الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولأنها وجبت بدلا عن النصرة في حقنا، وقد قدر عليها بنفسه بعد الإسلام، والعصمة تثبت بكونه آدميا،
والذمي يسكن ملك نفسه، فلا معنى لإيجاب بدل العصمة والسكنى،
وإن اجتمعت عليه الحولان تداخلت. وفي " الجامع الصغير ": ومن لم يؤخذ منه خراج رأسه حتى مضت السنة وجاءت سنة أخرى لم يؤخذ، وهذا عند أبي حنيفة رحمه الله. وقال أبو يوسف ومحمد - رحمهما الله -: يؤخذ منه، وهو قول الشافعي رحمه الله
ــ
[البناية]
أيضاً، وأما شرع العقوبة في الآخرة بالعذاب أتم لهم.
م: (ولأنها) ش: أي الجزية م: (وجبت بدلاً عن النصرة في حقنا) ش: أراد أن وجوب الجزية شرع للنصرة وكفاية للغزاة م: (وقد قدر عليها) ش: أي على النصرة م: (بنفسه بعد الإسلام) ش: فسقطت، لقدرته على الأصل م:(والعصمة تثبت) ش: هذا جواب عن قول الشافعي: إنها وجبت بدلاً عن العصمة، بيان أن العصمة ثابتة م:(بكونه آدمياً) ش: يعني من حيث إنه آدمي خلق معصوماً محقون الدم لكونه مكلفاً، فلا ينافي له العام بأمور التكليف إلا بكونه معصوماً، وإنما يطلب عصمته بعارض الكفر، ثم لما أسلم عادت العصمة، فصارت العصمة به لا بقبول الجزية.
ولقائل أن يقول: إنها ثابتة بالآدمية، ولكنها سقطت بالكفر، فالجزية بعدها على ما كانت فكانت بدلاً. والجواب أنها لو كانت بدلاً عن العصمة، فإما أن تكون عن عصمة فيما مضى، أو فيما يستقبل، ولا سبيل إلى الأول لوقوع الفتنة عنه، ولا إلى الثاني لأن الإسلام يغني عنها.
م: (والذمي يسكن ملك نفسه) ش: هذا جواب عن قوله: أو عن السكنى، بيانه أن الذمي إنما سكن في ملكه إما بالشراء أو بغيره من أسباب الملك م:(فلا معنى لإيجاب بدل العصمة والسكنى) ش: يعني لا فائدة في إيجاب البدل، لكنه في موضع مملوك له، فلو كانت الجزية أخذ وجوبها بالإجماع لا محالة، ويشترط فيها التأقيت، لأن الإبهام سلطها وحيث لم يشترط التأقيت في السكنى دل على أن السكنى لم تكن بطريق الإجارة.
[اجتمعت علي الذمي جزية الحولين]
م: (وإن اجتمعت عليه) ش: أي على الذمي م: (الحولان) ش: أي جزية الحولين فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه. وفي بعض النسخ وإن اجتمعت عليه الحولان، بناء هذا للفعل باعتبار تقديره جزية الحولين كما ذكرنا. وقال الأترازي: ويجوز أن يراد بالحولين الجزيتان مجازاً، إطلاقاً لاسم المحل على الحال. أو أنث الفعل على السنة، لأن الحول في معناها م:(تداخلت) ش: أي الجزية، وهذا لفظ القدوري آتية في شرح الأقطع.
م: (وفي " الجامع الصغير ": ومن لم يؤخذ منه خراج رأسه حتى مضت سنة أخرى لم يؤخذ) ش: أي لا يؤخذ ما مضى م: (وهذا عند أبي حنيفة رحمه الله وقال أبو يوسف ومحمد - رحمهما الله -: يؤخذ منه) ش: يعني مما مضى م: (وهو قول الشافعي رحمه الله) ش:
وإن مات عند تمام السنة لم يؤخذ منه في قولهم جميعا، وكذلك إن مات في بعض السنة. أما مسألة الموت فقد ذكرناها. وقيل: خراج الأرض على هذا الخلاف، وقيل: لا تداخل فيه بالاتفاق، لهما في الخلافية أن الخراج وجب عوضا، والأعواض إذا اجتمعت وأمكن استيفاؤها تستوفى، وقد أمكن فيما نحن فيه بعد توالي السنين، بخلاف ما إذا أسلم لأنه تعذر استيفاؤه. ولأبي حنيفة أنها وجبت عقوبة على الإصرار على الكفر على ما بيناه، ولهذا لا تقبل منه لو بعث على يد نائبه في أصح
ــ
[البناية]
وبه قال أحمد. وقال مالك: يؤخذ منه إلا إذا كان فقيراً لم يؤخذ منه بعشرة، إذ الفقير لا جزية عليه عنده.
م: (وإن مات عند تمام السنة) ش: أي عند تمام السنة الأولى م: (لم يؤخذ في قولهم جميعاً) ش: أي في قول أصحابنا المذكورين والشافعي.
م: (وكذلك) ش: أي لا تؤخذ م: (إن مات في بعض السنة) ش: لأنه إن مات قبل الوجوب فلا شبهة فيه، وإن مات بعد الوجوب فقط سقط بالموت عندنا خلافاً للشافعي.
م: (أما مسألة الموت فقد ذكرناها) ش: أشار به إلى قوله: ولأن شرع العقوبة في الدنيا لا تكون إلا لدفع الشر وقد اندفع بالموت والإسلام م: (وقيل: لا تداخل فيه) ش: أي في الخراج م: (بالاتفاق) ش: ووجه الفرق بينهما أن الخراج في حالة البقاء مؤنة من غير التفات إلى معنى العقوبة.
ولهذا إذا اشترى المسلم أرضاً خراجية يجب عليه الخراج، فجاز أن لا يداخل، بخلاف الجزية فإنها عقوبة ابتداء نصاً، ولهذا لم يشرع في حق المسلم أصلاً، والعقوبات تتداخل.
م: (ولهما) ش: أي لأبي يوسف ومحمد م: (في الخلافية) ش: أي فيما إذا اجتمع عليه حولان م: (أن الخراج وجب عوضاً) ش: أي عن سائر الأعواض: حقن الدم أو عن السكنى م: (والأعواض إذا اجتمعت وأمكن استيفاؤها تستوفى) ش: كما في سائر الأعواض م: (وقد أمكن فيما نحن فيه بعد توالي السنين) ش: أي بعد تتابعها، لأن الفرض أنه حي وانتفاء المال من الحي ممكن إذا لم يمنع عنه الإسلام م:(بخلاف ما إذا أسلم لأنه تعذر استيفاؤه) ش: لأن المؤمن يؤمن لإيمانه، فيتعذر انتفاؤه من الوجه الذي وجب.
م: (ولأبي حنيفة أنها) ش: أي الجزية م: (وجبت عقوبة على الإصرار على الكفر على ما بيناه) ش: أراد بقوله ما ذكره قبل هذا بقوله: ولأنها وجبت عقوبة م: (ولهذا) ش: أي ولكونها وجبت عقوبة م: (لا تقبل منه) ش: أي من الذمي م: (لو بعث) ش: أي جزيته م: (على يد نائبه في أصح
الروايات، بل يكلف أن يأتي به بنفسه فيعطي قائما، والقابض منه قاعد. وفي رواية: يأخذ بتلابيبه ويهزه هزا ويقول: أعطني الجزية يا ذمي، وقيل عدو الله، فيثبت أنه عقوبة، والعقوبات إذا اجتمعت تداخلت كالحدود. ولأنها وجبت بدلا عن القتل في حقهم وعن النصرة في حقنا، كما ذكرنا، لكن في المستقبل لا في الماضي، لأن القتل إنما يستوفى لحراب قائم في الحال لا لحراب ماض، وكذا النصرة في المستقبل، لأن الماضي وقعت الغيبة عنه، ثم قول محمد رحمه الله في الجزية. وفي " الجامع الصغير ": وجاءت سنة أخرى حمله بعض المشايخ على المضي مجازا،
ــ
[البناية]
الروايات) ش: وهنا ثلاث روايات، بين المصنف منها روايتين، وهي قوله: ولا يقبل، وقوله م:(بل يكلف) ش: إلى آخره من تتمة هذه الراوية.
وقوله مكلف أي الذي إلى م: (أن يأتي به) ش: أي بما وجبت عليه من الجزية م: (بنفسه) ش: أي يأتي بنفسه فيعطي) ش: حال كونه م: (قائما والقابض منه قاعد) .
م: (وفي رواية يأخذ) ش: هذه الرواية الثانية وهي أن يأخذ، أي القابض م:(بتلابيبه) ش: والتلبيبة أخذ موضع القلب من الثياب، واللبيب موضع القدرة من العذرة م:(ويهزه) ش: أي يهز القابض الذمي م: (هزاً ويقول: أعطني الجزية يا ذمي. وقيل عدو الله) ش: وفي شرح الطحاوي تؤخذ منه الجزية بطريق الاستحقار له حتى يضع حالة الأخذ، وإذا كان الأمر كذلك م:(فيثبت أنه) ش: أي أن الذي يؤخذ منه وهو الجزية م: (عقوبة، والعقوبات إذا اجتمعت تداخلت) ش: إذا كانت من جنس واحد تداخلت م: (كالحدود) ش:
م: (ولأنها) ش: أي ولأن الجزية م: (وجبت بدلاً عن القتل في حقهم، وعن النصرة في حقنا) ش: أي بدلاً عن النصرة في حقنا، وبدلاً عن النصرة في حق المسلمين م:(كما ذكرنا) ش: عند قوله فيما تقدم عن قريب، ولأنها وجبت عن النصرة في حقنا.
م: (لكن في المستقبل) ش: هذا إذاً استدراك من قوله: لأنها وجبت بدلاً عن القتل، يعني كونها بدلاً عن القتل إنما يظهر في المستقبل م:(لا في الماضي، لأن القتل إنما يستوفى لحراب قائم في الحال لا لحراب ماض) ش: لأن الماضي فات م: (وكذا النصرة) ش: أي وكذا كون النصرة في حقنا م: (في المستقبل؛ لأن الماضي وقعت الغيبة عنه) ش: لعدم فائدتها في الماضي الغائب.
م: (ثم قول محمد رحمه الله في الجزية) ش: أشار به إلى بيان قول محمد الذي نقله م: (وفي الجامع الصغير) ش: عن محمد رحمه الله وأبي حنيفة رحمه الله في الجزية بقوله م: (وجاءت سنة أخرى حمله) ش: أي حمل المجيء م: (بعض المشايخ على المضي) ش: يعني معناه مضت حتى لتحقق اجتماع الحولين، لأنها عند الحول تجب، وهذا ضرب من المجاز، أشار إليه بقوله م:(مجازاً) ش: لأن مجيء كل شهر بمجيء أوله. ويجوز المجاز أن يجيء الشهر مستلزم
وقال: الوجوب بآخر السنة فلا بد من المضي ليتحقق الاجتماع فتداخل، وعند البعض هو مجرى على حقيقته، والوجوب عند أبي حنيفة رحمه الله بأول الحول فيتحقق الاجتماع بمجرد المجيء، والأصح أن الوجوب عندنا في ابتداء الحول، وعند الشافعي رحمه الله في آخره اعتبارا بالزكاة. ولنا أن ما وجب بدلا عنه لا يتحقق إلا في المستقبل على ما قررناه، فتعذر إيجابه بعد مضي الحول، فأجبناه في أوله.
ــ
[البناية]
مضي الآخر لا محالة. وذكر اللزوم وإرادة اللازم مجازاً.
م: (وقال) ش: بعض المشايخ: م: (الوجوب) ش: أي وجوب الجزية م: (بآخر السنة فلا بد من المضي ليتحقق الاجتماع) ش: أي اجتماع الحولين م: (فتداخل) ش: حينئذ الحولان م: (وعند البعض) ش: أي بعض المشايخ م: (هو) ش: أي المجيء م: (مجرى على حقيقته) ش: أي على حقيقة المجيء، وهو دخول السنة م:(والوجوب) ش: أي وجوب الجزية م: (عند أبي حنيفة رحمه الله بأول الحول، فيتحقق الاجتماع بمجرد المجيء) ش: تحقيقاً عند أبي حنيفة، ولذلك قال هو في الزكاة: إنما يجب في أول الحول.
م: (والأصح أن الوجوب) ش: أي نفس الوجوب م: (عندنا في ابتداء الحول، وعند الشافعي رحمه الله في آخره اعتباراً بالزكاة. ولنا أن ما وجب بدلاً عنه) ش: أي عن القتل إذ القتال م: (لا يتحقق إلا في المستقبل على ما قررناه) ش: أشار به إلى قوله: لأن القتل إنما يستوفى لحراب قائم في الحال لا الحراب ماض له، قاله الأترازي.
وقال الكاكي: قوله على ما قررناه وهو الجزية بدل عن القتل في حقهم، وعن النصرة في حقنا، وهذا إنما يتحقق في المستقبل لا في الماضي، فكذلك وجب أن يكون الحكم في أيديهما كذلك أيضاً، وهو أن لا يجب بنصرة ماضية، ويجب بنصرة مستقبلة، فينبغي أن يجب في أول الحول لتحقق سببه، وهو وجوب النصرة عليهم بالمال، بخلاف الزكاة، لأنها تجب في المال النامي الحول للتمكن من الاشتمال اشتمال الحول على الفصول الأربعة، فيتعذر إتمامه بعد مضي الحول، يعني إنما وجب لما لم يتحقق إلا في المستقبل بعذر إيجابه بعد مضي الحول، يعني م:(فتعذر إيجابه) ش: ما وجب م: (بعد مضي الحول، فأوجبناه في أوله) ش: أي في أول الحول، لأنه أول أوقات إمكان الوجوب.