الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب أحكام المرتدين
قال: وإذا ارتد المسلم عن الإسلام - والعياذ بالله - عرض عليه الإسلام، فإن كانت له شبهة كشفت عنه؛ لأنه عساه اعترته شبهة فتزاح، وفيه دفع شره بأحسن الأمرين إلا أن العرض على ما قالوا غير واجب؛ لأن الدعوة بلغته. قال: ويحبس ثلاثة أيام، فإن أسلم وإلا قتل. وفي " الجامع الصغير ": المرتد يعرض عليه الإسلام، فإن أبى قتل حرا كان أو عبدا، وتأويل الأول
ــ
[البناية]
[باب أحكام المرتدين]
م: (باب أحكام المرتدين) ش: أي هذا باب في بيان أحكام المرتدين وهو جمع مرتد، وهو الذي يرتد، أي يرجع عن دين الإسلام إلى الكفر - والعياذ بالله تعالى - ولما فرغ من بيان أحكام الكفر الأصلي شرع في بيان أحكام الكفر الطارئ؛ لأن الطارئ إنما هو بعد وجود الأصلي.
م: (قال: وإذا ارتد المسلم عن الإسلام - والعياذ بالله - عرض عليه الإسلام) ش: وفي أكثر النسخ، وإذا ارتد المسلم عن الإسلام عرض عليه الإسلام م:(فإن كانت له شبهة كشفت عنه) ش: وفي بعض نسخ القدوري كشفت له.
م: (لأنه) ش: أي لأن الذي ارتد م: (عساه) ش: أي لعله م: (اعترته شبهة) ش: وفي بعض النسخ اعترضت له شبهة، يقال عراه أعراه بمعنى إذا أباح م:(فتزاح) ش:، أي تزال من الإزاحة، وفي بعض النسخ: فتزاح عنه أي عن الذي ارتد.
م: (وفيه) ش: أي وفي عرض الإسلام م: (دفع شره) ش: أي دفع شر المرتد م: (بأحسن الأمرين) ش: أراد بهما الإسلام والقتل، وأحسنهما الإسلام م:(إلا أن العرض) ش: أي غير أن عرض الإسلام عليه.
م: (على ما قالوا) ش: أي المشايخ م: (غير واجب، لأن الدعوة بلغته) ش: أي لأنه عذر، ولكن العرض مستحب. وفي الإيضاح ويستحب عرض الإسلام على المرتدين؛ لأن رجاء عوده إلى الإسلام ثبت على ما يجيء.
م: (قال: ويحبس ثلاثة أيام فإن أسلم) ش: فبها ونعمت م: (وإلا قتل) ش: أي وإن لم يسلم بعد ثلاثة أيام قتل. إلى هاهنا كلام القدوري مع شرح المصنف إياه م: (وفي " الجامع الصغير " المرتد يعرض عليه الإسلام فإن أبى قتل) ش: مكانه، وذكره في شرحه: في المسلم يرتد أن يقتل م: (حراً كان أو عبداً) ش: وقال فخر الإسلام: ولا يؤخر إلى أن نتمهل؛ لأنه قد ارتد بعد المعرفة، فلا عفو له م:(وتأويل الأول) ش: وهو قوله ثلاثة أيام.
أنه يستمهل فيمهل ثلاثة أيام لأنها مدة ضربت لإيلاء الإعذار، وعن أبي حنيفة وأبي يوسف -رحمهما الله - أنه يستحب أن يؤجله ثلاثة أيام طلب ذلك أو لم يطلب. وعن الشافعي رحمه الله أن على الإمام أن يؤجله ثلاثة أيام، ولا يحل له أن يقتله قبل ذلك؛ لأن ارتداد المسلم يكون عن شبهة ظاهرا، فلا بد من مدة يمكنه التأمل، فقدرناه بالثلاثة. ولنا قَوْله تَعَالَى:{فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} [التوبة: 5] من غير قيد الإمهال، وكذا قوله عليه السلام:«من بدل دينه فاقتلوه»
ــ
[البناية]
م: (أنه) ش: أي أن المرتد م: (يستمهل) ش: على صيغة المعلوم من الاستمهال، وهو طلب المهلة. حاصل معناه أنه إذا طلب المهلة م:(فيمهل) ش: على صيغة المجهول من الإمهال م: (ثلاثة أيام؛ لأنها مدة ضربت لإيلاء الإعذار) ش: بكسر الهمزة.
أي لاختيار الأعذار كما في شرط خيار قصة موسى، والعبد الصالح وإن لم يطلب المهلة فالظاهر من حالته أنه متعنت في ذلك، فلا بأس بقتله، إلا أن له يستحب أن يستر؛ لأنه بمنزلة كافر بلغته الدعوة.
فإن قيل تقدير المدة هاهنا بثلاثة أيام نصب الحكم بالرأي فيما لا مدخل للقتل فيه؛ لأنه المقادير. أجيب: بأن هذا من قبيل إثبات الحكم بدلالة النص؛ لأن ورود النص في خيار البيع بثلاثة أيام، وورد فيه لأن التقدير بثلاثة أيام هناك كان للتأمل. والتقدير هاهنا أيضاً للتأمل.
م: (وعن أبي حنيفة وأبي يوسف - رحمهما الله - أنه يستحب أن يؤجله ثلاثة أيام طلب ذلك) ش: أي الإمهال أو التأجيل م: (أو لم يطلب. وعن الشافعي رحمه الله أن على الإمام أن يؤجله ثلاثة أيام ولا يحل له أن يقتله قبل ذلك؛ لأن ارتداد المسلم يكون عن شبهة ظاهراً، فلا بد من مدة يمكنه التأمل. فقدرناه بالثلاثة) .
ش: وقال الكاكي: ومدة الاشتباه ثلاثة أيام عندنا ومالك وأحمد والشافعي في قول.
وفي أصح قوليه إن تاب في الحال وإلا قتل؛ لقوله عليه السلام: «من بدل دينه فاقتلوه» وهو اختيار ابن المنذر. وعن علي رضي الله عنه يستتاب شهراً. وقال الثوري يستتاب ما رجي عوده. وقال النخغي يستتاب أبداً، وهذا يقتضي أن لا يقتل أبداً، وهو مخالف للسنة والإجماع.
م: (ولنا قَوْله تَعَالَى: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} [التوبة: 5] من غير قيد الإمهال، وكذا قوله عليه السلام «من بدل دينه فاقتلوه» ش: هذا الحديث روي عن جماعة من الصحابة رضي الله عنهم فروي عن ابن عباس رضي الله عنهما أخرجه البخاري في حديث استتابة المرتدين وفيه «من بدل دينه فاقتلوه» .
ولأنه كافر حربي بلغته الدعوة فيقتل للحال من غير استمهال، وهذا لأنه لا يجوز تأخير الواجب لأمر موهوم. ولا فرق بين الحر والعبد لإطلاق الدلائل. وكيفية توبته أن يتبرأ عن الأديان كلها سوى الإسلام؛ لأنه لا دين له.
ــ
[البناية]
وروي عن معاوية بن حيدة، أخرجه الطبراني في الكبير قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من بدل دينه فاقتلوه» أن لا تقبل توبته عن الكفر بعد إسلامه. وروي عن عائشة رضي الله عنها أخرجه الطبراني في معجمه الأوسط عنها مرفوعاً نحوه سواء.
م: (ولأنه) ش: أي ولأن المرتد م: (كافر حربي بلغته الدعوة فيقتل للحال من غير استمهال) ش: إنما قال كافر حربي؛ لأنه ليس بذمي ولا مستأمن، إذ لا يقبل الجزية، وما طلب الأمان فكان حربياً فيقتل لإطلاق النص. ولأنه بنفس الردة صار محارباً لأهل الإسلام فيقتل، إلا إذا استمهل فيمهل ثلاثة أيام كما مر.
ونقل الناطقي في كتاب " الأجناس " عن كتاب " الارتداد للحبس " فأناب المرتد وعاد إلى الإسلام ثم عاد إلى الكفر حتى فعل ذلك ثلاث مرات، وفي كل مرة طلب من الإمام التأجيل أجله الإمام ثلاثة أيام. فإن عاد إلى الكفر رابعاً ثم طلب التأجيل فإنه لا يؤجله، فإن أسلم وإلا قتل.
وقال الكرخي في " مختصره ": فإن رجع أيضاًَ عن الإسلام يأتي به الإمام بعد ثلاثة استتابات أيضاً. فإن لم يتب قتله ولا يؤجله، وإن هو تاب ضربه ضرباً وجيعاً ولا يبلغ به الحد، ثم يحبسه ولا يخرجه من السجن حتى يرى عليه خشوع التوبة، ويرى من حاله حال إنسان قد أخلص، فإذا فعل ذلك خلى سبيله. فإن عاد بعدما خلى سبيله فعل به مثل ذلك أبداً ما دام يرجع إلى الإسلام، ولا يقتل إلا أن يأبى أن يسلم.
وقال أبو الحسن الكرخي: هذا قول أصحابنا جميعاً أن المرتد يستتاب أبداً. وروي عن علي وابن عمر رضي الله عنهما أنه لا تقبل توبة بعد المرة الثالثة؛ لأنه مستحق السبي وليس بثابت م: (وهذا) ش: أي قتله للحال من غير إمهال م: (لأنه) ش: أي لأن القتال م: (لا يجوز تأخير الواجب) وهو القتل م: (لأمر موهوم) ش: وهو إسلام المرتد م: (ولا فرق بين الحر والعبد) ش: أي لا فرق في قتل المرتد أن يكون حراً أو عبداً إذا أبى الإسلام م: (لإطلاق الدلائل) ش: هو قَوْله تَعَالَى: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} [التوبة: 5]، وقوله عليه السلام:«من بدل دينه فاقتلوه» وغيرهما من غير فصل بين الحر والعبد. م: (وكيفية توبته) ش: أي توبة المرتد م: (أن يتبرأ عن الأديان كلها سوى الإسلام لأنه لا دين له) ش: يعني لو كان له دين كاليهودية والنصرانية يوجب عليه أن يبرأ عن ذلك، ولكن ليس له دين فلأجل هذا يبرأ عن الأديان كلها سوى دين الإسلام بعد أن يأتي بالشهادتين.