الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لأن كسب الردة ملكه إذا كان حرا فكذا إذا كان مكاتبا. وأما عند أبي حنيفة رحمه الله فلأن المكاتب إنما يملك أكسابه بالكتابة، والكتابة لا تتوقف بالردة، فكذا أكسابه. ألا ترى أنه لا يتوقف تصرفه بالأقوى وهو الرق، فكذا بالأدنى بطريق الأولى.
وإذا ارتد الرجل وامرأته - والعياذ بالله - ولحقا بدار الحرب، فحبلت المرأة في دار الحرب، وولدت ولدا، وولد لولدهما ولد، فظهر عليهم جميعا فالولدان فيء؛ لأن المرتدة تسترق فيتبعها ولدها.
ــ
[البناية]
ظاهر على أصل أبي يوسف ومحمد م: (لأن كسب الردة ملكه) ش: أي ملك المرتد م: (إذا كان حراً فكذا إذا كان مكاتباً) ش: يكون كسباً له.
م: (وأما عند أبي حنيفة رحمه الله) ش: يعني هذا مشكل على قول أبي حنيفة؛ لأن كسب الردة لا يكون للمرتد عنده إذا كان حراً، وهاهنا جعله ملكاً للمكاتب، ويحتاج أبو حنيفة إلى الفرق بين المرتد الحر والمكاتب حيث لم يجعل كسبه ملكاً له إذا كان حراً، وجعله ملكاً له إذا كان مكاتباً، ووجه الفرق ما ذكره بقوله م:(فلأن المكاتب إنما يملك أكسابه بالكتابة) ش: أي بعقد الكتابة.
م: (والكتابة) ش: أي والكتابة م: (لا تتوقف بالردة) ش: أي لا يبطل بها؛ لأنه لا يبطل بحقيقة الموت، فكذا بالموت حكماً بلحوقه في دار الحرب فتكون مكاتبة كمكاتبة الإسلام وجعل كأنه في دار الإسلام، إذ قيام ملك المولى في رقبته يمنع ضرورته حربياً ويجعل في حكم الردة، وفي دار الإسلام. كذا في جامع شمس الأئمة وقاضي خان.
وإذا لم يتوقف عقد الكتابة بالردة م: (فكذا أكسابه) ش: الحاصلة لا تتوقف، واستوضح ذلك بقوله م:(ألا ترى أنه لا يتوقف تصرفه بالأقوى وهو الرق، فكذا بالأدنى) ش: وهو الردة م: (بطريق الأولى) ش: وإنما كان الرق أقوى من الردة في المانعية عن التصرف؛ لأن بعض تصرفات المرتد نافذ بالإجماع كالاستيلاد والطلاق، وعندهما عامة تصرفاته نافذة كالبيع والشراء وغيرهما، فأما العبد فممنوع من التصرفات كلها ثم لما يتوقف تصرفات المكاتب مع كونه رقيقاً لم يتوقف تصرفه أيضاً مع أنه مرتد أولى.
[ارتد الرجل وامرأته ولحقا بدار الحرب فحبلت المرأة في دار الحرب]
م: (وإذا ارتد الرجل وامرأته - والعياذ بالله - ولحقا بدار الحرب فحبلت المرأة في دار الحرب) ش: وقيد الحبل بدار الحرب وقع اتفاقاً.
وإن حبلت في دار الإسلام فكذلك الحكم م: (وولدت ولداً وولد لولدهما ولد فظهر) ش: بضم الظاء، أي فغلب م:(عليهم جميعاً فالولدان فيء) ش: أي الولد وولد الولد غنيمة م: (لأن المرتدة تسترق فيتبعها ولدها) ش: لأن الولد يتبع الأم في الرق والحرية فيكون فيئاً كما يجيء م:
ويجبر الولد الأول على الإسلام، ولا يجبر ولد الولد. وروى الحسن عن أبي حنيفة رحمه الله أنه يجبر تبعا للجد وأصله التبعية في الإسلام، وهي رابعة أربعة مسائل كلها على الروايتين والثانية صدقة الفطر، والثالثة جر الولاء، والأخرى الوصية للقرابة، قال: وارتداد الصبي الذي يعقل ارتداد عند أبي حنيفة
ــ
[البناية]
ويجبر الولد الأول على الإسلام) ش: بإجماع الأئمة الأربعة بعد أن يصير محرراً تبعاً لأبيه م: (ولا يجبر ولد الولد) ش: لأن الأولاد يتبعون الآباء في الدين، والأحفاد لا يتبعون الأجداد.
م: (وروى الحسن عن أبي حنيفة رحمه الله أنه) ش: أي أن ولد الولد م: (يجبر) ش: على الإسلام م: (تبعاً للجد) ش: لأن الجد له حكم الأب في إنكاح الصغير والصغيرة، ولهذا لا يكون لهما الخيار بعد البلوغ، وكذلك في بيع مال الصغير، فكذا في تبعية الإسلام م:(وأصله التبعية في الإسلام) ش: أي أصل الخلاف التبعية في الإسلام م: (وهي) ش: أي التبعية في الإسلام م: (رابعة أربعة مسائل) ش: أي أربع مسائل، حاصل معناه إحدى أربع مسائل. والفرق بين رابع ثلاثة وبين رابع أربعة، هو أن معنى الأول: يصير الثلاثة أربعة.
ومعنى الثاني: أحدهما لا يحصل الحاصل بحال فلا يتحقق معنى التصيير م: (كلها على الروايتين) ش: أي كل هذه الأربعة على الروايتين، أحدهما ظاهر الرواية، والأخرى رواية الحسن فالجد فيها على رواية كالأب، وفي ظاهر الرواية.
م: (والثاني) ش: أي المسألة الثانية م: (صدقة الفطر) ش: ولا في ظاهر الرواية لا يؤدي الجد صدقة الفطر عن ابن أبيه. وفي رواية الحسن يؤديها إذا لم تكن لابن الابن مالكاً لأب لكن إذا كان الأب فقيراً.
م: (والثالثة) ش: أي المسألة الثالثة م: (جر الولاء) ش: قال الحاكم الشهيد في " الكافي " قال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد: لا يجر الجد الولاء، يعني إذا أعتق الجد والحافد معتق والأب رقيق لا يجر ولاء الحافد إلى مواليه. وعلى رواية الحسن يجر الجد الولاء لأب إذا أعتق. ونقل الحاكم في " الكافي " عن الشعبي أنه إذا أعتق الجد جر الولاء.
م: (والأخرى) ش: أي المسألة الأخرى وهي الرابعة م: (الوصية للقرابة) ش: فإذا وصى لقرابته أو لأقربائه لا يدخل في الوصية الوالد؛ لأن الله تعالى جعله أقرب من القرابة، قال الله تعالى:{الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ} [البقرة: 180] ، ثم الجد لا يدخل أيضاً على رواية الحسن؛ لأنه كالأب. وعلى ظاهر الرواية يدخل لأنه ليس كالأب.
م: (قال: وارتداد الصبي الذي يعقل ارتداد) ش: يعني إذا ارتد يصير مرتداً م: (عند أبي حنيفة
ومحمد - رحمهما الله - ويجبر على الإسلام ولا يقتل، وإسلامه إسلام، ولا يرث أبويه إن كانا كافرين. وقال أبو يوسف رحمه الله: ارتداده ليس بارتداد وإسلامه إسلام. وقال زفر والشافعي - رحمهما الله - إسلامه ليس بإسلام وارتداده ليس بارتداد، لهما في الإسلام أنه تبع لأبويه فيه فلا يجعل أصلا، ولأنه يلزمه أحكاما يشوبها المضرة فلا يؤهل له. ولنا فيه أن عليا رضي الله عنه أسلم في صباه، وصحح النبي عليه السلام إسلامه وافتخاره بذلك مشهور،
ــ
[البناية]
ومحمد - رحمهما الله -) ش: وبه قال مالك وأحمد م: (ويجبر على الإسلام ولا يقتل. وإسلامه) ش: أي وإسلام الصبي الذي يعقل م: (إسلام) ش: أي معتد به م: (ولا يرث أبويه إن كانا كافرين. وقال أبو يوسف رحمه الله: ارتداده ليس بارتداد) ش: يعني ليس بمعتبر م: (وإسلامه إسلام. وقال زفر والشافعي - رحمهما الله -: إسلامه ليس بإسلام، وارتداده ليس بارتداد) ش: يعتبر كلاهما لا يعتبر لأن م: (لهما) ش: أي لزفر والشافعي م: (في الإسلام أنه تبع لأبويه فيه) ش: أي في الإسلام م: (فلا يجعل أصلاً) ش: لأنه مولى عليه في الإسلام، فلا يكون أصلاً له بنفسه م:(ولأنه) ش: أي ولأن الصبي م: (يلزمه أحكام يشوبها) ش: من الشوب وهو الخلط، يقال شاب الماء اللبن وهي جملة من الفعل والمفعول، وقوله م:(المضرة) ش: فاعل الجملة لحرمان الميراث ونحوه. والصبي أهل الوجه لا المضرة، فلا يعتبر إسلامه بلزوم المضرة، ولأن قول الصبي غير ملتزم، ألا ترى أنه لو طلق أو علق أو باع أو اشترى لا يجوز، فكذا إذا أسلم أو ارتد م:(فلا يؤهل له) ش: أي فلا يجعل الصبي أهلاً للإسلام.
م: (ولنا فيه) ش: أي في اعتداد الصبي م: (أن علياً رضي الله عنه أسلم في صباه وصحح النبي عليه السلام) ش: وعن عروة، أن عمره كان حين أسلم سبع سنين أو ثماني سنين. وروى ابن سعد في الطبقات بإسناده عن مجاهد، قال: أول من صلى علي رضي الله عنه وهو ابن عشر سنين. وعن محمد بن عبد الرحمن بن زرارة قال: أسلم علي رضي الله عنه وهو ابن تسع سنين ولم يعبد وثناً.
وقال ابن الجوزي في " التحقيق ": وروي عن أحمد رضي الله عنه أسلم علي وهو ابن ثماني سنين، وروي عنه أيضاً أنه أسلم وهو ابن خمس عشرة سنة ولم يصح هذا. وقال: والنصوص عن أحمد صحة إسلام الصبي ابن سبع سنين، فقال إذا بلغ الغلام سبع سنين جاز إسلامه، ويجبر على الإسلام إذا كان أحد أبويه مسلماً، فإن رجع عن الإسلام انتظر به حتى يبلغ. فإن أسلم وإلا قتل.
م: (إسلامه، وافتخاره بذلك مشهور) ش: أي وافتخار علي رضي الله عنه بإسلامه مشهور
ولأن الصبي أتى بحقيقة الإسلام وهي التصديق والإقرار معه؛ لأن الإقرار عن طوع دليل على اعتقاده على ما عرف، والحقائق لا ترد، وما يتعلق به سعادة أبدية ونجاة عقباوية، وهي من أجل المنافع وهو الحكم الأصلي، ثم يبتنى عليه غيرها، فلا يبالي بشوبه، ولهم في الردة أنها مضرة محضة، بخلاف الإسلام على أصل أبي يوسف رحمه الله؛ لأنه تعلق به أعلى المنافع على ما
ــ
[البناية]
م: (ولأن الصبي أتى بحقيقة الإسلام وهي التصديق والإقرار معه) ش: وهو ركن الإيمان؛ لأن الإيمان هو التصديق بالجنان والإقرار باللسان، فلذا حصل ذلك والحجر عن الإيمان كفر م:(لأن الإقرار عن طوع دليل على اعتقاده على ما عرف) ش: في علم الكلام م: (والحقائق لا ترد) ش: لأن الشرع ما يسقط اعتبار حقيقة في موضع ما بغير ضرورة، بخلاف الأقارير والطلاق؛ لأن الشرع أسقط اعتبار حقيقتهما ببعض الأعذار م:(وما يتعلق به سعادة أبدية) ش: يجوز أن يكون معطوفاً على التصديق، أي هو التصديق وهو ما يتعلق. ويجوز أن يكون خبر مبتدأ محذوف، ويجوز أن يكون مبتدأ، وخبره قوله هو الحكم الأصلي على تقدير أن يكون بغير واو.
ويجوز أن يكون وما يتعلق به مبتدأ، وقوله سعادة أبدية خبره وهو الأولى، وهو جواب عن قولهما ولأنه يلزمه أحكام تشوبها المضرة.
وعورض بأنه لو صح إسلامه بنفسه وقع فيئاً؛ لأنه لا نفل في الإيمان. ومن ضرورة كونه فرضاً أن يكون مخاطباً به وهو غير مخاطب بالاتفاق، فإذا لم تكن بصحيحة فرضاً لم تصح، بخلاف سائر العبادات، فإنه يتردد بين الفرض والنفل.
والجواب لا نسلم أن من ضرورة كونه فرضاً أن يكون مخاطباً، فإن المسافر إذا حضر جمعة وصلى فرضاً وليس بمخاطب به، ومن صلى في أول الوقت وقع فرضاً وليس بمخاطب عندنا في ذلك الوقت.
م: (ونجاة عقباوية) ش: نسبته إلى عقبى، وعقبى كل شيء م:(وهي) ش: أي السعادة الأبدية م: (من أجل المنافع) ش: أي من أعظمها م: (وهو الحكم الأصلي) ش: أي الموضوع له م: (ثم يبتنى عليه غيرها) ش: مثل حرمان الميراث م: (فلا يبالي بشوبه) ش: لأن المنظور إليه في التصرفات الموضوعة الأصلية.
وقال تاج الشريعة: المراد من الحكم الأصلي ما وضع ذلك الشيء لأجله، وأما ما ذكر من لزوم أحكام تشوبها المضرة فكذلك [....] .
م: (ولهم) ش: أي لأبي يوسف وزفر والشافعي م: (في الردة أنها) ش: أي أن الردة م: (مضرة محضة) ش: أي من التصرفات الضارة المحضة م: (بخلاف الإسلام على أصل أبي يوسف رحمه الله لأنه تعلق به) ش: أي بالإسلام م: (أعلى المنافع) ش: لأنه منفعة محضة م: (على ما مر)