش: أي بالهاشمي م: (مولاه) ش: لأنه نسبة، ولم يذكر جواباً عن الحديث، وهو أنه ورد بخلاف القياس فاقتصر على مورد النص.
وهو حرمة الصدقة خاصة فلم يجز التعدية إلى غيرها؛ لأن ذلك كان لإظهار فضل قرابة رسول الله عليه السلام في إلحاق مولاهم بهم، ومولى التغلبي ليس من ذلك في شيء.
م: (قال: وما جباه الإمام) ش: أي وما جمعه الإمام م: (من الخراج) ش: أي خراج الأراضي
ومن أموال بني تغلب وما أهداه أهل الحرب إلى الإمام والجزية، يصرف في مصالح المسلمين كسد الثغور وبناء القناطر والجسور، ويعطى قضاة المسلمين وعمالهم وعلماؤهم منه ما يكفيهم، ويدفع منه أرزاق المقاتلة وذراريهم؛ لأنه مال بيت المال، فإنه وصل إلى المسلمين من غير قتال وهو معد لمصالح المسلمين، وهؤلاء عملتهم، ونفقة الذراري على الآباء، فلو لم يعطوا كفايتهم لاحتاجوا إلى الاكتساب لا يفرغون للقتال. ومن مات منهم في نصف السنة فلا شيء له من العطاء؛ لأنه نوع صلة وليس بدين، ولهذا سمي عطاء فلا يملك قبل القبض ويسقط بالموت
ــ
[البناية]
م: (ومن أموال بني تغلب وما أهداه أهل الحرب إلى الإمام والجزية يصرف في مصالح المسلمين كسد الثغور) ش: وهو جمع ثغر، وهو موضع مخاف البلدان م:(وبناء القناطر) ش: جمع قنطرة وهو ما يحكم بناؤه ولا يرفع م: (والجسور) ش: جمع جسر، وهو ما يوضع ويرفع م:(ويعطى قضاة المسلمين وعمالهم) ش: بضم العين وتشديد الميم جمع عامل.
م: (وعلماؤهم منه) ش: أي من الذي جباه الإمام من الأشياء المذكورة م: (ما يكفيهم) ش: أي ما يكفي القضاة وعمالهم والعلماء م: (ويدفع منه) ش: أي من الذي جباه أيضاً م: (أرزاق المقاتلة وذراريهم) ش: أي وأرزاق ذراريهم؛ لأن نقصانهم واجب عليهم، فلو لم يكن موقوفاُ لذراري آبائهم لم يتفرغوا للقتال، ولبطل أمر الجهاد الذي من أعظم مصالح المسلمين؛ لاشتغال المقاتلة بأكساب النفقات للذراري.
م: (لأنه) ش: أي لأن الذي جباه الإمام م: (مال بيت المال، فإنه وصل إلى المسلمين من غير قتال، وهو) ش: أي المال الذي جباه م: (معد لمصالح المسلمين، وهؤلاء عملتهم) ش: أي القضاة وعمالهم والعلماء عملتهم وهو جمع عامل م: (ونفقة الذراري على الآباء، فلو لم يعطوا كفايتهم لاحتاجوا إلى الاكتساب لا يفرغون للقتال) ش: وقد شرحناه الآن.
م: (ومن مات منهم) ش: أي من المذكورين م: (في نصف السنة فلا شيء له من العطاء) ش: وهو ما يكتب للقراء في الديوان ولكل من قام بأمر الدين م: (لأنه نوع صلة وليس بدين، ولهذا سمي عطاء فلا يملك قبل القبض ويسقط بالموت) ش: وإنما وضع المسألة نصف السنة؛ لأنه لو مات في آخر السنة يستحب صرف ذلك إلى قريبه؛ لأنه قد وافى غناءه، ويستحب الصرف إلى قريبه ليكون أقرب إلى الولائم قبل رزق القاضي ومن في معناه في آخر السنة يعطى، ولو أخذ في أولها ثم عزل أو مات قبل نصفها قيل: يجب رد ما بقي من السنة، وقيل على قياس نفقة المرأة لا يجب.
وقال محمد وأحب إلي رد الباقي، وكذا لو عجل لها نفقته يسترضيها فمات قبل التزوج
وأهل العطاء في زماننا مثل القاضي والمدرس والمفتي، والله أعلم.
ــ
[البناية]
لعدم حصول المقصود، وعندهما أنها صلة من وجه فيقطع الاسترداد بالموت كالرجوع في الهبة، ذكره في جامع قاضي خان والتمرتاشي. م:(وأهل العطاء في زماننا مثل القاضي والمدرس والمفتي، والله أعلم) ش: إنما قال ذلك لأنه في الابتداء كان يعطى لكل من كان له ضرب من به في الإسلام كأزواج النبي صلى الله عليه وسلم وأولاد المهاجرين والأنصار.